"وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحديد"وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين أمنوا بالله ورسله"فسارعوا تعنى سابقوا والمتقين هم الذين أمنوا بالله ورسله(ص)والمعنى واسعوا إلى عفو من إلهكم أى حديقة مساحتها السموات والأرض جهزت للمطيعين لله ،يطلب الله من الناس فيقول سارعوا إلى مغفرة من ربكم أى اسعوا بطاعتكم لله لعفو من الله ويفسر الله المغفرة بأنها جنة عرضها السموات والأرض والمراد أن الحديقة مساحتها قدر مساحة السموات والأرض وهى قد أعدت للمتقين أى جهزت للمطيعين لحكم الله ،والخطاب للناس هو وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده لأنه لو كان للمؤمنين كسابقه لقال أعدت لكم.
"الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس"فالذين ينفقون هم الصابرين فى السراء وهى وقت البأس وقوله بسورة المائدة"إن الله يحب المقسطين"فالمحسنين هم المقسطين والمعنى الذين يطيعون حكم الله فى وقت النفع ووقت الأذى أى التاركين الشر أى التاركين طاعة الخلق والله يثيب المطيعين ،يبين الله للناس أن المتقين ينفقون فى السراء والضراء والمراد يطيعون حكم الله فى وقت نزول خير الله لهم ووقت نزول الأذى من الله لهم وفسرهم بأنهم الكاظمين الغيظ أى التاركين لطاعة الشر وفسرهم بأنهم العافين عن الناس والمراد التاركين طاعة حكم الخلق ،ويبين لهم أنه يحب المحسنين والمراد يرحم المطيعين لحكمه دنيا وأخرة .
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون "فالفاحشة أى ظلم النفس هو الطائف الشيطانى واستغفار الله هو البصر والمعنى والذين إذا عملوا ذنبا أى نقصوا حق أنفسهم أطاعوا الله فاستعفوا لسيئاتهم ومن يمحو السيئات سوى الله ولم يداوموا على ما أذنبوا وهم يعرفون ،يبين الله للمؤمنين من هم المتقين وهم الذين إذا فعلوا فاحشة أى إذا صنعوا سيئة أى ظلموا أنفسهم أى أخطئوا فى حق أنفسهم ذكروا الله أى أطاعوا حكم الله فاستغفروا لذنوبهم أى فطلبوا العفو عن سيئاتهم من الله لأنه هو الذى يغفر الذنوب أى يمحو السيئات أى يترك عقاب الذنوب المستغفر لها أصحابها ويبين الله لنا أنهم لا يصرون على ما فعلوا أى لا يداوموا على عمل الذنب وهم يعرفون حرمتها وهذا يعنى أن المرتد لابد أن يكون مصرا على الخطأ وهو الذنب عالما بحرمته .
"أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار"فالجنات هى الغرف المبنية وقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"فخالدين تعنى ماكثين وقوله بسورة النحل "ونعم دار المتقين "فأجر هو دار والعاملين هم المتقين والمعنى أولئك ثوابهم عفو من إلههم أى حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها وحسن ثواب المطيعين لله،يبين الله للمؤمنين أن جزاء وهو ثواب المتقين هو مغفرة من الله أى رحمة من الرب وهو الله وفسرها بأنها جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون ووصفت الأنهار بأنها من تحت الجنات لكون أرض الجنات أعلى من مجارى الأنهار وهم خالدين فيها أى باقين فيها لا يخرجون ولا يموتون وهو نعم أجر العاملين أى أحسن ثواب للمطيعين لحكم الله.
"قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الرعد "وقد خلت من قبلهم المثلات"فالسنن هى المثلات وهم الأقوام الهالكة وقوله بسورة ق"فنقبوا فى البلاد"فانظروا تعنى نقبوا والأرض تعنى البلاد وقوله بسورة النمل"فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين" فالمكذبين هم المجرمين والمعنى قد مضت من قبلكم أمم فارتحلوا فى البلاد فاعلموا كيف كان جزاء الكافرين ،يبين الله للناس أن السنن وهى الأمم السابقة قد خلت أى هلكت بسبب الكفر ويطلب منهم أن يسيروا فى الأرض والمراد أن يسافروا عبر البلاد فينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمراد فيعلموا كيف كان جزاء الكافرين حتى يأخذوا مما حدث لهم العظة والعبرة .
"هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة إبراهيم "هذا بلاغ للناس"فالبيان هو البلاغ وقوله بسورة الجاثية"هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون"فالبيان هو البصائر والموعظة هى الرحمة والمتقين هم الذين يوقنون والمعنى هذا بلاغ للخلق و إرشاد أى علامة للمطيعين لله،يبين الله للناس أن القرآن هو بيان للناس والمراد حكم يوضح لهم الحق من الباطل و هو هدى أى معرفة ترشد الخلق للحق وفسره بأنه موعظة أى علامة تعلم المتقين أى المطيعين لله الحق من الباطل فتؤدى بهم للرحمة وهى الجنة والخطاب للنبى(ص).
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة محمد"فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم "فالوهن هو الدعوة للسلام وقت النصر وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى ولا تضعفوا أى لا تخافوا من الكفار وأنتم المنتصرون إن كنتم مصدقين بحكم الله ،يطلب الله من المؤمنين ألا يهنوا أى ألا يحزنوا والمراد ألا يضعفوا فيطلبوا السلام من الكفار وهم الأعلون والمراد وهم المنتصرين على الكفار إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكم الله ومن هنا يحرم على المسلمين أن يطلبوا الصلح مع الكفار وقت انتصارهم على الكفار والخطاب للمؤمنين.
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها"فالقرح هو المصيبة ومس تعنى أصاب وقوله بنفس السورة "فإن الله لا يحب الكافرين "فالظالمين هم الكافرين والمعنى إن يصبكم ضرر فقد أصاب الكفار ضرر مشابه وتلك الأوقات نديرها بين الخلق وليعرف الله الذين صدقوا منكم ويجعل منكم شهداء والله لا يرحم الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يمسسهم قرح والمراد إن تصبهم هزيمة فقد مس القوم قرح مثله والمراد فقد أصابت الكفار هزيمة مماثلة لها فى بدر ،ويبين لهم أن الأيام يداولها بين الناس والمراد أن الإنتصارات فى الحرب يديرها بين الخلق فليس هناك أمة تنتصر بإستمرار فقد تنتصر اليوم أمة ثم تنهزم فى الغد وهكذا ،ويبين لهم أن الجهاد شرع ليعلم أى ليعرف الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله من الذين كفروا به ،ويبين لهم أنه يتخذ منهم شهداء والمراد ويجعل بعض المؤمنين قتلى فى سبيل الله ،ويبين لهم أنه لا يحب الظالمين أى لا يرحم الكافرين فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين.
"وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"المعنى وليرحم الله الذين صدقوا بحكمه ويعذب المكذبين بحكمه،يبين الله للنبى(ص) أنه يمحص الذين آمنوا أى يرحم أى ينصر الذين صدقوا به فى الدنيا والأخرة ويمحق الكافرين والمراد ويهزم أى ويعذب المكذبين بحكمه فى الدنيا والأخرة والخطاب للنبى(ص).
"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" المعنى هل ظننتم أن تسكنوا الحديقة ولما يعرف الله الذين حاربوا منكم أى يعرف المطيعين له،يسأل الله المؤمنين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة والمراد هل خلتم أن تقيموا بالجنة ولما يعلم الذين جاهدوا منكم أى الصابرين والمراد ولما يعرف الذين حاربوا منكم فى سبيل الله أى المطيعين له من العاصين له ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن دخول الجنة متوقف على الجهاد وهو الصبر وهو طاعة حكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون "المعنى ولقد كنتم تطلبون الوفاة من قبل أن تقابلوها فقد شاهدتموها وأنتم تعلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم كانوا يتمنون الموت أى كانوا يطلبون الوفاة وهى الشهادة فى سبيل الله من قبل أن تأتى لهم أسباب الشهادة وهى الحرب التى رأوها أى شاهدوها وهم ينظرون أى وهم يرون مصير غيرهم من القتل والجرح .
"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة المرسلات"إنا كذلك نجزى المحسنين"فالشاكرين هم المحسنين والمعنى وما محمد(ص)إلا مبعوث قد ماتت من قبل المبعوثين أفإن توفى أو استشهد رجعتم إلى أديان الكفر ومن يرجع إلى كفره فلن يؤذى الله أذى وسيرحم الله المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أن محمد(ص)ليس سوى رسول قد خلت من قبله الرسل(ص)ليس سوى نبى قد ماتت الأنبياء(ص)الذين تم بعثهم قبله ومن ثم فهو يموت مثلهم ويسأل الله :أفإن مات أى توفى أو قتل أى استشهد فى القتال انقلبتم على أعقابكم أى عدتم إلى أديان الكفر التى كنتم عليها سابقا ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن موت الرسول (ص)أو قتله لا يعنى إنتهاء الإسلام والعودة لأديان الكفر وإنما يعنى التمسك بالإسلام سواء كان حيا أو ميتا ،ويبين لهم أن من ينقلب على عقبيه والمراد من يرجع إلى كفره فسيعاقبه الله ولن يضر الله شيئا والمراد لن ينقص من دين الله بعضا ويبين لهم أنه سيجزى الشاكرين أى سيرحم المطيعين لحكمه فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين.
"وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الأخرة نؤته منها وسنجزى الشاكرين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الإسراء" من كان يريد العاجلة عجلنا له منها ما نشاء لمن نريد"فالدنيا هى العاجلة ونؤته تعنى عجلنا له وقوله بسورة الشورى"من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه"فثواب تعنى حرث ونؤته تعنى نزد له وقوله بسورة النحل"كذلك يجزى الله المتقين"فالشاكرين هم المتقين والمعنى وما كان لمخلوق أن يتوفى إلا بأمر الله موعدا محددا ومن يطلب متاع الأولى نعطه منها ومن يطلب جنة القيامة نعطه منها وسنرحم المطيعين لله ،يبين الله لنا أن النفس والمراد المخلوق لا يمكن أن يموت أى يتوفى إلا بإذن الله والمراد بأمر الله وأمر الله يكون فى الكتاب المؤجل والمراد الموعد المحدد لموت المخلوق فى الكتاب عند الله،ويبين لنا أن من يرد ثواب الدنيا والمراد من يطلب متاع الحياة الأولى يؤته الله منها والمراد يعطى الله له فيها الذى يريد الله وليس هو ومن يرد ثواب الآخرة يؤته منها والمراد ومن يطلب جنة القيامة بطاعة حكم الله يعطه جزء منها هو جنتان كما قال بسورة الرحمن"ولمن خاف ربه جنتان"ويبين لنا أنه سيجزى الشاكرين والمراد سيدخل الله المطيعين لحكمه الجنة والخطاب للناس .
"الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس"فالذين ينفقون هم الصابرين فى السراء وهى وقت البأس وقوله بسورة المائدة"إن الله يحب المقسطين"فالمحسنين هم المقسطين والمعنى الذين يطيعون حكم الله فى وقت النفع ووقت الأذى أى التاركين الشر أى التاركين طاعة الخلق والله يثيب المطيعين ،يبين الله للناس أن المتقين ينفقون فى السراء والضراء والمراد يطيعون حكم الله فى وقت نزول خير الله لهم ووقت نزول الأذى من الله لهم وفسرهم بأنهم الكاظمين الغيظ أى التاركين لطاعة الشر وفسرهم بأنهم العافين عن الناس والمراد التاركين طاعة حكم الخلق ،ويبين لهم أنه يحب المحسنين والمراد يرحم المطيعين لحكمه دنيا وأخرة .
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون "فالفاحشة أى ظلم النفس هو الطائف الشيطانى واستغفار الله هو البصر والمعنى والذين إذا عملوا ذنبا أى نقصوا حق أنفسهم أطاعوا الله فاستعفوا لسيئاتهم ومن يمحو السيئات سوى الله ولم يداوموا على ما أذنبوا وهم يعرفون ،يبين الله للمؤمنين من هم المتقين وهم الذين إذا فعلوا فاحشة أى إذا صنعوا سيئة أى ظلموا أنفسهم أى أخطئوا فى حق أنفسهم ذكروا الله أى أطاعوا حكم الله فاستغفروا لذنوبهم أى فطلبوا العفو عن سيئاتهم من الله لأنه هو الذى يغفر الذنوب أى يمحو السيئات أى يترك عقاب الذنوب المستغفر لها أصحابها ويبين الله لنا أنهم لا يصرون على ما فعلوا أى لا يداوموا على عمل الذنب وهم يعرفون حرمتها وهذا يعنى أن المرتد لابد أن يكون مصرا على الخطأ وهو الذنب عالما بحرمته .
"أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار"فالجنات هى الغرف المبنية وقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"فخالدين تعنى ماكثين وقوله بسورة النحل "ونعم دار المتقين "فأجر هو دار والعاملين هم المتقين والمعنى أولئك ثوابهم عفو من إلههم أى حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها وحسن ثواب المطيعين لله،يبين الله للمؤمنين أن جزاء وهو ثواب المتقين هو مغفرة من الله أى رحمة من الرب وهو الله وفسرها بأنها جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون ووصفت الأنهار بأنها من تحت الجنات لكون أرض الجنات أعلى من مجارى الأنهار وهم خالدين فيها أى باقين فيها لا يخرجون ولا يموتون وهو نعم أجر العاملين أى أحسن ثواب للمطيعين لحكم الله.
"قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الرعد "وقد خلت من قبلهم المثلات"فالسنن هى المثلات وهم الأقوام الهالكة وقوله بسورة ق"فنقبوا فى البلاد"فانظروا تعنى نقبوا والأرض تعنى البلاد وقوله بسورة النمل"فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين" فالمكذبين هم المجرمين والمعنى قد مضت من قبلكم أمم فارتحلوا فى البلاد فاعلموا كيف كان جزاء الكافرين ،يبين الله للناس أن السنن وهى الأمم السابقة قد خلت أى هلكت بسبب الكفر ويطلب منهم أن يسيروا فى الأرض والمراد أن يسافروا عبر البلاد فينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمراد فيعلموا كيف كان جزاء الكافرين حتى يأخذوا مما حدث لهم العظة والعبرة .
"هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة إبراهيم "هذا بلاغ للناس"فالبيان هو البلاغ وقوله بسورة الجاثية"هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون"فالبيان هو البصائر والموعظة هى الرحمة والمتقين هم الذين يوقنون والمعنى هذا بلاغ للخلق و إرشاد أى علامة للمطيعين لله،يبين الله للناس أن القرآن هو بيان للناس والمراد حكم يوضح لهم الحق من الباطل و هو هدى أى معرفة ترشد الخلق للحق وفسره بأنه موعظة أى علامة تعلم المتقين أى المطيعين لله الحق من الباطل فتؤدى بهم للرحمة وهى الجنة والخطاب للنبى(ص).
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة محمد"فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم "فالوهن هو الدعوة للسلام وقت النصر وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى ولا تضعفوا أى لا تخافوا من الكفار وأنتم المنتصرون إن كنتم مصدقين بحكم الله ،يطلب الله من المؤمنين ألا يهنوا أى ألا يحزنوا والمراد ألا يضعفوا فيطلبوا السلام من الكفار وهم الأعلون والمراد وهم المنتصرين على الكفار إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكم الله ومن هنا يحرم على المسلمين أن يطلبوا الصلح مع الكفار وقت انتصارهم على الكفار والخطاب للمؤمنين.
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها"فالقرح هو المصيبة ومس تعنى أصاب وقوله بنفس السورة "فإن الله لا يحب الكافرين "فالظالمين هم الكافرين والمعنى إن يصبكم ضرر فقد أصاب الكفار ضرر مشابه وتلك الأوقات نديرها بين الخلق وليعرف الله الذين صدقوا منكم ويجعل منكم شهداء والله لا يرحم الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يمسسهم قرح والمراد إن تصبهم هزيمة فقد مس القوم قرح مثله والمراد فقد أصابت الكفار هزيمة مماثلة لها فى بدر ،ويبين لهم أن الأيام يداولها بين الناس والمراد أن الإنتصارات فى الحرب يديرها بين الخلق فليس هناك أمة تنتصر بإستمرار فقد تنتصر اليوم أمة ثم تنهزم فى الغد وهكذا ،ويبين لهم أن الجهاد شرع ليعلم أى ليعرف الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله من الذين كفروا به ،ويبين لهم أنه يتخذ منهم شهداء والمراد ويجعل بعض المؤمنين قتلى فى سبيل الله ،ويبين لهم أنه لا يحب الظالمين أى لا يرحم الكافرين فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين.
"وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"المعنى وليرحم الله الذين صدقوا بحكمه ويعذب المكذبين بحكمه،يبين الله للنبى(ص) أنه يمحص الذين آمنوا أى يرحم أى ينصر الذين صدقوا به فى الدنيا والأخرة ويمحق الكافرين والمراد ويهزم أى ويعذب المكذبين بحكمه فى الدنيا والأخرة والخطاب للنبى(ص).
"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" المعنى هل ظننتم أن تسكنوا الحديقة ولما يعرف الله الذين حاربوا منكم أى يعرف المطيعين له،يسأل الله المؤمنين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة والمراد هل خلتم أن تقيموا بالجنة ولما يعلم الذين جاهدوا منكم أى الصابرين والمراد ولما يعرف الذين حاربوا منكم فى سبيل الله أى المطيعين له من العاصين له ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن دخول الجنة متوقف على الجهاد وهو الصبر وهو طاعة حكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون "المعنى ولقد كنتم تطلبون الوفاة من قبل أن تقابلوها فقد شاهدتموها وأنتم تعلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم كانوا يتمنون الموت أى كانوا يطلبون الوفاة وهى الشهادة فى سبيل الله من قبل أن تأتى لهم أسباب الشهادة وهى الحرب التى رأوها أى شاهدوها وهم ينظرون أى وهم يرون مصير غيرهم من القتل والجرح .
"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة المرسلات"إنا كذلك نجزى المحسنين"فالشاكرين هم المحسنين والمعنى وما محمد(ص)إلا مبعوث قد ماتت من قبل المبعوثين أفإن توفى أو استشهد رجعتم إلى أديان الكفر ومن يرجع إلى كفره فلن يؤذى الله أذى وسيرحم الله المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أن محمد(ص)ليس سوى رسول قد خلت من قبله الرسل(ص)ليس سوى نبى قد ماتت الأنبياء(ص)الذين تم بعثهم قبله ومن ثم فهو يموت مثلهم ويسأل الله :أفإن مات أى توفى أو قتل أى استشهد فى القتال انقلبتم على أعقابكم أى عدتم إلى أديان الكفر التى كنتم عليها سابقا ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن موت الرسول (ص)أو قتله لا يعنى إنتهاء الإسلام والعودة لأديان الكفر وإنما يعنى التمسك بالإسلام سواء كان حيا أو ميتا ،ويبين لهم أن من ينقلب على عقبيه والمراد من يرجع إلى كفره فسيعاقبه الله ولن يضر الله شيئا والمراد لن ينقص من دين الله بعضا ويبين لهم أنه سيجزى الشاكرين أى سيرحم المطيعين لحكمه فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين.
"وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الأخرة نؤته منها وسنجزى الشاكرين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الإسراء" من كان يريد العاجلة عجلنا له منها ما نشاء لمن نريد"فالدنيا هى العاجلة ونؤته تعنى عجلنا له وقوله بسورة الشورى"من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه"فثواب تعنى حرث ونؤته تعنى نزد له وقوله بسورة النحل"كذلك يجزى الله المتقين"فالشاكرين هم المتقين والمعنى وما كان لمخلوق أن يتوفى إلا بأمر الله موعدا محددا ومن يطلب متاع الأولى نعطه منها ومن يطلب جنة القيامة نعطه منها وسنرحم المطيعين لله ،يبين الله لنا أن النفس والمراد المخلوق لا يمكن أن يموت أى يتوفى إلا بإذن الله والمراد بأمر الله وأمر الله يكون فى الكتاب المؤجل والمراد الموعد المحدد لموت المخلوق فى الكتاب عند الله،ويبين لنا أن من يرد ثواب الدنيا والمراد من يطلب متاع الحياة الأولى يؤته الله منها والمراد يعطى الله له فيها الذى يريد الله وليس هو ومن يرد ثواب الآخرة يؤته منها والمراد ومن يطلب جنة القيامة بطاعة حكم الله يعطه جزء منها هو جنتان كما قال بسورة الرحمن"ولمن خاف ربه جنتان"ويبين لنا أنه سيجزى الشاكرين والمراد سيدخل الله المطيعين لحكمه الجنة والخطاب للناس .