"إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والأخرة ومن المقربين ويكلم الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين"يفسرالآية قوله تعالى بسورة مريم"قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا"فالكلمة هو الغلام الزكى وقوله بسورة مريم "ولنجعله آية للناس ورحمة منا "فالكلمة هو الرحمة هو الآية وقوله بنفس السورة"وجعلنى مباركا أينما كنت "فالوجيه هو المبارك وقوله بسورة مريم"قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا"فكونه من المقربين يعنى أنه نبى والمعنى قد قال جبريل(ص)يا مريم إن الرب يخبرك برحمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم مباركا فى الأولى والقيامة ومن الرسل ويحدث الخلق فى الرضاع وشابا ومن المسلمين ،يبين الله لنا أن الملائكة والمراد جبريل(ص)أخبر مريم(ص)أن الله يخبرها بكلمة منه أى رحمة أى روح من لديه وهى ولد اسمه وهو اللفظ الذى يدعى به المسيح عيسى ابن مريم وهذا يعنى أن الولد ليس له أب لأنه منسوب إلى أمه ،أضف لهذا أن الله هو الذى سماه ومعنى المسيح السائح أى العابد وأما عيسى فيعنى الصابر غالبا-والله أعلم- وأخبرها أنه وجيها فى الدنيا والأخرة أى مباركا أى زكيا أى طاهرا أى مسلما وهو من المقربين أى المصطفين أى من الرسل المختارين ويكلم الناس فى المهد وكهلا والمراد أنه يحدث البشر بكلام العقلاء وهو فى فراش الرضاع كما يحدثهم عندما يكبر وهذه معجزة إلهية وهو من الصالحين أى المسلمين .
"قالت رب أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة يس"إنما أمره إذا أراد أمرا أن يقول له كن فيكون"فقضى تعنى أراد والمعنى قالت مريم(ص)كيف يصبح لى ابن ولم يجامعنى إنسان ؟قال هكذا الله يصنع ما يريد إذا أراد شيئا أن يوحى له تواجد فيتواجد ،يبين الله لنا أن مريم (ص)لما سمعت كلام جبريل(ص)اندهشت وتساءلت:أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر أى كيف أنجب ابن ولم يباشرنى إنسان حلالا أو حراما؟وهذا السؤال منها دليل على أنها لم تتزوج حتى ذلك الوقت ولم ترتكب الزنى والسؤال هنا هو عن كيفية مجىء الولد مع امتناع أسباب وجوده وهو الجماع فقال لها جبريل (ص)كذلك أى ستلدين وأنت على هذه الحال دون زواج أو زنى لأن الله يخلق ما يشاء أى ينشىء ما يريد بأى كيفية وطريقة الخلق هى أنه إذا قضى أمرا أى إذا أراد خلقا لشىء فإنه يقول له كن فيكون والمراد فإنه يوحى له :تواجد فيتواجد وهذا يرينا قدرة الله ليس لها حدود فهو يخلق بلا أب وأم وبلا أم وبلا أب وبأم وأب فهو قادر على كل شىء.
"ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة مريم "وجعلنى نبيا"فرسولا تعنى نبيا وقوله بسورة مريم "قال إنى أعبد الله أتانى الكتاب "وقوله تعالى بسورة الزخرف"قال قد جئتكم بالحكمة "فالكتاب هو الحكمة هو التوراة والإنجيل وتفسيرهما وهو الوحى وقوله بسورة المائدة"وإذ تخرج الموتى بإذنى"فأحى الموتى تعنى أنه يخرج الموتى للحياة مرة ثانية بإذن الله وقوله بسورة النازعات"إن فى ذلك لعبرة لمن يخشى"فالآية هى العبرة والمؤمنين هم من يخشى والمعنى ويعرفه الوحى أى حكم الله أى التوراة والإنجيل ومبعوثا إلى أولاد يعقوب (ص)أنى قد أتيتكم بعلامة من خالقكم أنى أصنع لكم من الطين كشكل الطير فأنفث فيه فيصبح طيرا بأمر الله وأشفى الأعمى والأمهق وأبعث الهلكى بأمر الرب وأخبركم بما تطعمون وما تخزنون فى مساكنكم إن فى هذا لعلامة لكم إن كنتم مصدقين ،يبين الله لنا أن جبريل(ص)أخبر مريم(ص)أن ولدها سيعلمه أى سيوحى إليه الله الكتاب وهو الحكمة أى حكم الله ممثلا فى التوراة والإنجيل وهذا خبر بالغيب الممثل فى نزول وحى على عيسى(ص)فى المستقبل اسمه الإنجيل ،وقال ورسولا إلى بنى إسرائيل والمراد أن عيسى(ص)سيكون مبعوثا لأولاد يعقوب(ص)برسالة الله ،فلما بعثه الله لهم قال لهم :أنى قد جئتكم بآية من ربكم والمراد أنى قد أتيتكم بعلامات من إلهكم تدل على أن رسالتى من عند الله وهى:أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير والمراد أنى أصنع لكم من التراب المعجون بالماء كشكل الطيور فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله والمراد فأنفث فيه بفمى فتصبح الأشكال الطينية طيورا حية بأمر الله ونسبة الإحياء لله تدل على أنه لا يقدر على عمل ذلك من نفسه وهذه العلامة الأولى ،وقال وأبرىء الأكمه والأبرص والمراد وأشفى الأعمى وهو من لا يبصر والأمهق وهو المصاب بتغير لونى فى بعض مناطق الجلد والشفاء هنا ليس بالدواء وإنما بالكلام وهذه العلامة الثانية ،وقال وأحى الموتى بإذن الله والمراد وأبعث المتوفين للحياة مرة أخرى بأمر الله ونسبة الشفاء والإحياء إلى الله يدل على أنه لا قدرة له على هذا وإنما هو فعل الله وهذه العلامة الثالثة ،وقال وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم والمراد وأخبركم بأصناف الذى تطعمون والذى تخزنون فى مساكنكم وهذا يعنى أن الله أعطاه القدرة على معرفة أصناف الطعام فى بطونهم ومعرفة الأشياء التى يخزنونها فى المساكن من طعام وشراب وحلى ومال وهى فى البيوت وهذه المعجزة الرابعة ،وقال إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين والمراد إن فى الذى سبق ذكره من المعجزات لدليل على رسوليتى إن كنتم صادقين فى أنكم أتباع لدين الله.
"ومصدقا لما بين يدى من التوراة ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزخرف"قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه"فالآية هى الحكمة والمختلف فيه هو الذى سيحله لهم وقوله بسورة الزخرف "واتبعون "فأطيعون تعنى اتبعون وقوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله"فاتقوا الله هى اذكروا آلاء الله والمعنى ومؤمنا بالذى عندى من التوراة ولأبيح لكم بعض الذى منع عليكم وأتيتكم بإنجيل من إلهكم فأطيعوا حكم الله أى اتبعوا الحكم المنزل على ،يبين الله لنا أن عيسى (ص)بين لبنى إسرائيل أنه مصدق بما بين يديه من التوراة والمراد مؤمن بالذى يحفظه فى نفسه من التوراة والمراد مؤمن بكل ما فى التوراة الإلهية وبين لهم أنه جاء ليحل لهم بعض الذى حرم عليهم والمراد ليبيح لهم بعض الذى منعه الله عليهم بسبب ظلمهم وهو الأحكام الثقيلة التى طلبوا تكلفتهم بها ومنها تحريم الطعام الذى حرمه إسرائيل (ص)على نفسه ،وبين لهم أنه جاءهم بآية من ربهم والمراد قد أتاهم بدليل من إلههم هو الإنجيل وطلب منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله وهو الإنجيل وفسر ذلك بأن يطيعوه أى يتبعوا الإنجيل المنزل عليه.
"إن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج"فإلهكم إله واحد فله أسلموا"فربكم تعنى إلهكم واعبدوه تعنى أسلموا له وقوله بسورة مريم "أهدك صراطا سويا"فالمستقيم هو السوى والمعنى إن الرب إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين سوى ،يبين الله لنا أن عيسى(ص) قال لبنى إسرائيل:إن الله ربى أى خالقى وربكم أى وخالقكم فاعبدوه أى أطيعوا حكمه فهذا هو الصراط المستقيم أى الدين العادل السليم .
"فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"آمنا بآيات الله "فالإيمان بالله هو الإيمان بآيات الله والمعنى فلما عرف عيسى(ص)منهم التكذيب لحكم الله قال من أعوانى فى نصر دين الله قال المؤمنون به نحن أعوان دين الله صدقنا بدين الله واعترف بأننا مطيعون ،يبين الله لنا أن عيسى(ص)لما أحس الكفر منهم والمراد لما عرف التكذيب من القوم قال :من أنصارى إلى الله والمراد من أعوانى فى نصر دين الله ؟فكان رد الحواريين وهم المحيطين أى المؤمنين برسالة عيسى(ص) :نحن أنصار الله أى نحن أعوان دين الله آمنا بالله أى صدقنا بدين الله واشهد بأنا مسلمون أى واعترف بأنا مطيعون لحكم الله .
"ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا فاكتبنا مع الشاهدين" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"آمنا بآيات الله "وقوله بسورة النور"وأطعنا"فالإيمان بما أنزل هو الإيمان بآيات الله واتبعنا تعنى أطعنا والمعنى إلهنا صدقنا بالذى أوحيت وأطعنا فاجعلنا من المسلمين ،يبين الله لنا أن الحواريين قالوا :ربنا أمنا بما أنزلت أى إلهنا صدقنا بالذى أوحيت لنا وهو الإنجيل واتبعنا أى وأطعنا الوحى فاكتبنا مع الشاهدين أى فأدخلنا الجنة مع المسلمين وهم الذين يتقون مصداق لقوله تعالى بسورة الأعراف"فسأكتبها للذين يتقون".
"ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنفال"وأن الله موهن كيد الكافرين"وقوله بسورة الطارق"إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا "فمكروا تعنى يكيدون وخير الماكرين هو موهن كيد الكافرين والمعنى وكادوا وكاد الله والله أحسن الكائدين،يبين الله لنا أن الكفار مكروا بعيسى (ص) أى دبروا له خطة ليقتلوه ومكر الله والمراد ورد الله كيدهم إليهم فبدلا من أن يقتل عيسى(ص)قتل أحدهم وهو شبيه عيسى(ص)والله خير الماكرين أى أفضل من يرد كيد أعداء الإسلام.
"إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم تختلفون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون "وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين "فالرفع لله هو دخوله الربوة وهى الجنة وقوله بسورة الصف"فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين"فجعل الذين اتبعوا عيسى(ص)فوق الكفار هو تأييد الله لهم على عدوهم وقوله بسورة لقمان"ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون "فأحكم بينكم فيما كنتم تختلفون تعنى أنبئكم بما كنتم تعملون والمعنى وقد قال الله يا عيسى إنى مميتك أى مدخلك جنتى وناصرك على الذين كذبوا بحكم الله وناصر الذين أطاعوك على الذين كذبوك إلى يوم البعث ثم إلى عودتكم فأفصل بينكم فى الذى كنتم فيه تتنازعون،يبين الله لنا أنه أخبر عيسى(ص) أنه سيتوفاه أى سيميته أى سيرفعه إليه والمراد أنه سيجعله بعد الموت فى مكان رفيع عالى هو الجنة وفسر الله ذلك بأنه مطهره من الذين كفروا أى رافعه على الذين كذبوا وهذا يعنى أنه فى الجنة العالية وهم فى النار السفلى وأخبره أنه سيجعل أى سينصر الذين اتبعوه وهم الذين أطاعوا ما أنزل عليه على الذين كفروا أى كذبوا حكم الله المنزل عليه وهذا النصر سيظل مستمر حتى يوم القيامة وهو يوم البعث وعند ذلك يكون مرجعهم إلى أى عودتهم إلى جزاء الله فيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون والمراد فيفصل بينهم فى الذى كانوا فيه يتنازعون عن طريق إعطاء المؤمنين كتابهم بيمينهم والكفار كتابهم بشمالهم .
[justify]
"قالت رب أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة يس"إنما أمره إذا أراد أمرا أن يقول له كن فيكون"فقضى تعنى أراد والمعنى قالت مريم(ص)كيف يصبح لى ابن ولم يجامعنى إنسان ؟قال هكذا الله يصنع ما يريد إذا أراد شيئا أن يوحى له تواجد فيتواجد ،يبين الله لنا أن مريم (ص)لما سمعت كلام جبريل(ص)اندهشت وتساءلت:أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر أى كيف أنجب ابن ولم يباشرنى إنسان حلالا أو حراما؟وهذا السؤال منها دليل على أنها لم تتزوج حتى ذلك الوقت ولم ترتكب الزنى والسؤال هنا هو عن كيفية مجىء الولد مع امتناع أسباب وجوده وهو الجماع فقال لها جبريل (ص)كذلك أى ستلدين وأنت على هذه الحال دون زواج أو زنى لأن الله يخلق ما يشاء أى ينشىء ما يريد بأى كيفية وطريقة الخلق هى أنه إذا قضى أمرا أى إذا أراد خلقا لشىء فإنه يقول له كن فيكون والمراد فإنه يوحى له :تواجد فيتواجد وهذا يرينا قدرة الله ليس لها حدود فهو يخلق بلا أب وأم وبلا أم وبلا أب وبأم وأب فهو قادر على كل شىء.
"ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة مريم "وجعلنى نبيا"فرسولا تعنى نبيا وقوله بسورة مريم "قال إنى أعبد الله أتانى الكتاب "وقوله تعالى بسورة الزخرف"قال قد جئتكم بالحكمة "فالكتاب هو الحكمة هو التوراة والإنجيل وتفسيرهما وهو الوحى وقوله بسورة المائدة"وإذ تخرج الموتى بإذنى"فأحى الموتى تعنى أنه يخرج الموتى للحياة مرة ثانية بإذن الله وقوله بسورة النازعات"إن فى ذلك لعبرة لمن يخشى"فالآية هى العبرة والمؤمنين هم من يخشى والمعنى ويعرفه الوحى أى حكم الله أى التوراة والإنجيل ومبعوثا إلى أولاد يعقوب (ص)أنى قد أتيتكم بعلامة من خالقكم أنى أصنع لكم من الطين كشكل الطير فأنفث فيه فيصبح طيرا بأمر الله وأشفى الأعمى والأمهق وأبعث الهلكى بأمر الرب وأخبركم بما تطعمون وما تخزنون فى مساكنكم إن فى هذا لعلامة لكم إن كنتم مصدقين ،يبين الله لنا أن جبريل(ص)أخبر مريم(ص)أن ولدها سيعلمه أى سيوحى إليه الله الكتاب وهو الحكمة أى حكم الله ممثلا فى التوراة والإنجيل وهذا خبر بالغيب الممثل فى نزول وحى على عيسى(ص)فى المستقبل اسمه الإنجيل ،وقال ورسولا إلى بنى إسرائيل والمراد أن عيسى(ص)سيكون مبعوثا لأولاد يعقوب(ص)برسالة الله ،فلما بعثه الله لهم قال لهم :أنى قد جئتكم بآية من ربكم والمراد أنى قد أتيتكم بعلامات من إلهكم تدل على أن رسالتى من عند الله وهى:أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير والمراد أنى أصنع لكم من التراب المعجون بالماء كشكل الطيور فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله والمراد فأنفث فيه بفمى فتصبح الأشكال الطينية طيورا حية بأمر الله ونسبة الإحياء لله تدل على أنه لا يقدر على عمل ذلك من نفسه وهذه العلامة الأولى ،وقال وأبرىء الأكمه والأبرص والمراد وأشفى الأعمى وهو من لا يبصر والأمهق وهو المصاب بتغير لونى فى بعض مناطق الجلد والشفاء هنا ليس بالدواء وإنما بالكلام وهذه العلامة الثانية ،وقال وأحى الموتى بإذن الله والمراد وأبعث المتوفين للحياة مرة أخرى بأمر الله ونسبة الشفاء والإحياء إلى الله يدل على أنه لا قدرة له على هذا وإنما هو فعل الله وهذه العلامة الثالثة ،وقال وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم والمراد وأخبركم بأصناف الذى تطعمون والذى تخزنون فى مساكنكم وهذا يعنى أن الله أعطاه القدرة على معرفة أصناف الطعام فى بطونهم ومعرفة الأشياء التى يخزنونها فى المساكن من طعام وشراب وحلى ومال وهى فى البيوت وهذه المعجزة الرابعة ،وقال إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين والمراد إن فى الذى سبق ذكره من المعجزات لدليل على رسوليتى إن كنتم صادقين فى أنكم أتباع لدين الله.
"ومصدقا لما بين يدى من التوراة ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزخرف"قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه"فالآية هى الحكمة والمختلف فيه هو الذى سيحله لهم وقوله بسورة الزخرف "واتبعون "فأطيعون تعنى اتبعون وقوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله"فاتقوا الله هى اذكروا آلاء الله والمعنى ومؤمنا بالذى عندى من التوراة ولأبيح لكم بعض الذى منع عليكم وأتيتكم بإنجيل من إلهكم فأطيعوا حكم الله أى اتبعوا الحكم المنزل على ،يبين الله لنا أن عيسى (ص)بين لبنى إسرائيل أنه مصدق بما بين يديه من التوراة والمراد مؤمن بالذى يحفظه فى نفسه من التوراة والمراد مؤمن بكل ما فى التوراة الإلهية وبين لهم أنه جاء ليحل لهم بعض الذى حرم عليهم والمراد ليبيح لهم بعض الذى منعه الله عليهم بسبب ظلمهم وهو الأحكام الثقيلة التى طلبوا تكلفتهم بها ومنها تحريم الطعام الذى حرمه إسرائيل (ص)على نفسه ،وبين لهم أنه جاءهم بآية من ربهم والمراد قد أتاهم بدليل من إلههم هو الإنجيل وطلب منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله وهو الإنجيل وفسر ذلك بأن يطيعوه أى يتبعوا الإنجيل المنزل عليه.
"إن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج"فإلهكم إله واحد فله أسلموا"فربكم تعنى إلهكم واعبدوه تعنى أسلموا له وقوله بسورة مريم "أهدك صراطا سويا"فالمستقيم هو السوى والمعنى إن الرب إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين سوى ،يبين الله لنا أن عيسى(ص) قال لبنى إسرائيل:إن الله ربى أى خالقى وربكم أى وخالقكم فاعبدوه أى أطيعوا حكمه فهذا هو الصراط المستقيم أى الدين العادل السليم .
"فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"آمنا بآيات الله "فالإيمان بالله هو الإيمان بآيات الله والمعنى فلما عرف عيسى(ص)منهم التكذيب لحكم الله قال من أعوانى فى نصر دين الله قال المؤمنون به نحن أعوان دين الله صدقنا بدين الله واعترف بأننا مطيعون ،يبين الله لنا أن عيسى(ص)لما أحس الكفر منهم والمراد لما عرف التكذيب من القوم قال :من أنصارى إلى الله والمراد من أعوانى فى نصر دين الله ؟فكان رد الحواريين وهم المحيطين أى المؤمنين برسالة عيسى(ص) :نحن أنصار الله أى نحن أعوان دين الله آمنا بالله أى صدقنا بدين الله واشهد بأنا مسلمون أى واعترف بأنا مطيعون لحكم الله .
"ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا فاكتبنا مع الشاهدين" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"آمنا بآيات الله "وقوله بسورة النور"وأطعنا"فالإيمان بما أنزل هو الإيمان بآيات الله واتبعنا تعنى أطعنا والمعنى إلهنا صدقنا بالذى أوحيت وأطعنا فاجعلنا من المسلمين ،يبين الله لنا أن الحواريين قالوا :ربنا أمنا بما أنزلت أى إلهنا صدقنا بالذى أوحيت لنا وهو الإنجيل واتبعنا أى وأطعنا الوحى فاكتبنا مع الشاهدين أى فأدخلنا الجنة مع المسلمين وهم الذين يتقون مصداق لقوله تعالى بسورة الأعراف"فسأكتبها للذين يتقون".
"ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنفال"وأن الله موهن كيد الكافرين"وقوله بسورة الطارق"إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا "فمكروا تعنى يكيدون وخير الماكرين هو موهن كيد الكافرين والمعنى وكادوا وكاد الله والله أحسن الكائدين،يبين الله لنا أن الكفار مكروا بعيسى (ص) أى دبروا له خطة ليقتلوه ومكر الله والمراد ورد الله كيدهم إليهم فبدلا من أن يقتل عيسى(ص)قتل أحدهم وهو شبيه عيسى(ص)والله خير الماكرين أى أفضل من يرد كيد أعداء الإسلام.
"إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم تختلفون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون "وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين "فالرفع لله هو دخوله الربوة وهى الجنة وقوله بسورة الصف"فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين"فجعل الذين اتبعوا عيسى(ص)فوق الكفار هو تأييد الله لهم على عدوهم وقوله بسورة لقمان"ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون "فأحكم بينكم فيما كنتم تختلفون تعنى أنبئكم بما كنتم تعملون والمعنى وقد قال الله يا عيسى إنى مميتك أى مدخلك جنتى وناصرك على الذين كذبوا بحكم الله وناصر الذين أطاعوك على الذين كذبوك إلى يوم البعث ثم إلى عودتكم فأفصل بينكم فى الذى كنتم فيه تتنازعون،يبين الله لنا أنه أخبر عيسى(ص) أنه سيتوفاه أى سيميته أى سيرفعه إليه والمراد أنه سيجعله بعد الموت فى مكان رفيع عالى هو الجنة وفسر الله ذلك بأنه مطهره من الذين كفروا أى رافعه على الذين كذبوا وهذا يعنى أنه فى الجنة العالية وهم فى النار السفلى وأخبره أنه سيجعل أى سينصر الذين اتبعوه وهم الذين أطاعوا ما أنزل عليه على الذين كفروا أى كذبوا حكم الله المنزل عليه وهذا النصر سيظل مستمر حتى يوم القيامة وهو يوم البعث وعند ذلك يكون مرجعهم إلى أى عودتهم إلى جزاء الله فيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون والمراد فيفصل بينهم فى الذى كانوا فيه يتنازعون عن طريق إعطاء المؤمنين كتابهم بيمينهم والكفار كتابهم بشمالهم .
[justify]