"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما"يفسر الآية قوله بنفس السورة"ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"فعمل السوء هو ظلم النفس ويتوبون تعنى يستغفرون ويتوب الله عليه تعنى يجد الله غفورا والمعنى إنما الغفران عند الله للذين يفعلون الذنب بتعمد ثم يستغفرون من بعد فأولئك يغفر الله لهم وكان الله خبيرا قاضيا،يبين الله لنا أن التوبة وهى قبول الاستغفار أى العفو عن المذنب هى للذين يعملون السوء بجهالة والمراد الذين يرتكبون الذنب بتعمد أى الذين يفعلون الجرم بقصد ثم يتوبون من قريب والمراد ثم يستغفرون الله من بعد ارتكابهم للذنب وكلمة قريب تعنى أى وقت عدا وقت الموت وأولئك يتوب الله عليهم أى يغفر لهم ذنبهم أى يترك عقابهم على جريمتهم وهو العليم أى الخبير بكل شىء الحكيم أى القاضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم"يفسر قوله "يريد الله ليبين لكم " قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيبين لكم تعنى يطهركم وقوله "ويهديكم سنن الذين من قبلكم"يفسره قوله بسورة النور "ومثلا من الذين خلوا من قبلكم"فسنن تعنى أمثال وقوله "ويتوب عليكم "يفسره قوله بسورة الأحزاب"ويغفر لكم ذنوبكم"فيتوب تعنى يغفر والمعنى يحب الله أن يوضح لكم أحكامه ويعرفكم عواقب كفر الذين سبقوكم ويغفر لكم والله خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد ليبين لهم والمراد أن يوضح لهم أحكامه فيطيعوها فيطهروا من ذنوبهم بطاعتها وأنه يريد أن يهديهم سنن الذين من قبلهم والمراد يعرفهم عقوبات الذين كفروا ممن سبقوهم ويريد أن يتوب عليهم أى يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء حكيم أى قاضى يقضى بالحق.
"والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما"يفسر قوله "والله يريد أن يتوب عليكم " قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيتوب عليكم تعنى يطهركم ويفسر قوله "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما "قوله بسورة النساء"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا"فالشهوات هى الشيطان والميل هى الضلال والعظيم هو البعيد والمعنى يحب الله أن يغفر لكم ويحب الذين يطيعون أهواء أنفسهم أن تكفروا كفرا مستمرا،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يتوب عليهم والمراد أن يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة وأما الذين يتبعون الشهوات وهم الذين يطيعون أهواء أنفسهم وهى أراء أنفسهم فيريدون أن يميلوا ميلا عظيما والمراد فيحبون أن يكذب المسلمون حكم الله تكذيبا مستمرا حتى الموت حتى يتساووا فى العقاب عند الله معهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"يريد الله بكم اليسر "فالتخفيف هو اليسر وقوله بسورة الروم "والله الذى خلقكم من ضعف "فالضعيف هو المخلوق من الضعف وهو الوهن والمعنى يحب الله أن ييسر عليكم وأنشأ الإنسان واهنا ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يخفف عنهم أى ييسر عليهم أى يرحمهم ويبين لهم أن الإنسان خلق ضعيفا والمراد أنه أنشأ وهو واهن صغير.
"يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"يفسر قوله"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا تكون تجارة عن تراض منكم" قوله تعالى بسورة البقرة"وأحل الله البيع"فالتجارة هى البيع وقوله "ولا تقتلوا أنفسكم "يفسره قوله بسورة الإسراء"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق"فقتل الأنفس هو قتل النفس المحرمة وقوله "إن الله كان بكم رحيما "يفسره قوله بسورة آل عمران "والله رءوف بالعباد"فالرحيم بهم هو الرءوف والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تضموا أمتعتكم بينكم بالحرام إلا أن تصبح بيع عن توافق منكم ولا تذبحوا بعضكم إن الله كان لكم نافعا،ينهى الله المؤمنين عن أكل أموالهم بينهم بالباطل والمراد عن أخذ بعضهم لأموال البعض الأخر بالحرام وهو الكفر واستثنى من الحرام التجارة وهى البيع الذى يشترط لكى يكون مباحا تراضى أطرافه والمراد اتفاق أصحابه اتفاق يقبله كل منهم ولا يصبح فى نفسه منه شيئا ،وينهى الله المؤمنين عن قتل أنفسهم والمراد ذبح بعضهم البعض دون حق ،ويبين لهم أنه كان بهم رحيما والمراد كان لهم نافعا برحمته والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده.
"ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الفرقان"ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب"فالنار هى الآثام التى هى العذاب وقوله "وكان ذلك على الله يسيرا"يفسره قوله بسورة مريم"قال ربك هو على هين"فاليسير هو الهين والمعنى ومن يعمل ذلك إثما أى فسادا فسوف ندخله جهنم وكان هذا على الله هينا،يبين الله للمؤمنين أن من يفعل ذلك أى من يأكل مال الأخرين ويقتل النفس عدوانا أى ظلما أى بدون حق يبيح له هذه الأفعال سوف يصليه الله النار والمراد سوف يدخله الله جهنم وكان إدخاله النار أمرا يسيرا أى هينا أى سهلا على الله .
"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش"فما ينهون عنه هو الإثم أى الفواحش وقوله "نكفر عنكم سيئاتكم "يفسره قوله بسورة آل عمران"يغفر لكم ذنوبكم"فنكفر تعنى نغفر وسيئاتكم تعنى ذنوبكم وقوله "وندخلكم مدخلا كريما "يفسره قوله بسورة التحريم"ويدخلكم جنات"فالمدخل الكريم هو الجنات والمعنى إن تتركوا فعل الذى تزجرون عنه نمحو لكم ذنوبكم ونسكنكم سكنا حسنا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يجتنبوا كبائر ما ينهون عنه والمراد إن يتركوا أعمال الذى يزجرون عنه أى إن يبتعدوا عن أفعال الذى يطلب الله منهم عدم فعله وهو الباطل يكفر لهم سيئاتهم والمراد يغفر لهم ذنوبهم حيث يترك عقابهم عليها ويدخلهم مدخلا كريما والمراد يسكنهم مسكنا عظيما هو الجنة .
"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما"يفسر قوله"وسئلوا الله من فضله " قوله تعالى بسورة العنكبوت"وابتغوا عند الله الرزق"فسؤال الله من فضله هو ابتغاء الرزق من الله وقوله "إن الله كان بكل شىء عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما تعنى محيطا والمعنى ولا تطلبوا ما ميز الله بعضكم على بعض للذكور أجر بالذى عملوا وللإناث أجر بالذى عملن واطلبوا من الله رزقه إن الله كان بكل أمر خبيرا،ينهى الله المؤمنين والمؤمنات عن تمنى ما فضل الله بعضهم على بعض أى ما ميز به كل جنس على الأخر فهو ينهى هنا الرجال عن طلب مهام النساء الخاصة وينهى النساء عن طلب سلطة الرجال عليهن ،ويبين لهم أن الرجال لهم نصيب مما اكتسبوا والمراد لهم أجر الذى عملوا فى حياتهم والنساء لهن نصيب مما اكتسبن والمراد لهن أجر الذى عملن فى حياتهن ويطلب منهم أن يسألوه من فضله والمراد أن يطلبوا من الله الرزق فى الدنيا والآخرة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء أى بكل أمر يقع فى الكون ومن ثم عليهم أن يحذروا من مخالفته حتى لا يعاقبهم على فعلهم الباطل والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شىء شهيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بنفس السورة "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون"فالموالى هى أنصبة الرجال والنساء وقوله "إن الله كان على كل شىء شهيدا "قوله بنفس السورة"إن الله على كل شىء رقيبا"فالشهيد هو الرقيب والمعنى ولكل حددنا أنصبة من الذى فات الأبوان والأقارب والذين ملكت أنفسكم فأعطوهن حظهن إن الله كان على كل أمر رقيبا ،يبين الله للمؤمنين أنه جعل موالى والمراد حدد أنصبة لكل من الرجال والنساء فى الذى ترك أى فات الوالدان وهما الأبوان والأقارب من المال بعد موتهم كما حدد للذين عقدت أيماننا نصيبهم وهن اللاتى عاهدتهن أنفس الرجال على الزواج والمراد أن الله يطلب منا أن نعطى الزوجات نصيبهن فى الميراث فيقول أتوهن نصيبهن أى أعطوهن حظهن فى الميراث ويبين لهم أنه شهيد على كل شىء أى رقيب أى عليم بكل أمر وسيحاسب عليه .
"الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"المعنى الذكور مسلطون على الزوجات بما ميز الله بعضهم على بعض وبالذى صرفوا من أملاكهم فالمحسنات مطيعات صائنات للبعد بالذى أمر الله واللاتى تخشون عصيانهن فذكرونهن وابعدوا عنهن فى المضاجع واجلدوهن فإن اتبعنكم فلا تنفذوا فيهن عقابا إن الله كان عظيما عاليا،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن الرجال وهم الأزواج قوامون على النساء والمراد مسلطون على الزوجات وبألفاظ القرآن فى سورة البقرة"وللرجال عليهن درجة"فدرجة الرجال هى رئاسة الأسرة والأسباب هى :
-تفضيل الله بعضهم على بعض أى تمييز الله الرجال على النساء فى الخلقة البدنية والنفسية.
-ما أنفق الرجال من أموالهم على النساء والمراد ما صرف الأزواج على الزوجات من مال.
ويبين الله لهم أن الزوجات الصالحات وهن المحسنات قانتات أى مطيعات لحكم الله حافظات للغيب بما حفظ الله والمراد صائنات لأنفسهن فى حالة بعد الأزواج عنهن للعمل أو للسفر أو لأى أمر أخر بالذى أمر الله وهو عدم الزنى وهذا يعنى أن الزوجة الصالحة مطيعة للزوج فى حضوره حامية لعرضه فى غيابه.
ويبين الله للرجال أن اللاتى يخافون نشوزهن والمراد أن اللاتى تعرفون منهن العصيان لأمر الله بطاعتكم فى الخير عليهم أن يتبعوا معهن التالى:
-وعظهن أى تذكيرهن بالحق ووجوب الطاعة فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم يطعن الوعظ فالواجب هو هجرهن فى المضاجع والمراد البعد عن الرقاد معهن فى الفرش فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم ينفع هذا البعد عن المضاجع فالواجب على الرجال ضربهن أى جلدهن جلدا موجعا لا يجرح ولا يدمى فإن أطعن أى اتبعن حكم الرجل العادل فعلى الرجال ألا يبغوا عليهن سبيلا والمراد ألا ينزلوا بهن عقابا أخر ،ويبين لهم أنه على أى كبير أى عظيم أى صاحب الكبرياء فى السموات والأرض كما قال بسورة الجاثية"وله الكبرياء فى السموات والأرض".
"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"يفسر قوله "وإن خفتم شقاق بينهما" قوله تعالى بسورة البقرة"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله"فالشقاق هى عدم إقامة حدود الله وقوله "إن الله كان عليما خبيرا "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما خبيرا أى محيطا والمعنى وإن خشيتم خلاف بينهما فأرسلوا قاضيا من أسرته وقاضيا من أسرتها إن يشاءا الزوجان توفيقا يصلح الله بينهما إن الله كان محيطا عارفا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن خافوا الشقاق بينهما والمراد إن خشوا حدوث الخلاف بين الزوجين مما يؤدى لمخالفتهم لحكم الله فالواجب هو بعث حكم من أهله وحكم من أهلها والمراد إرسال قاضى يختاره الزوج من أسرته وقاضى تختاره الزوجة من أسرتها يسمعان لكل منهما ثم يحددا نقاط الخلاف بينهما ويحددا المخطىء ويطلبان منه التراجع عن رأيه هذا إن يريدا إصلاحا والمراد إن يحب الزوجان التوفيق وهو التراضى على المعروف يوفق الله بينهما أى يصلح الله بين الزوجين ويبين الله لنا أنه عليما أى خبيرا أى عارفا بكل شىء وسيحاسب عليه .
"يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم"يفسر قوله "يريد الله ليبين لكم " قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيبين لكم تعنى يطهركم وقوله "ويهديكم سنن الذين من قبلكم"يفسره قوله بسورة النور "ومثلا من الذين خلوا من قبلكم"فسنن تعنى أمثال وقوله "ويتوب عليكم "يفسره قوله بسورة الأحزاب"ويغفر لكم ذنوبكم"فيتوب تعنى يغفر والمعنى يحب الله أن يوضح لكم أحكامه ويعرفكم عواقب كفر الذين سبقوكم ويغفر لكم والله خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد ليبين لهم والمراد أن يوضح لهم أحكامه فيطيعوها فيطهروا من ذنوبهم بطاعتها وأنه يريد أن يهديهم سنن الذين من قبلهم والمراد يعرفهم عقوبات الذين كفروا ممن سبقوهم ويريد أن يتوب عليهم أى يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء حكيم أى قاضى يقضى بالحق.
"والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما"يفسر قوله "والله يريد أن يتوب عليكم " قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيتوب عليكم تعنى يطهركم ويفسر قوله "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما "قوله بسورة النساء"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا"فالشهوات هى الشيطان والميل هى الضلال والعظيم هو البعيد والمعنى يحب الله أن يغفر لكم ويحب الذين يطيعون أهواء أنفسهم أن تكفروا كفرا مستمرا،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يتوب عليهم والمراد أن يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة وأما الذين يتبعون الشهوات وهم الذين يطيعون أهواء أنفسهم وهى أراء أنفسهم فيريدون أن يميلوا ميلا عظيما والمراد فيحبون أن يكذب المسلمون حكم الله تكذيبا مستمرا حتى الموت حتى يتساووا فى العقاب عند الله معهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"يريد الله بكم اليسر "فالتخفيف هو اليسر وقوله بسورة الروم "والله الذى خلقكم من ضعف "فالضعيف هو المخلوق من الضعف وهو الوهن والمعنى يحب الله أن ييسر عليكم وأنشأ الإنسان واهنا ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يخفف عنهم أى ييسر عليهم أى يرحمهم ويبين لهم أن الإنسان خلق ضعيفا والمراد أنه أنشأ وهو واهن صغير.
"يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"يفسر قوله"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا تكون تجارة عن تراض منكم" قوله تعالى بسورة البقرة"وأحل الله البيع"فالتجارة هى البيع وقوله "ولا تقتلوا أنفسكم "يفسره قوله بسورة الإسراء"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق"فقتل الأنفس هو قتل النفس المحرمة وقوله "إن الله كان بكم رحيما "يفسره قوله بسورة آل عمران "والله رءوف بالعباد"فالرحيم بهم هو الرءوف والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تضموا أمتعتكم بينكم بالحرام إلا أن تصبح بيع عن توافق منكم ولا تذبحوا بعضكم إن الله كان لكم نافعا،ينهى الله المؤمنين عن أكل أموالهم بينهم بالباطل والمراد عن أخذ بعضهم لأموال البعض الأخر بالحرام وهو الكفر واستثنى من الحرام التجارة وهى البيع الذى يشترط لكى يكون مباحا تراضى أطرافه والمراد اتفاق أصحابه اتفاق يقبله كل منهم ولا يصبح فى نفسه منه شيئا ،وينهى الله المؤمنين عن قتل أنفسهم والمراد ذبح بعضهم البعض دون حق ،ويبين لهم أنه كان بهم رحيما والمراد كان لهم نافعا برحمته والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده.
"ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الفرقان"ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب"فالنار هى الآثام التى هى العذاب وقوله "وكان ذلك على الله يسيرا"يفسره قوله بسورة مريم"قال ربك هو على هين"فاليسير هو الهين والمعنى ومن يعمل ذلك إثما أى فسادا فسوف ندخله جهنم وكان هذا على الله هينا،يبين الله للمؤمنين أن من يفعل ذلك أى من يأكل مال الأخرين ويقتل النفس عدوانا أى ظلما أى بدون حق يبيح له هذه الأفعال سوف يصليه الله النار والمراد سوف يدخله الله جهنم وكان إدخاله النار أمرا يسيرا أى هينا أى سهلا على الله .
"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش"فما ينهون عنه هو الإثم أى الفواحش وقوله "نكفر عنكم سيئاتكم "يفسره قوله بسورة آل عمران"يغفر لكم ذنوبكم"فنكفر تعنى نغفر وسيئاتكم تعنى ذنوبكم وقوله "وندخلكم مدخلا كريما "يفسره قوله بسورة التحريم"ويدخلكم جنات"فالمدخل الكريم هو الجنات والمعنى إن تتركوا فعل الذى تزجرون عنه نمحو لكم ذنوبكم ونسكنكم سكنا حسنا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يجتنبوا كبائر ما ينهون عنه والمراد إن يتركوا أعمال الذى يزجرون عنه أى إن يبتعدوا عن أفعال الذى يطلب الله منهم عدم فعله وهو الباطل يكفر لهم سيئاتهم والمراد يغفر لهم ذنوبهم حيث يترك عقابهم عليها ويدخلهم مدخلا كريما والمراد يسكنهم مسكنا عظيما هو الجنة .
"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما"يفسر قوله"وسئلوا الله من فضله " قوله تعالى بسورة العنكبوت"وابتغوا عند الله الرزق"فسؤال الله من فضله هو ابتغاء الرزق من الله وقوله "إن الله كان بكل شىء عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما تعنى محيطا والمعنى ولا تطلبوا ما ميز الله بعضكم على بعض للذكور أجر بالذى عملوا وللإناث أجر بالذى عملن واطلبوا من الله رزقه إن الله كان بكل أمر خبيرا،ينهى الله المؤمنين والمؤمنات عن تمنى ما فضل الله بعضهم على بعض أى ما ميز به كل جنس على الأخر فهو ينهى هنا الرجال عن طلب مهام النساء الخاصة وينهى النساء عن طلب سلطة الرجال عليهن ،ويبين لهم أن الرجال لهم نصيب مما اكتسبوا والمراد لهم أجر الذى عملوا فى حياتهم والنساء لهن نصيب مما اكتسبن والمراد لهن أجر الذى عملن فى حياتهن ويطلب منهم أن يسألوه من فضله والمراد أن يطلبوا من الله الرزق فى الدنيا والآخرة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء أى بكل أمر يقع فى الكون ومن ثم عليهم أن يحذروا من مخالفته حتى لا يعاقبهم على فعلهم الباطل والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شىء شهيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بنفس السورة "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون"فالموالى هى أنصبة الرجال والنساء وقوله "إن الله كان على كل شىء شهيدا "قوله بنفس السورة"إن الله على كل شىء رقيبا"فالشهيد هو الرقيب والمعنى ولكل حددنا أنصبة من الذى فات الأبوان والأقارب والذين ملكت أنفسكم فأعطوهن حظهن إن الله كان على كل أمر رقيبا ،يبين الله للمؤمنين أنه جعل موالى والمراد حدد أنصبة لكل من الرجال والنساء فى الذى ترك أى فات الوالدان وهما الأبوان والأقارب من المال بعد موتهم كما حدد للذين عقدت أيماننا نصيبهم وهن اللاتى عاهدتهن أنفس الرجال على الزواج والمراد أن الله يطلب منا أن نعطى الزوجات نصيبهن فى الميراث فيقول أتوهن نصيبهن أى أعطوهن حظهن فى الميراث ويبين لهم أنه شهيد على كل شىء أى رقيب أى عليم بكل أمر وسيحاسب عليه .
"الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"المعنى الذكور مسلطون على الزوجات بما ميز الله بعضهم على بعض وبالذى صرفوا من أملاكهم فالمحسنات مطيعات صائنات للبعد بالذى أمر الله واللاتى تخشون عصيانهن فذكرونهن وابعدوا عنهن فى المضاجع واجلدوهن فإن اتبعنكم فلا تنفذوا فيهن عقابا إن الله كان عظيما عاليا،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن الرجال وهم الأزواج قوامون على النساء والمراد مسلطون على الزوجات وبألفاظ القرآن فى سورة البقرة"وللرجال عليهن درجة"فدرجة الرجال هى رئاسة الأسرة والأسباب هى :
-تفضيل الله بعضهم على بعض أى تمييز الله الرجال على النساء فى الخلقة البدنية والنفسية.
-ما أنفق الرجال من أموالهم على النساء والمراد ما صرف الأزواج على الزوجات من مال.
ويبين الله لهم أن الزوجات الصالحات وهن المحسنات قانتات أى مطيعات لحكم الله حافظات للغيب بما حفظ الله والمراد صائنات لأنفسهن فى حالة بعد الأزواج عنهن للعمل أو للسفر أو لأى أمر أخر بالذى أمر الله وهو عدم الزنى وهذا يعنى أن الزوجة الصالحة مطيعة للزوج فى حضوره حامية لعرضه فى غيابه.
ويبين الله للرجال أن اللاتى يخافون نشوزهن والمراد أن اللاتى تعرفون منهن العصيان لأمر الله بطاعتكم فى الخير عليهم أن يتبعوا معهن التالى:
-وعظهن أى تذكيرهن بالحق ووجوب الطاعة فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم يطعن الوعظ فالواجب هو هجرهن فى المضاجع والمراد البعد عن الرقاد معهن فى الفرش فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم ينفع هذا البعد عن المضاجع فالواجب على الرجال ضربهن أى جلدهن جلدا موجعا لا يجرح ولا يدمى فإن أطعن أى اتبعن حكم الرجل العادل فعلى الرجال ألا يبغوا عليهن سبيلا والمراد ألا ينزلوا بهن عقابا أخر ،ويبين لهم أنه على أى كبير أى عظيم أى صاحب الكبرياء فى السموات والأرض كما قال بسورة الجاثية"وله الكبرياء فى السموات والأرض".
"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"يفسر قوله "وإن خفتم شقاق بينهما" قوله تعالى بسورة البقرة"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله"فالشقاق هى عدم إقامة حدود الله وقوله "إن الله كان عليما خبيرا "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما خبيرا أى محيطا والمعنى وإن خشيتم خلاف بينهما فأرسلوا قاضيا من أسرته وقاضيا من أسرتها إن يشاءا الزوجان توفيقا يصلح الله بينهما إن الله كان محيطا عارفا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن خافوا الشقاق بينهما والمراد إن خشوا حدوث الخلاف بين الزوجين مما يؤدى لمخالفتهم لحكم الله فالواجب هو بعث حكم من أهله وحكم من أهلها والمراد إرسال قاضى يختاره الزوج من أسرته وقاضى تختاره الزوجة من أسرتها يسمعان لكل منهما ثم يحددا نقاط الخلاف بينهما ويحددا المخطىء ويطلبان منه التراجع عن رأيه هذا إن يريدا إصلاحا والمراد إن يحب الزوجان التوفيق وهو التراضى على المعروف يوفق الله بينهما أى يصلح الله بين الزوجين ويبين الله لنا أنه عليما أى خبيرا أى عارفا بكل شىء وسيحاسب عليه .