"يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردونكم بعد إيمانكم كافرين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين"فبعد الإيمان هنا هو الأعقاب وهى الكفر والكافرين هم الخاسرين وقوله بسورة الأنعام"وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله"فالإيمان بالوحى وهو سبيل الله والمعنى يا أيها الذين صدقوا بوحى الله إن تتبعوا حكم جماعة من الذين أعطوا الوحى السابق يعيدونكم بعد إسلامكم مكذبين به ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يطيعوا أى يتبعوا حكم فريقا من الذين أوتوا الكتاب والمراد جماعة من الذين أعطوا الوحى يحدث التالى :يردونكم بعد إيمانكم كافرين والمراد يرجعونكم بعد إسلامكم مكذبين به وهذا يعنى حرمة طاعة أهل الكتاب فى أى حكم إلا ما وافق حكم الله فى الإسلام ،والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"كيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة مريم"إذا تتلى عليهم آيات الرحمن "فالله هو الرحمن وقوله بسورة لقمان "ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى"فيعتصم بالله تعنى يسلم وجهه لله وهدى تعنى استمسك والصراط المستقيم هو العروة الوثقى والمعنى كيف تكذبون بأحكام الله وأنتم تبلغ لكم أحكام الله ومعكم نبيه(ص)ومن يطع حكم الله فقد رشد إلى دين عادل؟،يسأل الله أهل الإسلام كيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله والمراد كيف تعصون حكم الله وأنتم تقرأ عليكم أحكام الله ووسطكم مبعوثه؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن أسباب عدم كفرهم هى تلاوة آيات الله ووجود الرسول (ص)معهم ومن ثم فهم لن يطيعوا أهل الكتاب وسيطيعون الرسول(ص) ،ويبين الله للمؤمنين أن من يعتصم بالله أى من يحتمى من عذاب الله بطاعة حكمه قد هدى إلى صراط مستقيم أى قد وصل إلى الدين السليم ومن ثم إلى الجزاء العادل وهو الجنة.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأحزاب"يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا"وقوله بسورة الحج"وجاهدوا فى الله حق جهاده"فاتقوا تعنى اذكروا تعنى جاهدوا وتقاته تعنى جهاده والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله أطيعوا حكم الله أحسن طاعة له أى لا تتوفون إلا وأنتم مطيعون،يطلب الله من المؤمنين أن يتقوه حق تقاته والمراد أن يتبعوا حكمه أفضل اتباع له وفسر ذلك بأن ألا يموتوا إلا وهم مسلمون والمراد ألا يتوفوا إلا وهم متبعون لحكم الله حتى يدخلوا الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الشورى "أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فاعتصموا تعنى أقيموا وحبل الله هو الدين وقوله بسورة البقرة"كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "فتهتدون تعنى تتقون والمعنى واحتموا بطاعة دين الله ولا تختلفوا فيه واعلموا فضل الله عليكم حين كنتم كارهين لبعضكم فآنس بين نفوسكم فأصبحتم بفضله أحباء وكنتم على طاعة دين يدخلكم النار فأنجاكم منها هكذا يوضح الله لكم أحكامه لعلكم تطيعون ،يطلب الله من المؤمنين أن يعتصموا بحبل الله والمراد أن يتمسكوا بطاعة حكم الله وفسر هذا بأن طلب منهم ألا يتفرقوا أى ألا يتركوا حكم الله وطلب منهم أن يذكروا نعمة الله عليهم والمراد أن يعلموا رحمة الله بهم إذ كانوا أعداء أى كارهين لبعضهم البعض فألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا والمراد فوفق بين نفوسهم عندما اختاروا كلهم الإسلام دينا لهم فأصبحوا فى دين الله إخوة متحابين وبين لهم أنهم كانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم منها والمراد أنهم كانوا على طاعة دين يدخلهم الجحيم فأنجاهم الله من الجحيم بإسلامهم ،ويبين الله لهم أنه يبين لهم آياته والمراد يفصل لهم الأحكام والسبب هو أن يهتدوا أى يطيعوا الأحكام ليدخلوا الجنة .
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة النور"فأولئك هم الفائزون "فالمفلحون هم الفائزون والمعنى ولتتواجد منكم جماعة تنادى إلى الصلاح أى يطالبون بالخير ويزجرون عن الشر وأولئك هم الفائزون بالرحمة ،يطلب الله من المؤمنين أن يكونوا أمة والمراد يشكلوا فريق منهم تكون مهمته هى أن يدعو إلى الخير والمراد أن يرغب فى الإسلام وفسر الله مهمة الفريق بأنهم يأمرون بالمعروف أى يطالبون الآخرين بعمل الصالحات وينهون عن المنكر والمراد ويزجرون الآخرين عن الشر والمراد يطلبون من الناس البعد عن الجرائم ويبين الله لنا أن المؤمنين هم المفلحون أى الفائزون برحمة الله فى الدنيا والآخرة والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده .
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "ولا تكونوا أول كافر به"فالذين تفرقوا هم الكفار وقوله بسورة آل عمران"من بعد ما جاءهم العلم"فالبينات هى العلم وقوله بسورة الحج"فأولئك لهم عذاب مهين"فالعظيم هو المهين والمعنى ولا تصبحوا كالذين كفروا أى كذبوا من بعد ما أتاهم العلم وأولئك لهم عقاب كبير ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالذين تفرقوا وفسرهم بأنهم الذين اختلفوا والمراد ألا يصبحوا كالذين كذبوا حكم الله أى كفروا به من بعد ما جاءهم البينات والمراد من بعد ما نزل عليهم حكم الله ويبين لهم أن المختلفين لهم عذاب عظيم أى عقاب شديد بسبب الإختلاف.
"يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خالدون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة عبس"وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة"فابيضاض الوجوه هو اسفارها هو ضحكها هو استبشارها واسوداد الوجوه هو الإغتبار هو الرهق من القترة وقوله بسورة البقرة "أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون"فرحمة الله هى الجنة وقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"ماكثين فيه تفسر خالدون والمعنى يوم تفرح نفوس وتغتم نفوس فأما الذين اغتمت أنفسهم أكذبتم بعد إسلامكم فادخلوا النار بالذى كنتم تكذبون وأما الذين سعدت نفوسهم ففى جنة الله هم فيها باقون لا يخرجون،يبين الله أن الكفار لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه أى يوم تسعد بعض النفوس ويوم تسود وجوه أى ويوم تغتم نفوس الأخرين فأما الذين اسودت وجوههم وهم الذين ذلت نفوسهم فتقول الملائكة لهم :أكفرتم بعد إيمانكم أى هل كذبتم بعد تصديقكم والغرض من السؤال هو إخبارهم أنهم كفار بحكم الله ويقولون لهم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أى فادخلوا النار بالذى كنتم تكذبون ،وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خالدون والمراد وأما الذين سعدت نفوسهم ففى جنة الله هم فيها ماكثون لا يخرجون دوما .
"تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة غافر"وما الله يريد ظلما للعباد"فالعالمين هم العباد والمعنى تلك أحكام الله نبلغها لك بالعدل وما الله يحب نقصا لحق العباد،يبين الله لرسوله(ص) أن تلك والمراد ما سبق من الآيات –وهى محذوفة لأن ما سبق من آيات يخاطب المؤمنين والمفروض هو أن آيات الله المذكورة هنا مخاطب بها النبى(ص) وحده-هى آيات أى أحكام الله يتلوها عليه بالحق والمراد يبلغها له فيها العدل ويبين لهم أن الله لا يريد ظلما للعالمين أى وما الله يحب نقص لحق العباد .
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وإلى الله ترجع الأمور"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "ولله ملك السموات والأرض"وقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور"فما فى السموات والأرض هو ملكه للسموات والأرض ومعنى ترجع تصير والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وإلى جزاء الله تعود المخلوقات ،يبين الله لرسوله(ص) أن الله يملك التصرف فى مخلوقات السموات والأرض كيف يريد وإلى الله ترجع الأمور والمراد أن المخلوقات تعود إلى جزاء الله ثوابا أو عقابا والخطاب هنا للنبى(ص).
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو أمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"وكذلك جعلناكم أمة وسطا "فخير أمة هى الأمة الوسط وقوله بسورة النساء"فمنهم من أمن به ومنهم من صد عنه"فالمؤمنون من أمن بالكتاب والفاسقون هم من صدوا عنه وقوله بسورة النساء"ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا "فأمن هى فعلوا ما يوعظون به والمعنى كنتم أحسن جماعة أرسلت للبشر تحكمون بالعدل أى تبعدون عن الظلم وتصدقون بحكم الله ولو صدق أصحاب الوحى السابق لكان أفضل لهم منهم المصدقون ومعظمهم الكافرون ،يبين الله للمؤمنين أنهم خير أمة أخرجت للناس والمراد أنهم أفضل جماعة أرسلت لدعوة الخلق للحق وهذا يعنى أن كل الأمة خوارج أى رسل لله على قدر علمهم بالإسلام وهم يأمرون بالمعروف أى يعملون بالحق وينهون عن المنكر والمراد ويبعدون عن عمل الباطل وهم يؤمنون بالله أى يصدقون بحكم الله الذى يعملون به ،ويبين الله لنا أن أهل الكتاب لو آمنوا والمراد أن أصحاب الوحى السابق لو صدقوا وحى الله لكان خيرا لهم أى أفضل فى الثواب لهم ،ويبين الله لنا أن أهل الكتاب ينقسمون إلى المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله والفاسقون وهم المكذبون بحكم الله وهم أكثر أى معظم أهل الكتاب والخطاب هنا وما بعده وما بعده للمؤمنين وهو محذوف.
"لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا "فالضرر وهو الأذى هنا هو الكلام المسموع والمعنى لن يؤذوكم إلا كلاما وإن يحاربوكم يعطوكم الظهور ثم لا يغلبون ،يبين الله للمؤمنين أن أهل الكتاب وهم هنا اليهود لن يضروهم إلا أذى والمراد لن يؤذوهم سوى بالكلام ولو فرض وقاتلوهم أى وحاربوهم فالنتيجة هى أن يولوهم الأدبار والمراد أن يهربوا حيث يعطوا ظهورهم للحرب فيتركونها ومن ثم لا ينصرون أى لا يغلبون المسلمين وإنما ينهزمون .
"كيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة مريم"إذا تتلى عليهم آيات الرحمن "فالله هو الرحمن وقوله بسورة لقمان "ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى"فيعتصم بالله تعنى يسلم وجهه لله وهدى تعنى استمسك والصراط المستقيم هو العروة الوثقى والمعنى كيف تكذبون بأحكام الله وأنتم تبلغ لكم أحكام الله ومعكم نبيه(ص)ومن يطع حكم الله فقد رشد إلى دين عادل؟،يسأل الله أهل الإسلام كيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله والمراد كيف تعصون حكم الله وأنتم تقرأ عليكم أحكام الله ووسطكم مبعوثه؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن أسباب عدم كفرهم هى تلاوة آيات الله ووجود الرسول (ص)معهم ومن ثم فهم لن يطيعوا أهل الكتاب وسيطيعون الرسول(ص) ،ويبين الله للمؤمنين أن من يعتصم بالله أى من يحتمى من عذاب الله بطاعة حكمه قد هدى إلى صراط مستقيم أى قد وصل إلى الدين السليم ومن ثم إلى الجزاء العادل وهو الجنة.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأحزاب"يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا"وقوله بسورة الحج"وجاهدوا فى الله حق جهاده"فاتقوا تعنى اذكروا تعنى جاهدوا وتقاته تعنى جهاده والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله أطيعوا حكم الله أحسن طاعة له أى لا تتوفون إلا وأنتم مطيعون،يطلب الله من المؤمنين أن يتقوه حق تقاته والمراد أن يتبعوا حكمه أفضل اتباع له وفسر ذلك بأن ألا يموتوا إلا وهم مسلمون والمراد ألا يتوفوا إلا وهم متبعون لحكم الله حتى يدخلوا الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الشورى "أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فاعتصموا تعنى أقيموا وحبل الله هو الدين وقوله بسورة البقرة"كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "فتهتدون تعنى تتقون والمعنى واحتموا بطاعة دين الله ولا تختلفوا فيه واعلموا فضل الله عليكم حين كنتم كارهين لبعضكم فآنس بين نفوسكم فأصبحتم بفضله أحباء وكنتم على طاعة دين يدخلكم النار فأنجاكم منها هكذا يوضح الله لكم أحكامه لعلكم تطيعون ،يطلب الله من المؤمنين أن يعتصموا بحبل الله والمراد أن يتمسكوا بطاعة حكم الله وفسر هذا بأن طلب منهم ألا يتفرقوا أى ألا يتركوا حكم الله وطلب منهم أن يذكروا نعمة الله عليهم والمراد أن يعلموا رحمة الله بهم إذ كانوا أعداء أى كارهين لبعضهم البعض فألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا والمراد فوفق بين نفوسهم عندما اختاروا كلهم الإسلام دينا لهم فأصبحوا فى دين الله إخوة متحابين وبين لهم أنهم كانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم منها والمراد أنهم كانوا على طاعة دين يدخلهم الجحيم فأنجاهم الله من الجحيم بإسلامهم ،ويبين الله لهم أنه يبين لهم آياته والمراد يفصل لهم الأحكام والسبب هو أن يهتدوا أى يطيعوا الأحكام ليدخلوا الجنة .
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة النور"فأولئك هم الفائزون "فالمفلحون هم الفائزون والمعنى ولتتواجد منكم جماعة تنادى إلى الصلاح أى يطالبون بالخير ويزجرون عن الشر وأولئك هم الفائزون بالرحمة ،يطلب الله من المؤمنين أن يكونوا أمة والمراد يشكلوا فريق منهم تكون مهمته هى أن يدعو إلى الخير والمراد أن يرغب فى الإسلام وفسر الله مهمة الفريق بأنهم يأمرون بالمعروف أى يطالبون الآخرين بعمل الصالحات وينهون عن المنكر والمراد ويزجرون الآخرين عن الشر والمراد يطلبون من الناس البعد عن الجرائم ويبين الله لنا أن المؤمنين هم المفلحون أى الفائزون برحمة الله فى الدنيا والآخرة والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده .
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "ولا تكونوا أول كافر به"فالذين تفرقوا هم الكفار وقوله بسورة آل عمران"من بعد ما جاءهم العلم"فالبينات هى العلم وقوله بسورة الحج"فأولئك لهم عذاب مهين"فالعظيم هو المهين والمعنى ولا تصبحوا كالذين كفروا أى كذبوا من بعد ما أتاهم العلم وأولئك لهم عقاب كبير ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالذين تفرقوا وفسرهم بأنهم الذين اختلفوا والمراد ألا يصبحوا كالذين كذبوا حكم الله أى كفروا به من بعد ما جاءهم البينات والمراد من بعد ما نزل عليهم حكم الله ويبين لهم أن المختلفين لهم عذاب عظيم أى عقاب شديد بسبب الإختلاف.
"يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خالدون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة عبس"وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة"فابيضاض الوجوه هو اسفارها هو ضحكها هو استبشارها واسوداد الوجوه هو الإغتبار هو الرهق من القترة وقوله بسورة البقرة "أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون"فرحمة الله هى الجنة وقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"ماكثين فيه تفسر خالدون والمعنى يوم تفرح نفوس وتغتم نفوس فأما الذين اغتمت أنفسهم أكذبتم بعد إسلامكم فادخلوا النار بالذى كنتم تكذبون وأما الذين سعدت نفوسهم ففى جنة الله هم فيها باقون لا يخرجون،يبين الله أن الكفار لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه أى يوم تسعد بعض النفوس ويوم تسود وجوه أى ويوم تغتم نفوس الأخرين فأما الذين اسودت وجوههم وهم الذين ذلت نفوسهم فتقول الملائكة لهم :أكفرتم بعد إيمانكم أى هل كذبتم بعد تصديقكم والغرض من السؤال هو إخبارهم أنهم كفار بحكم الله ويقولون لهم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أى فادخلوا النار بالذى كنتم تكذبون ،وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خالدون والمراد وأما الذين سعدت نفوسهم ففى جنة الله هم فيها ماكثون لا يخرجون دوما .
"تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة غافر"وما الله يريد ظلما للعباد"فالعالمين هم العباد والمعنى تلك أحكام الله نبلغها لك بالعدل وما الله يحب نقصا لحق العباد،يبين الله لرسوله(ص) أن تلك والمراد ما سبق من الآيات –وهى محذوفة لأن ما سبق من آيات يخاطب المؤمنين والمفروض هو أن آيات الله المذكورة هنا مخاطب بها النبى(ص) وحده-هى آيات أى أحكام الله يتلوها عليه بالحق والمراد يبلغها له فيها العدل ويبين لهم أن الله لا يريد ظلما للعالمين أى وما الله يحب نقص لحق العباد .
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وإلى الله ترجع الأمور"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "ولله ملك السموات والأرض"وقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور"فما فى السموات والأرض هو ملكه للسموات والأرض ومعنى ترجع تصير والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وإلى جزاء الله تعود المخلوقات ،يبين الله لرسوله(ص) أن الله يملك التصرف فى مخلوقات السموات والأرض كيف يريد وإلى الله ترجع الأمور والمراد أن المخلوقات تعود إلى جزاء الله ثوابا أو عقابا والخطاب هنا للنبى(ص).
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو أمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"وكذلك جعلناكم أمة وسطا "فخير أمة هى الأمة الوسط وقوله بسورة النساء"فمنهم من أمن به ومنهم من صد عنه"فالمؤمنون من أمن بالكتاب والفاسقون هم من صدوا عنه وقوله بسورة النساء"ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا "فأمن هى فعلوا ما يوعظون به والمعنى كنتم أحسن جماعة أرسلت للبشر تحكمون بالعدل أى تبعدون عن الظلم وتصدقون بحكم الله ولو صدق أصحاب الوحى السابق لكان أفضل لهم منهم المصدقون ومعظمهم الكافرون ،يبين الله للمؤمنين أنهم خير أمة أخرجت للناس والمراد أنهم أفضل جماعة أرسلت لدعوة الخلق للحق وهذا يعنى أن كل الأمة خوارج أى رسل لله على قدر علمهم بالإسلام وهم يأمرون بالمعروف أى يعملون بالحق وينهون عن المنكر والمراد ويبعدون عن عمل الباطل وهم يؤمنون بالله أى يصدقون بحكم الله الذى يعملون به ،ويبين الله لنا أن أهل الكتاب لو آمنوا والمراد أن أصحاب الوحى السابق لو صدقوا وحى الله لكان خيرا لهم أى أفضل فى الثواب لهم ،ويبين الله لنا أن أهل الكتاب ينقسمون إلى المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله والفاسقون وهم المكذبون بحكم الله وهم أكثر أى معظم أهل الكتاب والخطاب هنا وما بعده وما بعده للمؤمنين وهو محذوف.
"لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا "فالضرر وهو الأذى هنا هو الكلام المسموع والمعنى لن يؤذوكم إلا كلاما وإن يحاربوكم يعطوكم الظهور ثم لا يغلبون ،يبين الله للمؤمنين أن أهل الكتاب وهم هنا اليهود لن يضروهم إلا أذى والمراد لن يؤذوهم سوى بالكلام ولو فرض وقاتلوهم أى وحاربوهم فالنتيجة هى أن يولوهم الأدبار والمراد أن يهربوا حيث يعطوا ظهورهم للحرب فيتركونها ومن ثم لا ينصرون أى لا يغلبون المسلمين وإنما ينهزمون .