"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "قوله وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا "يعنى وحين يقيم إبراهيم (ص)الجدران للقبلة وإسماعيل (ص)إلهنا إرض عنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وقت رفعهما القواعد وهو وقت تعلية الجدران للقبلة دعوا معا فقالا لله:تقبل منا أى إرض عن عملنا وقوله "إنك أنت السميع العليم "يعنى إنك أنت الخبير المحيط ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قالا فى الدعاء:إنك أنت السميع العليم فالسميع هو العارف لكل شىء ومثله العليم أى المحيط بكل أمر فى الكون ومعنى الآية وحين يقيم إبراهيم (ص)جدران القبلة وإسماعيل(ص)إلهنا إرض عن عملنا إنك أنت الخبير المحيط .
"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "قوله "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "يعنى إلهنا وأدمنا مطيعين لك ومن نسلنا جماعة مطيعة لك ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)طلبا من الله أن يجعلهم مسلمين له والمراد أن يحييهم مطيعين لحكمه فى الدنيا وطلبا أن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة والمراد أن يخلق من نسلهم جماعة مطيعة لوحى الله ،وقوله "وأرنا مناسكنا وتب علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"فالتوبة عليهم هى العفو عنهم هى الغفران لهم هى رحمتهم والمعنى وعلمنا أحكامنا واغفر لنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا فى الدعاء من الله أن يريهم مناسكهم أى يعرفهم أحكام دينهم حتى يطيعوها وطلبوا منه أن يتوب عليهم أى يغفر لهم أى يرحمهم وقوله " إنك أنت التواب الرحيم"يفسره قوله بسورة غافر"غافر الذنب وقابل التوب"وقوله بسورة الأحزاب"وكان بالمؤمنين رحيما "فالتواب هو غافر الذنب هو قابل التوب أى العودة لله والرحيم هو الذى يرأف بالمؤمنين والمعنى إنك أنت الغفور الرءوف ،يبين الله لنا أنهما قالا فى الدعاء:إنك أنت الغفور الرءوف إشارة إلى أنه يغفر لمن يتوب من ذنبه ويرحمه ومعنى الآية إلهنا وأحينا مطيعين لحكمك ومن نسلنا جماعة مطيعة لحكمك وعرفنا أحكامك واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرءوف.
"ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم"قوله "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم "يعنى إلهنا وأرسل لهم نبيا منهم ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا من الله أن يبعث لذريتهم رسولا منهم وهذا معناه أن يبعث فى نسلهم نبيا من أنفسهم والسبب"أن يتلوا عليهم آياتك"ويفسره قوله بسورة البينة "يتلوا صحفا مطهرة"فالآيات هى الصحف المطهرة وفسره الله بقوله بعده"ويعلمهم الكتاب والحكمة "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة أى الوحى وفسرهما بقوله بعده "ويزكيهم "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة هو تزكية القوم وهو تطهيرهم من الذنوب عن طريق طاعتهم للكتاب ،وقوله "إنك أنت العزيز الحكيم"يعنى إنك أنت الناصر القاضى ،يبين الله لنا على لسان الرسولين (ص)أنه هو الذى يعز خلقه أى ينصر مطيعيه وهو الذى يحكم أى يقضى بين الخلق ومعنى الآية إلهنا وأرسل فيهم مبعوثا منهم يبلغهم أحكامك أى يعرفهم الوحى أى حكم الله أى يطهرهم من الذنوب إنك أنت الناصر القاضى .
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"قوله "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"يفسره قوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين"فالرغبة عن ملة إبراهيم (ص)هى ابتغاء دين غير الإسلام وتسفيه النفس هو جعلها من الخاسرين فى الأخرة والمعنى ومن يعرض عن دين إبراهيم(ص)إلا من خسر نفسه ،يبين الله لنا أن من يتبع ملة غير ملة إبراهيم (ص)هو سفيه أى مجنون بجعل نفسه خاسرة ،وقوله"ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "يفسره قوله بسورة النحل"وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"فاصطفاء إبراهيم (ص)فى الدنيا هو الحسنة التى أعطاها الله له ويفسره قوله بسورة العنكبوت"وأتيناه أجره فى الدنيا"والاصطفاء وما تبعه من نصر هو أجره فى الدنيا والمعنى ولقد اخترناه فى الأولى وإنه فى القيامة لمن المنعمين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قد اصطفاه أى اختاره نبيا فى الأولى وهذا هو أجره وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المحسنين الذين ينعمون فى الجنة ومعنى الآية :ومن يترك دين إبراهيم (ص)إلا من خسر نفسه ولقد اخترناه فى الأولى نبيا وإنه فى القيامة من المنعمين فى الجنة ،والخطاب فى أول الآية للناس وبقيتها "ولقد اصطفيناه .. "للمؤمنين والقول جزء من آيتين حذف من كل منهما جزء والمحذوف من الآية الأولى معناه ومن يرغب فى ملة إبراهيم(ص)هو العاقل .
"إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"يفسره قوله بسورة الشورى "وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فقوله أسلم هو قوله أقيموا الدين والمعنى وحين قال له إلهه أطع قال أطعت إله الكل ،يبين الله لنا أنه أوحى لإبراهيم (ص)أسلم أى أطع حكمى فكان رد إبراهيم (ص)أسلمت لرب العالمين أى أطعت حكم إله الكل وهذا معناه أنه يقر بأن الله وحده هو المستحق للطاعة من كل خلقه والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم (ص) وما بعده .
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وقوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون إلا أنتم مسلمون "فاصطفاء الله للدين هو رضاء الله الإسلام لنا دينا والموت مسلمين هو الموت مؤمنين والمعنى ونصح بها إبراهيم (ص)أولاده وإسرائيل أولاده إن الله اختار لكم الحكم فلا تتوفون إلا وأنتم مطيعون لحكم الله،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)نصح أولاده وكذلك نصح يعقوب (ص)أولاده بالنصيحة التالية أن الله اختار لهم الدين وهو الإسلام ومن ثم فواجبهم هو الموت وهم مطيعون لهذا الدين .
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون "المعنى هل كنتم حضور حين جاءت إسرائيل الوفاة فقال لأولاده ما تطيعون من بعد وفاتى قالوا نطيع ربك ورب أبائك إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ربا واحدا ونحن له مطيعون ؟يسأل الله أهل الكتاب هل كنتم أحياء لما أتى يعقوب (ص)الموت؟والغرض من السؤال هو إثبات خطأ قولهم أن يعقوب(ص)كان يهوديا أو نصرانيا فالله يخبرهم أنهم ما داموا لم يكونوا أحياء وقت وفاته فهم لا يعلمون دينه الحق ،ويبين الله لنا أن أولاد يعقوب(ص)لما سألهم عن الإله الذى يعبدون بعد وفاته ردوا قائلين أن إلههم هو إله الأباء إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)وأعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لحكم الله وحده الذى هو واحد ليس له شريك فى ملكه والخطاب لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك جماعة قد مضت لها جزاء ما عملت ولكم جزاء ما عملتم ولا تحاسبون على ما كانوا يصنعون ،يبين الله للمسلمين أن إبراهيم (ص)وأولاده هم أمة قد خلت أى انتهى عهدهم ولهم كسبهم أى جزاء عملهم وهو الجنة لمن أسلم ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا عند الله ولا نسأل عما كانوا يعملون أى لا يحاسبنا على أعمال القوم سواء بجنة أو نار ،والخطاب لأهل الكتاب.
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "قوله "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "يفسره قوله بنفس السورة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى"فالاهتداء هو دخول الجنة فى زعم القوم لليهود وحدهم أو للنصارى وحدهم والمعنى وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،يبين الله لنا أن اليهود زعموا أن اليهودى يهتدى أى يرحم أى يثاب أى يدخل الجنة وحده وزعمت النصارى أن من كان نصرانيا قد اهتدى أى رحم أى دخل الجنة وحده وقوله "بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "يفسره قوله بسورة آل عمران"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما"فالمهتدى عند الله هو متبع ملة إبراهيم (ص)الذى ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا والمعنى المهتدى هو متبع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،يبين الله لنا أن المهتدى هو متبع ملة إبراهيم (ص)حنيفا أى مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما نفسه لله ولم يكن إبراهيم (ص)يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وإنما كان مسلما ومعنى الآية وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،قل المرحوم مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "يفسر الآية قوله بسورة العنكبوت "وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وما أنزل إليكم "وقوله بسورة آل عمران"فأمنوا بالله ورسله"وقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون "فالإيمان بالله ورسله هو الإيمان بما أنزل على كل الرسل (ص)ومسلمون تعنى عابدون والمعنى قولوا صدقنا بوحى الله أى ما أوحى إلى المسلمين وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد عليهم الصلاة والسلام وما أوحى لموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام والذى أوحى للرسل(ص)الأخرين من إلههم لا نميز بين أحد منهم ونحن له مطيعون،يطلب الله من أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالله أى تصديقهم بوحى الله وهو ما فسره بأنه المنزل على كل الرسل (ص)المذكورين فى الآية وغير المذكورين ويطلب منهم عدم تفرقتهم بين الرسل(ص)والمراد أن يصدقوا بهم جميعا فلا يكفروا ببعض منهم ويصدقوا ببعض منهم ويطلب منهم أن يعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لوحى الله ،والخطاب لأهل الكتاب.
"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "قوله "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "يعنى إلهنا وأدمنا مطيعين لك ومن نسلنا جماعة مطيعة لك ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)طلبا من الله أن يجعلهم مسلمين له والمراد أن يحييهم مطيعين لحكمه فى الدنيا وطلبا أن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة والمراد أن يخلق من نسلهم جماعة مطيعة لوحى الله ،وقوله "وأرنا مناسكنا وتب علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"فالتوبة عليهم هى العفو عنهم هى الغفران لهم هى رحمتهم والمعنى وعلمنا أحكامنا واغفر لنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا فى الدعاء من الله أن يريهم مناسكهم أى يعرفهم أحكام دينهم حتى يطيعوها وطلبوا منه أن يتوب عليهم أى يغفر لهم أى يرحمهم وقوله " إنك أنت التواب الرحيم"يفسره قوله بسورة غافر"غافر الذنب وقابل التوب"وقوله بسورة الأحزاب"وكان بالمؤمنين رحيما "فالتواب هو غافر الذنب هو قابل التوب أى العودة لله والرحيم هو الذى يرأف بالمؤمنين والمعنى إنك أنت الغفور الرءوف ،يبين الله لنا أنهما قالا فى الدعاء:إنك أنت الغفور الرءوف إشارة إلى أنه يغفر لمن يتوب من ذنبه ويرحمه ومعنى الآية إلهنا وأحينا مطيعين لحكمك ومن نسلنا جماعة مطيعة لحكمك وعرفنا أحكامك واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرءوف.
"ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم"قوله "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم "يعنى إلهنا وأرسل لهم نبيا منهم ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا من الله أن يبعث لذريتهم رسولا منهم وهذا معناه أن يبعث فى نسلهم نبيا من أنفسهم والسبب"أن يتلوا عليهم آياتك"ويفسره قوله بسورة البينة "يتلوا صحفا مطهرة"فالآيات هى الصحف المطهرة وفسره الله بقوله بعده"ويعلمهم الكتاب والحكمة "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة أى الوحى وفسرهما بقوله بعده "ويزكيهم "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة هو تزكية القوم وهو تطهيرهم من الذنوب عن طريق طاعتهم للكتاب ،وقوله "إنك أنت العزيز الحكيم"يعنى إنك أنت الناصر القاضى ،يبين الله لنا على لسان الرسولين (ص)أنه هو الذى يعز خلقه أى ينصر مطيعيه وهو الذى يحكم أى يقضى بين الخلق ومعنى الآية إلهنا وأرسل فيهم مبعوثا منهم يبلغهم أحكامك أى يعرفهم الوحى أى حكم الله أى يطهرهم من الذنوب إنك أنت الناصر القاضى .
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"قوله "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"يفسره قوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين"فالرغبة عن ملة إبراهيم (ص)هى ابتغاء دين غير الإسلام وتسفيه النفس هو جعلها من الخاسرين فى الأخرة والمعنى ومن يعرض عن دين إبراهيم(ص)إلا من خسر نفسه ،يبين الله لنا أن من يتبع ملة غير ملة إبراهيم (ص)هو سفيه أى مجنون بجعل نفسه خاسرة ،وقوله"ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "يفسره قوله بسورة النحل"وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"فاصطفاء إبراهيم (ص)فى الدنيا هو الحسنة التى أعطاها الله له ويفسره قوله بسورة العنكبوت"وأتيناه أجره فى الدنيا"والاصطفاء وما تبعه من نصر هو أجره فى الدنيا والمعنى ولقد اخترناه فى الأولى وإنه فى القيامة لمن المنعمين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قد اصطفاه أى اختاره نبيا فى الأولى وهذا هو أجره وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المحسنين الذين ينعمون فى الجنة ومعنى الآية :ومن يترك دين إبراهيم (ص)إلا من خسر نفسه ولقد اخترناه فى الأولى نبيا وإنه فى القيامة من المنعمين فى الجنة ،والخطاب فى أول الآية للناس وبقيتها "ولقد اصطفيناه .. "للمؤمنين والقول جزء من آيتين حذف من كل منهما جزء والمحذوف من الآية الأولى معناه ومن يرغب فى ملة إبراهيم(ص)هو العاقل .
"إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"يفسره قوله بسورة الشورى "وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فقوله أسلم هو قوله أقيموا الدين والمعنى وحين قال له إلهه أطع قال أطعت إله الكل ،يبين الله لنا أنه أوحى لإبراهيم (ص)أسلم أى أطع حكمى فكان رد إبراهيم (ص)أسلمت لرب العالمين أى أطعت حكم إله الكل وهذا معناه أنه يقر بأن الله وحده هو المستحق للطاعة من كل خلقه والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم (ص) وما بعده .
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وقوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون إلا أنتم مسلمون "فاصطفاء الله للدين هو رضاء الله الإسلام لنا دينا والموت مسلمين هو الموت مؤمنين والمعنى ونصح بها إبراهيم (ص)أولاده وإسرائيل أولاده إن الله اختار لكم الحكم فلا تتوفون إلا وأنتم مطيعون لحكم الله،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)نصح أولاده وكذلك نصح يعقوب (ص)أولاده بالنصيحة التالية أن الله اختار لهم الدين وهو الإسلام ومن ثم فواجبهم هو الموت وهم مطيعون لهذا الدين .
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون "المعنى هل كنتم حضور حين جاءت إسرائيل الوفاة فقال لأولاده ما تطيعون من بعد وفاتى قالوا نطيع ربك ورب أبائك إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ربا واحدا ونحن له مطيعون ؟يسأل الله أهل الكتاب هل كنتم أحياء لما أتى يعقوب (ص)الموت؟والغرض من السؤال هو إثبات خطأ قولهم أن يعقوب(ص)كان يهوديا أو نصرانيا فالله يخبرهم أنهم ما داموا لم يكونوا أحياء وقت وفاته فهم لا يعلمون دينه الحق ،ويبين الله لنا أن أولاد يعقوب(ص)لما سألهم عن الإله الذى يعبدون بعد وفاته ردوا قائلين أن إلههم هو إله الأباء إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)وأعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لحكم الله وحده الذى هو واحد ليس له شريك فى ملكه والخطاب لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك جماعة قد مضت لها جزاء ما عملت ولكم جزاء ما عملتم ولا تحاسبون على ما كانوا يصنعون ،يبين الله للمسلمين أن إبراهيم (ص)وأولاده هم أمة قد خلت أى انتهى عهدهم ولهم كسبهم أى جزاء عملهم وهو الجنة لمن أسلم ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا عند الله ولا نسأل عما كانوا يعملون أى لا يحاسبنا على أعمال القوم سواء بجنة أو نار ،والخطاب لأهل الكتاب.
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "قوله "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "يفسره قوله بنفس السورة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى"فالاهتداء هو دخول الجنة فى زعم القوم لليهود وحدهم أو للنصارى وحدهم والمعنى وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،يبين الله لنا أن اليهود زعموا أن اليهودى يهتدى أى يرحم أى يثاب أى يدخل الجنة وحده وزعمت النصارى أن من كان نصرانيا قد اهتدى أى رحم أى دخل الجنة وحده وقوله "بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "يفسره قوله بسورة آل عمران"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما"فالمهتدى عند الله هو متبع ملة إبراهيم (ص)الذى ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا والمعنى المهتدى هو متبع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،يبين الله لنا أن المهتدى هو متبع ملة إبراهيم (ص)حنيفا أى مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما نفسه لله ولم يكن إبراهيم (ص)يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وإنما كان مسلما ومعنى الآية وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،قل المرحوم مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "يفسر الآية قوله بسورة العنكبوت "وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وما أنزل إليكم "وقوله بسورة آل عمران"فأمنوا بالله ورسله"وقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون "فالإيمان بالله ورسله هو الإيمان بما أنزل على كل الرسل (ص)ومسلمون تعنى عابدون والمعنى قولوا صدقنا بوحى الله أى ما أوحى إلى المسلمين وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد عليهم الصلاة والسلام وما أوحى لموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام والذى أوحى للرسل(ص)الأخرين من إلههم لا نميز بين أحد منهم ونحن له مطيعون،يطلب الله من أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالله أى تصديقهم بوحى الله وهو ما فسره بأنه المنزل على كل الرسل (ص)المذكورين فى الآية وغير المذكورين ويطلب منهم عدم تفرقتهم بين الرسل(ص)والمراد أن يصدقوا بهم جميعا فلا يكفروا ببعض منهم ويصدقوا ببعض منهم ويطلب منهم أن يعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لوحى الله ،والخطاب لأهل الكتاب.