"لقد كان لسبأ فى مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشىء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى إلا الكفور "المعنى لقد كان لسبأ فى بلدهم علامة حديقتان عن يمين وشمال اطعموا من نفع إلهكم وأطيعوه قرية مسلمة وإله نافع فكفروا فبعثنا عليهم فيضان النهر وغيرناهم بحديقتيهم حديقتين ذواتى طعام خمط وطرفاء وشىء من نبق قليل ذلك عاقبناهم بما كذبوا وهل نعاقب سوى الكذوب؟يبين الله لنبيه(ص)أنه كان لسبأ وهى بلد آية فى مسكنهم والمراد علامة دالة على قدرة الله هى جنتان عن يمين وشمال والمراد حديقتان عن يمين نهر البلدة وشمال نهر البلدة وقال لهم فى وحيه :كلوا من رزق ربكم أى خذوا من نفع خالقكم واشكروا له أى وأطيعوا حكمه بلدة طيبة أى أهل قرية مسلمون ورب غفور أى وإله عفو أى نافع للمطيعين ،فكانت النتيجة أن أعرضوا أى كفروا بحكم الله فأرسل عليهم سيل العرم والمراد فبعث لهم فيضان النهر فدمر الحديقتين تدميرا فكانت النتيجة أن بعد أن انحصر الفيضان المدمر أن بدلهم بجنتيهم جنتين أى والمراد جعلهم يغيرون زرع الحديقتين بزرع أخر وهو أكل خمط أى طعام خمط وهو عند البعض نبات القات،الأثل وهو شجر الطرفاء عند بعض الناس،والسدر القليل وهو عند بعض الناس النبات المسمى النبق ووجوده هناك قليل والله أعلم بنوعية هذه النباتات والسبب هو أنه جزاهم بما كفروا أى عاقبهم على تكذيبهم لحكمه ويسأل الله وهل نجازى إلا الكفور والمراد وهل نعاقب أى نهلك سوى الكذوب أى الظالم والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن المجازى وهو الهالك هو الكفور أى الظالم مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهل يهلك إلا القوم الظالمون" .
"وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور "المعنى ووضعنا بين أهل سبأ وبين البلاد التى قدسناها بلاد متتابعة وسهلنا فيها السفر سافروا فيها ليالى وأياما مطمئنين فقالوا إلهنا زد بين مسافاتنا وبخسوا أنفسهم فجعلناهم عظات وأهلكناهم كل إهلاك إن فى ذلك لعبر لكل مطيع متبع ،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل أى وضع بين أهل سبأ وبين القرى التى بارك فيها والمراد وبين البلاد التى قدسها وهى القدس أى مكة قرى ظاهرة أى بلدات متتابعة وهذا يعنى أن الطريق من سبأ إلى القدس وهى مكة كان ملىء بالقرى العامرة وبين كل قرية والأخرى مسافة قريبة وقد قدر فيها السير والمراد وقد حدد الله فيها السفر والمراد أن الله قد سهل فى الطرق بين البلدات السفر وقال للقوم :سيروا فيها ليالى وأياما أمنين والمراد سافروا بينها ليالى وأياما مطمئنين وهذا يعنى أن الطرق كانت سليمة بعيدة عن الأخطار ولذا قال أهل سبأ ربنا باعد بين أسفارنا والمراد إلهنا زد بين مسافاتنا وهذا يعنى أن يجعل المسافة بين كل مرحلة والأخرى مسافة طويلة وبالطبع هذا كفران بنعمة الراحة فى السفر وبذلك ظلموا أنفسهم أى بخسوا حق أنفسهم حيث كفروا بحكم الله فكانت النتيجة هى أن جعلهم الله أحاديث والمراد جعلهم قصص تروى وقد مزقهم كل ممزق والمراد وقد دمرهم كل تدمير وهذا يعنى أن الله لم يترك كافر واحد منهم على قيد الحياة وفيما حدث لأهل سبأ آيات والمراد عظات أى عبر لكل صبار شكور والمراد طائع متبع لحكم الله .
"ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو فى شك وربك على كل شىء حفيظ"المعنى ولقد حق فيهم إبليس قوله فأطاعوه إلا جمعا من المصدقين وما كان له عليهم من قدرة إلا لنعرف من يصدق بالقيامة ممن هو فى تكذيب وإلهك على كل أمر وكيل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ظن إبليس وهو قول إبليس لله عند رفضه السجود لآدم(ص)أنه سيضل الكثير من الناس صدق فى أهل سبأ والمراد تحقق فى أهل سبأ فاتبعوه أى فأطاعوا حكم الباطل إلا فريقا من المؤمنين أى إلا بعضا من المصدقين بحكم الله ويبين له أن ما كان للشيطان وهو الهوى الضال من سلطان أى سلطة أى قدرة تجبرهم على طاعته ويبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل وحيه للقوم ليعلم أى ليميز من يؤمن بالآخرة وهو من يصدق بالقيامة ممن هو فى شك والمراد من هو فى تكذيب لها ويبين له أن ربه على كل شىء حفيظ أى على كل مخلوق وكيل أى حامى لهم .
"قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير "المعنى قل نادوا الذين افتريتم من سوى الرب لا يحكمون قدر ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من جزء وما له منهم من مساعد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار:ادعوا الذين زعمتم من دون الله والمراد نادوا الذين اخترعتم من سوى الرب والغرض من الطلب أن يعلموا أن الآلهة المزعومة لن تستجيب للنداء ،لا يملكون مثقال ذرة والمراد لا يحكمون قدر ذرة فى السموات والأرض أى ما لهم فيهما من جزء وما له من مخلوق وهذا يعنى أنهم ليس لهم خلق فى السموات والأرض والمراد ليس لله شريك فى ملكه وليس لهم منهم ظهير أى ولى ينصره من الذل مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير "المعنى ولا يفيد الكلام لديه إلا من سمح له حتى إذا كشف عن أنفسهم قالوا ماذا قال إلهكم قالوا العدل وهو الكبير العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الشفاعة وهى الكلام عند أى لدى الله فى الآخرة لا يكون إلا لمن أذن له أى سمح أى رضى له قولا مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "حتى إذا فزع عن قلوبهم والمراد حتى إذا كشف عن الذى فى أنفسهم قالت الملائكة للكفار ماذا قال ربكم أى إلهكم ؟قالوا الحق وهو الصدق أى العدل وهو العلى الكبير والمراد الكبير العظيم وهذا إقرار منهم بصدق الوحى .
"قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين "المعنى قل من يعطيكم من السموات والأرض قل الرب وإنا أو إياكم لعلى حق أو على كفر عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار من يرزقكم أى يعطيكم النفع من السموات والأرض؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :الله رازقنا وهو الرب وإنا أو إياكم لعلى هدى أى حق وهو دين الله أو ضلال مبين أى كفر ظاهر بدين الله وهذا يعنى أنه يخبرهم أن أحد الفريقين على الحق والآخر على الباطل والخطاب للنبى(ص).
"قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون"المعنى قل لا تحاسبون على ما عملنا ولا نحاسب عن الذى تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :لا تسألون عما أجرمنا والمراد لا تحاسبون عن الذى فعلنا فى الدنيا ولا نسئل عما تعملون أى ولا نحاسب عن الذى تفعلون ،وهذا يعنى أن كل واحد يزر جزاء عمله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "والخطاب للنبى (ص) وما قبله ومنه للناس.
"قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم "المعنى قل يحشرنا إلهنا ثم يحكم بيننا بالعدل وهو القاضى الخبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس يجمع بيننا ربنا والمراد يبعثنا كلنا إلهنا ثم يفتح بيننا بالحق أى ثم يقضى بيننا بالحكم العادل مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو الفتاح العليم والمراد وهو القاضى العليم بكل شىء وهذا يعنى إخبارهم بحدوث البعث والجزاء فى الآخرة .
" قل أرونى الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم "المعنى قل أعلمونى بخلق الذين جعلتم معه أندادا ،حقا هو الرب الناصر القاضى ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار :أرونى الذين ألحقتم به شركاء والمراد أعلمونى ماذا خلق الذين جعلتم له أنداد فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماء"،ويبين لهم أن كلا وهى الحقيقة هو أن الله وحده الإله وهو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله له.
"وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وما بعثناك إلا رحمة للخلق مبلغا أى مخبرا ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسله إلا كافة للناس والمراد ما بعثه إلا رحمة مانعة للخلق من العذاب الربانى مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "بشيرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى لهم حتى يطيعوه فيمنعوا العذاب عن أنفسهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكمه أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "المعنى ويسألون متى هذا القول إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقولون أى يسألون بسخرية :متى هذا الوعد أى "متى هذا الفتح" كما قال بسورة السجدة وهو القيامة إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم بوقوعها.
"قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون "المعنى قل لكم ميقات يوم لا تستأجلون عنه ساعة ولا تقربون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار ردا على سؤالهم :لكم ميعاد يوم والمراد لكم ميقات يوم محدد لدى الله لا تستأخرون عنه ساعة والمراد لا تموتون بعده بساعة ولا تستقدمون أى لا تسبقونه بساعة وهذا يعنى أن الموعد لا يتغير بالتقديم أو بالتأخير والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين "المعنى وقال الذين كذبوا لن نصدق بهذا الكتاب ولا بالذى سبقه ولو تشاهد إذا الكافرون جاثون لدى خالقهم يعيد بعضهم إلى بعض الحديث يقول الذين استذلوا للذين استعظموا لولا أنتم لكنا مصدقين ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه والمراد لن نوقن بالكتاب وهو الوحى المنزل عليك ولا بالذى سبقه من الوحى المنزل على الرسل (ص)السابقين ،ويبين له أنه لو يرى الظالمون موقوفون عند ربهم والمراد لو يشاهد الكافرون جاثون فى نار ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول أى يرد بعضهم على بعض الحديث حيث يقول الذين استضعفوا أى استذلوا وهم الذين اتبعوا السادة للذين استكبروا وهم الذين استعظموا أى تسيدوا عليهم لولا أنتم لكنا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله.
"قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين "المعنى قال الذين استعظموا للذين استذلوا أنحن رددناكم عن الحق بعد إذ أتاكم بل كنتم كافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله قالوا للذين استضعفوا أى استذلوا :أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم والمراد هل نحن أبعدناكم عن العدل بعد إذ أبلغ لكم ؟بل كنتم مجرمين أى كافرين وهذا يعنى أنهم ينفون أنهم أبعدوهم عن طاعة الحق وأن الأتباع بعدوا بأنفسهم وليس جبرا أو خداعا .
"وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" المعنى وقال الذين استذلوا للذين استعظموا بل كيد الليل والنهار حين توصونا أن نكذب بالرب ونعبد معه شركاء وأخفوا الحسرة لما شهدوا العقاب وجعلنا القيود فى رقاب الذين كذبوا هل يعطون إلا بما كانوا يفعلون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استضعفوا وهم الذين اتبعوا السادة قالوا للذين استكبروا أى استعظموا وهم السادة والكبراء :بل مكر أى كيد الليل والنهار والمراد إنكم كنتم تخدعوننا يوميا إذ تأمروننا أن نكفر بالله والمراد حين توصوننا أن نكذب بدين الله وفسروا هذا بقوله وهو الكفر ونجعل لله أندادا أى نعبد مع الرب شركاء مزعومين،وهذا يعنى إصرارهم على أن الكبار هم الذين أضلوهم ،ولما رأى الكفار العذاب والمراد ولما شاهدوا النار أسروا الندامة أى أخفوا الحسرة وهى الغم فى قلوبهم وقد جعل الله الأغلال فى أعناق الذين كفروا والمراد وقد ربطت ملائكة الله الأصفاد وهى السلاسل فى رقاب الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وترى المجرمين مقرنين فى الأصفاد"ويسأل الله هل يجزون إلا ما كانوا يعملون والمراد هل يدخلون سوى عقاب ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون" والخطاب للنبى (ص)وما قبله وما بعده .
"وما أرسلنا فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين "المعنى وما بعثنا فى بلدة من رسول إلا قال سادتها إنا للذى بعثتم به مكذبون وقالوا نحن أعظم أملاكا وعيالا وما نحن بمعاقبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسل فى قرية من نذير والمراد ما بعث فى أهل بلدة من رسول أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما أرسلنا من رسول "إلا قال مترفوها أى سادة البلدة للرسول(ص)إنا بما أرسلتم به كافرون والمراد إنا للذى بعثتم به مكذبون وهذا يعنى رفضهم لحكم الله وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا والمراد نحن أعظم أملاكا وعيالا منكم وهذا فى رأيهم يعنى أنهم أفضل دينا منهم وما نحن بمعذبين أى وما نحن بمعاقبين وإنما ساكنى الحسنى إن كان هناك آخرة مصداق لقول الكافر بسورة فصلت"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل إن إلهى يكثر العطاء لمن يريد ويقلل ولكن معظم الخلق لا يطيعون الله ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقص لمن يريد ولكن أكثر الناس لا يعلمون أى ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون" والخطاب للنبى(ص).
"وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم فى الغرفات آمنون "المعنى وما أملاككم ولا عيالكم بالتى تعطيكم لدينا ثوابا ،أما من صدق وفعل حسنا فأولئك لهم ثواب الجنة بما أحسنوا أى هم فى الجنات مطمئنون،يبين الله للناس أن أموالهم وهى أملاكهم فى الدنيا وأولادهم وهم عيالهم لا تقربهم عند الله زلفى أى لا تعطيهم عند حساب الرب لهم ثوابا فهى لا تفيدهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا "،وأما من آمن وهو من صدق حكم الله وعمل صالحا أى فعل حسنا فأولئك لهم جزاء الضعف أى ثواب الحسنى وهى الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"فله جزاء الحسنى "والسبب ما عملوا أى ما أحسنوا فى دنياهم وفسر هذا بأنهم فى الغرفات آمنون والمراد فى الجنات مطمئنون أى سعيدون فرحون والخطاب للناس وما بعده.
"والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون"المعنى والذين يسيرون لأحكامنا معاندين أولئك فى النار معذبون ،يبين الله للناس أن الذين يسعون فى آيات الله معاجزين وهم الذين يسيرون لأحكام الله مخالفين لها أولئك فى العذب وهو العقاب محضرون أى معذبون أى مبلسون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "المعنى قل إنى إلهى يكثر العطاء لمن يريد وينقص له وما عملتم من حسن فهو يزيده وهو أحسن المعطين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يكثر الرزق لمن يشاء ويقدر له والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقصه له متى شاء ،وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه والمراد وما قدمتم من خير أى عمل صالح فهو يجازيه بالخير مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا"وهو خير الرازقين والمراد والله هو أحسن المعطين للثواب أى "وهو أرحم الراحمين"كما قال بسورة يوسف والخطاب للنبى (ص)ومنه للناس.
"ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"المعنى ويوم يبعثهم كلهم ثم يقول للملائكة أهؤلاء
إياكم كانوا يطيعون ؟قالوا الطاعة لك أنت ناصرنا من دونهم بل كانوا يطيعون الخفاة أغلبهم بهم مصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشرهم جميعا والمراد يوم يبعثهم أى يجمعهم كلهم مصداق لقوله بسورة التغابن "يوم يجمعكم"ثم يقول أى ويسأل الملائكة :أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون أى يطيعون أى يتبعون قولكم ؟فأجابوا :سبحانك أى الطاعة لقولك وحدك أنت ولينا من دونهم أى ناصرنا من سواهم ،بل كانوا يعبدون الجن أى بل كانوا يطيعون قول الخفاة وهم شهوات أنفسهم أى هواهم الخفى فى أنفسهم بينما المعلن هو عبادتهم لغير أنفسهم من الملائكة وسواهم ،أكثرهم بهم مؤمنون والمراد أغلب الناس مصدقون بألوهية أهواء أنفسهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون "المعنى فالآن لا يعطى بعضكم لبعض فائدة ولا أذى ونقول للذين كفروا ادخلوا عقاب جهنم التى كنتم بها تكفرون،يبين الله لنبيه (ص)أنه يقول للناس على لسان الملائكة فاليوم أى فالآن لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا والمراد لا يستطيع بعضكم لبعض فائدة ولا أذى وهذا يعنى أن لا أحد يقدر من الكفار على أن يعطى الآخر فائدة ولا يقدر على مسه بضرر ونقول للذين ظلموا وهم الذين كفروا :ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون والمراد ادخلوا عقاب الجحيم الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا .
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين "المعنى وإذ تبلغ لهم أحكامنا واضحات قالوا ما هذا إلا إنسان يحب أن يبعدكم عما كان يطيع آباؤكم وقالوا ما هذا إلا قول مخترع وقال الذين كذبوا للصدق لما بلغهم إن هذا خداع ظاهر،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات قالوا :ما هذا إلا رجل أى إنسان يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم والمراد يحب أن يبعدكم عما كان يتبع آباؤكم وهذا يعنى أن هدف النبى (ص)هو أن يجعلهم يتركون دين الأباء وهم بهذا يستعدون الأخرين على النبى (ص)بحجة أنه يعتبر آبائهم على الباطل أى مجانين ومن ثم فهم يريدون منهم أن يثأروا لهذا العيب فى الأباء،وقالوا عن الوحى ما هذا إلا إفك مفترى أى كذب مخترع من عند محمد ،والذين كفروا بالحق لما جاءهم أى الذين كذبوا بالوحى لما أتاهم فقالوا إن هذا إلا سحر مبين أى خداع عظيم وهم هنا يكذبون قولهم السابق فهم مرة اعتبروه إفك ومرة اعتبروه سحر وهذا دليل على تخبطهم فى الرد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير"المعنى وما أوحينا لهم من صحف يتعلمونها وما بعثنا لهم قبلك من مبلغ ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أتى الكفار من كتب يدرسونها والمراد ما أعطى الناس من صحف يتعلمونها حتى يردوا بهذا التكذيب عليه وما أرسلنا لهم من نذير من قبلك والمراد وما بعثنا للناس فى عصرك من مبلغ للوحى من قبلك وهذا ينفى بعث رسل أخرين فى عصر النبى (ص)للناس .
"وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما أتيناهم فكذبوا رسلى فكيف كان نكير "المعنى وكفر الذين من قبلهم وما وصلوا عشر ما أعطيناهم فكفروا بمبعوثى فكيف كان عقاب ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الناس من قبلهم كذبوا أى كفروا بحكم الله والمراد استهزءوا برسالات الرسل مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولقد استهزىء برسل من قبلك"والناس فى عهد النبى (ص)ما بلغوا معشار ما أتيناهم والمراد وما وصلوا فى قدر الرزق إلى عشر ما أعطى الله للأقوام السابقة وقد كذبوا رسل الله أى كفروا برسالات الأنبياء(ص)فكيف كان نكير أى "كيف كان عقاب "كما قال بسورة الرعد والغرض من السؤال إخبار الكل بعقاب الله للكفار حتى يعتبروا بما حدث لهم والخطاب للنبى (ص).
"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد"المعنى قل إنما أنصحكم بعمل هو أن تستيقظوا لله مثنى وواحدنا ثم تنظروا ما بصديقكم من سفه إن هو إلا مبلغ لكم أمامه عقاب عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أعظكم بواحدة والمراد إنما أنصحكم بأمر هو أن تقوموا لله مثنى وفرادى والمراد أن تستيقظوا ليلا طلبا لرحمة الله مثنى أى اثنين اثنين وفرادى أى وحدانا كل واحد بمفرده ثم تتفكروا والمراد وتنظروا ما بصاحبكم من جنة أى ما بصديقكم من سفه ،وهذا يعنى أنه يطلب منهم التفكير فى أنه عاقل وليس مجنونا ،إن أنا إلا نذير لكم والمراد مبلغ للوحى لكم بين يدى عذاب شديد والمراد أمامى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة آل عمران"عذاب مهين"وهذا يعنى أن العذاب سيقع للكفار فى عهده إن لم يؤمنوا برسالته ومن بعد عهده والخطاب للنبى(ص)حتى تتفكروا وما بعده جزء من قول أخر ربما أشبهه فى المعنى ولكنه ليس خطابا للنبى(ص)وإنما عنه فلو كان المتكلم لقال ما بى من جنة إنما أنا ولم يقل بضمير الغائب هو .
"قل ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شىء شهيد"المعنى قل ما طالبتكم عليه من مال فهو لكم إن ثوابى إلا من الرب وهو بكل أمر عليم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمؤمنين ما سألتكم عليه من أجر والمراد ما طالبتكم فى الإسلام بمال فهو لكم ،وهذا يعنى أن أى مال يطلب من المؤمنين فى الشريعة سوف يرد إليهم بعد ذلك بتوزيعه على مستحقيه الذى جاءوا فى أحكام الشريعة ،إن أجرى إلا من الله والمراد إن ثوابى من عند الله وهو على كل شىء شهيد والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للنبى(ص).
"قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب"المعنى قل إن خالقى يقول العدل عراف الخفايا قل أتى العدل وما يحيا الظلم أى ما يحكم قل إن كفرت فإنما أجنى على نفسى وإن أسلمت فبالذى يلقى لى من خالقى إنه عارف مجيب،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن ربى يقذف بالحق والمراد إن إلهى يقول العدل مصداق لقوله بسورة الأحزاب"والله يقول الحق "علام الغيوب أى عارف الخفايا وهى الأسرار مصداق لقوله بسورة الفرقان"يعلم السر فى السموات والأرض"،جاء الحق أى ظهر العدل مصداق لقوله بسورة التوبة "هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله "والمراد انتصر الوحى وما يبدىء الباطل وما يعيد والمراد وما يحيا الكفر وما يبعث وهذا يعنى أنه زهق أى مات مصداق لقوله بسورة الإسراء"وقل جاء الحق وزهق الباطل"وهذا يعنى أن حكم الباطل لم يعد يحكم فى عصر الرسول(ص)،إن ضللت فإنما أضل على نفسى والمراد إن كفرت فإنما أجنى على مصلحتى فى الآخرة والمراد فأجلب لنفسى العذاب وإن اهتديت أى وإن رحمت بالجنة فبما يوحى إلى ربى والمراد وإن دخلت الجنة فبسبب طاعتى الذى يلقى إلى إلهى إنه سميع قريب أى عارف مثيب لمطيعه والخطاب للنبى(ص).
"ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب "المعنى ولو تشاهد حين بعثوا فلا ترك وادخلوا فى مقام دانى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ فزعوا والمراد لو يشاهد وقت بعثوا للحياة فلا فوت أى فلا ترك أى مغادرة لأحد منهم مصداق لقوله بسورة الكهف "فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا" وأخذوا من مكان قريب والمراد وادخلوا النار من مكان دانى وهو أرض المحشر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد"المعنى وقالوا صدقنا به وكيف لهم الخروج من مكان دائم وقد كذبوا به من قبل ويرمون بالوحى من مكان قصى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا فى النار:آمنا به أى صدقنا بوقوع العذاب ويسأل الله وأنى لهم التناوش من مكان بعيد والمراد وكيف لهم الخروج من مكان أبدى ؟وهذا يعنى أن لا خروج لهم من النار مهما طال العمر بهم فيها وقد كفروا أى كذبوا بالعذاب من قبل أى فى الدنيا،هم يقذفون بالغيب من مكان بعيد والمراد وهم يبلغون بالوحى من مكان قصى وهو السماء فهى بعيدة عن الأرض حيث ينزل به جبريل (ص).
"وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا فى شك مريب "المعنى وحجز بينهم وبين الذى يحبون كما صنع بأنصارهم من قبل إنهم كانوا فى كفر عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار حيل بينهم وبين ما يشتهون والمراد حجز بينهم وبين الذى يحبون فى الآخرة بسور وهو متاع الجنة كما فعل بأشياعهم والمراد كما صنع الله بأنصارهم السابقين من قبل والسبب أنهم كانوا فى شك مريب أى فى تكذيب مستمر لحكم الله والخطاب للنبى(ص).
"وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور "المعنى ووضعنا بين أهل سبأ وبين البلاد التى قدسناها بلاد متتابعة وسهلنا فيها السفر سافروا فيها ليالى وأياما مطمئنين فقالوا إلهنا زد بين مسافاتنا وبخسوا أنفسهم فجعلناهم عظات وأهلكناهم كل إهلاك إن فى ذلك لعبر لكل مطيع متبع ،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل أى وضع بين أهل سبأ وبين القرى التى بارك فيها والمراد وبين البلاد التى قدسها وهى القدس أى مكة قرى ظاهرة أى بلدات متتابعة وهذا يعنى أن الطريق من سبأ إلى القدس وهى مكة كان ملىء بالقرى العامرة وبين كل قرية والأخرى مسافة قريبة وقد قدر فيها السير والمراد وقد حدد الله فيها السفر والمراد أن الله قد سهل فى الطرق بين البلدات السفر وقال للقوم :سيروا فيها ليالى وأياما أمنين والمراد سافروا بينها ليالى وأياما مطمئنين وهذا يعنى أن الطرق كانت سليمة بعيدة عن الأخطار ولذا قال أهل سبأ ربنا باعد بين أسفارنا والمراد إلهنا زد بين مسافاتنا وهذا يعنى أن يجعل المسافة بين كل مرحلة والأخرى مسافة طويلة وبالطبع هذا كفران بنعمة الراحة فى السفر وبذلك ظلموا أنفسهم أى بخسوا حق أنفسهم حيث كفروا بحكم الله فكانت النتيجة هى أن جعلهم الله أحاديث والمراد جعلهم قصص تروى وقد مزقهم كل ممزق والمراد وقد دمرهم كل تدمير وهذا يعنى أن الله لم يترك كافر واحد منهم على قيد الحياة وفيما حدث لأهل سبأ آيات والمراد عظات أى عبر لكل صبار شكور والمراد طائع متبع لحكم الله .
"ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو فى شك وربك على كل شىء حفيظ"المعنى ولقد حق فيهم إبليس قوله فأطاعوه إلا جمعا من المصدقين وما كان له عليهم من قدرة إلا لنعرف من يصدق بالقيامة ممن هو فى تكذيب وإلهك على كل أمر وكيل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ظن إبليس وهو قول إبليس لله عند رفضه السجود لآدم(ص)أنه سيضل الكثير من الناس صدق فى أهل سبأ والمراد تحقق فى أهل سبأ فاتبعوه أى فأطاعوا حكم الباطل إلا فريقا من المؤمنين أى إلا بعضا من المصدقين بحكم الله ويبين له أن ما كان للشيطان وهو الهوى الضال من سلطان أى سلطة أى قدرة تجبرهم على طاعته ويبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل وحيه للقوم ليعلم أى ليميز من يؤمن بالآخرة وهو من يصدق بالقيامة ممن هو فى شك والمراد من هو فى تكذيب لها ويبين له أن ربه على كل شىء حفيظ أى على كل مخلوق وكيل أى حامى لهم .
"قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير "المعنى قل نادوا الذين افتريتم من سوى الرب لا يحكمون قدر ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من جزء وما له منهم من مساعد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار:ادعوا الذين زعمتم من دون الله والمراد نادوا الذين اخترعتم من سوى الرب والغرض من الطلب أن يعلموا أن الآلهة المزعومة لن تستجيب للنداء ،لا يملكون مثقال ذرة والمراد لا يحكمون قدر ذرة فى السموات والأرض أى ما لهم فيهما من جزء وما له من مخلوق وهذا يعنى أنهم ليس لهم خلق فى السموات والأرض والمراد ليس لله شريك فى ملكه وليس لهم منهم ظهير أى ولى ينصره من الذل مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير "المعنى ولا يفيد الكلام لديه إلا من سمح له حتى إذا كشف عن أنفسهم قالوا ماذا قال إلهكم قالوا العدل وهو الكبير العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الشفاعة وهى الكلام عند أى لدى الله فى الآخرة لا يكون إلا لمن أذن له أى سمح أى رضى له قولا مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "حتى إذا فزع عن قلوبهم والمراد حتى إذا كشف عن الذى فى أنفسهم قالت الملائكة للكفار ماذا قال ربكم أى إلهكم ؟قالوا الحق وهو الصدق أى العدل وهو العلى الكبير والمراد الكبير العظيم وهذا إقرار منهم بصدق الوحى .
"قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين "المعنى قل من يعطيكم من السموات والأرض قل الرب وإنا أو إياكم لعلى حق أو على كفر عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار من يرزقكم أى يعطيكم النفع من السموات والأرض؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :الله رازقنا وهو الرب وإنا أو إياكم لعلى هدى أى حق وهو دين الله أو ضلال مبين أى كفر ظاهر بدين الله وهذا يعنى أنه يخبرهم أن أحد الفريقين على الحق والآخر على الباطل والخطاب للنبى(ص).
"قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون"المعنى قل لا تحاسبون على ما عملنا ولا نحاسب عن الذى تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :لا تسألون عما أجرمنا والمراد لا تحاسبون عن الذى فعلنا فى الدنيا ولا نسئل عما تعملون أى ولا نحاسب عن الذى تفعلون ،وهذا يعنى أن كل واحد يزر جزاء عمله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "والخطاب للنبى (ص) وما قبله ومنه للناس.
"قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم "المعنى قل يحشرنا إلهنا ثم يحكم بيننا بالعدل وهو القاضى الخبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس يجمع بيننا ربنا والمراد يبعثنا كلنا إلهنا ثم يفتح بيننا بالحق أى ثم يقضى بيننا بالحكم العادل مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو الفتاح العليم والمراد وهو القاضى العليم بكل شىء وهذا يعنى إخبارهم بحدوث البعث والجزاء فى الآخرة .
" قل أرونى الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم "المعنى قل أعلمونى بخلق الذين جعلتم معه أندادا ،حقا هو الرب الناصر القاضى ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار :أرونى الذين ألحقتم به شركاء والمراد أعلمونى ماذا خلق الذين جعلتم له أنداد فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماء"،ويبين لهم أن كلا وهى الحقيقة هو أن الله وحده الإله وهو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله له.
"وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وما بعثناك إلا رحمة للخلق مبلغا أى مخبرا ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسله إلا كافة للناس والمراد ما بعثه إلا رحمة مانعة للخلق من العذاب الربانى مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "بشيرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى لهم حتى يطيعوه فيمنعوا العذاب عن أنفسهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكمه أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "المعنى ويسألون متى هذا القول إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقولون أى يسألون بسخرية :متى هذا الوعد أى "متى هذا الفتح" كما قال بسورة السجدة وهو القيامة إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم بوقوعها.
"قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون "المعنى قل لكم ميقات يوم لا تستأجلون عنه ساعة ولا تقربون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار ردا على سؤالهم :لكم ميعاد يوم والمراد لكم ميقات يوم محدد لدى الله لا تستأخرون عنه ساعة والمراد لا تموتون بعده بساعة ولا تستقدمون أى لا تسبقونه بساعة وهذا يعنى أن الموعد لا يتغير بالتقديم أو بالتأخير والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين "المعنى وقال الذين كذبوا لن نصدق بهذا الكتاب ولا بالذى سبقه ولو تشاهد إذا الكافرون جاثون لدى خالقهم يعيد بعضهم إلى بعض الحديث يقول الذين استذلوا للذين استعظموا لولا أنتم لكنا مصدقين ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه والمراد لن نوقن بالكتاب وهو الوحى المنزل عليك ولا بالذى سبقه من الوحى المنزل على الرسل (ص)السابقين ،ويبين له أنه لو يرى الظالمون موقوفون عند ربهم والمراد لو يشاهد الكافرون جاثون فى نار ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول أى يرد بعضهم على بعض الحديث حيث يقول الذين استضعفوا أى استذلوا وهم الذين اتبعوا السادة للذين استكبروا وهم الذين استعظموا أى تسيدوا عليهم لولا أنتم لكنا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله.
"قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين "المعنى قال الذين استعظموا للذين استذلوا أنحن رددناكم عن الحق بعد إذ أتاكم بل كنتم كافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله قالوا للذين استضعفوا أى استذلوا :أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم والمراد هل نحن أبعدناكم عن العدل بعد إذ أبلغ لكم ؟بل كنتم مجرمين أى كافرين وهذا يعنى أنهم ينفون أنهم أبعدوهم عن طاعة الحق وأن الأتباع بعدوا بأنفسهم وليس جبرا أو خداعا .
"وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" المعنى وقال الذين استذلوا للذين استعظموا بل كيد الليل والنهار حين توصونا أن نكذب بالرب ونعبد معه شركاء وأخفوا الحسرة لما شهدوا العقاب وجعلنا القيود فى رقاب الذين كذبوا هل يعطون إلا بما كانوا يفعلون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استضعفوا وهم الذين اتبعوا السادة قالوا للذين استكبروا أى استعظموا وهم السادة والكبراء :بل مكر أى كيد الليل والنهار والمراد إنكم كنتم تخدعوننا يوميا إذ تأمروننا أن نكفر بالله والمراد حين توصوننا أن نكذب بدين الله وفسروا هذا بقوله وهو الكفر ونجعل لله أندادا أى نعبد مع الرب شركاء مزعومين،وهذا يعنى إصرارهم على أن الكبار هم الذين أضلوهم ،ولما رأى الكفار العذاب والمراد ولما شاهدوا النار أسروا الندامة أى أخفوا الحسرة وهى الغم فى قلوبهم وقد جعل الله الأغلال فى أعناق الذين كفروا والمراد وقد ربطت ملائكة الله الأصفاد وهى السلاسل فى رقاب الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وترى المجرمين مقرنين فى الأصفاد"ويسأل الله هل يجزون إلا ما كانوا يعملون والمراد هل يدخلون سوى عقاب ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون" والخطاب للنبى (ص)وما قبله وما بعده .
"وما أرسلنا فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين "المعنى وما بعثنا فى بلدة من رسول إلا قال سادتها إنا للذى بعثتم به مكذبون وقالوا نحن أعظم أملاكا وعيالا وما نحن بمعاقبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسل فى قرية من نذير والمراد ما بعث فى أهل بلدة من رسول أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما أرسلنا من رسول "إلا قال مترفوها أى سادة البلدة للرسول(ص)إنا بما أرسلتم به كافرون والمراد إنا للذى بعثتم به مكذبون وهذا يعنى رفضهم لحكم الله وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا والمراد نحن أعظم أملاكا وعيالا منكم وهذا فى رأيهم يعنى أنهم أفضل دينا منهم وما نحن بمعذبين أى وما نحن بمعاقبين وإنما ساكنى الحسنى إن كان هناك آخرة مصداق لقول الكافر بسورة فصلت"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل إن إلهى يكثر العطاء لمن يريد ويقلل ولكن معظم الخلق لا يطيعون الله ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقص لمن يريد ولكن أكثر الناس لا يعلمون أى ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون" والخطاب للنبى(ص).
"وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم فى الغرفات آمنون "المعنى وما أملاككم ولا عيالكم بالتى تعطيكم لدينا ثوابا ،أما من صدق وفعل حسنا فأولئك لهم ثواب الجنة بما أحسنوا أى هم فى الجنات مطمئنون،يبين الله للناس أن أموالهم وهى أملاكهم فى الدنيا وأولادهم وهم عيالهم لا تقربهم عند الله زلفى أى لا تعطيهم عند حساب الرب لهم ثوابا فهى لا تفيدهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا "،وأما من آمن وهو من صدق حكم الله وعمل صالحا أى فعل حسنا فأولئك لهم جزاء الضعف أى ثواب الحسنى وهى الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"فله جزاء الحسنى "والسبب ما عملوا أى ما أحسنوا فى دنياهم وفسر هذا بأنهم فى الغرفات آمنون والمراد فى الجنات مطمئنون أى سعيدون فرحون والخطاب للناس وما بعده.
"والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون"المعنى والذين يسيرون لأحكامنا معاندين أولئك فى النار معذبون ،يبين الله للناس أن الذين يسعون فى آيات الله معاجزين وهم الذين يسيرون لأحكام الله مخالفين لها أولئك فى العذب وهو العقاب محضرون أى معذبون أى مبلسون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "المعنى قل إنى إلهى يكثر العطاء لمن يريد وينقص له وما عملتم من حسن فهو يزيده وهو أحسن المعطين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يكثر الرزق لمن يشاء ويقدر له والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقصه له متى شاء ،وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه والمراد وما قدمتم من خير أى عمل صالح فهو يجازيه بالخير مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا"وهو خير الرازقين والمراد والله هو أحسن المعطين للثواب أى "وهو أرحم الراحمين"كما قال بسورة يوسف والخطاب للنبى (ص)ومنه للناس.
"ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"المعنى ويوم يبعثهم كلهم ثم يقول للملائكة أهؤلاء
إياكم كانوا يطيعون ؟قالوا الطاعة لك أنت ناصرنا من دونهم بل كانوا يطيعون الخفاة أغلبهم بهم مصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشرهم جميعا والمراد يوم يبعثهم أى يجمعهم كلهم مصداق لقوله بسورة التغابن "يوم يجمعكم"ثم يقول أى ويسأل الملائكة :أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون أى يطيعون أى يتبعون قولكم ؟فأجابوا :سبحانك أى الطاعة لقولك وحدك أنت ولينا من دونهم أى ناصرنا من سواهم ،بل كانوا يعبدون الجن أى بل كانوا يطيعون قول الخفاة وهم شهوات أنفسهم أى هواهم الخفى فى أنفسهم بينما المعلن هو عبادتهم لغير أنفسهم من الملائكة وسواهم ،أكثرهم بهم مؤمنون والمراد أغلب الناس مصدقون بألوهية أهواء أنفسهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون "المعنى فالآن لا يعطى بعضكم لبعض فائدة ولا أذى ونقول للذين كفروا ادخلوا عقاب جهنم التى كنتم بها تكفرون،يبين الله لنبيه (ص)أنه يقول للناس على لسان الملائكة فاليوم أى فالآن لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا والمراد لا يستطيع بعضكم لبعض فائدة ولا أذى وهذا يعنى أن لا أحد يقدر من الكفار على أن يعطى الآخر فائدة ولا يقدر على مسه بضرر ونقول للذين ظلموا وهم الذين كفروا :ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون والمراد ادخلوا عقاب الجحيم الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا .
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين "المعنى وإذ تبلغ لهم أحكامنا واضحات قالوا ما هذا إلا إنسان يحب أن يبعدكم عما كان يطيع آباؤكم وقالوا ما هذا إلا قول مخترع وقال الذين كذبوا للصدق لما بلغهم إن هذا خداع ظاهر،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات قالوا :ما هذا إلا رجل أى إنسان يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم والمراد يحب أن يبعدكم عما كان يتبع آباؤكم وهذا يعنى أن هدف النبى (ص)هو أن يجعلهم يتركون دين الأباء وهم بهذا يستعدون الأخرين على النبى (ص)بحجة أنه يعتبر آبائهم على الباطل أى مجانين ومن ثم فهم يريدون منهم أن يثأروا لهذا العيب فى الأباء،وقالوا عن الوحى ما هذا إلا إفك مفترى أى كذب مخترع من عند محمد ،والذين كفروا بالحق لما جاءهم أى الذين كذبوا بالوحى لما أتاهم فقالوا إن هذا إلا سحر مبين أى خداع عظيم وهم هنا يكذبون قولهم السابق فهم مرة اعتبروه إفك ومرة اعتبروه سحر وهذا دليل على تخبطهم فى الرد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير"المعنى وما أوحينا لهم من صحف يتعلمونها وما بعثنا لهم قبلك من مبلغ ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أتى الكفار من كتب يدرسونها والمراد ما أعطى الناس من صحف يتعلمونها حتى يردوا بهذا التكذيب عليه وما أرسلنا لهم من نذير من قبلك والمراد وما بعثنا للناس فى عصرك من مبلغ للوحى من قبلك وهذا ينفى بعث رسل أخرين فى عصر النبى (ص)للناس .
"وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما أتيناهم فكذبوا رسلى فكيف كان نكير "المعنى وكفر الذين من قبلهم وما وصلوا عشر ما أعطيناهم فكفروا بمبعوثى فكيف كان عقاب ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الناس من قبلهم كذبوا أى كفروا بحكم الله والمراد استهزءوا برسالات الرسل مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولقد استهزىء برسل من قبلك"والناس فى عهد النبى (ص)ما بلغوا معشار ما أتيناهم والمراد وما وصلوا فى قدر الرزق إلى عشر ما أعطى الله للأقوام السابقة وقد كذبوا رسل الله أى كفروا برسالات الأنبياء(ص)فكيف كان نكير أى "كيف كان عقاب "كما قال بسورة الرعد والغرض من السؤال إخبار الكل بعقاب الله للكفار حتى يعتبروا بما حدث لهم والخطاب للنبى (ص).
"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد"المعنى قل إنما أنصحكم بعمل هو أن تستيقظوا لله مثنى وواحدنا ثم تنظروا ما بصديقكم من سفه إن هو إلا مبلغ لكم أمامه عقاب عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أعظكم بواحدة والمراد إنما أنصحكم بأمر هو أن تقوموا لله مثنى وفرادى والمراد أن تستيقظوا ليلا طلبا لرحمة الله مثنى أى اثنين اثنين وفرادى أى وحدانا كل واحد بمفرده ثم تتفكروا والمراد وتنظروا ما بصاحبكم من جنة أى ما بصديقكم من سفه ،وهذا يعنى أنه يطلب منهم التفكير فى أنه عاقل وليس مجنونا ،إن أنا إلا نذير لكم والمراد مبلغ للوحى لكم بين يدى عذاب شديد والمراد أمامى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة آل عمران"عذاب مهين"وهذا يعنى أن العذاب سيقع للكفار فى عهده إن لم يؤمنوا برسالته ومن بعد عهده والخطاب للنبى(ص)حتى تتفكروا وما بعده جزء من قول أخر ربما أشبهه فى المعنى ولكنه ليس خطابا للنبى(ص)وإنما عنه فلو كان المتكلم لقال ما بى من جنة إنما أنا ولم يقل بضمير الغائب هو .
"قل ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شىء شهيد"المعنى قل ما طالبتكم عليه من مال فهو لكم إن ثوابى إلا من الرب وهو بكل أمر عليم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمؤمنين ما سألتكم عليه من أجر والمراد ما طالبتكم فى الإسلام بمال فهو لكم ،وهذا يعنى أن أى مال يطلب من المؤمنين فى الشريعة سوف يرد إليهم بعد ذلك بتوزيعه على مستحقيه الذى جاءوا فى أحكام الشريعة ،إن أجرى إلا من الله والمراد إن ثوابى من عند الله وهو على كل شىء شهيد والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للنبى(ص).
"قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب"المعنى قل إن خالقى يقول العدل عراف الخفايا قل أتى العدل وما يحيا الظلم أى ما يحكم قل إن كفرت فإنما أجنى على نفسى وإن أسلمت فبالذى يلقى لى من خالقى إنه عارف مجيب،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن ربى يقذف بالحق والمراد إن إلهى يقول العدل مصداق لقوله بسورة الأحزاب"والله يقول الحق "علام الغيوب أى عارف الخفايا وهى الأسرار مصداق لقوله بسورة الفرقان"يعلم السر فى السموات والأرض"،جاء الحق أى ظهر العدل مصداق لقوله بسورة التوبة "هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله "والمراد انتصر الوحى وما يبدىء الباطل وما يعيد والمراد وما يحيا الكفر وما يبعث وهذا يعنى أنه زهق أى مات مصداق لقوله بسورة الإسراء"وقل جاء الحق وزهق الباطل"وهذا يعنى أن حكم الباطل لم يعد يحكم فى عصر الرسول(ص)،إن ضللت فإنما أضل على نفسى والمراد إن كفرت فإنما أجنى على مصلحتى فى الآخرة والمراد فأجلب لنفسى العذاب وإن اهتديت أى وإن رحمت بالجنة فبما يوحى إلى ربى والمراد وإن دخلت الجنة فبسبب طاعتى الذى يلقى إلى إلهى إنه سميع قريب أى عارف مثيب لمطيعه والخطاب للنبى(ص).
"ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب "المعنى ولو تشاهد حين بعثوا فلا ترك وادخلوا فى مقام دانى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ فزعوا والمراد لو يشاهد وقت بعثوا للحياة فلا فوت أى فلا ترك أى مغادرة لأحد منهم مصداق لقوله بسورة الكهف "فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا" وأخذوا من مكان قريب والمراد وادخلوا النار من مكان دانى وهو أرض المحشر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد"المعنى وقالوا صدقنا به وكيف لهم الخروج من مكان دائم وقد كذبوا به من قبل ويرمون بالوحى من مكان قصى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا فى النار:آمنا به أى صدقنا بوقوع العذاب ويسأل الله وأنى لهم التناوش من مكان بعيد والمراد وكيف لهم الخروج من مكان أبدى ؟وهذا يعنى أن لا خروج لهم من النار مهما طال العمر بهم فيها وقد كفروا أى كذبوا بالعذاب من قبل أى فى الدنيا،هم يقذفون بالغيب من مكان بعيد والمراد وهم يبلغون بالوحى من مكان قصى وهو السماء فهى بعيدة عن الأرض حيث ينزل به جبريل (ص).
"وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا فى شك مريب "المعنى وحجز بينهم وبين الذى يحبون كما صنع بأنصارهم من قبل إنهم كانوا فى كفر عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار حيل بينهم وبين ما يشتهون والمراد حجز بينهم وبين الذى يحبون فى الآخرة بسور وهو متاع الجنة كما فعل بأشياعهم والمراد كما صنع الله بأنصارهم السابقين من قبل والسبب أنهم كانوا فى شك مريب أى فى تكذيب مستمر لحكم الله والخطاب للنبى(ص).