"يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفى عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى يستفهمون منك عن القيامة متى موعدها قل إنما معرفة موعدها لدى إلهى لا يكشفها إلا حينها إلا هو غابت عن خلق السموات والأرض لا تجيئكم إلا فجأة يستفهمون منك كأنك عليم بها قل إنما معرفتها لدى الله ولكن معظم الخلق لا يفهمون،يبين الله لنبيه(ص) أن الكفار يسألونه عن الساعة والمراد يستفهمون منه عن موعد القيامة أيان مرساها أى متى وعد حدوثها مصداق لقوله بسورة الأنبياء"متى هذا الوعد "ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم إنما علمها عند ربى والمراد إنما معرفة موعد حدوثها خاص بإلهى لا يجليها إلا لوقتها إلا هو والمراد لا يكشفها إلا حينها إلا هو وهذا يعنى أنه لا يظهر موعد حدوث القيامة إلا ساعة حدوثها،ثقلت فى السموات والأرض والمراد غابت عن خلق السموات والأرض وهذا يعنى أن موعد حدوث القيامة خفى عن كل المخلوقات فى السموات والأرض ،لا تأتيكم إلا بغتة والمراد لا تجيئكم إلا فجأة وهذا يعنى أنها تحدث دون مقدمات تبين حدوثها لأن مقدماتها هى أحداثها ،يسألونك كأنك حفى عنها والمراد يستفهمون منك كأنك خبير بها وهذا يعنى أن الكفار يعتقدون أن محمد(ص)يعلم موعد الساعة جيدا وهو يخفيها عنهم ويطلب منه أن يقول إنما علمها أى معرفة موعد حدوث القيامة عند أى لدى الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن معظم الخلق لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة غافر"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون" .
"قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"المعنى قل لا أقدر لنفسى على خير ولا شر إلا ما أراد الله ولو كنت أعرف المجهول لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر إن أنا إلا مبلغ أى مخبر لناس يصدقون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا والمراد لا أحدث لذاتى خيرا أو شرا إلا ما شاء أى أراد الله وهذا يعنى أن أى عمل يعمله الإنسان سواء نافع أو ضار لا يحدث إلا إذا أراد الله أن يحدث مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"وقال ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء والمراد لو كنت أعرف المجهول وهو هنا المستقبل لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر وهذا يعنى أن محمد(ص)لا يعرف الغيب والمراد به فى سؤال الكفار موعد الساعة التى هى جزء من الغيب لأن عارف الغيب سيجلب لنفسه النفع ويمنع عن نفسه الشر عن طريق التخلص من الشر بالهروب منه أو بغيره من الأساليب ويقول إن أنا إلا نذير أى بشير والمراد مبلغ أى مخبر للوحى لقوم يؤمنون والمراد لناس يصدقون فيطيعون حكم الله والخطاب للنبى (ص)ومنه للكفار.
"هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين "المعنى هو الذى أنشاكم من إنسان واحد وخلق منه امرأته ليرتاح معها فلما جامعها حبلت حبلا هينا فلما كبرت نادوا الله خالقهما لئن أعطيتنا نافعا لنصبحن من الصالحين،يبين الله لنا أنه هو الذى خلقنا من نفس واحدة والمراد أبدع الناس من إنسان واحد هو آدم(ص)وجعل منها زوجها والمراد وخلق من جسم آدم (ص)امرأته والسبب ليسكن إليها والمراد ليستلذ معها،ويبين لنا أن أحد الناس لما تغشى زوجه أى لما نكاها أى جامعها حملت حملا خفيفا والمراد حبلت حبلا هينا والمراد أنه جزء صغير جدا فى رحمها وهو الثلاثة شهور الأولى حيث يكون الجنين جسما يتكون لا نفس أى لا روح فيه فمرت به والمراد فقضت مدة الحمل الخفيف بسلام فلما أثقلت أى كبرت أى دخلت فى مرحلة وضع النفس فى الجسم وهذا يعنى أن الحمل ينقسم لقسمين الحمل الخفيف وهو ثلاثة شهور والحمل الثقيل وهو الشهور الستة،ودعوا الله ربهما والمراد نادوا الله خالقهما :لئن أتيتنا صالحا والمراد لئن أعطيتنا طفلا سليما لنكونن من الشاكرين أى الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة"ولنكونن من الصالحين" وهذا يعنى أنهما اشترطا على الله أن يكون الولد صالحا والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"فلما أتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما فتعالى الله عما يشركون" المعنى فلما أعطاهما سليما خلقا له أندادا فى الذى أعطاهما فتنزه الله عن الذى يعبدون،يبين الله لنا أن الرجل وزوجته لما أتاهما صالحا والمراد لما وهبهما الله طفلا سليما جعلا له شركاء فيما أتاهما والمراد خلقا لله أنداد فى الذى وهبهما وهذا يعنى أنهما سميا الولد باسم من أسماء الشرك وهو عبد كذا مثل عبد النبى أو عبد ود ويبين لنا أنه تعالى عما يشركون والمراد أنه أفضل من الذى يعبدون أى يصفون وهم الآلهة المزعومة مصداق لقوله بسورة الأنعام"سبحانه وتعالى عما يصفون".
"أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون" المعنى أيعبدون الذى لا يبدع مخلوقا وهم يبدعون ولا يقدمون لهم نفعا ولا أنفسهم ينفعون،يسأل الله أيشركون ما لا يخلق شيئا والمراد أيدعون الذى لا ينشىء مخلوقا وهم ينشؤن ولا يستطيعون لهم نصرا أى لا يقدمون لهم خيرا ولا أنفسهم ينصرون أى ينفعون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار يعبدون آلهة لا تقدر على خلق شىء وهم فى نفس الوقت مخلوقون خلقهم الله وهم لا يقدرون على نصر عابديهم ولا يقدرون على نفع أنفسهم .
"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون" المعنى وإن تبلغوا لهم الحق لا يطيعوكم سيان عندكم أأبلغتموهم أم أنتم ساكتون،يبين الله لنا أننا إن ندعو الكفار للهدى لا يتبعونا والمراد إن نبلغ الكفار حكم الله لا يطيعونا أى لا يسمعونا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا" ،ويبين لنا أن سواء علينا أدعوناهم أم نحن صامتون والمراد أن سيان عندهم أأنذرناهم أى أأبلغناهم بالوحى أم نحن ساكتون أى غير منذرون أى غير مبلغون للوحى مصداق لقوله بسورة البقرة"سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون"،وهذا يعنى أن إبلاغهم الوحى يتساوى بعدم إبلاغهم الوحى فى النتيجة وهى كفرهم،والمراد أن يتوقف المسلمون عن تكرار دعوة الناس إلى الوحى والخطاب للمؤمنين.
"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فإدعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين"المعنى إن الذين تعبدون من غير الله خلق أشباهكم فنادوهم فليطيعوكم إن كنتم مؤمنين،يبين الله على لسان المؤمنين للكفار أن الذين يدعون من دون الله وهم الذين يعبدون من غير الله هم عباد أمثالكم أى خلق من خلق الله أشباهنا وهذا يعنى أن كل الآلهة المزعومة ليست سوى مخلوقات لله ويطلب منهم أن يدعوهم أى ينادونهم فليستجيبوا لكم والمراد فليحققوا مطلبهم إن كانوا صادقين أى عادلين فى قولهم والخطاب للكفار من المؤمنين .
"ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم أذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون"المعنى هل لهم بأس يتحركون به أى هل لهم قوة يعملون بها أم هل لهم أنفس يعلمون بها أى هل لهم قلوب يخبرون بها قل اعبدوا آلهتكم ثم امكروا بى ولا تترقبون ،يسأل الله ألهم أرجل يمشون بها والمراد هل لهم قوة يعملون بها وفسر هذا بقوله أم لهم أيد يبطشون بها أى هل لهم قوة يحكمون بها والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الشركاء ليس لهم قوة يحركون بها هذا الكون ويسأل أم لهم أعين يبصرون أى هل لهم نفوس يعلمون بها وفسر هذا بقوله أم لهم أذان يسمعون بها أى هل لهم قلوب يعلمون بها والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الشركاء جهلة لا يعلمون بكل شىء فى الكون ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم ادعوا شركاءكم أى نادوا آلهتكم المزعومة ثم كيدون أى امكروا بى فلا تنظرون أى تترقبون والمراد اطلبوا من آلهتكم إنزال العقاب بى ودبروا لى المؤامرات ثم نفذوها ولا تنتظروا وقتا بعد تدبيرها والخطاب للنبى(ص) وما بعده ومنه للكفار.
"إن ولى الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين"المعنى إن إلهى الله الذى أوحى القرآن وهو ينصر المؤمنين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول إن ولى أى إلهى أى ناصرى هو الله الذى أى نزل الكتاب وهو الذى أوحى الحكم ممثلا فى القرآن وهو يتولى الصالحين أى ينصر المؤمنين مصداق لقوله بسورة غافر "إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد".
"والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون "المعنى والذين تعبدون من غيره لا يقدرون على إنقاذكم ولا أنفسهم ينقذون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار والذين تدعون أى "ويعبدون من دون الله " كما قال بسورة النحل لا يستطيعون نصركم أى لا يقدرون على منع عذاب الله عنكم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا"وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إنقاذ القوم من عقاب الله ولا أنفسهم ينصرون والمراد لا تقدر الآلهة المزعومة على إنقاذ أنفسهم من عقاب الله والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"المعنى وإن تناديهم لطاعة الحق لا يطيعوا أى تعلمهم يستمعون لك وهم لا يفقهون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يدعو الكفار إلى الهدى والمراد إن يطالب الكفار بطاعة حكم الحق لا يسمعوا أى لا يتبعوا حكم الله مصداق لقوله بنفس السورة"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم"وفسر هذا بقوله وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون والمراد وتعرف أنهم يستمعون لقولك وهم لا يفهمون فلا يتبعون سبيل الرشد مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا".
"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"المعنى اعمل الرحمة أى افعل المعروف أى ابتعد عن طاعة الكافرين،يطلب الله من رسوله (ص)بقوله:خذ العفو أى اعمل بالكتاب وهو الرحمة مصداق لقوله بسورة مريم"خذ الكتاب بقوة"وفسر هذا بقوله أمر بالعرف والمراد افعل الصلاة وهى الدين مصداق لقوله بسورة طه"وأمر أهلك بالصلاة"وفسر هذا بقوله أعرض من الجاهلين أى "وأعرض عن المشركين"كما قال بسورة الحجر والمراد أن يبتعد عن طاعة أديان الكافرين والخطاب للنبى (ص).
"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم"المعنى وإما يصيبك من الشهوات وسواس فاحتمى بالله إنه خبير محيط،يطلب الله من نبيه(ص)أنه إن نزغه من الشيطان نزغ والمراد إن أصابه من الشهوات وسواس أى إن تمكن من إضلاله الهوى إضلالا فالواجب عليه أن يستعذ بالله أى يحتمى بطاعة حكم الله والمراد أن يذكر حكم الله إذا نسى مصداق لقوله بسورة الكهف"واذكر ربك إذا نسيت"ويبين له أنه سميع عليم أى خبير محيط بكل أمر والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون"المعنى إن الذين أطاعوا إذا تمكن منهم وسواس من الهوى علموا فإذا هم تائبون وأصحابهم يزيدونهم فى الضلال ثم لا يألون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله إذا مسهم طائف من الشيطان أى إذا أصابهم وسواس من الشهوات والمراد إذا فعلوا ظلما بسبب تمكن وسواس الشهوات منهم تذكروا أى علموا الحق فإذا هم مبصرون أى مستغفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم"وهذا يعنى أنهم يتوبون فيعودون لطاعة الحق ويبين الله له أن إخوانهم وهم أصحاب المسلمين من الكفار يمدونهم فى الغى والمراد يزيدونهم أى يوحون لهم عمل الكفر وهم لا يقصرون أى لا يألون جهدا فى إضلالهم عن الحق .
"وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"المعنى وإذا لم تجيئهم بحكم قالوا لولا اخترته قل إنما أطيع الذى يلقى إلى من إلهى هذه أحكام من إلهكم أى رحمة أى نفع لناس يصدقون،يبين الله لنبيه (ص)إنه إن لم يأت الكفار بآية والمراد إن لم يخبر الكفار بحكم يريدونه قالوا لولا اجتبيتها والمراد هلا طلبت هذا الحكم وهذا يعنى أنهم يريدون منه أن يطلب من الله أن ينزل حكم لا يريده الله ومن ثم طالبه الله أن يقول لهم إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى والمراد إنما أطيع الذى يلقى لى من خالقى وهذا يعنى أنه لا يختار الأحكام وإنما الله هو الذى يختارها وهو يتبع قول الله وقال هذا بصائر من ربكم أى هذه أحكام من خالقكم أى هدى أى رحمة والمراد نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون وهذا يعنى أن الوحى يفيد من يوقن به .
"وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون"المعنى وإذا تلى الوحى عليكم فاتبعوا أى فأطيعوه لعلكم تفلحون يطلب الله من المؤمنين إذا قرىء القرآن أى إذا أبلغ لهم الوحى أن يستمعوا له أى ينصتوا له والمراد أن يطيعوا ما فيه من أحكام والسبب فى تفسير الإستماع أى الإنصات بالطاعة هو أن الكفار يستمعون للقرآن مصداق لقوله بسورة الإسراء"نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك"والسبب فى طاعة القرآن لعلهم يرحمون أى يفلحون أى يدخلون الجنة والخطاب للمؤمنين .
"واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين"المعنى وردد اسم إلهك فى ذاتك تذللا ورهبة ودون الإعلان من الكلام بالنهارات والليالى ولا تصبح من الكافرين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر ربه أى يردد اسم خالقه تضرعا أى تذللا أى رهبة ودون الإعلان من الكلام بالنهارات والليالى وهذا يعنى أن يردد النبى(ص)الألفاظ الممجدة لله بطريقتين الأولى فى النفس أى فى القلب وهو ما يسمى السر والثانية وهى دون الجهر من القول أى غير الإعلان من الحديث وهو ما يسمى الصوت الخفيض وهذا الذكر يكون تذللا أى خوفا من عذاب الله وهو يتم فى وقتين الغدو وهو النهارات والآصال وهو الليالى ويطلب منه ألا يكون من الغافلين أى الكافرين والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون"المعنى إن الذين لدى إلهك لا يستعظمون على طاعته أى يطيعون أى له يطيعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين عند الرب وهم الذين لدى كرسى العرش وحوله لا يستكبرون على عبادته والمراد لا يستعظمون على طاعته وفسر هذا بأنهم يسبحون له وفسر هذا بأن له يسجدون أى له يطيعون الحكم بالليل والنهار مصداقا لقوله بسورة الأنبياء"يسبحون الليل والنهار لا يفترون".
"قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"المعنى قل لا أقدر لنفسى على خير ولا شر إلا ما أراد الله ولو كنت أعرف المجهول لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر إن أنا إلا مبلغ أى مخبر لناس يصدقون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا والمراد لا أحدث لذاتى خيرا أو شرا إلا ما شاء أى أراد الله وهذا يعنى أن أى عمل يعمله الإنسان سواء نافع أو ضار لا يحدث إلا إذا أراد الله أن يحدث مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"وقال ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء والمراد لو كنت أعرف المجهول وهو هنا المستقبل لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر وهذا يعنى أن محمد(ص)لا يعرف الغيب والمراد به فى سؤال الكفار موعد الساعة التى هى جزء من الغيب لأن عارف الغيب سيجلب لنفسه النفع ويمنع عن نفسه الشر عن طريق التخلص من الشر بالهروب منه أو بغيره من الأساليب ويقول إن أنا إلا نذير أى بشير والمراد مبلغ أى مخبر للوحى لقوم يؤمنون والمراد لناس يصدقون فيطيعون حكم الله والخطاب للنبى (ص)ومنه للكفار.
"هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين "المعنى هو الذى أنشاكم من إنسان واحد وخلق منه امرأته ليرتاح معها فلما جامعها حبلت حبلا هينا فلما كبرت نادوا الله خالقهما لئن أعطيتنا نافعا لنصبحن من الصالحين،يبين الله لنا أنه هو الذى خلقنا من نفس واحدة والمراد أبدع الناس من إنسان واحد هو آدم(ص)وجعل منها زوجها والمراد وخلق من جسم آدم (ص)امرأته والسبب ليسكن إليها والمراد ليستلذ معها،ويبين لنا أن أحد الناس لما تغشى زوجه أى لما نكاها أى جامعها حملت حملا خفيفا والمراد حبلت حبلا هينا والمراد أنه جزء صغير جدا فى رحمها وهو الثلاثة شهور الأولى حيث يكون الجنين جسما يتكون لا نفس أى لا روح فيه فمرت به والمراد فقضت مدة الحمل الخفيف بسلام فلما أثقلت أى كبرت أى دخلت فى مرحلة وضع النفس فى الجسم وهذا يعنى أن الحمل ينقسم لقسمين الحمل الخفيف وهو ثلاثة شهور والحمل الثقيل وهو الشهور الستة،ودعوا الله ربهما والمراد نادوا الله خالقهما :لئن أتيتنا صالحا والمراد لئن أعطيتنا طفلا سليما لنكونن من الشاكرين أى الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة"ولنكونن من الصالحين" وهذا يعنى أنهما اشترطا على الله أن يكون الولد صالحا والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"فلما أتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما فتعالى الله عما يشركون" المعنى فلما أعطاهما سليما خلقا له أندادا فى الذى أعطاهما فتنزه الله عن الذى يعبدون،يبين الله لنا أن الرجل وزوجته لما أتاهما صالحا والمراد لما وهبهما الله طفلا سليما جعلا له شركاء فيما أتاهما والمراد خلقا لله أنداد فى الذى وهبهما وهذا يعنى أنهما سميا الولد باسم من أسماء الشرك وهو عبد كذا مثل عبد النبى أو عبد ود ويبين لنا أنه تعالى عما يشركون والمراد أنه أفضل من الذى يعبدون أى يصفون وهم الآلهة المزعومة مصداق لقوله بسورة الأنعام"سبحانه وتعالى عما يصفون".
"أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون" المعنى أيعبدون الذى لا يبدع مخلوقا وهم يبدعون ولا يقدمون لهم نفعا ولا أنفسهم ينفعون،يسأل الله أيشركون ما لا يخلق شيئا والمراد أيدعون الذى لا ينشىء مخلوقا وهم ينشؤن ولا يستطيعون لهم نصرا أى لا يقدمون لهم خيرا ولا أنفسهم ينصرون أى ينفعون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار يعبدون آلهة لا تقدر على خلق شىء وهم فى نفس الوقت مخلوقون خلقهم الله وهم لا يقدرون على نصر عابديهم ولا يقدرون على نفع أنفسهم .
"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون" المعنى وإن تبلغوا لهم الحق لا يطيعوكم سيان عندكم أأبلغتموهم أم أنتم ساكتون،يبين الله لنا أننا إن ندعو الكفار للهدى لا يتبعونا والمراد إن نبلغ الكفار حكم الله لا يطيعونا أى لا يسمعونا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا" ،ويبين لنا أن سواء علينا أدعوناهم أم نحن صامتون والمراد أن سيان عندهم أأنذرناهم أى أأبلغناهم بالوحى أم نحن ساكتون أى غير منذرون أى غير مبلغون للوحى مصداق لقوله بسورة البقرة"سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون"،وهذا يعنى أن إبلاغهم الوحى يتساوى بعدم إبلاغهم الوحى فى النتيجة وهى كفرهم،والمراد أن يتوقف المسلمون عن تكرار دعوة الناس إلى الوحى والخطاب للمؤمنين.
"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فإدعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين"المعنى إن الذين تعبدون من غير الله خلق أشباهكم فنادوهم فليطيعوكم إن كنتم مؤمنين،يبين الله على لسان المؤمنين للكفار أن الذين يدعون من دون الله وهم الذين يعبدون من غير الله هم عباد أمثالكم أى خلق من خلق الله أشباهنا وهذا يعنى أن كل الآلهة المزعومة ليست سوى مخلوقات لله ويطلب منهم أن يدعوهم أى ينادونهم فليستجيبوا لكم والمراد فليحققوا مطلبهم إن كانوا صادقين أى عادلين فى قولهم والخطاب للكفار من المؤمنين .
"ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم أذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون"المعنى هل لهم بأس يتحركون به أى هل لهم قوة يعملون بها أم هل لهم أنفس يعلمون بها أى هل لهم قلوب يخبرون بها قل اعبدوا آلهتكم ثم امكروا بى ولا تترقبون ،يسأل الله ألهم أرجل يمشون بها والمراد هل لهم قوة يعملون بها وفسر هذا بقوله أم لهم أيد يبطشون بها أى هل لهم قوة يحكمون بها والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الشركاء ليس لهم قوة يحركون بها هذا الكون ويسأل أم لهم أعين يبصرون أى هل لهم نفوس يعلمون بها وفسر هذا بقوله أم لهم أذان يسمعون بها أى هل لهم قلوب يعلمون بها والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الشركاء جهلة لا يعلمون بكل شىء فى الكون ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم ادعوا شركاءكم أى نادوا آلهتكم المزعومة ثم كيدون أى امكروا بى فلا تنظرون أى تترقبون والمراد اطلبوا من آلهتكم إنزال العقاب بى ودبروا لى المؤامرات ثم نفذوها ولا تنتظروا وقتا بعد تدبيرها والخطاب للنبى(ص) وما بعده ومنه للكفار.
"إن ولى الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين"المعنى إن إلهى الله الذى أوحى القرآن وهو ينصر المؤمنين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول إن ولى أى إلهى أى ناصرى هو الله الذى أى نزل الكتاب وهو الذى أوحى الحكم ممثلا فى القرآن وهو يتولى الصالحين أى ينصر المؤمنين مصداق لقوله بسورة غافر "إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد".
"والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون "المعنى والذين تعبدون من غيره لا يقدرون على إنقاذكم ولا أنفسهم ينقذون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار والذين تدعون أى "ويعبدون من دون الله " كما قال بسورة النحل لا يستطيعون نصركم أى لا يقدرون على منع عذاب الله عنكم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا"وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إنقاذ القوم من عقاب الله ولا أنفسهم ينصرون والمراد لا تقدر الآلهة المزعومة على إنقاذ أنفسهم من عقاب الله والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"المعنى وإن تناديهم لطاعة الحق لا يطيعوا أى تعلمهم يستمعون لك وهم لا يفقهون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يدعو الكفار إلى الهدى والمراد إن يطالب الكفار بطاعة حكم الحق لا يسمعوا أى لا يتبعوا حكم الله مصداق لقوله بنفس السورة"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم"وفسر هذا بقوله وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون والمراد وتعرف أنهم يستمعون لقولك وهم لا يفهمون فلا يتبعون سبيل الرشد مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا".
"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"المعنى اعمل الرحمة أى افعل المعروف أى ابتعد عن طاعة الكافرين،يطلب الله من رسوله (ص)بقوله:خذ العفو أى اعمل بالكتاب وهو الرحمة مصداق لقوله بسورة مريم"خذ الكتاب بقوة"وفسر هذا بقوله أمر بالعرف والمراد افعل الصلاة وهى الدين مصداق لقوله بسورة طه"وأمر أهلك بالصلاة"وفسر هذا بقوله أعرض من الجاهلين أى "وأعرض عن المشركين"كما قال بسورة الحجر والمراد أن يبتعد عن طاعة أديان الكافرين والخطاب للنبى (ص).
"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم"المعنى وإما يصيبك من الشهوات وسواس فاحتمى بالله إنه خبير محيط،يطلب الله من نبيه(ص)أنه إن نزغه من الشيطان نزغ والمراد إن أصابه من الشهوات وسواس أى إن تمكن من إضلاله الهوى إضلالا فالواجب عليه أن يستعذ بالله أى يحتمى بطاعة حكم الله والمراد أن يذكر حكم الله إذا نسى مصداق لقوله بسورة الكهف"واذكر ربك إذا نسيت"ويبين له أنه سميع عليم أى خبير محيط بكل أمر والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون"المعنى إن الذين أطاعوا إذا تمكن منهم وسواس من الهوى علموا فإذا هم تائبون وأصحابهم يزيدونهم فى الضلال ثم لا يألون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله إذا مسهم طائف من الشيطان أى إذا أصابهم وسواس من الشهوات والمراد إذا فعلوا ظلما بسبب تمكن وسواس الشهوات منهم تذكروا أى علموا الحق فإذا هم مبصرون أى مستغفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم"وهذا يعنى أنهم يتوبون فيعودون لطاعة الحق ويبين الله له أن إخوانهم وهم أصحاب المسلمين من الكفار يمدونهم فى الغى والمراد يزيدونهم أى يوحون لهم عمل الكفر وهم لا يقصرون أى لا يألون جهدا فى إضلالهم عن الحق .
"وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"المعنى وإذا لم تجيئهم بحكم قالوا لولا اخترته قل إنما أطيع الذى يلقى إلى من إلهى هذه أحكام من إلهكم أى رحمة أى نفع لناس يصدقون،يبين الله لنبيه (ص)إنه إن لم يأت الكفار بآية والمراد إن لم يخبر الكفار بحكم يريدونه قالوا لولا اجتبيتها والمراد هلا طلبت هذا الحكم وهذا يعنى أنهم يريدون منه أن يطلب من الله أن ينزل حكم لا يريده الله ومن ثم طالبه الله أن يقول لهم إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى والمراد إنما أطيع الذى يلقى لى من خالقى وهذا يعنى أنه لا يختار الأحكام وإنما الله هو الذى يختارها وهو يتبع قول الله وقال هذا بصائر من ربكم أى هذه أحكام من خالقكم أى هدى أى رحمة والمراد نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون وهذا يعنى أن الوحى يفيد من يوقن به .
"وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون"المعنى وإذا تلى الوحى عليكم فاتبعوا أى فأطيعوه لعلكم تفلحون يطلب الله من المؤمنين إذا قرىء القرآن أى إذا أبلغ لهم الوحى أن يستمعوا له أى ينصتوا له والمراد أن يطيعوا ما فيه من أحكام والسبب فى تفسير الإستماع أى الإنصات بالطاعة هو أن الكفار يستمعون للقرآن مصداق لقوله بسورة الإسراء"نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك"والسبب فى طاعة القرآن لعلهم يرحمون أى يفلحون أى يدخلون الجنة والخطاب للمؤمنين .
"واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين"المعنى وردد اسم إلهك فى ذاتك تذللا ورهبة ودون الإعلان من الكلام بالنهارات والليالى ولا تصبح من الكافرين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر ربه أى يردد اسم خالقه تضرعا أى تذللا أى رهبة ودون الإعلان من الكلام بالنهارات والليالى وهذا يعنى أن يردد النبى(ص)الألفاظ الممجدة لله بطريقتين الأولى فى النفس أى فى القلب وهو ما يسمى السر والثانية وهى دون الجهر من القول أى غير الإعلان من الحديث وهو ما يسمى الصوت الخفيض وهذا الذكر يكون تذللا أى خوفا من عذاب الله وهو يتم فى وقتين الغدو وهو النهارات والآصال وهو الليالى ويطلب منه ألا يكون من الغافلين أى الكافرين والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون"المعنى إن الذين لدى إلهك لا يستعظمون على طاعته أى يطيعون أى له يطيعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين عند الرب وهم الذين لدى كرسى العرش وحوله لا يستكبرون على عبادته والمراد لا يستعظمون على طاعته وفسر هذا بأنهم يسبحون له وفسر هذا بأن له يسجدون أى له يطيعون الحكم بالليل والنهار مصداقا لقوله بسورة الأنبياء"يسبحون الليل والنهار لا يفترون".