سورة فاطر
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة فاطر فى قوله "فاطر السموات والأرض"
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الملك لله خالق السموات والأرض خالق الملائكة مبعوثين أصحاب أيدى اثنين وثلاثة وأربعة يكثر فى الهيئة ما يريد إن الرب لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن الحمد لله أى الملك أى الأمر لله مصداق لقوله بسورة الأنعام"وله الملك"وقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا"وهو حكم الكون وهو فاطر أى خالق السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"الذى خلق السموات والأرض "وهو جاعل أى خالق الملائكة رسلا أولى أجنحة أى مبعوثين لقضاء ما يريد الله منهم أصحاب أيدى مثنى وهو اثنين وثلاثة أيدى ورباع وهو أربعة أيدى وهذا يعنى أن من الملائكة ما له يدان ومنها ما له ثلاثة أيدى ومنها ما له أربع أيدى وهو يزيد فى الخلق ما يشاء والمراد يكثر فى هيئة المخلوق ما يحب من الأجزاء وهو على كل أمر قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم "المعنى ما يعطى الرب الخلق من نفع فلا مانع له وما يمنع فلا معطى له من بعده وهو الناصر القاضى بالعدل،يبين الله أن ما يفتح الله للناس من خير فلا ممسك لها والمراد أن ما يعطى للخلق من خير فلا راد أى فلا مانع له عن الخلق مصداق لقوله بسورة يونس"وإن يردك بخير فلا راد لفضله "وما يمسك فلا مرسل له من بعده والمراد وما يمنع من الخير فلا معطى له من بعد الله لأنه وحده هو الفتاح أى العاطى والمانع وهو العزيز أى الغالب على أمره وهو الحكيم أى القاضى بالحق والخطاب للنبى(ص) .
"يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون"المعنى يا أيها الخلق اتبعوا حكم الله لكم هل من مبدع سوى الرب ينفعكم من السماء والأرض لا رب إلا هو فكيف تكفرون؟،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول اذكروا نعمة الله عليكم أى "اشكروا نعمة الله "كما قال بسورة النحل والمراد أطيعوا حكم الله المنزل عليكم ،ويسألهم هل من خالق أى منشىء للأشياء غير الله يرزقكم أى يعطيكم النفع من السماء والأرض لا إله أى لا رب إلا هو فأنى تؤفكون والمراد فكيف تكفرون به؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو خالق الكون الرازق لهم وهو الإله الوحيد الذى يجب عليهم طاعة حكمه .
"وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور"المعنى وإن يكفروا بك فقد كفر بأنبياء من قبلك وإلى جزاء الرب يعود الخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن يكذبوه أى يكفروا أى يستهزءوا برسالته فقد كذبت أى كفر أى استهزىء برسل وهم الأنبياء(ص)من قبله ومن ثم فهذا شىء عادى يجب ألا يؤثر على نفسيته وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير أى تدخل المخلوقات وهو إما الجنة وإما النار مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"المعنى يا أيها الخلق إن قول الرب صدق فلا تخدعنكم المعيشة الأولى أى لا يخدعنكم فى الله الهوى ،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول :إن وعد الله حق والمراد إن قول الرب بالعذاب واقع فلا تغرنكم الحياة الدنيا والمراد فلا تخدعنكم أى ألا تشغلكم زينة المعيشة الأولى عن طاعة حكم الله وفسر هذا بألا يغرنهم بالله الغرور والمراد ألا يبعدهم عن حكم الله الهوى الضال والخطاب للناس.
"إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير "المعنى إن الهوى لكم كارها فاجعلوه مكروها إنما ينادى فريقه ليصبحوا من سكان الجحيم الذين كذبوا لهم عقاب مهين والذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم رحمة أى ثواب عظيم ،يبين الله للناس أن الشيطان وهو الهوى الضال عدو لهم أى باغض لهم وعليهم أن يتخذوه عدوا أى أن يجعلوه مكروه منهم والسبب هو أنه يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير والمراد أنه ينادى فريقه ليتبع ما يجعله من سكان النار وهم الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله فلهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة المائدة"لهم فى الآخرة عذاب عظيم"والذين آمنوا أى أيقنوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم مغفرة أى رحمة وفسرها بأنها أجر كبير أى رزق كريم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم مغفرة ورزق كريم "وهو الجنة والخطاب للناس.
"أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون "المعنى هل من حسن له قبح فعله فظنه صالحا فإن الرب يعذب من يريد ويرحم من يريد فلا تجعل قلبك بسببهم أحزان إن الرب خبير بما يفعلون،يسأل الله أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا والمراد هل يستوى من حسن له قبيح فعله فظنه صالحا كمن عمل صالحا فعلا فى الجزاء؟والغرض من السؤال هو اخبارنا بعدم تساويهما فى الجزاء وفسر الله هذا بأنه يضل من يشاء أى يعذب من يريد ويهدى أى يرحم من يشاء أى يريد مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"ويطلب الله من نبيه (ص)ألا تذهب نفسه حسرات عليهم والمراد ألا يملأ قلبه حزنا على كفر الكفار مصداق لقوله بسورة لقمان"ومن كفر فلا يحزنك كفره"ويبين له أن الله عليم بما يصنعون والمراد أن الرب خبير بالذى يعملون مصداق لقوله بسورة الحديد"والله بما تعملون خبير "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور "المعنى والرب الذى بعث الهواء فتكون غماما فأذهبناه إلى بلد مجدب فأخصبنا به الأرض بعد جدبها هكذا البعث ،يبين الله له أنه هو الذى أرسل الرياح والمراد هو الذى دفع الهواء إلى أعلى ليثير سحابا أى ليؤلف أى ليكون غماما وبعد تكون السحاب يسوقه إلى بلد ميت أى يبعثه إلى قرية مجدبة فأحيى به الأرض بعد موتها والمراد فبعث به الأرض بعد جدبها وكذلك النشور وبتلك الطريقة وهى إنزال الماء يتم الخروج وهو البعث مرة أخرى مصداق لقوله بسورة ق"كذلك الخروج".
"من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور"المعنى من كان يحب القوة فلله القوة كلها إليه يذهب الحديث الحسن والفعل النافع يزيده والذين يعملون الخطايا لهم عقاب مهين وعمل أولئك هو يخسر،يبين الله لنبيه (ص)أن من كان يريد العزة والمراد من كان يرجو القوة وهى النصر فعليه أن يعرف أن العزة وهى النصر أى القوة كلها نابعة من طاعة أى نصر حكم لله مصداق لقوله بسورة البقرة "أن القوة لله جميعا "وقوله بسورة محمد"إن تنصروا الله ينصركم "والله يصعد إليه الكلم الطيب والمراد والله يسجل عنده الحديث النافع والعمل الصالح يرفعه أى والفعل الحسن يزيد ثواب الكلام النافع الذى هو الإيمان بالوحى الإلهى والذين يمكرون السيئات وهم الذين يعملون الخطايا مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعملون السيئات"لهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم فى الآخرة عذاب عظيم "ومكر الكفار يبور والمراد أن كيد وهو خطايا الكفار تخسر أى تضل مصداق لقوله بسورة غافر"وما كيد الكافرين إلا فى ضلال "والخطاب للنبى(ص).
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب إن ذلك على الله يسير"المعنى والرب أنشأكم من طين ثم من منى ثم خلقكم أفرادا وما تحبل من امرأة ولا تلد إلا بمعرفته وما يعيش من عائش ولا يقل من حياته إلا فى صحيفة إن ذلك على الرب هين ،يبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه والمراد وما تحبل كل امرأة ولا تلد إلا بمعرفته أى فى موعد يحدده هو وحده ويعلمه هو وحده وما يعمر من معمر أى وما يحيا من مخلوق ولا ينقص من عمره والمراد ولا يقل من طول حياته إلا فى كتاب أى صحيفة وكان كل هذا على الله وهو الرب يسيرا أى سهلا هينا .
"وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى وما يتساوى الماءان هذا مقبول عظيم مقبول طعمه وهذا ملح مر ومن كل تطعمون لحما لينا وتطلعون زينة ترتدونها وتشهد السفن فيه متحركات ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أن البحران والمراد البحر والنهر بألفاظ الناس وهما الماءين لا يتساويان فهذا عذب فرات سائغ شرابه والمراد مقبول حلو مقبول طعمه أى مذاقه وهذا ملح أجاج أى طعمه مالح لاذع ومن الماءين تأكلون لحما طريا والمراد وتطعمون من صيد الماءين لحما لينا وتستخرجون حلية تلبسونها والمراد وتستطلعون من الماءين معدن تتخذونه حلية أى زينة ترتدونها رجالا ونساء ويبين الله للنبى (ص)أنه يرى الفلك فيه مواخر والمراد يشاهد السفن فى البحر جاريات والسبب أن يبتغوا من فضله أى أن يطلبوا من رزق الله وقد أعطاهم كل هذا لعلهم يشكرون أى يطيعون حكمه والخطاب للناس عدا وترى الفلك فيه مواخر فهى للنبى(ص)ويبدو أنها منتزعة من آية أخرى وحشرت وسط الكلام بدلا من عبارة أخرى
"يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير "المعنى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وخلق الشمس والقمر كل يسير لموعد محدد ذلكم الرب خالقكم له الحكم والذين تعبدون من سواه ما يحكمون من شىء ،يبين الله للناس أنه يولج الليل فى النهار أى يدخل أى يكور الليل على النهار ويولج أى يدخل أى يكور النهار على الليل مصداق لقوله بسورة الزمر"يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل"وهو الذى سخر أى خلق الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى والمراد كلاهما يسير فى مداره حتى موعد محدد من قبل الله وذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو ربكم أى خالقكم له الملك أى الأمر فى الكون مصداق لقوله بسورة الرعد"لله الأمر جميعا"والذين تدعون من دونه لا يملكون من قطمير والمراد والذين تطيعون من سواه لا يأمرون من مخلوق والمراد لا يتحكمون فى أى مخلوق فى الكون والخطاب وما بعده للناس.
"إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير "المعنى إن تنادوهم لا يعلموا بنداءكم ولو علموا ما ردوا عليكم ويوم البعث يكذبون بعبادتكم ولا يخبرك مثل محيط ،يبين الله للناس أنهم إن يدعو أى إن ينادوا أى إن يطلبوا من آلهتهم المزعومة شىء فهم لا يسمعوا دعاءهم أى لا يعرفوا أنهم قد طلبوا منهم شىء ولو سمعوا أى ولو عرفوا الطلب ما استجابوا والمراد ما حققوا الطلب لأنهم لا يملكون القدرة على تحقيقه ويوم القيامة يكفرون بشرككم والمراد ويوم البعث يكذبون بعبادتكم والمراد ينفون أن الناس كانوا يعبدونهم ويبين الله لنبيه (ص)وللإنسان أن لا ينبئه مثل خبير أى لا يخبره قدر الله عليم وهذا يعنى أنه لا يجد شبيه لله عليم يعلمه الحقيقة .
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة فاطر فى قوله "فاطر السموات والأرض"
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الملك لله خالق السموات والأرض خالق الملائكة مبعوثين أصحاب أيدى اثنين وثلاثة وأربعة يكثر فى الهيئة ما يريد إن الرب لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن الحمد لله أى الملك أى الأمر لله مصداق لقوله بسورة الأنعام"وله الملك"وقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا"وهو حكم الكون وهو فاطر أى خالق السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"الذى خلق السموات والأرض "وهو جاعل أى خالق الملائكة رسلا أولى أجنحة أى مبعوثين لقضاء ما يريد الله منهم أصحاب أيدى مثنى وهو اثنين وثلاثة أيدى ورباع وهو أربعة أيدى وهذا يعنى أن من الملائكة ما له يدان ومنها ما له ثلاثة أيدى ومنها ما له أربع أيدى وهو يزيد فى الخلق ما يشاء والمراد يكثر فى هيئة المخلوق ما يحب من الأجزاء وهو على كل أمر قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم "المعنى ما يعطى الرب الخلق من نفع فلا مانع له وما يمنع فلا معطى له من بعده وهو الناصر القاضى بالعدل،يبين الله أن ما يفتح الله للناس من خير فلا ممسك لها والمراد أن ما يعطى للخلق من خير فلا راد أى فلا مانع له عن الخلق مصداق لقوله بسورة يونس"وإن يردك بخير فلا راد لفضله "وما يمسك فلا مرسل له من بعده والمراد وما يمنع من الخير فلا معطى له من بعد الله لأنه وحده هو الفتاح أى العاطى والمانع وهو العزيز أى الغالب على أمره وهو الحكيم أى القاضى بالحق والخطاب للنبى(ص) .
"يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون"المعنى يا أيها الخلق اتبعوا حكم الله لكم هل من مبدع سوى الرب ينفعكم من السماء والأرض لا رب إلا هو فكيف تكفرون؟،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول اذكروا نعمة الله عليكم أى "اشكروا نعمة الله "كما قال بسورة النحل والمراد أطيعوا حكم الله المنزل عليكم ،ويسألهم هل من خالق أى منشىء للأشياء غير الله يرزقكم أى يعطيكم النفع من السماء والأرض لا إله أى لا رب إلا هو فأنى تؤفكون والمراد فكيف تكفرون به؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو خالق الكون الرازق لهم وهو الإله الوحيد الذى يجب عليهم طاعة حكمه .
"وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور"المعنى وإن يكفروا بك فقد كفر بأنبياء من قبلك وإلى جزاء الرب يعود الخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن يكذبوه أى يكفروا أى يستهزءوا برسالته فقد كذبت أى كفر أى استهزىء برسل وهم الأنبياء(ص)من قبله ومن ثم فهذا شىء عادى يجب ألا يؤثر على نفسيته وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير أى تدخل المخلوقات وهو إما الجنة وإما النار مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"المعنى يا أيها الخلق إن قول الرب صدق فلا تخدعنكم المعيشة الأولى أى لا يخدعنكم فى الله الهوى ،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول :إن وعد الله حق والمراد إن قول الرب بالعذاب واقع فلا تغرنكم الحياة الدنيا والمراد فلا تخدعنكم أى ألا تشغلكم زينة المعيشة الأولى عن طاعة حكم الله وفسر هذا بألا يغرنهم بالله الغرور والمراد ألا يبعدهم عن حكم الله الهوى الضال والخطاب للناس.
"إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير "المعنى إن الهوى لكم كارها فاجعلوه مكروها إنما ينادى فريقه ليصبحوا من سكان الجحيم الذين كذبوا لهم عقاب مهين والذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم رحمة أى ثواب عظيم ،يبين الله للناس أن الشيطان وهو الهوى الضال عدو لهم أى باغض لهم وعليهم أن يتخذوه عدوا أى أن يجعلوه مكروه منهم والسبب هو أنه يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير والمراد أنه ينادى فريقه ليتبع ما يجعله من سكان النار وهم الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله فلهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة المائدة"لهم فى الآخرة عذاب عظيم"والذين آمنوا أى أيقنوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم مغفرة أى رحمة وفسرها بأنها أجر كبير أى رزق كريم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم مغفرة ورزق كريم "وهو الجنة والخطاب للناس.
"أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون "المعنى هل من حسن له قبح فعله فظنه صالحا فإن الرب يعذب من يريد ويرحم من يريد فلا تجعل قلبك بسببهم أحزان إن الرب خبير بما يفعلون،يسأل الله أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا والمراد هل يستوى من حسن له قبيح فعله فظنه صالحا كمن عمل صالحا فعلا فى الجزاء؟والغرض من السؤال هو اخبارنا بعدم تساويهما فى الجزاء وفسر الله هذا بأنه يضل من يشاء أى يعذب من يريد ويهدى أى يرحم من يشاء أى يريد مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"ويطلب الله من نبيه (ص)ألا تذهب نفسه حسرات عليهم والمراد ألا يملأ قلبه حزنا على كفر الكفار مصداق لقوله بسورة لقمان"ومن كفر فلا يحزنك كفره"ويبين له أن الله عليم بما يصنعون والمراد أن الرب خبير بالذى يعملون مصداق لقوله بسورة الحديد"والله بما تعملون خبير "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور "المعنى والرب الذى بعث الهواء فتكون غماما فأذهبناه إلى بلد مجدب فأخصبنا به الأرض بعد جدبها هكذا البعث ،يبين الله له أنه هو الذى أرسل الرياح والمراد هو الذى دفع الهواء إلى أعلى ليثير سحابا أى ليؤلف أى ليكون غماما وبعد تكون السحاب يسوقه إلى بلد ميت أى يبعثه إلى قرية مجدبة فأحيى به الأرض بعد موتها والمراد فبعث به الأرض بعد جدبها وكذلك النشور وبتلك الطريقة وهى إنزال الماء يتم الخروج وهو البعث مرة أخرى مصداق لقوله بسورة ق"كذلك الخروج".
"من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور"المعنى من كان يحب القوة فلله القوة كلها إليه يذهب الحديث الحسن والفعل النافع يزيده والذين يعملون الخطايا لهم عقاب مهين وعمل أولئك هو يخسر،يبين الله لنبيه (ص)أن من كان يريد العزة والمراد من كان يرجو القوة وهى النصر فعليه أن يعرف أن العزة وهى النصر أى القوة كلها نابعة من طاعة أى نصر حكم لله مصداق لقوله بسورة البقرة "أن القوة لله جميعا "وقوله بسورة محمد"إن تنصروا الله ينصركم "والله يصعد إليه الكلم الطيب والمراد والله يسجل عنده الحديث النافع والعمل الصالح يرفعه أى والفعل الحسن يزيد ثواب الكلام النافع الذى هو الإيمان بالوحى الإلهى والذين يمكرون السيئات وهم الذين يعملون الخطايا مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعملون السيئات"لهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم فى الآخرة عذاب عظيم "ومكر الكفار يبور والمراد أن كيد وهو خطايا الكفار تخسر أى تضل مصداق لقوله بسورة غافر"وما كيد الكافرين إلا فى ضلال "والخطاب للنبى(ص).
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب إن ذلك على الله يسير"المعنى والرب أنشأكم من طين ثم من منى ثم خلقكم أفرادا وما تحبل من امرأة ولا تلد إلا بمعرفته وما يعيش من عائش ولا يقل من حياته إلا فى صحيفة إن ذلك على الرب هين ،يبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه والمراد وما تحبل كل امرأة ولا تلد إلا بمعرفته أى فى موعد يحدده هو وحده ويعلمه هو وحده وما يعمر من معمر أى وما يحيا من مخلوق ولا ينقص من عمره والمراد ولا يقل من طول حياته إلا فى كتاب أى صحيفة وكان كل هذا على الله وهو الرب يسيرا أى سهلا هينا .
"وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى وما يتساوى الماءان هذا مقبول عظيم مقبول طعمه وهذا ملح مر ومن كل تطعمون لحما لينا وتطلعون زينة ترتدونها وتشهد السفن فيه متحركات ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أن البحران والمراد البحر والنهر بألفاظ الناس وهما الماءين لا يتساويان فهذا عذب فرات سائغ شرابه والمراد مقبول حلو مقبول طعمه أى مذاقه وهذا ملح أجاج أى طعمه مالح لاذع ومن الماءين تأكلون لحما طريا والمراد وتطعمون من صيد الماءين لحما لينا وتستخرجون حلية تلبسونها والمراد وتستطلعون من الماءين معدن تتخذونه حلية أى زينة ترتدونها رجالا ونساء ويبين الله للنبى (ص)أنه يرى الفلك فيه مواخر والمراد يشاهد السفن فى البحر جاريات والسبب أن يبتغوا من فضله أى أن يطلبوا من رزق الله وقد أعطاهم كل هذا لعلهم يشكرون أى يطيعون حكمه والخطاب للناس عدا وترى الفلك فيه مواخر فهى للنبى(ص)ويبدو أنها منتزعة من آية أخرى وحشرت وسط الكلام بدلا من عبارة أخرى
"يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير "المعنى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وخلق الشمس والقمر كل يسير لموعد محدد ذلكم الرب خالقكم له الحكم والذين تعبدون من سواه ما يحكمون من شىء ،يبين الله للناس أنه يولج الليل فى النهار أى يدخل أى يكور الليل على النهار ويولج أى يدخل أى يكور النهار على الليل مصداق لقوله بسورة الزمر"يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل"وهو الذى سخر أى خلق الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى والمراد كلاهما يسير فى مداره حتى موعد محدد من قبل الله وذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو ربكم أى خالقكم له الملك أى الأمر فى الكون مصداق لقوله بسورة الرعد"لله الأمر جميعا"والذين تدعون من دونه لا يملكون من قطمير والمراد والذين تطيعون من سواه لا يأمرون من مخلوق والمراد لا يتحكمون فى أى مخلوق فى الكون والخطاب وما بعده للناس.
"إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير "المعنى إن تنادوهم لا يعلموا بنداءكم ولو علموا ما ردوا عليكم ويوم البعث يكذبون بعبادتكم ولا يخبرك مثل محيط ،يبين الله للناس أنهم إن يدعو أى إن ينادوا أى إن يطلبوا من آلهتهم المزعومة شىء فهم لا يسمعوا دعاءهم أى لا يعرفوا أنهم قد طلبوا منهم شىء ولو سمعوا أى ولو عرفوا الطلب ما استجابوا والمراد ما حققوا الطلب لأنهم لا يملكون القدرة على تحقيقه ويوم القيامة يكفرون بشرككم والمراد ويوم البعث يكذبون بعبادتكم والمراد ينفون أن الناس كانوا يعبدونهم ويبين الله لنبيه (ص)وللإنسان أن لا ينبئه مثل خبير أى لا يخبره قدر الله عليم وهذا يعنى أنه لا يجد شبيه لله عليم يعلمه الحقيقة .