"ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين "المعنى وأعطينا له إسحاق(ص)ويعقوب(ص)ووضعنا فى نسله الحكمة أى الوحى وأعطيناه ثوابه فى الأولى وإنه فى القيامة مع المحسنين ،يبين الله أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص)ابنه إسحاق (ص)ولإسحاق (ص)ابنه يعقوب(ص)وجعل الله فى ذريته النبوة وهى الكتاب والمراد ووضع الرب فى نسل إبراهيم (ص)وهم أولاده الوحى وهو الحكمة مصداق لقوله بسورة النساء"فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة "وأتيناه أجره فى الدنيا والمراد وأعطيناه ثوابه وهو نصره ومنه الإصطفاء فى الأولى وإنه فى الآخرة وهى القيامة لمن الصالحين والمراد مع المحسنين فى الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة من الصالحين".
"ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين "المعنى وأرسلنا لوطا (ص)حين قال لشعبه إنكم لترتكبون الزنى ما ارتكبه من أحد من الناس أإنكم لتزنون بالرجال وتؤذون فى الطريق وتفعلون فى مجلسكم الحرام فما كان رد شعبه إلا أن قالوا هات لنا عقاب الرب إن كنت من العادلين بقولك ،يبين الله أنه بعث لوطا (ص)إلى قومه فقال لهم إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد أترتكبون الزنى بالرجال ما فعلها أحد من قبلكم من الناس ؟وهذا يعنى أن قوم لوط(ص)أول من ناك الرجل منهم الرجل من خلق الله ،أإنكم لتأتون الرجال والمراد أإنكم لتنيكون الذكور وتقطعون السبيل والمراد وتؤذون فى الطريق وهذا يعنى أنهم يؤذون المارة بنيكهم وتأتون فى ناديكم المنكر والمراد وتفعلون فى مجالسكم الفاحشة ؟وهذا يعنى أنهم كانوا ينيكون بعضهم فى البيوت وفى الطريق وفى مجالسهم دون حياء من بعضهم ،فكان جواب قومه وهو رد شعبه عليه هو أنهم قالوا :ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعقاب الرب الذى وعدتنا إن كنت من المرسلين مصداق لقوله بسورة الشعراء"ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "وهم العادلين فى قولهم ،وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب الله وليس أن يفقههم دينهم .
"قال رب انصرنى على القوم المفسدين "المعنى قال إلهى ساعدنى على الناس الكافرين،يبين الله أن لوط(ص)دعا الله فقال رب انصرنى على القوم المفسدين والمراد أنقذنى من أذى الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين ".
"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "المعنى ولما أتت ملائكتنا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا إنا مدمروا سكان هذه البلدة إن سكانها كانوا كافرين ،يبين الله أن الرسل وهم المبعوثين من الملائكة لما جاءت قالت لإبراهيم (ص)البشرى وهى الخبر السار بولادة ابن له قالوا له :إنا مهلكوا أهل هذه القرية والمراد إنا مدمروا شعب هذه البلدة إن أهلها كانوا ظالمين والمراد إن شعبها كانوا مجرمين مصداق لقوله بسورة هود"وكانوا مجرمين "وهذا يعنى أنهم أتوا لتدمير قوم لوط(ص)بسبب ظلمهم وهو كفرهم.
"قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "المعنى قال إن فى البلدة لوطا(ص)قالوا نحن أدرى بمن فيها لننقذنه وعائلته إلا زوجته كانت من الهالكين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال للملائكة إن فيها لوطا (ص)والمراد هل ستدمرون لوطا معهم ؟فقالوا نحن أعلم بمن فيها والمراد نحن أعرف بالذين فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد لننقذنه وعائلته إلا عجوزا أى زوجته كانت من المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين "وهذا يعنى أن الله سينقذ لوط (ص)وعائلته من العقاب الذى سينزله بالقوم .
"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون "المعنى ولما أتت ملائكتنا لوطا (ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقالوا لا تخش أى لا تغتم إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من الهالكين إنا مسقطون على سكان هذه البلدة عذابا من السحاب بسبب ما كانوا يكفرون ولقد جعلنا منها عبرة واضحة لناس يفهمون ،يبين الله أن رسل الله وهم مبعوثو الله من الملائكة لما جاءت أى وصلت عند لوط(ص) سىء بهم أى ضاق بهم ذرعا والمراد اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا لمعرفته بعجزه عن حمايتهم لأنه لم يعرف أنهم ملائكة فقالوا له لا تخف أى لا تحزن والمراد لا تخشى أذاهم إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين والمراد إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من المعذبين ،وهذا يعنى أنهم يخبرونه أنه لن يصيبه وعائلته العذاب ما عدا زوجته الكافرة ،وقالوا له إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون والمعنى إنا مرسلون على شعب هذه البلدة حجارة من السحاب بما كانوا يمكرون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين "وقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون"وهذا يعنى أن سبب هلاكهم هو فسقهم وهو كفرهم ،ويبين أنه ترك منها آية بينة لقوم يعقلون والمراد أنه جعلها عظة ظاهرة لناس يفهمون .
"وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر ولا تعثوا فى الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين "المعنى وأرسلنا لمدين صاحبهم شعيبا (ص)فقال أطيعوا حكم الله وابتغوا رحمة يوم القيامة أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين فكفروا به فأهلكتهم الصيحة فكانوا فى بلدهم راقدين ،يبين الله أنه أرسل لمدين أخاهم وهو صاحبهم شعيبا (ص)فقال :يا قوم اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الرب والمراد"اتقوا الله"كما قال بسورة البقرة ،وارجوا اليوم الآخر والمراد واعملوا ليوم القيامة وفسر هذا بقوله لا تعثوا فى الأرض مفسدين أى لا تبغوا فى البلاد ظالمين أى لا تحكموا فى البلاد بغير الحق مصداق لقوله بسورة الشورى "ويبغون فى الأرض بغير الحق"فكانت النتيجة أن كذبوه أى كفروا برسالته فأخذتهم الرجفة والمراد فأهلكهم عذاب يوم الظلة وهو الصيحة مصداق لقوله بسورة الشعراء"فأخذهم عذاب يوم الظلة "وقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا الصيحة "فأصبحوا فى دارهم جاثمين والمراد فكانوا فى بلادهم راقدين أى موتى وما سبق من قصص الخطاب فيه للنبى(ص) ومنه للناس.
"وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الأرض وما كانوا سابقين "المعنى وأرسلنا رسلا لعاد وثمودا وقد ظهر لكم من بيوتهم وحسن لهم الهوى سيئاتهم فردهم عن الدين وكانوا مستنيرين وقارون وفرعون وهامان ولقد أتاهم موسى (ص)بالآيات فأفسدوا فى البلاد وما كانوا منتصرين،يبين الله للناس أنه أرسل الرسل لعاد وثمود فكفروا فكانت النتيجة أنهم هلكوا وقد تبين لكم من مساكنهم والمراد وقد ظهر لكم من بيوتهم وهى بلداتهم القائمة هلاكهم ،وهذا يعنى أن الناس فى عصر النبى (ص)كانوا يعرفون مكان بلاد عاد وثمود الخربة ،ويبين لهم أنهم قد ظهر لهم أن الشيطان وهو الهوى الضال زين لهم أعمالهم والمراد حسن لهم سيئاتهم مصداق لقوله بسورة فاطر"زين له سوء عمله "فكانت نتيجة تحسين السوء أن صدهم عن السبيل والمراد أن أبعدهم عن طاعة حكم الله وفسر هذا بأنهم كانوا مستبصرين أى عالمين بالحق وهو النور ولم يعملوا به ومثلهم قارون وفرعون وهامان هلكوا والسبب أن موسى (ص)جاءهم بالبينات والمراد أتاهم بالآيات فاستكبروا فى الأرض والمراد فأفسدوا فى البلاد وفسر الله هلاكهم بأنهم ما كانوا سابقين أى "فما هم بمعجزين"كما قال بسورة النحل والمراد أنهم ما كانوا مانعين لعذاب الله والخطاب وما بعده للناس على لسان النبى(ص).
"فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"المعنى فكلا أهلكنا بكفره فمنهم من بعثنا عليه حجارة ومنهم من أهلكته الصيحة ومنهم من زلزلنا به اليابس ومنهم من أغرقنا وما كان الرب لينقصهم ولكن كانوا أنفسهم يهلكون،يبين الله أن كل الأقوام الكفار أخذهم الله بذنبهم والمراد أهلكهم الله بسبب كفرهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا والمراد ومنهم من بعثنا عليه حجارة أى "رجزا من السماء"كما قال بسورة العنكبوت وهم قوم لوط(ص)ومنهم من أخذته الصيحة وهى الرياح الشديدة وهم عاد ومنهم من خسفنا به الأرض والمراد ومنهم من زلزلنا به اليابس وهو قارون ومنهم من أغرقنا أى أهلكنا فى الماء وهو فرعون وهامان ،ويبين أنه ما كان ليظلمهم أى لينقصهم حقا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون بعملهم الكفر .
"مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "المعنى شبه الذين عبدوا من سوى الله أربابا كشبه العنكبوت صنعت مسكنا وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعرفون ،يبين الله أن مثل وهو شبه الذين اتخذوا من دون الله أولياء أى "اتخذوا من دون الله آلهة "كما قالوا بسورة يس وهم الذين عبدوا من سوى الرب أربابا كمثل أى كشبه العنكبوت اتخذت بيتا أى صنعت مسكنا وإن أوهن البيوت والمراد وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعلمون أى يفهمون وأصل المثل هو الكفار يشبهون العنكبوت والأولياء وهم الآلهة المزعومة هم البيت الواهن وكما أن بيت العنكبوت لا يحميه من أذى المخلوقات الأخرى فإن الآلهة المزعومة لا تحمى الكفار من أذى الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص) .
"إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىء وهو العزيز الحكيم "المعنى إن الرب يعرف الذى تعبدون من سواه ليس إله وهو الغالب القاضى بالحق ،يبين الله أنه يعلم أى يعرف أن الكفار لا يدعون من دونه من شىء والمراد لا يتبعون من غيره من إله أى شريك مصداق لقوله بسورة يونس"وما يتبع الذين يدعون من دونه الله من شركاء " والله هو العزيز الحكيم أى الغالب على أمره القاضى بالعدل .
"وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون" المعنى وتلك الأحكام نبينها للخلق وما يفهمها إلا العاقلون ،يبين الله أن الأمثال وهى الأحكام يضربها للناس والمراد يبينها للخلق وما يعقلها إلا العالمون والمراد وما يفهمها سوى العاقلون الذين يعملون بها والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"خلق الله السموات والأرض بالحق إن فى ذلك لآية للمؤمنين "المعنى أبدع الرب السموات والأرض للعدل إن فى الخلق لبرهان للمصدقين ،يبين الله أن الله خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والسبب بالحق أى للعدل أى لينفذ فيها حكم الله وهو العدل وفى ذلك وهو الخلق آية للمؤمنين والمراد برهان على وجوب عبادة الله وحده للمصدقين بحكم الله .
"اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون "المعنى أطع الذى ألقى لك من الوحى أى اتبع الدين إن الدين يحرم السوء أى الكفر ولطاعة الرب أفضل والرب يعرف ما تفعلون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتلوا ما أوحى إليه من الكتاب والمراد أن يتبع الذى ألقى له من القرآن وبيانه وهو الوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"اتبع ما أوحى إليك من ربك "وفسر هذا بأن يقيم الصلاة أى يطيع الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وهو الإسلام ،ويبين له أن الصلاة وهى الدين أى الإسلام تنهى عن الفحشاء أى المنكر والمراد يحرم الكفر أى الظلم ويبين له أن ذكر الله أكبر والمراد أن أجر طاعة حكم الرب أفضل من النار مصداق لقوله بسورة النحل"ولأجر الآخرة أكبر "ويبين له أن الله يعلم ما تصنعون والمراد أن الرب يدرى الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله يعلم ما تفعلون " والخطاب حتى الله للنبى(ص) وما بعده للناس ويبدو أنه جزء من آية أخرى حذف بعضها .
"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون "المعنى ولا تحاوروا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أفضل إلا الذين كفروا منهم وقولوا صدقنا بالذى أوحى إليكم وأوحى إلينا وربنا وربكم واحد ونحن له مطيعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يناقشوا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أعدل وهى القرآن ما عدا الذين ظلموا أى كفروا منهم والسبب أن النقاش لن يفيدهم لأنهم لن يؤمنوا أبدا ،ويطلب منهم أن يقولوا لأهل الكتاب :آمنا بالذى أنزل إليكم والذى أنزل إلينا والمراد صدقنا بالذى أوحى لكم والذى أوحى لنا وهذا يعنى وجوب تصديقنا بالوحى كله،وإلهكم وإلهنا واحد أى "وهو ربنا وربكم "كما قال بسورة البقرة والمراد وخالقنا وخالقكم واحد لا شريك له ونحن له مسلمون أى مطيعون لحكمه أى مخلصون مصداق لقوله بسورة البقرة "ونحن له مخلصون "والخطاب للمؤمنين.
"وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين أتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون"المعنى وهكذا أوحينا لك الوحى فالذين أعطيناهم الوحى يصدقون به ومن هؤلاء من يصدق به وما يكفر بأحكامنا إلا الظالمون،يبين الله لنبيه (ص)كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإبلاغ أنزل الله إليه الكتاب والمراد أوحى له القرآن وبيانه وهو الوحى،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى السابق يؤمنون به أى يصدقون بالقرآن ومن هؤلاء والمراد ومن الناس الذين لا علم لهم بالوحى السابق من يؤمن أى يصدق بالقرآن ويبين له أن ما يجحد بآيات الله إلا الكافرون والمراد أن ما يكذب بأحكام الرب سوى الظالمون مصداق لقوله بسورة العنكبوت"وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "وهم الفاسقون والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون "المعنى وما كنت تقرأ من قبله من صحيفة ولا تكتبها بيدك إذا لشك المكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما كان يفعل التالى :يتلوا من كتاب من قبله والمراد ما كان يقرأ صحيفة من قبل القرآن ولا يخطه بيمينه والمراد ولا يكتب كتاب بيده ويبين له أنه لو كان يقرأ الصحف ويكتبها قبل نزول القرآن لأصبح لدى المبطلين وهم المكذبين سبب يجعلهم يرتابون أى يشكون فى صحة القرآن ولكنهم يعرفون أنه من عند الله .
"بل هو آيات بينات فى صدور الذين
أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "المعنى إنه هو أحكام واضحات فى نفوس الذين أعطوا الوحى وما يكذب بأحكامنا إلا الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن القرآن هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم والمراد أن القرآن هو أحكام مفهومات فى عقول الذين أعطوا الوحى وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون والمراد وما يكفر بأحكامنا إلا الكافرون مصداق لقوله بنفس السورة "وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون " .
"وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله إنما أنا نذير مبين "المعنى وقالوا هلا أتت له معجزات من خالقه قل إنما المعجزات لدى الرب إنما أنا مبلغ أمين ،يبين الله لنبيه أن الكفار قالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه والمراد هلا أتت له معجزات من إلهه وهذا يعنى أنهم يطلبون معجزات ليصدقوا به ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند أى من عند الله وليس بأمر النبى(ص) إنما أنا نذير مبين أى مبلغ أمين والمراد "ناصح أمين"كما قال بسورة الأعراف .
"أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون "المعنى هل لم يفهمهم أنا أوحينا لك الوحى يبلغ لهم إن فى ذلك لنفع أى فائدة لناس يصدقون ،يسأل الله نبيه(ص)أو لم يكفهم والمراد هل لم يجعلهم يعقلون أنا أنزلنا الكتاب أى "أوحينا إليك قرآنا عربيا"كما قال بسورة الشورى يتلى عليهم أى يقرأ لهم أى يبلغ لهم والغرض من السؤال إخباره بكفرهم بالكتاب الذى نزوله دليل كافى على صحته،إن فى ذلك وهو إبلاغ الوحى لرحمة أى ذكرى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به وهم العابدون لله مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وذكرى للعابدين ".
"قل كفى بالله بينى وبينكم شهيدا يعلم ما فى السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون "المعنى قل حسبى الله بينى وبينكم حاكما يعرف الذى فى السموات والأرض والذين صدقوا بالكذب أى كذبوا بحكم الله أولئك هم المعذبون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :كفى بالله بينى وبينكم شهيدا والمراد حسبى الله بينى وبينكم قاضيا وهذا يعنى أنه يفصل بين الكل بالعدل ،يعلم أى يعرف الذى فى السموات والأرض،والذين آمنوا بالباطل أى والذين صدقوا بالجبت أى الطاغوت وهو الكفر مصداق النساء"يؤمنون بالجبت والطاغوت"وفسر هذا بأنهم كفروا بالله أى كذبوا بنعمة وهى حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"وبنعمة الله هم يكفرون"أولئك هم الخاسرون أى المعذبون أى "أصحاب الجحيم "كما قال بسورة الحديد والخطاب وما قبله وما قبله وما قبله وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون "ويطالبونك بالعقاب ولولا ميقات محدد لأتاهم العقاب وليجيئنهم فجأة وهم لا يعلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب أى يطالبونه بنزول السيئة وهى العقاب الإلهى عليهم،ويبين له أن لولا أجل مسمى والمراد بسبب موعد محدد من قبل لجاءهم العذاب والمراد لأتاهم العقاب ويبين له أنه سوف يأتيهم بغتة أى يجيئهم فجأة وهم لا يشعرون أى لا يعلمون بوقت نزوله وهذا يعنى أن الموعد غير معروف لأحد منهم
"يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون"المعنى يطالبونك بالعقاب وإن النار لحافة بالمكذبين يوم يأتيهم الألم من أعلاهم ومن أسفل أقدامهم ويقول ادخلوا بما كنتم تفعلون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب والمراد يطالبونه بنزول العقاب وهو السيئة عليهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ويستعجلونك بالسيئة "ويبين له أن جهنم وهى النار محيطة بالكافرين أى سورها وهو سرداقها حاف بالظالمين مصداق لقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها "ويكون ذلك يوم يغشاهم العذاب من فوقهم والمراد يوم يصيبهم الظلل وهى النيران من أعلاهم ومن تحت أرجلهم والمراد ومن أسفل أقدامهم مصداق لقوله بسورة الزمر"لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل" ويقال لهم ذوقوا ما كنتم تعملون أى ادخلوا عقاب الذى كنتم تفعلون .
"يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون "المعنى يا خلقى الذين صدقوا إن بلادى كثيرة فإياى فأطيعون ،ينادى الله عباده الذين آمنوا وهم خلقه الذين صدقوا حكم الله فيقول إن أرضى واسعة والمراد إن بلادى رحيبة فهاجروا فيها مصداق لقوله بسورة النساء"ألم تكن أرضى واسعة فتهاجروا فيها" فإياى فاعبدون أى"وإياى فارهبون"كما قال بسورة البقرة والمراد وإياى فأطيعوا حكمى والخطاب للناس.
"كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا يرجعون "المعنى كل فرد عارف الوفاة ثم إلينا يعودون ،يبين الله للناس مسلمهم وكافرهم أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل فرد مصاب بالوفاة ثم إلينا يرجعون أى يحشرون مصداق لقوله بسورة الملك"وإليه يحشرون"والمراد يعودون لجزاء الله والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبؤنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لندخلنهم فى الحديقة مساكنا تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها حسن ثواب المطيعين الذين أطاعوا أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من العذاب ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات سوف يبوئهم من الجنة غرفا والمراد سوف يسكنهم فى الحديقة قصورا أى مساكنا طيبة مصداق لقوله بسورة الصف"ومساكن طيبة فى جنات عدن" تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى مقيمين فيها دوما ونعم أجر العاملين والمراد وحسنت دار المتقين مصداق لقوله بسورة النحل"ولنعم دار المتقين "وهم الذين صبروا أى أطاعوا حكم الله وفسرهم بأنهم على ربهم يتوكلون أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من عذابه .
"وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم "المعنى وكم من مخلوق لا يرفع نفعه الله ينفعه وإياكم وهو الخبير المحيط ،يبين الله أن العديد من الدواب وهم كل المخلوقات لا تحمل رزقها أى لا تقدر على نفع نفسها والله يرزقها والمراد والله ينفعها وإياكم وهو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء والخطاب للناس.
"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون"المعنى ولئن استخبرتهم من أبدع السموات والأرض وخلق الشمس والقمر ليجيبن الله فأنى يصرفون ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا سأل أى استخبر الكفار فقال:من خلق أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وسخر أى وخلق الشمس والقمر فإنهم يقولون الله هو الخالق المسخر،ويسأل الله فأنى يؤفكون أى يصرفون أى فكيف يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"فأنى تصرفون"والغرض من السؤال إخبارنا أن القوم يكذبون الوحى رغم اعترافهم بأنه خالق كل شىء والخطاب للنبى(ص).
"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له إن الله بكل شىء عليم "المعنى الرب يكثر العطاء لمن يريد ويقلل له إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يبسط الرزق لمن يشاء والمراد أن الرب يكثر العطاء لمن يريد من الخلق ويقدر له أى ويقلل العطاء لمن يريد والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر خبير محيط مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون "المعنى ولئن استخبرتهم من أسقط من السحاب مطرا فبعث به اليابس بعد جدبه ليقولن الرب قل الطاعة لله إن أغلبهم لا يفهمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو سأل أى استفهم الكفار فقال من نزل من السماء ماء والمراد من أسقط من السحاب غيثا أى رزقا مصداق لقوله بسورة الجاثية "وما أنزل الله من رزق " فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث الأرض حية بعد هلاكها وهو جدبها ؟فسوف يجيبون الله هو المنزل المحيى ويطلب منه أن يقول الحمد أى الطاعة لحكم الرب واجبة والمراد الأمر لله مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر"ويبين له أن أكثرهم لا يعقلون والمراد أن معظمهم لا يشكرون أى لا يطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" الله.
"وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون "المعنى وما هذه المعيشة الأولى إلا شغل أى عبث وإن الدار الباقية لهى الحياة لو كانوا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا ما الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى إلا لهو أى لعب والمراد انشغال بالمتع حراما وحلالا ،ويبين له أن الدار الآخرة وهى جنة القيامة هى الحيوان أى المعيشة الحقيقية أى الخير الدائم مصداق لقوله بسورة الأنعام"والدار الآخرة خير للذين يتقون "وهذا لو كان الناس يعلمون أى يفقهون أى يفهمون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "ولو كانوا يفقهون "والقول مكون من جزئين وهو قول الكفار ما الحياة ..ولعب وأوله محذوف وما بعده للنبى(ص)
"فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما أتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون"المعنى فإذا استووا فى السفن نادوا الرب مقرين له بالحكم فلما أخرجهم إلى اليابس إذا هم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم أى ليتلذذوا فسوف يعرفون من الهالك،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا ركبوا فى الفلك والمراد استووا أى كانوا فى السفن فى البحر وهاج عليهم موج البحر دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الرب معترفين له بالحكم وحده وهذا يعنى أنهم لا يجدون أحد يطالبونه بالإنقاذ سوى الله وحده فإذا استجاب الله لهم فنجاهم إلى البر والمراد فأخرجهم من البحر إلى اليابس سالمين كانت النتيجة أنهم يشركون أى يبغون فى الأرض بغير الحق مصداق لقوله بسورة يونس"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق"والمراد يكفرون وهذا الشرك سببه أنهم يكفروا بما أتاهم الله والمراد أنهم يكذبوا بما أنزل الله لهم من الوحى وفسر هذا بأنهم يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف يعلمون أى يعرفون من المعاقب فى الدنيا والآخرة والقول خطاب للنبى(ص)وأوله محذوف
"أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون "المعنى هل لم يعلموا أنا وضعنا بيتا ممنوعا ويؤذى الخلق من حولهم ؟أفبالكفر يصدقون وبحكم الرب يكذبون؟ يسأل الله أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم والمراد ألم يدروا أنا خلقنا مكانا ممنوعا الأذى فيه ويضر الخلق فى البلاد من بعد المكان الممنوع؟والغرض من السؤال إخبار الكفار والناس أن مكة مكان آمن أى ممنوع فيه الأذى لسرعة انتقام الله من المؤذى المقرر الأذى قبل أن يفعله فى الحرم وأما البلاد المحيطة به وهى كل بلاد الأرض فالأذى موجود فيها وهو رد على قول الكفار "إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا"كما قالوا بسورة القصص ومن ثم فالتخطف وهو الأذى ليس حجة فى عدم الإيمان لحياتهم فى المكان الآمن ،ويسأل الله أفبالباطل يؤمنون أى هل "يؤمنون بالجبت والطاغوت"كما قال بسورة النساء والمراد أيصدقون بالكفر وبنعمة وهى آيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"يكفرون بآيات الله " ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار يؤمنون بالكفر ويكذبون بالحق والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس فى جهنم مثوى للكافرين "المعنى ومن أضل ممن نسب إلى الرب كفرا أو كفر بالعدل لما أتاه أليس فى النار مقام للمكذبين؟،يبين الله أن الأظلم وهو الضال مصداق لقوله بسورة القصص"ومن أضل"التى تفسر "من أظلم "هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى قال على الله زورا وهو من اخترع دين ثم نسبه لله وفسره بأنه كذب بالحق لما جاءه أى كفر بالعدل لما بلغه من الله عن طريق الرسل (ص)ويسأل الله أليس فى جهنم مثوى للكافرين والمراد أليس فى النار مأوى للمتكبرين مصداق لقوله بسورة السجدة "فمأواهم النار "وقوله بسورة الزمر"أليس فى جهنم مثوى للمتكبرين "وهذا يعنى أن مقام الكفار هو النار .
"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "المعنى والذين أطاعونا لندخلنهم جناتنا أى إن الرب لناصر الصابرين ،يبين الله أن الذين جاهدوا فى الله وهم الذين أطاعوا حكم الله يهديهم الله سبله والمراد يعطيهم طرق السلام وهى متع الجنة مصداق لقوله بسورة المائدة "يهدى الله من اتبع رضوانه سبل السلام "وفسر الله هذا بأنه مع المحسنين أى ناصر أى راحم الصابرين وهم المطيعين لحكمه مصداق لقوله بسورة البقرة "إن الله مع الصابرين "والخطاب للنبى(ص)
"ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين "المعنى وأرسلنا لوطا (ص)حين قال لشعبه إنكم لترتكبون الزنى ما ارتكبه من أحد من الناس أإنكم لتزنون بالرجال وتؤذون فى الطريق وتفعلون فى مجلسكم الحرام فما كان رد شعبه إلا أن قالوا هات لنا عقاب الرب إن كنت من العادلين بقولك ،يبين الله أنه بعث لوطا (ص)إلى قومه فقال لهم إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد أترتكبون الزنى بالرجال ما فعلها أحد من قبلكم من الناس ؟وهذا يعنى أن قوم لوط(ص)أول من ناك الرجل منهم الرجل من خلق الله ،أإنكم لتأتون الرجال والمراد أإنكم لتنيكون الذكور وتقطعون السبيل والمراد وتؤذون فى الطريق وهذا يعنى أنهم يؤذون المارة بنيكهم وتأتون فى ناديكم المنكر والمراد وتفعلون فى مجالسكم الفاحشة ؟وهذا يعنى أنهم كانوا ينيكون بعضهم فى البيوت وفى الطريق وفى مجالسهم دون حياء من بعضهم ،فكان جواب قومه وهو رد شعبه عليه هو أنهم قالوا :ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعقاب الرب الذى وعدتنا إن كنت من المرسلين مصداق لقوله بسورة الشعراء"ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "وهم العادلين فى قولهم ،وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب الله وليس أن يفقههم دينهم .
"قال رب انصرنى على القوم المفسدين "المعنى قال إلهى ساعدنى على الناس الكافرين،يبين الله أن لوط(ص)دعا الله فقال رب انصرنى على القوم المفسدين والمراد أنقذنى من أذى الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين ".
"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "المعنى ولما أتت ملائكتنا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا إنا مدمروا سكان هذه البلدة إن سكانها كانوا كافرين ،يبين الله أن الرسل وهم المبعوثين من الملائكة لما جاءت قالت لإبراهيم (ص)البشرى وهى الخبر السار بولادة ابن له قالوا له :إنا مهلكوا أهل هذه القرية والمراد إنا مدمروا شعب هذه البلدة إن أهلها كانوا ظالمين والمراد إن شعبها كانوا مجرمين مصداق لقوله بسورة هود"وكانوا مجرمين "وهذا يعنى أنهم أتوا لتدمير قوم لوط(ص)بسبب ظلمهم وهو كفرهم.
"قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "المعنى قال إن فى البلدة لوطا(ص)قالوا نحن أدرى بمن فيها لننقذنه وعائلته إلا زوجته كانت من الهالكين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال للملائكة إن فيها لوطا (ص)والمراد هل ستدمرون لوطا معهم ؟فقالوا نحن أعلم بمن فيها والمراد نحن أعرف بالذين فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد لننقذنه وعائلته إلا عجوزا أى زوجته كانت من المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين "وهذا يعنى أن الله سينقذ لوط (ص)وعائلته من العقاب الذى سينزله بالقوم .
"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون "المعنى ولما أتت ملائكتنا لوطا (ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقالوا لا تخش أى لا تغتم إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من الهالكين إنا مسقطون على سكان هذه البلدة عذابا من السحاب بسبب ما كانوا يكفرون ولقد جعلنا منها عبرة واضحة لناس يفهمون ،يبين الله أن رسل الله وهم مبعوثو الله من الملائكة لما جاءت أى وصلت عند لوط(ص) سىء بهم أى ضاق بهم ذرعا والمراد اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا لمعرفته بعجزه عن حمايتهم لأنه لم يعرف أنهم ملائكة فقالوا له لا تخف أى لا تحزن والمراد لا تخشى أذاهم إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين والمراد إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من المعذبين ،وهذا يعنى أنهم يخبرونه أنه لن يصيبه وعائلته العذاب ما عدا زوجته الكافرة ،وقالوا له إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون والمعنى إنا مرسلون على شعب هذه البلدة حجارة من السحاب بما كانوا يمكرون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين "وقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون"وهذا يعنى أن سبب هلاكهم هو فسقهم وهو كفرهم ،ويبين أنه ترك منها آية بينة لقوم يعقلون والمراد أنه جعلها عظة ظاهرة لناس يفهمون .
"وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر ولا تعثوا فى الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين "المعنى وأرسلنا لمدين صاحبهم شعيبا (ص)فقال أطيعوا حكم الله وابتغوا رحمة يوم القيامة أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين فكفروا به فأهلكتهم الصيحة فكانوا فى بلدهم راقدين ،يبين الله أنه أرسل لمدين أخاهم وهو صاحبهم شعيبا (ص)فقال :يا قوم اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الرب والمراد"اتقوا الله"كما قال بسورة البقرة ،وارجوا اليوم الآخر والمراد واعملوا ليوم القيامة وفسر هذا بقوله لا تعثوا فى الأرض مفسدين أى لا تبغوا فى البلاد ظالمين أى لا تحكموا فى البلاد بغير الحق مصداق لقوله بسورة الشورى "ويبغون فى الأرض بغير الحق"فكانت النتيجة أن كذبوه أى كفروا برسالته فأخذتهم الرجفة والمراد فأهلكهم عذاب يوم الظلة وهو الصيحة مصداق لقوله بسورة الشعراء"فأخذهم عذاب يوم الظلة "وقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا الصيحة "فأصبحوا فى دارهم جاثمين والمراد فكانوا فى بلادهم راقدين أى موتى وما سبق من قصص الخطاب فيه للنبى(ص) ومنه للناس.
"وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الأرض وما كانوا سابقين "المعنى وأرسلنا رسلا لعاد وثمودا وقد ظهر لكم من بيوتهم وحسن لهم الهوى سيئاتهم فردهم عن الدين وكانوا مستنيرين وقارون وفرعون وهامان ولقد أتاهم موسى (ص)بالآيات فأفسدوا فى البلاد وما كانوا منتصرين،يبين الله للناس أنه أرسل الرسل لعاد وثمود فكفروا فكانت النتيجة أنهم هلكوا وقد تبين لكم من مساكنهم والمراد وقد ظهر لكم من بيوتهم وهى بلداتهم القائمة هلاكهم ،وهذا يعنى أن الناس فى عصر النبى (ص)كانوا يعرفون مكان بلاد عاد وثمود الخربة ،ويبين لهم أنهم قد ظهر لهم أن الشيطان وهو الهوى الضال زين لهم أعمالهم والمراد حسن لهم سيئاتهم مصداق لقوله بسورة فاطر"زين له سوء عمله "فكانت نتيجة تحسين السوء أن صدهم عن السبيل والمراد أن أبعدهم عن طاعة حكم الله وفسر هذا بأنهم كانوا مستبصرين أى عالمين بالحق وهو النور ولم يعملوا به ومثلهم قارون وفرعون وهامان هلكوا والسبب أن موسى (ص)جاءهم بالبينات والمراد أتاهم بالآيات فاستكبروا فى الأرض والمراد فأفسدوا فى البلاد وفسر الله هلاكهم بأنهم ما كانوا سابقين أى "فما هم بمعجزين"كما قال بسورة النحل والمراد أنهم ما كانوا مانعين لعذاب الله والخطاب وما بعده للناس على لسان النبى(ص).
"فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"المعنى فكلا أهلكنا بكفره فمنهم من بعثنا عليه حجارة ومنهم من أهلكته الصيحة ومنهم من زلزلنا به اليابس ومنهم من أغرقنا وما كان الرب لينقصهم ولكن كانوا أنفسهم يهلكون،يبين الله أن كل الأقوام الكفار أخذهم الله بذنبهم والمراد أهلكهم الله بسبب كفرهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا والمراد ومنهم من بعثنا عليه حجارة أى "رجزا من السماء"كما قال بسورة العنكبوت وهم قوم لوط(ص)ومنهم من أخذته الصيحة وهى الرياح الشديدة وهم عاد ومنهم من خسفنا به الأرض والمراد ومنهم من زلزلنا به اليابس وهو قارون ومنهم من أغرقنا أى أهلكنا فى الماء وهو فرعون وهامان ،ويبين أنه ما كان ليظلمهم أى لينقصهم حقا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون بعملهم الكفر .
"مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "المعنى شبه الذين عبدوا من سوى الله أربابا كشبه العنكبوت صنعت مسكنا وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعرفون ،يبين الله أن مثل وهو شبه الذين اتخذوا من دون الله أولياء أى "اتخذوا من دون الله آلهة "كما قالوا بسورة يس وهم الذين عبدوا من سوى الرب أربابا كمثل أى كشبه العنكبوت اتخذت بيتا أى صنعت مسكنا وإن أوهن البيوت والمراد وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعلمون أى يفهمون وأصل المثل هو الكفار يشبهون العنكبوت والأولياء وهم الآلهة المزعومة هم البيت الواهن وكما أن بيت العنكبوت لا يحميه من أذى المخلوقات الأخرى فإن الآلهة المزعومة لا تحمى الكفار من أذى الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص) .
"إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىء وهو العزيز الحكيم "المعنى إن الرب يعرف الذى تعبدون من سواه ليس إله وهو الغالب القاضى بالحق ،يبين الله أنه يعلم أى يعرف أن الكفار لا يدعون من دونه من شىء والمراد لا يتبعون من غيره من إله أى شريك مصداق لقوله بسورة يونس"وما يتبع الذين يدعون من دونه الله من شركاء " والله هو العزيز الحكيم أى الغالب على أمره القاضى بالعدل .
"وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون" المعنى وتلك الأحكام نبينها للخلق وما يفهمها إلا العاقلون ،يبين الله أن الأمثال وهى الأحكام يضربها للناس والمراد يبينها للخلق وما يعقلها إلا العالمون والمراد وما يفهمها سوى العاقلون الذين يعملون بها والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"خلق الله السموات والأرض بالحق إن فى ذلك لآية للمؤمنين "المعنى أبدع الرب السموات والأرض للعدل إن فى الخلق لبرهان للمصدقين ،يبين الله أن الله خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والسبب بالحق أى للعدل أى لينفذ فيها حكم الله وهو العدل وفى ذلك وهو الخلق آية للمؤمنين والمراد برهان على وجوب عبادة الله وحده للمصدقين بحكم الله .
"اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون "المعنى أطع الذى ألقى لك من الوحى أى اتبع الدين إن الدين يحرم السوء أى الكفر ولطاعة الرب أفضل والرب يعرف ما تفعلون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتلوا ما أوحى إليه من الكتاب والمراد أن يتبع الذى ألقى له من القرآن وبيانه وهو الوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"اتبع ما أوحى إليك من ربك "وفسر هذا بأن يقيم الصلاة أى يطيع الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وهو الإسلام ،ويبين له أن الصلاة وهى الدين أى الإسلام تنهى عن الفحشاء أى المنكر والمراد يحرم الكفر أى الظلم ويبين له أن ذكر الله أكبر والمراد أن أجر طاعة حكم الرب أفضل من النار مصداق لقوله بسورة النحل"ولأجر الآخرة أكبر "ويبين له أن الله يعلم ما تصنعون والمراد أن الرب يدرى الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله يعلم ما تفعلون " والخطاب حتى الله للنبى(ص) وما بعده للناس ويبدو أنه جزء من آية أخرى حذف بعضها .
"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون "المعنى ولا تحاوروا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أفضل إلا الذين كفروا منهم وقولوا صدقنا بالذى أوحى إليكم وأوحى إلينا وربنا وربكم واحد ونحن له مطيعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يناقشوا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أعدل وهى القرآن ما عدا الذين ظلموا أى كفروا منهم والسبب أن النقاش لن يفيدهم لأنهم لن يؤمنوا أبدا ،ويطلب منهم أن يقولوا لأهل الكتاب :آمنا بالذى أنزل إليكم والذى أنزل إلينا والمراد صدقنا بالذى أوحى لكم والذى أوحى لنا وهذا يعنى وجوب تصديقنا بالوحى كله،وإلهكم وإلهنا واحد أى "وهو ربنا وربكم "كما قال بسورة البقرة والمراد وخالقنا وخالقكم واحد لا شريك له ونحن له مسلمون أى مطيعون لحكمه أى مخلصون مصداق لقوله بسورة البقرة "ونحن له مخلصون "والخطاب للمؤمنين.
"وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين أتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون"المعنى وهكذا أوحينا لك الوحى فالذين أعطيناهم الوحى يصدقون به ومن هؤلاء من يصدق به وما يكفر بأحكامنا إلا الظالمون،يبين الله لنبيه (ص)كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإبلاغ أنزل الله إليه الكتاب والمراد أوحى له القرآن وبيانه وهو الوحى،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى السابق يؤمنون به أى يصدقون بالقرآن ومن هؤلاء والمراد ومن الناس الذين لا علم لهم بالوحى السابق من يؤمن أى يصدق بالقرآن ويبين له أن ما يجحد بآيات الله إلا الكافرون والمراد أن ما يكذب بأحكام الرب سوى الظالمون مصداق لقوله بسورة العنكبوت"وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "وهم الفاسقون والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون "المعنى وما كنت تقرأ من قبله من صحيفة ولا تكتبها بيدك إذا لشك المكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما كان يفعل التالى :يتلوا من كتاب من قبله والمراد ما كان يقرأ صحيفة من قبل القرآن ولا يخطه بيمينه والمراد ولا يكتب كتاب بيده ويبين له أنه لو كان يقرأ الصحف ويكتبها قبل نزول القرآن لأصبح لدى المبطلين وهم المكذبين سبب يجعلهم يرتابون أى يشكون فى صحة القرآن ولكنهم يعرفون أنه من عند الله .
"بل هو آيات بينات فى صدور الذين
أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "المعنى إنه هو أحكام واضحات فى نفوس الذين أعطوا الوحى وما يكذب بأحكامنا إلا الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن القرآن هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم والمراد أن القرآن هو أحكام مفهومات فى عقول الذين أعطوا الوحى وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون والمراد وما يكفر بأحكامنا إلا الكافرون مصداق لقوله بنفس السورة "وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون " .
"وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله إنما أنا نذير مبين "المعنى وقالوا هلا أتت له معجزات من خالقه قل إنما المعجزات لدى الرب إنما أنا مبلغ أمين ،يبين الله لنبيه أن الكفار قالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه والمراد هلا أتت له معجزات من إلهه وهذا يعنى أنهم يطلبون معجزات ليصدقوا به ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند أى من عند الله وليس بأمر النبى(ص) إنما أنا نذير مبين أى مبلغ أمين والمراد "ناصح أمين"كما قال بسورة الأعراف .
"أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون "المعنى هل لم يفهمهم أنا أوحينا لك الوحى يبلغ لهم إن فى ذلك لنفع أى فائدة لناس يصدقون ،يسأل الله نبيه(ص)أو لم يكفهم والمراد هل لم يجعلهم يعقلون أنا أنزلنا الكتاب أى "أوحينا إليك قرآنا عربيا"كما قال بسورة الشورى يتلى عليهم أى يقرأ لهم أى يبلغ لهم والغرض من السؤال إخباره بكفرهم بالكتاب الذى نزوله دليل كافى على صحته،إن فى ذلك وهو إبلاغ الوحى لرحمة أى ذكرى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به وهم العابدون لله مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وذكرى للعابدين ".
"قل كفى بالله بينى وبينكم شهيدا يعلم ما فى السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون "المعنى قل حسبى الله بينى وبينكم حاكما يعرف الذى فى السموات والأرض والذين صدقوا بالكذب أى كذبوا بحكم الله أولئك هم المعذبون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :كفى بالله بينى وبينكم شهيدا والمراد حسبى الله بينى وبينكم قاضيا وهذا يعنى أنه يفصل بين الكل بالعدل ،يعلم أى يعرف الذى فى السموات والأرض،والذين آمنوا بالباطل أى والذين صدقوا بالجبت أى الطاغوت وهو الكفر مصداق النساء"يؤمنون بالجبت والطاغوت"وفسر هذا بأنهم كفروا بالله أى كذبوا بنعمة وهى حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"وبنعمة الله هم يكفرون"أولئك هم الخاسرون أى المعذبون أى "أصحاب الجحيم "كما قال بسورة الحديد والخطاب وما قبله وما قبله وما قبله وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون "ويطالبونك بالعقاب ولولا ميقات محدد لأتاهم العقاب وليجيئنهم فجأة وهم لا يعلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب أى يطالبونه بنزول السيئة وهى العقاب الإلهى عليهم،ويبين له أن لولا أجل مسمى والمراد بسبب موعد محدد من قبل لجاءهم العذاب والمراد لأتاهم العقاب ويبين له أنه سوف يأتيهم بغتة أى يجيئهم فجأة وهم لا يشعرون أى لا يعلمون بوقت نزوله وهذا يعنى أن الموعد غير معروف لأحد منهم
"يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون"المعنى يطالبونك بالعقاب وإن النار لحافة بالمكذبين يوم يأتيهم الألم من أعلاهم ومن أسفل أقدامهم ويقول ادخلوا بما كنتم تفعلون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب والمراد يطالبونه بنزول العقاب وهو السيئة عليهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ويستعجلونك بالسيئة "ويبين له أن جهنم وهى النار محيطة بالكافرين أى سورها وهو سرداقها حاف بالظالمين مصداق لقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها "ويكون ذلك يوم يغشاهم العذاب من فوقهم والمراد يوم يصيبهم الظلل وهى النيران من أعلاهم ومن تحت أرجلهم والمراد ومن أسفل أقدامهم مصداق لقوله بسورة الزمر"لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل" ويقال لهم ذوقوا ما كنتم تعملون أى ادخلوا عقاب الذى كنتم تفعلون .
"يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون "المعنى يا خلقى الذين صدقوا إن بلادى كثيرة فإياى فأطيعون ،ينادى الله عباده الذين آمنوا وهم خلقه الذين صدقوا حكم الله فيقول إن أرضى واسعة والمراد إن بلادى رحيبة فهاجروا فيها مصداق لقوله بسورة النساء"ألم تكن أرضى واسعة فتهاجروا فيها" فإياى فاعبدون أى"وإياى فارهبون"كما قال بسورة البقرة والمراد وإياى فأطيعوا حكمى والخطاب للناس.
"كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا يرجعون "المعنى كل فرد عارف الوفاة ثم إلينا يعودون ،يبين الله للناس مسلمهم وكافرهم أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل فرد مصاب بالوفاة ثم إلينا يرجعون أى يحشرون مصداق لقوله بسورة الملك"وإليه يحشرون"والمراد يعودون لجزاء الله والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبؤنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لندخلنهم فى الحديقة مساكنا تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها حسن ثواب المطيعين الذين أطاعوا أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من العذاب ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات سوف يبوئهم من الجنة غرفا والمراد سوف يسكنهم فى الحديقة قصورا أى مساكنا طيبة مصداق لقوله بسورة الصف"ومساكن طيبة فى جنات عدن" تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى مقيمين فيها دوما ونعم أجر العاملين والمراد وحسنت دار المتقين مصداق لقوله بسورة النحل"ولنعم دار المتقين "وهم الذين صبروا أى أطاعوا حكم الله وفسرهم بأنهم على ربهم يتوكلون أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من عذابه .
"وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم "المعنى وكم من مخلوق لا يرفع نفعه الله ينفعه وإياكم وهو الخبير المحيط ،يبين الله أن العديد من الدواب وهم كل المخلوقات لا تحمل رزقها أى لا تقدر على نفع نفسها والله يرزقها والمراد والله ينفعها وإياكم وهو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء والخطاب للناس.
"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون"المعنى ولئن استخبرتهم من أبدع السموات والأرض وخلق الشمس والقمر ليجيبن الله فأنى يصرفون ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا سأل أى استخبر الكفار فقال:من خلق أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وسخر أى وخلق الشمس والقمر فإنهم يقولون الله هو الخالق المسخر،ويسأل الله فأنى يؤفكون أى يصرفون أى فكيف يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"فأنى تصرفون"والغرض من السؤال إخبارنا أن القوم يكذبون الوحى رغم اعترافهم بأنه خالق كل شىء والخطاب للنبى(ص).
"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له إن الله بكل شىء عليم "المعنى الرب يكثر العطاء لمن يريد ويقلل له إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يبسط الرزق لمن يشاء والمراد أن الرب يكثر العطاء لمن يريد من الخلق ويقدر له أى ويقلل العطاء لمن يريد والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر خبير محيط مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون "المعنى ولئن استخبرتهم من أسقط من السحاب مطرا فبعث به اليابس بعد جدبه ليقولن الرب قل الطاعة لله إن أغلبهم لا يفهمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو سأل أى استفهم الكفار فقال من نزل من السماء ماء والمراد من أسقط من السحاب غيثا أى رزقا مصداق لقوله بسورة الجاثية "وما أنزل الله من رزق " فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث الأرض حية بعد هلاكها وهو جدبها ؟فسوف يجيبون الله هو المنزل المحيى ويطلب منه أن يقول الحمد أى الطاعة لحكم الرب واجبة والمراد الأمر لله مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر"ويبين له أن أكثرهم لا يعقلون والمراد أن معظمهم لا يشكرون أى لا يطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" الله.
"وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون "المعنى وما هذه المعيشة الأولى إلا شغل أى عبث وإن الدار الباقية لهى الحياة لو كانوا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا ما الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى إلا لهو أى لعب والمراد انشغال بالمتع حراما وحلالا ،ويبين له أن الدار الآخرة وهى جنة القيامة هى الحيوان أى المعيشة الحقيقية أى الخير الدائم مصداق لقوله بسورة الأنعام"والدار الآخرة خير للذين يتقون "وهذا لو كان الناس يعلمون أى يفقهون أى يفهمون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "ولو كانوا يفقهون "والقول مكون من جزئين وهو قول الكفار ما الحياة ..ولعب وأوله محذوف وما بعده للنبى(ص)
"فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما أتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون"المعنى فإذا استووا فى السفن نادوا الرب مقرين له بالحكم فلما أخرجهم إلى اليابس إذا هم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم أى ليتلذذوا فسوف يعرفون من الهالك،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا ركبوا فى الفلك والمراد استووا أى كانوا فى السفن فى البحر وهاج عليهم موج البحر دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الرب معترفين له بالحكم وحده وهذا يعنى أنهم لا يجدون أحد يطالبونه بالإنقاذ سوى الله وحده فإذا استجاب الله لهم فنجاهم إلى البر والمراد فأخرجهم من البحر إلى اليابس سالمين كانت النتيجة أنهم يشركون أى يبغون فى الأرض بغير الحق مصداق لقوله بسورة يونس"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق"والمراد يكفرون وهذا الشرك سببه أنهم يكفروا بما أتاهم الله والمراد أنهم يكذبوا بما أنزل الله لهم من الوحى وفسر هذا بأنهم يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف يعلمون أى يعرفون من المعاقب فى الدنيا والآخرة والقول خطاب للنبى(ص)وأوله محذوف
"أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون "المعنى هل لم يعلموا أنا وضعنا بيتا ممنوعا ويؤذى الخلق من حولهم ؟أفبالكفر يصدقون وبحكم الرب يكذبون؟ يسأل الله أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم والمراد ألم يدروا أنا خلقنا مكانا ممنوعا الأذى فيه ويضر الخلق فى البلاد من بعد المكان الممنوع؟والغرض من السؤال إخبار الكفار والناس أن مكة مكان آمن أى ممنوع فيه الأذى لسرعة انتقام الله من المؤذى المقرر الأذى قبل أن يفعله فى الحرم وأما البلاد المحيطة به وهى كل بلاد الأرض فالأذى موجود فيها وهو رد على قول الكفار "إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا"كما قالوا بسورة القصص ومن ثم فالتخطف وهو الأذى ليس حجة فى عدم الإيمان لحياتهم فى المكان الآمن ،ويسأل الله أفبالباطل يؤمنون أى هل "يؤمنون بالجبت والطاغوت"كما قال بسورة النساء والمراد أيصدقون بالكفر وبنعمة وهى آيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"يكفرون بآيات الله " ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار يؤمنون بالكفر ويكذبون بالحق والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس فى جهنم مثوى للكافرين "المعنى ومن أضل ممن نسب إلى الرب كفرا أو كفر بالعدل لما أتاه أليس فى النار مقام للمكذبين؟،يبين الله أن الأظلم وهو الضال مصداق لقوله بسورة القصص"ومن أضل"التى تفسر "من أظلم "هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى قال على الله زورا وهو من اخترع دين ثم نسبه لله وفسره بأنه كذب بالحق لما جاءه أى كفر بالعدل لما بلغه من الله عن طريق الرسل (ص)ويسأل الله أليس فى جهنم مثوى للكافرين والمراد أليس فى النار مأوى للمتكبرين مصداق لقوله بسورة السجدة "فمأواهم النار "وقوله بسورة الزمر"أليس فى جهنم مثوى للمتكبرين "وهذا يعنى أن مقام الكفار هو النار .
"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "المعنى والذين أطاعونا لندخلنهم جناتنا أى إن الرب لناصر الصابرين ،يبين الله أن الذين جاهدوا فى الله وهم الذين أطاعوا حكم الله يهديهم الله سبله والمراد يعطيهم طرق السلام وهى متع الجنة مصداق لقوله بسورة المائدة "يهدى الله من اتبع رضوانه سبل السلام "وفسر الله هذا بأنه مع المحسنين أى ناصر أى راحم الصابرين وهم المطيعين لحكمه مصداق لقوله بسورة البقرة "إن الله مع الصابرين "والخطاب للنبى(ص)