سورة الشعراء
سميت بهذا الاسم لذكر الشعراء فيها بقوله "والشعراء يتبعهم الغاوون".
"بسم الله الرحمن الرحيم طسم تلك آيات الكتاب المبين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام القرآن الحكيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله الرحمن الرحيم أى أن الرب النافع المفيد اسمه وهو حكمه هو أن طسم تلك آيات الكتاب المبين والمراد أن العدل هو أحكام القرآن وهو الوحى الحكيم مصداق لقوله تعالى بسورة النمل "تلك آيات القرآن"وقوله بسورة يونس"تلك آيات الكتاب المبين "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين "المعنى لعلك محزن نفسك ألا يصبحوا مصدقين إن نرد نعطى لهم من السماء علامة فاستمرت أنفسهم لها خاشعين،يبين الله لنبيه (ص)أنه باخع نفسه أى محزن نفسه والسبب أن الناس ليسوا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله ،ويبين له أنه إن يشأ ينزل عليهم من السماء آية والمراد إن يرد يفعل التالى يعطى لهم من السماء علامة فظلت أعناقهم لها خاضعين والمراد فاستمرت أنفسهم لها خاشعين والمراد أن الله يعطيهم من السماء علامة هى العذاب الذى يجعل أنفسهم خاضعة ذليلة .
"وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون "المعنى وما يجيئهم من وحى من النافع مبلغ إلا كانوا له مكذبين فقد كفروا فسيجيئهم آلام الذى كانوا منه يسخرون،يبين الله أن الناس ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث والمراد ما يبلغ لهم من حكم من الله النافع تبليغا إلا كانوا عنه معرضين أى لاهين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم "وهذا يعنى أنهم مكذبين به ،ويبين أنهم كذبوا به أى كفروا بذكر الله ومن ثم سيأتيهم أنباء ما كانوا يستهزءون والمراد ومن ثم سيحيق بهم وقائع وهو آلام الذى كانوا به يكذبون مصداق لقوله بسورة الأحقاف "وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أو لم ير إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين "المعنى هل لم يعرفوا أن الأرض كم أخرجنا فيها من كل فرد كريم إن فى ذلك لبرهان وما كان معظمهم مصدقين ،يسأل الله أو لم يروا إلى الأرض والمراد هل لم يعرفوا أن الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج أى كم أخرجنا فيها من كل نوع كريم مصداق لقوله بسورة طه"فأخرجنا أزواجا "وقوله بسورة لقمان"فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "وهذا يعنى أن الكفار يعلمون بقدرة الله ويبين لنا أن أكثرهم ما كانوا مؤمنين والمراد أن أغلب الناس ما كانوا مصدقين بالله والمراد كافرين مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون ".
"وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون "المعنى وقد خاطب إلهك موسى (ص)أن اذهب للناس الكافرين شعب فرعون ألا يطيعون الله ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الرب وهو الله نادى أى كلم موسى (ص)فقال ائت القوم الظالمين قوم فرعون والمراد اذهب للشعب المكذبين شعب فرعون مصداق لقوله بسورة الفرقان "اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا "ألا يتقون أى ألا يطيعون حكم الله وهذا يعنى كفرهم والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال رب إنى أخاف أن يكذبون ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون "المعنى قال إلهى إنى أخشى أن يكفروا بى ويحزن قلبى ولا ينطق لسانى فابعث معى هارون (ص)ولهم على جرم فأخشى أن يذبحون،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لله :رب أى إلهى :إنى أخاف أن يكذبون أى إنى أخشى أن يكفروا بى وهذا يعنى أن موسى (ص)يخشى من تكذيب الكفار له،وقال ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى أى وتحزن نفسى ولا ينطق فمى،وهذا يعنى أن موسى (ص)يخاف أن تغتم نفسه ولا يستطيع لسانه أن يبين الكلام،وقال فأرسل إلى أى فابعث معى هارون (ص)والمراد اجعله وزيرا لى ،وقال ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون والمراد ولهم عندى حق فأخشى أن يذبحون ،وهذا يعنى أن موسى (ص)علم أن لقوم فرعون ذنب عليه أى حق عليه هو عقابه على قتله لأحدهم ويخشى من أن يطبقوا العقاب عليه فيقتلوه مقابل قتله لأحدهم .
"قال كلا اذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسرائيل "المعنى كلا فسافرا بمعجزاتنا إنا معكم سامعون فاذهبا لفرعون فقولا إنا مبعوثا خالق الكل أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قال للرسولين (ص)كلا فاذهبا بآياتنا والمراد لا تخافا أذى،فاذهبا بمعجزاتنا وهى العصا واليد إنا معكم مستمعون والمراد إنا بكم عالمون،فأتيا فرعون والمراد فقابلا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين والمراد إنا مبعوثا خالق الجميع أن أرسل معنا بنى اسرائيل والمراد أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)هذا يعنى أن الغرض من رسالة موسى (ص)وهارون (ص)أن يترك فرعون بنى إسرائيل يذهبوا معهما إلى حيث يأمرهم الله.
"قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين "المعنى قال ألم نرعاك عندنا رضيعا وبقيت عندنا من حياتك سنوات وصنعت جريمتك التى صنعت وأنت من الكاذبين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)ألم نربك فينا وليدا والمراد هل لم نرعاك عندنا رضيعا ولبثت فينا من عمرك سنين أى وبقيت عندنا من حياتك أعواما والغرض من السؤال هو إخبار موسى (ص)بفضل فرعون عليه وهو تربيته سنوات عديدة فى بيته،وقال وفعلت فعلتك التى فعلت والمراد وارتكبت جريمة القتل التى ارتكبت وأنت من الكافرين أى المجرمين والغرض من القول هو تذكير موسى (ص)بفضل فرعون عليه عندما تركه حيا ولم يعاقبه على جريمته وهى قتله لواحد من قوم فرعون
"قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل "المعنى قال عملتها إذا وأنا من الكافرين فهربت منكم لما خشيتكم فأعطى لى خالقى وحيا واختارنى من الأنبياء وتلك منة تفخر بها على مع أنك استعبدت أولاد يعقوب (ص)يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون فعلتها إذا وأنا من الضالين والمراد ارتكبت الجريمة وأنا من المجرمين،وهو هنا يعترف أنه كان كافرا وقت قتله للرجل دون ذنب،وقال ففررت أى فهربت منكم لما خفتكم أى لما خشيت عقابكم فوهب لى ربى حكما والمراد فأنزل على إلهى وحيا عندما أرسلنى لك وفسر هذا فقال وجعلنى من المرسلين أى اختارنى من المبعوثين للناس بوحيه،وتلك نعمة تمنها على والمراد وعدم العقاب منة تفخر بها على أن عبدت بنى إسرائيل والمراد مع أنك سخرت أولاد يعقوب (ص)لخدمتكم والمراد من ذلك هو أن يفهم فرعون أنه إذا كان عفا عنه لجريمة واحدة وهى قتل واحد فهو أى فرعون قد ارتكب جريمة فى حق كل واحد من بنى إسرائيل وهى الاستعباد أى الإذلال ومن ضمنه قتل أولادهم ومن ثم فلا فضل له وإنما الفضل لهم .
"قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين "المعنى قال فرعون وما إله الكل قال خالق السموات والأرض والذى وسطهما إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون سأل موسى (ص)ما رب العالمين أى وما إله الخلق والغرض من سؤاله هو معرفة ماهية الله فقال له رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما أى والذى وسطهما وهو الجو إن كنتم موقنين أى مصدقين بوجوده ،وهذا يعنى أن موسى (ص)بين له أفعال الله ولم يبين ماهيته لأن ماهيته غير محددة لاختلافه عن الخلق .
"قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين "المعنى قال لمن معه ألا تنصتون قال خالقكم وخالق آبائكم السابقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لمن حوله وهم المحيطون به ألا تستمعون أى ألا تنصتون والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن موسى (ص)لم يجب عن ماهية الإله وإنما راوغ فى الإجابة وعند هذا قال موسى (ص)ربكم ورب آبائكم الأولين والمراد خالقكم وخالق آبائكم السابقين،وهذا يعنى إبلاغه أنه مخلوق بدليل موت آبائه بعد وجودهم وأن الله هو خالق الكل .
"قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون "المعنى قال إن نبيكم الذى بعث إليكم لسفيه،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لقومه :إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون والمراد إن مبعوثكم الذى بعث لكم لسفيه وهذا يعنى أنه يتهم موسى (ص)بالجنون وهو السفه لأنه لم يجب عن ماهية الله بجسم،قال لهم موسى(ص)رب المشرق والمغرب وما بينهما والمراد خالق المنير والمظلم والذى وسطهما إن كنتم تعقلون أى تفهمون ؟والمراد بالمشرق هنا الشمس والمغرب هو القمر الدال على الظلام وما بينهما هو المسافة والوقت الفاصل بينهما .
"قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "المعنى لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المحابيس،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)لئن اتخذت إلها غيرى والمراد لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المسجونين أى المحابيس،وهذا يعنى أن فرعون هدد موسى (ص)بالسجن إذا عبد رب سوى فرعون .
"قال أو لو جئتك بشىء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين "المعنى قال هل لو أتيتك بدليل عظيم تحبسنى ؟قال فهاته إن كنت من المحقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون :أو لو جئتك بشىء مبين والمراد هل تحبسنى لو أتيتك ببرهان واضح ؟فقال له فرعون كلا فأت به أى فأحضره إن كنت من الصادقين أى المحقين فى قولهم وهذا يعنى أن فرعون طلب الدليل على صدق موسى (ص).
"فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين "المعنى فرمى عصاه فإذا هى حية عظيمة وأخرج كفه فإذا هى منيرة للرائين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)ألقى عصاه والمراد رمى عصاه فإذا بها تتحول إلى حية كبرى ونزع يده والمراد وأخرج كفه من تحت إبطه فإذا هى بيضاء للناظرين أى منيرة للرائين .
"قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم "المعنى قال للحضور معه إن هذا لمخادع كبير يحب أن يطردكم من بلدكم بخداعه فماذا تقولون قالوا واعده وأخاه وأرسل فى البلاد جامعين يجيئوك بكل مكار خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للملأ وهم الحضور معه وهم الحاشية :إن هذا لساحر عليم والمراد إن موسى لمخادع كبير ،وهذا اتهام لموسى (ص)بممارسة السحر ،يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره والمراد يحب أن يطردكم من بلادكم بخداعه وهذا يعنى أن هدف موسى(ص)فى رأيه هو طرد القوم من ديارهم عن طريق سحره فماذا تأمرون والمراد فبم تشيرون على فى أمره ؟وهذا السؤال يعنى أن فرعون ليس إلها لأن الإله لا يأخذ مشورة أى أمر من خلقه ،فقالوا له أرجه والمراد واعده على مباراة فى السحر وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين والمراد وأرسل فى البلاد جامعين يأتوك بكل سحار عليم والمراد يحضروا لك كل مخادع كبير وهذا يعنى أنهم أمروه بإقامة مباراة بين موسى (ص)والسحرة الذى يجب عليه إحضارهم بواسطة الجامعين لهم من مختلف البلاد .
"فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين "المعنى فلم المخادعين لموعد يوم محدد وقيل للخلق هل أنتم حاضرون لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم المنتصرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون جمع السحرة لميقات يوم معلوم والمراد لم المخادعين من أجل المباراة فى موعد يوم معروف هو يوم الزينة وقيل للناس وهم البشر فى مصر :هل أنتم مجتمعون أى حاضرون للمباراة لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين والمراد لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم الفائزين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن عليهم اتباع السحرة عند انتصارهم ولم يذكروا اتباع موسى(ص)لتأكدهم من انتصار السحرة وحتى لا يتبع الناس موسى(ص)
"فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين "المعنى فلما أتى المخادعون قالوا لفرعون هل لنا مالا إن كنا نحن المنتصرين قال نعم وإنكم لمن الدانين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة وهم المخادعون لما جاءوا أى أتوا لمكان فرعون قالوا له:أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين والمراد هل لنا مالا إن كنا نحن القاهرين لموسى ؟والغرض من السؤال هو إخبار فرعون أن هدفهم من الانتصار على موسى(ص)والأجر الذى هو المال والمناصب التى سيعطيها لهم فقال لهم :نعم والمراد إن لكم مالا أى إنكم من المقربين أى المثابين على عملكم
"قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون "المعنى قال لهم موسى (ص)ارموا الذى أنتم رامون فرموا خيوطهم وعصيهم وقالوا بقوة فرعون إنا لنحن القاهرون فرمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تبتلع ما يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى(ص)قال للسحرة :ألقوا ما أنتم ملقون والمراد ارموا الذى أنتم رامون والمراد اعرضوا سحركم ،فألقوا حبالهم وعصيهم والمراد فرموا خيوطهم المجدولة وعصيهم وهم يقولون :بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون والمراد بقوة فرعون إنا لنحن المنتصرون وهذا يعنى أنهم يستمدون قوة الغلب من فرعون وهو باطل لأنه لو كان لديه عزة ما استدعاهم ليهزموا موسى (ص)وألقى أى ورمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون والمراد فإذا هى تبتلع ما يصنعون وهذا يعنى أنها تحولت لثعبان يبتلع العصى والحبال .
"فألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب موسى وهارون "المعنى فأصبح المخادعون مسلمين قالوا صدقنا بخالق موسى (ص)وهارون (ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة وهم الماكرون ألقوا ساجدين والمراد أعلنوا أنفسهم مسلمين فقالوا آمنا والمراد صدقنا بحكم رب وهو خالق موسى(ص)وهارون(ص).
"قال أأمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين "المعنى هل صدقتم به قبل أن أسمح لكم إنه لعظيمكم الذى عرفكم الخداع فلسوف تعرفون لأبترن أيديكم وأقدامكم من تضاد ولأعلقنكم كلكم ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للسحرة بعد إيمانهم :أأمنتم له قبل أن أذن لكم أى هل أيقنتم برسالته قبل أن آمركم أن تؤمنوا بها ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن لا إيمان بموسى (ص)قبل السماح لهم به من فرعون ،وقال :إنه لكبيركم الذى علمكم السحر والمراد إن موسى لعظيمكم الذى عرفكم الخداع وهذا يعنى أن فرعون أراد تبرير موقفه للناس بخرافة المؤامرة وهى أن موسى (ص)عظيم السحرة أى معلمهم الذى عرفهم السحر واتفق معهم على هذه المباراة حتى يظهره مهزوما وقال فلسوف تعلمون والمراد فسوف تعرفون "أينا أشد عذابا وأبقى "كما قال بسورة طه ،لأقطعن أى لأبترن أيديكم وأرجلكم من خلاف والمراد اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس ولأصلبنكم أجمعين والمراد ولأعلقنكم كلكم على جذوع النخل .
" قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين"المعنى قالوا لا أذى إنا إلى إلهنا عائدون إنا نتمنى أن يمحو لنا إلهنا خطايانا أن كنا أسبق المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة بعد إيمانهم قالوا لفرعون ردا على تهديده :لا ضير أى لا أذى أى لا خوف من عقابك وهذا يعنى أن عقابه لن يؤلمهم إلا فى الدنيا مصداق لقوله بسورة طه"إنما تقض هذه الحياة الدنيا "إنا إلى ربنا منقلبون والمراد إنا إلى ثواب إلهنا عائدون إنا نطمع أن يغفر لنا خطايانا والمراد إنا نريد أن يترك لنا خالقنا عقاب سيئاتنا أن كنا أول المؤمنين والمراد بسبب أننا كنا أسبق المصدقين بحكمه .
"وأوحينا إلى موسى أن أسرى بعبادى ليلا إنكم متبعون " المعنى وألقينا إلى موسى (ص)أن اخرج بخلقى إنكم ملاحقون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أوحى أى ألقى لموسى (ص)فقال :أسر بعبادى والمراد اخرج ببنى إسرائيل ليلا إنكم متبعون أى ملاحقون أى مطاردون من قبل فرعون وقومه .
"فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون "المعنى فبعث فرعون فى البلاد منادين إن هؤلاء لجماعة قليلة وإنهم لنا لمغضبون وإنا لكل محتاطون ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون أرسل فى المدائن حاشرين والمراد بعث فى البلدات منادين ينادون الناس للتجمع للخروج وراء بنى إسرائيل فقال لهم فى النداء :إن هؤلاء وهم بنى إسرائيل لشرذمة قليلون والمراد لجماعة مجرمة قليلة العدد وإنهم لنا لغائظون أى لنا مغضبون وإنا لجميع حاذرون والمراد وإنا لكل محتاطون وهذا يعنى أنه أخذ احتياطه لكل أمر قد يفعله القوم .
"فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بنى إسرائيل "المعنى فطردناهم من حدائق وأنهار وأموال ومكان حسن هكذا وملكناها أولاد يعقوب(ص)،يبين الله لنبيه (ص) أنه أخرج أى طرد قوم فرعون والمراد أبعدهم بالموت من جنات وهى الحدائق والعيون وهى الأنهار والكنوز وهى الأموال التى كانت معهم والمقام الكريم وهو المسكن الحسن وقد أورث أى ملك بنى إسرائيل هذه الأشياء فى الأرض المقدسة مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها ".
"فأتبعوهم مشرقين فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين "المعنى فطاردوهم مصبحين فلما تشاهد الفريقان قال موسى (ص)إنا لملحقون قال لا إن ناصرى خالقى سيرشدنى فألقينا له أن ضع عصاك على الماء فانشق فكان كل شق كالجبل الكبير وقربنا ثم الآخرين وأنقذنا موسى(ص)ومن معه كلهم ثم أهلكنا الآخرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن قوم فرعون أتبعوهم مشرقين والمراد طاردوا بنى إسرائيل مصبحين أى فى النهار فلما ترءا الجمعان والمراد فلما أصبح الفريقان كل منهما أمام بصر الأخر عن بعد قال أصحاب وهم أصدقاء موسى (ص)إنا لمدركون أى لملحقون والمراد إن قوم فرعون واصلون إلينا لا محالة فقال لهم موسى (ص)كلا أى لا لن يصلوا ،إن معى ربى سيهدين والمراد إن ناصرى خالقى سيرشدنى لطريق النجاة منهم فأوحينا لموسى (ص)فألقينا له :اضرب بعصاك البحر والمراد ضع عصاك على ماء البحر فوضع العصا عليه فانفلق أى فانشق الماء إلى فرقين فكان كل فرق أى جانب كالطود العظيم وهو الجبل الكبير وفى وسطهما طريق ممهد وأزلفنا ثم الآخرين والمراد وأمشينا بنى إسرائيل ثم أمشينا قوم فرعون فيه فكانت النتيجة أن أنجينا أى أنقذنا موسى (ص)من معه أجمعين ثم أغرقنا أى أهلكنا قوم فرعون .
"إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم "المعنى إن فى القصة لعظة وما كان معظمهم مصدقين وإن إلهك لهو القوى النافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن فى ذلك وهو قصة موسى (ص)مع فرعون آية أى عظة أى عبرة للناس وما كان أكثرهم مؤمنين والمراد وما كان أغلب الناس مصدقين لحكم الله وإن ربك لهو العزيز الرحيم والمراد وإن خالقك لهو القوى النافع .
سميت بهذا الاسم لذكر الشعراء فيها بقوله "والشعراء يتبعهم الغاوون".
"بسم الله الرحمن الرحيم طسم تلك آيات الكتاب المبين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام القرآن الحكيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله الرحمن الرحيم أى أن الرب النافع المفيد اسمه وهو حكمه هو أن طسم تلك آيات الكتاب المبين والمراد أن العدل هو أحكام القرآن وهو الوحى الحكيم مصداق لقوله تعالى بسورة النمل "تلك آيات القرآن"وقوله بسورة يونس"تلك آيات الكتاب المبين "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين "المعنى لعلك محزن نفسك ألا يصبحوا مصدقين إن نرد نعطى لهم من السماء علامة فاستمرت أنفسهم لها خاشعين،يبين الله لنبيه (ص)أنه باخع نفسه أى محزن نفسه والسبب أن الناس ليسوا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله ،ويبين له أنه إن يشأ ينزل عليهم من السماء آية والمراد إن يرد يفعل التالى يعطى لهم من السماء علامة فظلت أعناقهم لها خاضعين والمراد فاستمرت أنفسهم لها خاشعين والمراد أن الله يعطيهم من السماء علامة هى العذاب الذى يجعل أنفسهم خاضعة ذليلة .
"وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون "المعنى وما يجيئهم من وحى من النافع مبلغ إلا كانوا له مكذبين فقد كفروا فسيجيئهم آلام الذى كانوا منه يسخرون،يبين الله أن الناس ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث والمراد ما يبلغ لهم من حكم من الله النافع تبليغا إلا كانوا عنه معرضين أى لاهين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم "وهذا يعنى أنهم مكذبين به ،ويبين أنهم كذبوا به أى كفروا بذكر الله ومن ثم سيأتيهم أنباء ما كانوا يستهزءون والمراد ومن ثم سيحيق بهم وقائع وهو آلام الذى كانوا به يكذبون مصداق لقوله بسورة الأحقاف "وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أو لم ير إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين "المعنى هل لم يعرفوا أن الأرض كم أخرجنا فيها من كل فرد كريم إن فى ذلك لبرهان وما كان معظمهم مصدقين ،يسأل الله أو لم يروا إلى الأرض والمراد هل لم يعرفوا أن الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج أى كم أخرجنا فيها من كل نوع كريم مصداق لقوله بسورة طه"فأخرجنا أزواجا "وقوله بسورة لقمان"فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "وهذا يعنى أن الكفار يعلمون بقدرة الله ويبين لنا أن أكثرهم ما كانوا مؤمنين والمراد أن أغلب الناس ما كانوا مصدقين بالله والمراد كافرين مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون ".
"وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون "المعنى وقد خاطب إلهك موسى (ص)أن اذهب للناس الكافرين شعب فرعون ألا يطيعون الله ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الرب وهو الله نادى أى كلم موسى (ص)فقال ائت القوم الظالمين قوم فرعون والمراد اذهب للشعب المكذبين شعب فرعون مصداق لقوله بسورة الفرقان "اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا "ألا يتقون أى ألا يطيعون حكم الله وهذا يعنى كفرهم والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال رب إنى أخاف أن يكذبون ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون "المعنى قال إلهى إنى أخشى أن يكفروا بى ويحزن قلبى ولا ينطق لسانى فابعث معى هارون (ص)ولهم على جرم فأخشى أن يذبحون،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لله :رب أى إلهى :إنى أخاف أن يكذبون أى إنى أخشى أن يكفروا بى وهذا يعنى أن موسى (ص)يخشى من تكذيب الكفار له،وقال ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى أى وتحزن نفسى ولا ينطق فمى،وهذا يعنى أن موسى (ص)يخاف أن تغتم نفسه ولا يستطيع لسانه أن يبين الكلام،وقال فأرسل إلى أى فابعث معى هارون (ص)والمراد اجعله وزيرا لى ،وقال ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون والمراد ولهم عندى حق فأخشى أن يذبحون ،وهذا يعنى أن موسى (ص)علم أن لقوم فرعون ذنب عليه أى حق عليه هو عقابه على قتله لأحدهم ويخشى من أن يطبقوا العقاب عليه فيقتلوه مقابل قتله لأحدهم .
"قال كلا اذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسرائيل "المعنى كلا فسافرا بمعجزاتنا إنا معكم سامعون فاذهبا لفرعون فقولا إنا مبعوثا خالق الكل أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قال للرسولين (ص)كلا فاذهبا بآياتنا والمراد لا تخافا أذى،فاذهبا بمعجزاتنا وهى العصا واليد إنا معكم مستمعون والمراد إنا بكم عالمون،فأتيا فرعون والمراد فقابلا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين والمراد إنا مبعوثا خالق الجميع أن أرسل معنا بنى اسرائيل والمراد أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)هذا يعنى أن الغرض من رسالة موسى (ص)وهارون (ص)أن يترك فرعون بنى إسرائيل يذهبوا معهما إلى حيث يأمرهم الله.
"قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين "المعنى قال ألم نرعاك عندنا رضيعا وبقيت عندنا من حياتك سنوات وصنعت جريمتك التى صنعت وأنت من الكاذبين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)ألم نربك فينا وليدا والمراد هل لم نرعاك عندنا رضيعا ولبثت فينا من عمرك سنين أى وبقيت عندنا من حياتك أعواما والغرض من السؤال هو إخبار موسى (ص)بفضل فرعون عليه وهو تربيته سنوات عديدة فى بيته،وقال وفعلت فعلتك التى فعلت والمراد وارتكبت جريمة القتل التى ارتكبت وأنت من الكافرين أى المجرمين والغرض من القول هو تذكير موسى (ص)بفضل فرعون عليه عندما تركه حيا ولم يعاقبه على جريمته وهى قتله لواحد من قوم فرعون
"قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل "المعنى قال عملتها إذا وأنا من الكافرين فهربت منكم لما خشيتكم فأعطى لى خالقى وحيا واختارنى من الأنبياء وتلك منة تفخر بها على مع أنك استعبدت أولاد يعقوب (ص)يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون فعلتها إذا وأنا من الضالين والمراد ارتكبت الجريمة وأنا من المجرمين،وهو هنا يعترف أنه كان كافرا وقت قتله للرجل دون ذنب،وقال ففررت أى فهربت منكم لما خفتكم أى لما خشيت عقابكم فوهب لى ربى حكما والمراد فأنزل على إلهى وحيا عندما أرسلنى لك وفسر هذا فقال وجعلنى من المرسلين أى اختارنى من المبعوثين للناس بوحيه،وتلك نعمة تمنها على والمراد وعدم العقاب منة تفخر بها على أن عبدت بنى إسرائيل والمراد مع أنك سخرت أولاد يعقوب (ص)لخدمتكم والمراد من ذلك هو أن يفهم فرعون أنه إذا كان عفا عنه لجريمة واحدة وهى قتل واحد فهو أى فرعون قد ارتكب جريمة فى حق كل واحد من بنى إسرائيل وهى الاستعباد أى الإذلال ومن ضمنه قتل أولادهم ومن ثم فلا فضل له وإنما الفضل لهم .
"قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين "المعنى قال فرعون وما إله الكل قال خالق السموات والأرض والذى وسطهما إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون سأل موسى (ص)ما رب العالمين أى وما إله الخلق والغرض من سؤاله هو معرفة ماهية الله فقال له رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما أى والذى وسطهما وهو الجو إن كنتم موقنين أى مصدقين بوجوده ،وهذا يعنى أن موسى (ص)بين له أفعال الله ولم يبين ماهيته لأن ماهيته غير محددة لاختلافه عن الخلق .
"قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين "المعنى قال لمن معه ألا تنصتون قال خالقكم وخالق آبائكم السابقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لمن حوله وهم المحيطون به ألا تستمعون أى ألا تنصتون والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن موسى (ص)لم يجب عن ماهية الإله وإنما راوغ فى الإجابة وعند هذا قال موسى (ص)ربكم ورب آبائكم الأولين والمراد خالقكم وخالق آبائكم السابقين،وهذا يعنى إبلاغه أنه مخلوق بدليل موت آبائه بعد وجودهم وأن الله هو خالق الكل .
"قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون "المعنى قال إن نبيكم الذى بعث إليكم لسفيه،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لقومه :إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون والمراد إن مبعوثكم الذى بعث لكم لسفيه وهذا يعنى أنه يتهم موسى (ص)بالجنون وهو السفه لأنه لم يجب عن ماهية الله بجسم،قال لهم موسى(ص)رب المشرق والمغرب وما بينهما والمراد خالق المنير والمظلم والذى وسطهما إن كنتم تعقلون أى تفهمون ؟والمراد بالمشرق هنا الشمس والمغرب هو القمر الدال على الظلام وما بينهما هو المسافة والوقت الفاصل بينهما .
"قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "المعنى لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المحابيس،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)لئن اتخذت إلها غيرى والمراد لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المسجونين أى المحابيس،وهذا يعنى أن فرعون هدد موسى (ص)بالسجن إذا عبد رب سوى فرعون .
"قال أو لو جئتك بشىء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين "المعنى قال هل لو أتيتك بدليل عظيم تحبسنى ؟قال فهاته إن كنت من المحقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون :أو لو جئتك بشىء مبين والمراد هل تحبسنى لو أتيتك ببرهان واضح ؟فقال له فرعون كلا فأت به أى فأحضره إن كنت من الصادقين أى المحقين فى قولهم وهذا يعنى أن فرعون طلب الدليل على صدق موسى (ص).
"فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين "المعنى فرمى عصاه فإذا هى حية عظيمة وأخرج كفه فإذا هى منيرة للرائين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)ألقى عصاه والمراد رمى عصاه فإذا بها تتحول إلى حية كبرى ونزع يده والمراد وأخرج كفه من تحت إبطه فإذا هى بيضاء للناظرين أى منيرة للرائين .
"قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم "المعنى قال للحضور معه إن هذا لمخادع كبير يحب أن يطردكم من بلدكم بخداعه فماذا تقولون قالوا واعده وأخاه وأرسل فى البلاد جامعين يجيئوك بكل مكار خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للملأ وهم الحضور معه وهم الحاشية :إن هذا لساحر عليم والمراد إن موسى لمخادع كبير ،وهذا اتهام لموسى (ص)بممارسة السحر ،يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره والمراد يحب أن يطردكم من بلادكم بخداعه وهذا يعنى أن هدف موسى(ص)فى رأيه هو طرد القوم من ديارهم عن طريق سحره فماذا تأمرون والمراد فبم تشيرون على فى أمره ؟وهذا السؤال يعنى أن فرعون ليس إلها لأن الإله لا يأخذ مشورة أى أمر من خلقه ،فقالوا له أرجه والمراد واعده على مباراة فى السحر وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين والمراد وأرسل فى البلاد جامعين يأتوك بكل سحار عليم والمراد يحضروا لك كل مخادع كبير وهذا يعنى أنهم أمروه بإقامة مباراة بين موسى (ص)والسحرة الذى يجب عليه إحضارهم بواسطة الجامعين لهم من مختلف البلاد .
"فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين "المعنى فلم المخادعين لموعد يوم محدد وقيل للخلق هل أنتم حاضرون لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم المنتصرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون جمع السحرة لميقات يوم معلوم والمراد لم المخادعين من أجل المباراة فى موعد يوم معروف هو يوم الزينة وقيل للناس وهم البشر فى مصر :هل أنتم مجتمعون أى حاضرون للمباراة لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين والمراد لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم الفائزين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن عليهم اتباع السحرة عند انتصارهم ولم يذكروا اتباع موسى(ص)لتأكدهم من انتصار السحرة وحتى لا يتبع الناس موسى(ص)
"فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين "المعنى فلما أتى المخادعون قالوا لفرعون هل لنا مالا إن كنا نحن المنتصرين قال نعم وإنكم لمن الدانين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة وهم المخادعون لما جاءوا أى أتوا لمكان فرعون قالوا له:أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين والمراد هل لنا مالا إن كنا نحن القاهرين لموسى ؟والغرض من السؤال هو إخبار فرعون أن هدفهم من الانتصار على موسى(ص)والأجر الذى هو المال والمناصب التى سيعطيها لهم فقال لهم :نعم والمراد إن لكم مالا أى إنكم من المقربين أى المثابين على عملكم
"قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون "المعنى قال لهم موسى (ص)ارموا الذى أنتم رامون فرموا خيوطهم وعصيهم وقالوا بقوة فرعون إنا لنحن القاهرون فرمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تبتلع ما يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى(ص)قال للسحرة :ألقوا ما أنتم ملقون والمراد ارموا الذى أنتم رامون والمراد اعرضوا سحركم ،فألقوا حبالهم وعصيهم والمراد فرموا خيوطهم المجدولة وعصيهم وهم يقولون :بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون والمراد بقوة فرعون إنا لنحن المنتصرون وهذا يعنى أنهم يستمدون قوة الغلب من فرعون وهو باطل لأنه لو كان لديه عزة ما استدعاهم ليهزموا موسى (ص)وألقى أى ورمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون والمراد فإذا هى تبتلع ما يصنعون وهذا يعنى أنها تحولت لثعبان يبتلع العصى والحبال .
"فألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب موسى وهارون "المعنى فأصبح المخادعون مسلمين قالوا صدقنا بخالق موسى (ص)وهارون (ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة وهم الماكرون ألقوا ساجدين والمراد أعلنوا أنفسهم مسلمين فقالوا آمنا والمراد صدقنا بحكم رب وهو خالق موسى(ص)وهارون(ص).
"قال أأمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين "المعنى هل صدقتم به قبل أن أسمح لكم إنه لعظيمكم الذى عرفكم الخداع فلسوف تعرفون لأبترن أيديكم وأقدامكم من تضاد ولأعلقنكم كلكم ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للسحرة بعد إيمانهم :أأمنتم له قبل أن أذن لكم أى هل أيقنتم برسالته قبل أن آمركم أن تؤمنوا بها ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن لا إيمان بموسى (ص)قبل السماح لهم به من فرعون ،وقال :إنه لكبيركم الذى علمكم السحر والمراد إن موسى لعظيمكم الذى عرفكم الخداع وهذا يعنى أن فرعون أراد تبرير موقفه للناس بخرافة المؤامرة وهى أن موسى (ص)عظيم السحرة أى معلمهم الذى عرفهم السحر واتفق معهم على هذه المباراة حتى يظهره مهزوما وقال فلسوف تعلمون والمراد فسوف تعرفون "أينا أشد عذابا وأبقى "كما قال بسورة طه ،لأقطعن أى لأبترن أيديكم وأرجلكم من خلاف والمراد اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس ولأصلبنكم أجمعين والمراد ولأعلقنكم كلكم على جذوع النخل .
" قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين"المعنى قالوا لا أذى إنا إلى إلهنا عائدون إنا نتمنى أن يمحو لنا إلهنا خطايانا أن كنا أسبق المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة بعد إيمانهم قالوا لفرعون ردا على تهديده :لا ضير أى لا أذى أى لا خوف من عقابك وهذا يعنى أن عقابه لن يؤلمهم إلا فى الدنيا مصداق لقوله بسورة طه"إنما تقض هذه الحياة الدنيا "إنا إلى ربنا منقلبون والمراد إنا إلى ثواب إلهنا عائدون إنا نطمع أن يغفر لنا خطايانا والمراد إنا نريد أن يترك لنا خالقنا عقاب سيئاتنا أن كنا أول المؤمنين والمراد بسبب أننا كنا أسبق المصدقين بحكمه .
"وأوحينا إلى موسى أن أسرى بعبادى ليلا إنكم متبعون " المعنى وألقينا إلى موسى (ص)أن اخرج بخلقى إنكم ملاحقون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أوحى أى ألقى لموسى (ص)فقال :أسر بعبادى والمراد اخرج ببنى إسرائيل ليلا إنكم متبعون أى ملاحقون أى مطاردون من قبل فرعون وقومه .
"فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون "المعنى فبعث فرعون فى البلاد منادين إن هؤلاء لجماعة قليلة وإنهم لنا لمغضبون وإنا لكل محتاطون ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون أرسل فى المدائن حاشرين والمراد بعث فى البلدات منادين ينادون الناس للتجمع للخروج وراء بنى إسرائيل فقال لهم فى النداء :إن هؤلاء وهم بنى إسرائيل لشرذمة قليلون والمراد لجماعة مجرمة قليلة العدد وإنهم لنا لغائظون أى لنا مغضبون وإنا لجميع حاذرون والمراد وإنا لكل محتاطون وهذا يعنى أنه أخذ احتياطه لكل أمر قد يفعله القوم .
"فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بنى إسرائيل "المعنى فطردناهم من حدائق وأنهار وأموال ومكان حسن هكذا وملكناها أولاد يعقوب(ص)،يبين الله لنبيه (ص) أنه أخرج أى طرد قوم فرعون والمراد أبعدهم بالموت من جنات وهى الحدائق والعيون وهى الأنهار والكنوز وهى الأموال التى كانت معهم والمقام الكريم وهو المسكن الحسن وقد أورث أى ملك بنى إسرائيل هذه الأشياء فى الأرض المقدسة مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها ".
"فأتبعوهم مشرقين فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين "المعنى فطاردوهم مصبحين فلما تشاهد الفريقان قال موسى (ص)إنا لملحقون قال لا إن ناصرى خالقى سيرشدنى فألقينا له أن ضع عصاك على الماء فانشق فكان كل شق كالجبل الكبير وقربنا ثم الآخرين وأنقذنا موسى(ص)ومن معه كلهم ثم أهلكنا الآخرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن قوم فرعون أتبعوهم مشرقين والمراد طاردوا بنى إسرائيل مصبحين أى فى النهار فلما ترءا الجمعان والمراد فلما أصبح الفريقان كل منهما أمام بصر الأخر عن بعد قال أصحاب وهم أصدقاء موسى (ص)إنا لمدركون أى لملحقون والمراد إن قوم فرعون واصلون إلينا لا محالة فقال لهم موسى (ص)كلا أى لا لن يصلوا ،إن معى ربى سيهدين والمراد إن ناصرى خالقى سيرشدنى لطريق النجاة منهم فأوحينا لموسى (ص)فألقينا له :اضرب بعصاك البحر والمراد ضع عصاك على ماء البحر فوضع العصا عليه فانفلق أى فانشق الماء إلى فرقين فكان كل فرق أى جانب كالطود العظيم وهو الجبل الكبير وفى وسطهما طريق ممهد وأزلفنا ثم الآخرين والمراد وأمشينا بنى إسرائيل ثم أمشينا قوم فرعون فيه فكانت النتيجة أن أنجينا أى أنقذنا موسى (ص)من معه أجمعين ثم أغرقنا أى أهلكنا قوم فرعون .
"إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم "المعنى إن فى القصة لعظة وما كان معظمهم مصدقين وإن إلهك لهو القوى النافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن فى ذلك وهو قصة موسى (ص)مع فرعون آية أى عظة أى عبرة للناس وما كان أكثرهم مؤمنين والمراد وما كان أغلب الناس مصدقين لحكم الله وإن ربك لهو العزيز الرحيم والمراد وإن خالقك لهو القوى النافع .