"ولقد أتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا "المعنى ولقد أوحينا لموسى (ص)التوراة وعينا معه أخاه هارون (ص) شريكا فقلنا ارحلا إلى الناس الذين كفروا بأحكامنا فأغرقناه إغراقا ،يبين الله أنه أتى موسى (ص)الكتاب والمراد أنه أعطى موسى (ص)الفرقان وهو التوراة مصداق لقوله بسورة الأنبياء "ولقد أتينا موسى وهارون الفرقان "وجعل معه أخاه هارون وزيرا والمراد وأرسل له أخاه هارون (ص)شريكا فى الرسالة فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا والمراد ارحلا إلى الناس الذين كفروا بأحكامنا فرحلا ودعوهم فكفروا فكانت النتيجة أن دمرناهم تدميرا والمراد أن أهلكهم إهلاكا والمراد وأغرقهم إغراقا والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما "المعنى وشعب نوح(ص)لما كفروا الأنبياء(ص)أهلكناهم وعيناهم للخلق عظة وجهزنا للكافرين عقابا مهينا ،يبين الله أن قوم أى شعب نوح(ص)لما كذبوا الرسل والمراد لما كفروا بالآيات التى مع النبى (ص)أغرقهم أى أهلكهم الله بالماء وجعلهم للناس آية والمراد وعينهم للخلق عظة وهذا يعنى أنهم أصبحوا عبرة لمن بعدهم ويبين لنا أنه أعتد للظالمين عذابا أليما والمراد جهز للكافرين عقابا مهينا مصداق لقوله بسورة النساء "وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ".
"وعادا وثمودا وأصحاب الرس وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا "المعنى وعادا وثمودا وأهل البئر وأقواما بين ذلك عديدين وكلا بينا له الأحكام وكلا دمرنا تدميرا ،يبين الله أن كل من عاد وهم قوم هود(ص)وثمود وهم قوم صالح(ص)وأصحاب الرس وهم أهل البئر وقرون بين ذلك كثيرا والمراد وأقوام بين ناس كثيرين وكلا ضربنا له الأمثال والمراد والحق بينا لهم الآيات مصداق لقوله بسورة آل عمران "قد بينا لكم الآيات "وكلا تبرنا تتبيرا أى "فدمرناهم تدميرا "كما قال بنفس السورة والمراد فأهلكناهم إهلاكا .
"ولقد أتوا على القرية التى أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا "المعنى ولقد مروا على البلدة التى أنزلت نزول الأذى أفلم يكونوا يعرفونها ؟بل كانوا لا يصدقون بعثا،يبين الله أن الكفار أتوا إلى البلدة التى أمطرت مطر السوء والمراد أن الكفار مروا فى رحلاتهم على البلدة التى أنزلت عليها حجارة الهلاك مصداق لقوله بسورة الحجر "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل "وهم قوم لوط (ص)ويسأل الله أفلم يكونوا يرونها أى يعرفونها ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار كانوا يعلمون بأمر قرية لوط(ص)ولكنهم كانوا لا يرجون نشورا أى كانوا لا يريدون بعثا أى لقاء الله مصداق لقوله بسورة يونس "لا يرجون لقاءنا " .
"وإذا رأوك إن يتخذوك إلا هزوا أهذا الذى بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا "المعنى وإذا شهدوك إن يجعلوك إلا أضحوكة أهذا الذى أرسل الله نبيا إن كاد ليبعدنا عن أربابنا لولا أن تمسكنا بها وسوف يعرفون حين يدخلون العقاب من أسوأ مقاما ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا رأوه أى شاهدوه فى مكان اتخذوه هزوا أى جعلوه أضحوكة والمراد جعلوه مثار لسخريتهم فقالوا أهذا الذى بعث الله رسولا أى أهذا الذى أرسل الله مبعوثا ؟والغرض من القول هو تحقير الرسول (ص)والتصغير من شأنه وقالوا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها أى لقد أراد أن يتركنا أربابنا لولا أن تمسكنا بها وهذا يعنى أن هدف الرسول (ص)فى رأيهم هو إبعادهم عن عبادة أربابهم المزعومة وأنهم لم يبتعدوا عنها بسبب صبرهم أى اتباعهم لهم ويبين له أن الكفار سوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا والمراد وسوف يعرفون وقت يشاهدون العقاب من أسوأ مقاما والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا "المعنى هل علمت من جعل ربه شهوته أفأنت تكون عليه حفيظا ؟يسأل الله نبيه (ص)أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا والمراد هل عرفت من عبد ربه شهوته وهى نفسه هل أنت تصبح له حاميا ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول (ص)أن كل كافر جعل إلهه هواه أى شهواته والمسلم لا يمكن أن يكون حافظا للكافر من عذاب الله على عبادته نفسه .
"أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا "المعنى هل تظن أن أغلبهم يفهمون أى يطيعون الحق؟إن هم إلا كالأنعام إنهم أسوا مقاما ،يسأل الله نبيه (ص)أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أى يعقلون والمراد هل تعتقد أن معظمهم يطيعون أى يتبعون حكم الله ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار مجانين غير عاقلين لكفرهم بحكم الله وهم يشبهون الأنعام فى تمتعها وأكلها مصداق لقوله بسورة محمد "الذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام "ويبين له أنهم أضل سبيلا أى أسوأ مقاما فى الآخرة بسبب سوء دينهم والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه قبضا يسيرا "المعنى هل لم تعلم بإلهك كيف أطال الخيال ولو أراد لخلقه ثابتا ثم خلقنا الشمس عليه برهانا ثم قصرناه إلينا تقصيرا تدريجيا ،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر إلى ربك والمراد ألم تعلم بخالقك كيف مد الظل أى كيف بسط خيال الشىء ولو شاء لجعله ساكنا والمراد ولو أراد لأبقاه ثابتا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا والمراد ثم خلقنا الشمس عليه برهانا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا أى قصرناه لنا تقصيرا هينا ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أن الله مد الظل أى بسط أى أطال خيال الشىء ثم جعل ضوء الشمس دليل أى برهان على وجود الخيال والسبب هو أن الضوء يظهره عندما يكون بجانبه وبعد أن يكون الظل ممدودا يقبضه الله قبضا يسيرا والمراد يقصره تقصيرا تدريجيا وعلى ذلك لو أحب الله لجعل الظل ساكنا أى ثابتا لا يتحرك ولكنه لم يرد الثبات وإنما أراد له الحركة .
"وهو الذى جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا "المعنى وهو الذى خلق لكم الليل ثوبا والنوم راحة وخلق النهار معاشا ،يبين الله للناس أنه هو الذى جعل لهم الليل لباسا والمراد الذى خلق لهم الليل سكنا مصداق لقوله بسورة النمل "انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه "وخلق النوم وهو النعاس سبات أى راحة لأجسامهم وجعل النهار نشورا أى وخلق النهار معاشا أى وقتا للصحو مصداق لقوله بسورة النبأ"وجعلنا النهار معاشا "والخطاب وما بعده للناس.
"وهو الذى أرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته وأنزل من السماء ماء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسى كثيرا "المعنى وهو الذى بعث الهواء المتحرك فرحا أمام نفعه وأسقط من السحاب ماء مباركا لنبعث به قرية مجدبة ونرويه مما أنشأنا أنعاما وخلقا عظيما ،يبين الله للناس أنه هو الذى أرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته والمراد الذى بعث الهواء المتحرك ليخبرهم خبرا مفرحا قبل نزول مطر السحاب الذى هو نفع من الله لهم ،ويبين لهم أنه أنزل من السماء ماء طهورا والمراد أسقط من المعصرات وهى السحاب مطرا مباركا مصداق لقوله بسورة النبأ"وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "والسبب ليحيى به بلدة ميتا والمراد لينشر به أرضا مجدبة مصداق لقوله بسورة الزخرف "فأنشرنا به بلدة ميتة "والمراد ليعيد الحياة للتربة الهالكة والسبب الثانى أن يسقيه مما خلق أنعاما وأناسى كثيرا والمراد أن يرويه من الذى أنشأ حيوانات الأنعام والناس العديدين .
"ولقد صرفنا بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا "المعنى ولقد بيناه لهم ليطيعوه فرفض معظم الخلق إلا تكذيبا ،يبين الله أنه صرف القرآن بينهم والمراد ضرب أى بين فى القرآن من كل حكم مصداق لقوله بسورة الروم "ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل"والسبب ليذكروا أى "ليدبروا آياته"كما قال بسورة ص والمراد ليطيعوا أحكامه فكانت النتيجة أن أبى أكثر الناس إلا كفورا والمراد فرفض أغلب الخلق إلا تكذيبا أى عصيانا له والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا "المعنى ولو أردنا لأرسلنا فى كل بلدة مبلغا فلا تتبع المكذبين وقاومهم به مقاومة عظمى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو شاء أى لو أراد فعل التالى بعث فى كل قرية نذير والمراد لأرسل فى أهل كل بلدة رسولا مبلغا لوحيه ويطلب منه ألا يطع الكافرين والمراد ألا يتبع أهواء المكذبين مصداق لقوله بسورة الأنعام "ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا "أى لا تتبع أديانهم وأن يجاهدهم به جهادا كبيرا والمراد أن يجادلهم بالقرآن جدالا صادقا حسنا مصداق لقوله بسورة النحل "وجادلهم بالتى هى أحسن ".
"وهو الذى مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا "المعنى وهو الذى خلق الماءين هذا مقبول سائغ وهذا ملح مر وخلق بينهما فاصلا أى حاجزا محجوزا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه هو الذى مرج البحرين أى خلق الماءين هذا عذب فرات والمراد مقبول سائغ شربه وهذا ملح أجاج أى لاذع غير مستساغ الطعم وجعل بينهما برزخا أى حجرا محجورا أى حاجزا أى فاصلا منيعا مصداق لقوله بسورة النمل "وجعل بين البحرين حاجزا "والخطاب للنبى ومنه للناس .
"وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا "المعنى وهو الذى أنشأ من المنى إنسانا فخلقه نسبا وصهرا وكان إلهك فاعلا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى خلق من الماء أى جعل من الماء المهين وهو المنى بشرا أى إنسانا فجعله نسبا وصهرا والمراد فخلقه ابنا أى ولدا وكان ربك قديرا والمراد وكان خالقك فاعلا لما يريد مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا "المعنى ويدعون من غير الرب الذى لا يفيدهم ولا يؤذيهم وكان المكذب لخالقه خصما وما بعثناك إلا مبلغا أى موصلا للوحى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يعبدون أى "يدعون من دون الله"كما قال بسورة الأنعام والمراد يطيعون من سوى حكم الله حكم الذى لا ينفعهم أى لا يفيدهم بشىء ولا يضرهم أى ولا يؤذيهم بضرر ويبين لنا أن الكافر كان لربه ظهيرا والمراد وكان المكذب لخالقه خصيما أى كنود مصداق لقوله بسورة العاديات "إن الإنسان لربه لكنود"أى عدوا أى عاصيا لحكمه ويبين له أنه ما أرسله إلا مبشرا أى نذيرا والمراد ما بعثه سوى مبلغا أى موصلا للوحى .
"قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا "المعنى قل ما أطالبكم عليه بنفع إلا من أراد أن يبتغى إلى خالقه طريقا،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول ما أسألكم عليه من أجر والمراد لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بنفع أى مال إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا والمراد إلا من أراد أن يبتغى إلى رحمة خالقه طريقا وهذا يعنى أن الأجر المطلوب هو المودة فى القربى وهو الرغبة فى رحمة الله لقوله بسورة الشورى "قل ما أسألكم عليه أجر إلا المودة فى القربى "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده له
"وتوكل على الحى الذى لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا"المعنى واحتمى بطاعة الباقى الذى لا يفنى أى اعمل بأمره وحسبك الله بخطايا خلقه عليما ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتوكل على الحى الذى لا يموت والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الباقى الذى لا يهلك وفسر هذا بأنه يسبح بحمده أى أن يعمل باسمه وهو حكمه مصداق لقوله بسورة الواقعة "فسبح بحمد ربك العظيم "ويبين له أنه كفى به بذنوب عباده خبيرا أى أنه حسبه الله بسيئات خلقه عليما عارفا .
"الذى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش فسئل به خبيرا "المعنى الذى أبدع السموات والأرض والذى وسطهما فى ستة أيام ثم أوحى للكون فاستفهم عنه عليما ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وما بينهما وهو الجو الذى بين السموات والأرض فى مدة قدرها ستة أيام أى ستة آلاف عام بحساب البشر ثم استوى على العرش والمراد وقد أوحى إلى الكون وقت خلقه له أنه ملك الكون الواجب طاعته ويطلب منه أن يسأل عنه خبيرا والمراد إن يستفهم عن الله عالما بوحيه .
"وإذ قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا "المعنى وإذا قيل لهم أطيعوا الله قالوا ومن النافع أنطيع الذى تطالبنا وأدامهم تكذيبا ،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار إذا قيل لهم اسجدوا للرحمن والمراد اعبدوا النافع وهو الله مصداق لقوله بسورة النجم "فاسجدوا لله واعبدوا "كان ردهم هو وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا والمراد ومن النافع هل نعبد الذى تطالبنا بعبادته ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أنهم لن يطيعوا الله لأنهم لا يعرفونه ويبين له أنه زادهم نفورا أى أدامهم رجسا أى كفرا والمراد أن الله جعلهم يستمرون فى رجسهم مصداق لقوله بسورة التوبة "فزادتهم رجسا "والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا "المعنى دام الذى خلق فى السماء نجوما وخلق فيها شمسا وقمرا مضيئا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله تبارك أى دام أى بقى الذى جعل فى السماء بروجا والمراد الذى خلق فى السماء الدنيا نجوما مصداق لقوله بسورة الأنعام "وهو الذى جعل لكم النجوم "وجعل فيها سراجا والمراد وخلق فيها مصباحا هو الشمس مصداق لقوله بسورة نوح"وجعل الشمس سراجا "وخلق فيها قمرا منيرا أى مضيئا فى الليل .
"وهو الذى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا "المعنى وهو الذى خلق الليل والنهار آية لمن أحب أن يطيع أى أحب اتباعا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه هو الذى جعل أى خلق الله الليل والنهار خلفة أى عبرة أى آية لمن أراد أن يذكر أى يطيع حكم الله وفسره بأنه من أراد شكورا أى إتباعا لحكم الله وهم أولى الأبصار مصداق لقوله بسورة النور "يقلب الله الليل والنهار إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار ".
"وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما "المعنى وخلق النافع الذين يحكمون فى البلاد عدلا وإذا حدثهم الكافرون قالوا خيرا والذين يقومون لخالقهم طائعين أى متبعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن عباد الرحمن وهم مطيعى حكم النافع وهو الله هم الذين يمشون فى الأرض هونا أى الذين يحكمون بنور الله فى البلاد عدلا منهم مصداق لقوله بسورة الحديد "ويجعل لكم نورا تمشون به "وهم الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والمراد وهم الذين إذا تحدث معهم الكافرون قالوا خيرا وهذا يعنى أنهم يدعون الكفار للإسلام وهو الخير أى دين الله وهم الذين يبيتون لربهم سجدا أى قياما والمراد الذين يقومون لله قانتين أى طائعين لحكمه مصداق لقوله بسورة البقرة "وقوموا لله قانتين ".
"والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما "المعنى والذين يدعون خالقنا ابعد عنا عقاب النار إن عقابها كان ثقيلا إنها قبحت مقاما أى مكانا ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين يقولون أى يدعون :ربنا اصرف عنا عذاب جهنم والمراد ابعد عنا أى قنا عذاب النار مصداق لقوله بسورة البقرة "وقنا عذاب النار "إن عذابها كان غراما والمراد إن عقابها كان ثقيلا أى مستمرا مصداق لقوله بسورة الإنسان "ويذرون وراءهم يوما ثقيلا "أى طويلا ،إنها ساءت أى بغضت مستقرا أى مقاما أى مكانا أى مرتفقا مصداق لقوله بسورة الكهف "وساءت مرتفقا "فهى مكان مكروه والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"المعنى والذين إذا أعطوا لم يفرطوا ولم يبخلوا وكان بين ذلك وسطا ،يبين الله لنبيه (ص)أن عباد الرحمن هم الذين إذا أنفقوا أى أعطوا المال لحاجاتهم الدنيوية لم يسرفوا أى لم يفرطوا أى لم يبذروه كله ولم يقتروا أى ولم يبخلوا أى ولم يقللوا من العطاء لدرجة عظيمة وكان بين ذلك قواما أى وكان بين الإفراط والبخل وسطا وهذا يعنى أن إنفاقهم عادل .
"والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا "المعنى والذين لا يعبدون مع الرب ربا آخر ولا يذبحون الإنسان الذى منع الله إلا بالعدل ولا يفحشون ومن يصنع ذلك يدخل نارا يستمر له العقاب ويبقى فيه مذلولا ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين لا يدعون مع الله إلها آخر والمراد الذين لا يطيعون مع دين الله دين رب آخر مزعوم وهم لا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق والمراد ولا يذبحون النفس التى منع الرب ذبحها إلا بالعدل وهو قتلها لآخر وإفسادها وهو ردتها بعد إسلامها وهم لا يزنون أى لا يرتكبون الفاحشة وهى جماع من ليس بزوج ويبين لنا أن من يفعل أى من يصنع الجرائم يلق آثاما أى يدخل نارا أى يصلى نارا مصداق لقوله بسورة النساء "ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا "ويضاعف له العذاب أى ويزاد أى ويدام له العقاب مصداق لقوله بسورة النحل "وزدناهم عذابا فوق العذاب "وهو يخلد فيها مهانا والمراد ويقيم فى النار مذلولا .
"إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "المعنى إلا من أناب أى صدق وفعل فعلا نافعا فأولئك يغير الرب خطاياهم مفيدات وكان الرب عفوا نافعا ،يبين الله أن من يفعل الذنوب يدخل النار إلا من تاب أى عاد لدين الله وفسره الله بأنه من آمن أى صدق الوحى وعمل عملا صالحا أى وفعل فعلا حسنا أى نافعا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات والمراد يذهب الرب خطاياهم بحسناتهم أى يرفع الله النار عنهم ويدخلهم الجنة مصداق لقوله بسورة هود"إن الحسنات يذهبن السيئات" ويبين أن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يتوب .
"ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا "المعنى ومن أناب أى فعل حسنا فإنه يعود إلى الرب عودة ،يبين الله أن من تاب أى أناب لدين الله وفسره بأنه عمل صالحا أى فعل نافعا فإنه يتوب إلى الله متابا والمراد فإنه يدخل إلى ثواب الرب دخولا وهذا يعنى أنه يرحمه الرحمة الكبرى .
"والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا "المعنى والذين لا يقرون الباطل وإذا علموا بالباطل بعدوا عظاما والذين إذا أبلغوا بأحكام خالقهم لم يصبحوا له عصاة مخالفين ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين لا يشهدون الزور والمراد الذين لا يصدقون الباطل باطل أنفسهم وغيرهم وفسرهم الله بأنهم إذا مروا باللغو مروا كراما والمراد وإذا علموا بالباطل بعدوا عنه كبارا ولم يستصغروا أنفسهم بطاعته وهم الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والمراد والذين إذا أبلغوا بأحكام إلههم لم يكونوا له مخالفين أى عصاة والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما "المعنى والذين يدعون إلهنا أعطى لنا من نساءنا وأولادنا سكن قلوب واجعلنا للمطيعين قائدا ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين يقولون أى يدعون ربنا أى خالقنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا والمراد أعطى لنا من نسائنا وعيالنا قرة أعين أى سكن قلوب والمراد أن يجعل زوجاتهم وعيالهم مصدر طمأنينة لقلوبهم وقالوا واجعلنا للمتقين إماما والمراد وعينا للمطيعين قائدا وهذا يعنى أن كل واحد منهم يريد أن يصبح مرشدا للناس بالحق
"أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما "المعنى أولئك يدخلون الجنة بما أطاعوا حكم الله ويجدون فيها خيرا أى نفعا مقيمين بها حببت مسكنا أى مكانا ،يبين الله أن عباد الرحمن يجزون الغرفة بما صبروا والمراد يدخلون الجنة بما أطاعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة الإنسان "وجزاهم بما صبروا جنة "وهم يلقون فيها تحية أى سلاما والمراد يجدون فيها خيرا أى نفعا لهم وهى قد حسنت مستقرا أى مقاما والمراد وهى قد حببت لهم مسكنا أى مقاما أى ثوابا أى مرتفقا مصداق لقوله بسورة الكهف "نعم الثواب وحسنت مرتفقا ".
"قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما "المعنى قل ما يرحمكم إلهى لولا طاعتكم فقد عصيتم فسوف يكون واجبا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم والمراد ما يرحمكم إلهى لولا طاعتكم لحكمه فقد كذبتم فسوف يكون لزاما والمراد فقد عصيتم حكمه فسوف يكون العذاب واجبا لكم بسبب عصيانكم لحكمه والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.
"وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما "المعنى وشعب نوح(ص)لما كفروا الأنبياء(ص)أهلكناهم وعيناهم للخلق عظة وجهزنا للكافرين عقابا مهينا ،يبين الله أن قوم أى شعب نوح(ص)لما كذبوا الرسل والمراد لما كفروا بالآيات التى مع النبى (ص)أغرقهم أى أهلكهم الله بالماء وجعلهم للناس آية والمراد وعينهم للخلق عظة وهذا يعنى أنهم أصبحوا عبرة لمن بعدهم ويبين لنا أنه أعتد للظالمين عذابا أليما والمراد جهز للكافرين عقابا مهينا مصداق لقوله بسورة النساء "وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ".
"وعادا وثمودا وأصحاب الرس وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا "المعنى وعادا وثمودا وأهل البئر وأقواما بين ذلك عديدين وكلا بينا له الأحكام وكلا دمرنا تدميرا ،يبين الله أن كل من عاد وهم قوم هود(ص)وثمود وهم قوم صالح(ص)وأصحاب الرس وهم أهل البئر وقرون بين ذلك كثيرا والمراد وأقوام بين ناس كثيرين وكلا ضربنا له الأمثال والمراد والحق بينا لهم الآيات مصداق لقوله بسورة آل عمران "قد بينا لكم الآيات "وكلا تبرنا تتبيرا أى "فدمرناهم تدميرا "كما قال بنفس السورة والمراد فأهلكناهم إهلاكا .
"ولقد أتوا على القرية التى أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا "المعنى ولقد مروا على البلدة التى أنزلت نزول الأذى أفلم يكونوا يعرفونها ؟بل كانوا لا يصدقون بعثا،يبين الله أن الكفار أتوا إلى البلدة التى أمطرت مطر السوء والمراد أن الكفار مروا فى رحلاتهم على البلدة التى أنزلت عليها حجارة الهلاك مصداق لقوله بسورة الحجر "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل "وهم قوم لوط (ص)ويسأل الله أفلم يكونوا يرونها أى يعرفونها ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار كانوا يعلمون بأمر قرية لوط(ص)ولكنهم كانوا لا يرجون نشورا أى كانوا لا يريدون بعثا أى لقاء الله مصداق لقوله بسورة يونس "لا يرجون لقاءنا " .
"وإذا رأوك إن يتخذوك إلا هزوا أهذا الذى بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا "المعنى وإذا شهدوك إن يجعلوك إلا أضحوكة أهذا الذى أرسل الله نبيا إن كاد ليبعدنا عن أربابنا لولا أن تمسكنا بها وسوف يعرفون حين يدخلون العقاب من أسوأ مقاما ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا رأوه أى شاهدوه فى مكان اتخذوه هزوا أى جعلوه أضحوكة والمراد جعلوه مثار لسخريتهم فقالوا أهذا الذى بعث الله رسولا أى أهذا الذى أرسل الله مبعوثا ؟والغرض من القول هو تحقير الرسول (ص)والتصغير من شأنه وقالوا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها أى لقد أراد أن يتركنا أربابنا لولا أن تمسكنا بها وهذا يعنى أن هدف الرسول (ص)فى رأيهم هو إبعادهم عن عبادة أربابهم المزعومة وأنهم لم يبتعدوا عنها بسبب صبرهم أى اتباعهم لهم ويبين له أن الكفار سوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا والمراد وسوف يعرفون وقت يشاهدون العقاب من أسوأ مقاما والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا "المعنى هل علمت من جعل ربه شهوته أفأنت تكون عليه حفيظا ؟يسأل الله نبيه (ص)أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا والمراد هل عرفت من عبد ربه شهوته وهى نفسه هل أنت تصبح له حاميا ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول (ص)أن كل كافر جعل إلهه هواه أى شهواته والمسلم لا يمكن أن يكون حافظا للكافر من عذاب الله على عبادته نفسه .
"أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا "المعنى هل تظن أن أغلبهم يفهمون أى يطيعون الحق؟إن هم إلا كالأنعام إنهم أسوا مقاما ،يسأل الله نبيه (ص)أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أى يعقلون والمراد هل تعتقد أن معظمهم يطيعون أى يتبعون حكم الله ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار مجانين غير عاقلين لكفرهم بحكم الله وهم يشبهون الأنعام فى تمتعها وأكلها مصداق لقوله بسورة محمد "الذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام "ويبين له أنهم أضل سبيلا أى أسوأ مقاما فى الآخرة بسبب سوء دينهم والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه قبضا يسيرا "المعنى هل لم تعلم بإلهك كيف أطال الخيال ولو أراد لخلقه ثابتا ثم خلقنا الشمس عليه برهانا ثم قصرناه إلينا تقصيرا تدريجيا ،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر إلى ربك والمراد ألم تعلم بخالقك كيف مد الظل أى كيف بسط خيال الشىء ولو شاء لجعله ساكنا والمراد ولو أراد لأبقاه ثابتا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا والمراد ثم خلقنا الشمس عليه برهانا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا أى قصرناه لنا تقصيرا هينا ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أن الله مد الظل أى بسط أى أطال خيال الشىء ثم جعل ضوء الشمس دليل أى برهان على وجود الخيال والسبب هو أن الضوء يظهره عندما يكون بجانبه وبعد أن يكون الظل ممدودا يقبضه الله قبضا يسيرا والمراد يقصره تقصيرا تدريجيا وعلى ذلك لو أحب الله لجعل الظل ساكنا أى ثابتا لا يتحرك ولكنه لم يرد الثبات وإنما أراد له الحركة .
"وهو الذى جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا "المعنى وهو الذى خلق لكم الليل ثوبا والنوم راحة وخلق النهار معاشا ،يبين الله للناس أنه هو الذى جعل لهم الليل لباسا والمراد الذى خلق لهم الليل سكنا مصداق لقوله بسورة النمل "انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه "وخلق النوم وهو النعاس سبات أى راحة لأجسامهم وجعل النهار نشورا أى وخلق النهار معاشا أى وقتا للصحو مصداق لقوله بسورة النبأ"وجعلنا النهار معاشا "والخطاب وما بعده للناس.
"وهو الذى أرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته وأنزل من السماء ماء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسى كثيرا "المعنى وهو الذى بعث الهواء المتحرك فرحا أمام نفعه وأسقط من السحاب ماء مباركا لنبعث به قرية مجدبة ونرويه مما أنشأنا أنعاما وخلقا عظيما ،يبين الله للناس أنه هو الذى أرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته والمراد الذى بعث الهواء المتحرك ليخبرهم خبرا مفرحا قبل نزول مطر السحاب الذى هو نفع من الله لهم ،ويبين لهم أنه أنزل من السماء ماء طهورا والمراد أسقط من المعصرات وهى السحاب مطرا مباركا مصداق لقوله بسورة النبأ"وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "والسبب ليحيى به بلدة ميتا والمراد لينشر به أرضا مجدبة مصداق لقوله بسورة الزخرف "فأنشرنا به بلدة ميتة "والمراد ليعيد الحياة للتربة الهالكة والسبب الثانى أن يسقيه مما خلق أنعاما وأناسى كثيرا والمراد أن يرويه من الذى أنشأ حيوانات الأنعام والناس العديدين .
"ولقد صرفنا بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا "المعنى ولقد بيناه لهم ليطيعوه فرفض معظم الخلق إلا تكذيبا ،يبين الله أنه صرف القرآن بينهم والمراد ضرب أى بين فى القرآن من كل حكم مصداق لقوله بسورة الروم "ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل"والسبب ليذكروا أى "ليدبروا آياته"كما قال بسورة ص والمراد ليطيعوا أحكامه فكانت النتيجة أن أبى أكثر الناس إلا كفورا والمراد فرفض أغلب الخلق إلا تكذيبا أى عصيانا له والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا "المعنى ولو أردنا لأرسلنا فى كل بلدة مبلغا فلا تتبع المكذبين وقاومهم به مقاومة عظمى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو شاء أى لو أراد فعل التالى بعث فى كل قرية نذير والمراد لأرسل فى أهل كل بلدة رسولا مبلغا لوحيه ويطلب منه ألا يطع الكافرين والمراد ألا يتبع أهواء المكذبين مصداق لقوله بسورة الأنعام "ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا "أى لا تتبع أديانهم وأن يجاهدهم به جهادا كبيرا والمراد أن يجادلهم بالقرآن جدالا صادقا حسنا مصداق لقوله بسورة النحل "وجادلهم بالتى هى أحسن ".
"وهو الذى مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا "المعنى وهو الذى خلق الماءين هذا مقبول سائغ وهذا ملح مر وخلق بينهما فاصلا أى حاجزا محجوزا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه هو الذى مرج البحرين أى خلق الماءين هذا عذب فرات والمراد مقبول سائغ شربه وهذا ملح أجاج أى لاذع غير مستساغ الطعم وجعل بينهما برزخا أى حجرا محجورا أى حاجزا أى فاصلا منيعا مصداق لقوله بسورة النمل "وجعل بين البحرين حاجزا "والخطاب للنبى ومنه للناس .
"وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا "المعنى وهو الذى أنشأ من المنى إنسانا فخلقه نسبا وصهرا وكان إلهك فاعلا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى خلق من الماء أى جعل من الماء المهين وهو المنى بشرا أى إنسانا فجعله نسبا وصهرا والمراد فخلقه ابنا أى ولدا وكان ربك قديرا والمراد وكان خالقك فاعلا لما يريد مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا "المعنى ويدعون من غير الرب الذى لا يفيدهم ولا يؤذيهم وكان المكذب لخالقه خصما وما بعثناك إلا مبلغا أى موصلا للوحى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يعبدون أى "يدعون من دون الله"كما قال بسورة الأنعام والمراد يطيعون من سوى حكم الله حكم الذى لا ينفعهم أى لا يفيدهم بشىء ولا يضرهم أى ولا يؤذيهم بضرر ويبين لنا أن الكافر كان لربه ظهيرا والمراد وكان المكذب لخالقه خصيما أى كنود مصداق لقوله بسورة العاديات "إن الإنسان لربه لكنود"أى عدوا أى عاصيا لحكمه ويبين له أنه ما أرسله إلا مبشرا أى نذيرا والمراد ما بعثه سوى مبلغا أى موصلا للوحى .
"قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا "المعنى قل ما أطالبكم عليه بنفع إلا من أراد أن يبتغى إلى خالقه طريقا،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول ما أسألكم عليه من أجر والمراد لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بنفع أى مال إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا والمراد إلا من أراد أن يبتغى إلى رحمة خالقه طريقا وهذا يعنى أن الأجر المطلوب هو المودة فى القربى وهو الرغبة فى رحمة الله لقوله بسورة الشورى "قل ما أسألكم عليه أجر إلا المودة فى القربى "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده له
"وتوكل على الحى الذى لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا"المعنى واحتمى بطاعة الباقى الذى لا يفنى أى اعمل بأمره وحسبك الله بخطايا خلقه عليما ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتوكل على الحى الذى لا يموت والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الباقى الذى لا يهلك وفسر هذا بأنه يسبح بحمده أى أن يعمل باسمه وهو حكمه مصداق لقوله بسورة الواقعة "فسبح بحمد ربك العظيم "ويبين له أنه كفى به بذنوب عباده خبيرا أى أنه حسبه الله بسيئات خلقه عليما عارفا .
"الذى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش فسئل به خبيرا "المعنى الذى أبدع السموات والأرض والذى وسطهما فى ستة أيام ثم أوحى للكون فاستفهم عنه عليما ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وما بينهما وهو الجو الذى بين السموات والأرض فى مدة قدرها ستة أيام أى ستة آلاف عام بحساب البشر ثم استوى على العرش والمراد وقد أوحى إلى الكون وقت خلقه له أنه ملك الكون الواجب طاعته ويطلب منه أن يسأل عنه خبيرا والمراد إن يستفهم عن الله عالما بوحيه .
"وإذ قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا "المعنى وإذا قيل لهم أطيعوا الله قالوا ومن النافع أنطيع الذى تطالبنا وأدامهم تكذيبا ،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار إذا قيل لهم اسجدوا للرحمن والمراد اعبدوا النافع وهو الله مصداق لقوله بسورة النجم "فاسجدوا لله واعبدوا "كان ردهم هو وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا والمراد ومن النافع هل نعبد الذى تطالبنا بعبادته ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أنهم لن يطيعوا الله لأنهم لا يعرفونه ويبين له أنه زادهم نفورا أى أدامهم رجسا أى كفرا والمراد أن الله جعلهم يستمرون فى رجسهم مصداق لقوله بسورة التوبة "فزادتهم رجسا "والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا "المعنى دام الذى خلق فى السماء نجوما وخلق فيها شمسا وقمرا مضيئا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله تبارك أى دام أى بقى الذى جعل فى السماء بروجا والمراد الذى خلق فى السماء الدنيا نجوما مصداق لقوله بسورة الأنعام "وهو الذى جعل لكم النجوم "وجعل فيها سراجا والمراد وخلق فيها مصباحا هو الشمس مصداق لقوله بسورة نوح"وجعل الشمس سراجا "وخلق فيها قمرا منيرا أى مضيئا فى الليل .
"وهو الذى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا "المعنى وهو الذى خلق الليل والنهار آية لمن أحب أن يطيع أى أحب اتباعا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه هو الذى جعل أى خلق الله الليل والنهار خلفة أى عبرة أى آية لمن أراد أن يذكر أى يطيع حكم الله وفسره بأنه من أراد شكورا أى إتباعا لحكم الله وهم أولى الأبصار مصداق لقوله بسورة النور "يقلب الله الليل والنهار إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار ".
"وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما "المعنى وخلق النافع الذين يحكمون فى البلاد عدلا وإذا حدثهم الكافرون قالوا خيرا والذين يقومون لخالقهم طائعين أى متبعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن عباد الرحمن وهم مطيعى حكم النافع وهو الله هم الذين يمشون فى الأرض هونا أى الذين يحكمون بنور الله فى البلاد عدلا منهم مصداق لقوله بسورة الحديد "ويجعل لكم نورا تمشون به "وهم الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والمراد وهم الذين إذا تحدث معهم الكافرون قالوا خيرا وهذا يعنى أنهم يدعون الكفار للإسلام وهو الخير أى دين الله وهم الذين يبيتون لربهم سجدا أى قياما والمراد الذين يقومون لله قانتين أى طائعين لحكمه مصداق لقوله بسورة البقرة "وقوموا لله قانتين ".
"والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما "المعنى والذين يدعون خالقنا ابعد عنا عقاب النار إن عقابها كان ثقيلا إنها قبحت مقاما أى مكانا ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين يقولون أى يدعون :ربنا اصرف عنا عذاب جهنم والمراد ابعد عنا أى قنا عذاب النار مصداق لقوله بسورة البقرة "وقنا عذاب النار "إن عذابها كان غراما والمراد إن عقابها كان ثقيلا أى مستمرا مصداق لقوله بسورة الإنسان "ويذرون وراءهم يوما ثقيلا "أى طويلا ،إنها ساءت أى بغضت مستقرا أى مقاما أى مكانا أى مرتفقا مصداق لقوله بسورة الكهف "وساءت مرتفقا "فهى مكان مكروه والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"المعنى والذين إذا أعطوا لم يفرطوا ولم يبخلوا وكان بين ذلك وسطا ،يبين الله لنبيه (ص)أن عباد الرحمن هم الذين إذا أنفقوا أى أعطوا المال لحاجاتهم الدنيوية لم يسرفوا أى لم يفرطوا أى لم يبذروه كله ولم يقتروا أى ولم يبخلوا أى ولم يقللوا من العطاء لدرجة عظيمة وكان بين ذلك قواما أى وكان بين الإفراط والبخل وسطا وهذا يعنى أن إنفاقهم عادل .
"والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا "المعنى والذين لا يعبدون مع الرب ربا آخر ولا يذبحون الإنسان الذى منع الله إلا بالعدل ولا يفحشون ومن يصنع ذلك يدخل نارا يستمر له العقاب ويبقى فيه مذلولا ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين لا يدعون مع الله إلها آخر والمراد الذين لا يطيعون مع دين الله دين رب آخر مزعوم وهم لا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق والمراد ولا يذبحون النفس التى منع الرب ذبحها إلا بالعدل وهو قتلها لآخر وإفسادها وهو ردتها بعد إسلامها وهم لا يزنون أى لا يرتكبون الفاحشة وهى جماع من ليس بزوج ويبين لنا أن من يفعل أى من يصنع الجرائم يلق آثاما أى يدخل نارا أى يصلى نارا مصداق لقوله بسورة النساء "ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا "ويضاعف له العذاب أى ويزاد أى ويدام له العقاب مصداق لقوله بسورة النحل "وزدناهم عذابا فوق العذاب "وهو يخلد فيها مهانا والمراد ويقيم فى النار مذلولا .
"إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "المعنى إلا من أناب أى صدق وفعل فعلا نافعا فأولئك يغير الرب خطاياهم مفيدات وكان الرب عفوا نافعا ،يبين الله أن من يفعل الذنوب يدخل النار إلا من تاب أى عاد لدين الله وفسره الله بأنه من آمن أى صدق الوحى وعمل عملا صالحا أى وفعل فعلا حسنا أى نافعا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات والمراد يذهب الرب خطاياهم بحسناتهم أى يرفع الله النار عنهم ويدخلهم الجنة مصداق لقوله بسورة هود"إن الحسنات يذهبن السيئات" ويبين أن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يتوب .
"ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا "المعنى ومن أناب أى فعل حسنا فإنه يعود إلى الرب عودة ،يبين الله أن من تاب أى أناب لدين الله وفسره بأنه عمل صالحا أى فعل نافعا فإنه يتوب إلى الله متابا والمراد فإنه يدخل إلى ثواب الرب دخولا وهذا يعنى أنه يرحمه الرحمة الكبرى .
"والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا "المعنى والذين لا يقرون الباطل وإذا علموا بالباطل بعدوا عظاما والذين إذا أبلغوا بأحكام خالقهم لم يصبحوا له عصاة مخالفين ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين لا يشهدون الزور والمراد الذين لا يصدقون الباطل باطل أنفسهم وغيرهم وفسرهم الله بأنهم إذا مروا باللغو مروا كراما والمراد وإذا علموا بالباطل بعدوا عنه كبارا ولم يستصغروا أنفسهم بطاعته وهم الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والمراد والذين إذا أبلغوا بأحكام إلههم لم يكونوا له مخالفين أى عصاة والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما "المعنى والذين يدعون إلهنا أعطى لنا من نساءنا وأولادنا سكن قلوب واجعلنا للمطيعين قائدا ،يبين الله أن عباد الرحمن هم الذين يقولون أى يدعون ربنا أى خالقنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا والمراد أعطى لنا من نسائنا وعيالنا قرة أعين أى سكن قلوب والمراد أن يجعل زوجاتهم وعيالهم مصدر طمأنينة لقلوبهم وقالوا واجعلنا للمتقين إماما والمراد وعينا للمطيعين قائدا وهذا يعنى أن كل واحد منهم يريد أن يصبح مرشدا للناس بالحق
"أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما "المعنى أولئك يدخلون الجنة بما أطاعوا حكم الله ويجدون فيها خيرا أى نفعا مقيمين بها حببت مسكنا أى مكانا ،يبين الله أن عباد الرحمن يجزون الغرفة بما صبروا والمراد يدخلون الجنة بما أطاعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة الإنسان "وجزاهم بما صبروا جنة "وهم يلقون فيها تحية أى سلاما والمراد يجدون فيها خيرا أى نفعا لهم وهى قد حسنت مستقرا أى مقاما والمراد وهى قد حببت لهم مسكنا أى مقاما أى ثوابا أى مرتفقا مصداق لقوله بسورة الكهف "نعم الثواب وحسنت مرتفقا ".
"قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما "المعنى قل ما يرحمكم إلهى لولا طاعتكم فقد عصيتم فسوف يكون واجبا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم والمراد ما يرحمكم إلهى لولا طاعتكم لحكمه فقد كذبتم فسوف يكون لزاما والمراد فقد عصيتم حكمه فسوف يكون العذاب واجبا لكم بسبب عصيانكم لحكمه والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.