سورة الحج
سميت بهذا الاسم لطلب إبراهيم (ص)الحج من الناس فيها بقوله :"وأذن فى الناس بالحج "
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس إن زلزلة الساعة شىء عظيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الخلق إن هزة القيامة أمر هائل ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم أن باسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن زلزلة الساعة شىء عظيم أى رجفة القيامة وهى رجفة الأرض والسماء التابعة لها شىء عظيم أى أمر كبير مصداق لقوله بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها "وقوله بسورة النازعات "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة " والخطاب وما بعده للناس.
"يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "المعنى يوم تشهدونها تنشغل كل نفس عما عملت وتلقى صاحبة كل ثقل ثقلها وتشهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين ولكن عقاب الله عظيم ،يبين الله للناس أنهم فى يوم يرون أى يشهدون الزلزلة يحدث التالى :تذهل كل مرضعة عما أرضعت أى تنشغل كل نفس كافرة عما صنعت والمراد أنها تنكر الذى عملت فى الدنيا فتقسم على أنها"ما كنا نعمل من سوء"كما قال بسورة النحل،وتضع كل ذات حمل حملها والمراد وتتحمل كل صاحبة عمل جزاء عملها ،وترى الناس سكارى وما هم بسكارى والمراد وتشاهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين والمراد أن من يشاهد الكفار فى يوم القيامة يظن أنهم مخمورين من حيرتهم ومع ذلك ليسوا بشاربى خمر ولكن الذى جعل حالهم هكذا هو أن عذاب الله شديد أى أن عقاب الله أليم مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن عذابى هو العذاب الأليم ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد "المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الرب بدون وحى ويطيع كل هوى منحرف ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يخاصم فى دين الله بغير علم أى هدى أى كتاب منير أى وحى من الله مصداق لقوله بسورة الحج"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير"وهذا المجادل يتبع كل شيطان مريد أى يطيع كل هوى ضال والمراد يطيع هوى نفسه الذى يعتبره إلهه مصداق لقوله بسورة الجاثية "أفرأيت من أتخذ إلهه هواه "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وكتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير "المعنى وحكم عليه أنه من أطاعه فإنه يهلكه أى يدخله فى عقاب النار ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله كتب على الشيطان والمراد أن الله حكم على الهوى الضال بالتالى أن من تولاه أى أطاع حكم الهوى فإن الهوى يضله أى يهلكه وفسر هذا بأنه يهديه إلى عذاب السعير والمراد أنه يدخله فى نار جهنم .
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"المعنى يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب للقيام فإنا أنشأناكم من طين ثم من منى ثم من مرفوعة ثم من لحم محول وغير محول لنظهر لكم ونضع فى البطون الذى نريد إلى موعد محدد ثم نجعلكم وليدا ثم لتصلوا قوتكم ومنكم من يموت ومنكم من يعود إلى أسوأ الحياة لكيلا يعرف من بعد معرفة شيئا وتشاهد الأرض مجدبة فإذا أسقطنا عليها المطر تحركت ونمت وأخرجت من كل فرد كريم ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،ويبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء ،ويبين الله لنبيه(ص)أنه يرى الأرض هامدة والمراد أنه يشاهد الأرض ميتة مصداق لقوله بسورة يس"وآية لهم الأرض الميتة "فإذا أنزلنا عليها الماء والمراد فإذا أسقطنا على الأرض المجدبة الماء وهو المطر اهتزت أى تحركت حبيبات الأرض وربت أى ونمت والمراد وانتفخت حبيبات الأرض بالماء وأنبتت من كل زوج بهيج أى وأخرجت من كل فرد كريم مصداق لقوله بسورة لقمان "فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "والخطاب للنبى(ص)
"ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وإنه على كل شىء قدير "المعنى ذلك بأن الرب هو العدل وأنه يبعث الهلكى وأنه لكل أمر فاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ذلك وهو إحياء الأرض بعد موتها يحدث التالى أن الله هو الحق أى العدل وأنه يحيى الموتى والمراد وأنه يبعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"ويبين له أنه على كل شىء قدير والمراد أنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من فى القبور"المعنى وإن القيامة حادثة لا ظلم فيها وأن الله يحيى من فى المدافن،يبين الله لنبيه (ص)أن الساعة آتية لا ريب فيها والمراد أن القيامة قائمة أى متحققة لا ظلم فيها مصداق لقوله بسورة غافر"لا ظلم اليوم"وأن الله يبعث من فى القبور والمراد وأن الرب يحيى من فى المدافن وهم الموتى مصداق لقوله بنفس السورة "وأنه يحيى الموتى ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد"المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الله بغير وحى ولا رشاد ولا حكم مضىء ،معد نفسه ليرد عن دين الله له فى الأولى ذل وندخله يوم البعث عقاب النار ذلك بما عملت نفسك وأن الله ليس بمنقص للخلق،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يحاجج فى دين الله بغير علم وفسر العلم بأنه الهدى وفسره بأنه الكتاب المنير وهو الحكم الواضح وهذا يعنى أنه يحاجج بالباطل مصداق لقوله بسورة الكهف"ويجادل الذين كفروا بالباطل "والمجادل ثانى عطفه أى معد نفسه ليضل عن سبيل الله والمراد ليبعد عن دين الرب نفسه وغيره وهو له فى الدنيا وهى المعيشة الأولى خزى أى ذل مصداق لقوله بسورة الأعراف"وذلة فى الحياة الدنيا "ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق والمراد وندخله يوم البعث عقاب النار والسبب ما قدمت يداه أى عملت نفسه مصداق لقوله بسورة المائدة"ما قدمت لهم أنفسهم "وأن الله ليس بظلام للعبيد أى ليس بمنقص حق الخلق وهذا يعنى أنه لا يضيع أجر أحد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والأخرة ذلك هو الخسران المبين "المعنى ومن الخلق من يطيع الله على شرط فإن مسه نفع سكن له وإن مسه ضرر ارتد إلى كفره أضاع الأولى والقيامة ذلك هو الضياع العظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس وهم البشر من يعبد الله على حرف أى من يطيع دين الله على شرط فإن أصابه خير أى فإن أعطاه الله نفع والمراد أنه يتبع دين الله إذا أعطاه الله النفع وإن أصابته فتنة أى وإن أتاه أذى انقلب على وجهه أى ارتد إلى كفره والمراد إذا حدث له ضرر عمل ضد مصلحته نفسه فكفر بدين الله وبهذا العمل يكون قد خسر أى أضاع الدنيا والأخرة والمراد ثواب الأولى وثواب القيامة وهذا هو الخسران المبين أى الضياع العظيم .
"يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير "المعنى يعبد من غير الله الذى لا يؤذيه والذى لا يفيده ذلك هو الكفر العظيم يعبد من أذاه أدنى من خيره فقبح الناصر أى قبح الصاحب ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكافر يدعو من دون الله أى يعبد من سوى الله ما لا يضره أى ما لا يؤذيه وما لا ينفعه أى وما لا يفيده مصداق لقوله بسورة الفرقان "ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم"وهذا يعنى أن معبودهم لا يقدر على إيذاء الكافر ولا يقدر على نفعه ويبين له أن ذلك وهو عبادة غير الله هو الضلال البعيد أى الكفر العظيم ،والكافر يدعو لمن ضره أقرب من نفعه والمراد يتبع من أذاه أوقع من فائدته والمراد أن المعبود أذى عبادته هو الحادث وليس نفع عبادته ،ويبين له أن المعبود من دون الله هو بئس المولى أى ساء أى قبح العشير وهو الناصر أى الصاحب والمراد أنه لا ينصر عابده كما ينصر الولى أى العشير صاحبه .
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد "المعنى إن الرب يسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون إن الله يصنع ما يشاء ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات والمراد يسكن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات فى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته "والجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ،ويبين له إن الله يفعل ما يريد والمراد يحكم ما يشاء مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الله يحكم ما يريد"وقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يشاء".
"من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله لا يهدى من يريد "المعنى من كان يعتقد أن لن يؤيده الله فى الأولى والقيامة فليصنع حبل للسماء ثم ليبتر هل يزيلن مكره ما يثير وهكذا أوحيناه علامات ظاهرات وأن الله يرشد من يشاء ،يطلب الله من كل إنسان يظن أى يعتقد الإعتقاد التالى :أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة والمراد أن لن يرحمه الرب فى الأولى والقيامة أى أن لن يؤيده الرب فى الأولى والقيامة بثوابه الطلب التالى :أن يمد سبب إلى السماء أى أن يصنع سلم إلى الأعلى والمراد أن يدبر مكيدة ويعملها فى دين الله ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ والمراد ثم لينظر هل يزيلن تدبيره ما يغضب وبالطبع النتيجة هى أن المنتظر هو الهالك والله هو الباقى ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة أنزل الله الوحى آيات بينات والمراد أوحى الله القرآن أحكام عربيات مصداق لقوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا "،ويبين له أن الله يهدى من يريد أى أن الله يقرب من يحب والمراد أن الله يثيب من يشاء وهم الذين ينيبون لله مصداق لقوله بسورة الشورى "ويهدى إليه من ينيب" .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد "المعنى إن الذين صدقوا واليهود والخارجين والنصارى والمجوس والكافرين إن الله يحكم بينهم يوم البعث إن الله على كل أمر رقيب ،يبين الله أن الله يفصل أى يقضى يوم القيامة أى البعث مصداق لقوله بسورة الجاثية "يقضى بينهم يوم القيامة " بين كل من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله والذين هادوا أى اليهود والصابئين وهم المنحرفين عن أديان أقوامهم والنصارى وهم أنصار المسيح(ص)والمجوس وهم عبدة النار عند بعض الناس والذين أشركوا أى كفروا وهم كل فريق اتخذ مع الله آلهة مزعومة يستوى فى ذلك الأصنام والدساتير الوضعية والمخلوقات وغيرها،ويبين أن الله على كل شىء شهيد والمراد أن الله بكل أمر عليم أى على كل مخلوق رقيب مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان الله على كل شىء رقيبا "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير من الناس حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء "المعنى ألم تعلم أن الله يطيعه من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والكواكب والرواسى والشجر والدواب وعديد من الخلق وعديد من الخلق وجب له العقاب ومن يذل الله فما له من معز ،إن الرب يصنع ما يريد،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر أى هل لم تعلم أن الله يسجد أى يسبح له مصداق لقوله بسورة التغابن"يسبح ما فى السموات وما فى الأرض" والمراد من يطيع حكم الله من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب والجبال وهى الرواسى والشجر وهو النبات والدواب وهى الحيوانات المتحركة وكثير من الناس والمراد وعديد من الخلق ،وهذا يعنى أن كل خلق الله يتبع حكمه ما عدا كثير من الناس أى عديد من الخلق حق عليه العذاب أى وجب له العقاب وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين "ويبين له أن من يهن الله فما له من مكرم أى من يضلل فما له من ولى مصداق لقوله بسورة الشورى "ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده"والمراد من يذل الرب فما له من معز ،ويبين له أن الله يفعل ما يشاء والمراد أن الرب يصنع ما يريد مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يريد"والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"هذان خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم يصهر به ما فى بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق "المعنى هذان عدوان تشاجروا فى إلههم فالذين كذبوا فصلت لهم ملابس من لهب ينزل من فوق أدمغتهم الكريه يحرق به الذى فى بطونهم والجلود ولهم سلاسل من حديد كلما أحبوا أن يهربوا منها من غم ارجعوا فيها وادخلوا عقاب النار ، يبين الله للنبى(ص) أن الناس خصمان أى عدوان والمراد فريقان كل منهم اختصم فى الرب أى تجادل فى الله والمراد اختلف مع الأخر فى دين الله ،ويبين لنا أن الذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار والمراد فصلت لهم سرابيل من قطران مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وسرابيلهم من قطران "وهذا يعنى أن ملابسهم مفصلة من نحاس ملتهب وهم يصب من فوق رؤسهم الحميم والمراد ينزل من أعلى أدمغتهم سائل الغساق وهو سائل كريه محرق يصهر به ما فى بطونهم والمراد يحرق به الذى فى أمعاءهم والجلود وهى اللحم الخارجى الذى يغطى أعضاء الجسم ،ولهم مقامع من حديد والمراد ولهم أصفاد أى سلاسل من الحديد مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وترى المجرمين يومئذ مقرنين فى الأصفاد "والكفار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم والمراد كلما شاءوا أن يهربوا منها من عذاب أعيدوا فيها والمراد ارجعوا فيها وذوقوا عذاب الحريق والمراد وعلموا ألم النار وهو عذاب الخلد مصداق لقوله بسورة السجدة "وذوقوا عذاب الخلد".
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حريرا وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد"المعنى إن الله يسكن الذين صدقوا وحى الله وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون يرتدون فيها من حلى من ذهب ولؤلؤا وثيابهم فيها حرير ورشدوا إلى الحسن من الحكم أى رشدوا إلى دين الشاكر ،يبين الله أنه يدخل أى يسكن فى الجنات وهى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فيدخلهم ربهم فى رحمة منه"وهم الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وهذه الجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا والمراد ويرتدون فيها حلى من الذهب واللؤلؤ ولباسهم وهو ثيابهم من حرير أى سندس وإستبرق مصداق لقوله بسورة الكهف"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق "وقد هدوا أى رشدوا إلى الطيب من القول وهو الحسن من الحكم مصداق لقوله بسورة الأنعام "ومن أحسن من الله حكما "وفسر هذا بأنهم هدوا إلى صراط الحميد أى رشدوا إلى حكم الشاكر وهو الله المثيب لمن يطيعه والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذى جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم "المعنى إن الذين كذبوا ويردون عن دين الرب والمصلى الأمن الذى وضعناه للبشر سيان القائم فيه والزائر ومن يفعل فيه كفر أى فسق نعطيه من عقاب شديد ،يبين الله لنا أن الذين كفروا أى الذين كذبوا حكم الله وفسرهم بأنهم يصدون عن سبيل الله والمراد ويردون عن دين الله والمسجد الحرام والمراد والمصلى الأمن الذى جعلناه للناس والمراد الذى وضعناه للبشر أمان من الضرر والمراد بالبشر هنا العاكف فيه أى المقيم فى مكة والباد وهو الزائر لمكة من أجل الحج والعمرة ويبين لنا أن من يرد فيه بإلحاد أى من يفعل فى مكة وهى البيت الحرام ظلم أى فساد يذقه من عذاب أليم أى يدخله فى العقاب الكبير مصداق لقوله بسورةالفرقان "نذقه من عذاب كبير".
"وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بى شيئا وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود"المعنى وقد أظهرنا لإبراهيم (ص)قواعد البيت أن لا تعبد معى أحدا وأقم كعبتى للدائرين والواقفين أى الركع السجود ،يبين الله لنا أنه بوأ أى أظهر لإبراهيم (ص) مكان البيت أى قواعد أى أسس الكعبة وقال له أن لا تشرك بى شيئا أى أن لا تعبد معى أحدا وطهر بيتى أى وابن مسجدى للطائفين وهم الزائرين للكعبة بمكة والقائمين وهم المقيمين بمكة والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق "المعنى وناد فى الخلق بالزيارة يجيئوك مشاة وعلى كل مركوب يجيئون من كل مكان بعيد،يبين الله أنه قال لإبراهيم (ص):وأذن فى الناس بالحج أى وناد فى البشر بالزيارة والمراد وأبلغ البشر حكم الله بزيارة البيت الحرام ،ثم بين له نتيجة الأذان وهو الإبلاغ وهى أن يأتيه الناس أى أن يجىء له البشر رجالا أى مشاة على أرجلهم وعلى كل ضامر أى وعلى كل مركوب يأتين من كل فج عميق أى يحضرون من كل مكان بعيد ومن هنا نعلم أن الحجاج إما مشاة على أرجلهم وهم الرجال وإما راكبين على الضامر وهو أى شىء يركب سواء حيوان أو آلة كما نعلم أنهم يأتون من كل بلد وليس من بلد واحد.
"ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق "المعنى ليحضروا فوائد لهم ويطيعوا حكم الله فى أيام معروفات على ما أعطاهم من ذبيحة الأنعام فاطعموا منها وأعطوا المحتاج العاجز ثم ليتموا عهدهم أى ليتموا ميثاقهم وليزوروا فى المسجد الحرام ،يبين الله أنه قال لإبراهيم (ص)أن الزوار يأتوا ليشهدوا منافع لهم والمراد ليحضروا فوائد لهم أى ليأخذوا من رزق الله وهو اللحم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام والمراد ويطيعوا حكم الله وهو الوحى فى أيام محددات فى ما أعطاهم من ذبيحة الأنعام وحكم الله فى بهيمة الأنعام هو أن الله قال للحجاج فكلوا منها واطعموا البائس الفقير والمراد اطعموا منها أى أن يأكلوا جزء من ذبيحة الأنعام والجزء الأخر يعطوه للإنسان المحتاج العاجز عن الكسب،وبين له بقية أسباب الحج وهى أن يقضوا تفثهم أى يوفوا نذورهم والمراد ليكملوا مواثيقهم وبألفاظ أخرى ليعملوا بقية أعمال الحج كالسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ،وليطوفوا بالبيت العتيق أى وليتواجدوا فى كل مكان فى المسجد الحرام والقول يبدو مكون من آيتين الأولى تتحدث بصيغة المضارع ليشهدوا وليوفوا والثانية تتحدث بصيغة الأمر فكلوا وأعطوا وكل منهما محذوف بعضه.
"ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور"المعنى ذلك ومن يكبر شعائر الرب فهو أفضل له لدى خالقه وأبيحت لكم الأنعام إلا ما يقرأ عليكم فابتعدوا عن الأذى من الأصنام أى ابتعدوا عن قول الباطل ،يبين الله لنا أن من يعظم حرمات الله والمراد من يجل شعائر الرب مصداق لقوله بسورة الحج"ومن يعظم شعائر الله "أى ومن يفعل أحكام الرب فى الحج فهو خير له عند ربه والمراد فهو أحسن له لدى إلهه،ويبين لنا أنه أحلت أى أبيح لنا أكل لحم الأنعام إلا ما يتلى علينا والمراد إلا ما يبلغ لنا فى الوحى من المحرمات و ما ورد فى سور المائدة والبقرة والأنعام وغيرها ،ويطلب منا أن نجتنب الرجس من الأوثان والمراد أن نبتعد عن الضرر الأتى منه عبادة الأصنام وفسر هذا بأن يجتنبوا قول الزور والمراد أن يتركوا طاعة حديث الباطل وهو الطاغوت مصداق لقوله بسورة النحل"واجتنبوا الطاغوت" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق"المعنى مسلمين لحكم الله غير عاصين له ومن يعصى حكم الله فكأنما وقع من الجو فتأكله الطيور أو يرمى به الهواء فى مكان بعيد ،يطلب الله منا أن نجتنب الزور وفسر هذا بأن نكون حنفاء لله أى مخلصين الدين له مصداق لقوله بسورة غافر "مخلصين له الدين "والمراد أن نكون مسلمين أنفسنا لطاعة حكم الله وفسر هذا بأن نكون غير مشركين به أى غير عاصين لحكم الله ويبين لنا أن من يشرك بالله أى من يكفر بآيات الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يكفر بآيات الله"والمراد من يعصى حكم الله فكأنما خر من السماء أى وقع من الجو العالى فكانت نتيجة سقوطه هى أحد أمرين :
-تخطف الطير له والمراد أكل الطيور لجثته بعد تحطمه وموته .
-أن تهوى به الريح فى مكان سحيق والمراد أن يقذف به الهواء المتحرك فى موضع بعيد يهلك فيه وبهذا يرينا الله أن مصير المشرك هو الهلاك فى كل الأحوال .
"ذلك ومن يعظم حرمات الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق "المعنى ذلك ومن يذبح ذبائح لله فإنها من طاعة النفوس لكم فيها فوائد إلى موعد محدد ثم مصيرها للبيت الحرام ،يبين الله لنا أن ذلك وهو الهلاك جزاء المشرك ،ثم يبين أن من يعظم شعائر الله والمراد أن من يذبح أنعام الله فإنها من تقوى القلوب أى فإن عمل الذبح فهذا من طاعة النفوس لحكم الله والمراد فإن فعله فإنه خضوع لحكم الله ،ويبين لنا أن الشعائر وهى الأنعام لنا فيها منافع إلى أجل مسمى والمراد لنا فيها فوائد إلى موعد محدد وهذه الفوائد هى الأكل منها لمدة يومين أو ثلاثة ويبين لنا أن محل الأنعام إلى البيت العتيق أى أن مصير الأنعام هو المسجد القديم والمراد أن موضع ذبح الأنعام هو فى البيت الحرام والخطاب وما قبله للمؤمنين.
"ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين "المعنى ولكل جماعة عينا مذبحا ليطيعوا حكم الرب فى الذى أعطاهم من ذبيحة الأنعام فربكم رب واحد فله أطيعوا وأفرح المطيعين ،يبين الله لنا أنه جعل لكل أمة منسك أى أنه عين لكل فرقة من الفرق مذبح عبر العصور والمراد مكان لذبح الأنعام هو فى مكة والسبب ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام والمراد ليتبعوا حكم الرب فيما أعطاهم من ذبيحة الأنعام وهذا يعنى أن سبب تحديد المذبح هو طاعة حكم الله بذبح الأنعام المعطاة لهم من الله ،ويبين لنا أن إلهنا إله واحد والمراد أن ربنا رب واحد ومن ثم فالطاعة هى لحكمه وحده ويطلب منا أن نسلم له أى نطيع حكم الله ويطلب من نبيه(ص)أن يبشر المخبتين والمراد يخبر المؤمنين أن لهم أجر حسن من الله هو الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا "والخطاب فى أوله للناس ثم فى أخره وبشر للنبى(ص).
"الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمى الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "المعنى الذين إذا أطيع الله اطمأنت نفوسهم أى المطيعين برغم ما مسهم أى المتبعى الدين أى من الذى أوحينا لهم يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أن المخبتين هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والمراد الذين إذا اتبعوا حكم الله اطمأنت نفوسهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ألا بذكر الله تطمئن القلوب "وفسرهم بأنهم الصابرين على ما أصابهم أى المطيعين حكم الله برغم ما نزل بهم من الضر أى البأس وهو النفع مصداق لقوله بسورة البقرة "والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس "وقوله بسورة الإنسان"واصبر لحكم ربك "فهم فى كل الأحوال يطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم المقيمى الصلاة أى المطيعين للدين وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الصلاة "وفسرهم بأنهم مما رزقناهم ينفقون أى من الذى أوحينا لهم يعملون أى يطيعون.
"والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون "المعنى والإبل خلقناها لكم من ذبائح الله لكم فيها نفع فأطيعوا حكم الله فيها صفوف فإذا رقدت جنوبها فاطعموا منها وأعطوا المحتاج أى العاجز هكذا خلقناها لكم لعلكم تطيعون ،يبين الله لنا أن البدن وهى الإبل جعلها أى خلقها الله لنا من شعائر وهى ذبائح الله التى أباح ذبحها ولنا فيها خير أى نفع ،ويطلب الله منا أن نذكر اسم الله عليها صواف والمراد أن نطيع حكم الله بذبحها فى صفوف وهذا يعنى أن ذبح البدن يتم بطريقة منظمة حيث توقف فى صفوف ويتم ذبحها فى وقت معلوم فإذا وجبت جنوبها أى فإذا سقطت أجسامها والمراد فإذا توقفت أجسادها عن الحركة فيجب علينا أن نأكل أى نطعم منها ونطعم أى ونعطى اللحم منها القانع وهو المعتر وهو المحتاج العاجز أى البائس الفقير مصداق لقوله بنفس السورة "وأطعموا البائس الفقير"ويبين لنا أنه كذلك أى بتلك الطريقة وهى الذبح سخرها لنا أى نفعنا بها والسبب لعلنا نشكره أى نطيع حكمه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين "المعنى لن يأخذ الرب لحومها ولا دماؤها ولكن تصيبه الطاعة منكم هكذا خلقها لكم لتتبعوا الرب فيما أوحى لكم وأخبر المصلحين ،يبين الله لنا أنه لن ينال أى يأخذ والمراد لن يستفيد بلحوم الأنعام فى أكل ولا بدماءها فى شرب أو غيره وإنما يناله التقوى منكم أى تصيبه الطاعة منكم والمراد أن الله تصل لعلمه طاعتنا لحكمه فى الأنعام ويبين لنا أن كذلك سخرها لنا والمراد أن بالذبح نفعنا الله بالأنعام والسبب أن نكبر الله على ما هدانا والمراد أن نتبع الرب فيما أوحى لنا وهو هنا حكم ذبح الأنعام ويطلب الله من نبيه(ص)أن يبشر المحسنين والمراد أن يخبر المخبتين بأن لهم الجنة مصداق لقوله بنفس السورة "وبشر المخبتين "والخطاب فى معظمه للمؤمنين وفى آخره للنبى(ص)وبشر وما بعده له
"إن الله يدافع عن الذين أمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور "المعنى إن الرب ينافح عن الذين صدقوا إن الرب لا يرحم كل خداع كذوب،يبين الله لنا أنه يدافع عن الذين أمنوا والمراد ينصر الذين صدقوا حكمه مصداق لقوله بسورة غافر"إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا"ويبين لنا أنه لا يحب كل خوان كفور أى لا يهدى أى لا يرحم كل مخادع مكذب بحكمه مصداق لقوله بسورة التوبة "والله لا يهدى القوم الكافرين "
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير "المعنى سمح للذين يجاهدون بأنهم بخسوا وإن الرب على تأييدهم لفاعل، يبين الله أنه أذن أى سمح أى أباح القتال للذين يقاتلون وهم من يحاربون والسبب أنهم ظلموا أى بخسوا حقوقهم من الذين يقاتلونهم ،ويبين لنا أنه على نصرهم لقدير والمراد أنه لتأييدهم فى القتال فاعل وهذا يعنى أنه يجعلهم يغلبون عدوهم .والخطاب للنبى(ص)وما بعده
"الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز "المعنى الذين طردوا من بلادهم بغير جرم إلا أن يقولوا إلهنا الرب ولولا مقاومة الرب الخلق بعضهم ببعض لدكت صوامع أى بيع أى صلوات أى مساجد يطاع فيها وحى الله دوما وليساعدن الله من يطيعه إن الله لمتين غالب ،يبين الله لنا أن المظلومين المسموح لهم بالقتال هم الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق والمراد طردوا من بلادهم بدون جريمة يستحقون عليها الطرد إلا أن يقولوا ربنا الله والمراد دين إلهنا الرب هو العدل ،ويبين الله لنا أن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض والمراد لولا مقاومة أى صد الله الخلق بعضهم ببعض لحدث التالى :هدمت أى فسدت أى بطلت صوامع أى بيع أى صلوات أى مساجد أى بلاد أى أراضى مصداق لقوله بسورة البقرة "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"فالأرض التى يذكر فيها اسم الله كثيرا تفسد والمراد أن بلاد الإسلام التى يتبع فيها حكم الله دوما تعصى حكم الله بسبب عدم الدفع وهو مقاومة الباطل ،ويبين الله لنا أنه ينصر من ينصره أى يعين من يطيع حكمه والمراد يدافع عن من يتبع حكمه ،والله هو القوى أى المتين أى المعز العزيز أى الغالب على أمره .
"الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " المعنى الذين إن حكمناهم فى البلاد أطاعوا الدين أى اتبعوا الحق أى عملوا بالحق أى بعدوا عن الباطل ولله حكم الأشياء،يبين الله أن المنصورين هم الذين إن مكنهم الله فى الأرض والمراد الذين إن حكمهم الرب فى البلاد أى الذين إن استخلفهم فى البلاد أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وهو الإسلام وفسرهم بأنهم أتوا الزكاة أى اتبعوا الحق وفسرهم بأنهم أمروا بالمعروف أى عملوا بالقسط وهو العدل مصداق لقوله بسورة آل عمران "ويأمرون بالقسط"وفسرهم بأنهم نهوا عن المنكر أى ابتعدوا عن الفساد وهو كل حكم سوى حكم الله مصداق لقوله بسورة الأعراف"وينهون عن الفساد "ويبين أن لله عاقبة الأمور والمراد له الحكم وهو الأمر فى المخلوقات مصداق لقوله بسورة الروم "لله الأمر من قبل ومن بعد " والخطاب وما بعده للنبى(ص).
سميت بهذا الاسم لطلب إبراهيم (ص)الحج من الناس فيها بقوله :"وأذن فى الناس بالحج "
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس إن زلزلة الساعة شىء عظيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الخلق إن هزة القيامة أمر هائل ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم أن باسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن زلزلة الساعة شىء عظيم أى رجفة القيامة وهى رجفة الأرض والسماء التابعة لها شىء عظيم أى أمر كبير مصداق لقوله بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها "وقوله بسورة النازعات "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة " والخطاب وما بعده للناس.
"يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "المعنى يوم تشهدونها تنشغل كل نفس عما عملت وتلقى صاحبة كل ثقل ثقلها وتشهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين ولكن عقاب الله عظيم ،يبين الله للناس أنهم فى يوم يرون أى يشهدون الزلزلة يحدث التالى :تذهل كل مرضعة عما أرضعت أى تنشغل كل نفس كافرة عما صنعت والمراد أنها تنكر الذى عملت فى الدنيا فتقسم على أنها"ما كنا نعمل من سوء"كما قال بسورة النحل،وتضع كل ذات حمل حملها والمراد وتتحمل كل صاحبة عمل جزاء عملها ،وترى الناس سكارى وما هم بسكارى والمراد وتشاهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين والمراد أن من يشاهد الكفار فى يوم القيامة يظن أنهم مخمورين من حيرتهم ومع ذلك ليسوا بشاربى خمر ولكن الذى جعل حالهم هكذا هو أن عذاب الله شديد أى أن عقاب الله أليم مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن عذابى هو العذاب الأليم ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد "المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الرب بدون وحى ويطيع كل هوى منحرف ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يخاصم فى دين الله بغير علم أى هدى أى كتاب منير أى وحى من الله مصداق لقوله بسورة الحج"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير"وهذا المجادل يتبع كل شيطان مريد أى يطيع كل هوى ضال والمراد يطيع هوى نفسه الذى يعتبره إلهه مصداق لقوله بسورة الجاثية "أفرأيت من أتخذ إلهه هواه "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وكتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير "المعنى وحكم عليه أنه من أطاعه فإنه يهلكه أى يدخله فى عقاب النار ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله كتب على الشيطان والمراد أن الله حكم على الهوى الضال بالتالى أن من تولاه أى أطاع حكم الهوى فإن الهوى يضله أى يهلكه وفسر هذا بأنه يهديه إلى عذاب السعير والمراد أنه يدخله فى نار جهنم .
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"المعنى يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب للقيام فإنا أنشأناكم من طين ثم من منى ثم من مرفوعة ثم من لحم محول وغير محول لنظهر لكم ونضع فى البطون الذى نريد إلى موعد محدد ثم نجعلكم وليدا ثم لتصلوا قوتكم ومنكم من يموت ومنكم من يعود إلى أسوأ الحياة لكيلا يعرف من بعد معرفة شيئا وتشاهد الأرض مجدبة فإذا أسقطنا عليها المطر تحركت ونمت وأخرجت من كل فرد كريم ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،ويبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء ،ويبين الله لنبيه(ص)أنه يرى الأرض هامدة والمراد أنه يشاهد الأرض ميتة مصداق لقوله بسورة يس"وآية لهم الأرض الميتة "فإذا أنزلنا عليها الماء والمراد فإذا أسقطنا على الأرض المجدبة الماء وهو المطر اهتزت أى تحركت حبيبات الأرض وربت أى ونمت والمراد وانتفخت حبيبات الأرض بالماء وأنبتت من كل زوج بهيج أى وأخرجت من كل فرد كريم مصداق لقوله بسورة لقمان "فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "والخطاب للنبى(ص)
"ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وإنه على كل شىء قدير "المعنى ذلك بأن الرب هو العدل وأنه يبعث الهلكى وأنه لكل أمر فاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ذلك وهو إحياء الأرض بعد موتها يحدث التالى أن الله هو الحق أى العدل وأنه يحيى الموتى والمراد وأنه يبعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"ويبين له أنه على كل شىء قدير والمراد أنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من فى القبور"المعنى وإن القيامة حادثة لا ظلم فيها وأن الله يحيى من فى المدافن،يبين الله لنبيه (ص)أن الساعة آتية لا ريب فيها والمراد أن القيامة قائمة أى متحققة لا ظلم فيها مصداق لقوله بسورة غافر"لا ظلم اليوم"وأن الله يبعث من فى القبور والمراد وأن الرب يحيى من فى المدافن وهم الموتى مصداق لقوله بنفس السورة "وأنه يحيى الموتى ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد"المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الله بغير وحى ولا رشاد ولا حكم مضىء ،معد نفسه ليرد عن دين الله له فى الأولى ذل وندخله يوم البعث عقاب النار ذلك بما عملت نفسك وأن الله ليس بمنقص للخلق،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يحاجج فى دين الله بغير علم وفسر العلم بأنه الهدى وفسره بأنه الكتاب المنير وهو الحكم الواضح وهذا يعنى أنه يحاجج بالباطل مصداق لقوله بسورة الكهف"ويجادل الذين كفروا بالباطل "والمجادل ثانى عطفه أى معد نفسه ليضل عن سبيل الله والمراد ليبعد عن دين الرب نفسه وغيره وهو له فى الدنيا وهى المعيشة الأولى خزى أى ذل مصداق لقوله بسورة الأعراف"وذلة فى الحياة الدنيا "ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق والمراد وندخله يوم البعث عقاب النار والسبب ما قدمت يداه أى عملت نفسه مصداق لقوله بسورة المائدة"ما قدمت لهم أنفسهم "وأن الله ليس بظلام للعبيد أى ليس بمنقص حق الخلق وهذا يعنى أنه لا يضيع أجر أحد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والأخرة ذلك هو الخسران المبين "المعنى ومن الخلق من يطيع الله على شرط فإن مسه نفع سكن له وإن مسه ضرر ارتد إلى كفره أضاع الأولى والقيامة ذلك هو الضياع العظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس وهم البشر من يعبد الله على حرف أى من يطيع دين الله على شرط فإن أصابه خير أى فإن أعطاه الله نفع والمراد أنه يتبع دين الله إذا أعطاه الله النفع وإن أصابته فتنة أى وإن أتاه أذى انقلب على وجهه أى ارتد إلى كفره والمراد إذا حدث له ضرر عمل ضد مصلحته نفسه فكفر بدين الله وبهذا العمل يكون قد خسر أى أضاع الدنيا والأخرة والمراد ثواب الأولى وثواب القيامة وهذا هو الخسران المبين أى الضياع العظيم .
"يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير "المعنى يعبد من غير الله الذى لا يؤذيه والذى لا يفيده ذلك هو الكفر العظيم يعبد من أذاه أدنى من خيره فقبح الناصر أى قبح الصاحب ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكافر يدعو من دون الله أى يعبد من سوى الله ما لا يضره أى ما لا يؤذيه وما لا ينفعه أى وما لا يفيده مصداق لقوله بسورة الفرقان "ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم"وهذا يعنى أن معبودهم لا يقدر على إيذاء الكافر ولا يقدر على نفعه ويبين له أن ذلك وهو عبادة غير الله هو الضلال البعيد أى الكفر العظيم ،والكافر يدعو لمن ضره أقرب من نفعه والمراد يتبع من أذاه أوقع من فائدته والمراد أن المعبود أذى عبادته هو الحادث وليس نفع عبادته ،ويبين له أن المعبود من دون الله هو بئس المولى أى ساء أى قبح العشير وهو الناصر أى الصاحب والمراد أنه لا ينصر عابده كما ينصر الولى أى العشير صاحبه .
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد "المعنى إن الرب يسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون إن الله يصنع ما يشاء ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات والمراد يسكن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات فى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته "والجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ،ويبين له إن الله يفعل ما يريد والمراد يحكم ما يشاء مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الله يحكم ما يريد"وقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يشاء".
"من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله لا يهدى من يريد "المعنى من كان يعتقد أن لن يؤيده الله فى الأولى والقيامة فليصنع حبل للسماء ثم ليبتر هل يزيلن مكره ما يثير وهكذا أوحيناه علامات ظاهرات وأن الله يرشد من يشاء ،يطلب الله من كل إنسان يظن أى يعتقد الإعتقاد التالى :أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة والمراد أن لن يرحمه الرب فى الأولى والقيامة أى أن لن يؤيده الرب فى الأولى والقيامة بثوابه الطلب التالى :أن يمد سبب إلى السماء أى أن يصنع سلم إلى الأعلى والمراد أن يدبر مكيدة ويعملها فى دين الله ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ والمراد ثم لينظر هل يزيلن تدبيره ما يغضب وبالطبع النتيجة هى أن المنتظر هو الهالك والله هو الباقى ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة أنزل الله الوحى آيات بينات والمراد أوحى الله القرآن أحكام عربيات مصداق لقوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا "،ويبين له أن الله يهدى من يريد أى أن الله يقرب من يحب والمراد أن الله يثيب من يشاء وهم الذين ينيبون لله مصداق لقوله بسورة الشورى "ويهدى إليه من ينيب" .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد "المعنى إن الذين صدقوا واليهود والخارجين والنصارى والمجوس والكافرين إن الله يحكم بينهم يوم البعث إن الله على كل أمر رقيب ،يبين الله أن الله يفصل أى يقضى يوم القيامة أى البعث مصداق لقوله بسورة الجاثية "يقضى بينهم يوم القيامة " بين كل من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله والذين هادوا أى اليهود والصابئين وهم المنحرفين عن أديان أقوامهم والنصارى وهم أنصار المسيح(ص)والمجوس وهم عبدة النار عند بعض الناس والذين أشركوا أى كفروا وهم كل فريق اتخذ مع الله آلهة مزعومة يستوى فى ذلك الأصنام والدساتير الوضعية والمخلوقات وغيرها،ويبين أن الله على كل شىء شهيد والمراد أن الله بكل أمر عليم أى على كل مخلوق رقيب مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان الله على كل شىء رقيبا "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير من الناس حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء "المعنى ألم تعلم أن الله يطيعه من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والكواكب والرواسى والشجر والدواب وعديد من الخلق وعديد من الخلق وجب له العقاب ومن يذل الله فما له من معز ،إن الرب يصنع ما يريد،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر أى هل لم تعلم أن الله يسجد أى يسبح له مصداق لقوله بسورة التغابن"يسبح ما فى السموات وما فى الأرض" والمراد من يطيع حكم الله من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب والجبال وهى الرواسى والشجر وهو النبات والدواب وهى الحيوانات المتحركة وكثير من الناس والمراد وعديد من الخلق ،وهذا يعنى أن كل خلق الله يتبع حكمه ما عدا كثير من الناس أى عديد من الخلق حق عليه العذاب أى وجب له العقاب وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين "ويبين له أن من يهن الله فما له من مكرم أى من يضلل فما له من ولى مصداق لقوله بسورة الشورى "ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده"والمراد من يذل الرب فما له من معز ،ويبين له أن الله يفعل ما يشاء والمراد أن الرب يصنع ما يريد مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يريد"والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"هذان خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم يصهر به ما فى بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق "المعنى هذان عدوان تشاجروا فى إلههم فالذين كذبوا فصلت لهم ملابس من لهب ينزل من فوق أدمغتهم الكريه يحرق به الذى فى بطونهم والجلود ولهم سلاسل من حديد كلما أحبوا أن يهربوا منها من غم ارجعوا فيها وادخلوا عقاب النار ، يبين الله للنبى(ص) أن الناس خصمان أى عدوان والمراد فريقان كل منهم اختصم فى الرب أى تجادل فى الله والمراد اختلف مع الأخر فى دين الله ،ويبين لنا أن الذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار والمراد فصلت لهم سرابيل من قطران مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وسرابيلهم من قطران "وهذا يعنى أن ملابسهم مفصلة من نحاس ملتهب وهم يصب من فوق رؤسهم الحميم والمراد ينزل من أعلى أدمغتهم سائل الغساق وهو سائل كريه محرق يصهر به ما فى بطونهم والمراد يحرق به الذى فى أمعاءهم والجلود وهى اللحم الخارجى الذى يغطى أعضاء الجسم ،ولهم مقامع من حديد والمراد ولهم أصفاد أى سلاسل من الحديد مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وترى المجرمين يومئذ مقرنين فى الأصفاد "والكفار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم والمراد كلما شاءوا أن يهربوا منها من عذاب أعيدوا فيها والمراد ارجعوا فيها وذوقوا عذاب الحريق والمراد وعلموا ألم النار وهو عذاب الخلد مصداق لقوله بسورة السجدة "وذوقوا عذاب الخلد".
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حريرا وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد"المعنى إن الله يسكن الذين صدقوا وحى الله وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون يرتدون فيها من حلى من ذهب ولؤلؤا وثيابهم فيها حرير ورشدوا إلى الحسن من الحكم أى رشدوا إلى دين الشاكر ،يبين الله أنه يدخل أى يسكن فى الجنات وهى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فيدخلهم ربهم فى رحمة منه"وهم الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وهذه الجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا والمراد ويرتدون فيها حلى من الذهب واللؤلؤ ولباسهم وهو ثيابهم من حرير أى سندس وإستبرق مصداق لقوله بسورة الكهف"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق "وقد هدوا أى رشدوا إلى الطيب من القول وهو الحسن من الحكم مصداق لقوله بسورة الأنعام "ومن أحسن من الله حكما "وفسر هذا بأنهم هدوا إلى صراط الحميد أى رشدوا إلى حكم الشاكر وهو الله المثيب لمن يطيعه والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذى جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم "المعنى إن الذين كذبوا ويردون عن دين الرب والمصلى الأمن الذى وضعناه للبشر سيان القائم فيه والزائر ومن يفعل فيه كفر أى فسق نعطيه من عقاب شديد ،يبين الله لنا أن الذين كفروا أى الذين كذبوا حكم الله وفسرهم بأنهم يصدون عن سبيل الله والمراد ويردون عن دين الله والمسجد الحرام والمراد والمصلى الأمن الذى جعلناه للناس والمراد الذى وضعناه للبشر أمان من الضرر والمراد بالبشر هنا العاكف فيه أى المقيم فى مكة والباد وهو الزائر لمكة من أجل الحج والعمرة ويبين لنا أن من يرد فيه بإلحاد أى من يفعل فى مكة وهى البيت الحرام ظلم أى فساد يذقه من عذاب أليم أى يدخله فى العقاب الكبير مصداق لقوله بسورةالفرقان "نذقه من عذاب كبير".
"وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بى شيئا وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود"المعنى وقد أظهرنا لإبراهيم (ص)قواعد البيت أن لا تعبد معى أحدا وأقم كعبتى للدائرين والواقفين أى الركع السجود ،يبين الله لنا أنه بوأ أى أظهر لإبراهيم (ص) مكان البيت أى قواعد أى أسس الكعبة وقال له أن لا تشرك بى شيئا أى أن لا تعبد معى أحدا وطهر بيتى أى وابن مسجدى للطائفين وهم الزائرين للكعبة بمكة والقائمين وهم المقيمين بمكة والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق "المعنى وناد فى الخلق بالزيارة يجيئوك مشاة وعلى كل مركوب يجيئون من كل مكان بعيد،يبين الله أنه قال لإبراهيم (ص):وأذن فى الناس بالحج أى وناد فى البشر بالزيارة والمراد وأبلغ البشر حكم الله بزيارة البيت الحرام ،ثم بين له نتيجة الأذان وهو الإبلاغ وهى أن يأتيه الناس أى أن يجىء له البشر رجالا أى مشاة على أرجلهم وعلى كل ضامر أى وعلى كل مركوب يأتين من كل فج عميق أى يحضرون من كل مكان بعيد ومن هنا نعلم أن الحجاج إما مشاة على أرجلهم وهم الرجال وإما راكبين على الضامر وهو أى شىء يركب سواء حيوان أو آلة كما نعلم أنهم يأتون من كل بلد وليس من بلد واحد.
"ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق "المعنى ليحضروا فوائد لهم ويطيعوا حكم الله فى أيام معروفات على ما أعطاهم من ذبيحة الأنعام فاطعموا منها وأعطوا المحتاج العاجز ثم ليتموا عهدهم أى ليتموا ميثاقهم وليزوروا فى المسجد الحرام ،يبين الله أنه قال لإبراهيم (ص)أن الزوار يأتوا ليشهدوا منافع لهم والمراد ليحضروا فوائد لهم أى ليأخذوا من رزق الله وهو اللحم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام والمراد ويطيعوا حكم الله وهو الوحى فى أيام محددات فى ما أعطاهم من ذبيحة الأنعام وحكم الله فى بهيمة الأنعام هو أن الله قال للحجاج فكلوا منها واطعموا البائس الفقير والمراد اطعموا منها أى أن يأكلوا جزء من ذبيحة الأنعام والجزء الأخر يعطوه للإنسان المحتاج العاجز عن الكسب،وبين له بقية أسباب الحج وهى أن يقضوا تفثهم أى يوفوا نذورهم والمراد ليكملوا مواثيقهم وبألفاظ أخرى ليعملوا بقية أعمال الحج كالسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ،وليطوفوا بالبيت العتيق أى وليتواجدوا فى كل مكان فى المسجد الحرام والقول يبدو مكون من آيتين الأولى تتحدث بصيغة المضارع ليشهدوا وليوفوا والثانية تتحدث بصيغة الأمر فكلوا وأعطوا وكل منهما محذوف بعضه.
"ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور"المعنى ذلك ومن يكبر شعائر الرب فهو أفضل له لدى خالقه وأبيحت لكم الأنعام إلا ما يقرأ عليكم فابتعدوا عن الأذى من الأصنام أى ابتعدوا عن قول الباطل ،يبين الله لنا أن من يعظم حرمات الله والمراد من يجل شعائر الرب مصداق لقوله بسورة الحج"ومن يعظم شعائر الله "أى ومن يفعل أحكام الرب فى الحج فهو خير له عند ربه والمراد فهو أحسن له لدى إلهه،ويبين لنا أنه أحلت أى أبيح لنا أكل لحم الأنعام إلا ما يتلى علينا والمراد إلا ما يبلغ لنا فى الوحى من المحرمات و ما ورد فى سور المائدة والبقرة والأنعام وغيرها ،ويطلب منا أن نجتنب الرجس من الأوثان والمراد أن نبتعد عن الضرر الأتى منه عبادة الأصنام وفسر هذا بأن يجتنبوا قول الزور والمراد أن يتركوا طاعة حديث الباطل وهو الطاغوت مصداق لقوله بسورة النحل"واجتنبوا الطاغوت" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق"المعنى مسلمين لحكم الله غير عاصين له ومن يعصى حكم الله فكأنما وقع من الجو فتأكله الطيور أو يرمى به الهواء فى مكان بعيد ،يطلب الله منا أن نجتنب الزور وفسر هذا بأن نكون حنفاء لله أى مخلصين الدين له مصداق لقوله بسورة غافر "مخلصين له الدين "والمراد أن نكون مسلمين أنفسنا لطاعة حكم الله وفسر هذا بأن نكون غير مشركين به أى غير عاصين لحكم الله ويبين لنا أن من يشرك بالله أى من يكفر بآيات الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يكفر بآيات الله"والمراد من يعصى حكم الله فكأنما خر من السماء أى وقع من الجو العالى فكانت نتيجة سقوطه هى أحد أمرين :
-تخطف الطير له والمراد أكل الطيور لجثته بعد تحطمه وموته .
-أن تهوى به الريح فى مكان سحيق والمراد أن يقذف به الهواء المتحرك فى موضع بعيد يهلك فيه وبهذا يرينا الله أن مصير المشرك هو الهلاك فى كل الأحوال .
"ذلك ومن يعظم حرمات الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق "المعنى ذلك ومن يذبح ذبائح لله فإنها من طاعة النفوس لكم فيها فوائد إلى موعد محدد ثم مصيرها للبيت الحرام ،يبين الله لنا أن ذلك وهو الهلاك جزاء المشرك ،ثم يبين أن من يعظم شعائر الله والمراد أن من يذبح أنعام الله فإنها من تقوى القلوب أى فإن عمل الذبح فهذا من طاعة النفوس لحكم الله والمراد فإن فعله فإنه خضوع لحكم الله ،ويبين لنا أن الشعائر وهى الأنعام لنا فيها منافع إلى أجل مسمى والمراد لنا فيها فوائد إلى موعد محدد وهذه الفوائد هى الأكل منها لمدة يومين أو ثلاثة ويبين لنا أن محل الأنعام إلى البيت العتيق أى أن مصير الأنعام هو المسجد القديم والمراد أن موضع ذبح الأنعام هو فى البيت الحرام والخطاب وما قبله للمؤمنين.
"ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين "المعنى ولكل جماعة عينا مذبحا ليطيعوا حكم الرب فى الذى أعطاهم من ذبيحة الأنعام فربكم رب واحد فله أطيعوا وأفرح المطيعين ،يبين الله لنا أنه جعل لكل أمة منسك أى أنه عين لكل فرقة من الفرق مذبح عبر العصور والمراد مكان لذبح الأنعام هو فى مكة والسبب ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام والمراد ليتبعوا حكم الرب فيما أعطاهم من ذبيحة الأنعام وهذا يعنى أن سبب تحديد المذبح هو طاعة حكم الله بذبح الأنعام المعطاة لهم من الله ،ويبين لنا أن إلهنا إله واحد والمراد أن ربنا رب واحد ومن ثم فالطاعة هى لحكمه وحده ويطلب منا أن نسلم له أى نطيع حكم الله ويطلب من نبيه(ص)أن يبشر المخبتين والمراد يخبر المؤمنين أن لهم أجر حسن من الله هو الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا "والخطاب فى أوله للناس ثم فى أخره وبشر للنبى(ص).
"الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمى الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "المعنى الذين إذا أطيع الله اطمأنت نفوسهم أى المطيعين برغم ما مسهم أى المتبعى الدين أى من الذى أوحينا لهم يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أن المخبتين هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والمراد الذين إذا اتبعوا حكم الله اطمأنت نفوسهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ألا بذكر الله تطمئن القلوب "وفسرهم بأنهم الصابرين على ما أصابهم أى المطيعين حكم الله برغم ما نزل بهم من الضر أى البأس وهو النفع مصداق لقوله بسورة البقرة "والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس "وقوله بسورة الإنسان"واصبر لحكم ربك "فهم فى كل الأحوال يطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم المقيمى الصلاة أى المطيعين للدين وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الصلاة "وفسرهم بأنهم مما رزقناهم ينفقون أى من الذى أوحينا لهم يعملون أى يطيعون.
"والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون "المعنى والإبل خلقناها لكم من ذبائح الله لكم فيها نفع فأطيعوا حكم الله فيها صفوف فإذا رقدت جنوبها فاطعموا منها وأعطوا المحتاج أى العاجز هكذا خلقناها لكم لعلكم تطيعون ،يبين الله لنا أن البدن وهى الإبل جعلها أى خلقها الله لنا من شعائر وهى ذبائح الله التى أباح ذبحها ولنا فيها خير أى نفع ،ويطلب الله منا أن نذكر اسم الله عليها صواف والمراد أن نطيع حكم الله بذبحها فى صفوف وهذا يعنى أن ذبح البدن يتم بطريقة منظمة حيث توقف فى صفوف ويتم ذبحها فى وقت معلوم فإذا وجبت جنوبها أى فإذا سقطت أجسامها والمراد فإذا توقفت أجسادها عن الحركة فيجب علينا أن نأكل أى نطعم منها ونطعم أى ونعطى اللحم منها القانع وهو المعتر وهو المحتاج العاجز أى البائس الفقير مصداق لقوله بنفس السورة "وأطعموا البائس الفقير"ويبين لنا أنه كذلك أى بتلك الطريقة وهى الذبح سخرها لنا أى نفعنا بها والسبب لعلنا نشكره أى نطيع حكمه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين "المعنى لن يأخذ الرب لحومها ولا دماؤها ولكن تصيبه الطاعة منكم هكذا خلقها لكم لتتبعوا الرب فيما أوحى لكم وأخبر المصلحين ،يبين الله لنا أنه لن ينال أى يأخذ والمراد لن يستفيد بلحوم الأنعام فى أكل ولا بدماءها فى شرب أو غيره وإنما يناله التقوى منكم أى تصيبه الطاعة منكم والمراد أن الله تصل لعلمه طاعتنا لحكمه فى الأنعام ويبين لنا أن كذلك سخرها لنا والمراد أن بالذبح نفعنا الله بالأنعام والسبب أن نكبر الله على ما هدانا والمراد أن نتبع الرب فيما أوحى لنا وهو هنا حكم ذبح الأنعام ويطلب الله من نبيه(ص)أن يبشر المحسنين والمراد أن يخبر المخبتين بأن لهم الجنة مصداق لقوله بنفس السورة "وبشر المخبتين "والخطاب فى معظمه للمؤمنين وفى آخره للنبى(ص)وبشر وما بعده له
"إن الله يدافع عن الذين أمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور "المعنى إن الرب ينافح عن الذين صدقوا إن الرب لا يرحم كل خداع كذوب،يبين الله لنا أنه يدافع عن الذين أمنوا والمراد ينصر الذين صدقوا حكمه مصداق لقوله بسورة غافر"إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا"ويبين لنا أنه لا يحب كل خوان كفور أى لا يهدى أى لا يرحم كل مخادع مكذب بحكمه مصداق لقوله بسورة التوبة "والله لا يهدى القوم الكافرين "
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير "المعنى سمح للذين يجاهدون بأنهم بخسوا وإن الرب على تأييدهم لفاعل، يبين الله أنه أذن أى سمح أى أباح القتال للذين يقاتلون وهم من يحاربون والسبب أنهم ظلموا أى بخسوا حقوقهم من الذين يقاتلونهم ،ويبين لنا أنه على نصرهم لقدير والمراد أنه لتأييدهم فى القتال فاعل وهذا يعنى أنه يجعلهم يغلبون عدوهم .والخطاب للنبى(ص)وما بعده
"الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز "المعنى الذين طردوا من بلادهم بغير جرم إلا أن يقولوا إلهنا الرب ولولا مقاومة الرب الخلق بعضهم ببعض لدكت صوامع أى بيع أى صلوات أى مساجد يطاع فيها وحى الله دوما وليساعدن الله من يطيعه إن الله لمتين غالب ،يبين الله لنا أن المظلومين المسموح لهم بالقتال هم الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق والمراد طردوا من بلادهم بدون جريمة يستحقون عليها الطرد إلا أن يقولوا ربنا الله والمراد دين إلهنا الرب هو العدل ،ويبين الله لنا أن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض والمراد لولا مقاومة أى صد الله الخلق بعضهم ببعض لحدث التالى :هدمت أى فسدت أى بطلت صوامع أى بيع أى صلوات أى مساجد أى بلاد أى أراضى مصداق لقوله بسورة البقرة "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"فالأرض التى يذكر فيها اسم الله كثيرا تفسد والمراد أن بلاد الإسلام التى يتبع فيها حكم الله دوما تعصى حكم الله بسبب عدم الدفع وهو مقاومة الباطل ،ويبين الله لنا أنه ينصر من ينصره أى يعين من يطيع حكمه والمراد يدافع عن من يتبع حكمه ،والله هو القوى أى المتين أى المعز العزيز أى الغالب على أمره .
"الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " المعنى الذين إن حكمناهم فى البلاد أطاعوا الدين أى اتبعوا الحق أى عملوا بالحق أى بعدوا عن الباطل ولله حكم الأشياء،يبين الله أن المنصورين هم الذين إن مكنهم الله فى الأرض والمراد الذين إن حكمهم الرب فى البلاد أى الذين إن استخلفهم فى البلاد أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وهو الإسلام وفسرهم بأنهم أتوا الزكاة أى اتبعوا الحق وفسرهم بأنهم أمروا بالمعروف أى عملوا بالقسط وهو العدل مصداق لقوله بسورة آل عمران "ويأمرون بالقسط"وفسرهم بأنهم نهوا عن المنكر أى ابتعدوا عن الفساد وهو كل حكم سوى حكم الله مصداق لقوله بسورة الأعراف"وينهون عن الفساد "ويبين أن لله عاقبة الأمور والمراد له الحكم وهو الأمر فى المخلوقات مصداق لقوله بسورة الروم "لله الأمر من قبل ومن بعد " والخطاب وما بعده للنبى(ص).