"واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا"المعنى وأطع ما ألقى لك من كلام إلهك لا مغير لأحكامه ولن تلق من سواه ناصرا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يتلو ما أوحى إليه من كتاب ربه والمراد أن يطيع الذى ألقى من قرآن خالقه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته أى لا مغير أى لا محول لسننه وهى أحكامه مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تحويلا"،ويبين له أنه لن يجد من دونه ملتحدا والمراد أنه لن يلق من سوى الله نصيرا مصداق لقوله بسورة الإسراء"ثم لا تجد لك علينا نصيرا"وهذا يعنى أنه لن ينقذه من عقاب الله سوى الله نفسه والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا"المعنى وأمسك نفسك مع الذين يطيعون إلههم بالنهار والليل يطلبون ثوابه ولا تمد نفسك لهم تطلب متاع المعيشة الأولى ولا تتبع من شغلنا نفسه عن طاعتنا وأطاع ظنه وكان أمره إسرافا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى والمراد أن يدخل نفسه مع الذين يطيعون حكم خالقهم بالنهار والليل أى يسبحون أى يتبعون حكم الرب مصداق لقوله بسورة الإنسان"فاصبر لحكم ربك" والسبب فى طاعتهم أنهم يريدون وجهه أى يطلبون فضل أى رضوان وهو رحمة الله مصداق لقوله بسورة المائدة"يبتغون فضلا من ربهم أى رضوان" وينهاه فيقول لا تعد عيناك عنهم أى لا تبعد نفسك عنهم والمراد ألا يخالف بنفسه عن جماعة المطيعين فيطيع الشيطان ويبين له السبب فى مخالفة المطيعين لحكم الله وهو أنه فى تلك الحال يريد زينة الحياة الدنيا أى يحب متاع المعيشة الأولى وفسر هذا بألا يطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا والمراد ألا يتبع حكم من شغلنا نفسه عن طاعة حكمنا وفسر غافل القلب بأنه من اتبع هواه أى من أطاع حكم نفسه وترك حكم الله ،ويبين أن أمره فرطا أى أن حكم الكافر تركا لطاعة حكم الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا"المعنى وقل العدل من خالقكم فمن أراد فليصدق ومن أراد فليكذب إنا جهزنا للكافرين جحيما حف بهم سورها وإن يستنجدوا ينجدوا بماء كالزيت يؤلم النفوس بئس الروى وقبحت مقاما ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :الحق من ربكم أى القرآن هو العدل من خالقكم فمن شاء فليؤمن أى فمن أراد فليصدق ومن شاء فليكفر أى ومن أراد فليكذب وهذا يعنى حرية التصرف إيمانا وكفرا ،إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرداقها والمراد إن جهزنا للكافرين عذابا حف بهم سوره مصداق لقوله بسورة النساء"وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا" وهذا يعنى أن سور جهنم يحيط بالكافرين ويمنعهم من الخروج وهم إن يستغيثوا أى يطلبوا النجدة يغاثوا أى ينجدوا بماء يشبه المهل وهو الزيت المغلى وهو يشوى الوجوه أى يؤلم النفوس ويبين له أن هذا الماء بئس الشراب أى قبح السائل المسقى وساءت مرتفقا أى وقبحت مقاما مصداق لقوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما".
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا "المعنى إن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات إنا لا نخسر ثواب من أصلح فعلا أولئك لهم حدائق خالدة تسير من أسفل أرضهم العيون يرتدون فيها من حلى من ذهب ويرتدون ملابسا خضراء من حرير واستبرق راقدين فيها على الفرش حسن الأجر وحسنت مقاما ،يبين الله للناس كسابقه على لسان نبيه(ص)أن الذين آمنوا أى صدقوا بوحى الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم جنات عدن والمراد لهم نعيم مقيم تجرى من تحتهم الأنهار والمراد تسير فى أسفل أرضهم العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم يحلون فيها من أساور من ذهب والمراد يزينون فى الجنة من حلى من ذهب وهم يلبسون ثيابا خضرا والمراد يرتدون ملابسا خضراء اللون من سندس أى حرير ناعم واستبرق وهو نسيج له بريق وهم متكئين فيها على الأرائك والمراد راقدين متقابلين فى الجنة على الأسرة مصداق لقوله بسورة الصافات"فى جنات النعيم على سرر متقابلين" وهذا هو نعم الثواب أى حسن دار المتقين مصداق لقوله بسورة آل عمران"ولنعم دار المتقين"وهى حسنت مرتفقا أى نعمت مستقرا أى مقاما مصداق لقوله بسورة الفرقان"حسنت مستقرا ومقاما"ويبين أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا والمراد أنه لا يخسر ثواب من أصلح صنعا مصداق لقوله بسورة الأعراف"إنا لا نضيع أجر المصلحين "وهذا يعنى أنه يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس .
"واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا"المعنى وقل لهما قولا ذكرين أعطينا لأحدهما حديقتين من عنب وأحطناهما بنخل وخلقنا فيهما زرعا ،كلتا الحديقتين أعطت ثمرها ولم تنقص منه بعضا وأجرينا فيهما عينا فقال لصديقه وهو يجادله أنا أعظم منك ملكا وأقوى ناسا ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يضرب للناس مثلا والمراد أن يقص على الناس قصة رجلين جعل أى أعطى الله أحدهما جنتين أى حديقتين نباتهما الرئيسى هو الأعناب وقد حفهما بنخل والمراد وقد جعل حول الحديقتين سور من أشجار النخيل لحمايتهم وجعل بين شجر العنب وأشجار النخيل زرع وهذا يعنى أن الحديقتين تنتجان ثلاث محاصيل العنب والنخل والزرع وكل من الحديقتين أتت أكلها أى أعطت ثمارها ولم تظلم منه شيئا والمراد ولم تنقص من الثمار بعضا وقد فجر خلالهما نهرا والمراد وقد سير الله فى أرضهما عينا وهذا يعنى أنه جعل فيها مصدر لسقى الماء وكان للرجل ثمر أى نتاج أى مال عظيم من المحاصيل الثلاثة فقال لصاحبه وهو صديقه وهو يحاوره أى يكلمه :أن أكثر منك مالا أى أنا أعظم منك ملكا وأعز نفرا أى وأقوى ناسا وهذا يعنى أنه يفتخر بالمال وكثرة عدد أسرته.
"ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا "المعنى وولج حديقته وهو باخس حقه قال ما أعتقد أن تهلك هذه اطلاقا وما أعتقد القيامة واقعة ولئن عدت إلى إلهى لألقين أحسن منها مرجعا ،يبين الله لنبيه(ص)أن عليه أن يقول للناس أن صاحب الجنتين دخل جنته أى ولج حديقته وهو ظالم لنفسه أى وهو مهلك لنفسه :ما أظن أن تبيد هذه أبدا أى ما أعتقد أن تهلك هذه دائما وهذا يعنى أنه يعتقد أن الدنيا باقية دوما لا تفنى ،وما أظن الساعة قائمة والمراد وما أعتقد القيامة حادثة وهذا يعنى أنه لا يؤمن بالبعث ،ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا والمراد ولئن عدت إلى خالقى لألقين أفضل منها مرجعا وهذا يعنى أنه يعتقد أن القيامة لو حدثت فإن الله سيعطيه الحسنى وهى الجنة كما أعطاه فى الدنيا مصداق لقوله بسورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا "المعنى قال له صديقه وهو يجادله أكذبت بالذى أنشأك من غبار ثم من منى ثم صورك ذكرا لكن هو الله إلهى ولا أعبد مع إلهى ربا أخر ؟،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :إن صاحب أى صديق صاحب الجنتين قال له وهو يحاوره أى يناقشه فى أحكامه الضالة :أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا أى هل كذبت بحكم خالقك الذى أبدعك من طين ثم من منى ثم صورك ذكرا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صاحب الجنتين أن أصل الإنسان تراب أكله أبواه فى صورة أطعمة متنوعة ثم تحول فيهما لنطفة أى لمنى فخلقه من جزء من المنى ثم صوره ذكرا وما دام هو الرب أى الخالق فهو وحده المستحق للعبادة ليس معه آلهة مزعومة ،وقال لكنا هو الله ربى أى خالقى ولا أشرك بربى أحدا والمراد ولا أعبد مع خالقى ربا مزعوما وهذا يعنى أنه يخص الله وحده بالعبادة .
"ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل مالا وولدا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا "المعنى ولولا إذ ولجت حديقتك قلت ما أراد الله لا عزة إلا بطاعة الله إن تعلمنى أنا أنقص منك ملكا وعيالا فعسى إلهى أن يعطينى أفضل من حديقتك ويبعث عليها هلاكا من السحاب فتكون ترابا محترقا أو يكون ماؤها بعيدا فلن تقدر له جلبا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس:أن الصاحب قال للرجل الظالم:ولولا إذ دخلت جنتك والمراد هلا إذ ذهبت لحديقتك قلت ما شاء الله أى الذى أراد الله لا قوة إلا بالله والمراد لا عزة إلا بطاعة حكم الله وهذا يعنى أن الله قال أن القوة لا تستمد إلا من طاعة حكم الله ،إن ترن أنا أقل مالا وولدا أى إن تعرفنى أنقص منك ملكا وعيالا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك والمراد فعسى خالقى أن يعطينى أحسن من حديقتك ،وهذا يعنى أن الرجل يريد من الله أن ينصره على صاحبه بسبب كفره ،ويرسل عليها حسبانا من السماء أى ويبعث على الجنة هلاكا من السحاب فتصبح صعيدا زلقا أى فتكون ترابا محترقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا والمراد أو يكون ماؤها بعيدا فلن تقدر له جلبا وهذا يعنى أن الله سيهلك حديقته إما بنار من السماء أو بإبعاد للماء فى أعماق الأرض حتى لا يستطيع سقيها وهذا إخبار للمالك أن الله كما يعطى يقدر على الأخذ بأى طريقة يريد.
"وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهى خاوية على عروشها ويقول يا ليتنى لم أشرك بربى أحدا"المعنى وأهلكت حديقته فأصبح يحرك يديه على ما صرف عليها وهى خالية على فروعها ويقول يا ليتنى لم أعبد مع إلهى أحدا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس أن ثمر وهو حديقة الرجل أحيط به أى أهلك إهلاكا تاما فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها والمراد فأصبح يضرب يديه ببعضهما والسبب فى هذا الفعل الدال على الندم هو التحسر على ما أنفق فيها أى على ما صرف فيها والمراد على ما صنع فيها وهى خاوية على عروشها والمراد وهى خالية من الثمر على غصونها وهذا يعنى أن الهلاك النازل بها لم يجعل لها أى ثمر وإن كان أبقى على الأشجار ميتة بمعنى أنها خشب فقط ،عند ذلك قال الرجل:يا ليتنى لم أشرك بربى أحدا أى يا ليتنى لم أعبد مع خالقى أحدا وهذا ندم حيث لا ينفع الندم.
"ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا "المعنى ولم تكن له جماعة ينقذونه من غير الله وما كان غالبا هنالك النصر لله العدل هو أحسن أجرا أى أفضل مرجعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أن مالك الجنة لم تكن له فئة ينصرونه من دون الله والمراد لم تكن له جماعة ينقذونه من غير الله من عقاب الله له بهلاك الجنتين وهو ما كان منتصرا أى قاهرا لحكم الله ويبين الله لنا أن هنالك والمراد عند الحساب الولاية لله الحق والمراد النصر لله العدل وهذا يعنى أن الله ينتصر من المخلوق الظالم بالعدل ،ويبين أن الله خير ثوابا أى عقبا والمراد أحسن أجرا وهو الجنة .
"واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شىء مقتدرا"المعنى وقل لهم شبه المعيشة الأولى كماء أسقطناه من السحاب فامتزج به نبات الأرض فأصبح حطاما تبعثره الرياح وكان الله لكل أمر فاعل ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يضرب للناس مثل الحياة الدنيا والمراد أن يقول للخلق شبه المعيشة الأولى وهو ماء أنزله من السماء أى ماء أسقطه من السحاب فاختلط به نبات الأرض والمراد فنما به زرع الأرض ثم أصبح هشيما أى حطاما تذروه الرياح أى يبعثره الهواء المتحرك وهذا يعنى أن متاع الدنيا يشبه الماء الذى ينمو به الزرع ثم يفنى الزرع بعد ذلك فى كل مكان وهذا يعنى أن المتاع له عمر قصير كعمر الزرع ثم يموت بعده ،ويبين لنا أنه على كل شىء مقتدرا أى لكل أمر فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للنبى.
"المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا"المعنى الملك والعيال متاع المعيشة الأولى والأعمال الحسنات أفضل لدى إلهك جزاء أى أفضل أجرا،يبين الله لنبيه(ص)أن المال وهو الملك الذى يتصرف فيه الفرد والبنون وهم الأولاد زينة أى فتنة أى متاع الحياة الأولى وهى المعيشة الأولى مصداق لقوله بسورة التغابن "إنما أموالكم وأولادكم فتنة "والباقيات الصالحات وهى الأعمال الحسنات خير عند الرب ثوابا والمراد أفضل لدى الخالق جزاء وفسرها بأنها خير أملا أى أفضل مردا مصداق لقوله بسورة مريم"خير عند ربك ثوابا وخير مردا "وهو الجنة.
"ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا"المعنى ويوم نحرك الرواسى وتشهد الأرض مكشوفة وجمعناهم فلم ندع منهم واحدا وكشفوا أمام إلهك طابورا لقد أتيتمونا كما أنشأناكم أسبق مرة بل قلتم ألن نجعل لكم ميقاتا؟يبين الله لنبيه(ص)أن فى يوم القيامة يحدث التالى :يسير الجبال أى يحرك الرواسى فى الجو أى يبس الرواسى مصداق لقوله بسورة الواقعة "وبست الجبال بسا"،ويرى الأرض بارزة والمراد يشاهد الإنسان الأرض مخرجة ما فى باطنها مصداق لقوله بسورة الزلزلة "وأخرجت الأرض أثقالها "،وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا والمراد وبعثناهم فلم نترك منهم واحدا دون بعث وعرضوا على ربك صفا والمراد وادخلوا نار إلهك طابورا وهذا يعنى أنهم يدخلون النار فى سورة زمر أى مجموعات منظمة مصداق لقوله بسورة الزمر"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"وقيل للكفار :لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة والمراد لقد أتيتمونا كما أنشأناكم أسبق مرة،بل زعمتم أى لقد قلتم ألن نجعل لكم موعدا والمراد أننا لن نحدد لكم موعد للبعث وهذا هو قولهم مصداق لقوله بسورة النحل"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا "المعنى وسلم السجل فتشهد الكافرين خائفين مما فيه ويقولون يا عذابنا مال هذا السجل لا يترك قليلا ولا كثيرا إلا سجله ولقوا ما صنعوا حاضرا ولا ينقص إلهك أحدا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يحدث فى القيامة أن يوضع الكتاب أى يسلم أى يؤتى سجل الأعمال لكل واحد مصداق لقوله بسورة الإنشقاق"فأما من أوتى كتابه بيمينه"و"وأما من أوتى كتابه وراء ظهره"وترى المجرمين مشفقين مما فيه والمراد وتشاهد الكافرين خائفين من الموجود فى سجل كل واحد منهم فيقولون :يا ويلنا أى يا عذابنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها والمراد مال هذا السجل لا يترك قليل ولا كثير إلا سجله وهذا يعنى أن كل شىء مسجل فى الكتاب ،ووجدوا ما عملوا حاضرا والمراد ولقوا ما صنعوا موجودا فى الكتاب ولا يظلم ربك أحدا أى ولا ينقص خالقك فردا وهذا يعنى أنه لا ينقص حق مخلوق فى الأخرة .
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا"المعنى ولقد قلنا للملائكة فضلوا أدم(ص) عليكم ففضلوه إلا إبليس كان من الجن فخرج عن حكم إلهه أفتجعلونه وشيعته أنصارا من دونى وهم لكم كارهون قبح للكافرين نصيرا ،يبين الله لنا أنه قال للملائكة عند خلق أدم(ص):اسجدوا لأدم والمراد أطيعوا آدم (ص)فسجدوا أى فأقروا بأفضليته عليهم أى فأطاعوهإلا إبليس كان من الجن وهم أبناء الجان ففسق عن أمر ربه أى فخرج عن حكم خالقه والمراد استكبر على طاعة حكم إلهه مصداق لقوله بسورة البقرة"إلا إبليس أبى واستكبر "ويسأل الله الناس أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى والمراد هل تجعلون إبليس وشيعته وهم أتباعه أنصار من غيرى وهم لكم عدو أى كارهين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن إبليس وأتباعه أعداء للناس ومن ثم على الإنسان ألا يتخذ عدوه ناصرا له وإنما يتخذ الله خالقه ،ويبين الله لهم أن إبليس بئس للظالمين بدلا أى ساء للكافرين نصيرا وهذا يعنى أنه لا ينصرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا "المعنى ما أحضرتهم إنشاء السموات والأرض ولا إنشاء أنفسهم وما كنت جاعل الكافرين نصيرا ،يبين الله للنبى(ص) أنه لم يشهد الناس خلق أى لم يحضر الناس إنشاء السموات والأرض ولا خلق أى ولا إنشاء أنفسهم وهذا يعنى أن الخلق لم يروا عملية إبداع السموات والأرض ولا إبداع أنفسهم لأنهم كانوا موتى ويبين لنا أنه ما كان متخذ المضلين عضدا أى ما كان جاعل الكافرين أولياء له أى ناصرين له مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولم يكن له ولى من الذل" .
"ويوم يقول نادوا شركاءى الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا "المعنى ويوم يقول ادعوا مقاسمى الذين قلتم فنادوا فلم يردوا عليهم وجعلنا بينهم حاجزا ،يبين الله للنبى(ص) أنه يقول على لسان الملائكة للكفار يوم القيامة:نادوا شركاءى أى ادعوا مقاسمى فى الملك الذين زعمتم أى افتريتم ،فاستجاب الكفار لقول الله فدعوهم أى فنادوا عليهم فكانت النتيجة أنهم لم يستجيبوا لهم أى لم يردوا عليهم والمراد لم يوافقوهم على قولهم أنهم آلهة،وجعل الله بين الكفار وبين الآلهة المزعومة موبقا أى حاجزا فهؤلاء فى النار وهؤلاء فى الجنة وبينهما سور هو الموبق .
" ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا "المعنى وشاهد الكافرون جهنم فاعتقدوا أنهم ذائقوها ولم يلقوا عنها مبعدا ،يبين الله للنبى(ص) أن المجرمون وهم الظالمون لما رأوا أى شاهدوا النار وهى العذاب مصداق لقوله بسورة النحل"وإذا رأى الذين ظلموا العذاب" ظنوا أنهم مواقعوها والمراد علموا أنهم داخلوها ودخلوها ولم يجدوا عنها مصرفا والمراد ولم يلقوا عن النار محيصا أى مبعدا ينقذهم منها مصداق لقوله بسورة النساء"ولا يجدون عنها محيصا "والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ولقد صرفنا فى هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا"المعنى ولقد قلنا فى هذا الكتاب للخلق من كل حكم وكان الفرد أكثر مخلوق كفرا ،يبين الله للنبى(ص) أنه صرف أى قال والمراد ضرب فى القرآن وهو كتاب الله للناس وهم الخلق من كل مثل أى من كل حكم مصداق لقوله بسورة الروم"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن"وهذا يعنى أنه قال فى القرآن حكم كل قضية،ويبين لنا أن الإنسان وهو الفرد من الجن والإنس أكثر شىء جدلا والمراد أكثر مخلوق كفرا مصداق لقوله بسورة إبراهيم"إن الإنسان لظلوم كفار والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن يأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا"المعنى وما حمل الخلق ألا يصدقوا إذ أتاهم الوحى ويستعفوا خالقهم إلا أن يجيئهم مثلة السابقين أو يجيئهم العقاب عيانا ،يبين الله للنبى(ص) أن الذى منع أى حجز الناس وهم الخلق ألا يؤمنوا أى ألا يصدقوا إذ جاءهم الهدى والمراد إذ أتاهم العلم مصداق لقوله بسورة آل عمران"جاءهم العلم"وفسر هذا بأنهم لم يستغفروا ربهم أى لم يعودوا لدين خالقهم هو ألا تأتيهم سنة الأولين والمراد ألا ينزل بهم عذاب الكفار السابقين أو يأتيهم العذاب قبلا والمراد أو ينزل بهم العقاب وهو عذاب الساعة عيانا مصداق لقوله بسورة يوسف"تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة "وهذا يعنى أن سبب عدم الإيمان هو عدم إتيان العقاب على الكفار فى الحال وهو ما بعد كفرهم بقليل .
"وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتى وما أنذروا هزوا "المعنى وما نبعث الأنبياء إلا مبلغين أى مخبرين ويناقش الذين كذبوا بالكذب ليدمروا به الصدق وجعلوا أحكامى وما أخبروا سخرية ،يبين الله للنبى(ص) أنه يرسل المرسلين أى يبعث الأنبياء(ص)مبشرين أى منذرين والمراد مبلغين لوحيه الكريم،ويبين لهم أن الذين كفروا أى كذبوا وحى الله يجادلوا بالباطل والمراد يتحدثوا بالكذب وهو الزور حتى يدحضوا به الحق والمراد حتى يدمروا به العدل وهو الوحى الإلهى ويبين لنا أنهم اتخذوا آيات الله وهى أحكامه أى دينه وما أنذروا وهو ما خوفوا به وهو العذاب هزوا أى سخرية أى أضحوكة أى لعبا مصداق لقوله بسورة المائدة"الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا " والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى أذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا "المعنى ومن أكفر ممن أبلغ بأحكام خالقه فخالفها وترك ما عملت نفسه إنا خلقنا فى أنفسهم حواجز كى لا يفهموه أى فى أنفسهم ثقلا أى إن تناديهم إلى الرشاد فلن يرشدوا إذا دائما ،يبين الله لنبيه(ص) أن من أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها والمراد أن ليس أكفر من الذى أبلغ أحكام خالقه فكذب بها أى صدف عنها مصداق لقوله بسورة الأنعام"فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها"ونسى ما قدمت يداه والمراد ترك الذى عملت نفسه فلم يذكره ويبين له أنه جعل على قلوب الكفار أكنة والمراد أنه خلق فى نفوس الكفار حواجز هى الشهوات أن يفقهوه أى حتى لا يعقلوه أى حتى لا يطيعوا الوحى وفسر هذا بأنه جعل فى أذانهم وقر أى خلق فى قلوبهم حاجز هو الشهوات يمنعهم من طاعة وحى الله وفسر هذا لنبيه(ص)أنه إن يدعهم إلى الهدى والمراد إن يناديهم إلى اتباع الحق فلن يهتدوا أى فلن يؤمنوا إذا أبدا أى دوما وهذا يعنى أنهم لن يؤمنوا حتى يموتوا .
"وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعدا لن يجدوا من دونه موئلا "المعنى وإلهك العفو صاحب النفع لو يحاسبهم بما كفروا لأنزل بهم العقاب،إن لهم ميقاتا لن يلقوا من قبله مصرفا ،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو خالقه هو الغفور أى العفو عن التائب ذو الرحمة أى صاحب النفع للتائب وهو لو يؤاخذ الناس بما كسبوا والمراد لو يحاسب الخلق بما ظلموا لعجل أى لأنزل بهم العقاب وهو عدم تركهم أحياء بإنزال العذاب عليهم مصداق لقوله بسورة النحل"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة "،ويبين له أن للكفار موعدا لن يجدوا من دونه موئلا والمراد أن للكفار ميقاتا محددا للحساب لن يلقوا من قبله مصرفا وهذا يعنى أن لن يجدوا عنده منقذا من العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا "المعنى وتلك البلاد دمرناهم لما كفروا وحددنا لتدميرهم ميقاتا ،يبين الله لنبيه(ص)أن القرى والمراد أن أهل البلاد أهلكهم أى دمرهم الله لما ظلموا أى كفروا أى أذنبوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "وجعل لمهلكهم موعدا والمراد حدد لتدميرهم ميقات محدد أى أجل مصداق لقوله بسورة الأعراف"ولكل أمة أجل ".
"واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا"المعنى وأمسك نفسك مع الذين يطيعون إلههم بالنهار والليل يطلبون ثوابه ولا تمد نفسك لهم تطلب متاع المعيشة الأولى ولا تتبع من شغلنا نفسه عن طاعتنا وأطاع ظنه وكان أمره إسرافا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى والمراد أن يدخل نفسه مع الذين يطيعون حكم خالقهم بالنهار والليل أى يسبحون أى يتبعون حكم الرب مصداق لقوله بسورة الإنسان"فاصبر لحكم ربك" والسبب فى طاعتهم أنهم يريدون وجهه أى يطلبون فضل أى رضوان وهو رحمة الله مصداق لقوله بسورة المائدة"يبتغون فضلا من ربهم أى رضوان" وينهاه فيقول لا تعد عيناك عنهم أى لا تبعد نفسك عنهم والمراد ألا يخالف بنفسه عن جماعة المطيعين فيطيع الشيطان ويبين له السبب فى مخالفة المطيعين لحكم الله وهو أنه فى تلك الحال يريد زينة الحياة الدنيا أى يحب متاع المعيشة الأولى وفسر هذا بألا يطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا والمراد ألا يتبع حكم من شغلنا نفسه عن طاعة حكمنا وفسر غافل القلب بأنه من اتبع هواه أى من أطاع حكم نفسه وترك حكم الله ،ويبين أن أمره فرطا أى أن حكم الكافر تركا لطاعة حكم الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا"المعنى وقل العدل من خالقكم فمن أراد فليصدق ومن أراد فليكذب إنا جهزنا للكافرين جحيما حف بهم سورها وإن يستنجدوا ينجدوا بماء كالزيت يؤلم النفوس بئس الروى وقبحت مقاما ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :الحق من ربكم أى القرآن هو العدل من خالقكم فمن شاء فليؤمن أى فمن أراد فليصدق ومن شاء فليكفر أى ومن أراد فليكذب وهذا يعنى حرية التصرف إيمانا وكفرا ،إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرداقها والمراد إن جهزنا للكافرين عذابا حف بهم سوره مصداق لقوله بسورة النساء"وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا" وهذا يعنى أن سور جهنم يحيط بالكافرين ويمنعهم من الخروج وهم إن يستغيثوا أى يطلبوا النجدة يغاثوا أى ينجدوا بماء يشبه المهل وهو الزيت المغلى وهو يشوى الوجوه أى يؤلم النفوس ويبين له أن هذا الماء بئس الشراب أى قبح السائل المسقى وساءت مرتفقا أى وقبحت مقاما مصداق لقوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما".
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا "المعنى إن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات إنا لا نخسر ثواب من أصلح فعلا أولئك لهم حدائق خالدة تسير من أسفل أرضهم العيون يرتدون فيها من حلى من ذهب ويرتدون ملابسا خضراء من حرير واستبرق راقدين فيها على الفرش حسن الأجر وحسنت مقاما ،يبين الله للناس كسابقه على لسان نبيه(ص)أن الذين آمنوا أى صدقوا بوحى الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم جنات عدن والمراد لهم نعيم مقيم تجرى من تحتهم الأنهار والمراد تسير فى أسفل أرضهم العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم يحلون فيها من أساور من ذهب والمراد يزينون فى الجنة من حلى من ذهب وهم يلبسون ثيابا خضرا والمراد يرتدون ملابسا خضراء اللون من سندس أى حرير ناعم واستبرق وهو نسيج له بريق وهم متكئين فيها على الأرائك والمراد راقدين متقابلين فى الجنة على الأسرة مصداق لقوله بسورة الصافات"فى جنات النعيم على سرر متقابلين" وهذا هو نعم الثواب أى حسن دار المتقين مصداق لقوله بسورة آل عمران"ولنعم دار المتقين"وهى حسنت مرتفقا أى نعمت مستقرا أى مقاما مصداق لقوله بسورة الفرقان"حسنت مستقرا ومقاما"ويبين أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا والمراد أنه لا يخسر ثواب من أصلح صنعا مصداق لقوله بسورة الأعراف"إنا لا نضيع أجر المصلحين "وهذا يعنى أنه يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس .
"واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا"المعنى وقل لهما قولا ذكرين أعطينا لأحدهما حديقتين من عنب وأحطناهما بنخل وخلقنا فيهما زرعا ،كلتا الحديقتين أعطت ثمرها ولم تنقص منه بعضا وأجرينا فيهما عينا فقال لصديقه وهو يجادله أنا أعظم منك ملكا وأقوى ناسا ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يضرب للناس مثلا والمراد أن يقص على الناس قصة رجلين جعل أى أعطى الله أحدهما جنتين أى حديقتين نباتهما الرئيسى هو الأعناب وقد حفهما بنخل والمراد وقد جعل حول الحديقتين سور من أشجار النخيل لحمايتهم وجعل بين شجر العنب وأشجار النخيل زرع وهذا يعنى أن الحديقتين تنتجان ثلاث محاصيل العنب والنخل والزرع وكل من الحديقتين أتت أكلها أى أعطت ثمارها ولم تظلم منه شيئا والمراد ولم تنقص من الثمار بعضا وقد فجر خلالهما نهرا والمراد وقد سير الله فى أرضهما عينا وهذا يعنى أنه جعل فيها مصدر لسقى الماء وكان للرجل ثمر أى نتاج أى مال عظيم من المحاصيل الثلاثة فقال لصاحبه وهو صديقه وهو يحاوره أى يكلمه :أن أكثر منك مالا أى أنا أعظم منك ملكا وأعز نفرا أى وأقوى ناسا وهذا يعنى أنه يفتخر بالمال وكثرة عدد أسرته.
"ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا "المعنى وولج حديقته وهو باخس حقه قال ما أعتقد أن تهلك هذه اطلاقا وما أعتقد القيامة واقعة ولئن عدت إلى إلهى لألقين أحسن منها مرجعا ،يبين الله لنبيه(ص)أن عليه أن يقول للناس أن صاحب الجنتين دخل جنته أى ولج حديقته وهو ظالم لنفسه أى وهو مهلك لنفسه :ما أظن أن تبيد هذه أبدا أى ما أعتقد أن تهلك هذه دائما وهذا يعنى أنه يعتقد أن الدنيا باقية دوما لا تفنى ،وما أظن الساعة قائمة والمراد وما أعتقد القيامة حادثة وهذا يعنى أنه لا يؤمن بالبعث ،ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا والمراد ولئن عدت إلى خالقى لألقين أفضل منها مرجعا وهذا يعنى أنه يعتقد أن القيامة لو حدثت فإن الله سيعطيه الحسنى وهى الجنة كما أعطاه فى الدنيا مصداق لقوله بسورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا "المعنى قال له صديقه وهو يجادله أكذبت بالذى أنشأك من غبار ثم من منى ثم صورك ذكرا لكن هو الله إلهى ولا أعبد مع إلهى ربا أخر ؟،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :إن صاحب أى صديق صاحب الجنتين قال له وهو يحاوره أى يناقشه فى أحكامه الضالة :أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا أى هل كذبت بحكم خالقك الذى أبدعك من طين ثم من منى ثم صورك ذكرا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صاحب الجنتين أن أصل الإنسان تراب أكله أبواه فى صورة أطعمة متنوعة ثم تحول فيهما لنطفة أى لمنى فخلقه من جزء من المنى ثم صوره ذكرا وما دام هو الرب أى الخالق فهو وحده المستحق للعبادة ليس معه آلهة مزعومة ،وقال لكنا هو الله ربى أى خالقى ولا أشرك بربى أحدا والمراد ولا أعبد مع خالقى ربا مزعوما وهذا يعنى أنه يخص الله وحده بالعبادة .
"ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل مالا وولدا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا "المعنى ولولا إذ ولجت حديقتك قلت ما أراد الله لا عزة إلا بطاعة الله إن تعلمنى أنا أنقص منك ملكا وعيالا فعسى إلهى أن يعطينى أفضل من حديقتك ويبعث عليها هلاكا من السحاب فتكون ترابا محترقا أو يكون ماؤها بعيدا فلن تقدر له جلبا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس:أن الصاحب قال للرجل الظالم:ولولا إذ دخلت جنتك والمراد هلا إذ ذهبت لحديقتك قلت ما شاء الله أى الذى أراد الله لا قوة إلا بالله والمراد لا عزة إلا بطاعة حكم الله وهذا يعنى أن الله قال أن القوة لا تستمد إلا من طاعة حكم الله ،إن ترن أنا أقل مالا وولدا أى إن تعرفنى أنقص منك ملكا وعيالا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك والمراد فعسى خالقى أن يعطينى أحسن من حديقتك ،وهذا يعنى أن الرجل يريد من الله أن ينصره على صاحبه بسبب كفره ،ويرسل عليها حسبانا من السماء أى ويبعث على الجنة هلاكا من السحاب فتصبح صعيدا زلقا أى فتكون ترابا محترقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا والمراد أو يكون ماؤها بعيدا فلن تقدر له جلبا وهذا يعنى أن الله سيهلك حديقته إما بنار من السماء أو بإبعاد للماء فى أعماق الأرض حتى لا يستطيع سقيها وهذا إخبار للمالك أن الله كما يعطى يقدر على الأخذ بأى طريقة يريد.
"وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهى خاوية على عروشها ويقول يا ليتنى لم أشرك بربى أحدا"المعنى وأهلكت حديقته فأصبح يحرك يديه على ما صرف عليها وهى خالية على فروعها ويقول يا ليتنى لم أعبد مع إلهى أحدا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس أن ثمر وهو حديقة الرجل أحيط به أى أهلك إهلاكا تاما فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها والمراد فأصبح يضرب يديه ببعضهما والسبب فى هذا الفعل الدال على الندم هو التحسر على ما أنفق فيها أى على ما صرف فيها والمراد على ما صنع فيها وهى خاوية على عروشها والمراد وهى خالية من الثمر على غصونها وهذا يعنى أن الهلاك النازل بها لم يجعل لها أى ثمر وإن كان أبقى على الأشجار ميتة بمعنى أنها خشب فقط ،عند ذلك قال الرجل:يا ليتنى لم أشرك بربى أحدا أى يا ليتنى لم أعبد مع خالقى أحدا وهذا ندم حيث لا ينفع الندم.
"ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا "المعنى ولم تكن له جماعة ينقذونه من غير الله وما كان غالبا هنالك النصر لله العدل هو أحسن أجرا أى أفضل مرجعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أن مالك الجنة لم تكن له فئة ينصرونه من دون الله والمراد لم تكن له جماعة ينقذونه من غير الله من عقاب الله له بهلاك الجنتين وهو ما كان منتصرا أى قاهرا لحكم الله ويبين الله لنا أن هنالك والمراد عند الحساب الولاية لله الحق والمراد النصر لله العدل وهذا يعنى أن الله ينتصر من المخلوق الظالم بالعدل ،ويبين أن الله خير ثوابا أى عقبا والمراد أحسن أجرا وهو الجنة .
"واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شىء مقتدرا"المعنى وقل لهم شبه المعيشة الأولى كماء أسقطناه من السحاب فامتزج به نبات الأرض فأصبح حطاما تبعثره الرياح وكان الله لكل أمر فاعل ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يضرب للناس مثل الحياة الدنيا والمراد أن يقول للخلق شبه المعيشة الأولى وهو ماء أنزله من السماء أى ماء أسقطه من السحاب فاختلط به نبات الأرض والمراد فنما به زرع الأرض ثم أصبح هشيما أى حطاما تذروه الرياح أى يبعثره الهواء المتحرك وهذا يعنى أن متاع الدنيا يشبه الماء الذى ينمو به الزرع ثم يفنى الزرع بعد ذلك فى كل مكان وهذا يعنى أن المتاع له عمر قصير كعمر الزرع ثم يموت بعده ،ويبين لنا أنه على كل شىء مقتدرا أى لكل أمر فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للنبى.
"المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا"المعنى الملك والعيال متاع المعيشة الأولى والأعمال الحسنات أفضل لدى إلهك جزاء أى أفضل أجرا،يبين الله لنبيه(ص)أن المال وهو الملك الذى يتصرف فيه الفرد والبنون وهم الأولاد زينة أى فتنة أى متاع الحياة الأولى وهى المعيشة الأولى مصداق لقوله بسورة التغابن "إنما أموالكم وأولادكم فتنة "والباقيات الصالحات وهى الأعمال الحسنات خير عند الرب ثوابا والمراد أفضل لدى الخالق جزاء وفسرها بأنها خير أملا أى أفضل مردا مصداق لقوله بسورة مريم"خير عند ربك ثوابا وخير مردا "وهو الجنة.
"ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا"المعنى ويوم نحرك الرواسى وتشهد الأرض مكشوفة وجمعناهم فلم ندع منهم واحدا وكشفوا أمام إلهك طابورا لقد أتيتمونا كما أنشأناكم أسبق مرة بل قلتم ألن نجعل لكم ميقاتا؟يبين الله لنبيه(ص)أن فى يوم القيامة يحدث التالى :يسير الجبال أى يحرك الرواسى فى الجو أى يبس الرواسى مصداق لقوله بسورة الواقعة "وبست الجبال بسا"،ويرى الأرض بارزة والمراد يشاهد الإنسان الأرض مخرجة ما فى باطنها مصداق لقوله بسورة الزلزلة "وأخرجت الأرض أثقالها "،وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا والمراد وبعثناهم فلم نترك منهم واحدا دون بعث وعرضوا على ربك صفا والمراد وادخلوا نار إلهك طابورا وهذا يعنى أنهم يدخلون النار فى سورة زمر أى مجموعات منظمة مصداق لقوله بسورة الزمر"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"وقيل للكفار :لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة والمراد لقد أتيتمونا كما أنشأناكم أسبق مرة،بل زعمتم أى لقد قلتم ألن نجعل لكم موعدا والمراد أننا لن نحدد لكم موعد للبعث وهذا هو قولهم مصداق لقوله بسورة النحل"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا "المعنى وسلم السجل فتشهد الكافرين خائفين مما فيه ويقولون يا عذابنا مال هذا السجل لا يترك قليلا ولا كثيرا إلا سجله ولقوا ما صنعوا حاضرا ولا ينقص إلهك أحدا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يحدث فى القيامة أن يوضع الكتاب أى يسلم أى يؤتى سجل الأعمال لكل واحد مصداق لقوله بسورة الإنشقاق"فأما من أوتى كتابه بيمينه"و"وأما من أوتى كتابه وراء ظهره"وترى المجرمين مشفقين مما فيه والمراد وتشاهد الكافرين خائفين من الموجود فى سجل كل واحد منهم فيقولون :يا ويلنا أى يا عذابنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها والمراد مال هذا السجل لا يترك قليل ولا كثير إلا سجله وهذا يعنى أن كل شىء مسجل فى الكتاب ،ووجدوا ما عملوا حاضرا والمراد ولقوا ما صنعوا موجودا فى الكتاب ولا يظلم ربك أحدا أى ولا ينقص خالقك فردا وهذا يعنى أنه لا ينقص حق مخلوق فى الأخرة .
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا"المعنى ولقد قلنا للملائكة فضلوا أدم(ص) عليكم ففضلوه إلا إبليس كان من الجن فخرج عن حكم إلهه أفتجعلونه وشيعته أنصارا من دونى وهم لكم كارهون قبح للكافرين نصيرا ،يبين الله لنا أنه قال للملائكة عند خلق أدم(ص):اسجدوا لأدم والمراد أطيعوا آدم (ص)فسجدوا أى فأقروا بأفضليته عليهم أى فأطاعوهإلا إبليس كان من الجن وهم أبناء الجان ففسق عن أمر ربه أى فخرج عن حكم خالقه والمراد استكبر على طاعة حكم إلهه مصداق لقوله بسورة البقرة"إلا إبليس أبى واستكبر "ويسأل الله الناس أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى والمراد هل تجعلون إبليس وشيعته وهم أتباعه أنصار من غيرى وهم لكم عدو أى كارهين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن إبليس وأتباعه أعداء للناس ومن ثم على الإنسان ألا يتخذ عدوه ناصرا له وإنما يتخذ الله خالقه ،ويبين الله لهم أن إبليس بئس للظالمين بدلا أى ساء للكافرين نصيرا وهذا يعنى أنه لا ينصرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا "المعنى ما أحضرتهم إنشاء السموات والأرض ولا إنشاء أنفسهم وما كنت جاعل الكافرين نصيرا ،يبين الله للنبى(ص) أنه لم يشهد الناس خلق أى لم يحضر الناس إنشاء السموات والأرض ولا خلق أى ولا إنشاء أنفسهم وهذا يعنى أن الخلق لم يروا عملية إبداع السموات والأرض ولا إبداع أنفسهم لأنهم كانوا موتى ويبين لنا أنه ما كان متخذ المضلين عضدا أى ما كان جاعل الكافرين أولياء له أى ناصرين له مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولم يكن له ولى من الذل" .
"ويوم يقول نادوا شركاءى الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا "المعنى ويوم يقول ادعوا مقاسمى الذين قلتم فنادوا فلم يردوا عليهم وجعلنا بينهم حاجزا ،يبين الله للنبى(ص) أنه يقول على لسان الملائكة للكفار يوم القيامة:نادوا شركاءى أى ادعوا مقاسمى فى الملك الذين زعمتم أى افتريتم ،فاستجاب الكفار لقول الله فدعوهم أى فنادوا عليهم فكانت النتيجة أنهم لم يستجيبوا لهم أى لم يردوا عليهم والمراد لم يوافقوهم على قولهم أنهم آلهة،وجعل الله بين الكفار وبين الآلهة المزعومة موبقا أى حاجزا فهؤلاء فى النار وهؤلاء فى الجنة وبينهما سور هو الموبق .
" ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا "المعنى وشاهد الكافرون جهنم فاعتقدوا أنهم ذائقوها ولم يلقوا عنها مبعدا ،يبين الله للنبى(ص) أن المجرمون وهم الظالمون لما رأوا أى شاهدوا النار وهى العذاب مصداق لقوله بسورة النحل"وإذا رأى الذين ظلموا العذاب" ظنوا أنهم مواقعوها والمراد علموا أنهم داخلوها ودخلوها ولم يجدوا عنها مصرفا والمراد ولم يلقوا عن النار محيصا أى مبعدا ينقذهم منها مصداق لقوله بسورة النساء"ولا يجدون عنها محيصا "والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ولقد صرفنا فى هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا"المعنى ولقد قلنا فى هذا الكتاب للخلق من كل حكم وكان الفرد أكثر مخلوق كفرا ،يبين الله للنبى(ص) أنه صرف أى قال والمراد ضرب فى القرآن وهو كتاب الله للناس وهم الخلق من كل مثل أى من كل حكم مصداق لقوله بسورة الروم"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن"وهذا يعنى أنه قال فى القرآن حكم كل قضية،ويبين لنا أن الإنسان وهو الفرد من الجن والإنس أكثر شىء جدلا والمراد أكثر مخلوق كفرا مصداق لقوله بسورة إبراهيم"إن الإنسان لظلوم كفار والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن يأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا"المعنى وما حمل الخلق ألا يصدقوا إذ أتاهم الوحى ويستعفوا خالقهم إلا أن يجيئهم مثلة السابقين أو يجيئهم العقاب عيانا ،يبين الله للنبى(ص) أن الذى منع أى حجز الناس وهم الخلق ألا يؤمنوا أى ألا يصدقوا إذ جاءهم الهدى والمراد إذ أتاهم العلم مصداق لقوله بسورة آل عمران"جاءهم العلم"وفسر هذا بأنهم لم يستغفروا ربهم أى لم يعودوا لدين خالقهم هو ألا تأتيهم سنة الأولين والمراد ألا ينزل بهم عذاب الكفار السابقين أو يأتيهم العذاب قبلا والمراد أو ينزل بهم العقاب وهو عذاب الساعة عيانا مصداق لقوله بسورة يوسف"تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة "وهذا يعنى أن سبب عدم الإيمان هو عدم إتيان العقاب على الكفار فى الحال وهو ما بعد كفرهم بقليل .
"وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتى وما أنذروا هزوا "المعنى وما نبعث الأنبياء إلا مبلغين أى مخبرين ويناقش الذين كذبوا بالكذب ليدمروا به الصدق وجعلوا أحكامى وما أخبروا سخرية ،يبين الله للنبى(ص) أنه يرسل المرسلين أى يبعث الأنبياء(ص)مبشرين أى منذرين والمراد مبلغين لوحيه الكريم،ويبين لهم أن الذين كفروا أى كذبوا وحى الله يجادلوا بالباطل والمراد يتحدثوا بالكذب وهو الزور حتى يدحضوا به الحق والمراد حتى يدمروا به العدل وهو الوحى الإلهى ويبين لنا أنهم اتخذوا آيات الله وهى أحكامه أى دينه وما أنذروا وهو ما خوفوا به وهو العذاب هزوا أى سخرية أى أضحوكة أى لعبا مصداق لقوله بسورة المائدة"الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا " والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى أذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا "المعنى ومن أكفر ممن أبلغ بأحكام خالقه فخالفها وترك ما عملت نفسه إنا خلقنا فى أنفسهم حواجز كى لا يفهموه أى فى أنفسهم ثقلا أى إن تناديهم إلى الرشاد فلن يرشدوا إذا دائما ،يبين الله لنبيه(ص) أن من أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها والمراد أن ليس أكفر من الذى أبلغ أحكام خالقه فكذب بها أى صدف عنها مصداق لقوله بسورة الأنعام"فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها"ونسى ما قدمت يداه والمراد ترك الذى عملت نفسه فلم يذكره ويبين له أنه جعل على قلوب الكفار أكنة والمراد أنه خلق فى نفوس الكفار حواجز هى الشهوات أن يفقهوه أى حتى لا يعقلوه أى حتى لا يطيعوا الوحى وفسر هذا بأنه جعل فى أذانهم وقر أى خلق فى قلوبهم حاجز هو الشهوات يمنعهم من طاعة وحى الله وفسر هذا لنبيه(ص)أنه إن يدعهم إلى الهدى والمراد إن يناديهم إلى اتباع الحق فلن يهتدوا أى فلن يؤمنوا إذا أبدا أى دوما وهذا يعنى أنهم لن يؤمنوا حتى يموتوا .
"وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعدا لن يجدوا من دونه موئلا "المعنى وإلهك العفو صاحب النفع لو يحاسبهم بما كفروا لأنزل بهم العقاب،إن لهم ميقاتا لن يلقوا من قبله مصرفا ،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو خالقه هو الغفور أى العفو عن التائب ذو الرحمة أى صاحب النفع للتائب وهو لو يؤاخذ الناس بما كسبوا والمراد لو يحاسب الخلق بما ظلموا لعجل أى لأنزل بهم العقاب وهو عدم تركهم أحياء بإنزال العذاب عليهم مصداق لقوله بسورة النحل"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة "،ويبين له أن للكفار موعدا لن يجدوا من دونه موئلا والمراد أن للكفار ميقاتا محددا للحساب لن يلقوا من قبله مصرفا وهذا يعنى أن لن يجدوا عنده منقذا من العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا "المعنى وتلك البلاد دمرناهم لما كفروا وحددنا لتدميرهم ميقاتا ،يبين الله لنبيه(ص)أن القرى والمراد أن أهل البلاد أهلكهم أى دمرهم الله لما ظلموا أى كفروا أى أذنبوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "وجعل لمهلكهم موعدا والمراد حدد لتدميرهم ميقات محدد أى أجل مصداق لقوله بسورة الأعراف"ولكل أمة أجل ".