"وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما أتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "المعنى وما بكم من نفع فمن الله ثم إذا أصابكم الأذى فإليه تلجأون ثم إذا أزال الأذى عنكم إذا جماعة منكم يكفرون بإلههم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم فتلذذوا فسوف تعرفون ،يبين الله للناس على لسان نبيه(ص) أن ما بهم من نعمة أى نفع أى حسنة مصدرها الله مصداق لقوله بسورة النساء"ما أصابك من حسنة فمن الله"وإذا مسكم الضر والمراد إذا أصابكم أذى منه فإليه تجأرون والمراد فإليه تلجأون وهذا يعنى أنهم يدعون الله وحده ويتركون دعوة ما سواه ثم إذا كشف الضر عنكم والمراد ثم إذا أزال الأذى عنكم والمراد أعطاهم الرحمة إذا فريق منكم بربهم يشركون والمراد إذا جماعة منكم عن دين خالقهم يعرضون مصداق لقوله بسورة الروم"ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون "وقوله بسورة النور"إذا فريق منهم معرضون"والكفار يكفروا بما أتيناهم والمراد يكذبوا بالذى أنزلنا لهم مصداق لقوله بسورة البقرة "أن يكفروا بما أنزل الله "ويطلب منهم أن يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف تعلمون أى تعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب"كما قال بسورة هود.
"ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تا لله لتسئلن عما كنتم تفترون "المعنى ويحددون لما لا يعرفون جزء مما أعطيناهم تالله لتحاسبن عن الذى كنتم تعملون ،يبين الله للنبى(ص) أن الناس يجعلون لما لا يعلمون والمراد يحددون للذى لا يعرفون وهم الآلهة المزعومة نصيبا مما رزقهم الله أى بعضا مما أعطاهم الله من الحرث والأنعام مصداق لقوله بسورة الأنعام"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام"وهذا يعنى أنهم لا يعرفون حقيقة الآلهة التى يزعمون أنهم يعبدونها فى الدنيا،ويقسم الله للناس بنفسه فيقول تالله ويقسم على التالى أن يسأل الكفار عما كانوا يفترون والمراد أنه يحاسب أى أنه يعاقب الكفار على الذى كانوا يعملون من السيئات فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل "لتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)ثم للناس .
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"المعنى وإذا أخبر أحدهم بالبنت استمر وجهه حالكا وهو مغتاظ يتخفى من الناس من قبح ما أخبر به أيبقيه على ذل أم يدفنه فى التراب ألا قبح ما يقضون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له ويبين الله أن هذا الحكم قد ساء أى قبح وهذا يعنى أنه محرم وقوله ألا ساء ما يحكمون يعنى ألا قبح ما يقضون به أى ما يزرون مصداق لقوله بسورة النحل"ألا ساء ما يزرون "وهذا يعنى أن عليهم البعد عنه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم "المعنى للذين لا يصدقون بالقيامة حكم الشر ولله الحكم الأعدل وهو الغالب القاض ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين لا يؤمنون بالأخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة لهم التالى مثل السوء أى حكم الشر والمراد جزاء الأذى وهو النار وأما الله والمراد به أتباع الله فلهم المثل الأعلى وهو الجزاء الأفضل وهو الجنة والله العزيز أى الغالب على أمره والحكيم أى القاضى الذى يفصل فى كل أمر.
"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"المعنى لو يحاسب الله الخلق على كفرهم ما أبقى عليها من إنسان ولكن يبقيهم حتى موعد محدد فإذا أتى موعدهم لا يستأجلون وقتا ولا يسرعون،يبين الله للنبى(ص) أن الله لو يؤاخذ الناس بظلمهم والمراد لو يحاسب الخلق على كسبهم وهو كفرهم ما ترك عليها من دابة أى ما أبقى عليها من إنسان عن طريق إنزال العذاب المهلك عليهم مصداق لقوله بسورة الكهف"ولو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب"ولكنه يؤخرهم إلى أجل مسمى والمراد ولكنه يبقيهم حتى موعد معدود هو موعد موتهم مصداق لقوله بسورة هود"وما نؤخرهم إلا لأجل معدود"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فإذا أتى موعد موتهم لا يستأجلون وقتا ولا يستعجلون وقتا وهذا يعنى أنهم يموتون فى الوقت المحدد بالضبط .
"ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون "المعنى ويحددون لله الذى يبغضون وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة لا كذب أن لهم جهنم وأنهم مسرفون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يجعلون لله ما يكرهون والمراد يقسمون لله الذى يبغضون وهم الإناث فجعلوا الملائكة بنات الله مصداق لقوله بسورة الزخرف"وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله الرحمن إناثا"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى والمراد وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة مصداق لقوله بسورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى "،ويبين لنا أن لا جرم أى لا كذب فى التالى أن لهم النار والمراد مقامهم جهنم وأنهم مفرطون أى مسرفون مصداق لقوله بسورة غافر"وأن المسرفين هم أصحاب النار" والخطاب للنبى(ص).
"تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم "المعنى والله لقد بعثنا إلى جماعات من قبلك فحسن لهم الهوى أفعالهم فهو ناصرهم الآن ولهم عقاب موجع،يقسم الله بنفسه فيقول تا لله والمراد والله ويقسم على التالى أنه أرسل إلى أمم من قبله رسلا والمراد أنه بعث إلى الأقوام التى سبقته فى الزمن رسلا بآيات الله فزين لهم الشيطان أعمالهم والمراد وحسن لهم الهوى الضال سيئاتهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ومن ثم فهو وليهم أى ناصرهم اليوم وهذا يعنى أن الهوى يظهر لهم النصر وقت التزيين وبعد ذلك لهم عذاب أليم أى "ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة الجاثية والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "المعنى وما أوحينا لك الوحى إلا لتعرف لهم الذى كذبوا به ونفع أى فائدة لناس يصدقون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أنزل عليه الكتاب والمراد أوحى له الوحى للتالى ليبين لهم الذى اختلفوا فيه والمراد ليظهر لهم أى ليبلغ لهم الذى كفروا به وهو الإسلام والوحى هدى أى رحمة والمراد بشرى أى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين "
"والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن فى ذلك لآية لقوم يسمعون "المعنى والله أسقط من السحاب مطرا فبعث به التراب بعد جدبه إن فى البعث لبرهان لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن الله أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب غيثا فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث بالماء التراب بعد جدبها والمراد جعلها مخضرة تنبت النباتات مصداق لقوله بسورة الحج"فتصبح الأرض مخضرة "وفى الإحياء آية لقوم يسمعون والمراد برهان لناس يفهمون أى يعقلون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "والخطاب للناس.
" وإن لكم فى الأنعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين "المعنى وإن لكم فى الأنعام لبرهان نرويكم من الذى فى أرحامه من بين طعام ودم لبنا صافيا مقبولا عند المرويين ،يبين الله للناس أن لهم عبرة أى آية أى برهان يدل على قدرة الله وحده على الخلق فى الأنعام وهى أنه يسقيهم مما فى بطونه أى أنه يشربهم من الذى فى أجواف الأنعام لبنا وهذا اللبن يتكون من الفرث وهو عصائر الطعام والمراد خلاصات هضم الطعام والدم وهو السائل الأحمر الذى يجرى فى العروق فسبحان من أخرج لبنا مخالفا فى اللون والطعم لأصوله ويبين الله لهم أن اللبن خالص أى صافى ليس فيه دم ولا فرث وأنه سائغ للشاربين والمراد أنه مقبول الطعم عند من يشربه والخطاب وما بعده للناس.
"ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "المعنى ومن منافع النخل والعنب تصنعون منه خمرا ونفعا طيبا إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله للناس أنهم يستفيدون من ثمرات أى منافع والمراد من البلح وحبات العنب بالأتى :اتخاذ السكر منه والمراد عمل الخمر منه،والرزق الحسن وهو النفع الجميل وهو الأكل والعصير الطازج وفيما سبق ذكره من الإستفادة من ثمار النخل والعنب آية لقوم يعقلون أى برهان دال على قدرة الله وحده على كل شىء لناس يفكرون مصداق لقوله بنفس السورة"إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون ".
"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون"المعنى وألقى إلهك للنحل أن اجعلى من الرواسى مساكنا ومن الأشجار ومما يبنون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى أى ألقى حكما للنحل هو أن اتخذى بيوتا والمراد اجعلى مساكنا لك الجبال وهى الرواسى ،والشجر وهو الأشجار ،مما يعرشون أى من الذى يبنى الناس للنحل من الخلايا وهذا يعنى أن المخلوقات تتلقى أحكام مثل الإنسان وذلك من خلال الوحى المنزل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون"المعنى ثم اطعمى من كل الثمار فاجعلى طرق إلهك سهلة يطلع من أجوافها سائل متنوع أشكاله فيه دواء للبشر إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله لنبيه(ص)أن الله طلب من النحل فى الوحى الخاص بها التالى الأكل من كل الثمرات والمراد استخدام كل ثمار النباتات كطعام وهذا يعنى أن النحل يأكل كل ما نعتبره حلو أو مر أو حامض أو غير ذلك كما طلب منها سلوك سبل الرب الذلل وهو السير فى طرق الله السهلة والمراد طاعة أحكام الله الممهدة التى ليس بها صعوبة والله يخرج من بطون النحل والمراد يطلع من أجواف النحل شراب أى سائل مختلف ألوانه أى متنوع ألوانه وهذا يعنى تعدد الأشكال اللونية للعسل الذى فيه شفاء للناس وهم البشر وهذا يعنى أن العسل علاج لبعض أمراض الناس وفيما سبق ذكره عن النحل آية أى برهان يدل على قدرة الله لقوم يتفكرون أى لناس يفهمون فيطيعون حكم الله .
"والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير"المعنى والله أبدعكم ثم يميتكم ومنكم من يبقى حتى أسوأ السن لكى لا يعرف بعد معرفة أمرا إن الله خبير فاعل،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أنه خلقهم أى أحياهم ثم يتوفاهم أى يميتهم مصداق لقوله بسورة الجاثية "قل الله يحييكم ثم يميتكم"ويبين لهم أن من الناس من يرد إلى أرذل العمر والمراد من يبقى حتى أسوأ السن وهذا يعنى أنه يعيش حتى أسوأ مرحلة وهى المرحلة التى لا يعلم بعد علم شيئا أى التى لا يعرف فيها بعد معرفة أمرا وهى مرحلة نسيان الكلام وهى الشيخوخة مصداق لقوله بسورة غافر"ثم لتكونوا شيوخا"ويبين الله أنه عليم أى خبير بكل شىء وقدير أى فاعل لما يريد والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون"المعنى والله رفع بعضكم على بعض فى العطاء فما الذين زيدوا بمقسمى عطائهم مع الذين ملكت أنفسهم فهم فيه سيان أفبوحى الله يكفرون؟،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله فضل بعضهم على بعض فى الرزق والمراد زاد بعضهم على بعض فى العطاء فأعطى البعض أكثر من البعض ومع ذلك فإن الذين فضلوا فى الرزق وهم الذين أكثروا فى العطاء ليسوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم والمراد ليسوا بمقتسمى عطاءهم مع الذين ملكت أنفسهم وهم العبيد والإماء حتى يصبحوا فى العطاء سواء أى سيان وهذا يعنى أن الرزق الإلهى للغنى يجب أن يقسم بالتساوى بين الغنى والعبد تطبيقا لقوله بسورة فصلت"وقدر أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ويسأل الله أفبنعمة الله يجحدون والمراد هل بآيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة فصلت "وكانوا بآيات الله يجحدون"وهذا يعنى أنهم يكفرون بحكم الله ومنه وجوب اقتسام الرزق بين الغنى والفقير .
"والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون " المعنى والله خلق لكم من أنفسكم زوجات وخلق لكم من زوجاتكم صبيان وبنات وأعطاكم من المباحات أفبالكفر يصدقون وبحكم الله هم يكذبون ،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله جعل لهم من أنفسهم أزواجا والمراد خلق لهم من بعضهم نساء وهذا يعنى أنه أنشأ من بعض الرجال إناث هن زوجات رجال أخرين وجعل لهم من أزواجهم والمراد وخلق لهم من زوجاتهم التالى بنين أى صبيان وحفدة أى بنات مصداق لقوله بسورة الشورى "أو يزوجهم ذكرانا وإناثا"ويبين لهم أنه رزقهم من الطيبات أى أعطاهم من النافعات ،ويسأل الله نبيه(ص) أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون والمراد هل بالكفر يصدقون وبوحى الله هم يجحدون مصداق لقوله بسورة النحل"أفبنعمة الله يجحدون"؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بوجوب الكفر بالباطل والتصديق بالحق والقول حتى الرزق جزء من آية حذف بعضها وما بعده جزء من آية حذف بعضها .
"ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض بعضا أى لا يصنعون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يعبدون أى يطيعون أى يدعون من دون أى غير الله مصداق لقوله بسورة النحل"والذين يدعون من دون الله"ما لا يملك لهم رزقا والمراد الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض وفسر هذا بأن الآلهة المزعومة لا يستطيعون أى لا يقدرون على نصرهم أو نصر أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون"والخطاب للنبى(ص).
"فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون"المعنى فلا تقولوا لله الأقوال إن الله يعرف وأنتم لا تعرفون،يطلب الله من الكفار ألا يضربوا له الأمثال والمراد ألا يقولوا له الأقوال الكاذبة لإثبات صحة أقوالهم لأنهم سبق أن ضربوا له الأمثال مصداق لقوله بسورة الإسراء"انظر كيف ضربوا لك الأمثال" ويبين لهم السبب فى طلبه لذلك وهو أنه يعلم أى يعرف كل شىء وهم لا يعلمون أى لا يعرفون الحق والخطاب للكفار.
"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" المعنى قال الله عظة عبدا محكوما لا يستطيع شىء ومن أعطيناه منا عطاء طيبا فهو يصرف منه خفاء وعلنا هل يتساوون الطاعة لله إن أغلبهم لا يعرفون،يبين الله للنبى(ص) أنه ضرب مثلا أى قال عظة والمراد قال حكما هو عبدا مملوكا لا يقدر على شىء والمراد أسيرا محكوما لا يستطيع عمل شىء نافع ومن رزقناه منا رزقا حسنا أى ومن أعطيناه منا عطاء طيبا والمراد ومن أوحينا له وحيا جميلا فهو ينفق منه سرا وجهرا أى فهو يعمل به خفاء وعلنا ،ثم يسأل الله هل يستوون أى هل يتساوون فى الأجر والجزاء ؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن العبد المملوك غير القادر على نفع نفسه والمراد به الكافر لا يتساوى مع المرزوق المنفق فى السر والجهر والمراد به المسلم فى الجزاء،ويبين الله له أن الحمد وهو الطاعة واجبة لحكمه وحده ويبين أن أكثر الناس لا يعلمون أى أن معظم الخلق لا يطيعون أى يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولله غيب السموات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىء قدير"المعنى ولله علم السر فى السموات والأرض وما وقوع القيامة إلا كنظرة النظر أى هو واقع إن الله لكل أمر فاعل ،يبين الله للنبى(ص) أن لله غيب والمراد إن الله يعلم السر فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض" ويبين لنا أمر الساعة وهو وقوع القيامة يشبه لمح البصر وهو وقت حدوث نظرة العين الخاطفة وفسر هذا بأنه أقرب أى واقع مصداق لقوله بسورة الواقعة "إذا وقعت الواقعة "ويبين لنا أنه على كل شىء قدير والمراد إنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب للنبى(ص).
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون"المعنى والله أطلعكم من أرحام والداتكم لا تعرفون علما وخلق لكم العقل أى البصائر أى القلوب لعلكم تسلمون،يبين الله للناس أنه أخرجهم من بطون أمهاتهم والمراد أنه أطلعهم من أرحام والداتهم وهم لا يعلمون شيئا أى لا يعرفون أمرا وهذا يعنى أن الطفل يولد وهو لا يعرف أى شىء مهما كان صغيرا ،ويبين لهم أنه جعل أى خلق أى "أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة "وهذا أنه خلق لهم السمع وهو القلب مصداق لقوله بسورة الأعراف "فطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون "وهو الأبصار مصداق لقوله بسورة الأعراف "وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا"وهى الأفئدة أى العقول والسبب فى خلقها لعلهم يشكرون أى "لعلكم تسلمون"كما جاء بنفس السورة والمراد ليطيعوا حكم الله والخطاب للناس.
"ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى هل لم يعلموا أن الطير مهيئات فى جو السماء ما يبقيهن إلا الله إن فى الإبقاء لبراهين لناس يصدقون ،يسأل الله ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله والمراد هل لم يعرفوا أن الطير مهيئات لجو السماء ما يبقيهم طائرات إلا الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس بقدرة الله وحده على إعطاء الطيور القدرة على البقاء فى جو السماء أى فترة وفى بقاء الطير فى الجو آيات أى براهين دالة على قدرة الله ووجوب عبادته وحده لقوم يؤمنون أى لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة النحل"لقوم يعقلون"والخطاب للنبى(ص).
"والله جعل لكم من بيوتكم مسكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين"المعنى والله خلق لكم من مساكنكم راحة وخلق لكم من جلود الأنعام مساكنا تستخدمونها يوم رحيلكم ويوم بقاءكم ومن أصوافها وأوبارها وشعورها فرشا أى نفعا حتى وقت،يبين الله للناس أنه جعل لهم من بيوتهم سكن والمراد خلق لهم من منازلهم مأمن والمراد مكان للراحة وجعل لهم من جلود الأنعام بيوتا والمراد أنه خلق لهم من جلود الأنعام مسكنا يستخفونها والمراد يستخدمونها يوم الظعن وهو يوم الإنتقال والرحيل ويوم الإقامة وهو يوم البقاء فى المكان،ويبين الله للناس أن من أصواف الغنم ووبر الإبل وشعر الماعز والبقر يصنعون التالى الأثاث وهو الفرش وفسره الله بأنه المتاع أى النفع إلى حين أى إلى وقت وهذا يعنى أن لكل شىء يستخدم عمر ينتهى فيه والخطاب وما بعده للناس.
"والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته لعلكم تسلمون "المعنى والله أنشأ لكم من الذى جعل خيالات وخلق لكم من الجبال مساكنا وخلق لكم ثياب تمنعكم أذاكم ،هكذا يكمل منحته لكم لعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه جعل لهم مما خلق ظلالا والمراد أنشأ لهم من الذى جعل خيالات تتبعهم هم والمخلوقات الأخرى كما جعل لهم من الجبال أكنانا أى كما خلق لهم من صخور الرواسى بيوتا للراحة ،ويبين لهم أنه جعل لهم سرايبل تقيهم الحر والمراد خلق لهم أثواب تحميهم من القيظ وسرابيل تقيهم من البأس والمراد أثواب تحميهم من أذى الحرب والمراد أن الله خلق المواد التى تصنع منها هذه الثياب وأعطاهم القدرة على صنعها ،ويبين لهم أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى خلق الأشياء يتم الله نعمته أى يكمل الله لهم منحته والسبب لعلهم يسلمون أى لعلهم يطيعون الوحى الإلهى .
"فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون"المعنى فإن كفروا فإنما عليك البيان العظيم يعلمون منحة الله ثم يكفرون بها ومعظمهم المكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إن تولوا أى كفروا بحكم الله فالواجب عليه هو البلاغ المبين وهو التوصيل الأمين لحكم الله للناس ويبين له أن الناس يعرفون نعمة الله والمراد يعلمون كتاب الله ثم ينكرونها أى يكذبون أى يكفرون به مصداق لقوله بسورة الأنعام"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه "ويبين أن أكثرهم الكافرون أى معظمهم الكاذبون مصداق لقوله بسورة الشعراء"وأكثرهم كاذبون ".
"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون "المعنى ويوم نخرج من كل جماعة حاكما ثم لا يسمح للذين كذبوا أى ليسوا يتكلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم القيامة يبعث من كل أمة شهيدا والمراد أن يوم القيامة يخرج أى ينزع من كل فرقة شاهد يشهد على الفرقة وهو رسولهم مصداق لقوله بسورة القصص"ونزعنا من كل أمة شهيدا"ويبين له أنه لا يؤذن للذين كفروا وفسر هذا بأنهم لا يستعتبون والمراد لا يسمح للذين كذبوا حكم الله بالنطق أى لا يعتذرون بالكلام يوم القيامة مصداق لقوله بسورة المرسلات"هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وإذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون"المعنى وإذا شاهد الذين كفروا العقاب فلا يرفع عنهم ولا هم يرحمون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين ظلموا أى أجرموا إذا رأوا العذاب والمراد إذا شاهدوا النار مصداق لقوله بسورة الكهف"ورأى المجرمون النار" لا يخفف عنهم أى لا يخرجون منها مصداق لقوله بسورة الجاثية "فاليوم لا يخرجون منها"وفسر هذا بأنهم لا ينظرون أى لا ينصرون مصداق لقوله بسورة البقرة "فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون"والمراد لا يخرجون من النار كما يحبون والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاءنا الذين ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون "المعنى وإذا شاهد الذين كفروا أنصارهم قالوا إلهنا هؤلاء أنصارنا الذين نعبد من غيرك فقالوا لهم الكلام إنكم لمفترون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين أشركوا أى كفروا بحكم الله إذا رأوا أى شاهدوا شركاءهم وهم أنصارهم أى آلهتهم المزعومة قالوا لله ربنا هؤلاء شركاءنا الذين ندعوا من دونك والمراد هؤلاء شفعاؤنا الذين نطيع من سواك وهذا يعنى أنهم يلقون المسئولية على آلهتهم المزعومة فألقوا إليهم القول والمراد فقال لهم أنصارهم الكلام التالى إنكم لكاذبون أى لمفترون والمراد"ما كنتم إيانا تعبدون"كما قال بسورة يونس وهذا يعنى أن أنصارهم وهم آلهتهم المزعومة ينفون مسئوليتهم عن ذلك ويعلنون أن الأخرين هم الذين ضلوا بأهواءهم .
"وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون"المعنى وقالوا لله يومذاك الخير وبعد عنهم ما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنهم ألقوا إلى الله يومئذ السلم والمراد أنهم قالوا لملائكة الله يومذاك الخير ما كنا نعمل من سوء مصداق لقوله بسورة النحل"فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء"ويبين له أنهم ضل عنهم ما كانوا يفترون أى تبرأ منهم الذى كانوا يزعمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون "وهذا يعنى أن آلهتهم المزعومة أعلنت أنهم لم يعبدوهم أبدا .
"الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق عذاب بما كانوا يفسقون "المعنى الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله أضفنا لهم عقابا إلى عقاب بما كانوا يكفرون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله أى بعدوا عن دين الله زدناهم عذابا فوق العذاب والمراد أذقناهم سعيرا بعد سعير مصداق لقوله بسورة الإسراء"زدناهم سعيرا"وهذا يعنى استمرارية العقاب والسبب ما كانوا يفسقون أى "بما كانوا يكفرون "كما قال بسورة الأنعام.
"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين "المعنى ويوم نرسل من كل فرقة حاكما عليهم من وسطهم وأتينا بك حاكما على هؤلاء وأوحينا لك الوحى تفصيلا لكل موضوع ورشاد أى نفع أى حكم للمطيعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم نبعث من كل أمة شهيدا والمراد يوم ننزع من كل فرقة شاهدا مصداق لقوله بسورة القصص"ونزعنا من كل أمة شهيدا "وهذا يعنى أنه يخرج من كل جماعة رسولهم ليقول ما فعلوه معه من أنفسهم والمراد من بين أفرادهم ويبين له أنه جاء به على هؤلاء شهيدا والمراد أنه أتى به على الناس فى عصره شاهدا أى قاضيا عليهم بقوله ،ويبين له أنه نزل عليه الكتاب تبيانا لكل شىء والمراد أنه أوحى له الوحى وهو القرآن وبيانه تفصيلا لكل قضية مصداق لقوله بسورة يوسف"وتفصيل كل شىء"وفسر هذا بأنه هدى أى رحمة أى بشرى أى موعظة أى نفع للمسلمين وهم المطيعين أى المتقين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وموعظة للمتقين".
"إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون "المعنى إن الله يوصى بالقسط أى البر أى إعطاء ذى الحقوق ويزجر عن الشر أى الفساد أى الظلم لعلكم تفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن الله يأمر بالعدل والمراد يوصى بالقسط وفسره بأنه الإحسان وفسره بأنه إيتاء ذى القربى أى إعطاء صاحب الحق حقه وهو ينهى أى يزجر عن الفحشاء وفسرها بأنها المنكر وفسرها بأنها البغى وهو دعوة أى عبادة غير الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله" والله يعظهم أى يبلغهم بحكمه والسبب أن يذكروا أى يطيعوا حكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون "المعنى وأتموا ميثاق الله إذا واثقتم أى لا تخالفوا المواثيق بعد توثيقها وقد جعلتم الله عليكم وكيلا إن الله يعرف ما تعملون ،يبين الله للمؤمنين أن يفوا أى يتموا بعهد الله إذا عاهدوا وهى العقود أى أحكام الله إذا أعلنوا طاعتهم له مصداق لقوله بسورة المائدة"أوفوا بالعقود"وفسر هذا بأنهم لا ينقضوا الأيمان بعد توكيدها والمراد لا يخالفوا عهود الله بعد توثيقها وهى الرضا بها مصداق لقوله بسورة الرعد"الذين ينقضون عهد الله"ويبين لهم أنهم جعلوا الله عليهم وكيلا والمراد رضوا به عليهم شهيدا مصداق لقوله بسورة النساء"وكفى بالله شهيدا"ويبين لهم أن الله يعلم ما يفعلون أى أن الله يعرف الذى يكسبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ويعلم ما يكسبون".
"ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله له وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون "المعنى ولا تصبحوا كالتى فكت نسيجها من بعد بأس ضعفا تجعلون مواثيقكم سببا بينكم كى لا تكون جماعة هى أفضل من جماعة إنما يختبركم الله به وليوضحن لكم يوم البعث ما كنتم تتنازعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا والمراد ألا يصبحوا كالتى حلت نسيجها المغزول من بعد شدة ضعيفا وذلك بحلها وفكها له ويبين الله لهم العمل الذى يجعلهم كتلك المرأة وهو أن يتخذوا أيمانهم دخلا بينهم والمراد أن يجعلوا مواثيقهم وهى حلفاناتهم سببا لهم كى تكون أمة هى أربى من أمة والمراد كى تصبح جماعة هى أحسن من جماعة وهذا يعنى أن يقسموا كذبا على المال وغيره ليزيدوا جمع على جمع أخر ويبين لهم أنه يبلوهم أى يمتحنهم باليمين ويبين لهم أنه يبين لهم يوم القيامة ما كانوا فيه يختلفون والمراد ينبئهم يوم البعث بما كانوا به يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "فينبئكم بما كنتم تعملون "وهذا يعنى أنه يحكم عليهم فى ذلك اليوم كما قال بسورة الحج"الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون "والخطاب للمؤمنين
"ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تا لله لتسئلن عما كنتم تفترون "المعنى ويحددون لما لا يعرفون جزء مما أعطيناهم تالله لتحاسبن عن الذى كنتم تعملون ،يبين الله للنبى(ص) أن الناس يجعلون لما لا يعلمون والمراد يحددون للذى لا يعرفون وهم الآلهة المزعومة نصيبا مما رزقهم الله أى بعضا مما أعطاهم الله من الحرث والأنعام مصداق لقوله بسورة الأنعام"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام"وهذا يعنى أنهم لا يعرفون حقيقة الآلهة التى يزعمون أنهم يعبدونها فى الدنيا،ويقسم الله للناس بنفسه فيقول تالله ويقسم على التالى أن يسأل الكفار عما كانوا يفترون والمراد أنه يحاسب أى أنه يعاقب الكفار على الذى كانوا يعملون من السيئات فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل "لتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)ثم للناس .
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"المعنى وإذا أخبر أحدهم بالبنت استمر وجهه حالكا وهو مغتاظ يتخفى من الناس من قبح ما أخبر به أيبقيه على ذل أم يدفنه فى التراب ألا قبح ما يقضون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له ويبين الله أن هذا الحكم قد ساء أى قبح وهذا يعنى أنه محرم وقوله ألا ساء ما يحكمون يعنى ألا قبح ما يقضون به أى ما يزرون مصداق لقوله بسورة النحل"ألا ساء ما يزرون "وهذا يعنى أن عليهم البعد عنه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم "المعنى للذين لا يصدقون بالقيامة حكم الشر ولله الحكم الأعدل وهو الغالب القاض ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين لا يؤمنون بالأخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة لهم التالى مثل السوء أى حكم الشر والمراد جزاء الأذى وهو النار وأما الله والمراد به أتباع الله فلهم المثل الأعلى وهو الجزاء الأفضل وهو الجنة والله العزيز أى الغالب على أمره والحكيم أى القاضى الذى يفصل فى كل أمر.
"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"المعنى لو يحاسب الله الخلق على كفرهم ما أبقى عليها من إنسان ولكن يبقيهم حتى موعد محدد فإذا أتى موعدهم لا يستأجلون وقتا ولا يسرعون،يبين الله للنبى(ص) أن الله لو يؤاخذ الناس بظلمهم والمراد لو يحاسب الخلق على كسبهم وهو كفرهم ما ترك عليها من دابة أى ما أبقى عليها من إنسان عن طريق إنزال العذاب المهلك عليهم مصداق لقوله بسورة الكهف"ولو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب"ولكنه يؤخرهم إلى أجل مسمى والمراد ولكنه يبقيهم حتى موعد معدود هو موعد موتهم مصداق لقوله بسورة هود"وما نؤخرهم إلا لأجل معدود"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فإذا أتى موعد موتهم لا يستأجلون وقتا ولا يستعجلون وقتا وهذا يعنى أنهم يموتون فى الوقت المحدد بالضبط .
"ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون "المعنى ويحددون لله الذى يبغضون وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة لا كذب أن لهم جهنم وأنهم مسرفون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يجعلون لله ما يكرهون والمراد يقسمون لله الذى يبغضون وهم الإناث فجعلوا الملائكة بنات الله مصداق لقوله بسورة الزخرف"وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله الرحمن إناثا"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى والمراد وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة مصداق لقوله بسورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى "،ويبين لنا أن لا جرم أى لا كذب فى التالى أن لهم النار والمراد مقامهم جهنم وأنهم مفرطون أى مسرفون مصداق لقوله بسورة غافر"وأن المسرفين هم أصحاب النار" والخطاب للنبى(ص).
"تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم "المعنى والله لقد بعثنا إلى جماعات من قبلك فحسن لهم الهوى أفعالهم فهو ناصرهم الآن ولهم عقاب موجع،يقسم الله بنفسه فيقول تا لله والمراد والله ويقسم على التالى أنه أرسل إلى أمم من قبله رسلا والمراد أنه بعث إلى الأقوام التى سبقته فى الزمن رسلا بآيات الله فزين لهم الشيطان أعمالهم والمراد وحسن لهم الهوى الضال سيئاتهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ومن ثم فهو وليهم أى ناصرهم اليوم وهذا يعنى أن الهوى يظهر لهم النصر وقت التزيين وبعد ذلك لهم عذاب أليم أى "ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة الجاثية والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "المعنى وما أوحينا لك الوحى إلا لتعرف لهم الذى كذبوا به ونفع أى فائدة لناس يصدقون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أنزل عليه الكتاب والمراد أوحى له الوحى للتالى ليبين لهم الذى اختلفوا فيه والمراد ليظهر لهم أى ليبلغ لهم الذى كفروا به وهو الإسلام والوحى هدى أى رحمة والمراد بشرى أى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين "
"والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن فى ذلك لآية لقوم يسمعون "المعنى والله أسقط من السحاب مطرا فبعث به التراب بعد جدبه إن فى البعث لبرهان لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن الله أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب غيثا فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث بالماء التراب بعد جدبها والمراد جعلها مخضرة تنبت النباتات مصداق لقوله بسورة الحج"فتصبح الأرض مخضرة "وفى الإحياء آية لقوم يسمعون والمراد برهان لناس يفهمون أى يعقلون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "والخطاب للناس.
" وإن لكم فى الأنعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين "المعنى وإن لكم فى الأنعام لبرهان نرويكم من الذى فى أرحامه من بين طعام ودم لبنا صافيا مقبولا عند المرويين ،يبين الله للناس أن لهم عبرة أى آية أى برهان يدل على قدرة الله وحده على الخلق فى الأنعام وهى أنه يسقيهم مما فى بطونه أى أنه يشربهم من الذى فى أجواف الأنعام لبنا وهذا اللبن يتكون من الفرث وهو عصائر الطعام والمراد خلاصات هضم الطعام والدم وهو السائل الأحمر الذى يجرى فى العروق فسبحان من أخرج لبنا مخالفا فى اللون والطعم لأصوله ويبين الله لهم أن اللبن خالص أى صافى ليس فيه دم ولا فرث وأنه سائغ للشاربين والمراد أنه مقبول الطعم عند من يشربه والخطاب وما بعده للناس.
"ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "المعنى ومن منافع النخل والعنب تصنعون منه خمرا ونفعا طيبا إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله للناس أنهم يستفيدون من ثمرات أى منافع والمراد من البلح وحبات العنب بالأتى :اتخاذ السكر منه والمراد عمل الخمر منه،والرزق الحسن وهو النفع الجميل وهو الأكل والعصير الطازج وفيما سبق ذكره من الإستفادة من ثمار النخل والعنب آية لقوم يعقلون أى برهان دال على قدرة الله وحده على كل شىء لناس يفكرون مصداق لقوله بنفس السورة"إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون ".
"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون"المعنى وألقى إلهك للنحل أن اجعلى من الرواسى مساكنا ومن الأشجار ومما يبنون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى أى ألقى حكما للنحل هو أن اتخذى بيوتا والمراد اجعلى مساكنا لك الجبال وهى الرواسى ،والشجر وهو الأشجار ،مما يعرشون أى من الذى يبنى الناس للنحل من الخلايا وهذا يعنى أن المخلوقات تتلقى أحكام مثل الإنسان وذلك من خلال الوحى المنزل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون"المعنى ثم اطعمى من كل الثمار فاجعلى طرق إلهك سهلة يطلع من أجوافها سائل متنوع أشكاله فيه دواء للبشر إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله لنبيه(ص)أن الله طلب من النحل فى الوحى الخاص بها التالى الأكل من كل الثمرات والمراد استخدام كل ثمار النباتات كطعام وهذا يعنى أن النحل يأكل كل ما نعتبره حلو أو مر أو حامض أو غير ذلك كما طلب منها سلوك سبل الرب الذلل وهو السير فى طرق الله السهلة والمراد طاعة أحكام الله الممهدة التى ليس بها صعوبة والله يخرج من بطون النحل والمراد يطلع من أجواف النحل شراب أى سائل مختلف ألوانه أى متنوع ألوانه وهذا يعنى تعدد الأشكال اللونية للعسل الذى فيه شفاء للناس وهم البشر وهذا يعنى أن العسل علاج لبعض أمراض الناس وفيما سبق ذكره عن النحل آية أى برهان يدل على قدرة الله لقوم يتفكرون أى لناس يفهمون فيطيعون حكم الله .
"والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير"المعنى والله أبدعكم ثم يميتكم ومنكم من يبقى حتى أسوأ السن لكى لا يعرف بعد معرفة أمرا إن الله خبير فاعل،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أنه خلقهم أى أحياهم ثم يتوفاهم أى يميتهم مصداق لقوله بسورة الجاثية "قل الله يحييكم ثم يميتكم"ويبين لهم أن من الناس من يرد إلى أرذل العمر والمراد من يبقى حتى أسوأ السن وهذا يعنى أنه يعيش حتى أسوأ مرحلة وهى المرحلة التى لا يعلم بعد علم شيئا أى التى لا يعرف فيها بعد معرفة أمرا وهى مرحلة نسيان الكلام وهى الشيخوخة مصداق لقوله بسورة غافر"ثم لتكونوا شيوخا"ويبين الله أنه عليم أى خبير بكل شىء وقدير أى فاعل لما يريد والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون"المعنى والله رفع بعضكم على بعض فى العطاء فما الذين زيدوا بمقسمى عطائهم مع الذين ملكت أنفسهم فهم فيه سيان أفبوحى الله يكفرون؟،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله فضل بعضهم على بعض فى الرزق والمراد زاد بعضهم على بعض فى العطاء فأعطى البعض أكثر من البعض ومع ذلك فإن الذين فضلوا فى الرزق وهم الذين أكثروا فى العطاء ليسوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم والمراد ليسوا بمقتسمى عطاءهم مع الذين ملكت أنفسهم وهم العبيد والإماء حتى يصبحوا فى العطاء سواء أى سيان وهذا يعنى أن الرزق الإلهى للغنى يجب أن يقسم بالتساوى بين الغنى والعبد تطبيقا لقوله بسورة فصلت"وقدر أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ويسأل الله أفبنعمة الله يجحدون والمراد هل بآيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة فصلت "وكانوا بآيات الله يجحدون"وهذا يعنى أنهم يكفرون بحكم الله ومنه وجوب اقتسام الرزق بين الغنى والفقير .
"والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون " المعنى والله خلق لكم من أنفسكم زوجات وخلق لكم من زوجاتكم صبيان وبنات وأعطاكم من المباحات أفبالكفر يصدقون وبحكم الله هم يكذبون ،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله جعل لهم من أنفسهم أزواجا والمراد خلق لهم من بعضهم نساء وهذا يعنى أنه أنشأ من بعض الرجال إناث هن زوجات رجال أخرين وجعل لهم من أزواجهم والمراد وخلق لهم من زوجاتهم التالى بنين أى صبيان وحفدة أى بنات مصداق لقوله بسورة الشورى "أو يزوجهم ذكرانا وإناثا"ويبين لهم أنه رزقهم من الطيبات أى أعطاهم من النافعات ،ويسأل الله نبيه(ص) أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون والمراد هل بالكفر يصدقون وبوحى الله هم يجحدون مصداق لقوله بسورة النحل"أفبنعمة الله يجحدون"؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بوجوب الكفر بالباطل والتصديق بالحق والقول حتى الرزق جزء من آية حذف بعضها وما بعده جزء من آية حذف بعضها .
"ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض بعضا أى لا يصنعون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يعبدون أى يطيعون أى يدعون من دون أى غير الله مصداق لقوله بسورة النحل"والذين يدعون من دون الله"ما لا يملك لهم رزقا والمراد الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض وفسر هذا بأن الآلهة المزعومة لا يستطيعون أى لا يقدرون على نصرهم أو نصر أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون"والخطاب للنبى(ص).
"فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون"المعنى فلا تقولوا لله الأقوال إن الله يعرف وأنتم لا تعرفون،يطلب الله من الكفار ألا يضربوا له الأمثال والمراد ألا يقولوا له الأقوال الكاذبة لإثبات صحة أقوالهم لأنهم سبق أن ضربوا له الأمثال مصداق لقوله بسورة الإسراء"انظر كيف ضربوا لك الأمثال" ويبين لهم السبب فى طلبه لذلك وهو أنه يعلم أى يعرف كل شىء وهم لا يعلمون أى لا يعرفون الحق والخطاب للكفار.
"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" المعنى قال الله عظة عبدا محكوما لا يستطيع شىء ومن أعطيناه منا عطاء طيبا فهو يصرف منه خفاء وعلنا هل يتساوون الطاعة لله إن أغلبهم لا يعرفون،يبين الله للنبى(ص) أنه ضرب مثلا أى قال عظة والمراد قال حكما هو عبدا مملوكا لا يقدر على شىء والمراد أسيرا محكوما لا يستطيع عمل شىء نافع ومن رزقناه منا رزقا حسنا أى ومن أعطيناه منا عطاء طيبا والمراد ومن أوحينا له وحيا جميلا فهو ينفق منه سرا وجهرا أى فهو يعمل به خفاء وعلنا ،ثم يسأل الله هل يستوون أى هل يتساوون فى الأجر والجزاء ؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن العبد المملوك غير القادر على نفع نفسه والمراد به الكافر لا يتساوى مع المرزوق المنفق فى السر والجهر والمراد به المسلم فى الجزاء،ويبين الله له أن الحمد وهو الطاعة واجبة لحكمه وحده ويبين أن أكثر الناس لا يعلمون أى أن معظم الخلق لا يطيعون أى يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولله غيب السموات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىء قدير"المعنى ولله علم السر فى السموات والأرض وما وقوع القيامة إلا كنظرة النظر أى هو واقع إن الله لكل أمر فاعل ،يبين الله للنبى(ص) أن لله غيب والمراد إن الله يعلم السر فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض" ويبين لنا أمر الساعة وهو وقوع القيامة يشبه لمح البصر وهو وقت حدوث نظرة العين الخاطفة وفسر هذا بأنه أقرب أى واقع مصداق لقوله بسورة الواقعة "إذا وقعت الواقعة "ويبين لنا أنه على كل شىء قدير والمراد إنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب للنبى(ص).
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون"المعنى والله أطلعكم من أرحام والداتكم لا تعرفون علما وخلق لكم العقل أى البصائر أى القلوب لعلكم تسلمون،يبين الله للناس أنه أخرجهم من بطون أمهاتهم والمراد أنه أطلعهم من أرحام والداتهم وهم لا يعلمون شيئا أى لا يعرفون أمرا وهذا يعنى أن الطفل يولد وهو لا يعرف أى شىء مهما كان صغيرا ،ويبين لهم أنه جعل أى خلق أى "أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة "وهذا أنه خلق لهم السمع وهو القلب مصداق لقوله بسورة الأعراف "فطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون "وهو الأبصار مصداق لقوله بسورة الأعراف "وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا"وهى الأفئدة أى العقول والسبب فى خلقها لعلهم يشكرون أى "لعلكم تسلمون"كما جاء بنفس السورة والمراد ليطيعوا حكم الله والخطاب للناس.
"ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى هل لم يعلموا أن الطير مهيئات فى جو السماء ما يبقيهن إلا الله إن فى الإبقاء لبراهين لناس يصدقون ،يسأل الله ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله والمراد هل لم يعرفوا أن الطير مهيئات لجو السماء ما يبقيهم طائرات إلا الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس بقدرة الله وحده على إعطاء الطيور القدرة على البقاء فى جو السماء أى فترة وفى بقاء الطير فى الجو آيات أى براهين دالة على قدرة الله ووجوب عبادته وحده لقوم يؤمنون أى لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة النحل"لقوم يعقلون"والخطاب للنبى(ص).
"والله جعل لكم من بيوتكم مسكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين"المعنى والله خلق لكم من مساكنكم راحة وخلق لكم من جلود الأنعام مساكنا تستخدمونها يوم رحيلكم ويوم بقاءكم ومن أصوافها وأوبارها وشعورها فرشا أى نفعا حتى وقت،يبين الله للناس أنه جعل لهم من بيوتهم سكن والمراد خلق لهم من منازلهم مأمن والمراد مكان للراحة وجعل لهم من جلود الأنعام بيوتا والمراد أنه خلق لهم من جلود الأنعام مسكنا يستخفونها والمراد يستخدمونها يوم الظعن وهو يوم الإنتقال والرحيل ويوم الإقامة وهو يوم البقاء فى المكان،ويبين الله للناس أن من أصواف الغنم ووبر الإبل وشعر الماعز والبقر يصنعون التالى الأثاث وهو الفرش وفسره الله بأنه المتاع أى النفع إلى حين أى إلى وقت وهذا يعنى أن لكل شىء يستخدم عمر ينتهى فيه والخطاب وما بعده للناس.
"والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته لعلكم تسلمون "المعنى والله أنشأ لكم من الذى جعل خيالات وخلق لكم من الجبال مساكنا وخلق لكم ثياب تمنعكم أذاكم ،هكذا يكمل منحته لكم لعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه جعل لهم مما خلق ظلالا والمراد أنشأ لهم من الذى جعل خيالات تتبعهم هم والمخلوقات الأخرى كما جعل لهم من الجبال أكنانا أى كما خلق لهم من صخور الرواسى بيوتا للراحة ،ويبين لهم أنه جعل لهم سرايبل تقيهم الحر والمراد خلق لهم أثواب تحميهم من القيظ وسرابيل تقيهم من البأس والمراد أثواب تحميهم من أذى الحرب والمراد أن الله خلق المواد التى تصنع منها هذه الثياب وأعطاهم القدرة على صنعها ،ويبين لهم أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى خلق الأشياء يتم الله نعمته أى يكمل الله لهم منحته والسبب لعلهم يسلمون أى لعلهم يطيعون الوحى الإلهى .
"فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون"المعنى فإن كفروا فإنما عليك البيان العظيم يعلمون منحة الله ثم يكفرون بها ومعظمهم المكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إن تولوا أى كفروا بحكم الله فالواجب عليه هو البلاغ المبين وهو التوصيل الأمين لحكم الله للناس ويبين له أن الناس يعرفون نعمة الله والمراد يعلمون كتاب الله ثم ينكرونها أى يكذبون أى يكفرون به مصداق لقوله بسورة الأنعام"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه "ويبين أن أكثرهم الكافرون أى معظمهم الكاذبون مصداق لقوله بسورة الشعراء"وأكثرهم كاذبون ".
"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون "المعنى ويوم نخرج من كل جماعة حاكما ثم لا يسمح للذين كذبوا أى ليسوا يتكلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم القيامة يبعث من كل أمة شهيدا والمراد أن يوم القيامة يخرج أى ينزع من كل فرقة شاهد يشهد على الفرقة وهو رسولهم مصداق لقوله بسورة القصص"ونزعنا من كل أمة شهيدا"ويبين له أنه لا يؤذن للذين كفروا وفسر هذا بأنهم لا يستعتبون والمراد لا يسمح للذين كذبوا حكم الله بالنطق أى لا يعتذرون بالكلام يوم القيامة مصداق لقوله بسورة المرسلات"هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وإذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون"المعنى وإذا شاهد الذين كفروا العقاب فلا يرفع عنهم ولا هم يرحمون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين ظلموا أى أجرموا إذا رأوا العذاب والمراد إذا شاهدوا النار مصداق لقوله بسورة الكهف"ورأى المجرمون النار" لا يخفف عنهم أى لا يخرجون منها مصداق لقوله بسورة الجاثية "فاليوم لا يخرجون منها"وفسر هذا بأنهم لا ينظرون أى لا ينصرون مصداق لقوله بسورة البقرة "فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون"والمراد لا يخرجون من النار كما يحبون والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاءنا الذين ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون "المعنى وإذا شاهد الذين كفروا أنصارهم قالوا إلهنا هؤلاء أنصارنا الذين نعبد من غيرك فقالوا لهم الكلام إنكم لمفترون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين أشركوا أى كفروا بحكم الله إذا رأوا أى شاهدوا شركاءهم وهم أنصارهم أى آلهتهم المزعومة قالوا لله ربنا هؤلاء شركاءنا الذين ندعوا من دونك والمراد هؤلاء شفعاؤنا الذين نطيع من سواك وهذا يعنى أنهم يلقون المسئولية على آلهتهم المزعومة فألقوا إليهم القول والمراد فقال لهم أنصارهم الكلام التالى إنكم لكاذبون أى لمفترون والمراد"ما كنتم إيانا تعبدون"كما قال بسورة يونس وهذا يعنى أن أنصارهم وهم آلهتهم المزعومة ينفون مسئوليتهم عن ذلك ويعلنون أن الأخرين هم الذين ضلوا بأهواءهم .
"وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون"المعنى وقالوا لله يومذاك الخير وبعد عنهم ما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنهم ألقوا إلى الله يومئذ السلم والمراد أنهم قالوا لملائكة الله يومذاك الخير ما كنا نعمل من سوء مصداق لقوله بسورة النحل"فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء"ويبين له أنهم ضل عنهم ما كانوا يفترون أى تبرأ منهم الذى كانوا يزعمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون "وهذا يعنى أن آلهتهم المزعومة أعلنت أنهم لم يعبدوهم أبدا .
"الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق عذاب بما كانوا يفسقون "المعنى الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله أضفنا لهم عقابا إلى عقاب بما كانوا يكفرون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله أى بعدوا عن دين الله زدناهم عذابا فوق العذاب والمراد أذقناهم سعيرا بعد سعير مصداق لقوله بسورة الإسراء"زدناهم سعيرا"وهذا يعنى استمرارية العقاب والسبب ما كانوا يفسقون أى "بما كانوا يكفرون "كما قال بسورة الأنعام.
"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين "المعنى ويوم نرسل من كل فرقة حاكما عليهم من وسطهم وأتينا بك حاكما على هؤلاء وأوحينا لك الوحى تفصيلا لكل موضوع ورشاد أى نفع أى حكم للمطيعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم نبعث من كل أمة شهيدا والمراد يوم ننزع من كل فرقة شاهدا مصداق لقوله بسورة القصص"ونزعنا من كل أمة شهيدا "وهذا يعنى أنه يخرج من كل جماعة رسولهم ليقول ما فعلوه معه من أنفسهم والمراد من بين أفرادهم ويبين له أنه جاء به على هؤلاء شهيدا والمراد أنه أتى به على الناس فى عصره شاهدا أى قاضيا عليهم بقوله ،ويبين له أنه نزل عليه الكتاب تبيانا لكل شىء والمراد أنه أوحى له الوحى وهو القرآن وبيانه تفصيلا لكل قضية مصداق لقوله بسورة يوسف"وتفصيل كل شىء"وفسر هذا بأنه هدى أى رحمة أى بشرى أى موعظة أى نفع للمسلمين وهم المطيعين أى المتقين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وموعظة للمتقين".
"إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون "المعنى إن الله يوصى بالقسط أى البر أى إعطاء ذى الحقوق ويزجر عن الشر أى الفساد أى الظلم لعلكم تفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن الله يأمر بالعدل والمراد يوصى بالقسط وفسره بأنه الإحسان وفسره بأنه إيتاء ذى القربى أى إعطاء صاحب الحق حقه وهو ينهى أى يزجر عن الفحشاء وفسرها بأنها المنكر وفسرها بأنها البغى وهو دعوة أى عبادة غير الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله" والله يعظهم أى يبلغهم بحكمه والسبب أن يذكروا أى يطيعوا حكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون "المعنى وأتموا ميثاق الله إذا واثقتم أى لا تخالفوا المواثيق بعد توثيقها وقد جعلتم الله عليكم وكيلا إن الله يعرف ما تعملون ،يبين الله للمؤمنين أن يفوا أى يتموا بعهد الله إذا عاهدوا وهى العقود أى أحكام الله إذا أعلنوا طاعتهم له مصداق لقوله بسورة المائدة"أوفوا بالعقود"وفسر هذا بأنهم لا ينقضوا الأيمان بعد توكيدها والمراد لا يخالفوا عهود الله بعد توثيقها وهى الرضا بها مصداق لقوله بسورة الرعد"الذين ينقضون عهد الله"ويبين لهم أنهم جعلوا الله عليهم وكيلا والمراد رضوا به عليهم شهيدا مصداق لقوله بسورة النساء"وكفى بالله شهيدا"ويبين لهم أن الله يعلم ما يفعلون أى أن الله يعرف الذى يكسبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ويعلم ما يكسبون".
"ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله له وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون "المعنى ولا تصبحوا كالتى فكت نسيجها من بعد بأس ضعفا تجعلون مواثيقكم سببا بينكم كى لا تكون جماعة هى أفضل من جماعة إنما يختبركم الله به وليوضحن لكم يوم البعث ما كنتم تتنازعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا والمراد ألا يصبحوا كالتى حلت نسيجها المغزول من بعد شدة ضعيفا وذلك بحلها وفكها له ويبين الله لهم العمل الذى يجعلهم كتلك المرأة وهو أن يتخذوا أيمانهم دخلا بينهم والمراد أن يجعلوا مواثيقهم وهى حلفاناتهم سببا لهم كى تكون أمة هى أربى من أمة والمراد كى تصبح جماعة هى أحسن من جماعة وهذا يعنى أن يقسموا كذبا على المال وغيره ليزيدوا جمع على جمع أخر ويبين لهم أنه يبلوهم أى يمتحنهم باليمين ويبين لهم أنه يبين لهم يوم القيامة ما كانوا فيه يختلفون والمراد ينبئهم يوم البعث بما كانوا به يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "فينبئكم بما كنتم تعملون "وهذا يعنى أنه يحكم عليهم فى ذلك اليوم كما قال بسورة الحج"الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون "والخطاب للمؤمنين