فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون "المعنى فلا تغرك أملاكهم ولا عيالهم إنما يحب الرب أن يعاقبهم بها فى المعيشة الأولى وتخرج ذواتهم وهم مكذبون ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا تعجبه أموال المنافقين ولا أولادهم والمراد ألا تغره كثرة أملاك المنافقين وكثرة أولادهم والسبب أن الله يريد أن يعذبهم بها فى الحياة الدنيا والمراد أن الله يحب أن يذلهم بضياع أموالهم وإصابة عيالهم ويحب أن تزهق أنفسهم وهم كافرون والمراد ويريد أن تنتقل أنفسهم من الدنيا عند الموت للبرزخ وهم مكذبون بحكمه حتى يدخلهم النار والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون "المعنى ويقسمون بالرب إنهم لمسلمين وما هم بمسلمين ولكنهم ناس ينفصلون ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين يحلفون والمراد يقسمون بالله فيقولون :والله إننا آمنا مثلكم مصداق لقوله بسورة البقرة "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا"ويبين لهم أن المنافقين ليسوا من المؤمنين ولكنهم قوم يفرقون والمراد ولكنهم ناس يختلفون عنكم فى الدين والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون "المعنى لو يلقون مأوى أى مخابىء أى مهربا لذهبوا له وهم يتسابقون،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين لو يجدون ملجأ أى مأمن وفسره بأنه مغارات أى مخابىء وفسره بأنه مدخل مكان للهرب إليه لولوا إليه وهم يجمحون والمراد لارتحلوا إليه وهم يتسابقون أى يتسارعون فى الرحيل .
"ومنهم من يلمزك فى الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون "المعنى ومنهم من يذمك فى العطايا فإن سلموا منها فرحوا وإن لم يسلموا إذا هم يغضبون،يبين الله لنبيه (ص)أن من المنافقين من يلمزك فى الصدقات والمراد منهم من يذمه بسبب توزيعه العادل للأموال فإن أعطوا منها والمراد فإن سلموا من الأموال بعضا رضوا أى فرحوا بما سلموا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون والمراد وإن لم يسلموا بعضا من الأموال إذا هم يغضبون أى يثورون والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"ولو أنهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا من فضله ورسوله إنا إلى ربنا راغبون "المعنى ولو أنهم قبلوا الذى أعطاهم الرب ونبيه (ص)وقالوا كافينا الرب سيعطينا من رزقه ونبيه (ص)إنا لرحمة إلهنا طالبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن المنافقين لو رضوا ما أتاهم الله ورسوله (ص)والمراد لو أخذوا الذى أعطاهم الله أى أعطاهم نبيه (ص)فالله قد حكمه فى توزيع المال وفسر رضاهم بقولهم :حسبنا الله سيؤتينا من فضله ورسوله (ص)والمراد كافينا أى واهبنا هو الله الذى حكم نبيه (ص)فى التوزيع سيعطينا من رحمته والمراد من رزقه ،إنا إلى ربنا راغبون والمراد إنا لرحمة وهى رزق إلهنا قاصدون أى طالبون وهذا يعنى أن يقروا بأن الله هو الرازق وأنهم يرغبون فى رحمته .
"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"المعنى إنما النفقات للعجزة والمحتاجين والجامعين لها والمركبة نفوسهم وفى العبيد والمديونين وفى دين الرب وولد الطريق حكم من الرب والرب خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أن الصدقات وهى النفقات المسماة الزكاة توزع على كل من :الفقراء وهم العجزة أصحاب العاهات الذين لا يستطيعون ضربا أى سعيا فى الأرض مصداق لقوله بسورة البقرة "للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الأرض ،والمساكين وهم العمال الذين لا يكفيهم العمل نفقات معيشتهم والدليل على عملهم قوله بسورة الكهف"أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر "والعاملين عليها وهم الجامعين للزكاة من الأغنياء الموزعين لها على أصحابها والمؤلفة قلوبهم وهم المركبة نفوسهم أى المجانين وليس الأغنياء لتأليف قلوبهم على الإسلام لأن الله أخبر نبيه (ص)أنه لو أنفق مال الأرض ما ألف القلوب فقال بنفس السورة "لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم "فكيف يعطيهم المال وقد أخبره أنه لا ينفع فى تأليف قلوبهم على الإسلام؟،وفى الرقاب والمراد وفى عتق العبيد رجالا ونساء وفى الغارمين وهم أصحاب الديون الذين لا يستطيعون سدادها وفى سبيل الله وهو نصر دين الله وهو كل وسائل القوة ومنها الدعوة للدين وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس له مال يوصله لبلده وهذا التوزيع هو فريضة من الله والمراد حكم واجب من الرب والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق والخطاب للنبى (ص)وما بعده.
"ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم "المعنى ومنهم الذين يذمون الرسول(ص)ويقولون هو سماعة قل سماعة أنفع لكم يصدق بالله ويصدق للمصدقين ونفع للذين صدقوا منكم والذين يذمون نبى الرب لهم عقاب شديد ،يبين الله للمؤمنين أن من المنافقين الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن والمراد ومنهم الذين يذمون الرسول(ص)فيقولون عنه هو سماعة والمراد سماعة للكلام ويبلغه ولا يترك منه شيئا وهو جنون فهم يذمونه بما هو مدح له وفى أذاهم قال بسورة آل عمران"ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ومن الذين أشركوا أذى كثيرا"ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم أذن خير لكم والمراد سماعة مبلغ للحق أفضل لكم من محرف أو ممتنع عن التبليغ ،يؤمن بالله والمراد يصدق بحكم الله ويؤمن للمؤمنين والمراد ويصدق كلام المصدقين بحكم الله ،ويبين للناس أن النبى (ص)رحمة للذين أمنوا منكم والمراد ونافع للذين صدقوا بحكم الله منكم بما يبلغه وبما يعمله لهم ،ويبين للناس أن الذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم والمراد والذين يذمون مبعوث الرب لهم عقاب مهين مصداق لقوله بسورة الأحزاب"إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ".
"يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين "المعنى يقسمون بالرب لكم ليعجبوكم والرب ونبيه (ص)أولى أن يطيعوه إن كانوا مصدقين ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين يحلفون بالله لهم والمراد يقسمون بالرب للمؤمنين والسبب أن يرضوهم أى أن يقبلوهم والمراد أن ينالوا استحسانهم مع أن الحق وهو الواجب أن يرضوا الله ورسوله (ص)والمراد أن يطيعوا حكم الله ونبيه (ص)؟إن كانوا مؤمنين أى إن كانوا صادقين فى زعمهم أنهم مصدقون بوحى الله مصداق لقوله القلم "إن كانوا صادقين " والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزى العظيم "المعنى ألم يعرفوا أنه من يعادى الرب ونبيه (ص)فإن له عذاب الجحيم مقيما فيها ذلك هو الذل الكبير ،يسأل الله ألم يعلموا أنه من يحادد والمراد هل لم يعرفوا أن من يشاقق أى يعصى حكم الله ونبيه (ص)فأن له نار جهنم خالدا فيها والمراد فإن مأواه عذاب النار مقيما فيه؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الكفار عرفوا مصير من يحادد الله فى الدنيا ويبين أن ذلك وهو دخول النار هو الخزى العظيم أى العذاب الأليم مصداق لقوله بسورة الحجر"وأن عذابى هو العذاب الأليم "
"يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون "المعنى يخاف المذبذبون أن توحى فيهم آيات تخبرهم بالذى فى نفوسهم قل اسخروا إن الرب مظهر الذى تخافون،يبين الله لنبيه (ص)أن المنافقون وهم المذبذبون بين الإسلام والكفر يحذروا أن تنزل عليهم سورة والمراد يخافوا أن توحى فيهم مجموعة آيات تنبئهم بما فى قلوبهم والمراد تخبرهم بالذى فى نفوسهم وهو الأضغان للمؤمنين ويطلب منه أن يقول لهم :استهزءوا أى اسخروا منا أى كذبونا إن الله مخرج ما تحذرون والمراد إن الرب مظهر الذى تخافون ظهوره وهو الأضغان التى كتموها مصداق لقوله بسورة محمد"أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم "وهذا يعنى أن الله أوحى فى المنافقين مجموعة آيات توضح ما فى قلوبهم تجاه المسلمين والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للمنافقين .
"ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون "المعنى ولئن استخبرتهم ليقولن إنما كنا نلهو أى نسخر ،قل هل بالله أى أحكامه أى بحكم مبعوثه كنتم تسخرون ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه لو سأل أى استخبر المنافقين لماذا تستهزءون بنا ؟ ليقولن :إنما كنا نخوض أى نتكلم أى نلعب والمراد نضحك أى نسخر فقط ويطلب منه أن يقول لهم فى حالة إجابتهم :أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون والمراد هل بحكم الرب أى أحكامه أى حكم نبيه (ص) تكذبون ؟والغرض من السؤال إخبارهم بحرمة الاستهزاء بحكم الله الذى هو آياته الذى هو حكم نبيه (ص).
"لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا قوما مجرمين "المعنى لا تبرروا قد كذبتم بعد تصديقكم إن نرحم جماعة منكم نعاقب جماعة بأنهم كانوا ناسا كافرين ،يطلب الله على لسان النبى(ص) من المنافقين ألا يعتذروا أى ألا يبرروا فعلهم الاستهزاء بأى مبرر لأنه غير مقبول ،ويقول لهم قد كفرتم بعد إيمانكم والمراد قد كذبتم الحق بعد تصديقكم به أى كما قال بنفس السورة "وكفروا بعد إسلامهم"،إن نعف عن طائفة منكم والمراد إن نتوب على جماعة منكم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ويعذب المنافقين إن شاء
أو يتوب عليهم "وهذا يعنى أنه إن يرحم الجماعة التى تعود للإسلام يعذب طائفة والمراد يعاقب جماعة والسبب أنهم كانوا قوما مجرمين أى كانوا ناسا كافرين بحكم الله حتى ماتوا فلم يعودوا للإسلام .
"المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون"المعنى المذبذبون والمذبذبات بعضهم أنصار بعض يعملون بالشر أى يبعدون عن الخير أى يمسكون أنفسهم ،تركوا حكم الله فعاقبهم إن المذبذبين هم الكافرون،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض والمراد أن المترددين والمترددات بين الإسلام والكفر بعضهم أنصار أى أولياء بعض مصداق لقوله بسورة الجاثية "والظالمين بعضهم أولياء بعض"يأمرون بالمنكر والمراد يعملون بالشر وهو الباطل وفسره هذا بأنهم ينهون عن المعروف والمراد يبتعدون عن عمل العدل وهو الخير أى الحق وفسر هذا بأنهم قبضوا أيديهم أى منعوا أنفسهم من اتباع الحق وفسرهم بأنهم نسوا الله أى تركوا طاعة حكم الله لذا نسيهم الله أى عاقبهم على كفرهم ويبين لنا أن المنافقين هم الفاسقون والمراد أن المذبذبين هم الكافرون بحكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم "المعنى أخبر الرب المذبذبين والمذبذبات والمكذبين عذاب الجحيم مقيمين فيه هو مأواهم أى عاقبهم الرب أى لهم عقاب مستمر ،يبين الله للمؤمنين أن الله وعد والمراد أخبر المنافقين والمنافقات وهم المذبذبين والمذبذبات بين الكفر والإسلام والكفار وهم المكذبين حكم الله علنا وباطنا نار جهنم خالدين فيها والمراد عذاب السعير مقيمين فيه هى حسبهم والمراد النار مأواهم أى مولاهم مصداق لقوله بسورة الحديد"مأواكم النار هى مولاكم"وفسر هذا بأنهم لعنهم أى غضب عليهم مصداق لقوله بسورة الفتح"وغضب الله عليهم" أى عاقبهم وفسر هذا بأنه لهم عذاب مقيم أى عقاب مستمر لا ينتهى .
"كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذى خاضوا أولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون"المعنى كالذين سبقوكم كانوا أكبر منكم بأسا وأكبر أملاكا وعيالا فتلذذوا بطيباتهم فتلذذتم بطيباتكم كما تلذذ الذين سبقوكم بطيباتهم أى عملتم كالذى عملوا أولئك خسرت أفعالهم فى الأولى والقيامة وأولئك هم المعذبون ،يبين الله للمنافقين والكفار أنهم كالذين من قبلهم أى سبقوهم فى الحياة استمتعوا بخلاقهم أى تلذذوا بطيباتهم فى الدنيا فى أنهم استمتعوا بخلاقهم والمراد فى أنهم تلذذوا بطيباتهم فى الدنيا فأذهبوا طيباتهم فى الآخرة مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أذهبتم طيباتكم فى الحياة الدنيا واستمتعتم بها "وفسر هذا بأنهم خاضوا كالذى خاضوا أى فعلوا كالذى فعل السابقون عليهم وهو الكفر لذا حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة والمراد لذا خسرت أى فسدت أفعالهم فى الأولى والقيامة ولذا هم الخاسرون أى المعذبون، وقد كانوا أشد منهم قوة أى أعظم منهم بأسا أى بطشا مصداق لقوله بسورة ق"أشد منهم بطشا"وأكثر أموالا وأولادا والمراد وأكبر أملاكا وعيالا وهذا يعنى أن الدول قبل عهد النبى (ص)كانوا أعظم قوة وأكثر مالا ونفرا من الكفار فى عهده والخطاب للكفار والمنافقين .
"ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "المعنى هل لم يبلغهم خبر الذين سبقوهم ناس نوح(ص)وعاد وثمود وشعب إبراهيم (ص)وأهل مدين وأهل لوط(ص) جاءتهم أنبياؤهم بالآيات فما كان الرب ليبخسهم ولكن كانوا ذواتهم يبخسون ،يسأل الله ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم والمراد هل لم يصل إلى مسامعهم قصص الذين سبقوهم فى الحياة قوم وهم شعب نوح(ص)وعاد وثمود وقوم وهم شعب إبراهيم (ص)وأصحاب وهم سكان مدين والمؤتفكات وهم أهل لوط(ص) أتتهم رسلهم بالبينات والمراد جاءتهم مبعوثوهم بالآيات وهى الكتاب المنير مصداق لقوله بسورة فاطر"جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر والكتاب المنير "فكفروا كما قال بسورة غافر"كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا"والغرض من السؤال هو إخبار الناس عن طريق تبليغ الوحى قصص الأقوام السابقة وكفرهم وهلاكهم بسبب كفرهم بما أتت به الرسل(ص)ويبين لنا أن الله ما كان ليظلم أى لينقص حقوق الأقوام شيئا ولكن الذى حدث هو أنهم كانوا أنفسهم يظلمون أى أنهم كانوا أنفسهم يهلكون أى يعذبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم" والخطاب للمؤمنين .
"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم "المعنى والمصدقون والمصدقات بعضهم أنصار بعض يعملون بالعدل أى يبتعدون عن الشر أى يطيعون الدين أى يعملون الحق أى يتبعون الرب ونبيه (ص)أولئك سينفعهم الرب إن الرب قوى قاضى ،يبين الله لنا أن المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض والمراد أن المصدقون والمصدقات بحكم الله بعضهم أنصار بعض يدافعون عن بعضهم يأمرون بالمعرف أى يعملون بالقسط وهو العدل مصداق لقوله بسورة آل عمران "يأمرون بالقسط"وفسر هذا بأنهم ينهون عن المنكر والمراد يبتعدون عن الشر وهو السوء مصداق لقوله بسورة الأعراف "ينهون عن السوء"وفسر هذا بأنهم يقيمون الصلاة أى يطيعون الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"وفسر هذا بأنهم يؤتون الزكاة أى يعملون العدل وفسر هذا بأنهم يطيعون أى يتبعون حكم الله ورسوله (ص)مصداق لقوله بسورة الأعراف"ويتبعون الرسول "وأولئك سيرحمهم الله والمراد سيدخلهم الله جناته مصداق لقوله بسورة النساء"والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات "إن الله عزيز حكيم أى قوى ناصر لمطيعيه قاضى بالحق .
" وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم "المعنى أخبر الرب المصدقين والمصدقات بحكمه حدائق تسير من تحتها العيون مقيمين فيها أى بيوت حسنة فى حدائق الخلود أى رحمة من الرب أعظم ذلك هو النصر الكبير ،يبين الله لنا أن الله وعد المؤمنين والمؤمنات جنات والمراد أخبر المصدقين والمصدقات لحكمه أن لهم الحسنى وهى الحدائق مصداق لقوله بسورة النساء"وكلا وعد الله الحسنى"وهى تجرى من تحتها الأنهار والمراد وهى تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيه أبدا"كما قال بسورة الكهف والمراد عائشين فيها وفسرها بأنها مساكن طيبة فى جنات عدن والمراد بيوت حسنة فى حدائق الخلود وفسرها بأنها رضوان من الله أكبر والمراد رحمة من الله أعظم أى أبقى مصداق لقوله بسورة القصص "وما عند ربك خير وأبقى" وذلك وهو دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير "والخطاب وما قبله للناس.
"يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير"المعنى يا أيها الرسول قاتل المكذبين والمذبذبين واشدد عليهم ومقامهم النار وساء المقام ،يخاطب الله النبى وهو محمد(ص)فيقول جاهد أى فقاتل فى سبيل الله كما قال بسورة النساء أى حارب الكفار وهم المكذبين بحكم الله والمنافقين وهم المذبذبين بين الإسلام والكفر واغلظ عليهم أى واشدد عليهم والمراد كما قال بنفس السورة "فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان"ومأواهم جهنم أى "ومأواهم النار"كما قال بسورة آل عمران والمراد ومقرهم وهو مقامهم النار وبئس المصير أى وساء أى وقبح المقام مصداق لقوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما" والخطاب للنبى(ص).
"يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والآخرة وما لهم فى الأرض من ولى ولا نصير "المعنى يقسمون بالرب ما تحدثوا ولقد تحدثوا بحكم التكذيب أى كذبوا بعد إيمانهم وأرادوا الذى لم يقدروا عليه وما غضبوا إلا أن أكثرهم الرب ونبيه (ص)من رزقه فإن يستغفروا يك أنفع لهم وإن يكفروا يعاقبهم الرب عقابا مهينا فى الأولى والقيامة وما لهم فى البلاد من واق أى منقذ ،يبين الله لنا أن المنافقين يحلفون بالله ما قالوا والمراد يقسموا بالله ما تحدثوا بحديث الكفر بحكم الله فيقولون والله ما كفرنا فى حديثنا وهم قد قالوا لكلمة الكفر والمراد قد تحدثوا حديث التكذيب بحكم الله وفسر الله هذا بأنهم كفروا بعد إسلامهم والمراد كذبوا بعد إيمانهم مصداق لقوله بنفس السورة "قد كفرتم بعد إيمانكم " وقد هم المنافقون بما لم ينالوا والمراد وقد أراد المنافقون الذى لم يقدروا على عمله وهو القضاء على المسلمين ،وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله والمراد وما كفروا إلا أن أعطاهم الرب ونبيه من رزقه الوفير وهذا يعنى أن سبب حقدهم وهو كفرهم هو كثرة عطايا النبى (ص)لهم المال بأمر من الله ويبين للمؤمنين أن المنافقين إن يتوبوا أى يرجعوا لإسلامهم يك خير لهم والمراد يصبح إسلامهم أنفع لهم فى الأجر وإن يتولوا يعذبهم عذابا أليما فى الدنيا والآخرة والمراد وإن يكفروا يعاقبهم عقابا مهينا فى الأولى هو قتلهم وأخذ مالهم وفى القيامة وهو دخولهم النار وما لهم فى الأرض من ولى ولا نصير والمراد وليس لهم فى البلاد منقذ أى واقى من العذاب مهما كانت قوته والخطاب للناس.
"ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون "المعنى ومنهم من واثق الرب لئن أعطانا من رزقه لننفقن و لنصبحن من المحسنين فلما أعطاهم من رزقه منعوه وخالفوا وهم مكذبون فأوجد فيهم مرضا فى نفوسهم إلى يوم يقابلونه بالذى نقضوا الرب الذى واثقوه وبالذى كانوا يكفرون ،يبين الله للمؤمنين أن من المنافقين من عاهد الله والمراد من واثق أى من قال لله:لئن أتيتنا من فضلك لنصدقن ولنكونن من الصالحين والمراد لئن أعطيتنا من رزقك لنفيدن منه الآخرين ولنصبحن من المحسنين وهم الطائعين لك أى "لنكونن من الشاكرين"كما قال بسورة الأنعام وهذا هى عبادة الله على حرف أى شرط وهى غير نافعة ،فلما أتاهم الله من فضله والمراد فلما أعطاهم الرب من رزقه الكثير بخلوا به أى منعوا عونه عن الناس مصداق لقوله بسورة الماعون"ويمنعون الماعون" وتولوا وهم معرضون والمراد وخالفوا حكم الله وهم مكذبون به وهو هنا حكم الصدقات لذا أعقبهم الله نفاق فى قلوبهم أى زادهم الرب مرضا فى نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "فزادهم الله مرضا"والمراد وضع فى نفوسهم حب النفاق إلى يوم يلقونه والمراد إلى يوم يدخلون عقابه والسبب ما أخلفوا الله ما وعدوه والمراد الذى خالفوا الرب الذى أخبروه وهو التصدق والصلاح وبما كانوا يكذبون أى وبالذى كانوا يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب "المعنى هل لم يعرفوا أن الرب يعرف خفيهم وحديثهم وأن الرب عراف المجهولات،يسأل الله ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم والمراد هل لم يعرف المنافقون أن الرب يعرف نيتهم وحديثهم الخافت وأن الله علام الغيوب والمراد وان الرب عارف المجهولات؟والغرض من السؤال إخبارنا أن المنافقين عرفوا علم الله بكل شىء ومع هذا تعمدوا تناسى هذا وفعلوا ما فعلوا.
"الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم "المعنى الذين يذمون المتبرعين من المصدقين بالنفقات والذين لا يلقون إلا عملهم أى يستهزءون بهم استهزىء الرب بهم أى لهم عقاب مهين ،يبين الله للنبى(ص) أن المنافقين هم الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم والمراد هم الذين يذمون أى يعيبون على المتبرعين من المصدقين بحكم الله بالأموال للجهاد ويعيبون على الذين لا يلقون سوى عملهم بأنفسهم دون دفع مال لحاجتهم وفسر الله يلمزون بأنهم يسخرون منهم أى يستهزءون أى يضحكون عليهم مصداق لقوله بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فلا هم يعجبهم الدافع أو الذى لا يدفع والله سخر منهم أى استهزى بالمنافقين أى عاقبهم وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"استغفر لهم أولا تستغفر إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدى القوم الفاسقين "المعنى استعفى لهم أو لا تستعفى يا محمد إن تستعفى لهم سبعين مرة فلن يرحمهم الرب السبب أنهم كذبوا بحكم الرب ونبيه (ص)والرب لا يرحم الناس الكافرين ،ييبن الله لنبيه (ص)أنه إن يستغفر للمنافقين أو لا يستغفر لهم والمراد إن يطلب ترك عقاب الله للمنافقين أو لا يطلب ترك العقاب فالله لن يغفر لهم أى لن يترك عقابهم حتى ولو استغفر سبعين مرة والمراد حتى ولو طلب ترك العقاب منه سبعين والعدد هنا ليس للتحديد وإنما رمز للكثرة مهما كانت ،ذلك وهو السبب فى عدم رحمتهم وهو ترك عقابهم هو أنهم كفروا بالله ورسوله (ص) والمراد أنهم كذبوا حكم الرب ونبيه (ص)والله لا يهدى القوم الفاسقين والمراد والرب لا يرحم أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "والله لا يهدى القوم الكافرين "وقوله بسورة آل عمران " فإن الله لا يحب الكافرين".
"فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون " المعنى سر القاعدون ببقائهم وراء نبى الله(ص)وبغضوا أن يقاتلوا بأملاكهم وذواتهم لنصر الرب وقالوا لا تخرجوا فى القيظ قل لهب النار أعظم حرارة لو كانوا يفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن المخلفون فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله (ص)والمراد أن القاعدون عن الجهاد سروا ببقائهم فى المدينة وراء نبى الله (ص)والسبب أنهم قد كرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والمراد أنهم قد مقتوا أن يقاتلوا بأملاكهم وحياتهم فى سبيل الله أى فى نصر دين الله وقالوا لبعضهم البعض:لا تنفروا فى الحر والمراد لا تخرجوا للجهاد وقت القيظ وهو الحرارة الشديدة ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون والمراد لهب الجحيم أعظم حرارة من حرارة الدنيا لو كانوا يفهمون الحق فيتبعونه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون "المعنى فليفرحوا قصيرا وليحزنوا طويلا عقابا على الذى كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن على المنافقين أن يضحكوا قليلا والمراد أن يفرحوا وقتا قصيرا هو وقت الدنيا لأنهم سيبكون كثيرا أى سيحزنون طويلا أى دائما فى النار جزاء بما كانوا يكسبون أى عقابا على الذى كانوا يعملون وهو الكفر مصداق لقوله بسورة الواقعة "جزاء بما كانوا يعملون ".
"فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج قل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين "المعنى فإن أعادك الرب إلى جمع منهم فاستسمحوك للذهاب معك قل لن تذهبوا معى ولن تحاربوا معى كارها إنكم قبلتم بالبقاء أسبق مرة فأقيموا مع القاعدين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن رجعه لطائفة منهم والمراد إن أعاده لبيوت جماعة من المنافقين لسبب ما فاستئذنوك للخروج والمراد فطلبوا منك السماح لهم بالذهاب للحرب معك فعليه أن يقول لهم لن تخرجوا معى أبدا والمراد لن تذهبوا معى إطلاقا وفسر هذا بقوله ولن تقاتلوا معى عدوا أى ولن تحاربوا معى كارها للمسلمين وهذا يعنى أن الله قد قدر أن لن يذهب منافق للحرب مع المسلمين والسبب فى منعهم من الخروج للجهاد:إنكم رضيتم بالقعود أول مرة والمراد أنكم قبلتم بالبقاء فى البلدة فى المرة السابقة التى طلبت منكم فيها الخروج فاقعدوا مع الخالفين أى فأقيموا مع القاعدين أى الباقين فى البلدة مصداق لقوله بنفس السورة "فاقعدوا مع القاعدين ".
"ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون "المعنى ولا تصل على واحد توفى منهم دوما ولا تقف عند مدفنه إنهم كذبوا بالرب ونبيه(ص)وتوفوا وهم كافرون ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا يصل على أحد من المنافقين مات أبدا والمراد ألا يصلى صلاة الجنازة على أى واحد توفى من المنافقين فى حياته دائما وألا يقم على قبره والمراد وألا يقف عند مدفن المنافق عند الدفن فترة وهذا يعنى وجوب صلاة الجنازة والوقوف عند قبر المسلم مدة فقط والسبب فى الصلاة على المنافقين وعد القيام عند قبورهم أنهم كفروا أى كذبوا الله ورسوله "(ص)كما قال بنفس السورة والمراد جحدوا حكم الرب ونبيه (ص)وماتوا وهم فاسقون أى وتوفوا وهم كافرون مصداق لقوله بنفس السورة "وتزهق أنفسهم وهم كافرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد أن يعذبهم بها فى الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون "المعنى ولا تغرك أملاكهم وعيالهم إنما يحب أن يعاقبهم بها فى الأولى وتخرج ذواتهم وهم مكذبون ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا تعجبه أموال وأولاد المنافقين والمراد ألا تخدعه كثرة أملاك المنافقين وكثرة عيالهم والسبب هو أن الله يريد أن يعذبهم بها فى الدنيا أى أن الرب يحب أن يعاقبهم بها فى الأولى فالمال عقابه هو تضييعه والأولاد عقاب المنافقين فيهم إما إسلام الأولاد أو إصابتهم بالمرض وغيره وهو يريد أن تزهق أنفسهم وهم كافرون أى والمراد يريد أن تنتقل أنفسهم من الدنيا للبرزخ وهم مكذبون بحكم الله حتى يدخلهم النار.
"وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا أن يكونوا من الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون "المعنى وإذ أوحيت آيات أن صدقوا بالرب وقاتلوا مع نبيه (ص)استسمحك أصحاب الغنى منهم وقالوا اتركنا نقيم مع المقيمين ،قبلوا أن يصبحوا من القاعدين أى ختم على عقولهم فهم لا يطيعون حكم الله ،يبين الله للمؤمنين أن إذا أنزلت سورة والمراد إذا أوحى قول يقول:أمنوا بالله والمراد صدقوا بحكم الرب وجاهدوا مع رسوله (ص)والمراد وقاتلوا مع نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة محمد"وإذ أنزلت سورة محكمة ذكر فيها القتال"كان رد فعل المنافقين هو أن يستئذن أولوا الطول منهم والمراد أن يطلب السماح بالقعود أهل الغنى منهم حيث قالوا :ذرنا نكن مع القاعدين والمراد اتركنا نقيم مع المقيمين فى المدينة وهم بهذا رضوا أن يكونوا من الخوالف والمراد أحبوا أن يصبحوا من القاعدين وفسر الله هذا بأنه طبع أى ختم على قلوبهم وهى نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "ختم الله على قلوبهم"فهم لا يفقهون أى فهم لا يعلمون كما قال بسورة التوبة "وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون"والمراد فهم لا يطيعون حكم الله فالله شاء عدم فقههم لأنهم شاءوا عدم طاعتهم للسورة مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله" والخطاب للنبى(ص).
"ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون "المعنى ويقسمون بالرب إنهم لمسلمين وما هم بمسلمين ولكنهم ناس ينفصلون ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين يحلفون والمراد يقسمون بالله فيقولون :والله إننا آمنا مثلكم مصداق لقوله بسورة البقرة "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا"ويبين لهم أن المنافقين ليسوا من المؤمنين ولكنهم قوم يفرقون والمراد ولكنهم ناس يختلفون عنكم فى الدين والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون "المعنى لو يلقون مأوى أى مخابىء أى مهربا لذهبوا له وهم يتسابقون،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين لو يجدون ملجأ أى مأمن وفسره بأنه مغارات أى مخابىء وفسره بأنه مدخل مكان للهرب إليه لولوا إليه وهم يجمحون والمراد لارتحلوا إليه وهم يتسابقون أى يتسارعون فى الرحيل .
"ومنهم من يلمزك فى الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون "المعنى ومنهم من يذمك فى العطايا فإن سلموا منها فرحوا وإن لم يسلموا إذا هم يغضبون،يبين الله لنبيه (ص)أن من المنافقين من يلمزك فى الصدقات والمراد منهم من يذمه بسبب توزيعه العادل للأموال فإن أعطوا منها والمراد فإن سلموا من الأموال بعضا رضوا أى فرحوا بما سلموا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون والمراد وإن لم يسلموا بعضا من الأموال إذا هم يغضبون أى يثورون والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"ولو أنهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا من فضله ورسوله إنا إلى ربنا راغبون "المعنى ولو أنهم قبلوا الذى أعطاهم الرب ونبيه (ص)وقالوا كافينا الرب سيعطينا من رزقه ونبيه (ص)إنا لرحمة إلهنا طالبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن المنافقين لو رضوا ما أتاهم الله ورسوله (ص)والمراد لو أخذوا الذى أعطاهم الله أى أعطاهم نبيه (ص)فالله قد حكمه فى توزيع المال وفسر رضاهم بقولهم :حسبنا الله سيؤتينا من فضله ورسوله (ص)والمراد كافينا أى واهبنا هو الله الذى حكم نبيه (ص)فى التوزيع سيعطينا من رحمته والمراد من رزقه ،إنا إلى ربنا راغبون والمراد إنا لرحمة وهى رزق إلهنا قاصدون أى طالبون وهذا يعنى أن يقروا بأن الله هو الرازق وأنهم يرغبون فى رحمته .
"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"المعنى إنما النفقات للعجزة والمحتاجين والجامعين لها والمركبة نفوسهم وفى العبيد والمديونين وفى دين الرب وولد الطريق حكم من الرب والرب خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أن الصدقات وهى النفقات المسماة الزكاة توزع على كل من :الفقراء وهم العجزة أصحاب العاهات الذين لا يستطيعون ضربا أى سعيا فى الأرض مصداق لقوله بسورة البقرة "للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الأرض ،والمساكين وهم العمال الذين لا يكفيهم العمل نفقات معيشتهم والدليل على عملهم قوله بسورة الكهف"أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر "والعاملين عليها وهم الجامعين للزكاة من الأغنياء الموزعين لها على أصحابها والمؤلفة قلوبهم وهم المركبة نفوسهم أى المجانين وليس الأغنياء لتأليف قلوبهم على الإسلام لأن الله أخبر نبيه (ص)أنه لو أنفق مال الأرض ما ألف القلوب فقال بنفس السورة "لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم "فكيف يعطيهم المال وقد أخبره أنه لا ينفع فى تأليف قلوبهم على الإسلام؟،وفى الرقاب والمراد وفى عتق العبيد رجالا ونساء وفى الغارمين وهم أصحاب الديون الذين لا يستطيعون سدادها وفى سبيل الله وهو نصر دين الله وهو كل وسائل القوة ومنها الدعوة للدين وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس له مال يوصله لبلده وهذا التوزيع هو فريضة من الله والمراد حكم واجب من الرب والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق والخطاب للنبى (ص)وما بعده.
"ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم "المعنى ومنهم الذين يذمون الرسول(ص)ويقولون هو سماعة قل سماعة أنفع لكم يصدق بالله ويصدق للمصدقين ونفع للذين صدقوا منكم والذين يذمون نبى الرب لهم عقاب شديد ،يبين الله للمؤمنين أن من المنافقين الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن والمراد ومنهم الذين يذمون الرسول(ص)فيقولون عنه هو سماعة والمراد سماعة للكلام ويبلغه ولا يترك منه شيئا وهو جنون فهم يذمونه بما هو مدح له وفى أذاهم قال بسورة آل عمران"ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ومن الذين أشركوا أذى كثيرا"ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم أذن خير لكم والمراد سماعة مبلغ للحق أفضل لكم من محرف أو ممتنع عن التبليغ ،يؤمن بالله والمراد يصدق بحكم الله ويؤمن للمؤمنين والمراد ويصدق كلام المصدقين بحكم الله ،ويبين للناس أن النبى (ص)رحمة للذين أمنوا منكم والمراد ونافع للذين صدقوا بحكم الله منكم بما يبلغه وبما يعمله لهم ،ويبين للناس أن الذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم والمراد والذين يذمون مبعوث الرب لهم عقاب مهين مصداق لقوله بسورة الأحزاب"إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ".
"يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين "المعنى يقسمون بالرب لكم ليعجبوكم والرب ونبيه (ص)أولى أن يطيعوه إن كانوا مصدقين ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين يحلفون بالله لهم والمراد يقسمون بالرب للمؤمنين والسبب أن يرضوهم أى أن يقبلوهم والمراد أن ينالوا استحسانهم مع أن الحق وهو الواجب أن يرضوا الله ورسوله (ص)والمراد أن يطيعوا حكم الله ونبيه (ص)؟إن كانوا مؤمنين أى إن كانوا صادقين فى زعمهم أنهم مصدقون بوحى الله مصداق لقوله القلم "إن كانوا صادقين " والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزى العظيم "المعنى ألم يعرفوا أنه من يعادى الرب ونبيه (ص)فإن له عذاب الجحيم مقيما فيها ذلك هو الذل الكبير ،يسأل الله ألم يعلموا أنه من يحادد والمراد هل لم يعرفوا أن من يشاقق أى يعصى حكم الله ونبيه (ص)فأن له نار جهنم خالدا فيها والمراد فإن مأواه عذاب النار مقيما فيه؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الكفار عرفوا مصير من يحادد الله فى الدنيا ويبين أن ذلك وهو دخول النار هو الخزى العظيم أى العذاب الأليم مصداق لقوله بسورة الحجر"وأن عذابى هو العذاب الأليم "
"يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون "المعنى يخاف المذبذبون أن توحى فيهم آيات تخبرهم بالذى فى نفوسهم قل اسخروا إن الرب مظهر الذى تخافون،يبين الله لنبيه (ص)أن المنافقون وهم المذبذبون بين الإسلام والكفر يحذروا أن تنزل عليهم سورة والمراد يخافوا أن توحى فيهم مجموعة آيات تنبئهم بما فى قلوبهم والمراد تخبرهم بالذى فى نفوسهم وهو الأضغان للمؤمنين ويطلب منه أن يقول لهم :استهزءوا أى اسخروا منا أى كذبونا إن الله مخرج ما تحذرون والمراد إن الرب مظهر الذى تخافون ظهوره وهو الأضغان التى كتموها مصداق لقوله بسورة محمد"أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم "وهذا يعنى أن الله أوحى فى المنافقين مجموعة آيات توضح ما فى قلوبهم تجاه المسلمين والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للمنافقين .
"ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون "المعنى ولئن استخبرتهم ليقولن إنما كنا نلهو أى نسخر ،قل هل بالله أى أحكامه أى بحكم مبعوثه كنتم تسخرون ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه لو سأل أى استخبر المنافقين لماذا تستهزءون بنا ؟ ليقولن :إنما كنا نخوض أى نتكلم أى نلعب والمراد نضحك أى نسخر فقط ويطلب منه أن يقول لهم فى حالة إجابتهم :أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون والمراد هل بحكم الرب أى أحكامه أى حكم نبيه (ص) تكذبون ؟والغرض من السؤال إخبارهم بحرمة الاستهزاء بحكم الله الذى هو آياته الذى هو حكم نبيه (ص).
"لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا قوما مجرمين "المعنى لا تبرروا قد كذبتم بعد تصديقكم إن نرحم جماعة منكم نعاقب جماعة بأنهم كانوا ناسا كافرين ،يطلب الله على لسان النبى(ص) من المنافقين ألا يعتذروا أى ألا يبرروا فعلهم الاستهزاء بأى مبرر لأنه غير مقبول ،ويقول لهم قد كفرتم بعد إيمانكم والمراد قد كذبتم الحق بعد تصديقكم به أى كما قال بنفس السورة "وكفروا بعد إسلامهم"،إن نعف عن طائفة منكم والمراد إن نتوب على جماعة منكم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ويعذب المنافقين إن شاء
أو يتوب عليهم "وهذا يعنى أنه إن يرحم الجماعة التى تعود للإسلام يعذب طائفة والمراد يعاقب جماعة والسبب أنهم كانوا قوما مجرمين أى كانوا ناسا كافرين بحكم الله حتى ماتوا فلم يعودوا للإسلام .
"المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون"المعنى المذبذبون والمذبذبات بعضهم أنصار بعض يعملون بالشر أى يبعدون عن الخير أى يمسكون أنفسهم ،تركوا حكم الله فعاقبهم إن المذبذبين هم الكافرون،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض والمراد أن المترددين والمترددات بين الإسلام والكفر بعضهم أنصار أى أولياء بعض مصداق لقوله بسورة الجاثية "والظالمين بعضهم أولياء بعض"يأمرون بالمنكر والمراد يعملون بالشر وهو الباطل وفسره هذا بأنهم ينهون عن المعروف والمراد يبتعدون عن عمل العدل وهو الخير أى الحق وفسر هذا بأنهم قبضوا أيديهم أى منعوا أنفسهم من اتباع الحق وفسرهم بأنهم نسوا الله أى تركوا طاعة حكم الله لذا نسيهم الله أى عاقبهم على كفرهم ويبين لنا أن المنافقين هم الفاسقون والمراد أن المذبذبين هم الكافرون بحكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم "المعنى أخبر الرب المذبذبين والمذبذبات والمكذبين عذاب الجحيم مقيمين فيه هو مأواهم أى عاقبهم الرب أى لهم عقاب مستمر ،يبين الله للمؤمنين أن الله وعد والمراد أخبر المنافقين والمنافقات وهم المذبذبين والمذبذبات بين الكفر والإسلام والكفار وهم المكذبين حكم الله علنا وباطنا نار جهنم خالدين فيها والمراد عذاب السعير مقيمين فيه هى حسبهم والمراد النار مأواهم أى مولاهم مصداق لقوله بسورة الحديد"مأواكم النار هى مولاكم"وفسر هذا بأنهم لعنهم أى غضب عليهم مصداق لقوله بسورة الفتح"وغضب الله عليهم" أى عاقبهم وفسر هذا بأنه لهم عذاب مقيم أى عقاب مستمر لا ينتهى .
"كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذى خاضوا أولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون"المعنى كالذين سبقوكم كانوا أكبر منكم بأسا وأكبر أملاكا وعيالا فتلذذوا بطيباتهم فتلذذتم بطيباتكم كما تلذذ الذين سبقوكم بطيباتهم أى عملتم كالذى عملوا أولئك خسرت أفعالهم فى الأولى والقيامة وأولئك هم المعذبون ،يبين الله للمنافقين والكفار أنهم كالذين من قبلهم أى سبقوهم فى الحياة استمتعوا بخلاقهم أى تلذذوا بطيباتهم فى الدنيا فى أنهم استمتعوا بخلاقهم والمراد فى أنهم تلذذوا بطيباتهم فى الدنيا فأذهبوا طيباتهم فى الآخرة مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أذهبتم طيباتكم فى الحياة الدنيا واستمتعتم بها "وفسر هذا بأنهم خاضوا كالذى خاضوا أى فعلوا كالذى فعل السابقون عليهم وهو الكفر لذا حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة والمراد لذا خسرت أى فسدت أفعالهم فى الأولى والقيامة ولذا هم الخاسرون أى المعذبون، وقد كانوا أشد منهم قوة أى أعظم منهم بأسا أى بطشا مصداق لقوله بسورة ق"أشد منهم بطشا"وأكثر أموالا وأولادا والمراد وأكبر أملاكا وعيالا وهذا يعنى أن الدول قبل عهد النبى (ص)كانوا أعظم قوة وأكثر مالا ونفرا من الكفار فى عهده والخطاب للكفار والمنافقين .
"ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "المعنى هل لم يبلغهم خبر الذين سبقوهم ناس نوح(ص)وعاد وثمود وشعب إبراهيم (ص)وأهل مدين وأهل لوط(ص) جاءتهم أنبياؤهم بالآيات فما كان الرب ليبخسهم ولكن كانوا ذواتهم يبخسون ،يسأل الله ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم والمراد هل لم يصل إلى مسامعهم قصص الذين سبقوهم فى الحياة قوم وهم شعب نوح(ص)وعاد وثمود وقوم وهم شعب إبراهيم (ص)وأصحاب وهم سكان مدين والمؤتفكات وهم أهل لوط(ص) أتتهم رسلهم بالبينات والمراد جاءتهم مبعوثوهم بالآيات وهى الكتاب المنير مصداق لقوله بسورة فاطر"جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر والكتاب المنير "فكفروا كما قال بسورة غافر"كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا"والغرض من السؤال هو إخبار الناس عن طريق تبليغ الوحى قصص الأقوام السابقة وكفرهم وهلاكهم بسبب كفرهم بما أتت به الرسل(ص)ويبين لنا أن الله ما كان ليظلم أى لينقص حقوق الأقوام شيئا ولكن الذى حدث هو أنهم كانوا أنفسهم يظلمون أى أنهم كانوا أنفسهم يهلكون أى يعذبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم" والخطاب للمؤمنين .
"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم "المعنى والمصدقون والمصدقات بعضهم أنصار بعض يعملون بالعدل أى يبتعدون عن الشر أى يطيعون الدين أى يعملون الحق أى يتبعون الرب ونبيه (ص)أولئك سينفعهم الرب إن الرب قوى قاضى ،يبين الله لنا أن المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض والمراد أن المصدقون والمصدقات بحكم الله بعضهم أنصار بعض يدافعون عن بعضهم يأمرون بالمعرف أى يعملون بالقسط وهو العدل مصداق لقوله بسورة آل عمران "يأمرون بالقسط"وفسر هذا بأنهم ينهون عن المنكر والمراد يبتعدون عن الشر وهو السوء مصداق لقوله بسورة الأعراف "ينهون عن السوء"وفسر هذا بأنهم يقيمون الصلاة أى يطيعون الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"وفسر هذا بأنهم يؤتون الزكاة أى يعملون العدل وفسر هذا بأنهم يطيعون أى يتبعون حكم الله ورسوله (ص)مصداق لقوله بسورة الأعراف"ويتبعون الرسول "وأولئك سيرحمهم الله والمراد سيدخلهم الله جناته مصداق لقوله بسورة النساء"والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات "إن الله عزيز حكيم أى قوى ناصر لمطيعيه قاضى بالحق .
" وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم "المعنى أخبر الرب المصدقين والمصدقات بحكمه حدائق تسير من تحتها العيون مقيمين فيها أى بيوت حسنة فى حدائق الخلود أى رحمة من الرب أعظم ذلك هو النصر الكبير ،يبين الله لنا أن الله وعد المؤمنين والمؤمنات جنات والمراد أخبر المصدقين والمصدقات لحكمه أن لهم الحسنى وهى الحدائق مصداق لقوله بسورة النساء"وكلا وعد الله الحسنى"وهى تجرى من تحتها الأنهار والمراد وهى تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيه أبدا"كما قال بسورة الكهف والمراد عائشين فيها وفسرها بأنها مساكن طيبة فى جنات عدن والمراد بيوت حسنة فى حدائق الخلود وفسرها بأنها رضوان من الله أكبر والمراد رحمة من الله أعظم أى أبقى مصداق لقوله بسورة القصص "وما عند ربك خير وأبقى" وذلك وهو دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير "والخطاب وما قبله للناس.
"يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير"المعنى يا أيها الرسول قاتل المكذبين والمذبذبين واشدد عليهم ومقامهم النار وساء المقام ،يخاطب الله النبى وهو محمد(ص)فيقول جاهد أى فقاتل فى سبيل الله كما قال بسورة النساء أى حارب الكفار وهم المكذبين بحكم الله والمنافقين وهم المذبذبين بين الإسلام والكفر واغلظ عليهم أى واشدد عليهم والمراد كما قال بنفس السورة "فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان"ومأواهم جهنم أى "ومأواهم النار"كما قال بسورة آل عمران والمراد ومقرهم وهو مقامهم النار وبئس المصير أى وساء أى وقبح المقام مصداق لقوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما" والخطاب للنبى(ص).
"يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والآخرة وما لهم فى الأرض من ولى ولا نصير "المعنى يقسمون بالرب ما تحدثوا ولقد تحدثوا بحكم التكذيب أى كذبوا بعد إيمانهم وأرادوا الذى لم يقدروا عليه وما غضبوا إلا أن أكثرهم الرب ونبيه (ص)من رزقه فإن يستغفروا يك أنفع لهم وإن يكفروا يعاقبهم الرب عقابا مهينا فى الأولى والقيامة وما لهم فى البلاد من واق أى منقذ ،يبين الله لنا أن المنافقين يحلفون بالله ما قالوا والمراد يقسموا بالله ما تحدثوا بحديث الكفر بحكم الله فيقولون والله ما كفرنا فى حديثنا وهم قد قالوا لكلمة الكفر والمراد قد تحدثوا حديث التكذيب بحكم الله وفسر الله هذا بأنهم كفروا بعد إسلامهم والمراد كذبوا بعد إيمانهم مصداق لقوله بنفس السورة "قد كفرتم بعد إيمانكم " وقد هم المنافقون بما لم ينالوا والمراد وقد أراد المنافقون الذى لم يقدروا على عمله وهو القضاء على المسلمين ،وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله والمراد وما كفروا إلا أن أعطاهم الرب ونبيه من رزقه الوفير وهذا يعنى أن سبب حقدهم وهو كفرهم هو كثرة عطايا النبى (ص)لهم المال بأمر من الله ويبين للمؤمنين أن المنافقين إن يتوبوا أى يرجعوا لإسلامهم يك خير لهم والمراد يصبح إسلامهم أنفع لهم فى الأجر وإن يتولوا يعذبهم عذابا أليما فى الدنيا والآخرة والمراد وإن يكفروا يعاقبهم عقابا مهينا فى الأولى هو قتلهم وأخذ مالهم وفى القيامة وهو دخولهم النار وما لهم فى الأرض من ولى ولا نصير والمراد وليس لهم فى البلاد منقذ أى واقى من العذاب مهما كانت قوته والخطاب للناس.
"ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون "المعنى ومنهم من واثق الرب لئن أعطانا من رزقه لننفقن و لنصبحن من المحسنين فلما أعطاهم من رزقه منعوه وخالفوا وهم مكذبون فأوجد فيهم مرضا فى نفوسهم إلى يوم يقابلونه بالذى نقضوا الرب الذى واثقوه وبالذى كانوا يكفرون ،يبين الله للمؤمنين أن من المنافقين من عاهد الله والمراد من واثق أى من قال لله:لئن أتيتنا من فضلك لنصدقن ولنكونن من الصالحين والمراد لئن أعطيتنا من رزقك لنفيدن منه الآخرين ولنصبحن من المحسنين وهم الطائعين لك أى "لنكونن من الشاكرين"كما قال بسورة الأنعام وهذا هى عبادة الله على حرف أى شرط وهى غير نافعة ،فلما أتاهم الله من فضله والمراد فلما أعطاهم الرب من رزقه الكثير بخلوا به أى منعوا عونه عن الناس مصداق لقوله بسورة الماعون"ويمنعون الماعون" وتولوا وهم معرضون والمراد وخالفوا حكم الله وهم مكذبون به وهو هنا حكم الصدقات لذا أعقبهم الله نفاق فى قلوبهم أى زادهم الرب مرضا فى نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "فزادهم الله مرضا"والمراد وضع فى نفوسهم حب النفاق إلى يوم يلقونه والمراد إلى يوم يدخلون عقابه والسبب ما أخلفوا الله ما وعدوه والمراد الذى خالفوا الرب الذى أخبروه وهو التصدق والصلاح وبما كانوا يكذبون أى وبالذى كانوا يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب "المعنى هل لم يعرفوا أن الرب يعرف خفيهم وحديثهم وأن الرب عراف المجهولات،يسأل الله ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم والمراد هل لم يعرف المنافقون أن الرب يعرف نيتهم وحديثهم الخافت وأن الله علام الغيوب والمراد وان الرب عارف المجهولات؟والغرض من السؤال إخبارنا أن المنافقين عرفوا علم الله بكل شىء ومع هذا تعمدوا تناسى هذا وفعلوا ما فعلوا.
"الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم "المعنى الذين يذمون المتبرعين من المصدقين بالنفقات والذين لا يلقون إلا عملهم أى يستهزءون بهم استهزىء الرب بهم أى لهم عقاب مهين ،يبين الله للنبى(ص) أن المنافقين هم الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم والمراد هم الذين يذمون أى يعيبون على المتبرعين من المصدقين بحكم الله بالأموال للجهاد ويعيبون على الذين لا يلقون سوى عملهم بأنفسهم دون دفع مال لحاجتهم وفسر الله يلمزون بأنهم يسخرون منهم أى يستهزءون أى يضحكون عليهم مصداق لقوله بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فلا هم يعجبهم الدافع أو الذى لا يدفع والله سخر منهم أى استهزى بالمنافقين أى عاقبهم وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"استغفر لهم أولا تستغفر إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدى القوم الفاسقين "المعنى استعفى لهم أو لا تستعفى يا محمد إن تستعفى لهم سبعين مرة فلن يرحمهم الرب السبب أنهم كذبوا بحكم الرب ونبيه (ص)والرب لا يرحم الناس الكافرين ،ييبن الله لنبيه (ص)أنه إن يستغفر للمنافقين أو لا يستغفر لهم والمراد إن يطلب ترك عقاب الله للمنافقين أو لا يطلب ترك العقاب فالله لن يغفر لهم أى لن يترك عقابهم حتى ولو استغفر سبعين مرة والمراد حتى ولو طلب ترك العقاب منه سبعين والعدد هنا ليس للتحديد وإنما رمز للكثرة مهما كانت ،ذلك وهو السبب فى عدم رحمتهم وهو ترك عقابهم هو أنهم كفروا بالله ورسوله (ص) والمراد أنهم كذبوا حكم الرب ونبيه (ص)والله لا يهدى القوم الفاسقين والمراد والرب لا يرحم أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "والله لا يهدى القوم الكافرين "وقوله بسورة آل عمران " فإن الله لا يحب الكافرين".
"فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون " المعنى سر القاعدون ببقائهم وراء نبى الله(ص)وبغضوا أن يقاتلوا بأملاكهم وذواتهم لنصر الرب وقالوا لا تخرجوا فى القيظ قل لهب النار أعظم حرارة لو كانوا يفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن المخلفون فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله (ص)والمراد أن القاعدون عن الجهاد سروا ببقائهم فى المدينة وراء نبى الله (ص)والسبب أنهم قد كرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والمراد أنهم قد مقتوا أن يقاتلوا بأملاكهم وحياتهم فى سبيل الله أى فى نصر دين الله وقالوا لبعضهم البعض:لا تنفروا فى الحر والمراد لا تخرجوا للجهاد وقت القيظ وهو الحرارة الشديدة ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون والمراد لهب الجحيم أعظم حرارة من حرارة الدنيا لو كانوا يفهمون الحق فيتبعونه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون "المعنى فليفرحوا قصيرا وليحزنوا طويلا عقابا على الذى كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن على المنافقين أن يضحكوا قليلا والمراد أن يفرحوا وقتا قصيرا هو وقت الدنيا لأنهم سيبكون كثيرا أى سيحزنون طويلا أى دائما فى النار جزاء بما كانوا يكسبون أى عقابا على الذى كانوا يعملون وهو الكفر مصداق لقوله بسورة الواقعة "جزاء بما كانوا يعملون ".
"فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج قل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين "المعنى فإن أعادك الرب إلى جمع منهم فاستسمحوك للذهاب معك قل لن تذهبوا معى ولن تحاربوا معى كارها إنكم قبلتم بالبقاء أسبق مرة فأقيموا مع القاعدين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن رجعه لطائفة منهم والمراد إن أعاده لبيوت جماعة من المنافقين لسبب ما فاستئذنوك للخروج والمراد فطلبوا منك السماح لهم بالذهاب للحرب معك فعليه أن يقول لهم لن تخرجوا معى أبدا والمراد لن تذهبوا معى إطلاقا وفسر هذا بقوله ولن تقاتلوا معى عدوا أى ولن تحاربوا معى كارها للمسلمين وهذا يعنى أن الله قد قدر أن لن يذهب منافق للحرب مع المسلمين والسبب فى منعهم من الخروج للجهاد:إنكم رضيتم بالقعود أول مرة والمراد أنكم قبلتم بالبقاء فى البلدة فى المرة السابقة التى طلبت منكم فيها الخروج فاقعدوا مع الخالفين أى فأقيموا مع القاعدين أى الباقين فى البلدة مصداق لقوله بنفس السورة "فاقعدوا مع القاعدين ".
"ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون "المعنى ولا تصل على واحد توفى منهم دوما ولا تقف عند مدفنه إنهم كذبوا بالرب ونبيه(ص)وتوفوا وهم كافرون ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا يصل على أحد من المنافقين مات أبدا والمراد ألا يصلى صلاة الجنازة على أى واحد توفى من المنافقين فى حياته دائما وألا يقم على قبره والمراد وألا يقف عند مدفن المنافق عند الدفن فترة وهذا يعنى وجوب صلاة الجنازة والوقوف عند قبر المسلم مدة فقط والسبب فى الصلاة على المنافقين وعد القيام عند قبورهم أنهم كفروا أى كذبوا الله ورسوله "(ص)كما قال بنفس السورة والمراد جحدوا حكم الرب ونبيه (ص)وماتوا وهم فاسقون أى وتوفوا وهم كافرون مصداق لقوله بنفس السورة "وتزهق أنفسهم وهم كافرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد أن يعذبهم بها فى الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون "المعنى ولا تغرك أملاكهم وعيالهم إنما يحب أن يعاقبهم بها فى الأولى وتخرج ذواتهم وهم مكذبون ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا تعجبه أموال وأولاد المنافقين والمراد ألا تخدعه كثرة أملاك المنافقين وكثرة عيالهم والسبب هو أن الله يريد أن يعذبهم بها فى الدنيا أى أن الرب يحب أن يعاقبهم بها فى الأولى فالمال عقابه هو تضييعه والأولاد عقاب المنافقين فيهم إما إسلام الأولاد أو إصابتهم بالمرض وغيره وهو يريد أن تزهق أنفسهم وهم كافرون أى والمراد يريد أن تنتقل أنفسهم من الدنيا للبرزخ وهم مكذبون بحكم الله حتى يدخلهم النار.
"وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا أن يكونوا من الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون "المعنى وإذ أوحيت آيات أن صدقوا بالرب وقاتلوا مع نبيه (ص)استسمحك أصحاب الغنى منهم وقالوا اتركنا نقيم مع المقيمين ،قبلوا أن يصبحوا من القاعدين أى ختم على عقولهم فهم لا يطيعون حكم الله ،يبين الله للمؤمنين أن إذا أنزلت سورة والمراد إذا أوحى قول يقول:أمنوا بالله والمراد صدقوا بحكم الرب وجاهدوا مع رسوله (ص)والمراد وقاتلوا مع نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة محمد"وإذ أنزلت سورة محكمة ذكر فيها القتال"كان رد فعل المنافقين هو أن يستئذن أولوا الطول منهم والمراد أن يطلب السماح بالقعود أهل الغنى منهم حيث قالوا :ذرنا نكن مع القاعدين والمراد اتركنا نقيم مع المقيمين فى المدينة وهم بهذا رضوا أن يكونوا من الخوالف والمراد أحبوا أن يصبحوا من القاعدين وفسر الله هذا بأنه طبع أى ختم على قلوبهم وهى نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "ختم الله على قلوبهم"فهم لا يفقهون أى فهم لا يعلمون كما قال بسورة التوبة "وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون"والمراد فهم لا يطيعون حكم الله فالله شاء عدم فقههم لأنهم شاءوا عدم طاعتهم للسورة مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله" والخطاب للنبى(ص).