قراءة في كتاب الإبانة في أحوال الفصائل في باب الاستعانة
المؤلف عبد الله المحيسنى وموضوع الكتاب هو التكفير بين الغلو والتفريط وهو سبب تأليف الكتاب كما قال :
"أما بعد:
سبب كتابة هذه الورقات هو الواقع المعاصر الذي تعيشه أمتنا الإسلامية، لا سيما في هذا الباب الخطير، ألا وهو: (التكفير)، فلا يخفى أن الناس فيه طرفان ووسط، طرف غلا في التكفير، وأعمل سيف التكفير في رقاب الناس بغير حق، فوقع في قول النبي (ص): "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".
وطرف آخر ألغى حكم التكفير من كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن سنة رسوله (ص)، فلم يكد يطلق حكم التكفير إلا على اليهودي والنصراني، وألغى حكم الردة ونواقض الإسلام من دين الله سبحانه وتعالى.
ودين الله وسط بين الغلو والإرجاء، ولن نتكلم عن جملة هذا الباب - أعني باب التكفير -، ولكن عن مدخل ومزلق خطير، رأينا أن كثيرا من إخواننا في أرض الشام قد انزلقوا فيه.
وقبل الحديث عن خصوص هذا المزلق، لا بد لنا من التنبيه على مسألة التكفير بغير حق بشكل عام، وخطورة هذا الباب، فما زال العلماء يحذرون من الانزلاق في هذا الباب، ومن تقحمه بغير علم شرعي"
وتحدث المحيسنى عن أن المجاهدين يسألون عن مسائل يعتبرها صغيرة ثم يسألون عن مسائل الولاء والبراء وتكفير الناس فقال :
"وإنني أقول:
إن من البلايا والرزايا ما بلي به المسلمون من تقحم أغرار لم يأخذوا من العلم شبرا في هذا الأمر العظيم - التكفير بغير حق -، بينما رأينا ونرى أن أهل العلم الذين رسخت أقدامهم فيه يكونون أشد تورعا في هذا الشأن، وذلك لعظيم خطره .. ووالله إن مما يندى له الجبين؛ أن نرى بعض المجاهدين يسأل ويستفتي في مسائل من أدق مسائل الفروع، كمسائل المسح على الخفين، ومسائل الجورب الفوقاني والجورب التحتاني،وغير ذلك من المسائل، ثم إذا جاءت مسألة التكفير؛ تصدر لها، بل وعقد الولاء والبراء على الأشخاص عليها، فمن لم يكفر فلانا فهو مرجئ، ومن كفره فهو على المنهج، وجعل المنهج الحق هو في تكفير فلان أو فلان، وليس ذلك من دين الله في شيء"
وتحدث عن اختلاف الفقهاء في تكفير بعض الأشخاص قديما فقال:
"بل ما زال العلماء رحمهم الله يختلفون في تكفير كثير من أهل الضلال، فهذا الإمام الشافعي كفر حفص الفرد، ولم يتفق أهل زمانه على ذلك، ومن ذلك اختلاف السلف الصالح في تكفير الحجاج كما نقل ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان، فابن جبير ومن معه لما كفروا الحجاج لم يلزموا الحسن وغيره التبرؤ منه ولا حكموا على الحسن ببدعة ولا غيرها، وكفر الحجاج بعض التابعين؛ كطاووس والشعبي ومجاهد وسعيد بن جبير، ولم يكفره ابن عمر ولم يقل أحد بكفر ابن عمر بحجة أنه (من لم يكفر الكافر)، فما زال العلماء يختلفون في حكمهم على الرجال من غير أن يخون بعضهم بعضا ويتهم بعضهم بعضا، بالغلو أو الإرجاء ولن ندخل في هذا الباب طويلا .."
وحذر المحيسنى عن التسرع في تكفير الناس فقال :
" أيها المجاهد في سبيل الله، ويا طالب الحق، سواء كنت في ساحات الجهاد أو غيرها، يقول الإمام الشوكاني محذرا من التسرع في التكفير: (اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر، وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير).
ويقول أبو حامد الغزالي: (ولا يسارع إلى التكفير إلا الجهلة، فينبغي الاحتراز من التكفير ما وجد الإنسان إلى ذلك سبيلا، فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة خطأ والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم).
وتحدث عن وجوب تطبيق معايير الكفر فقال :
"فاعلم أنه يجب عليك قبل الحكم على المسلم بكفر أن يتحقق تطابق معايير الكفر على الفعل والفاعل لذلك الذي يراه كفرا، وذلك بأن ينظر في أمور:
1 - تحقق وقوع الفعل المكفر من الفاعل ببينة لا إشاعة وقيل وقال.
2 - دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر.
3 - انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين، بحيث تتم شروط التكفير في حقه، وتنتفي الموانع.
يقول الإمام العلامة العلوان فك الله أسره في التبيان: (ليس كل من فعل مكفرا حكم بكفره؛ إذ القول أو الفعل قد يكون كفرا؛ لكن لا يطلق الكفر على القائل أو الفاعل إلا بشرطه).
وقال ابن تيمية في الفتاوى (12/ 487): (التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه)"
وما قاله عن عدم التكفير بالأفعال هو ضرب من الوهم فكل من ارتكب ذنب يكون كافرا ساعة ارتكاب فمن يرتكب الزنى لا يرتكبه وهو مؤمن ومن يسرق لا يسرق وهو مؤمن وهكذا ويظل كافرا حتى يتوب منه طال الوقت أو قصر والمسلمين يتوبون ويستغفرون بعد وقت قليل كما قال تعالى :
"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"
وأما المصرين على الذنوب فيظلون كفرة حتى يتوبوا أو يتم إعلانهم كفار من قبل القضاء بسبب رفضهم الاعتراف بالذنوب والتوبة منها حتى بعد ثباتها عليهم وتطبيق حكم الله فيهم وفى هذا قال تعالى :
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
وتحدث عن استعانة المسلم بالكافر في القتال فقال :
أما المدخل الذي قد أنزلق فيه كثير من المجاهدين ألا وهو مسألة الاستعانة ونعني بالاستعانة هو استعانة المسلم المجاهد في سبيل الله بالكافر ولها صور لا يستطيع طالب الحق إدراك كنه هذا الباب إلا بالإحاطة بها فصور الاستعانة كما يلي:
الصورة الأولى: الاستعانة بالكافر على قتال الكافر، ولتتضح هذه الصورة من صور الاستعانة؛ نضرب لها مثالا واقعا في الشام، فهي كأن يأتي فصيل من الفصائل المقاتلة في الشام، ويأخذ شحنة من الأسلحة من جهة داعمة - وهذه الجهة كافرة بالله -، فيؤخذ الدعم منهم لقتال بشار من دون أن يكون ممثلا أو معترفا بتلك الجهة الداعمة، فهذه المسألة بهذه الصورة هي من مسائل الاستعانة.
تنبيهان:
1 - إن اعترف الفصيل بتلك الجهة الكافرة، وصار ممثلا لها، معترفا ببنودها ومشروعها، فهو جندي لها، وحكمه حكمها، وهو غير داخل في مسألة الاستعانة حينئذ.
2 - فرق بين الاستعانة والعمالة ..
أ- فالاستعانة التي يدور حولها حديث أهل العلم هي أن يكون الفصيل المجاهد قائم بجهاده بذاته، ويتقبل الدعم من الجهة الخارجية دون قيد أو اعتراف أو شرط ..
ب - أما العمالة: بأن يكون الفصيل قائم بالداعم معتمد عليه فكفالات جنوده يتلقاها من الخارج وسياراته من الخارج بل وطعام جنوده من الخارج، لا يفتح معركة إلا بإذن داعمه، فهذا ليس من باب الاستعانة بل العمالة ولو لم يكن ثمة شروط في بداية الأمر إلا أن من هذا حاله فإنه في أي لحظه يقطع دعمه ينهار فهو يخير بين ما يريد داعمه أو الانهيار .. فليست هذه الصورة محل حديثنا ..
وقد يقول قائل هنا: يستحيل أن تعطي تلك الجهة الداعمة الدعم من دون اعتراف بها، نقول: ليس الأمر كذلك، فالواقع أن أخذ الدعم قد يكون لأجل تقاطع مصالح، أو لقتال عدو مشترك أو غير ذلك.
ولكن لا يعني قولنا ذلك فتح الباب لتلقي الدعم من أي جهة كانت، فلا يخفى خطر تلك الجهة الداعمة، ومآربها التي تريدها، ومكرها التي تريد أن تمكره بدين الله، ولكن حديثنا عن مسألة خطيرة، ألا وهي الحكم بالكفر والردة لمن وقع في ذلك."
الصورة الثانية: الاستعانة بالكافر على قتال مسلم عادل.
الصورة الثالثة: الاستعانة بالكافر على قتال مسلم باغ وسنتكلم على كل صورة من هذه الصور بإجمال، ونسهب القول في هذه الصورة الثالثة؛ لأنها الألصق بواقعنا، والأكثر التباسا على كثير من الأخوة."
والحقيقة أنهم صورتان وليس ثلاثة فلا يوجد مسلم باغ فالباغى هو كافر حتى يتوب من بغيه فإن لم يتب دخل النار كافرا كما قال تعالى :
"إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم"
ثم فصل الكلام في الصور فقال في الاستعانة بالكافر على الكافر:
"المسألة الأولى: الاستعانة بالكافر على الكافر:
جاء في أحكام المجاهد بالنفس (1/ 304):
- اتفق الفقهاء أنه يجوز الاستعانة بالكفار في قتال العدو عند الضرورة إلى ذلك لمقتضى القاعدة الفقهية المشهورة (الضرورات تبيح المحظورات).
- واختلفوا في الاستعانة بهم لغير ضرورة إلى قولين:
القول الأول: يحرم الاستعانة بهم لغير ضرورة، وبهذا قال: المالكية، والصحيح من مذهب الحنابلة، وابن حزم.
واستدلوا بما يلي:
1 - قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير} جاء في سبب نزول هذه الآية: أن عبادة بن الصامت كان له حلفاء من اليهود، فلما خرج النبي (ص)يوم الأحزاب قال عبادة: يا نبي الله إن معي خمسمائة رجل من اليهود وقد رأيت أن يخرجوا معي فاستظهر بهم على العدو، فنزلت هذه الآية، وهذا دليل على عدم جواز الاستعانة بهم في القتال.
2 - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين}
وجه الدلالة: أن هذه الآية وغيرها من الآيات التي تنهي عن مولاة الكفار تضمنت المنع من التأييد والانتصار بالمشركين.
3 - عن عائشة أن النبي (ص)خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فقال: (أتؤمن بالله ورسوله)، قال: لا، قال: (فارجع فلن استعين بمشرك) رواه مسلم.
وجه الدلالة: أن الحديث جاء عام في كل مشرك، فلا يجوز الاستعانة بهم في قتال العدو.
4 - أن الكافر لا يؤمن مكره وغائلته لخبث طويته فلا يستعان به.
ونوقش الاستدلال بهذه الأدلة بما يلي:
1 - أن أدلة المنع من الاستعانة بالكفار كانت في بدر، ثم رخص في الاستعانة بهم بعد ذلك.
ويمكن الجواب عن هذا: بأن الأصل المنع، وهو باق لعدم الدليل على الرخصة.
2 - أما حديث عائشة فإن الذي رده النبي (ص)يوم بدر تفرس فيه الرغبة في الدخول في الإسلام، فرده رجاء أن يسلم، وقد صدق ظنه وأسلم.
والجواب عن هذا: بأن الحديث قوي وعام فلا دليل يمانعه، ولا مخصص يخصصه، وإن وجد حالات استعانة بالكفار فهي محمولة على الضرورة.
القول الثاني: يجوز الاستعانة بالكفار في قتال العدو، وبهذا قال الحنفية، وشرطوا: أن يكون حكم الإسلام هو الغالب، والشافعية، وشرطوا: أن يعرف الإمام حسن رأيهم في المسلمين، ويأمن خيانتهم، وهو رواية عند الحنابلة.
واستدلوا بما يلي:
1 - عن ابن عباس قال: (استعان رسول الله (ص)بيهود قينقاع فرضخ لهم، ولم يسهم لهم).
ونوقش هذا: بأن الحديث ضعيف، ولو صح فهو محمول على الاستعانة بهم للضرورة.
2 - ما روي (أن صفوان بن أمية شهد حنينا مع النبي (ص)وهو مشرك) أخرجه الترمذي والبيهقي في السنن الكبرى وضعفه ونوقش هذا: بأن صفوان خرج دون أن يطلب أحد منه الخروج.
3 - إن الاستعانة بالكفار على الكفار زيادة كبت وغيظ لهم، والاستعانة بهم كالاستعانة بالكلاب على الكفار ويمكن مناقشة هذا: بأن الكافر لا يؤمن مكره وخداعة وفي هذا ضرر على المجاهدين وكشف لأسرارهم.
الخلاصة:
المسألة خلافية كما سبق بيانه، وقد اتفق الفقهاء أنه يجوز الاستعانة بالكفار في قتال العدو عند الضرورة إلى ذلك لمقتضى القاعدة الفقهية المشهورة (الضرورات تبيح المحظورات)، واختلفوا في الاستعانة بهم لغير ضرورة على قولين، فقيل يحرم، وقيل: يجوز بشروط معينة، وهي:
1. إذا كان حكم الإسلام هو الظاهر بعد غلبة المسلمين على الكفار.
2. أن تدعو الحاجة إلى الاستعانة بهم.
3. أن يأمن المسلمون هؤلاء الكفار من حيث حسن النية وعدم الخيانة.
مع التنبيه على أن المالكية القائلين بالمنع أجازوا الاستعانة في صور، ومنها:
1 - إذا كان خروجهم لخدمة المسلمين، فقد نص المالكية على جواز ذلك، وذلك كأن يستخدموا لهدم، أو حفر، أو نصب شيء، ونحو ذلك.
2 - إذا خرج المشركون من تلقاء أنفسهم، فإن المعتمد من مذهب المالكية أنهم لا يمنعون؛ لأنه لم يكن هنا طلب استعانة بهم، بل هم خرجوا من تلقاء أنفسهم.
وقال ابن القيم في زاد المعاد (3/ 301): (الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة؛ لأن عينه الخزاعي كان كافرا إذ ذاك [إذ أن النبي (ص) لما كان بذي الحليفة أرسل عينا له مشركا من خزاعة يأتيه بخبر قريش]، وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم)."
في كل الأحوال لا يجوز الاستعانة بالكفار فمهما أظهروا لنا التعاون والحب فالنتيجة هى دائما سيئة كما قال تعالى :
يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون"
وقال:
" لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين"
فنتيجة الاستعانة بالكفار هى دوما نتيجتها فشل فهم في قرارة أنفسهم يريدون إضرار المسلمين حتى ولو كانوا يرضونهم بقتل كفار أخرين والحرب الأفغانية هى خير مثال فقد أعان الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة المقاتلين بالسلاح وغيره ولم يظهر الهدف الضار إلا بعد اكثر من عقد حيث جمع الغرب المعلومات عن أفغانستان التى كانوا يجهلونها ثم احتلوها فيما بعد ولم يخرجوا منها إلا بعد أن زرعوا عملاءهم في كل الجماعات دون استثناء ونجد الرضا عن طالبان ألان بعد أن وضعوا عملاءهم على رأسها من خلال قتل زعمائها وعمل عمليات تغيير وجوه من الكفار بوجوه من قتلوهم ووضعوهم على رأس الحكومة وفى المناصب المختلفة
وتحدث عن المسألة الثانية فقال :
"المسألة الثانية: الاستعانة بالكافر على المسلم العادل، وهذه محل الكلام، ومربط الفرس، وذلك كمن يعين الكافرين على المسلمين، أو يستعين بهم ويدخل تحت مظلة الصليبيين، فهذه ردة عن دين الله، فالاستعانة بالكافر على المسلم حيث تكون الراية للكافر تحرم بالإجماع، بل هو ناقض من نواقض الإسلام، وردة صريحة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض}، قال ابن حزم في المحلي (11/ 138): ({ومن يتولهم منكم فإنه منهم}: إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين). قول ابن باز تعالى أجمع علماء الإسلام أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم.
وقال الشيخ أحمد شاكر (كلمة حق ص 126) عن حكم تعاون المسلم مع الإنجليز والفرنسيين أثناء عدوانهم على المسلمين في مصر: (أما التعاون بأي نوع من أنواع التعاون قل أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأول سواء كان من أفراد أو جماعات أو حكومات أو زعماء كلهم في الكفر والردة إلا من جهل وأخطأ ثم استدرك فتاب).
وهذا - أي الاستعانة بالكافر على المسلم وإعانة الكفار على المسلمين - هو الناقض الثامن من نواقض الاسلام والذي غيب للأسف عن مناهج الشعوب المسلمة في بلاد المسلمين وحذف من كثير من الكتب وقد نص عليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الاسلام"
والخطأ هى وصف من يسمى بأسماء المسلمين مسلما فهى ليست استعانة بكافر على مسلم فالمستعين بكافر هو كافر مثله لأنه يحارب مسلما وهو ما فعلته بنو إسرائيل عندما كانوا يعينون الكفار على اخوانهم حتى يأسروهم فيقوموا الفريق المعين للكفار بدفع الفدية حتى يفكوا أسرهم حتى يصبحوا أهل فضل عليهم وفيهم وهو كونهم كفرة لأنهم لا يطبقون الدين كله وإنما يطبقون بعضه وهو فك الأسير ويكفرون ببعضه وهو اعانة الكافر على بعض قومهم فقال :
"ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون"
فالمستعين أو المعين كافر ليس مسلما وتحدث عن الصورة الثالثة وهى صورة كما سبق القول لا وجود لها لأنه لا يوجد ما يسمى بالمسلم الباغى لكون الباغى كافر فقال :
"المسألة الثالثة: الاستعانة بالكافر على المسلم الباغي.
وهذه هي المسألة الأدق وهي المزلق الذي بسبب الجهل به هوى كثير من شباب المسلمين في مهاوي تكفير المسلمين بغير حق فاستبيحت به الدماء، واستبيحت أموال المسلمين ممن منهجه التكفير بأدنى الأسباب، مع أن الواجب المعلوم من الدين بالضرورة هو عدم جواز التكفير إلا بدليل أوضح من الشمس كما سبق بيانه، ولكن تجرأ على هذا الأمر من قل علمه وخف ورعة، وضعفت تقواه وخوفه من السؤال بين يدي الله تعالى.
ومسألة الاستعانة بالكافر على المسلم الباغي، كمن يستعين بدعم خارجي للقتال الحاصل اليوم في الشام فيما بين الفصائل، فهو ينظر إلى الفصيل الآخر على أنه فصيل بغى عليه وظلمه، ثم من خلال هذا الأمر استعان بالكافر فأخذ مالا للقتال، فما حكم هذا الفعل؟
نقول: اعلم أن العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة اختلافا عريضا بين محرم ومجرم وبين مبيح في حالات ضيقة، ولكن الأمر الذي لابد أن يدركه كل طالب حق أنه لم يقل أحد من العلماء بكفر من وقع في ذلك الذنب العظيم، فمدار الخلاف بين مؤثم ومجرم ومبيح في حالات ضيقة؛ فتأمل.
وقد قسم العلماء الاستعانة بالكافر على المسلم الباغي إلى قسمين:
- القسم الأول: أن يعين الكفار على قتال البغاة والراية والتمكين والغلبة والمعركة للكفار فذلك ردة عن دين الله سبحانه وتعالى لأنه تمكين للكفار على بلاد المسلمين واعانة لهم على قتال المسلمين ومظاهرة لهم.
- القسم الثاني: أن يستعين بالكفار والراية للمسلمين وفي هذا القسم كفر جماعة البغدادي جميع الفصائل المقاتلة حينما قاتلتها إلا ما ندر وكذلك وقع بعض المجاهدين من غير جماعة البغدادي في التكفير في هذا القسم وألتبس عليهم الأمر، نقول القسم الثاني أن يستعين المسلم بالكفار والراية للمسلمين والغلبة لهم.
مسألة: معني قولنا: الراية، أي: الغلبة، والتمكن في حكم الأرض بعد الانتصار في المعركة ...
- القول الأول في مسألة الاستعانة بالكفار على قتال البغاة: هو التحريم الشديد والتغليظ، وهو قول جمهور العلماء المالكية والشافعية والحنابلة.
قال النووي في روضة الطالبين وعمدة المفتين 10/ 60: (لا يجوز أن يستعان عليهم بكفار لأنه لا يجوز تسليط كافر على مسلم).
وقال ابن قدامة في المغني (8/ 529): (ولا يستعين على قتالهم بالكفار بحال ولا بمن يرى قتلهم مدبرين وبهذا قال الشافعي).
قال الشافعي في الأم: (ولا يجوز لأهل العدل عندي أن يستعينوا على أهل البغي بأحد من المشركين ذمي ولا حربي ولو كان حكم المسلمين هو الظاهر ولا أجعل لمن خالف دين الله - عز وجل - الذريعة إلى قتل أهل دين الله).
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: (أما استنصار المسلم بالمشرك على الباغي فلم يقل بهذا إلا من شذ واعتمدها القياس ولم ينظر إلى مناط الحكم والجامع بين الأصل وفروعه).
القول الثاني في المسألة: الإباحة بشرط أن تكون الراية لمسلم.
قال ابن حزم: (اختلف الناس في هذا فقالت طائفة لا يجوز أن يستعان عليهم بحربي ولا بذمي ولا بمن يستحل قتالهم مدبرين وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وقال أصحاب أبي حنيفة لا بأس بأن يستعان عليهم بأهل الحرب وبأهل الذمة وبأمثالهم من أهل البغي وقد ذكرنا في كتاب الجهاد).
قال السرخسي في المبسوط: (ولا بأس بأن يستعين أهل العدل بقوم من أهل البغي وأهل الذمة على الخوارج إذا كان حكم أهل العدل ظاهرا لأنهم يقاتلون لإعزاز الدين).
فتأمل أن أحدا من أهل العلم لم يقل بتكفير المخالف في هذه المسألة بل ابن قدامة علل المنع من الاستعانة بالكفار بقوله ولا بمن يرى قتلهم مدبرين أي ولا يجوز الاستعانة على البغاة بمن يرى قتل البغاة مدبرين لأن الفقهاء تكلموا في قتل البغاة أنه لا يقتل مدبرهم فمحل الخلاف هو في مسألة أن الكافر يخشى أن يقتل البغاة مدبرين فلم يذكره في باب مظاهرة الكفار ونحو ذلك وأنظر الى كلام الغزالي حينما سأله ابن العربي عن ملوك الأندلس الذين استعانوا بالكفار على المسلمين ..
قال أبو حامد الغزالي: ( .... فيجب على الأمير وأشياعه قتال هؤلاء المتمردة (ولم يسمهم المرتدين) عن طاعته، ولا سيما وقد استنجدوا بالنصارى المشركين وأوليائهم، ........ إلى أن قال رحمه الله: وإذا قاتلوا، لم يجز أن يتتبع مدبرهم، ولا أن يذفف [لا يجهز] على جريحهم. بل متى سقطت شوكتهم وانهزموا، وجب الكف عنهم، أعني المسلمين منهم دون النصارى).
يقصد بذلك أولئك الذين استعانوا بملوك النصارى على قتال المسلمين في الأندلس.
- بل يقول الإمام حمود بن عقلاء الشعيبي في هذا الباب في كتابه في كتابه القول المختار في حكم الاستعانة بالكفار ص (84): (وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من صور الاستعانة بالكفار على أهل البغي ما يكون كفرا).
فليس كل صور الاستعانة على أهل البغي كفرا، بل ان من صور الاستعانة أي بعض صور الاستعانة هي التي تكون كفرا"
الحقيقة هى غير ما قال المحيسنى والصورة الأخيرة لا وجود له فالمسألة منحصرة في الاستعانة بكافر على كافر أو بكافر على مسلم من قبل مسلم كفر باستعانته بالكفار
وصورتها في أذهان الناس هى حروب الخليج بين العراق وإيران وبين العراق والكويت والحلفاء فالحكام المتحاربون في كل الأحوال كفرة ومن عاونوهم وباعوا لهم السلاح كانوا كفارا وأمثلتها التى ذكرها المحيسنى هر في الغالب حروب كفار فالبغدادى وامثاله من داعش هم عملاء أو بالأحرى كفارا تسموا بأسماء المسلمين زرعتهم المخابرات العالمية في المنظمات التى ساعدت على قيامها كالقاعدة وداعش فهى وضعتهم على رأس تلك المنظمات حتى توجد سببا لاحتلال بلاد المسلمين وهدمها ثم بناءها فيما بعد صحيح ان الغالبية ممن هم في موقف التبعية هم مغفلون مضحوك عليهم فهم يظنون أنهم يجاهدون فعلا ولكنهم مجرد كرة تضرب أقدام رءوس المنظمات الذين هم عملاء
في كل أحوال الاستعانة المسلمون حقا هم خاسرون للنفوس وثروات البلاد وادخالهم في دائرة لا تنتهى من الخلافات والصراعات التى تصب كلها فى صالح الكفار
وفى ختام الكتاب لخص الرجل ما جاء في الكتاب ومن ثم لم نذكره لعدم التكرار
المؤلف عبد الله المحيسنى وموضوع الكتاب هو التكفير بين الغلو والتفريط وهو سبب تأليف الكتاب كما قال :
"أما بعد:
سبب كتابة هذه الورقات هو الواقع المعاصر الذي تعيشه أمتنا الإسلامية، لا سيما في هذا الباب الخطير، ألا وهو: (التكفير)، فلا يخفى أن الناس فيه طرفان ووسط، طرف غلا في التكفير، وأعمل سيف التكفير في رقاب الناس بغير حق، فوقع في قول النبي (ص): "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".
وطرف آخر ألغى حكم التكفير من كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن سنة رسوله (ص)، فلم يكد يطلق حكم التكفير إلا على اليهودي والنصراني، وألغى حكم الردة ونواقض الإسلام من دين الله سبحانه وتعالى.
ودين الله وسط بين الغلو والإرجاء، ولن نتكلم عن جملة هذا الباب - أعني باب التكفير -، ولكن عن مدخل ومزلق خطير، رأينا أن كثيرا من إخواننا في أرض الشام قد انزلقوا فيه.
وقبل الحديث عن خصوص هذا المزلق، لا بد لنا من التنبيه على مسألة التكفير بغير حق بشكل عام، وخطورة هذا الباب، فما زال العلماء يحذرون من الانزلاق في هذا الباب، ومن تقحمه بغير علم شرعي"
وتحدث المحيسنى عن أن المجاهدين يسألون عن مسائل يعتبرها صغيرة ثم يسألون عن مسائل الولاء والبراء وتكفير الناس فقال :
"وإنني أقول:
إن من البلايا والرزايا ما بلي به المسلمون من تقحم أغرار لم يأخذوا من العلم شبرا في هذا الأمر العظيم - التكفير بغير حق -، بينما رأينا ونرى أن أهل العلم الذين رسخت أقدامهم فيه يكونون أشد تورعا في هذا الشأن، وذلك لعظيم خطره .. ووالله إن مما يندى له الجبين؛ أن نرى بعض المجاهدين يسأل ويستفتي في مسائل من أدق مسائل الفروع، كمسائل المسح على الخفين، ومسائل الجورب الفوقاني والجورب التحتاني،وغير ذلك من المسائل، ثم إذا جاءت مسألة التكفير؛ تصدر لها، بل وعقد الولاء والبراء على الأشخاص عليها، فمن لم يكفر فلانا فهو مرجئ، ومن كفره فهو على المنهج، وجعل المنهج الحق هو في تكفير فلان أو فلان، وليس ذلك من دين الله في شيء"
وتحدث عن اختلاف الفقهاء في تكفير بعض الأشخاص قديما فقال:
"بل ما زال العلماء رحمهم الله يختلفون في تكفير كثير من أهل الضلال، فهذا الإمام الشافعي كفر حفص الفرد، ولم يتفق أهل زمانه على ذلك، ومن ذلك اختلاف السلف الصالح في تكفير الحجاج كما نقل ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان، فابن جبير ومن معه لما كفروا الحجاج لم يلزموا الحسن وغيره التبرؤ منه ولا حكموا على الحسن ببدعة ولا غيرها، وكفر الحجاج بعض التابعين؛ كطاووس والشعبي ومجاهد وسعيد بن جبير، ولم يكفره ابن عمر ولم يقل أحد بكفر ابن عمر بحجة أنه (من لم يكفر الكافر)، فما زال العلماء يختلفون في حكمهم على الرجال من غير أن يخون بعضهم بعضا ويتهم بعضهم بعضا، بالغلو أو الإرجاء ولن ندخل في هذا الباب طويلا .."
وحذر المحيسنى عن التسرع في تكفير الناس فقال :
" أيها المجاهد في سبيل الله، ويا طالب الحق، سواء كنت في ساحات الجهاد أو غيرها، يقول الإمام الشوكاني محذرا من التسرع في التكفير: (اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر، وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير).
ويقول أبو حامد الغزالي: (ولا يسارع إلى التكفير إلا الجهلة، فينبغي الاحتراز من التكفير ما وجد الإنسان إلى ذلك سبيلا، فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة خطأ والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم).
وتحدث عن وجوب تطبيق معايير الكفر فقال :
"فاعلم أنه يجب عليك قبل الحكم على المسلم بكفر أن يتحقق تطابق معايير الكفر على الفعل والفاعل لذلك الذي يراه كفرا، وذلك بأن ينظر في أمور:
1 - تحقق وقوع الفعل المكفر من الفاعل ببينة لا إشاعة وقيل وقال.
2 - دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر.
3 - انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين، بحيث تتم شروط التكفير في حقه، وتنتفي الموانع.
يقول الإمام العلامة العلوان فك الله أسره في التبيان: (ليس كل من فعل مكفرا حكم بكفره؛ إذ القول أو الفعل قد يكون كفرا؛ لكن لا يطلق الكفر على القائل أو الفاعل إلا بشرطه).
وقال ابن تيمية في الفتاوى (12/ 487): (التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه)"
وما قاله عن عدم التكفير بالأفعال هو ضرب من الوهم فكل من ارتكب ذنب يكون كافرا ساعة ارتكاب فمن يرتكب الزنى لا يرتكبه وهو مؤمن ومن يسرق لا يسرق وهو مؤمن وهكذا ويظل كافرا حتى يتوب منه طال الوقت أو قصر والمسلمين يتوبون ويستغفرون بعد وقت قليل كما قال تعالى :
"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"
وأما المصرين على الذنوب فيظلون كفرة حتى يتوبوا أو يتم إعلانهم كفار من قبل القضاء بسبب رفضهم الاعتراف بالذنوب والتوبة منها حتى بعد ثباتها عليهم وتطبيق حكم الله فيهم وفى هذا قال تعالى :
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
وتحدث عن استعانة المسلم بالكافر في القتال فقال :
أما المدخل الذي قد أنزلق فيه كثير من المجاهدين ألا وهو مسألة الاستعانة ونعني بالاستعانة هو استعانة المسلم المجاهد في سبيل الله بالكافر ولها صور لا يستطيع طالب الحق إدراك كنه هذا الباب إلا بالإحاطة بها فصور الاستعانة كما يلي:
الصورة الأولى: الاستعانة بالكافر على قتال الكافر، ولتتضح هذه الصورة من صور الاستعانة؛ نضرب لها مثالا واقعا في الشام، فهي كأن يأتي فصيل من الفصائل المقاتلة في الشام، ويأخذ شحنة من الأسلحة من جهة داعمة - وهذه الجهة كافرة بالله -، فيؤخذ الدعم منهم لقتال بشار من دون أن يكون ممثلا أو معترفا بتلك الجهة الداعمة، فهذه المسألة بهذه الصورة هي من مسائل الاستعانة.
تنبيهان:
1 - إن اعترف الفصيل بتلك الجهة الكافرة، وصار ممثلا لها، معترفا ببنودها ومشروعها، فهو جندي لها، وحكمه حكمها، وهو غير داخل في مسألة الاستعانة حينئذ.
2 - فرق بين الاستعانة والعمالة ..
أ- فالاستعانة التي يدور حولها حديث أهل العلم هي أن يكون الفصيل المجاهد قائم بجهاده بذاته، ويتقبل الدعم من الجهة الخارجية دون قيد أو اعتراف أو شرط ..
ب - أما العمالة: بأن يكون الفصيل قائم بالداعم معتمد عليه فكفالات جنوده يتلقاها من الخارج وسياراته من الخارج بل وطعام جنوده من الخارج، لا يفتح معركة إلا بإذن داعمه، فهذا ليس من باب الاستعانة بل العمالة ولو لم يكن ثمة شروط في بداية الأمر إلا أن من هذا حاله فإنه في أي لحظه يقطع دعمه ينهار فهو يخير بين ما يريد داعمه أو الانهيار .. فليست هذه الصورة محل حديثنا ..
وقد يقول قائل هنا: يستحيل أن تعطي تلك الجهة الداعمة الدعم من دون اعتراف بها، نقول: ليس الأمر كذلك، فالواقع أن أخذ الدعم قد يكون لأجل تقاطع مصالح، أو لقتال عدو مشترك أو غير ذلك.
ولكن لا يعني قولنا ذلك فتح الباب لتلقي الدعم من أي جهة كانت، فلا يخفى خطر تلك الجهة الداعمة، ومآربها التي تريدها، ومكرها التي تريد أن تمكره بدين الله، ولكن حديثنا عن مسألة خطيرة، ألا وهي الحكم بالكفر والردة لمن وقع في ذلك."
الصورة الثانية: الاستعانة بالكافر على قتال مسلم عادل.
الصورة الثالثة: الاستعانة بالكافر على قتال مسلم باغ وسنتكلم على كل صورة من هذه الصور بإجمال، ونسهب القول في هذه الصورة الثالثة؛ لأنها الألصق بواقعنا، والأكثر التباسا على كثير من الأخوة."
والحقيقة أنهم صورتان وليس ثلاثة فلا يوجد مسلم باغ فالباغى هو كافر حتى يتوب من بغيه فإن لم يتب دخل النار كافرا كما قال تعالى :
"إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم"
ثم فصل الكلام في الصور فقال في الاستعانة بالكافر على الكافر:
"المسألة الأولى: الاستعانة بالكافر على الكافر:
جاء في أحكام المجاهد بالنفس (1/ 304):
- اتفق الفقهاء أنه يجوز الاستعانة بالكفار في قتال العدو عند الضرورة إلى ذلك لمقتضى القاعدة الفقهية المشهورة (الضرورات تبيح المحظورات).
- واختلفوا في الاستعانة بهم لغير ضرورة إلى قولين:
القول الأول: يحرم الاستعانة بهم لغير ضرورة، وبهذا قال: المالكية، والصحيح من مذهب الحنابلة، وابن حزم.
واستدلوا بما يلي:
1 - قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير} جاء في سبب نزول هذه الآية: أن عبادة بن الصامت كان له حلفاء من اليهود، فلما خرج النبي (ص)يوم الأحزاب قال عبادة: يا نبي الله إن معي خمسمائة رجل من اليهود وقد رأيت أن يخرجوا معي فاستظهر بهم على العدو، فنزلت هذه الآية، وهذا دليل على عدم جواز الاستعانة بهم في القتال.
2 - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين}
وجه الدلالة: أن هذه الآية وغيرها من الآيات التي تنهي عن مولاة الكفار تضمنت المنع من التأييد والانتصار بالمشركين.
3 - عن عائشة أن النبي (ص)خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فقال: (أتؤمن بالله ورسوله)، قال: لا، قال: (فارجع فلن استعين بمشرك) رواه مسلم.
وجه الدلالة: أن الحديث جاء عام في كل مشرك، فلا يجوز الاستعانة بهم في قتال العدو.
4 - أن الكافر لا يؤمن مكره وغائلته لخبث طويته فلا يستعان به.
ونوقش الاستدلال بهذه الأدلة بما يلي:
1 - أن أدلة المنع من الاستعانة بالكفار كانت في بدر، ثم رخص في الاستعانة بهم بعد ذلك.
ويمكن الجواب عن هذا: بأن الأصل المنع، وهو باق لعدم الدليل على الرخصة.
2 - أما حديث عائشة فإن الذي رده النبي (ص)يوم بدر تفرس فيه الرغبة في الدخول في الإسلام، فرده رجاء أن يسلم، وقد صدق ظنه وأسلم.
والجواب عن هذا: بأن الحديث قوي وعام فلا دليل يمانعه، ولا مخصص يخصصه، وإن وجد حالات استعانة بالكفار فهي محمولة على الضرورة.
القول الثاني: يجوز الاستعانة بالكفار في قتال العدو، وبهذا قال الحنفية، وشرطوا: أن يكون حكم الإسلام هو الغالب، والشافعية، وشرطوا: أن يعرف الإمام حسن رأيهم في المسلمين، ويأمن خيانتهم، وهو رواية عند الحنابلة.
واستدلوا بما يلي:
1 - عن ابن عباس قال: (استعان رسول الله (ص)بيهود قينقاع فرضخ لهم، ولم يسهم لهم).
ونوقش هذا: بأن الحديث ضعيف، ولو صح فهو محمول على الاستعانة بهم للضرورة.
2 - ما روي (أن صفوان بن أمية شهد حنينا مع النبي (ص)وهو مشرك) أخرجه الترمذي والبيهقي في السنن الكبرى وضعفه ونوقش هذا: بأن صفوان خرج دون أن يطلب أحد منه الخروج.
3 - إن الاستعانة بالكفار على الكفار زيادة كبت وغيظ لهم، والاستعانة بهم كالاستعانة بالكلاب على الكفار ويمكن مناقشة هذا: بأن الكافر لا يؤمن مكره وخداعة وفي هذا ضرر على المجاهدين وكشف لأسرارهم.
الخلاصة:
المسألة خلافية كما سبق بيانه، وقد اتفق الفقهاء أنه يجوز الاستعانة بالكفار في قتال العدو عند الضرورة إلى ذلك لمقتضى القاعدة الفقهية المشهورة (الضرورات تبيح المحظورات)، واختلفوا في الاستعانة بهم لغير ضرورة على قولين، فقيل يحرم، وقيل: يجوز بشروط معينة، وهي:
1. إذا كان حكم الإسلام هو الظاهر بعد غلبة المسلمين على الكفار.
2. أن تدعو الحاجة إلى الاستعانة بهم.
3. أن يأمن المسلمون هؤلاء الكفار من حيث حسن النية وعدم الخيانة.
مع التنبيه على أن المالكية القائلين بالمنع أجازوا الاستعانة في صور، ومنها:
1 - إذا كان خروجهم لخدمة المسلمين، فقد نص المالكية على جواز ذلك، وذلك كأن يستخدموا لهدم، أو حفر، أو نصب شيء، ونحو ذلك.
2 - إذا خرج المشركون من تلقاء أنفسهم، فإن المعتمد من مذهب المالكية أنهم لا يمنعون؛ لأنه لم يكن هنا طلب استعانة بهم، بل هم خرجوا من تلقاء أنفسهم.
وقال ابن القيم في زاد المعاد (3/ 301): (الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة؛ لأن عينه الخزاعي كان كافرا إذ ذاك [إذ أن النبي (ص) لما كان بذي الحليفة أرسل عينا له مشركا من خزاعة يأتيه بخبر قريش]، وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم)."
في كل الأحوال لا يجوز الاستعانة بالكفار فمهما أظهروا لنا التعاون والحب فالنتيجة هى دائما سيئة كما قال تعالى :
يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون"
وقال:
" لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين"
فنتيجة الاستعانة بالكفار هى دوما نتيجتها فشل فهم في قرارة أنفسهم يريدون إضرار المسلمين حتى ولو كانوا يرضونهم بقتل كفار أخرين والحرب الأفغانية هى خير مثال فقد أعان الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة المقاتلين بالسلاح وغيره ولم يظهر الهدف الضار إلا بعد اكثر من عقد حيث جمع الغرب المعلومات عن أفغانستان التى كانوا يجهلونها ثم احتلوها فيما بعد ولم يخرجوا منها إلا بعد أن زرعوا عملاءهم في كل الجماعات دون استثناء ونجد الرضا عن طالبان ألان بعد أن وضعوا عملاءهم على رأسها من خلال قتل زعمائها وعمل عمليات تغيير وجوه من الكفار بوجوه من قتلوهم ووضعوهم على رأس الحكومة وفى المناصب المختلفة
وتحدث عن المسألة الثانية فقال :
"المسألة الثانية: الاستعانة بالكافر على المسلم العادل، وهذه محل الكلام، ومربط الفرس، وذلك كمن يعين الكافرين على المسلمين، أو يستعين بهم ويدخل تحت مظلة الصليبيين، فهذه ردة عن دين الله، فالاستعانة بالكافر على المسلم حيث تكون الراية للكافر تحرم بالإجماع، بل هو ناقض من نواقض الإسلام، وردة صريحة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض}، قال ابن حزم في المحلي (11/ 138): ({ومن يتولهم منكم فإنه منهم}: إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين). قول ابن باز تعالى أجمع علماء الإسلام أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم.
وقال الشيخ أحمد شاكر (كلمة حق ص 126) عن حكم تعاون المسلم مع الإنجليز والفرنسيين أثناء عدوانهم على المسلمين في مصر: (أما التعاون بأي نوع من أنواع التعاون قل أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأول سواء كان من أفراد أو جماعات أو حكومات أو زعماء كلهم في الكفر والردة إلا من جهل وأخطأ ثم استدرك فتاب).
وهذا - أي الاستعانة بالكافر على المسلم وإعانة الكفار على المسلمين - هو الناقض الثامن من نواقض الاسلام والذي غيب للأسف عن مناهج الشعوب المسلمة في بلاد المسلمين وحذف من كثير من الكتب وقد نص عليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الاسلام"
والخطأ هى وصف من يسمى بأسماء المسلمين مسلما فهى ليست استعانة بكافر على مسلم فالمستعين بكافر هو كافر مثله لأنه يحارب مسلما وهو ما فعلته بنو إسرائيل عندما كانوا يعينون الكفار على اخوانهم حتى يأسروهم فيقوموا الفريق المعين للكفار بدفع الفدية حتى يفكوا أسرهم حتى يصبحوا أهل فضل عليهم وفيهم وهو كونهم كفرة لأنهم لا يطبقون الدين كله وإنما يطبقون بعضه وهو فك الأسير ويكفرون ببعضه وهو اعانة الكافر على بعض قومهم فقال :
"ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون"
فالمستعين أو المعين كافر ليس مسلما وتحدث عن الصورة الثالثة وهى صورة كما سبق القول لا وجود لها لأنه لا يوجد ما يسمى بالمسلم الباغى لكون الباغى كافر فقال :
"المسألة الثالثة: الاستعانة بالكافر على المسلم الباغي.
وهذه هي المسألة الأدق وهي المزلق الذي بسبب الجهل به هوى كثير من شباب المسلمين في مهاوي تكفير المسلمين بغير حق فاستبيحت به الدماء، واستبيحت أموال المسلمين ممن منهجه التكفير بأدنى الأسباب، مع أن الواجب المعلوم من الدين بالضرورة هو عدم جواز التكفير إلا بدليل أوضح من الشمس كما سبق بيانه، ولكن تجرأ على هذا الأمر من قل علمه وخف ورعة، وضعفت تقواه وخوفه من السؤال بين يدي الله تعالى.
ومسألة الاستعانة بالكافر على المسلم الباغي، كمن يستعين بدعم خارجي للقتال الحاصل اليوم في الشام فيما بين الفصائل، فهو ينظر إلى الفصيل الآخر على أنه فصيل بغى عليه وظلمه، ثم من خلال هذا الأمر استعان بالكافر فأخذ مالا للقتال، فما حكم هذا الفعل؟
نقول: اعلم أن العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة اختلافا عريضا بين محرم ومجرم وبين مبيح في حالات ضيقة، ولكن الأمر الذي لابد أن يدركه كل طالب حق أنه لم يقل أحد من العلماء بكفر من وقع في ذلك الذنب العظيم، فمدار الخلاف بين مؤثم ومجرم ومبيح في حالات ضيقة؛ فتأمل.
وقد قسم العلماء الاستعانة بالكافر على المسلم الباغي إلى قسمين:
- القسم الأول: أن يعين الكفار على قتال البغاة والراية والتمكين والغلبة والمعركة للكفار فذلك ردة عن دين الله سبحانه وتعالى لأنه تمكين للكفار على بلاد المسلمين واعانة لهم على قتال المسلمين ومظاهرة لهم.
- القسم الثاني: أن يستعين بالكفار والراية للمسلمين وفي هذا القسم كفر جماعة البغدادي جميع الفصائل المقاتلة حينما قاتلتها إلا ما ندر وكذلك وقع بعض المجاهدين من غير جماعة البغدادي في التكفير في هذا القسم وألتبس عليهم الأمر، نقول القسم الثاني أن يستعين المسلم بالكفار والراية للمسلمين والغلبة لهم.
مسألة: معني قولنا: الراية، أي: الغلبة، والتمكن في حكم الأرض بعد الانتصار في المعركة ...
- القول الأول في مسألة الاستعانة بالكفار على قتال البغاة: هو التحريم الشديد والتغليظ، وهو قول جمهور العلماء المالكية والشافعية والحنابلة.
قال النووي في روضة الطالبين وعمدة المفتين 10/ 60: (لا يجوز أن يستعان عليهم بكفار لأنه لا يجوز تسليط كافر على مسلم).
وقال ابن قدامة في المغني (8/ 529): (ولا يستعين على قتالهم بالكفار بحال ولا بمن يرى قتلهم مدبرين وبهذا قال الشافعي).
قال الشافعي في الأم: (ولا يجوز لأهل العدل عندي أن يستعينوا على أهل البغي بأحد من المشركين ذمي ولا حربي ولو كان حكم المسلمين هو الظاهر ولا أجعل لمن خالف دين الله - عز وجل - الذريعة إلى قتل أهل دين الله).
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: (أما استنصار المسلم بالمشرك على الباغي فلم يقل بهذا إلا من شذ واعتمدها القياس ولم ينظر إلى مناط الحكم والجامع بين الأصل وفروعه).
القول الثاني في المسألة: الإباحة بشرط أن تكون الراية لمسلم.
قال ابن حزم: (اختلف الناس في هذا فقالت طائفة لا يجوز أن يستعان عليهم بحربي ولا بذمي ولا بمن يستحل قتالهم مدبرين وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وقال أصحاب أبي حنيفة لا بأس بأن يستعان عليهم بأهل الحرب وبأهل الذمة وبأمثالهم من أهل البغي وقد ذكرنا في كتاب الجهاد).
قال السرخسي في المبسوط: (ولا بأس بأن يستعين أهل العدل بقوم من أهل البغي وأهل الذمة على الخوارج إذا كان حكم أهل العدل ظاهرا لأنهم يقاتلون لإعزاز الدين).
فتأمل أن أحدا من أهل العلم لم يقل بتكفير المخالف في هذه المسألة بل ابن قدامة علل المنع من الاستعانة بالكفار بقوله ولا بمن يرى قتلهم مدبرين أي ولا يجوز الاستعانة على البغاة بمن يرى قتل البغاة مدبرين لأن الفقهاء تكلموا في قتل البغاة أنه لا يقتل مدبرهم فمحل الخلاف هو في مسألة أن الكافر يخشى أن يقتل البغاة مدبرين فلم يذكره في باب مظاهرة الكفار ونحو ذلك وأنظر الى كلام الغزالي حينما سأله ابن العربي عن ملوك الأندلس الذين استعانوا بالكفار على المسلمين ..
قال أبو حامد الغزالي: ( .... فيجب على الأمير وأشياعه قتال هؤلاء المتمردة (ولم يسمهم المرتدين) عن طاعته، ولا سيما وقد استنجدوا بالنصارى المشركين وأوليائهم، ........ إلى أن قال رحمه الله: وإذا قاتلوا، لم يجز أن يتتبع مدبرهم، ولا أن يذفف [لا يجهز] على جريحهم. بل متى سقطت شوكتهم وانهزموا، وجب الكف عنهم، أعني المسلمين منهم دون النصارى).
يقصد بذلك أولئك الذين استعانوا بملوك النصارى على قتال المسلمين في الأندلس.
- بل يقول الإمام حمود بن عقلاء الشعيبي في هذا الباب في كتابه في كتابه القول المختار في حكم الاستعانة بالكفار ص (84): (وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من صور الاستعانة بالكفار على أهل البغي ما يكون كفرا).
فليس كل صور الاستعانة على أهل البغي كفرا، بل ان من صور الاستعانة أي بعض صور الاستعانة هي التي تكون كفرا"
الحقيقة هى غير ما قال المحيسنى والصورة الأخيرة لا وجود له فالمسألة منحصرة في الاستعانة بكافر على كافر أو بكافر على مسلم من قبل مسلم كفر باستعانته بالكفار
وصورتها في أذهان الناس هى حروب الخليج بين العراق وإيران وبين العراق والكويت والحلفاء فالحكام المتحاربون في كل الأحوال كفرة ومن عاونوهم وباعوا لهم السلاح كانوا كفارا وأمثلتها التى ذكرها المحيسنى هر في الغالب حروب كفار فالبغدادى وامثاله من داعش هم عملاء أو بالأحرى كفارا تسموا بأسماء المسلمين زرعتهم المخابرات العالمية في المنظمات التى ساعدت على قيامها كالقاعدة وداعش فهى وضعتهم على رأس تلك المنظمات حتى توجد سببا لاحتلال بلاد المسلمين وهدمها ثم بناءها فيما بعد صحيح ان الغالبية ممن هم في موقف التبعية هم مغفلون مضحوك عليهم فهم يظنون أنهم يجاهدون فعلا ولكنهم مجرد كرة تضرب أقدام رءوس المنظمات الذين هم عملاء
في كل أحوال الاستعانة المسلمون حقا هم خاسرون للنفوس وثروات البلاد وادخالهم في دائرة لا تنتهى من الخلافات والصراعات التى تصب كلها فى صالح الكفار
وفى ختام الكتاب لخص الرجل ما جاء في الكتاب ومن ثم لم نذكره لعدم التكرار