قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديثة في الفقه الإسلامي
مؤلف الكتاب حمزة عبد الكريم حماد وهو يدور حول حكم الإسلام فى طرق القتل التى يظن أنها مستحدثة وفى هذا قال حماد :
"تمهيد:
إن الإسلام جاء لإيجاد مجتمع فاضل تختفي فيه الرذائل، وتظهر فيه الفضائل، ولا يمكن أن تختفي الرذائل إلا إذا كان ثمة زواجر تحمي المجتمع وتنقي جوهره وقد عرض القرآن الكريم لجرائم مخصوصة لما لها من أثر سيئ في النظام العام؛ لذا فقد فرض لها عقوبات معينة تقلل من وقوعها وهذه الجرائم ترجع إلى الجناية على النفس والمال والعرض والنسب والعقل والدين والنظام العام،فالجناية على النفس تكون بالقتل أو إتلاف عضو منها وعلى المال تكون بالسرقة وعلى العرض تكون بالقذف وعلى النسب تكون بالزنا وعلى العقل تكون بشرب المسكر وعلى الدين تكون بالردة وعلى النظام العام تكون بقطع الطريق والإفساد في الأرض وقد وضعت الشريعة الإسلامية عقوباتها بناء على طبيعة الإنسان، ففي طبيعة الإنسان أن يخشى ويرجو، وطبيعة الإنسان تلازمه في الخير والشر، في الأعمال المباحة والمحرمة فلا يرتكب الجريمة إلا لما ينتظره منها من منفعة، ولا ينتهي عن الجريمة إلا لما يخشاه من مضارها، فكلما اشتدت العقوبة؛ كلما ابتعد الناس عن الجريمة، وكلما خفت الجريمة؛ كلما زاد إقبال الناس عليها، ومن هذه الجرائم الخطرة جريمة القتل؛ فكان العقوبة مشددة فيها؛ لأنها تمس كيان الأمة ونظامها، فالتساهل فيها يؤدي إلى أسوأ النتائج، والتشدد فيها يؤدي إلى قلة وقوعها لذا جاءت فكرة هذا البحث من دراسة مسألة من مسائل القصاص ألا وهي: وبالتحديد كيفية تنفيذ القصاص والإعدام في ظل المعطيات الحديثة"
استهل الباحث الكتاب بموقف الفقه من عملية القتل بالطرق المختلفة وبين اختلاف الفقهاء فى كيفية قتل القاتل فقال :
"المسألة الأولى:
موقف الفقه الإسلامي:
عند البحث في كتب الفقهاء، نجد أنها تناولت هذه القضية تحت عنوان: هل يكون القصاص بالسيف أم بغيره؟
سبب الاختلاف:
يعود سبب الاختلاف في هذه المسألة إلى التعارض الظاهري في الأحاديث التي استدل بها كل فريق
آراء الفقهاء:
انقسمت آراء الفقهاء في هذه المسألة إلى رأيين:
1- الرأي الأول:
لا يستوفي القصاص إلا بالسيف وذهب إلى هذا: الحنفية، ورواية عند الحنابلة
2- الرأي الثاني:
يفعل بالجاني بمثل ما فعل بالمجني عليه، إلا إذا كان الفعل محرما في نفسه ففيه أقوال وذهب إلى هذا المالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة، والظاهرية"
المسألة فى القرآن واضحة فالمطلوب هو القصاص والقصاص هو تطبيق لقوله تعالى "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"
وتحدث الباحث عن أدلة الرأيين والعجيب أنه قال الأدلة كلها من الروايات وفى هذا قال :
"المسألة الثانية:
أدلة الرأي الأول ومناقشتها:
أدلة الرأي الأول:
استدل الفريق القائل "لا قصاص إلا بالسيف" بجملة أدلة، من أبرزها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قود إلا بالسيف"
وجه الدلالة في الحديث:
إن الحديث نص على نفي استيفاء القود – أي: القصاص- بغير السيف، وتجدر الإشارة هنا إلى كلام الإمام الطحاوي إذ يقول في شرحه لهذا الحديث:"دل الحديث أن القود لكل قتيل ما كان لا يكون إلا بالسيف"، وقال الإمام السندي :"لا يجب القصاص إذا كان قتلا إلا بالسيف"
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته"
وجه الدلالة في الحديث:
إن النبي (ص) أمر بالإحسان في القتل، ولا يكون هذا إلا بالسيف، ولذلك كان عليه السلام يأمر من أراد ضرب عنقه أن يضرب بالسيف حتى اشتهر ذلك بين أصحابه، ثم إن الإحسان بالذبح مطلوب للحيوان، ففي حق الإنسان من باب أولى
نهى النبي (ص)عن المثلة، وذلك في قوله: "لا تمثلوا"
وجه الدلالة في الحديث:
إذا قتل المجني عليه بغير السيف، فلا يقتص من الجاني بمثل ما فعل(أي: لا يقتص من الجاني بمثل الفعل والطريقة التي قتل بها المجني عليه وذلك تطبيقا للحديث وهو النهي عن المثلة؛ ولأن في ذلك زياد تعذيب
مناقشة أدلة الرأي الأول:
بعد أن عرضت جملة من الأدلة التي استدل بها الفريق الأول، ننتقل إلى مناقشة هذه الأدلة
الحديث الأول "لا قود إلا بالسيف"، الرد: حديث ضعيف لا تقوم به قوة على الاستدلال به، حيث قال ابن حزم فيه: "حديث مرسل، ولا يحل الأخذ بالمرسل"، وقال عنه الإمام البيهقي: "لم يثبت فيه إسناد"وقد وقف الباحث على جملة من أقوال المعاصرين حول هذا الحديث ، وهم: محمد ناصر الدين الألباني إذ يحكم في كتابه ضعيف سنن ابن ماجه على رواية النعمان بن بشير لهذا الحديث بأنه-أي الحديث-: ضعيف جدا، ويحكم على رواية أبي بكرة بأنه-أي الحديث-: ضعيف، ووجد الباحث كذلك أن الألباني في كتابه إرواء الغليل يحكم على الحديث بالضعف أيضا،إضافة إلى ذلك فإن مجدي الشورى في تخريجه للسنن الدارقطني قد قال في هذا الحديث: إسناده ضعيف جدا وقد يجاب عليهم في ذلك: إن الحديث ورد من عدة طرق يقوي بعضها بعضا، لكن الباحث تتبع أقوال المحققين حول هذا الحديث ، ومنها: ما ذكره بشار معروف في تحقيقه لسنن ابن ماجه بعد أن تتبع الحديث فقال:"إسناده ضعيف"، وكذلك قال عنه محمد ضياء الرحمن الأعظمي في كتابه المنة الكبرى بعد أن جمع طرق الحديث ورواياته:"صح قول المؤلف-أي الإمام البيهقي- لم يثبت في إسناد"
حديث الإحسان رد عليه الإمام ابن حزم بـ: إن غاية الإحسان في تنفيذ القتل هو: أن يقتل الجاني بمثل ما قتل به، وهذا قمة العدل والإنصاف، لكن الباحث يرى أن ما ذكره ابن حزم أحد أنواع الإحسان فهو على سبيل التمثيل لا الحصر هذا أولا، وثانيا، يرى الباحث أن هذا الرد غير دقيق ؛ لأن مرتبة الإحسان فوق مرتبة العدل، إضافة إلى ذلك فإن الحديث-كما وضح الإمام ابن رجب- يدل بصريح نصه على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يباح إزهاقها على أسهل الوجوه
أما حديث النهي عن المثلة: فيرد عليه من وجهين: الأول: إن النهي في هذا الحديث محمول على من وجب قتله من غير مكافأة(أي: من غير معاقبته بمثل ما فعل) الثاني: إن المثلة لا تكون في الذي أوجبه الله تبارك وتعالى علينا، فرجم الزاني المحصن ليس بمثلة؛ ذلك لأن الله عز وجل أمر بذلك"
أثبت الباحث عدم صحة الروايات الوارد فى الرأى سندا كما أنها تتعارض مع القرآن فى المثلية فى قوله تعالى :
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
وتتنافى مع تعدد طرق القتل فى حد الحرابة حيث القتل العادى ذبحا والقتل صلبا بتقطيع اليد والرجل والنفى من الأرض وهو الإغراق فى الماء وفى هذا قال تعالى :
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم"
وناقش الباحث أدلة الرأى الثانى فقال :
"المسألة الثالثة:
أدلة الرأي الثاني ومناقشتها:
استدل القائلون بالقول الثاني بجملة أدلة، منها:
النصوص القرآنية الدالة على وجوب المماثلة في الجزاء والعقاب، منها قوله تعالى: "إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" أصل العقاب في اللغة: المجازاة على الفعل، فالفعل ابتداء ليس عقابا،وإنما سماه الله عقابا على طريق المشاكلة فهذه الآية تدل على المماثلة في القصاص، وعلى وجوب المثل
قوله تبارك وتعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"
وجه الدلالة في الآية الكريمة:
إن القصاص مأخوذ من قص الأثر، أي: اتباعه، فصار المعنى أن يتبع الجارح والقاتل فيفعل به مثل ما فعل بالمقتول، فالقصاص يستلزم المماثلة، أي: المماثلة في الجزاء والعقاب
حديث الجارية: فقد ورد أن جارية خرجت بالمدينة، فرماها يهودي بحجر، فجيء بها إلى النبي (ص)وبها رمق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فأعاد عليها، وقال: فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فقال لها في الثالثة: فلان قتلك؟ فخفضت رأسها، فدعا به رسول الله (ص)فقتله بين حجرين"
وجه الدلالة في الحديث:
إن النبي (ص)قتل اليهودي قصاصا بمثل ما قتل به الجارية
قوله صلى الله عليه وسلم: "من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه"
وجه الدلالة في الحديث:
تصريح النبي (ص)أن القاتل يقتص منه بالطريقة التي قتل بها المجني عليه، حتى الإحراق والإغراق يقتص من القاتل بنفس الطريقة
الاستدلال العقلي:
قتل الجاني بمثل ما قتل به هو تحقيق لمعنى المماثلة والمساواة في القصاص
مناقشة أدلة الرأي الثاني:
إن الآية: "إن عاقبتم فعاقبوا" غير صالحة للاستدلال هنا، حيث إنها وردت في مقتل حمزة بن عبد المطلب ، حيث قال رسول الله (ص): "لئن ظفرت بهم، لأمثلن بسبعين رجلا منهم" فنزلت الآية
أما الآية: "ولكم في القصاص…"
يرد عليهم بـ:
إن المماثلة متحققة في إتلاف نفس الجاني مثل ما أتلف نفس المجني عليه، وعند ذلك نحقق معنى المماثلة
أما حديث الجارية:
فيرد عليهم بـيحتمل أن يكون مشروعا ثم نسخ
أو أن يكون اليهودي سعى في الأرض فسادا؛ فيقتل، إن رأى الإمام في قتله مصلحة ويستدرك الباحث على هذا الرد بكونه مجرد احتمال فقط لا يستند إلى دليل
حديث: "من حرق حرقناه…"
يرد عليه بـ:
لا تقوم بهذا الحديث حجة؛ لأنه حديث ضعيف، ووجه ضعفه كما بينه الإمام ابن حجر أن في إسناده بعض من يجهل
يرد على الاستدلال العقلي بـ:
لا نسلم لكم بوجود المساواة؛ لأن قتل الجاني بمثل ما قتل به لا يخلو من زيادة فامتنعت المساواة
مسألة: إذا كان القتل بفعل محرم ، فكيف يكون القصاص عند أصحاب هذا القول(القائلين بالمماثلة)؟
صورة المسألة: إذا مات إنسان من جراء فعل محرم كمن جرع خمرا من قبل رجل آخر ومات الأول، أو كمن مات من جراء السحر
حكم المسألة: اختلفت الآراء في هذه المسألة على النحو الآتي:
عند الشافعية: إذا قتله بسحر، يقتص منه بالسيف؛ لأن السحر حرام
إذا قتله بتجرع الخمر فالصحيح عندهم أنه يقتل بالسيف، ورأى عندهم أنه يسقى مائعا مباح كخل مثلا
عند المالكية: يستوفى القصاص بالسيف"
هذا الرأى هو حكم الله ولا مجال لتضعيف آيات القرآن فى حال تم تضعيف الروايات ومن ثم لا قيمة لكل تلك المناقشات التى تعتبر تكذيبا لآيات الله نفسها
والمتحدثين عن المجرم وألمه نسوا ألم الضحية والألم شىء لا يمكن قياسه ولا ضبطه ولكن المضبوط هو آلة القتل أو طريقته فالمطلوب هو المماثلة فيها فمن سم الضحية سم بنفس السم ومن قتل الضحية طعنا بعشر طعنات طعن عشر طعنات فقط ويترك حتى يموت ومن أسقط الضحية من فوق مرتفع أسقط من فوق نفس المرتفع
وأما حكاية القتل بشىء محرم فلا مانع من استخدام المحرم فى قتل القاتل لأنه هذا هو القصاص والمماثلة ومن اخترعوا القتل بالمحرم نسوا أن الخمر لا تقتل فى العادة والسحر أساسا لا يقتل لأنه قتال
وتحدث الباحث عن ضوابط استخدام آلات القصاص فقال :
"المسألة الرابعة:
الرأي الراجح وضوابط استخدام آلات القصاص:
الرأي الراجح:
بعد النظر في الأدلة يمكننا أن نجد طريقة للجمع بين الأدلة، من باب إعمال الدليلين أولى من إهمالهما فأقول:
إن أمكن تطبيق القصاص بنفس الطريقة التي ارتكبها الجاني نفعل ذلك
إن لم يمكننا ذلك، وهذه الحالة هي ما نعايشه اليوم، حيث إن الدولة هي التي تنفذ الحكم وليس الأفراد، وتنفيذ الحكم يقع من قبل الدولة
فيذهب الباحث إلى الانطلاق من تعليل الحنفية من الاقتصار على استخدام السيف كما قال الجصاص بـ: "إن المراد بالقصاص إتلاف نفسه -أي القاتل- بأيسر الوجوه وهو السيف" فالعلة هي إذا إيقاع القتل بأي أداة تزهق روح الجاني بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما فمتى وجدت العلة؛
نثبت بها الحكم، فإذا زالت العلة ؛ زال الحكم بزوالها و انتهى بانتهائها
، فأي وسيلة تحققت فيها العلة وهي كما ذكرنا إزهاق روح القاتل بأيسر الطرق جاز استخدامها لتنفيذ القصاص والإعدام ضمن ضوابط ينبغي مراعاتها وبناء عليه يجوز استخدام وسائل غير السيف في القصاص والإعدام ضمن ضوابط محددة ما دامت تحقق مقصود المشرع من إحسان القتل
رأي الباحث:
إن إحسان القتل قديما كان لا يحصل إلا بالسيف، فالأمر باستخدام السيف أصبح معروف العلة، وليس بأمر تعبدي، كما وضح ذلك الإمام الشوكاني إذ يقول:"إحسان القتل لا يحصل بغير ضرب العنق بالسيف كما يحصل به؛ لهذا كان (ص)يأمر بضرب عنق من أراد قتله حتى صار ذلك هو المعروف في أصحابه، فإذا رأوا رجلا يستحق القتل قال قائلهم: يا رسول الله دعني اضرب عنقه" وعليه، يرى الباحث أن التركيز لا أن بد ينصب على مبدأ الإحسان في القتل الذي قال به الحنفية مستندين بذلك إلى الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبحته" وقد وضح الأمام النووي أن هذا النص عام في كل قتل من الذبائح، والقتل قصاصا، وفي الحدود كذلك،ويمكن للباحث أن يوجه حديث :"لا قود إلا بالسيف" إذا سلمنا بصحته، بكونه مبني على عرف ذاك الزمان بحيث كان السيف وقتئذ هو أسرع طرق القتل وهو نص عام ينطبق على كل حالات القتل ومنها القصاص،وبناء على ذلك يرى الباحث أن الشريعة الإسلامية لم تعين آلة خاصة لاستيفاء القصاص، وإنما طلبت "إحسان القتلة" وإحسانها يكون بكل ما لا يحدث مثلة ولا مضاعفة ألم، وعلى ذلك يجب التنفيذ بكل آلة تحقق الإحسان على هذا الوجه، وكلما تقدمت الحياة في ابتكار وسائل حسان في القتلة على هذا الوجه وجب شرعا المصير إلى التنفيذ به وهذا ما ذهب إليه الشيخ محمود شلتوت
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه : لو اكتشف العلم الحديث أدوات جديدة للإعدام والقصاص فإن حكمها الشرعي يكون جواز استخدامها، ولا يرى الباحث ضرورة للوقوف عند استعمال السيف بل يباح استخدام أي أداة تحقق مقصود الشارع من القتل ألا وهو الإحسان في القتل إضافة إلى الضوابط الآتية:
أن تكون الوسيلة قادرة على إنهاء الحياة بسرعة دون بطئ؛ حتى لا تسبب عذابا وألما لمن وجب عليه القتل
أن لا تكون الوسيلة المستخدمة تؤدي إلى تشويه جسم الإنسان؛ وذلك للنهي عن المثلة، إضافة إلى أن ذلك تنافي تكريم الله للإنسان
المسألة الخامسة
آلات القصاص والإعدام الحديثة وربطها بالحكم الشرعي
آلات القصاص والإعدام الحديثة:
ظهر في الوقت الحاضر عدة آلات وأساليب للقصاص والإعدام، وأبرز هذه الآلات هي:
الكرسي الكهربائي
الحقنة القاتلة
المقصلة
الرمي بالرصاص
الشنق
1- الكرسي الكهربائي:
كان أول استخدام لهذه الطريقة في أمريكا في السادس عشر من آب سنة 1890م وأول من طبق عليه الموت بهذه الطريقة وليام كيملر في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية
أما تعريف الصعق الكهربائي فهو:
تهيج يصيب الأنسجة الحية، بسبب مرور التيار الكهربائي خلال جسم الإنسان والذي يترافق مع التقلص التشنجي غير الإرادي للعضلات
ويتميز الصعق الكهربائي بـ:
رد فعل عصبي شديد، والذي يترافق بتعطل دوران الدم والتنفس
أما عن تأثيره على الجسم:
تظهر الإثارة والتهيج على عضلات الجسم والقلب والدورة الدموية والجهاز العصبي المركزي
يظهر تأثيره الحراري على هيئة حروق بسيطة أو شديدة تصيب أجزاء الجسم التي سرى فيها التيار الكهربائي
قد تحدث التواءات مفاجئة في أطراف الجسم أو أعضائه وتتكسر بعض عظامه نتيجة التقلص في العضلات التي يسري فيها التيار الكهربائي
2- الإعدام بالمواد الكيماوية:
وقوام هذه الطريقة التي تسمى بالإنجليزية Harbiturate sodium thiopnal حقن الشخص ثلاث جرعات في ذراع المحكوم عليه، وتبلغ الجرعة الأولى غرامان، أي: خمسة أضعاف جرعة التخدير التي تتطلبها العمليات الجراحية، وهي كفيلة بموت الإنسان، أما الجرعتان الثانية والثالثة، فالمقصد منها التأكيد من أن الموت قد وقع
وقوام الجرعة الثانية 100 ملغرام من مادة pancur onium bromide التي من شأنها أن تحدث الشلل الكامل في جسم المحكوم عليه فتضمن إيقاف التنفس تماما إذا لم يكن قد توقف إثر الجرعة الأولى
ثم تأتي الجرعة الثالثة والأخيرة وقوامها مادة Patassium chloride الكفيلة بإيقاف نبضات القلب نهائيا إذا لم تكن قد توقفت من قبل، وأول من أعدم بهذه الطريقة شارلي بروكس
3- المقصلة:
أصل القصل في اللغة العربية: القطع، قصل الشيء يقصله قصلا، أي: قطعه
وهي: آلة لتنفيذ حكم القصاص، وتسمى أرجوحة الموت، ذات شفرة حادة قاطعة تستخدم في الإعدام فتفصل الرأس عن الجسد
4- الرمي بالرصاص:
تتميز هذه الطريقة من وسائل التنفيذ بالسرعة والإنجاز
5- الشنق:
وهو الوسيلة الأغلب شيوعا في التنفيذ"
وما قاله الباحث أو نقله عن مضاعفة الأم وغير هذا هو كلام لا علاقة بالعلم وهو الحقيقة فلا أنا ولا هو ولا غيرنا قاس كمية ألم الضحية قبل موته بالقتل ومن ثم لا يمكن معرفة كمية ألم القاتل عند قتله
ومن ثم فالحديث هنا حديث تخريفى محض
وأما حكاية عدم تشويه جسم القاتل فضرب من الخبل فإذا كان القتل نفسه شوه جسم القتيل بالحرق أو بالطعن أو بتكسير عظامه أو غير هذا فالواجب هو فعل ما فعله القاتل نفسه فى القتيل بعض النظر عن التشويه أو غير هذا وهذا هو ما سماه الله عدم الإسراف فى القتل سواء بزيادة عدد المقتولين أو بزيادة شىء عن مماثلة فعل القتيل وفى هذا قال تعالى " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا"
وتحدث الباحث عن الربط بين الحكم الشرعي والآلات الحديثة فقال:
"الربط بين الحكم الشرعي والآلات الحديثة:
إذا طبقنا الضوابط على الآلات الحديثة نخرج بجواز التنفيذ ببعض الطرق الحديثة، ضمن الضوابط السابقة، ذلك أن الوسائل المستخدمة تؤدي إلى الموت بسرعة ويسر دون تعذيب للجاني، ولا يترتب عليه تمثيل بالقاتل ولا مضاعفة تعذيبه وهذا ما ذهب إليه عبد القادر عودة إذ يقول:"هل يجوز الاستيفاء بما هو أسرع من السيف؟ الأصل في اختيار السيف أداة للقصاص أنه أسرع في القتل، وأنه يزهق روح الجاني بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب، فإذا وجدت أداة أخرى أسرع من السيف فلا مانع شرعا من استعمالها، فلا مانع من استيفاء القصاص بالمقصلة، والكرسي الكهربائي" أن مستندا بذلك إلى الفتوى الصادرة عن لجنة الفتوى في الأزهر الشريف التي جاء في نصها:"واللجنة ترى أنه لا مانع شرعا من استيفاء القصاص بالمقصلة والكرسي الكهربائي وغيرهما مما يفضي إلى الموت بسهولة وإسراع، ولا يتخلف الموت عنه عادة، ولا يترتب عليه تمثيل بالقاتل، ولا مضاعفة تعذيبه"كن الباحث يرفض جواز استخدام الكرسي الكهربائي في عملية القصاص والإعدام؛ مستندا بذلك إلى ما سبق بيانه من الآثار التي يتركها استخدام الكرسي الكهربائي من تشويه لجسم الإنسان،إضافة إلى كون استعماله ينافي حكمة التشريع ؛ لما فيها من تعذيب يتنافى استعمالها مع مقصود المشرع، والله تعالى أعلم"
وكلام عودى والقوم عن سرعة ازهاق نفس القاتل يتناسى الضحية فهل تكم إزهاق نفسها بسرعة أم لا ؟
العدل يتطلب أن تزهق نفس القاتل بطريقة إزهاق نفس الضحية وليس بسرعة لأن الغرض من القتل الذى سيراه طائفة من المؤمنين هو أن يأخذوا العظة والعبرة مما يحدث للقاتل وهذا لا يظهر إلا عبر تألمه وأما القضاء عليه بالسيف فى ثوانى أو برصاصة فى ثوانى فهذا لا يظهر ألما مع أنه الواجب فى حالة قتل الضحية بالسيف أو بالرصاص
مؤلف الكتاب حمزة عبد الكريم حماد وهو يدور حول حكم الإسلام فى طرق القتل التى يظن أنها مستحدثة وفى هذا قال حماد :
"تمهيد:
إن الإسلام جاء لإيجاد مجتمع فاضل تختفي فيه الرذائل، وتظهر فيه الفضائل، ولا يمكن أن تختفي الرذائل إلا إذا كان ثمة زواجر تحمي المجتمع وتنقي جوهره وقد عرض القرآن الكريم لجرائم مخصوصة لما لها من أثر سيئ في النظام العام؛ لذا فقد فرض لها عقوبات معينة تقلل من وقوعها وهذه الجرائم ترجع إلى الجناية على النفس والمال والعرض والنسب والعقل والدين والنظام العام،فالجناية على النفس تكون بالقتل أو إتلاف عضو منها وعلى المال تكون بالسرقة وعلى العرض تكون بالقذف وعلى النسب تكون بالزنا وعلى العقل تكون بشرب المسكر وعلى الدين تكون بالردة وعلى النظام العام تكون بقطع الطريق والإفساد في الأرض وقد وضعت الشريعة الإسلامية عقوباتها بناء على طبيعة الإنسان، ففي طبيعة الإنسان أن يخشى ويرجو، وطبيعة الإنسان تلازمه في الخير والشر، في الأعمال المباحة والمحرمة فلا يرتكب الجريمة إلا لما ينتظره منها من منفعة، ولا ينتهي عن الجريمة إلا لما يخشاه من مضارها، فكلما اشتدت العقوبة؛ كلما ابتعد الناس عن الجريمة، وكلما خفت الجريمة؛ كلما زاد إقبال الناس عليها، ومن هذه الجرائم الخطرة جريمة القتل؛ فكان العقوبة مشددة فيها؛ لأنها تمس كيان الأمة ونظامها، فالتساهل فيها يؤدي إلى أسوأ النتائج، والتشدد فيها يؤدي إلى قلة وقوعها لذا جاءت فكرة هذا البحث من دراسة مسألة من مسائل القصاص ألا وهي: وبالتحديد كيفية تنفيذ القصاص والإعدام في ظل المعطيات الحديثة"
استهل الباحث الكتاب بموقف الفقه من عملية القتل بالطرق المختلفة وبين اختلاف الفقهاء فى كيفية قتل القاتل فقال :
"المسألة الأولى:
موقف الفقه الإسلامي:
عند البحث في كتب الفقهاء، نجد أنها تناولت هذه القضية تحت عنوان: هل يكون القصاص بالسيف أم بغيره؟
سبب الاختلاف:
يعود سبب الاختلاف في هذه المسألة إلى التعارض الظاهري في الأحاديث التي استدل بها كل فريق
آراء الفقهاء:
انقسمت آراء الفقهاء في هذه المسألة إلى رأيين:
1- الرأي الأول:
لا يستوفي القصاص إلا بالسيف وذهب إلى هذا: الحنفية، ورواية عند الحنابلة
2- الرأي الثاني:
يفعل بالجاني بمثل ما فعل بالمجني عليه، إلا إذا كان الفعل محرما في نفسه ففيه أقوال وذهب إلى هذا المالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة، والظاهرية"
المسألة فى القرآن واضحة فالمطلوب هو القصاص والقصاص هو تطبيق لقوله تعالى "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"
وتحدث الباحث عن أدلة الرأيين والعجيب أنه قال الأدلة كلها من الروايات وفى هذا قال :
"المسألة الثانية:
أدلة الرأي الأول ومناقشتها:
أدلة الرأي الأول:
استدل الفريق القائل "لا قصاص إلا بالسيف" بجملة أدلة، من أبرزها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قود إلا بالسيف"
وجه الدلالة في الحديث:
إن الحديث نص على نفي استيفاء القود – أي: القصاص- بغير السيف، وتجدر الإشارة هنا إلى كلام الإمام الطحاوي إذ يقول في شرحه لهذا الحديث:"دل الحديث أن القود لكل قتيل ما كان لا يكون إلا بالسيف"، وقال الإمام السندي :"لا يجب القصاص إذا كان قتلا إلا بالسيف"
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته"
وجه الدلالة في الحديث:
إن النبي (ص) أمر بالإحسان في القتل، ولا يكون هذا إلا بالسيف، ولذلك كان عليه السلام يأمر من أراد ضرب عنقه أن يضرب بالسيف حتى اشتهر ذلك بين أصحابه، ثم إن الإحسان بالذبح مطلوب للحيوان، ففي حق الإنسان من باب أولى
نهى النبي (ص)عن المثلة، وذلك في قوله: "لا تمثلوا"
وجه الدلالة في الحديث:
إذا قتل المجني عليه بغير السيف، فلا يقتص من الجاني بمثل ما فعل(أي: لا يقتص من الجاني بمثل الفعل والطريقة التي قتل بها المجني عليه وذلك تطبيقا للحديث وهو النهي عن المثلة؛ ولأن في ذلك زياد تعذيب
مناقشة أدلة الرأي الأول:
بعد أن عرضت جملة من الأدلة التي استدل بها الفريق الأول، ننتقل إلى مناقشة هذه الأدلة
الحديث الأول "لا قود إلا بالسيف"، الرد: حديث ضعيف لا تقوم به قوة على الاستدلال به، حيث قال ابن حزم فيه: "حديث مرسل، ولا يحل الأخذ بالمرسل"، وقال عنه الإمام البيهقي: "لم يثبت فيه إسناد"وقد وقف الباحث على جملة من أقوال المعاصرين حول هذا الحديث ، وهم: محمد ناصر الدين الألباني إذ يحكم في كتابه ضعيف سنن ابن ماجه على رواية النعمان بن بشير لهذا الحديث بأنه-أي الحديث-: ضعيف جدا، ويحكم على رواية أبي بكرة بأنه-أي الحديث-: ضعيف، ووجد الباحث كذلك أن الألباني في كتابه إرواء الغليل يحكم على الحديث بالضعف أيضا،إضافة إلى ذلك فإن مجدي الشورى في تخريجه للسنن الدارقطني قد قال في هذا الحديث: إسناده ضعيف جدا وقد يجاب عليهم في ذلك: إن الحديث ورد من عدة طرق يقوي بعضها بعضا، لكن الباحث تتبع أقوال المحققين حول هذا الحديث ، ومنها: ما ذكره بشار معروف في تحقيقه لسنن ابن ماجه بعد أن تتبع الحديث فقال:"إسناده ضعيف"، وكذلك قال عنه محمد ضياء الرحمن الأعظمي في كتابه المنة الكبرى بعد أن جمع طرق الحديث ورواياته:"صح قول المؤلف-أي الإمام البيهقي- لم يثبت في إسناد"
حديث الإحسان رد عليه الإمام ابن حزم بـ: إن غاية الإحسان في تنفيذ القتل هو: أن يقتل الجاني بمثل ما قتل به، وهذا قمة العدل والإنصاف، لكن الباحث يرى أن ما ذكره ابن حزم أحد أنواع الإحسان فهو على سبيل التمثيل لا الحصر هذا أولا، وثانيا، يرى الباحث أن هذا الرد غير دقيق ؛ لأن مرتبة الإحسان فوق مرتبة العدل، إضافة إلى ذلك فإن الحديث-كما وضح الإمام ابن رجب- يدل بصريح نصه على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يباح إزهاقها على أسهل الوجوه
أما حديث النهي عن المثلة: فيرد عليه من وجهين: الأول: إن النهي في هذا الحديث محمول على من وجب قتله من غير مكافأة(أي: من غير معاقبته بمثل ما فعل) الثاني: إن المثلة لا تكون في الذي أوجبه الله تبارك وتعالى علينا، فرجم الزاني المحصن ليس بمثلة؛ ذلك لأن الله عز وجل أمر بذلك"
أثبت الباحث عدم صحة الروايات الوارد فى الرأى سندا كما أنها تتعارض مع القرآن فى المثلية فى قوله تعالى :
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
وتتنافى مع تعدد طرق القتل فى حد الحرابة حيث القتل العادى ذبحا والقتل صلبا بتقطيع اليد والرجل والنفى من الأرض وهو الإغراق فى الماء وفى هذا قال تعالى :
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم"
وناقش الباحث أدلة الرأى الثانى فقال :
"المسألة الثالثة:
أدلة الرأي الثاني ومناقشتها:
استدل القائلون بالقول الثاني بجملة أدلة، منها:
النصوص القرآنية الدالة على وجوب المماثلة في الجزاء والعقاب، منها قوله تعالى: "إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" أصل العقاب في اللغة: المجازاة على الفعل، فالفعل ابتداء ليس عقابا،وإنما سماه الله عقابا على طريق المشاكلة فهذه الآية تدل على المماثلة في القصاص، وعلى وجوب المثل
قوله تبارك وتعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"
وجه الدلالة في الآية الكريمة:
إن القصاص مأخوذ من قص الأثر، أي: اتباعه، فصار المعنى أن يتبع الجارح والقاتل فيفعل به مثل ما فعل بالمقتول، فالقصاص يستلزم المماثلة، أي: المماثلة في الجزاء والعقاب
حديث الجارية: فقد ورد أن جارية خرجت بالمدينة، فرماها يهودي بحجر، فجيء بها إلى النبي (ص)وبها رمق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فأعاد عليها، وقال: فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فقال لها في الثالثة: فلان قتلك؟ فخفضت رأسها، فدعا به رسول الله (ص)فقتله بين حجرين"
وجه الدلالة في الحديث:
إن النبي (ص)قتل اليهودي قصاصا بمثل ما قتل به الجارية
قوله صلى الله عليه وسلم: "من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه"
وجه الدلالة في الحديث:
تصريح النبي (ص)أن القاتل يقتص منه بالطريقة التي قتل بها المجني عليه، حتى الإحراق والإغراق يقتص من القاتل بنفس الطريقة
الاستدلال العقلي:
قتل الجاني بمثل ما قتل به هو تحقيق لمعنى المماثلة والمساواة في القصاص
مناقشة أدلة الرأي الثاني:
إن الآية: "إن عاقبتم فعاقبوا" غير صالحة للاستدلال هنا، حيث إنها وردت في مقتل حمزة بن عبد المطلب ، حيث قال رسول الله (ص): "لئن ظفرت بهم، لأمثلن بسبعين رجلا منهم" فنزلت الآية
أما الآية: "ولكم في القصاص…"
يرد عليهم بـ:
إن المماثلة متحققة في إتلاف نفس الجاني مثل ما أتلف نفس المجني عليه، وعند ذلك نحقق معنى المماثلة
أما حديث الجارية:
فيرد عليهم بـيحتمل أن يكون مشروعا ثم نسخ
أو أن يكون اليهودي سعى في الأرض فسادا؛ فيقتل، إن رأى الإمام في قتله مصلحة ويستدرك الباحث على هذا الرد بكونه مجرد احتمال فقط لا يستند إلى دليل
حديث: "من حرق حرقناه…"
يرد عليه بـ:
لا تقوم بهذا الحديث حجة؛ لأنه حديث ضعيف، ووجه ضعفه كما بينه الإمام ابن حجر أن في إسناده بعض من يجهل
يرد على الاستدلال العقلي بـ:
لا نسلم لكم بوجود المساواة؛ لأن قتل الجاني بمثل ما قتل به لا يخلو من زيادة فامتنعت المساواة
مسألة: إذا كان القتل بفعل محرم ، فكيف يكون القصاص عند أصحاب هذا القول(القائلين بالمماثلة)؟
صورة المسألة: إذا مات إنسان من جراء فعل محرم كمن جرع خمرا من قبل رجل آخر ومات الأول، أو كمن مات من جراء السحر
حكم المسألة: اختلفت الآراء في هذه المسألة على النحو الآتي:
عند الشافعية: إذا قتله بسحر، يقتص منه بالسيف؛ لأن السحر حرام
إذا قتله بتجرع الخمر فالصحيح عندهم أنه يقتل بالسيف، ورأى عندهم أنه يسقى مائعا مباح كخل مثلا
عند المالكية: يستوفى القصاص بالسيف"
هذا الرأى هو حكم الله ولا مجال لتضعيف آيات القرآن فى حال تم تضعيف الروايات ومن ثم لا قيمة لكل تلك المناقشات التى تعتبر تكذيبا لآيات الله نفسها
والمتحدثين عن المجرم وألمه نسوا ألم الضحية والألم شىء لا يمكن قياسه ولا ضبطه ولكن المضبوط هو آلة القتل أو طريقته فالمطلوب هو المماثلة فيها فمن سم الضحية سم بنفس السم ومن قتل الضحية طعنا بعشر طعنات طعن عشر طعنات فقط ويترك حتى يموت ومن أسقط الضحية من فوق مرتفع أسقط من فوق نفس المرتفع
وأما حكاية القتل بشىء محرم فلا مانع من استخدام المحرم فى قتل القاتل لأنه هذا هو القصاص والمماثلة ومن اخترعوا القتل بالمحرم نسوا أن الخمر لا تقتل فى العادة والسحر أساسا لا يقتل لأنه قتال
وتحدث الباحث عن ضوابط استخدام آلات القصاص فقال :
"المسألة الرابعة:
الرأي الراجح وضوابط استخدام آلات القصاص:
الرأي الراجح:
بعد النظر في الأدلة يمكننا أن نجد طريقة للجمع بين الأدلة، من باب إعمال الدليلين أولى من إهمالهما فأقول:
إن أمكن تطبيق القصاص بنفس الطريقة التي ارتكبها الجاني نفعل ذلك
إن لم يمكننا ذلك، وهذه الحالة هي ما نعايشه اليوم، حيث إن الدولة هي التي تنفذ الحكم وليس الأفراد، وتنفيذ الحكم يقع من قبل الدولة
فيذهب الباحث إلى الانطلاق من تعليل الحنفية من الاقتصار على استخدام السيف كما قال الجصاص بـ: "إن المراد بالقصاص إتلاف نفسه -أي القاتل- بأيسر الوجوه وهو السيف" فالعلة هي إذا إيقاع القتل بأي أداة تزهق روح الجاني بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما فمتى وجدت العلة؛
نثبت بها الحكم، فإذا زالت العلة ؛ زال الحكم بزوالها و انتهى بانتهائها
، فأي وسيلة تحققت فيها العلة وهي كما ذكرنا إزهاق روح القاتل بأيسر الطرق جاز استخدامها لتنفيذ القصاص والإعدام ضمن ضوابط ينبغي مراعاتها وبناء عليه يجوز استخدام وسائل غير السيف في القصاص والإعدام ضمن ضوابط محددة ما دامت تحقق مقصود المشرع من إحسان القتل
رأي الباحث:
إن إحسان القتل قديما كان لا يحصل إلا بالسيف، فالأمر باستخدام السيف أصبح معروف العلة، وليس بأمر تعبدي، كما وضح ذلك الإمام الشوكاني إذ يقول:"إحسان القتل لا يحصل بغير ضرب العنق بالسيف كما يحصل به؛ لهذا كان (ص)يأمر بضرب عنق من أراد قتله حتى صار ذلك هو المعروف في أصحابه، فإذا رأوا رجلا يستحق القتل قال قائلهم: يا رسول الله دعني اضرب عنقه" وعليه، يرى الباحث أن التركيز لا أن بد ينصب على مبدأ الإحسان في القتل الذي قال به الحنفية مستندين بذلك إلى الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبحته" وقد وضح الأمام النووي أن هذا النص عام في كل قتل من الذبائح، والقتل قصاصا، وفي الحدود كذلك،ويمكن للباحث أن يوجه حديث :"لا قود إلا بالسيف" إذا سلمنا بصحته، بكونه مبني على عرف ذاك الزمان بحيث كان السيف وقتئذ هو أسرع طرق القتل وهو نص عام ينطبق على كل حالات القتل ومنها القصاص،وبناء على ذلك يرى الباحث أن الشريعة الإسلامية لم تعين آلة خاصة لاستيفاء القصاص، وإنما طلبت "إحسان القتلة" وإحسانها يكون بكل ما لا يحدث مثلة ولا مضاعفة ألم، وعلى ذلك يجب التنفيذ بكل آلة تحقق الإحسان على هذا الوجه، وكلما تقدمت الحياة في ابتكار وسائل حسان في القتلة على هذا الوجه وجب شرعا المصير إلى التنفيذ به وهذا ما ذهب إليه الشيخ محمود شلتوت
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه : لو اكتشف العلم الحديث أدوات جديدة للإعدام والقصاص فإن حكمها الشرعي يكون جواز استخدامها، ولا يرى الباحث ضرورة للوقوف عند استعمال السيف بل يباح استخدام أي أداة تحقق مقصود الشارع من القتل ألا وهو الإحسان في القتل إضافة إلى الضوابط الآتية:
أن تكون الوسيلة قادرة على إنهاء الحياة بسرعة دون بطئ؛ حتى لا تسبب عذابا وألما لمن وجب عليه القتل
أن لا تكون الوسيلة المستخدمة تؤدي إلى تشويه جسم الإنسان؛ وذلك للنهي عن المثلة، إضافة إلى أن ذلك تنافي تكريم الله للإنسان
المسألة الخامسة
آلات القصاص والإعدام الحديثة وربطها بالحكم الشرعي
آلات القصاص والإعدام الحديثة:
ظهر في الوقت الحاضر عدة آلات وأساليب للقصاص والإعدام، وأبرز هذه الآلات هي:
الكرسي الكهربائي
الحقنة القاتلة
المقصلة
الرمي بالرصاص
الشنق
1- الكرسي الكهربائي:
كان أول استخدام لهذه الطريقة في أمريكا في السادس عشر من آب سنة 1890م وأول من طبق عليه الموت بهذه الطريقة وليام كيملر في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية
أما تعريف الصعق الكهربائي فهو:
تهيج يصيب الأنسجة الحية، بسبب مرور التيار الكهربائي خلال جسم الإنسان والذي يترافق مع التقلص التشنجي غير الإرادي للعضلات
ويتميز الصعق الكهربائي بـ:
رد فعل عصبي شديد، والذي يترافق بتعطل دوران الدم والتنفس
أما عن تأثيره على الجسم:
تظهر الإثارة والتهيج على عضلات الجسم والقلب والدورة الدموية والجهاز العصبي المركزي
يظهر تأثيره الحراري على هيئة حروق بسيطة أو شديدة تصيب أجزاء الجسم التي سرى فيها التيار الكهربائي
قد تحدث التواءات مفاجئة في أطراف الجسم أو أعضائه وتتكسر بعض عظامه نتيجة التقلص في العضلات التي يسري فيها التيار الكهربائي
2- الإعدام بالمواد الكيماوية:
وقوام هذه الطريقة التي تسمى بالإنجليزية Harbiturate sodium thiopnal حقن الشخص ثلاث جرعات في ذراع المحكوم عليه، وتبلغ الجرعة الأولى غرامان، أي: خمسة أضعاف جرعة التخدير التي تتطلبها العمليات الجراحية، وهي كفيلة بموت الإنسان، أما الجرعتان الثانية والثالثة، فالمقصد منها التأكيد من أن الموت قد وقع
وقوام الجرعة الثانية 100 ملغرام من مادة pancur onium bromide التي من شأنها أن تحدث الشلل الكامل في جسم المحكوم عليه فتضمن إيقاف التنفس تماما إذا لم يكن قد توقف إثر الجرعة الأولى
ثم تأتي الجرعة الثالثة والأخيرة وقوامها مادة Patassium chloride الكفيلة بإيقاف نبضات القلب نهائيا إذا لم تكن قد توقفت من قبل، وأول من أعدم بهذه الطريقة شارلي بروكس
3- المقصلة:
أصل القصل في اللغة العربية: القطع، قصل الشيء يقصله قصلا، أي: قطعه
وهي: آلة لتنفيذ حكم القصاص، وتسمى أرجوحة الموت، ذات شفرة حادة قاطعة تستخدم في الإعدام فتفصل الرأس عن الجسد
4- الرمي بالرصاص:
تتميز هذه الطريقة من وسائل التنفيذ بالسرعة والإنجاز
5- الشنق:
وهو الوسيلة الأغلب شيوعا في التنفيذ"
وما قاله الباحث أو نقله عن مضاعفة الأم وغير هذا هو كلام لا علاقة بالعلم وهو الحقيقة فلا أنا ولا هو ولا غيرنا قاس كمية ألم الضحية قبل موته بالقتل ومن ثم لا يمكن معرفة كمية ألم القاتل عند قتله
ومن ثم فالحديث هنا حديث تخريفى محض
وأما حكاية عدم تشويه جسم القاتل فضرب من الخبل فإذا كان القتل نفسه شوه جسم القتيل بالحرق أو بالطعن أو بتكسير عظامه أو غير هذا فالواجب هو فعل ما فعله القاتل نفسه فى القتيل بعض النظر عن التشويه أو غير هذا وهذا هو ما سماه الله عدم الإسراف فى القتل سواء بزيادة عدد المقتولين أو بزيادة شىء عن مماثلة فعل القتيل وفى هذا قال تعالى " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا"
وتحدث الباحث عن الربط بين الحكم الشرعي والآلات الحديثة فقال:
"الربط بين الحكم الشرعي والآلات الحديثة:
إذا طبقنا الضوابط على الآلات الحديثة نخرج بجواز التنفيذ ببعض الطرق الحديثة، ضمن الضوابط السابقة، ذلك أن الوسائل المستخدمة تؤدي إلى الموت بسرعة ويسر دون تعذيب للجاني، ولا يترتب عليه تمثيل بالقاتل ولا مضاعفة تعذيبه وهذا ما ذهب إليه عبد القادر عودة إذ يقول:"هل يجوز الاستيفاء بما هو أسرع من السيف؟ الأصل في اختيار السيف أداة للقصاص أنه أسرع في القتل، وأنه يزهق روح الجاني بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب، فإذا وجدت أداة أخرى أسرع من السيف فلا مانع شرعا من استعمالها، فلا مانع من استيفاء القصاص بالمقصلة، والكرسي الكهربائي" أن مستندا بذلك إلى الفتوى الصادرة عن لجنة الفتوى في الأزهر الشريف التي جاء في نصها:"واللجنة ترى أنه لا مانع شرعا من استيفاء القصاص بالمقصلة والكرسي الكهربائي وغيرهما مما يفضي إلى الموت بسهولة وإسراع، ولا يتخلف الموت عنه عادة، ولا يترتب عليه تمثيل بالقاتل، ولا مضاعفة تعذيبه"كن الباحث يرفض جواز استخدام الكرسي الكهربائي في عملية القصاص والإعدام؛ مستندا بذلك إلى ما سبق بيانه من الآثار التي يتركها استخدام الكرسي الكهربائي من تشويه لجسم الإنسان،إضافة إلى كون استعماله ينافي حكمة التشريع ؛ لما فيها من تعذيب يتنافى استعمالها مع مقصود المشرع، والله تعالى أعلم"
وكلام عودى والقوم عن سرعة ازهاق نفس القاتل يتناسى الضحية فهل تكم إزهاق نفسها بسرعة أم لا ؟
العدل يتطلب أن تزهق نفس القاتل بطريقة إزهاق نفس الضحية وليس بسرعة لأن الغرض من القتل الذى سيراه طائفة من المؤمنين هو أن يأخذوا العظة والعبرة مما يحدث للقاتل وهذا لا يظهر إلا عبر تألمه وأما القضاء عليه بالسيف فى ثوانى أو برصاصة فى ثوانى فهذا لا يظهر ألما مع أنه الواجب فى حالة قتل الضحية بالسيف أو بالرصاص