"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون"المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الكيل والوزن بالعدل لا تحمل نفس إلا طاقتها وإذا تحدثتم فاقسطوا ولو كان صاحب قرابة وبميثاق الله اعملوا ذلكم أمركم الله به لعلكم تطيعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم أن من عبادة الله ألا يقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يأخذوا من ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل وهى المعروف مصداق لقوله بسورة النساء"ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف"وهو ما يكفى طعامه ومأواه وكسوته ودوائه ويظل هذا المنع حتى يبلغ أشده والمراد حتى يصل اليتيم إلى رشده العقلى فيؤتى ماله مصداق لقوله بسورة النساء"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم"ويطلب منه أن يقول وأوفوا الكيل والميزان بالقسط والمراد وأتموا العمل أى الفعل بالعدل وهذا يعنى أن يعملوا العمل كما أراد الله أن يعمل بالعدل حتى يتقبله منهم وفسر هذا بأن بعهد الله أوفوا أى بعدل الله وهو عقد الله اعملوا مصداق لقوله بسورة المائدة"أوفوا بالعقود"ويبين لهم أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها والمراد لا يفرض على إنسان سوى طاقته وهو ما أتاه أى ما أوحى له ويطلب منهم إذا قالوا أن يعدلوا ولو كان ذا قربى والمراد إذا تحدثوا عن إنسان أن يقسطوا فى الحديث حتى ولو كان هذا الإنسان قريب لهم وهذا معناه التكلم عن الناس بالعدل وهو قول الصدق سواء كان ذما أو مدحا ويبين لهم أن ذلكم وهو ما سبق من الأحكام وصاهم به أى أمرهم الله به والسبب لعلهم يذكرون أى يعقلون أى يطيعون الأحكام مصداق لقوله فى الآية السابقة"لعلكم تعقلون"والخطاب للنبى(ص).
"وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"المعنى وأن هذا دينى عادلا فأطيعوه ولا تطيعوا الأديان الأخرى فيبعد بكم عن رحمته ذلكم أمركم به لعلكم تطيعون ،يخاطب الله الناس فيقول:وأن هذا أى وأن الإسلام دينى عادلا فأطيعوه والمراد أن هذا كتابى المنزل فأطيعوا ما فيه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه" ولا تتبعوا السبل والمراد ولا تطيعوا أديان الشيطان وهى أديان الكفر مصداق لقوله بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فتفرق بكم عن سبيله والمراد فتبعدكم عن رحمته وهذا يعنى أن طاعة أديان الكفر يبعد المطيعين لها عن رحمة الله وهى جنته،ويبين لهم أن ذلكم وهو اتباع الإسلام وصاهم به أى أمرهم به والسبب لعلكم تتقون أى ترحمون باتباعكم له والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس .
"ثم أتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا لكل شىء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون"المعنى ثم أوحينا لموسى (ص)التوراة كاملة على الذى أعدل أى تبيانا لكل قضية أى رشاد أى نفع لعلهم بجزاء إلههم يصدقون،يبين الله للناس أنه أتى أى أوحى أى أنزل لموسى (ص)الكتاب وهو التوراة مصداق لقوله بسورة المائدة"إنا أنزلنا التوراة "وهو تمام على الذى أحسن والمراد كامل على الدين الأعدل وهذا يعنى أن التوراة بها دين الله العادل كامل لا ينقصه شىء وفسر هذا بأنها تفصيل لكل شىء والمراد بيان لكل موضوع وهذا يعنى أن بها حكم كل قضية تحدث بين الخلق وفسر هذا بأنها هدى أى رحمة أى نفع للخلق فى جميع الأحوال والسبب فى إنزالها أن يؤمن القوم بلقاء ربهم والمراد أن يوقن الناس بجزاء إلههم مصداق لقوله بسورة الرعد "لعلكم بلقاء ربكم توقنون"وهذا يعنى حتى يصدق الناس بالبعث والحساب فيعملوا من أجل دخول الجنة والخطاب للنبى(ص).
"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون"المعنى وهذا وحى أوحيناه دائم فأطيعوه أى اتبعوا لعلكم تفلحون ،يبين الله للناس أن هذا وهو الوحى وهو القرآن وتفسيره كتاب أى حكم أنزلناه أى أوحيناه مبارك أى دائم فاتبعوه أى فأطيعوا أحسن ما فيه مصداق لقوله بسورة الزمر"واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم"وفسر اتبعوه باتقوا أى أطيعوا حكم الله والسبب لعلكم ترحمون مصداق لقوله بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"والمراد حتى تفوزون برحمة الله وهى جنته والخطاب وما بعده للناس.
"أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزى الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون"المعنى كى لا تقولوا إنما أوحى الحكم إلى جماعتين ممن سبقونا وإن كنا عن تعلمهم لساهين أو تقولوا لو أنا أوحى لنا الحكم لكنا أرشد منهم فقد أتاكم برهان من إلهكم أى نفع أى رشاد فمن أكفر ممن كفر بأحكام الله أى أعرض عنها سنذيق الذين يعرضون عن أحكامنا أعظم العقاب بالذى كانوا يكفرون ،يبين الله للناس أنه أنزل لهم الوحى وهو القرآن وتفسيره والمراد كى لا يحتجوا فى الآخرة قائلين:إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا والمراد إنما أوحى الحكم إلى جماعتين ممن سبقونا أى اليهود والنصارى وإنا كنا عن دراستهم غافلين والمراد وإنا كنا عن تعلمهم ساهين وهذا يعنى أنهم لم يعرفوا بهم أى لم يبلغوا بهم ،وحتى لا يقولوا فى الآخرة لو أنا أنزل علينا الكتاب والمراد لو أنا أوحى لنا الحكم الإلهى لكنا أهدى أى أرشد أى أعقل منهم بطاعتنا له ،ويبين لهم أنهم جاءهم بينة من ربهم أى أنهم أتاهم نور من إلههم مصداق لقوله بسورة المائدة"قد جاءكم نور وكتاب مبين"وفسر البينة بأنها هدى أى رحمة والمراد نفع لمن أطاعه وبين لهم أن ليس هناك أظلم ممن كذب بآيات الله والمراد ليس هناك أكفر من الذى أعرض عن أحكام الله وفسر هذا بأنه صدف أى أعرض أى كفر بها مصداق لقوله بسورة الكهف"ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها "ويبين لهم أنه سيجزى الذين يصدفون عن آياته سوء العذاب والمراد أنه سيمس الذين كذبوا بأحكام الله أعظم العقاب والسبب ما كانوا يصدفون أى يفسقون أى يكفرون وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" .
"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى إحدى آيات ربك يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون"المعنى هل يتربصون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء بعض علامات إلهك يوم يجىء بعض علامات إلهك لا يفيد نفس تصديقها إن لم تكن صدقت من قبل أى عملت فى دينها نفعا قل تربصوا إنا متربصون ،يسأل الله :هل ينظرون أى هل ينتظر الكفار إلا أن تأتيهم الملائكة أى تحضر لهم الملائكة أو يأتى ربك والمراد يحضر بعض آيات إلهك؟والغرض من السؤال إخبار النبى(ص)أن الناس ينتظرون حضور التالى :الملائكة والرب أى بعض آيات الله وهى أوامر الله بالعلامات مصداق لقوله بسورة النحل"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك "حتى يؤمنوا،ويبين له أن يوم يأتى بعض آيات ربه والمراد يوم تحدث بعض علامات القيامة لا ينفع نفس إيمانها أى لا يفيد مخلوق تصديقها بالله إن لم تكن أمنت أى صدقت من قبل مصداق لقوله بسورة السجدة"قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم "وفسر هذا بأن تكون كسبت فى إيمانها خيرا أى عملت فى دينها نفعا والمراد أطاعت بتصديق الوحى أحكام الله أى صنعت بإسلامها حسنا ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس انتظروا إنا منتظرون أى "فتربصوا إنا معكم متربصون" وهذا يعنى أنه يطلب منهم الثبات على كفرهم مع ثبات المسلمين على إسلامهم حتى يعرفوا عند مجىء القيامة من الفريق الفائز فيهما والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون"المعنى إن الذين قسموا حكمهم وكانوا أحزابا لست منهم فى دين إنما مردهم إلى الله ثم يخبرهم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ليس من الذين فرقوا دينهم وهم الذين قسموا حكمهم الحق إلى أديان عدة بسبب تفسير كل جماعة للحق على هواها فكانت النتيجة أنهم أصبحوا شيعا أى أحزابا أى فرق كل فرقة على دين مخالف للأخريات،ويبين له أنه ليس منهم فى شىء والمراد ليس على دين من أديانهم وإنما على دين الله ثم يبين له أن الشيع أمرهم وهو مردهم أى مرجعهم إلى الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم إلى ربهم مرجعهم"ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون والمراد ثم يخبرهم بالذى كانوا يعملون فى حياتهم الدنيا من خلال تسليمهم الكتب المنشرة.
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون"المعنى من أتى بالنافع من العمل فله عشر أضعافها ومن أتى بالفاسدة فلا يعاقب إلا بعقابها وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن من جاء بالحسنة أى من اقترف عمل صالح فله عشر أمثالها أى فله عشر زيادات حسنات مصداق لقوله بسورة الشورى"ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا "وأما من جاء بالسيئة أى من عمل الذنب فلا يجزى إلا مثلها والمراد فلا يعاقب إلا عقابها وهذا يعنى أنه يدخل النار فهى عقاب السيئة مصداق لقوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"وفسر هذا بأنهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود وهذا يعنى أنه لا ينقص حق أحد فى الآخرة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"المعنى قل إننى علمنى إلهى حكما عادلا حكما سليما دين إبراهيم(ص)مسلما وما كان من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم والمراد إننى أرشدنى إلهى إلى دين عادل وفسره بأنه دينا قيما أى حكما سليما هو ملة إبراهيم حنيفا والمراد دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن دين محمد(ص) هو نفسه دين إبراهيم (ص)وما كان إبراهيم(ص)من المشركين أى الكافرين بدين الله.
"قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"المعنى قل إن طاعتى أى اتباعى وحياتى ووفاتى لله إله الكل لا مقاسم له وبهذا وصيت وأنا أسبق المطيعين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس:إن صلاتى وهى طاعتى للدين أى نسكى أى اتباعى للدين ومحياى أى وحياتى ومماتى أى ووفاتى لله رب العالمين أى بأمر الله خالق الجميع وهذا يعنى أن طاعة الله والبعث والممات كلهم من سلطة الله لا شريك له أى لا مقاسم له فى الطاعة والبعث والممات وبذلك أمرت أى وبعبادة الله وهى طاعته أوصيت مصداق لقوله بسورة الزمر"إنى أمرت أن أعبد الله" وأنا أول المسلمين أى أسبق المطيعين لله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شىء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون"المعنى قل أسوى الله أعبد إلها وهو إله كل مخلوق ولا تعمل كل نفس إلا لها ولا تتحمل نفس عقاب أخرى ثم إلى إلهكم معادكم فيخبركم بالذى كنتم فيه تتنازعون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس :أغير الله أبغى ربا والمراد أسوى الله أعبد إلها أى خالقا مصداق لقوله بسورة الأعراف"أغير الله أبغيكم إلها"وهو رب كل شىء أى وهو خالق كل مخلوق مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهو خالق كل شىء"ولا تكسب كل نفس إلا عليها والمراد ولا تعمل كل نفس إلا لها والمراد أن كل مخلوق جزاء عمله له ثوابا أو عقابا مصداق لقوله بسورة الإسراء "من اهتدى فإنما يهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها" ويبين أن لا تزر وازرة وزر أخرى والمراد لا تتحمل نفس عقاب أخرى وبعد هذا إلى ربكم مرجعكم أى إلى بعث إلهكم عودتكم فينبئكم بما كنتم تختلفون والمراد فيخبركم بالذى كنتم تتنازعون عن طريق إعطاءهم الكتب المنشرة.
"وهو الذى جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم إن ربك سريع العقاب"المعنى وهو الذى خلقكم حكام البلاد وزاد بعضكم على بعض عطايا ليختبركم فيما أعطاكم إن إلهك شديد العذاب،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :والله هو الذى جعلكم خلائف الأرض والمراد هو الذى خلقكم حكام البلاد ورفع بعضكم فوق بعض درجات والمراد وزاد بعضكم على بعض عطايا وهذا يعنى اختلاف الناس فى مقدار ما أعطاهم من الأملاك والمعجزات والسبب ليبلوكم فيما أتاكم والمراد لينظر ماذا تفعلون فى تلك العطايا هل تفعلون الحق أم الباطل ؟ويبين له أن سريع العقاب أى شديد العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"وإن الله شديد العذاب"والقول فى أوله للناس وفى أخره للنبى(ص)مما يدل على كونهم جزئين من آيتين محذوف من كل منهما جزء .
"وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"المعنى وأن هذا دينى عادلا فأطيعوه ولا تطيعوا الأديان الأخرى فيبعد بكم عن رحمته ذلكم أمركم به لعلكم تطيعون ،يخاطب الله الناس فيقول:وأن هذا أى وأن الإسلام دينى عادلا فأطيعوه والمراد أن هذا كتابى المنزل فأطيعوا ما فيه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه" ولا تتبعوا السبل والمراد ولا تطيعوا أديان الشيطان وهى أديان الكفر مصداق لقوله بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فتفرق بكم عن سبيله والمراد فتبعدكم عن رحمته وهذا يعنى أن طاعة أديان الكفر يبعد المطيعين لها عن رحمة الله وهى جنته،ويبين لهم أن ذلكم وهو اتباع الإسلام وصاهم به أى أمرهم به والسبب لعلكم تتقون أى ترحمون باتباعكم له والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس .
"ثم أتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا لكل شىء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون"المعنى ثم أوحينا لموسى (ص)التوراة كاملة على الذى أعدل أى تبيانا لكل قضية أى رشاد أى نفع لعلهم بجزاء إلههم يصدقون،يبين الله للناس أنه أتى أى أوحى أى أنزل لموسى (ص)الكتاب وهو التوراة مصداق لقوله بسورة المائدة"إنا أنزلنا التوراة "وهو تمام على الذى أحسن والمراد كامل على الدين الأعدل وهذا يعنى أن التوراة بها دين الله العادل كامل لا ينقصه شىء وفسر هذا بأنها تفصيل لكل شىء والمراد بيان لكل موضوع وهذا يعنى أن بها حكم كل قضية تحدث بين الخلق وفسر هذا بأنها هدى أى رحمة أى نفع للخلق فى جميع الأحوال والسبب فى إنزالها أن يؤمن القوم بلقاء ربهم والمراد أن يوقن الناس بجزاء إلههم مصداق لقوله بسورة الرعد "لعلكم بلقاء ربكم توقنون"وهذا يعنى حتى يصدق الناس بالبعث والحساب فيعملوا من أجل دخول الجنة والخطاب للنبى(ص).
"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون"المعنى وهذا وحى أوحيناه دائم فأطيعوه أى اتبعوا لعلكم تفلحون ،يبين الله للناس أن هذا وهو الوحى وهو القرآن وتفسيره كتاب أى حكم أنزلناه أى أوحيناه مبارك أى دائم فاتبعوه أى فأطيعوا أحسن ما فيه مصداق لقوله بسورة الزمر"واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم"وفسر اتبعوه باتقوا أى أطيعوا حكم الله والسبب لعلكم ترحمون مصداق لقوله بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"والمراد حتى تفوزون برحمة الله وهى جنته والخطاب وما بعده للناس.
"أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزى الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون"المعنى كى لا تقولوا إنما أوحى الحكم إلى جماعتين ممن سبقونا وإن كنا عن تعلمهم لساهين أو تقولوا لو أنا أوحى لنا الحكم لكنا أرشد منهم فقد أتاكم برهان من إلهكم أى نفع أى رشاد فمن أكفر ممن كفر بأحكام الله أى أعرض عنها سنذيق الذين يعرضون عن أحكامنا أعظم العقاب بالذى كانوا يكفرون ،يبين الله للناس أنه أنزل لهم الوحى وهو القرآن وتفسيره والمراد كى لا يحتجوا فى الآخرة قائلين:إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا والمراد إنما أوحى الحكم إلى جماعتين ممن سبقونا أى اليهود والنصارى وإنا كنا عن دراستهم غافلين والمراد وإنا كنا عن تعلمهم ساهين وهذا يعنى أنهم لم يعرفوا بهم أى لم يبلغوا بهم ،وحتى لا يقولوا فى الآخرة لو أنا أنزل علينا الكتاب والمراد لو أنا أوحى لنا الحكم الإلهى لكنا أهدى أى أرشد أى أعقل منهم بطاعتنا له ،ويبين لهم أنهم جاءهم بينة من ربهم أى أنهم أتاهم نور من إلههم مصداق لقوله بسورة المائدة"قد جاءكم نور وكتاب مبين"وفسر البينة بأنها هدى أى رحمة والمراد نفع لمن أطاعه وبين لهم أن ليس هناك أظلم ممن كذب بآيات الله والمراد ليس هناك أكفر من الذى أعرض عن أحكام الله وفسر هذا بأنه صدف أى أعرض أى كفر بها مصداق لقوله بسورة الكهف"ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها "ويبين لهم أنه سيجزى الذين يصدفون عن آياته سوء العذاب والمراد أنه سيمس الذين كذبوا بأحكام الله أعظم العقاب والسبب ما كانوا يصدفون أى يفسقون أى يكفرون وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" .
"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى إحدى آيات ربك يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون"المعنى هل يتربصون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء بعض علامات إلهك يوم يجىء بعض علامات إلهك لا يفيد نفس تصديقها إن لم تكن صدقت من قبل أى عملت فى دينها نفعا قل تربصوا إنا متربصون ،يسأل الله :هل ينظرون أى هل ينتظر الكفار إلا أن تأتيهم الملائكة أى تحضر لهم الملائكة أو يأتى ربك والمراد يحضر بعض آيات إلهك؟والغرض من السؤال إخبار النبى(ص)أن الناس ينتظرون حضور التالى :الملائكة والرب أى بعض آيات الله وهى أوامر الله بالعلامات مصداق لقوله بسورة النحل"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك "حتى يؤمنوا،ويبين له أن يوم يأتى بعض آيات ربه والمراد يوم تحدث بعض علامات القيامة لا ينفع نفس إيمانها أى لا يفيد مخلوق تصديقها بالله إن لم تكن أمنت أى صدقت من قبل مصداق لقوله بسورة السجدة"قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم "وفسر هذا بأن تكون كسبت فى إيمانها خيرا أى عملت فى دينها نفعا والمراد أطاعت بتصديق الوحى أحكام الله أى صنعت بإسلامها حسنا ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس انتظروا إنا منتظرون أى "فتربصوا إنا معكم متربصون" وهذا يعنى أنه يطلب منهم الثبات على كفرهم مع ثبات المسلمين على إسلامهم حتى يعرفوا عند مجىء القيامة من الفريق الفائز فيهما والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون"المعنى إن الذين قسموا حكمهم وكانوا أحزابا لست منهم فى دين إنما مردهم إلى الله ثم يخبرهم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ليس من الذين فرقوا دينهم وهم الذين قسموا حكمهم الحق إلى أديان عدة بسبب تفسير كل جماعة للحق على هواها فكانت النتيجة أنهم أصبحوا شيعا أى أحزابا أى فرق كل فرقة على دين مخالف للأخريات،ويبين له أنه ليس منهم فى شىء والمراد ليس على دين من أديانهم وإنما على دين الله ثم يبين له أن الشيع أمرهم وهو مردهم أى مرجعهم إلى الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم إلى ربهم مرجعهم"ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون والمراد ثم يخبرهم بالذى كانوا يعملون فى حياتهم الدنيا من خلال تسليمهم الكتب المنشرة.
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون"المعنى من أتى بالنافع من العمل فله عشر أضعافها ومن أتى بالفاسدة فلا يعاقب إلا بعقابها وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن من جاء بالحسنة أى من اقترف عمل صالح فله عشر أمثالها أى فله عشر زيادات حسنات مصداق لقوله بسورة الشورى"ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا "وأما من جاء بالسيئة أى من عمل الذنب فلا يجزى إلا مثلها والمراد فلا يعاقب إلا عقابها وهذا يعنى أنه يدخل النار فهى عقاب السيئة مصداق لقوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"وفسر هذا بأنهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود وهذا يعنى أنه لا ينقص حق أحد فى الآخرة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"المعنى قل إننى علمنى إلهى حكما عادلا حكما سليما دين إبراهيم(ص)مسلما وما كان من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم والمراد إننى أرشدنى إلهى إلى دين عادل وفسره بأنه دينا قيما أى حكما سليما هو ملة إبراهيم حنيفا والمراد دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن دين محمد(ص) هو نفسه دين إبراهيم (ص)وما كان إبراهيم(ص)من المشركين أى الكافرين بدين الله.
"قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"المعنى قل إن طاعتى أى اتباعى وحياتى ووفاتى لله إله الكل لا مقاسم له وبهذا وصيت وأنا أسبق المطيعين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس:إن صلاتى وهى طاعتى للدين أى نسكى أى اتباعى للدين ومحياى أى وحياتى ومماتى أى ووفاتى لله رب العالمين أى بأمر الله خالق الجميع وهذا يعنى أن طاعة الله والبعث والممات كلهم من سلطة الله لا شريك له أى لا مقاسم له فى الطاعة والبعث والممات وبذلك أمرت أى وبعبادة الله وهى طاعته أوصيت مصداق لقوله بسورة الزمر"إنى أمرت أن أعبد الله" وأنا أول المسلمين أى أسبق المطيعين لله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شىء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون"المعنى قل أسوى الله أعبد إلها وهو إله كل مخلوق ولا تعمل كل نفس إلا لها ولا تتحمل نفس عقاب أخرى ثم إلى إلهكم معادكم فيخبركم بالذى كنتم فيه تتنازعون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس :أغير الله أبغى ربا والمراد أسوى الله أعبد إلها أى خالقا مصداق لقوله بسورة الأعراف"أغير الله أبغيكم إلها"وهو رب كل شىء أى وهو خالق كل مخلوق مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهو خالق كل شىء"ولا تكسب كل نفس إلا عليها والمراد ولا تعمل كل نفس إلا لها والمراد أن كل مخلوق جزاء عمله له ثوابا أو عقابا مصداق لقوله بسورة الإسراء "من اهتدى فإنما يهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها" ويبين أن لا تزر وازرة وزر أخرى والمراد لا تتحمل نفس عقاب أخرى وبعد هذا إلى ربكم مرجعكم أى إلى بعث إلهكم عودتكم فينبئكم بما كنتم تختلفون والمراد فيخبركم بالذى كنتم تتنازعون عن طريق إعطاءهم الكتب المنشرة.
"وهو الذى جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم إن ربك سريع العقاب"المعنى وهو الذى خلقكم حكام البلاد وزاد بعضكم على بعض عطايا ليختبركم فيما أعطاكم إن إلهك شديد العذاب،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :والله هو الذى جعلكم خلائف الأرض والمراد هو الذى خلقكم حكام البلاد ورفع بعضكم فوق بعض درجات والمراد وزاد بعضكم على بعض عطايا وهذا يعنى اختلاف الناس فى مقدار ما أعطاهم من الأملاك والمعجزات والسبب ليبلوكم فيما أتاكم والمراد لينظر ماذا تفعلون فى تلك العطايا هل تفعلون الحق أم الباطل ؟ويبين له أن سريع العقاب أى شديد العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"وإن الله شديد العذاب"والقول فى أوله للناس وفى أخره للنبى(ص)مما يدل على كونهم جزئين من آيتين محذوف من كل منهما جزء .