قراءة بكتاب حقوق الحيوان والرفق به في الشريعة الإسلامية
أحمد عبيد الكبيسي
استهل الكبيسى كتابه بنقل مقولة عن كافر فى الفقه فقال :
"طبيعة التشريع الإسلامي:
عن الفقه الإسلامي يقول الدكتور ((أنريكو انساباتو)) في كتابه الإسلام وسياسة الخلفاء: "ولا يجوز قط أن يهدم هذا الصرح العظيم من العلوم الإسلامية، ولا أن يغفل شأنه، أو أن تمسه يد بسوء، وأنه أوجد للعالم أرسخ الشرائع ثباتا، وأنها لشريعة تفوق الشرائع الأوربية في كثير من التفاصيل".
وهذه الحقيقة التي أدركها انساباتو أدركها العديد من فقهاء الغرب ومشرعيه، وهي ناتجة عن الطابع العام للشريعة الإسلامية الذي يحدد مقاصدها، ويوسع مداراتها، وهو الذي يستلهمه الفقهاء فيما يقررون من أحكام."
ثم بين الكبيسى معنى الحق فى الفقه والحق عند الكفار فقال :
وفيما نحن بصدده من الكلام في حقوق الحيوان يتجلى أثر الطابع الجماعي للشريعة الإسلامية في مسألة ((الحق)) أي مدى ما لصاحبه من سلطان في الانتفاع به واستعماله والتصرف به، وما يكون من تقييد الشارع له بألا يضر هذا الاستعمال الغير.
وهذا يقوم على قاعدة راسخة ثابتة تقرر من أول الأمر: أن الإنسان وكل ما يملك ملك لله وحده، ومن هنا كان تقييد استعمال ((الحق)) من نواح عديدة، وقد تولد عن هذا التقييد حقوق للغير، والحيوان من جملة هذا الغير، في الوقت الذي نجد فيه أن أعرق القوانين الوضعية قد جعلت الفردية طابعها العام، فإن القانون الروماني _ في مراحله الأول _ مبني على فكرة استبداد صاحب الحق بما يزعمه من حقه الذي يملكه"
ثم عاد الكبيسى للحديث عن الكفار والحيوان مع أن الكتاب يتحدث عن الشريعة الإسلامية فقال :
أعود إلى موضوعنا فأقول:
في عام 1824 تأسست في إنجلترا أول جمعية للرفق بالحيوان، ثم انتشر هذا التقليد بعد ذلك في كثير من أقطار الأرض، فقامت هنا وهناك جمعيات تهدف إلى الرفق بالحيوان عند المصاحبة، والإحسان إليه في المعاملة، والتلطف معه في السلوك.
غير أن هذه الجمعيات جميعا إنما تقوم على أسس أخلاقية صرفة، وقواعد إنسانية عامة"
ثم تخدث عن كون الرفق شىء عام فى كل حياتنا فقال :
"الرفق مبدأ إسلامي:
يعتمد الإسلام مبدأ الرفق بصورة عامة في جميع شؤون الحياة، فيجعل منه سمة تميز المؤمن، وعنصرا يقوي الإيمان، وفضيلة تزين العمل، وفي ذلك يقول رسول الله من حديث عائشة عن البخاري ومسلم: " إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " وفي رواية لمسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه"، وروى مسلم بسنده عن عائشة: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه".
وعن جرير بن عبد الله أن النبي (ص)قال: "إن الله عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق، وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير" رواه الطبراني، ورواه مسلم وأبو داود مختصرا.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله (ص)قال: " من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وروي عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: "الرفق يمن، والخرق شؤم" رواه الطبراني في الأوسط.
والأحاديث في ذلك كثيرة متوافرة
سقنا بعضها على سبيل التمثيل لا الحصر، وكلها تنص على أن الرفق مبدأ إسلامي يبني التشريع الإسلامي قواعده وأصوله عليه."
وبالقطع ما رواه الرجل عن الرفق ووجوبه فى كل شىء يتعارض مع كتاب الله فى أمرين :
الأول وجوب الغلظة فى الحرب كما قال تعالى :
"يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
ووجوب التخريب والتدمير فى الحرب كما قال تعالى :
" يخربون بيوتهم بأيديهم وايدى المؤمنين"
وقال :
"ما قطعتم من لينة أو تركتموها على أصولها فبإذن الله "
الثانى وجوب العقوبات المؤذية كالقتل وقطع الأيدى والأرجل والنفى من الأرض وهو الإغراق فى المياه كما قال تعالى مثلا فى قوله:
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
ثم تحدث عن حكم الله فى الحيوان فقال :
"نظرة الإسلام إلى الحيوان:
ينظر الإسلام إلى عالم الحيوان إجمالا نظرة واقعية ترتكز على أهميته في الحياة ونفعه للإنسان، وتعاونه معه في عمارة الكون واستمرار الحياة، ومن هنا كان الحيوان ملء السمع والبصر في كثير من مجالات الفكر والتشريع الإسلامي، ولا أدل على ذلك من أن عدة سور في القرآن الكريم وضع الله لها العناوين من أسماء الحيوان مثل سورة البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والفيل.
ويعود القرآن بعد ذلك لينص على تكريم الحيوان، وبيان مكانته، وتحديد موقعه إلى جانب الإنسان، فبعد أن بين الله في سورة النحل قدرته في خلق السموات والأرض، وقدرته في خلق الإنسان، أردف ذلك بقوله {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} .
وقد استنبط الفقهاء والمفسرون من هذه الآيات الأربع من سورة النحل ما يلي:
أولا: أن الحيوان شديد الارتباط بالإنسان، وثيق الصلة به، قريب الموقع منه، ومن هنا كان للحيوان على الإنسان حرمة وذمام. (القرطبي 10/69) .
ثانيا: أن أشرف الأجسام الموجودة في العالم السفلي _ بعد الإنسان - سائر الحيوانات لاختصاصها بالقوى الشريفة وهي الحواس الظاهرة والباطنة والشهوة والغضب (الرازي 19/227) .
ثالثا: أن الله - سبحانه - قصد بهذه الآيات أن يبتعد بالإنسان عن أن ينظر إلى الحيوان نظرة ضيقة لا تتعلق إلا بالجانب المادي المتعلق بالأكل والنقل واللباس والدفء، فوسع نظرته إليه مشيرا إلى أن للحيوان جانبا معنويا، وصفات جمالية تقتضي الرفق به في المعاملة، والإحسان إليه في المصاحبة، والإقبال عليه بحب واعتزاز، فقال: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} ، وقال: {لتركبوها وزينة} .
قال الرازي (19/228) "واعلم أن وجه التجمل بها، أن الراعي إذا روحها بالعشي وسرحها بالغداة تزينت عند تلك الإراحة والتسريح الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء، وفرحت أربابها، وعظم وقعهم عند الناس بسبب كونهم مالكين لها".
رابعا: أن ذكر بعض الحيوانات بأسمائها في هذه الآيات لا يعني أن غيرها ليس كذلك، بل إنه ذكرها على سبيل المثال لا الحصر بدليل قوله: {ويخلق ما لا تعلمون} ."
الأخطاء فى الفقرة السابقة هى :
الأول أن الحيوان شديد الارتباط بالإنسان، وثيق الصلة به، قريب الموقع منه، ومن هنا كان للحيوان على الإنسان حرمة وذمام
وهذا الكلام عن حرمة الحيوان هو ضرب من الخبل فلو كان هناك حرمة فلماذا أباح الله ذبح الأنعام ولماذا أباح قتل الحيوان بالصيد فقال" أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم" وقال " وإذا حللتم فاصطادوا"
الثانى أن أشرف الأجسام الموجودة في العالم السفلي بعد الإنسان سائر الحيوانات لاختصاصها بالقوى الشريفة وهو كلام يخالف أن كل المخلوقات عند الله حسنة كما قال تعالى " الذى أحسن كل شىء خلقه"
والإنسان نفسه أكثر أفراده ليس لهم شرف أى مكانة عند الله إلا أسفل سافلين كما قال تعالى" لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات"
ثم تحدث عما سماه مد الإسلام للحيوانات فقال :
"ثناء الإسلام على بعض الحيوانات:
وقد أناط الإسلام وجوب الإحسان إلى بعض الحيوانات بمنافعها المعنوية وصفاتها الحميدة، فأوجب الرفق بها لذلك، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر، أنه (ص)قال: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"، ووقع في رواية ابن إدريس عن حصين في هذا الحديث من الزيادة قوله (ص)"والإبل عز لأهلها، والغنم بركة" أخرجه البرقاني في مستخرجه، ونبه عليه الحميدي، ونقله ابن حجر (فتح الباري 6/395) .
وروى النسائي عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله قوله: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة". رواه أبو داود أيضا وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: " فإنه يدعو للصلاة" على ما نقله المنذري (5/133) ."
وما رواه من روايات بعضها فهم على غير الفهم الصحيح فالخيل يقصد وسائل القوة المختلفة ولبس الأحصنة أى الأفراس وأما كون الإبل عز والغنم بركة فخبل لأن العز بالله كما قال تعالى "فلله العزة جميعا" كما أن البركة موجود فى كل الأرض مثلا كما قال تعالى" "قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها "
وأما الشتم فهو محرم فى كل الأحوال عدا الرد على القول السوء
ثم تحدث عن كون الرفق بالحيوان عبادة فقال :
"الرفق بالحيوان عبادة لله:
توافرت النصوص على أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أعلى درجات الأجر وأقوى أسباب المغفرة، ومن ذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر" رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "فشكر الله له فأدخله الجنة".
وأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: " إن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها _أي استقت له بخفها _ فغفر لها " فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب.
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا جاء إلى رسول الله (ص)فقال: إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته لأبلي ورد علي البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في كل ذات كبد أجرا " رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون.
وعن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعثم قال: يا رسول إن الضالة ترد على حوضي فهل لي فيها من أجر إن سقيتها؟ قال: "أسقها، فإن في كل ذات كبد حراء أجرا " رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجة والبيهقي.
وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسلمة من حديث أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة فما أصابت في طلبها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواؤها وأثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له.." الحديث."
هذه الروايات بعضها صحيح المعنى وكلها صحيح فى وجود أجر لمن رحم الحيوان بسقيه ولكن رواية البغى خاطئة لأن الله لن يغفر للبغى إلا إذا تابت أى استغفرت لبغيها كما قال تعالى " ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" ومن ثم فلا أجر لها حتى تتول من ذنوبها
والرواية الأخيرة عن الخيل الخطأ المشترك فيها أن الأجرحسنات بقدر اكل الحصنة وروثها وخطواتها ... وهو ما يخالف قاعدتى الأجر فى القرآن وهو أن العمل الصالح بعشر أو سبعمائة أو ألف وأربعمائة حسنة مصداق لقوله تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وقال بسورة البقرة "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ثم تحدث عن كون الإساءة للحيوان معصية لله فقال:
"وبنفس القدر الذي أوصلت به الشريعة الإسلامية به الإحسان إلى الحيوان والرفق به إلى أعلى درجات العبادة، أوصلت الإساءة للحيوان وتعذيبه إلى أعمق دركات الإثم والمعصية، وفي ذلك يقول رسول الله (ص)على ما أخرجه البخاري ومسلم: "عذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض"، وروى البخاري بسنده إلى أسماء بنت أبي بكر أن النبي (ص)قال: "دنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم، فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرة _: قال ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا " قال النووي في شرح هذا الحديث عن مسلم (9/89) : "إن المرأة كانت مسلمة وإنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة بل صارت بإصرارها كبيرة".
وقد حرم الإسلام تعذيب الحيوان ولعن المخالفين على مخالفتهم، فقد روى مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبي (ص)مر على حمار قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه" وفي رواية له: " نهى رسول الله (ص)عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه"، ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصرا : "إن رسول الله (ص)لعن من يسم في الوجه" وروى الطبراني أيضا عن جنادة بن جراد أحد بني غيلان بن جنادة قال: أتيت النبي (ص)بإبل قد وسمتها في أنفها، فقال رسول الله: "يا جنادة فما وجدت عضوا تسمه إلا في الوجه أما إن أمامك القصاص" فقال: أمرك إليها يا رسول الله.
وعن جابر بن عبد الله قال: مر حمار برسول الله (ص)قد كوي وجهه يفور منخراه من دم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من فعل هذا" ثم نهى عن الكي في الوجه والضرب في الوجه" رواه الترمذي مختصرا وصححه، والأحاديث في النهي عن الكي في الوجه كثيرة. وقد حرمت الشريعة الإسلامية تصبير البهائم – أي أن تحبس لترمى حتى تموت _ كما حرمت المثلة _ وهي قطع أطراف الحيوان _ فقد روي عن ابن عمر أنه قال: "نهى النبي (ص)عن أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل". وأخرج البخاري ومسلم عن المنهال بسنده إلى عبد الله بن عمر أنه قال: "لعن النبي (ص)من مثل بالحيوان" قال العسقلاني في شرح صحيح البخاري (8/84) : "واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى".
وقال العقيلي: "جاء في النهي عن صبر البهيمة أحاديث جياد"، وقال ابن حجر (فتح الباري 12/65) : "وفي هذه الأحاديث تحريم تعذيب الحيوان" والتحريم يقتضي العقاب، والعقاب أثر من آثار الجريمة، وهذا يعني: أن الإساءة إلى الحيوان وتعذيبه وعدم الرفق به يعتبر جريمة في نظر الشريعة الإسلامية، وورد النهي عن خصاء البهائم كما جاء في شرح معاني الآثار للطحاوي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص)نهى أن يخصى الإبل والبقر والغنم والخيل وإذا دعت الضرورة إلى ذلك في الحيوان الذي يخشى عضاضه ووجد طريق آخر لمنع أذاه من غير طريق الخصاء فإنه لا خلاف في منع الخصاء حينئذ، لأنه تعذيب."
الكبيسى هنا لم يعرف معنى الاساءة للحيوان وذكر أنواع من الإساءات وهى :
الحبس حتى الموت جوعا ووسم الوجه وصبر الحيوان والتمثيل به وخصيانه
وبالقطع لابد من تعريف الإساءة بكونها ما حرم الله فعله فى الحيوان حسب أنواعها فمثلا ذبح الأنعام ليس اساءة وإنما فعل مباح وكذلك صيد الحيوان عند الجوع ومثلا استخدام الكلاب والجوارح فى الصيد مباح ومثلا من المحرم ترك الأنعام بلا ذبح حتى تموت كما شرع الكفار ...
ونذكر نقطة وهى أن وسم الحيوان محرم فى أى مكان لكونه تغيير لخلقه الله استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله علينا وهو " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله وليبتكن آذان الأنعام"
ثم ذكر الكبيسى تحريم أنواع من التصرفات مع الحيوان فقال :
"تحريم أنواع من التصرفات مع الحيوان:
من الفنون التي تشيع هنا وهناك ما لا تتم إلا بتعذيب الحيوان بإغراء بعضه على بعض وتهييجه، كمصارعة الثيران، ومصارعة الديكة، والكباش ونحو ذلك، أو نصبه غرضا للرماية والصيد، أو قتله بدون فائدة ولا منفعة، أو إرهاقه بالعمل الشاق، وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية ذلك من الفعل المحرم الذي يستحق العقوبة. فقد روي عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله (ص)عن التحريش بين البهائم" رواه أبو داود والترمذي متصلا ومرسلا عن مجاهد وقال في المرسل: هو أصح.
وروي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال: كنا مع النبي (ص)في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فلما جاء رسول الله قال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها" وعن الشريد قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: "من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
وعن ابن عمر أنه مر بفتيان من قريش طيرا أو دجاجة يترامونها، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله (ص)"لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا" رواه البخاري ومسلم.
ومن الرفق بالحيوان تجنب أذيته في بدنه ولطمه على وجهه، فقد روي عن المقداد بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله (ص)"ينهى عن لطم خدود الدواب"، وفي صحيح مسلم: أن امرأة كانت على ناقة فنفرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله (ص)فأمر بإعراء الناقة مما عليها وإرسالها، عقوبة لصاحبتها."
هنا ذكر الرجل أنواع من الأفعال المحرمة من قبل الإنسان وهو جعل الحيوانات تتصارع لتقتل أو تجرح بعضها وقتلها دون سبب يبيح ذلك واللعب بالحيوانات وأخذ أطفالها منها دون سبب يبيح هذا وأيضا اتخاذها هدفا للرماية وأيضا ضربها بلا سبب حق
والخطأ فى الفقرة أن النبى(ص) وهو لم يفعل أمر بترك الناقة دون الاستفادة بها بسبب لعن المرأة لها وهو كلام يخالف أن الله جعلها لفائدة الإنسان ولم يأمر بتركها لا ينتفع بها حتى تموت فهذا ضرب من الإسراف وعصيان الله
صم ذكر تحريم التعسف في استعمال الحق مع الحيوان فقال:
"تحريم التعسف في استعمال الحق مع الحيوان:
إذا كان الله- سبحانه- قد أجاز للإنسان أن يستعمل حقه في الانتفاع بالحيوان، فإنه اشترط لذلك أن يتم على الوجه المشروع، فإن كان فيه شيء من التعسف فقد ورد النهي عنه في نصوص كثيرة ومن ذلك ما يلي:-
أولا: التعسف في استعمال حق الذبح:
لقد جعل الإسلام من حق الإنسان أن يذبح الحيوان المأكول للاستمتاع بالطيب من لحمه، ولكنه أمر بالإحسان في ذبحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" وقد وضع فقهاء الإسلام آدابا لذبح الحيوان المأكول اقتباسا مما جاء في الرفق بالحيوان من أصول، فقال أمير المؤمنين عمر: "من الإحسان للذبيحة أن لا تجر الذبيحة إلى من يذبحها".
وقال ربيعة الرأي: "من الإحسان أن لا تذبح ذبيحة وأخرى تنظر إليها".
وقرر الفقهاء أنه على الذابح أن لا يحد شفرته أمام الذبيحة، وأن لا يصرعها بعنف، فعن ابن عباس أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال النبي (ص)"أتريد أن تميتها موتتين هلا أحددتك شفرتك قبل أن تضجعها" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح على شرط البخاري.
وعن معاوية بن مرة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: "إن رحمتها رحمك الله" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
وعن الوحين بن عطاء قال: إن جزارا فتح بابا على شاة ليذبحها، فانفلتت منه فاتبعها، فأخذ يسحبها برجلها فقال رسول الله (ص)"يا جزار سقها سوقا رفيقا" رواه عبد الرزاق في مصنفه.
وعن ابن سيرين أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له: "ويلك قدها إلى الموت قودا جميلا " رواه عبد الرزاق أيضا."
وهذا الكلام هو من باب الرحمة بالأنعام وهو من شروط الذبح الواجبة وهى :
إعداد آلات الذبح قبل الذبح
عدم ذبح البهيمة أمام الأخرى
عدم جر الحيوان جرا للذبح
أن يكون الذبح سريعا ثم تحدث عن التعسف في استعمال حق القتل فقال:
"ثانيا: التعسف في استعمال حق القتل:
أذن الإسلام في قتل الحيوان المؤذي، كالكلب العقور، والأفعى السام، والفأر المخرب، وما أشبه ذلك، غير أنه أمر بالإحسان في قتله، فقال رسول الله (ص)"إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" والمعروف أن القتل يستعمل للحيوان الذي لا يؤكل، على خلاف الذبح الذي يستعمل للحيوان المأكول.
وعن ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله (ص)في سفر فرأى قرية نمل قد حرقناها فقال: "من حرق هذه؟ " قلنا: نحن، قال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب العالمين" رواه أبو داود، وقد أمر رسول الله بقتل ((الوزغ)) وهو الكبار من أفعى سام أبرص، إلا أنه أمر بالإحسان في قتله، وذلك بقتله بضربة واحدة دون تعذيبه بضربات متعددة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الحسنة الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة دون الحسنة الثانية" رواه مسلم، وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وفي رواية لمسلم "من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك".
هنا بين الرجل وجوب قتل الحيوانات المؤذية للبشر ولكن بطرق سريعة حتى لا تتوجع وبالقطع أى حيوان يوجد فى البيت ينقص سكن وهى راحة السكان لابد من قتله كالنمل والذباب والأوزاغ والثعابين
وبعض الحيوانات المباح تواجدها مع الناس يباح قتلها فى حالة تحولها للأذى كالكلب العقور الذى يعض الناس ويصيبهم بداء الكلب
والخطأ فى رواية الأوزاغ اختلاف عدد الحسنات باختلاف مرة ضرب الوزغ وهو ما يخالف أن أى عمل صالح أى حسنة لا يختلف ثوابه بسب اختلاف مراته والسبب هو أن الله حدد الأجر بعشر حسنات لغير الأعمال المالية بقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
ثم تكلم الرجل عن التعسف فى الركوب فقال :
"ثالثا: التعسف في استعمال حق الركوب:
سخر الله الحيوان لنقل الإنسان من مكان كما جاء في قوله تعالى: {لتركبوها وزينة} غير أن هذا الحق ليس مطلقا وإنما قيدته الشريعة الإسلامية بقيود ترتكز كلها على أصل الرفق بالحيوان والإحسان إليه ومراعاة حقوقه.
ومن حقوق الحيوان في ذلك:-
1_ أن تتاح له فرصة الرعي والاستراحة في السفر الطويل، فقد أخرج البخاري ومسلم من طرق متعددة بالسند إلى أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض" قال النووي في شرح هذا الحديث عند مسلم (8/128)
2_ ومن حق الدابة المعدة للركوب أن لا يركب عليها ثلاثة في آن واحد، فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال: " نهى رسول الله (ص)أن يركب ثلاثة على دابة"، وفي رواية أبي سعيد: "لا يركب الدابة فوق اثنين"، وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل زاذان: أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال:"لينزل أحدكم فإن رسول الله (ص)لعن الثالث" وأخرج الطبراني عن علي قال: "إذا رأيتم ثلاثة على دابة فارجموهم حتى ينزل أحدهم".
وقد حمل الفقهاء هذه النصوص على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة للثلاثة، فإن أطاقتهم جاز
3_ ومن المحرم في الشريعة الإسلامية وقوف الراكب على الدابة وقوفا يؤلمها، فقد ورد في سنن أبي داود أن رسول الله (ص)قال: "إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس".
4_ ولا يجوز الركوب على ما لم يخلق للركوب كالبقرة، قال القاضي أبو بكر بن العربي: "لا خلاف في أن البقر لا يجوز أن يحمل عليها، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن المنع من ركوبها نظرا إلى أنها لا تقوى على الركوب، إنما ينتفع بها فيما تطيقه من نحو إثارة الأرض وسقي الحرث".
5_ ولا يجوز أن يكون مقود الدابة ضارا بها، فقد ورد في الصحيح أن رسول الله (ص)قال: "لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت"
ما ذكر هنا كلام طيب والتعليق فقط على حكاية ركوب ثلاثة فوق الدابة فقد وردت روايات فى جواز ركوب الثلاثة على الدابة ما دامت تطيق هذا كما فى رواية البخارى"قال ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تبقينا رسول الله(ص) أنا وأنت وابن عباس قال نعم فحملنا وتركك"
وهناك أمور أخرى يمكن زيادتها فى الركوب مثل ركوب الدابة فيما يسمى مصارعة الثيران والرقص فوق الدابة واستخدام العصى الثقيلة أو المؤلمة عند سوقها فى الركوب
ثم تحدث عن تحنيل الدواب فقال :
"رابعا : التعسف في استعمال حق التحميل:
وحرمت الشريعة الإسلامية الإساءة إلى الحيوان بتحميله من الأثقال ما لا يطيق، وكان الصحابة الكرام يعرفون أن من حمل دابة ما لا تطيق حوسب على ذلك يوم القيامة، فقد روي عن أبي الدرداء أنه قال لبعير له عند الموت: "يا أيها البعير لا تخاصمني عند ربك، فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك"، وعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله (ص)خلفه ذات يوم..فدخل حائطا أي بستانا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى النبي (ص)حن وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله (ص)فمسح ذفراه فسكت، فقال: "من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتدئبه" أي تعمل عليه عملا متواصلا، رواه أحمد وأبو داود.
وروى أحمد أيضا من حديث طويل عن يحي بن مرة قال فيه: وكنت معه – أي مع النبي – جالسا ذات يوم إذ جاء جمل يخب حتى ضرب بحرانه بين يديه، فقال: "ويحك تنظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأنا" قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال: "ما شأن جملك هذا" فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه، ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال: "فلا تفعل، هله لي أو بعنيه"، وعن سهل بن الحنظلية قال: مر رسول الله (ص)ببعير قد لصق ظهره ببطنه فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم فاركبوها صالحة.." رواه أبو داود وابن خزيمة، إلا أنه قال: "قد لحق ظهره"."
وإذا كانت الشريعة قد حرمت ركوب ما لم يخلق للركوب من الحيوان، فقد حرمت أيضا أن يحمل على ما لم يخلق للحمل منه كالبقر مثلا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث" قال القرطبي في الجامع (10/72) معقبا: "فدل هذا الحديث على أن البقرة لا يحمل عليها ولا تركب" ويقول أيضا في تفسير قوله تعالى: {وتحمل أثقالكم} : "في هذه الآية دليل على جواز السفر بالدواب وحمل الأثقال عليها، ولكن على قدر ما تحتمله من غير إسراف في الحمل مع الرفق في السير".
وروى أبو داود بسنده إلى المسيب بن آدم قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب جمالا وقال: تحمل على بعيرك ما لا يطيق؟ ".
فى الفقرة السابقة أخطاء أولها معجزة كلام الجمل للنبى (ص)وهو ما يخالف أن الله منع الآيات وهى المعجزات بقوله "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "فالآيات وهى المعجزات ممنوعة .
وثانيها أن ركوب البقرة محرم وهو ما يخالف كون الأنعام أباح الله ركوب ما يصلح للركوب منها "وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون" فهنا لم يحدد الله الأنعام المركوبة لأن هناك أنواع من كل صنف من الأربعة يمكن ركوبها لكبرها كماعز الأنجورا وبعض الكباش من الغنم وأيضا البقر وإنما يعود سبب الركوب وعدم الركوب لعادة أهل كل بلد وكون الأنعام صغيرة الجسم أو كبيرة فأكثر الغنم والماعز لا يصلحون للركوب
ثم تحدث عن أحكام فقهية تحدد حقوق الحيوان فنقل بعض النقول من بطون الكاب وحكى لنا بعض حكايات الفقهاء فقال:
"كتب الفقه الإسلامي طافحة بالأحكام المتعلقة بالحفاظ على حقوق الحيوان وهي كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذه المقالة الموجزة، ومن ذلك ما قرره الفقهاء من وجوب القيام على سقي الدابة وإطعامها، وإذا قصر مالك الحيوان في ذلك أجبره القضاء عليه، فإن لم يقم للدابة بما يجب عليه من حسن تغذيتها وسقيها، باعها القاضي ولم يتركها تحت يد صاحبها تقاسي.
ويقول القاضي أبو يعلى في كتابه (الأحكام السلطانية ص 305) : "وإذا كان في أربا المواشي من يستعملها فيما لا تطيق الدوام عليه أنكره المحتسب عليه، ومنعه منه وإن لم يكن فيه مستعد _ أي مخاصم _ إليه، فإن ادعى المالك احتمال الدابة لما يستعملها فيه جاز للمحتسب أن يفكر فيه، لأنه وإن افتقر إلى اجتهاد فهو عرفي يرجع فيه إلى عرف الناس وعادتهم وليس باجتهاد شرعي".
وفي الفتاوى البزازية (6/370) ما نصه: "المختار أن النملة إذا ابتدأت بالأذى لا بأس بقتلها وإلا يكره، وإلقاؤها في الماء يكره مطلقا"، لأنه تعذيب لا مبرر له، "وقتل القملة لا يكره، وإحراقها وإحراق العقرب بالنار يكره" والهرة إذا كانت مؤذية لا تضرب ولا تعرك أذنها بل تذبح بسكين حاد.
ويقول النويري في نهاية الأرب (9/258) : "وسمعوا بعض المفسرين يقول في قوله عز وجل: {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} أن المحروم هو الكلب".
وقال الصنعاني في سبل السلام: (1/232) بعد حديث المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها: "والحديث دليل على تحريم قتل الهرة لأنه لا عذاب إلا على فعل محرم" ومثل هذه الأحكام في كتب الفقه الإسلامي لا حصر لها.
هذا وقد بلغ المسلمون في الرفق بالحيوان حدا يكاد يكون متطرفا، حتى أن عدي بن حاتم كان يفت الخبز للنمل ويقول: إنهن جارات ولهن حق، كما رواه النووي في تهذيب الأسماء.
وكان الإمام أبو إسحاق الشيرازي يمشي في طريق يرافقه فيه بعض أصحابه، فعرض لهما كلب فزجره رفيق الإمام أبي إسحاق فنهاه الإمام وقال: أما علمت أن الطريق بيني وبينه مشترك.
وأمثال ذلك في تراثنا كثير، وكان الدافع إلى كل ذلك هو الرغبة الشديدة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية نصا وروحا.
وأخيرا نقول: إن شريعة فيها من ضمان حقوق الحيوان ما ذكرنا بعضه القليل، ماذا يمكن أن تشرع للإنسان من حقوق؟"
الغريب فى الكتاب كما هى عادة الفقهاء هو أنهم يتركون ما جاء فى كتاب الله ولا يتناولون فى الغالب سوى الروايات ومن ثم ترك الكبيسى كل أحكام الأنعام الواردة فى المصحف وكذلك كل قصص الحيوان فيه فلم يورد منها شيئا فى الكتاب مع أنه سماه فى الشريعة الإسلامية التى أساسها كتاب الله وكل ما أورده تقريبا99% فى المائة روايات وحكايات
أحمد عبيد الكبيسي
استهل الكبيسى كتابه بنقل مقولة عن كافر فى الفقه فقال :
"طبيعة التشريع الإسلامي:
عن الفقه الإسلامي يقول الدكتور ((أنريكو انساباتو)) في كتابه الإسلام وسياسة الخلفاء: "ولا يجوز قط أن يهدم هذا الصرح العظيم من العلوم الإسلامية، ولا أن يغفل شأنه، أو أن تمسه يد بسوء، وأنه أوجد للعالم أرسخ الشرائع ثباتا، وأنها لشريعة تفوق الشرائع الأوربية في كثير من التفاصيل".
وهذه الحقيقة التي أدركها انساباتو أدركها العديد من فقهاء الغرب ومشرعيه، وهي ناتجة عن الطابع العام للشريعة الإسلامية الذي يحدد مقاصدها، ويوسع مداراتها، وهو الذي يستلهمه الفقهاء فيما يقررون من أحكام."
ثم بين الكبيسى معنى الحق فى الفقه والحق عند الكفار فقال :
وفيما نحن بصدده من الكلام في حقوق الحيوان يتجلى أثر الطابع الجماعي للشريعة الإسلامية في مسألة ((الحق)) أي مدى ما لصاحبه من سلطان في الانتفاع به واستعماله والتصرف به، وما يكون من تقييد الشارع له بألا يضر هذا الاستعمال الغير.
وهذا يقوم على قاعدة راسخة ثابتة تقرر من أول الأمر: أن الإنسان وكل ما يملك ملك لله وحده، ومن هنا كان تقييد استعمال ((الحق)) من نواح عديدة، وقد تولد عن هذا التقييد حقوق للغير، والحيوان من جملة هذا الغير، في الوقت الذي نجد فيه أن أعرق القوانين الوضعية قد جعلت الفردية طابعها العام، فإن القانون الروماني _ في مراحله الأول _ مبني على فكرة استبداد صاحب الحق بما يزعمه من حقه الذي يملكه"
ثم عاد الكبيسى للحديث عن الكفار والحيوان مع أن الكتاب يتحدث عن الشريعة الإسلامية فقال :
أعود إلى موضوعنا فأقول:
في عام 1824 تأسست في إنجلترا أول جمعية للرفق بالحيوان، ثم انتشر هذا التقليد بعد ذلك في كثير من أقطار الأرض، فقامت هنا وهناك جمعيات تهدف إلى الرفق بالحيوان عند المصاحبة، والإحسان إليه في المعاملة، والتلطف معه في السلوك.
غير أن هذه الجمعيات جميعا إنما تقوم على أسس أخلاقية صرفة، وقواعد إنسانية عامة"
ثم تخدث عن كون الرفق شىء عام فى كل حياتنا فقال :
"الرفق مبدأ إسلامي:
يعتمد الإسلام مبدأ الرفق بصورة عامة في جميع شؤون الحياة، فيجعل منه سمة تميز المؤمن، وعنصرا يقوي الإيمان، وفضيلة تزين العمل، وفي ذلك يقول رسول الله من حديث عائشة عن البخاري ومسلم: " إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " وفي رواية لمسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه"، وروى مسلم بسنده عن عائشة: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه".
وعن جرير بن عبد الله أن النبي (ص)قال: "إن الله عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق، وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير" رواه الطبراني، ورواه مسلم وأبو داود مختصرا.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله (ص)قال: " من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وروي عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: "الرفق يمن، والخرق شؤم" رواه الطبراني في الأوسط.
والأحاديث في ذلك كثيرة متوافرة
سقنا بعضها على سبيل التمثيل لا الحصر، وكلها تنص على أن الرفق مبدأ إسلامي يبني التشريع الإسلامي قواعده وأصوله عليه."
وبالقطع ما رواه الرجل عن الرفق ووجوبه فى كل شىء يتعارض مع كتاب الله فى أمرين :
الأول وجوب الغلظة فى الحرب كما قال تعالى :
"يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
ووجوب التخريب والتدمير فى الحرب كما قال تعالى :
" يخربون بيوتهم بأيديهم وايدى المؤمنين"
وقال :
"ما قطعتم من لينة أو تركتموها على أصولها فبإذن الله "
الثانى وجوب العقوبات المؤذية كالقتل وقطع الأيدى والأرجل والنفى من الأرض وهو الإغراق فى المياه كما قال تعالى مثلا فى قوله:
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
ثم تحدث عن حكم الله فى الحيوان فقال :
"نظرة الإسلام إلى الحيوان:
ينظر الإسلام إلى عالم الحيوان إجمالا نظرة واقعية ترتكز على أهميته في الحياة ونفعه للإنسان، وتعاونه معه في عمارة الكون واستمرار الحياة، ومن هنا كان الحيوان ملء السمع والبصر في كثير من مجالات الفكر والتشريع الإسلامي، ولا أدل على ذلك من أن عدة سور في القرآن الكريم وضع الله لها العناوين من أسماء الحيوان مثل سورة البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والفيل.
ويعود القرآن بعد ذلك لينص على تكريم الحيوان، وبيان مكانته، وتحديد موقعه إلى جانب الإنسان، فبعد أن بين الله في سورة النحل قدرته في خلق السموات والأرض، وقدرته في خلق الإنسان، أردف ذلك بقوله {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} .
وقد استنبط الفقهاء والمفسرون من هذه الآيات الأربع من سورة النحل ما يلي:
أولا: أن الحيوان شديد الارتباط بالإنسان، وثيق الصلة به، قريب الموقع منه، ومن هنا كان للحيوان على الإنسان حرمة وذمام. (القرطبي 10/69) .
ثانيا: أن أشرف الأجسام الموجودة في العالم السفلي _ بعد الإنسان - سائر الحيوانات لاختصاصها بالقوى الشريفة وهي الحواس الظاهرة والباطنة والشهوة والغضب (الرازي 19/227) .
ثالثا: أن الله - سبحانه - قصد بهذه الآيات أن يبتعد بالإنسان عن أن ينظر إلى الحيوان نظرة ضيقة لا تتعلق إلا بالجانب المادي المتعلق بالأكل والنقل واللباس والدفء، فوسع نظرته إليه مشيرا إلى أن للحيوان جانبا معنويا، وصفات جمالية تقتضي الرفق به في المعاملة، والإحسان إليه في المصاحبة، والإقبال عليه بحب واعتزاز، فقال: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} ، وقال: {لتركبوها وزينة} .
قال الرازي (19/228) "واعلم أن وجه التجمل بها، أن الراعي إذا روحها بالعشي وسرحها بالغداة تزينت عند تلك الإراحة والتسريح الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء، وفرحت أربابها، وعظم وقعهم عند الناس بسبب كونهم مالكين لها".
رابعا: أن ذكر بعض الحيوانات بأسمائها في هذه الآيات لا يعني أن غيرها ليس كذلك، بل إنه ذكرها على سبيل المثال لا الحصر بدليل قوله: {ويخلق ما لا تعلمون} ."
الأخطاء فى الفقرة السابقة هى :
الأول أن الحيوان شديد الارتباط بالإنسان، وثيق الصلة به، قريب الموقع منه، ومن هنا كان للحيوان على الإنسان حرمة وذمام
وهذا الكلام عن حرمة الحيوان هو ضرب من الخبل فلو كان هناك حرمة فلماذا أباح الله ذبح الأنعام ولماذا أباح قتل الحيوان بالصيد فقال" أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم" وقال " وإذا حللتم فاصطادوا"
الثانى أن أشرف الأجسام الموجودة في العالم السفلي بعد الإنسان سائر الحيوانات لاختصاصها بالقوى الشريفة وهو كلام يخالف أن كل المخلوقات عند الله حسنة كما قال تعالى " الذى أحسن كل شىء خلقه"
والإنسان نفسه أكثر أفراده ليس لهم شرف أى مكانة عند الله إلا أسفل سافلين كما قال تعالى" لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات"
ثم تحدث عما سماه مد الإسلام للحيوانات فقال :
"ثناء الإسلام على بعض الحيوانات:
وقد أناط الإسلام وجوب الإحسان إلى بعض الحيوانات بمنافعها المعنوية وصفاتها الحميدة، فأوجب الرفق بها لذلك، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر، أنه (ص)قال: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"، ووقع في رواية ابن إدريس عن حصين في هذا الحديث من الزيادة قوله (ص)"والإبل عز لأهلها، والغنم بركة" أخرجه البرقاني في مستخرجه، ونبه عليه الحميدي، ونقله ابن حجر (فتح الباري 6/395) .
وروى النسائي عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله قوله: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة". رواه أبو داود أيضا وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: " فإنه يدعو للصلاة" على ما نقله المنذري (5/133) ."
وما رواه من روايات بعضها فهم على غير الفهم الصحيح فالخيل يقصد وسائل القوة المختلفة ولبس الأحصنة أى الأفراس وأما كون الإبل عز والغنم بركة فخبل لأن العز بالله كما قال تعالى "فلله العزة جميعا" كما أن البركة موجود فى كل الأرض مثلا كما قال تعالى" "قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها "
وأما الشتم فهو محرم فى كل الأحوال عدا الرد على القول السوء
ثم تحدث عن كون الرفق بالحيوان عبادة فقال :
"الرفق بالحيوان عبادة لله:
توافرت النصوص على أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أعلى درجات الأجر وأقوى أسباب المغفرة، ومن ذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر" رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "فشكر الله له فأدخله الجنة".
وأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: " إن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها _أي استقت له بخفها _ فغفر لها " فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب.
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا جاء إلى رسول الله (ص)فقال: إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته لأبلي ورد علي البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في كل ذات كبد أجرا " رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون.
وعن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعثم قال: يا رسول إن الضالة ترد على حوضي فهل لي فيها من أجر إن سقيتها؟ قال: "أسقها، فإن في كل ذات كبد حراء أجرا " رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجة والبيهقي.
وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسلمة من حديث أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة فما أصابت في طلبها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواؤها وأثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له.." الحديث."
هذه الروايات بعضها صحيح المعنى وكلها صحيح فى وجود أجر لمن رحم الحيوان بسقيه ولكن رواية البغى خاطئة لأن الله لن يغفر للبغى إلا إذا تابت أى استغفرت لبغيها كما قال تعالى " ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" ومن ثم فلا أجر لها حتى تتول من ذنوبها
والرواية الأخيرة عن الخيل الخطأ المشترك فيها أن الأجرحسنات بقدر اكل الحصنة وروثها وخطواتها ... وهو ما يخالف قاعدتى الأجر فى القرآن وهو أن العمل الصالح بعشر أو سبعمائة أو ألف وأربعمائة حسنة مصداق لقوله تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وقال بسورة البقرة "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ثم تحدث عن كون الإساءة للحيوان معصية لله فقال:
"وبنفس القدر الذي أوصلت به الشريعة الإسلامية به الإحسان إلى الحيوان والرفق به إلى أعلى درجات العبادة، أوصلت الإساءة للحيوان وتعذيبه إلى أعمق دركات الإثم والمعصية، وفي ذلك يقول رسول الله (ص)على ما أخرجه البخاري ومسلم: "عذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض"، وروى البخاري بسنده إلى أسماء بنت أبي بكر أن النبي (ص)قال: "دنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم، فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرة _: قال ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا " قال النووي في شرح هذا الحديث عن مسلم (9/89) : "إن المرأة كانت مسلمة وإنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة بل صارت بإصرارها كبيرة".
وقد حرم الإسلام تعذيب الحيوان ولعن المخالفين على مخالفتهم، فقد روى مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبي (ص)مر على حمار قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه" وفي رواية له: " نهى رسول الله (ص)عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه"، ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصرا : "إن رسول الله (ص)لعن من يسم في الوجه" وروى الطبراني أيضا عن جنادة بن جراد أحد بني غيلان بن جنادة قال: أتيت النبي (ص)بإبل قد وسمتها في أنفها، فقال رسول الله: "يا جنادة فما وجدت عضوا تسمه إلا في الوجه أما إن أمامك القصاص" فقال: أمرك إليها يا رسول الله.
وعن جابر بن عبد الله قال: مر حمار برسول الله (ص)قد كوي وجهه يفور منخراه من دم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من فعل هذا" ثم نهى عن الكي في الوجه والضرب في الوجه" رواه الترمذي مختصرا وصححه، والأحاديث في النهي عن الكي في الوجه كثيرة. وقد حرمت الشريعة الإسلامية تصبير البهائم – أي أن تحبس لترمى حتى تموت _ كما حرمت المثلة _ وهي قطع أطراف الحيوان _ فقد روي عن ابن عمر أنه قال: "نهى النبي (ص)عن أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل". وأخرج البخاري ومسلم عن المنهال بسنده إلى عبد الله بن عمر أنه قال: "لعن النبي (ص)من مثل بالحيوان" قال العسقلاني في شرح صحيح البخاري (8/84) : "واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى".
وقال العقيلي: "جاء في النهي عن صبر البهيمة أحاديث جياد"، وقال ابن حجر (فتح الباري 12/65) : "وفي هذه الأحاديث تحريم تعذيب الحيوان" والتحريم يقتضي العقاب، والعقاب أثر من آثار الجريمة، وهذا يعني: أن الإساءة إلى الحيوان وتعذيبه وعدم الرفق به يعتبر جريمة في نظر الشريعة الإسلامية، وورد النهي عن خصاء البهائم كما جاء في شرح معاني الآثار للطحاوي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص)نهى أن يخصى الإبل والبقر والغنم والخيل وإذا دعت الضرورة إلى ذلك في الحيوان الذي يخشى عضاضه ووجد طريق آخر لمنع أذاه من غير طريق الخصاء فإنه لا خلاف في منع الخصاء حينئذ، لأنه تعذيب."
الكبيسى هنا لم يعرف معنى الاساءة للحيوان وذكر أنواع من الإساءات وهى :
الحبس حتى الموت جوعا ووسم الوجه وصبر الحيوان والتمثيل به وخصيانه
وبالقطع لابد من تعريف الإساءة بكونها ما حرم الله فعله فى الحيوان حسب أنواعها فمثلا ذبح الأنعام ليس اساءة وإنما فعل مباح وكذلك صيد الحيوان عند الجوع ومثلا استخدام الكلاب والجوارح فى الصيد مباح ومثلا من المحرم ترك الأنعام بلا ذبح حتى تموت كما شرع الكفار ...
ونذكر نقطة وهى أن وسم الحيوان محرم فى أى مكان لكونه تغيير لخلقه الله استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله علينا وهو " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله وليبتكن آذان الأنعام"
ثم ذكر الكبيسى تحريم أنواع من التصرفات مع الحيوان فقال :
"تحريم أنواع من التصرفات مع الحيوان:
من الفنون التي تشيع هنا وهناك ما لا تتم إلا بتعذيب الحيوان بإغراء بعضه على بعض وتهييجه، كمصارعة الثيران، ومصارعة الديكة، والكباش ونحو ذلك، أو نصبه غرضا للرماية والصيد، أو قتله بدون فائدة ولا منفعة، أو إرهاقه بالعمل الشاق، وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية ذلك من الفعل المحرم الذي يستحق العقوبة. فقد روي عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله (ص)عن التحريش بين البهائم" رواه أبو داود والترمذي متصلا ومرسلا عن مجاهد وقال في المرسل: هو أصح.
وروي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال: كنا مع النبي (ص)في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فلما جاء رسول الله قال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها" وعن الشريد قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: "من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
وعن ابن عمر أنه مر بفتيان من قريش طيرا أو دجاجة يترامونها، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله (ص)"لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا" رواه البخاري ومسلم.
ومن الرفق بالحيوان تجنب أذيته في بدنه ولطمه على وجهه، فقد روي عن المقداد بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله (ص)"ينهى عن لطم خدود الدواب"، وفي صحيح مسلم: أن امرأة كانت على ناقة فنفرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله (ص)فأمر بإعراء الناقة مما عليها وإرسالها، عقوبة لصاحبتها."
هنا ذكر الرجل أنواع من الأفعال المحرمة من قبل الإنسان وهو جعل الحيوانات تتصارع لتقتل أو تجرح بعضها وقتلها دون سبب يبيح ذلك واللعب بالحيوانات وأخذ أطفالها منها دون سبب يبيح هذا وأيضا اتخاذها هدفا للرماية وأيضا ضربها بلا سبب حق
والخطأ فى الفقرة أن النبى(ص) وهو لم يفعل أمر بترك الناقة دون الاستفادة بها بسبب لعن المرأة لها وهو كلام يخالف أن الله جعلها لفائدة الإنسان ولم يأمر بتركها لا ينتفع بها حتى تموت فهذا ضرب من الإسراف وعصيان الله
صم ذكر تحريم التعسف في استعمال الحق مع الحيوان فقال:
"تحريم التعسف في استعمال الحق مع الحيوان:
إذا كان الله- سبحانه- قد أجاز للإنسان أن يستعمل حقه في الانتفاع بالحيوان، فإنه اشترط لذلك أن يتم على الوجه المشروع، فإن كان فيه شيء من التعسف فقد ورد النهي عنه في نصوص كثيرة ومن ذلك ما يلي:-
أولا: التعسف في استعمال حق الذبح:
لقد جعل الإسلام من حق الإنسان أن يذبح الحيوان المأكول للاستمتاع بالطيب من لحمه، ولكنه أمر بالإحسان في ذبحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" وقد وضع فقهاء الإسلام آدابا لذبح الحيوان المأكول اقتباسا مما جاء في الرفق بالحيوان من أصول، فقال أمير المؤمنين عمر: "من الإحسان للذبيحة أن لا تجر الذبيحة إلى من يذبحها".
وقال ربيعة الرأي: "من الإحسان أن لا تذبح ذبيحة وأخرى تنظر إليها".
وقرر الفقهاء أنه على الذابح أن لا يحد شفرته أمام الذبيحة، وأن لا يصرعها بعنف، فعن ابن عباس أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال النبي (ص)"أتريد أن تميتها موتتين هلا أحددتك شفرتك قبل أن تضجعها" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح على شرط البخاري.
وعن معاوية بن مرة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: "إن رحمتها رحمك الله" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
وعن الوحين بن عطاء قال: إن جزارا فتح بابا على شاة ليذبحها، فانفلتت منه فاتبعها، فأخذ يسحبها برجلها فقال رسول الله (ص)"يا جزار سقها سوقا رفيقا" رواه عبد الرزاق في مصنفه.
وعن ابن سيرين أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له: "ويلك قدها إلى الموت قودا جميلا " رواه عبد الرزاق أيضا."
وهذا الكلام هو من باب الرحمة بالأنعام وهو من شروط الذبح الواجبة وهى :
إعداد آلات الذبح قبل الذبح
عدم ذبح البهيمة أمام الأخرى
عدم جر الحيوان جرا للذبح
أن يكون الذبح سريعا ثم تحدث عن التعسف في استعمال حق القتل فقال:
"ثانيا: التعسف في استعمال حق القتل:
أذن الإسلام في قتل الحيوان المؤذي، كالكلب العقور، والأفعى السام، والفأر المخرب، وما أشبه ذلك، غير أنه أمر بالإحسان في قتله، فقال رسول الله (ص)"إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" والمعروف أن القتل يستعمل للحيوان الذي لا يؤكل، على خلاف الذبح الذي يستعمل للحيوان المأكول.
وعن ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله (ص)في سفر فرأى قرية نمل قد حرقناها فقال: "من حرق هذه؟ " قلنا: نحن، قال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب العالمين" رواه أبو داود، وقد أمر رسول الله بقتل ((الوزغ)) وهو الكبار من أفعى سام أبرص، إلا أنه أمر بالإحسان في قتله، وذلك بقتله بضربة واحدة دون تعذيبه بضربات متعددة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الحسنة الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة دون الحسنة الثانية" رواه مسلم، وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وفي رواية لمسلم "من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك".
هنا بين الرجل وجوب قتل الحيوانات المؤذية للبشر ولكن بطرق سريعة حتى لا تتوجع وبالقطع أى حيوان يوجد فى البيت ينقص سكن وهى راحة السكان لابد من قتله كالنمل والذباب والأوزاغ والثعابين
وبعض الحيوانات المباح تواجدها مع الناس يباح قتلها فى حالة تحولها للأذى كالكلب العقور الذى يعض الناس ويصيبهم بداء الكلب
والخطأ فى رواية الأوزاغ اختلاف عدد الحسنات باختلاف مرة ضرب الوزغ وهو ما يخالف أن أى عمل صالح أى حسنة لا يختلف ثوابه بسب اختلاف مراته والسبب هو أن الله حدد الأجر بعشر حسنات لغير الأعمال المالية بقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
ثم تكلم الرجل عن التعسف فى الركوب فقال :
"ثالثا: التعسف في استعمال حق الركوب:
سخر الله الحيوان لنقل الإنسان من مكان كما جاء في قوله تعالى: {لتركبوها وزينة} غير أن هذا الحق ليس مطلقا وإنما قيدته الشريعة الإسلامية بقيود ترتكز كلها على أصل الرفق بالحيوان والإحسان إليه ومراعاة حقوقه.
ومن حقوق الحيوان في ذلك:-
1_ أن تتاح له فرصة الرعي والاستراحة في السفر الطويل، فقد أخرج البخاري ومسلم من طرق متعددة بالسند إلى أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض" قال النووي في شرح هذا الحديث عند مسلم (8/128)
2_ ومن حق الدابة المعدة للركوب أن لا يركب عليها ثلاثة في آن واحد، فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال: " نهى رسول الله (ص)أن يركب ثلاثة على دابة"، وفي رواية أبي سعيد: "لا يركب الدابة فوق اثنين"، وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل زاذان: أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال:"لينزل أحدكم فإن رسول الله (ص)لعن الثالث" وأخرج الطبراني عن علي قال: "إذا رأيتم ثلاثة على دابة فارجموهم حتى ينزل أحدهم".
وقد حمل الفقهاء هذه النصوص على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة للثلاثة، فإن أطاقتهم جاز
3_ ومن المحرم في الشريعة الإسلامية وقوف الراكب على الدابة وقوفا يؤلمها، فقد ورد في سنن أبي داود أن رسول الله (ص)قال: "إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس".
4_ ولا يجوز الركوب على ما لم يخلق للركوب كالبقرة، قال القاضي أبو بكر بن العربي: "لا خلاف في أن البقر لا يجوز أن يحمل عليها، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن المنع من ركوبها نظرا إلى أنها لا تقوى على الركوب، إنما ينتفع بها فيما تطيقه من نحو إثارة الأرض وسقي الحرث".
5_ ولا يجوز أن يكون مقود الدابة ضارا بها، فقد ورد في الصحيح أن رسول الله (ص)قال: "لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت"
ما ذكر هنا كلام طيب والتعليق فقط على حكاية ركوب ثلاثة فوق الدابة فقد وردت روايات فى جواز ركوب الثلاثة على الدابة ما دامت تطيق هذا كما فى رواية البخارى"قال ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تبقينا رسول الله(ص) أنا وأنت وابن عباس قال نعم فحملنا وتركك"
وهناك أمور أخرى يمكن زيادتها فى الركوب مثل ركوب الدابة فيما يسمى مصارعة الثيران والرقص فوق الدابة واستخدام العصى الثقيلة أو المؤلمة عند سوقها فى الركوب
ثم تحدث عن تحنيل الدواب فقال :
"رابعا : التعسف في استعمال حق التحميل:
وحرمت الشريعة الإسلامية الإساءة إلى الحيوان بتحميله من الأثقال ما لا يطيق، وكان الصحابة الكرام يعرفون أن من حمل دابة ما لا تطيق حوسب على ذلك يوم القيامة، فقد روي عن أبي الدرداء أنه قال لبعير له عند الموت: "يا أيها البعير لا تخاصمني عند ربك، فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك"، وعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله (ص)خلفه ذات يوم..فدخل حائطا أي بستانا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى النبي (ص)حن وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله (ص)فمسح ذفراه فسكت، فقال: "من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتدئبه" أي تعمل عليه عملا متواصلا، رواه أحمد وأبو داود.
وروى أحمد أيضا من حديث طويل عن يحي بن مرة قال فيه: وكنت معه – أي مع النبي – جالسا ذات يوم إذ جاء جمل يخب حتى ضرب بحرانه بين يديه، فقال: "ويحك تنظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأنا" قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال: "ما شأن جملك هذا" فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه، ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال: "فلا تفعل، هله لي أو بعنيه"، وعن سهل بن الحنظلية قال: مر رسول الله (ص)ببعير قد لصق ظهره ببطنه فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم فاركبوها صالحة.." رواه أبو داود وابن خزيمة، إلا أنه قال: "قد لحق ظهره"."
وإذا كانت الشريعة قد حرمت ركوب ما لم يخلق للركوب من الحيوان، فقد حرمت أيضا أن يحمل على ما لم يخلق للحمل منه كالبقر مثلا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث" قال القرطبي في الجامع (10/72) معقبا: "فدل هذا الحديث على أن البقرة لا يحمل عليها ولا تركب" ويقول أيضا في تفسير قوله تعالى: {وتحمل أثقالكم} : "في هذه الآية دليل على جواز السفر بالدواب وحمل الأثقال عليها، ولكن على قدر ما تحتمله من غير إسراف في الحمل مع الرفق في السير".
وروى أبو داود بسنده إلى المسيب بن آدم قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب جمالا وقال: تحمل على بعيرك ما لا يطيق؟ ".
فى الفقرة السابقة أخطاء أولها معجزة كلام الجمل للنبى (ص)وهو ما يخالف أن الله منع الآيات وهى المعجزات بقوله "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "فالآيات وهى المعجزات ممنوعة .
وثانيها أن ركوب البقرة محرم وهو ما يخالف كون الأنعام أباح الله ركوب ما يصلح للركوب منها "وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون" فهنا لم يحدد الله الأنعام المركوبة لأن هناك أنواع من كل صنف من الأربعة يمكن ركوبها لكبرها كماعز الأنجورا وبعض الكباش من الغنم وأيضا البقر وإنما يعود سبب الركوب وعدم الركوب لعادة أهل كل بلد وكون الأنعام صغيرة الجسم أو كبيرة فأكثر الغنم والماعز لا يصلحون للركوب
ثم تحدث عن أحكام فقهية تحدد حقوق الحيوان فنقل بعض النقول من بطون الكاب وحكى لنا بعض حكايات الفقهاء فقال:
"كتب الفقه الإسلامي طافحة بالأحكام المتعلقة بالحفاظ على حقوق الحيوان وهي كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذه المقالة الموجزة، ومن ذلك ما قرره الفقهاء من وجوب القيام على سقي الدابة وإطعامها، وإذا قصر مالك الحيوان في ذلك أجبره القضاء عليه، فإن لم يقم للدابة بما يجب عليه من حسن تغذيتها وسقيها، باعها القاضي ولم يتركها تحت يد صاحبها تقاسي.
ويقول القاضي أبو يعلى في كتابه (الأحكام السلطانية ص 305) : "وإذا كان في أربا المواشي من يستعملها فيما لا تطيق الدوام عليه أنكره المحتسب عليه، ومنعه منه وإن لم يكن فيه مستعد _ أي مخاصم _ إليه، فإن ادعى المالك احتمال الدابة لما يستعملها فيه جاز للمحتسب أن يفكر فيه، لأنه وإن افتقر إلى اجتهاد فهو عرفي يرجع فيه إلى عرف الناس وعادتهم وليس باجتهاد شرعي".
وفي الفتاوى البزازية (6/370) ما نصه: "المختار أن النملة إذا ابتدأت بالأذى لا بأس بقتلها وإلا يكره، وإلقاؤها في الماء يكره مطلقا"، لأنه تعذيب لا مبرر له، "وقتل القملة لا يكره، وإحراقها وإحراق العقرب بالنار يكره" والهرة إذا كانت مؤذية لا تضرب ولا تعرك أذنها بل تذبح بسكين حاد.
ويقول النويري في نهاية الأرب (9/258) : "وسمعوا بعض المفسرين يقول في قوله عز وجل: {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} أن المحروم هو الكلب".
وقال الصنعاني في سبل السلام: (1/232) بعد حديث المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها: "والحديث دليل على تحريم قتل الهرة لأنه لا عذاب إلا على فعل محرم" ومثل هذه الأحكام في كتب الفقه الإسلامي لا حصر لها.
هذا وقد بلغ المسلمون في الرفق بالحيوان حدا يكاد يكون متطرفا، حتى أن عدي بن حاتم كان يفت الخبز للنمل ويقول: إنهن جارات ولهن حق، كما رواه النووي في تهذيب الأسماء.
وكان الإمام أبو إسحاق الشيرازي يمشي في طريق يرافقه فيه بعض أصحابه، فعرض لهما كلب فزجره رفيق الإمام أبي إسحاق فنهاه الإمام وقال: أما علمت أن الطريق بيني وبينه مشترك.
وأمثال ذلك في تراثنا كثير، وكان الدافع إلى كل ذلك هو الرغبة الشديدة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية نصا وروحا.
وأخيرا نقول: إن شريعة فيها من ضمان حقوق الحيوان ما ذكرنا بعضه القليل، ماذا يمكن أن تشرع للإنسان من حقوق؟"
الغريب فى الكتاب كما هى عادة الفقهاء هو أنهم يتركون ما جاء فى كتاب الله ولا يتناولون فى الغالب سوى الروايات ومن ثم ترك الكبيسى كل أحكام الأنعام الواردة فى المصحف وكذلك كل قصص الحيوان فيه فلم يورد منها شيئا فى الكتاب مع أنه سماه فى الشريعة الإسلامية التى أساسها كتاب الله وكل ما أورده تقريبا99% فى المائة روايات وحكايات