فى غزوة الأحزاب تحالف فريق من الكتابيين فى المدينة مع المشركين فظاهروهم وساعدوهم على هزيمة المسلمين فكانت النتيجة هى إنزالهم من صياصيهم والمراد طردهم من قلاعهم ووضع فى نفوسهم الرعب وهو الخوف من المسلمين ومن ثم قتل بعضهم وأسر بعض أخر وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها "وقد أخرج الله فريق أخر من الكتابيين من ديارهم حيث حشروا حشرا وقد ظن اليهود أن حصونهم تحميهم وتمنعهم من أمر الله فكانت النتيجة هى أن أمر الله أتاهم من حيث لا يتوقعون وأن الله قذف فى قلوبهم الرعب وقد قام هذا الفريق بتخريب بيوتهم بأنفسهم وبأنفس المسلمين وفى هذا قال بسورة الحشر "هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب يخرجون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين "وقد كتب الله على هذا الفريق الجلاء أى ترك الديار إلى ديار أخرى وفى هذا قال "ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء "وكان هذا الفريق قد اتهم المسلمين بالفساد فى الأرض لما قطعوا الأشجار فبين الله للمسلمين أن تقطيع الأشجار أو تركها هو بأمر من الله وفى هذا قال "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله "وكان المنافقون قد قالوا لهذا الفريق الكتابى :لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ولئن قوتلتم لننصرنكم ،ولما أخرج المسلمون اليهود لم ينفذ المنافقون وعدهم وفى هذا قال "ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون للذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ولئن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد أنهم لكاذبون ".
البيت العتيق