"وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم" معنى الآية وقال لهم رسولهم(ص)إن الله قد اختار لكم طالوت قائدا قالوا كيف يصبح له القيادة علينا ونحن أولى بالقيادة منه ولم يعط كثرة من المتاع قال إن الله اختاره منكم وأعطاه زيادة فى المعرفة والصحة والله يعطى حكمه من يريد والله غنى خبير،يبين الله لرسوله(ص)أن نبى القوم(ص)قال لهم :إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا وهذا يعنى أن الله اختار من القوم قائدا هو طالوت(ص) فكان رد القوم: أنى يكون له الملك علينا أى كيف يصبح له الحكم فينا ونحن أحق بالملك منه أى ونحن أولى بالحكم منه ولم يؤت سعة من المال والمراد ولم يعطى كثير من المتاع ؟والغرض من القول هو إخبار النبى(ص)أن القوم اعتبروا أن اختيار طالوت(ص)خاطىء لأن الملك فى رأيهم لابد أن يكون غنيا وليس فقيرا كطالوت(ص)فقال النبى(ص)لهم:إن الله اصطفاه وزاده بسطة فى العلم والجسم والمراد إن الله اختاره وأعطاه زيادة فى المعرفة والجسد،بين النبى(ص)هنا للقوم أن الملك لابد أن يتوافر فيه شرطين هما البسطة فى العلم والمراد الزيادة فى المعرفة وهذا يعنى أن عقله سليم أكثر من الآخرين والبسطة فى الجسم وهى الصحة فى الجسد حتى يقدر على الحركة الكثيرة التى يحتاجها أى ملك ليحكم بالعدل كما أن الله اصطفاه أى اختاره من بينهم وبين لهم النبى بقوله:والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم والمراد والله يعطى حكمه من يريد والله غنى خبير وهذا يعنى أن الله حر يتصرف فى ملكه وهو هنا حكم الأرض كيف يريد فيعطيه لمن يريد ويمنعه عن من يريد وهو غنى خبير بكل شىء فى ملكه .
"وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين" يفسره قوله تعالى بسورة التوبة"فأنزل الله سكينته عليه "فالسكينة هى الوحى المنزل ويفسره قوله بسورة هود"إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة"فالمؤمنين هم الذين يخافون عذاب الآخرة والمعنى وقال لهم رسولهم(ص)إن علامة حكمه أن يجيئكم الصندوق فيه وحى من خالقكم و بعض من الذى خلف آل موسى(ص)وآل هارون(ص) ترفعه الملائكة إن فى ذلك لعلامة لكم إن كنتم مصدقين بوحى الله،يبين الله لرسوله(ص)أن نبى القوم (ص)قال لهم إن آية ملك طالوت(ص)والمراد إن علامة بداية حكم طالوت(ص)هى أن يأتيكم التابوت أى أن يجيئكم الصندوق وهو صندوق كانت به التوراة المنزلة فيه سكينة من ربكم أى وحى من إلهكم هو التوراة وبقية مما ترك آل موسى(ص)وآل هارون(ص)والمراد وبعض من الذى ترك أهل موسى(ص) وأهل هارون (ص) وهذا التابوت تحمله الملائكة والمراد ترفعه الملائكة على أيديها وهذه آية أى معجزة تدل على وجوب الاستسلام لأمر الله بتولية طالوت(ص)ملكا إن كنتم مؤمنين أى مصدقين بحكم الله .
"فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين أمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين" يفسر الجزء الأخير"والله مع الصابرين" قوله تعالى بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "وقوله بسورة البقرة"واعلموا أن الله مع المتقين"فمعية الله هى دفاعه عن المؤمنين والصابرين هم المتقين ومعنى الآية فلما خرج طالوت (ص)بالعسكر قال إن الله مختبركم بعين فمن ارتوى منها فليس معى ومن لم يرتوى فإنه معى إلا من أخذ أخذة بكفه فارتووا منه إلا قليلا منهم فلما عبره هو والذين صدقوا معه قالوا لا قدرة لنا اليوم بجالوت وعسكره قال الذين يعلمون أنهم آخذوا ثواب الله كم من جماعة قليلة هزمت جماعة كبيرة بأمر الله والله ناصر الطائعين ،يبين الله لرسوله(ص)أن طالوت(ص)لما فصل بالجنود والمراد لما خرج بالعسكر مسافرا للجهاد قال للعسكر :إن الله مبتليكم بنهر أى إن الله مختبركم بعين ماء فمن شرب منه فليس منى والمراد فمن ذاق من العين فليس معى فى الجيش ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده أى ومن لم يذقه فإنه معى فى الجيش إلا من أخذ مرة بكفه من الماء ،فكانت النتيجة أن شربوا منه إلا قليلا منهم والمراد أن معظم العسكر ذاقوا الماء أكثر من مرة بالكف إلا عدد قليل منهم فلما جاوز أى عبر طالوت(ص) النهر وهو عين الماء هو والذين أمنوا معه وهم الذين صدقوا بكلام طالوت(ص) فى أمر الشرب وقد قال بعضهم لما شاهدوا العدو :لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده والمراد لا قدرة لنا الآن بجالوت وعسكره وهذا يعنى أنهم ظنوا أنهم لن يقدروا على هزيمة العدو فى هذا الوقت ولكن الذين يظنون أنهم ملاقوا الله والمراد الذين يعلمون أنهم داخلوا جنة الله قالوا :كم من فئة أى جماعة قليلة غلبت أى هزمت فئة أى جماعة كثيرة بإذن الله أى بأمر الله والله مع الصابرين والمراد والله ناصر الطائعين لله ،وهذا يبين لنا أن العدد ليس هو السبب فى النصر وإنما السبب هو الرغبة فى نصر دين الله الذى ينصر من يطيعه بكل وسيلة ممكنة .
"ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"معنى الآية ولما خرجوا لجالوت وعسكره قالوا إلهنا أنزل علينا قوة أى رسخ أنفسنا أى أعنا على القوم الظالمين ،يبين الله لرسوله(ص)أن طالوت(ص)وجنوده برزوا أى خرجوا لمحاربة جالوت وجنوده وهم عسكره فقالوا داعين الله :ربنا أفرغ علينا صبرا والمراد إلهنا أعطنا منك قوة وفسروا هذا بأن يثبت أقدامهم أى يقوى أنفسهم على الحرب وفسروا هذا بأن ينصرهم على القوم الكافرين أى يعينهم على حرب القوم المكذبين بدين الله ،وهذا يبين لنا أن الدعاء عند الحرب مستحب .
"فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وأتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النساء"وأتينا داود زبورا" وقوله بسورة الكهف"وربك الغفور ذو الرحمة"فالملك أى الحكمة أى التعليم الذى يشاء الله هو الزبور وذو الفضل هو ذو الرحمة والمعنى فغلبوهم بطاعة الله وذبح داود(ص)جالوت وأعطاه الله الحكم أى الوحى أى عرفه مما يريد ولولا صد الله الناس بعضهم ببعض لدمرت الأرض ولكن الله صاحب رحمة للخلق ،يبين الله لرسوله(ص)أن بنى إسرائيل المؤمنين هزموا أى غلبوا أى قهروا جالوت وجنوده حيث قتل أى ذبح داود(ص)قائد العدو جالوت وقد أتى أى أعطى الله داود(ص)الملك وفسره بأنه الحكمة وفسره بأنه علمه من الذى يشاء أى يريد وهذا معناه أنه أعطاه الوحى وهو الزبور ،ويبين الله لنا أن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض والمراد ولولا رد الله أذى بعض الناس لبعضهم برد البعض الأخر للأذى وهو ما نسميه إباحة قتال المعتدى لحدث أن فسدت الأرض أى دمرت العدالة فى البلاد ،ويبين الله لنا أنه ذو فضل على العالمين والمراد أنه صاحب رحمة للخلق يعطيها لهم فى الدنيا والأخرة .
"تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق"فآيات الله هى كتابه وتلاوتها هى نزولها والمعنى تلك أحكام الله ننزلها عليك بالعدل وإنك لمن الأنبياء(ص)،يبين الله لرسوله(ص)أن ما سبق هو آيات الله أى أحكام الله يتلوها عليه بالحق أى يبلغها لهم بالعدل وهو حكم الله وأنه من المرسلين أى الأنبياء(ص) أى المبعوثين بوحى الله إلى الناس.
"تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات وأتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من أمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد"قوله "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات" يفسره قوله تعالى بسورة الإسراء"ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض" فالرسل هم الأنبياء(ص)والمعنى تلك الأنبياء ميزنا بعضهم على بعض فمنهم من حدث الله و زاد بعضهم عطايا،يبين الله لنا أنه فضل الرسل على بعض والمراد ميز الأنبياء(ص)على بعض فى العطايا وهى الدرجات أى المعجزات فمنهم من زاد على الأخر فى العدد و من ضمن العطايا من كانت معجزته أن كلم الله أى حدثه أى أوحى الله له وحيا من خلال من لا يكلم الناس عادة ،وقوله "وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس"يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "وأتيناه الإنجيل "وقوله بسورة الشعراء"نزل به الروح الأمين"فالبينات هى الإنجيل والمعجزات كما بسورة المائدة وروح القدس هو الروح الأمين كما بسورة الشعراء والمعنى وأعطينا عيسى ابن مريم(ص)آيات الإنجيل ونصرناه بجبريل(ص)،يبين الله لنا أن أتى أى أعطى عيسى(ص)البينات وهى الآيات سواء آيات الإنجيل أو المعجزات وأيده بروح القدس والمراد ونصره على الكفار بجبريل(ص) حيث جعله يفعل المعجزات وحماه من أذى الكفار ،وقوله"ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"من بعد ما جاءهم العلم "فالبينات هى العلم والمعنى ولو أراد الله ما تحارب الذين من بعد وفاة الرسل(ص) من بعد ما أتتهم الآيات ولكن تنازعوا ،يبين الله لنا أن الله لو شاء أى أراد ما اقتتل الذين من بعدهم والمراد ما تحارب الذين أتوا بعد وفاة الأنبياء(ص)ولكن الذى حدث هو أنهم اختلفوا أى تحاربوا أى تنازعوا فى حكم الله من بعد ما جاءتهم البينات والمراد من بعد ما وضحت لهم الأحكام الإلهية ،وقوله "فمنهم من آمن ومنهم من كفر"يفسره قوله تعالى بسورة يونس"ومنهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن "فمن كفر هو من لا يؤمن والمعنى فمنهم من صدق بحكم الله ومنهم من كذب بحكم الله،يبين الله لنا أن الناس انقسموا بعد وفاة الرسل(ص)إلى فريقين من آمن أى صدق بوحى الله ومن كفر أى كذب بوحى الله ،وقوله "ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد"يفسره قوله تعالى بسورة إبراهيم"ويفعل الله ما يشاء "وقوله بسورة المائدة"إن الله يحكم ما يريد"فيريد تعنى يشاء كما بسورة إبراهيم ويفعل تعنى يحكم كما بسورة المائدة والمعنى ولو أراد الله ما تحاربوا ولكن الله يحكم الذى يشاء،يبين الله لنا أنه لو شاء ما اقتتلوا والمراد لو أراد الله ما تحارب الناس بعد وفاة الرسل(ص) بسبب حكم الله ولكن الله يفعل ما يريد أى يصنع الذى يحب هو لأنه حر فى ملكه،وهنا أخر الخطاب للنبى(ص)بعد القصة .
"وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين" يفسره قوله تعالى بسورة التوبة"فأنزل الله سكينته عليه "فالسكينة هى الوحى المنزل ويفسره قوله بسورة هود"إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة"فالمؤمنين هم الذين يخافون عذاب الآخرة والمعنى وقال لهم رسولهم(ص)إن علامة حكمه أن يجيئكم الصندوق فيه وحى من خالقكم و بعض من الذى خلف آل موسى(ص)وآل هارون(ص) ترفعه الملائكة إن فى ذلك لعلامة لكم إن كنتم مصدقين بوحى الله،يبين الله لرسوله(ص)أن نبى القوم (ص)قال لهم إن آية ملك طالوت(ص)والمراد إن علامة بداية حكم طالوت(ص)هى أن يأتيكم التابوت أى أن يجيئكم الصندوق وهو صندوق كانت به التوراة المنزلة فيه سكينة من ربكم أى وحى من إلهكم هو التوراة وبقية مما ترك آل موسى(ص)وآل هارون(ص)والمراد وبعض من الذى ترك أهل موسى(ص) وأهل هارون (ص) وهذا التابوت تحمله الملائكة والمراد ترفعه الملائكة على أيديها وهذه آية أى معجزة تدل على وجوب الاستسلام لأمر الله بتولية طالوت(ص)ملكا إن كنتم مؤمنين أى مصدقين بحكم الله .
"فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين أمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين" يفسر الجزء الأخير"والله مع الصابرين" قوله تعالى بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "وقوله بسورة البقرة"واعلموا أن الله مع المتقين"فمعية الله هى دفاعه عن المؤمنين والصابرين هم المتقين ومعنى الآية فلما خرج طالوت (ص)بالعسكر قال إن الله مختبركم بعين فمن ارتوى منها فليس معى ومن لم يرتوى فإنه معى إلا من أخذ أخذة بكفه فارتووا منه إلا قليلا منهم فلما عبره هو والذين صدقوا معه قالوا لا قدرة لنا اليوم بجالوت وعسكره قال الذين يعلمون أنهم آخذوا ثواب الله كم من جماعة قليلة هزمت جماعة كبيرة بأمر الله والله ناصر الطائعين ،يبين الله لرسوله(ص)أن طالوت(ص)لما فصل بالجنود والمراد لما خرج بالعسكر مسافرا للجهاد قال للعسكر :إن الله مبتليكم بنهر أى إن الله مختبركم بعين ماء فمن شرب منه فليس منى والمراد فمن ذاق من العين فليس معى فى الجيش ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده أى ومن لم يذقه فإنه معى فى الجيش إلا من أخذ مرة بكفه من الماء ،فكانت النتيجة أن شربوا منه إلا قليلا منهم والمراد أن معظم العسكر ذاقوا الماء أكثر من مرة بالكف إلا عدد قليل منهم فلما جاوز أى عبر طالوت(ص) النهر وهو عين الماء هو والذين أمنوا معه وهم الذين صدقوا بكلام طالوت(ص) فى أمر الشرب وقد قال بعضهم لما شاهدوا العدو :لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده والمراد لا قدرة لنا الآن بجالوت وعسكره وهذا يعنى أنهم ظنوا أنهم لن يقدروا على هزيمة العدو فى هذا الوقت ولكن الذين يظنون أنهم ملاقوا الله والمراد الذين يعلمون أنهم داخلوا جنة الله قالوا :كم من فئة أى جماعة قليلة غلبت أى هزمت فئة أى جماعة كثيرة بإذن الله أى بأمر الله والله مع الصابرين والمراد والله ناصر الطائعين لله ،وهذا يبين لنا أن العدد ليس هو السبب فى النصر وإنما السبب هو الرغبة فى نصر دين الله الذى ينصر من يطيعه بكل وسيلة ممكنة .
"ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"معنى الآية ولما خرجوا لجالوت وعسكره قالوا إلهنا أنزل علينا قوة أى رسخ أنفسنا أى أعنا على القوم الظالمين ،يبين الله لرسوله(ص)أن طالوت(ص)وجنوده برزوا أى خرجوا لمحاربة جالوت وجنوده وهم عسكره فقالوا داعين الله :ربنا أفرغ علينا صبرا والمراد إلهنا أعطنا منك قوة وفسروا هذا بأن يثبت أقدامهم أى يقوى أنفسهم على الحرب وفسروا هذا بأن ينصرهم على القوم الكافرين أى يعينهم على حرب القوم المكذبين بدين الله ،وهذا يبين لنا أن الدعاء عند الحرب مستحب .
"فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وأتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النساء"وأتينا داود زبورا" وقوله بسورة الكهف"وربك الغفور ذو الرحمة"فالملك أى الحكمة أى التعليم الذى يشاء الله هو الزبور وذو الفضل هو ذو الرحمة والمعنى فغلبوهم بطاعة الله وذبح داود(ص)جالوت وأعطاه الله الحكم أى الوحى أى عرفه مما يريد ولولا صد الله الناس بعضهم ببعض لدمرت الأرض ولكن الله صاحب رحمة للخلق ،يبين الله لرسوله(ص)أن بنى إسرائيل المؤمنين هزموا أى غلبوا أى قهروا جالوت وجنوده حيث قتل أى ذبح داود(ص)قائد العدو جالوت وقد أتى أى أعطى الله داود(ص)الملك وفسره بأنه الحكمة وفسره بأنه علمه من الذى يشاء أى يريد وهذا معناه أنه أعطاه الوحى وهو الزبور ،ويبين الله لنا أن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض والمراد ولولا رد الله أذى بعض الناس لبعضهم برد البعض الأخر للأذى وهو ما نسميه إباحة قتال المعتدى لحدث أن فسدت الأرض أى دمرت العدالة فى البلاد ،ويبين الله لنا أنه ذو فضل على العالمين والمراد أنه صاحب رحمة للخلق يعطيها لهم فى الدنيا والأخرة .
"تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق"فآيات الله هى كتابه وتلاوتها هى نزولها والمعنى تلك أحكام الله ننزلها عليك بالعدل وإنك لمن الأنبياء(ص)،يبين الله لرسوله(ص)أن ما سبق هو آيات الله أى أحكام الله يتلوها عليه بالحق أى يبلغها لهم بالعدل وهو حكم الله وأنه من المرسلين أى الأنبياء(ص) أى المبعوثين بوحى الله إلى الناس.
"تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات وأتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من أمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد"قوله "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات" يفسره قوله تعالى بسورة الإسراء"ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض" فالرسل هم الأنبياء(ص)والمعنى تلك الأنبياء ميزنا بعضهم على بعض فمنهم من حدث الله و زاد بعضهم عطايا،يبين الله لنا أنه فضل الرسل على بعض والمراد ميز الأنبياء(ص)على بعض فى العطايا وهى الدرجات أى المعجزات فمنهم من زاد على الأخر فى العدد و من ضمن العطايا من كانت معجزته أن كلم الله أى حدثه أى أوحى الله له وحيا من خلال من لا يكلم الناس عادة ،وقوله "وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس"يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "وأتيناه الإنجيل "وقوله بسورة الشعراء"نزل به الروح الأمين"فالبينات هى الإنجيل والمعجزات كما بسورة المائدة وروح القدس هو الروح الأمين كما بسورة الشعراء والمعنى وأعطينا عيسى ابن مريم(ص)آيات الإنجيل ونصرناه بجبريل(ص)،يبين الله لنا أن أتى أى أعطى عيسى(ص)البينات وهى الآيات سواء آيات الإنجيل أو المعجزات وأيده بروح القدس والمراد ونصره على الكفار بجبريل(ص) حيث جعله يفعل المعجزات وحماه من أذى الكفار ،وقوله"ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"من بعد ما جاءهم العلم "فالبينات هى العلم والمعنى ولو أراد الله ما تحارب الذين من بعد وفاة الرسل(ص) من بعد ما أتتهم الآيات ولكن تنازعوا ،يبين الله لنا أن الله لو شاء أى أراد ما اقتتل الذين من بعدهم والمراد ما تحارب الذين أتوا بعد وفاة الأنبياء(ص)ولكن الذى حدث هو أنهم اختلفوا أى تحاربوا أى تنازعوا فى حكم الله من بعد ما جاءتهم البينات والمراد من بعد ما وضحت لهم الأحكام الإلهية ،وقوله "فمنهم من آمن ومنهم من كفر"يفسره قوله تعالى بسورة يونس"ومنهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن "فمن كفر هو من لا يؤمن والمعنى فمنهم من صدق بحكم الله ومنهم من كذب بحكم الله،يبين الله لنا أن الناس انقسموا بعد وفاة الرسل(ص)إلى فريقين من آمن أى صدق بوحى الله ومن كفر أى كذب بوحى الله ،وقوله "ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد"يفسره قوله تعالى بسورة إبراهيم"ويفعل الله ما يشاء "وقوله بسورة المائدة"إن الله يحكم ما يريد"فيريد تعنى يشاء كما بسورة إبراهيم ويفعل تعنى يحكم كما بسورة المائدة والمعنى ولو أراد الله ما تحاربوا ولكن الله يحكم الذى يشاء،يبين الله لنا أنه لو شاء ما اقتتلوا والمراد لو أراد الله ما تحارب الناس بعد وفاة الرسل(ص) بسبب حكم الله ولكن الله يفعل ما يريد أى يصنع الذى يحب هو لأنه حر فى ملكه،وهنا أخر الخطاب للنبى(ص)بعد القصة .