سورة فصلت
سميت كذلك لذكر كلمة فصلت بقوله "كتاب فصلت آياته ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات عدل إلقاء من النافع المفيد قرآن بينت أحكامه كلاما واضحا لقوم يعقلون مخبرا أى مبلغا فكفر معظمهم فهم لا يطيعون،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم تنزيل كتاب فصلت آياته من الرحمن الرحيم والمراد آيات عادلة ايحاء قرآن بينت أحكامه من النافع المفيد وهذا يعنى أن القرآن نزل كل مجموعة آيات عادلة مفرقة عن الأخرى وقد فصلت أى بينت أى أحكمت آياته وهى أحكامه مصداق لقوله بسورة هود"أحكمت آياته"والكتاب هو قرآن عربى أى حديث أى حكم واضح مفهوم مصداق لقوله بسورة الرعد"وكذلك أنزلناه حكما عربيا"وقد نزل لقوم يعلمون بشيرا أى نذيرا والمراد وقد نزل لناس يطيعون مبلغا أى مخبرا فكانت النتيجة أن أعرض أكثرهم فهم لا يسمعون والمراد أن كذب به أغلبهم فهم لا يعقلون أى لا يطيعون أحكامه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"بل أكثرهم لا يعقلون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه وفى أذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فإعمل إننا عاملون "المعنى وقالوا نفوسنا فى حواجز مما تنادوننا له أى فى أسماعنا ثقل أى من بيننا وبينك حاجز فحافظ إننا محافظون ،يبين الله أن الكفار قالوا للرسول(ص)قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه والمراد نفوسنا بها حواجز تمنعها من طاعة الذى تنادوننا لطاعته وفسروا هذا بقولهم وفى آذاننا وقر والمراد وفى أسماعنا مانع يمنعها من سماع كلامكم وفسروا هذا بقولهم ومن بيننا وبينك حجاب والمراد ومن بيننا وبين كلامك حاجز يمنعنا من طاعته فإعمل إننا عاملون والمراد فحافظ على دينك إننا محافظون على ديننا .
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين "المعنى قل إنما أنا إنسان شبهكم يلقى إلى أنما ربكم رب واحد فأطيعوه أى عودوا لدينه والعذاب للكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أنا بشر مثلكم أى إنسان شبهكم وهذا يعنى تساويه معهم فى كل شىء ،يوحى إلى أى يلقى إلى وهذا هو الفرق بينه وبين الناس والوحى يقول :إنما إلهكم إله واحد والمراد إنما خالقكم خالق واحد فاستقيموا إليه والمراد فأسلموا له مصداق لقوله بسورة الحج"فإلهكم إله واحد فله أسلموا"وهذا يعنى أن يطيعوا حكمه وفسر هذا بقوله واستغفروه أى توبوا إلى دينه وويل للمشركين والمراد والعذاب للمكذبين لدين الله مصداق لقوله بسورة المرسلات"ويل يومئذ للمكذبين "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص) ومنه للكفار.
"الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون "المعنى الذين لا يعملون الحق وهم بالقيامة هم مكذبون ،يبين الله أن المشركين هم الذين لا يؤتون الزكاة والمراد الذين لا يصنعون العدل وهم بالآخرة وهى القيامة هم كافرون أى مكذبون بها .
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون"المعنى إن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم ثواب غير مقطوع ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات لهم أجر غير ممنون أى ثواب غير مقطوع وهو ثواب كبير مصداق لقوله بسورة فاطر"وأجر كبير ".
"قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربع أيام سواء للسائلين "المعنى قل هل إنكم لتكذبون بحكم الذى أنشأ الأرض فى يومين وتخلقون له شركاء ذلك إله الكل ووضع فيها جبال من أعلاها وقدس منها وحدد فيها أرزاقها فى أربعة أيام سيان للطالبين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين والمراد هل تكذبون بدين الذى أبدع الأرض فى يومين؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بحكم الله الذى خلق الأرض فى يومين ويقول للناس وتجعلون له أندادا والمراد وتخترعون له شركاء فى ملكه مصداق لقوله بسورة الرعد"وجعلوا لله شركاء"ويبين لهم أن ذلك وهو الخالق هو رب العالمين أى خالق الكل ،ويقول لهم وجعل فيها رواسى من فوقها والمراد وألقى فيها جبال من أعلاها مصداق لقوله بسورة لقمان"وألقى فى الأرض رواسى "وهذا يعنى أن الجبال موجودة فى الطبقة العليا من الأرض فقط وهو بارك فيها أى وقدس بعضها وهذا يعنى أنه جعل فيها بعض الأماكن المقدسة وهى المباركة وهو قدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين والمراد وهو حدد فيها أى خلق فيها أرزاق مخلوقاتها فى أربعة أيام سيان للطالبين وهذا يعنى أن خلق الأقوات وهى الأرزاق تم فى مدة قدرها أربعة أيام وهى تكفى الجميع مهما زاد عددهم بشرط تساويهم فى المقدار وهو الواجب فعله فى الواقع بين الناس.
"ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين "المعنى وأوحى إلى السماء وهى أبخرة فقال لها وللأرض أطيعا حبا أو بغضا قالتا جئنا محبين ،يبين الله للناس على لسان نبيه (ص) أن الله استوى إلى السماء والمراد أن الله قال للسماء وهى دخان أى على شكل بخار متصاعد فقال لها وللأرض :ائتيا طوعا أو كرها والمراد أطيعا حكمى رغبة أو جبرا فكان ردهما :أتينا طائعين والمراد أطعنا راغبين فى طاعتك والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .
"فقضاهن سبع سموات فى يومين وأوحى فى كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم "المعنى فخلقهن سبع سموات فى يومين وألقى فى كل سماء حكمها وجملنا السماء القريبة بنجوم وحماية ذلك صنع الغالب الخبير ،يبين الله للكفار على لسان رسوله (ص)فيقول :فقضاهن أى "فسواهن سبع سموات"كما قال بسورة البقرة والمراد فبناهن سبع سموات فى مدة يومين وهما نفسهما اليومين اللذين خلق فيهما الأرض ،وأوحى فى كل سماء أمرها والمراد ووضع فى كل سماء حكمها وهو قوانينها الحاكمة لها وزينا السماء الدنيا بمصابيح والمراد وجملنا السماء القريبة لكم بكواكب أى نجوم مصداق لقوله بسورة الصافات"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب "وحفظا أى وحماية لها من الشياطين مصداق لقوله الملك "بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين "ويبين أن ذلك وهو القضاء والوحى والتزيين هو تقدير أى فعل العزيز وهو الغالب على أمره العليم أى الخبير بكل شىء .
"فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون "المعنى فإن كذبوا فقل أخبرتكم هلاك شبه هلاك عاد وثمود حين قالت لهم الأنبياء فى حاضرهم ومستقبلهم ألا تطيعوا سوى الرب قالوا لو أراد إلهنا لأرسل لنا ملائكة فإنا بما بعثتم به مكذبون ،يبين الله لنبيه (ص) أن الناس إن أعرضوا أى كفروا بحكم الله فعليه أن يقول لهم أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود والمراد أخبركم بإصابتكم بهلاك شبه هلاك عاد وثمود وهذا يعنى أنه يحذرهم من عذاب يهلكهم ،إذ جاءتهم الرسل والمراد عندما قالت لهم الأنبياء (ص)من بين أيديهم والمراد فى وقتهم الذى كانوا فيه ومن خلفهم والمراد وفى وقتهم الباقى من حياتهم فى المستقبل :ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تطيعوا حكم سوى حكم الله فقالوا للرسل (ص)لو شاء ربنا لأنزل ملائكة والمراد لو أراد إلهنا عبادته وحده لأرسل لنا ملائكة بهذا وليس بشرا فإنا بما أرسلتم به كافرون والمراد فإنا بالذى بعثتم به وهو حكم الله مكذبون والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار .
"فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون"المعنى فأما عاد فبغوا فى البلاد بغير العدل وقالوا من أعظم منا بأسا؟ أو لم يعلموا أن الرب الذى أنشأهم هو أعظم منهم بأسا وكانوا بأحكامنا يكفرون فبعثنا عليهم ريحا مؤذية فى أيام مؤذيات لنعرفهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى ولعقاب القيامة أذل وهم لا يرحمون،يبين الله لنبيه (ص)أن عاد استكبروا فى الأرض بغير الحق والمراد أن عاد عملوا فى البلاد بغير العدل وهو الظلم وقالوا :من أشد منا قوة والمراد من أعظم منا بطشا ؟وهذا يعنى أنهم ظنوا أن لا أحد يقدر على إضرارهم ،ويسأل الله أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة والمراد هل لم يعلموا أن الرب الذى أبدعهم هو أعظم منهم بأسا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن عاد علموا من رسولهم أن الله أقوى منهم ولكنهم تركوا العمل بهذه المعرفة ،ويبين له أنهم كانوا بآياتنا يجحدون والمراد أنهم كانوا بأحكام الله يكفرون فكانت النتيجة أن أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات والمراد أن بعثنا عليهم هواء مؤذيا فى أيام حسومات أى مستمرات فى الأذى مصداق لقوله بسورة الحاقة "سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أياما حسوما "والسبب فى إرسالها أن نذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا والمراد أن نعلمهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى وعذاب الآخرة أخزى والمراد وعقاب القيامة أشد وأبقى والمراد أشد ذلا مصداق لقوله بسورة طه"ولعذاب الآخرة أشد وأبقى"وهم لا ينصرون والمراد "وهم لا ينظرون"كما قال بسورة البقرة والمراد لا يرحمون فى القيامة .
"وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "المعنى وأما ثمود ففضلوا الكفر على الإيمان فأهلكتهم صيحة العقاب المذل بما كانوا يكفرون وأنقذنا الذين صدقوا بحكمنا وكانوا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن ثمود استحبوا العمى على الهدى والمراد فضلوا الكفر وهو حب متاع الدنيا على الإيمان وهو العمل لنيل متاع الآخرة مصداق لقوله بسورة النحل"استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة"فأخذتهم صاعقة العذاب الهون والمراد فدمرتهم صيحة العقاب المذل وهى الطاغية مصداق لقوله بسورة الحاقة"فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية "والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بنفس السورة "بما كانوا يعملون"ويبين له أنه نجى الذين آمنوا وكانوا يتقون والمراد وأنقذ من العذاب الذين صدقوا حكمه وكانوا يطيعون حكمه والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار .
"ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون "المعنى ويوم يساق كارهوا الرب إلى جهنم فهم يقسمون حتى إذا ما وصلوها أقر عليهم سمعهم وعيونهم وأعضاءهم بما كانوا يكسبون،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشر أعداء الله إلى النار والمراد أن يوم يساق عصاة حكم الله إلى جهنم مصداق لقوله بسورة الزمر"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"فهم يوزعون أى يقسمون أفواجا ليدخل كل فوج من باب مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب جزء مقسوم"حتى إذا ما جاءوها أى وصلوا لسور النار حدث التالى شهد عليهم بما كانوا يعملون أى اعترف عليهم بالذى كانوا يكسبون سمعهم و أبصارهم و جلودهم وهذا يعنى أن أعضاء السمع والبصر والإحساس تقر كل منها بما أمره صاحبه أن يعمله فى الدنيا وهذا يعنى وجود مسجلات فيها تسجل عملها حتى تقر به فى الآخرة والخطاب وما بعده للنبى.
"وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون "المعنى وقالوا لأعضاءهم لماذا اعترفتم علينا ؟قالوا أنطقنا الرب الذى أنطق كل مخلوق وهو أنشأكم أسبق مرة وإليه تعودون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا لجلودهم وهى أعضاء أجسامهم التى يغطيها الجلد وهى كل ما يعمل الخطايا :لم شهدتم علينا والمراد لماذا أقررتم بكفرنا ؟فأجابت الأعضاء :أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء والمراد جعلنا نتحدث الذى جعل كل مخلوق يتحدث وهذا يعنى أن الله هو الذى أعطاهم القدرة على الكلام بالحق الذى علموه ،وهو خلقكم أول مرة والمراد وهو أنشأكم أسبق مرة فى الدنيا وإليه ترجعون والمراد وإلى عقاب الله تدخلون.
"وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين "المعنى وما كنتم تتوقعون أن يقر عليكم سمعكم ولا عيونكم ولا أعضائكم ولكن اعتقدتم أن الرب لا يعرف كثيرا مما تصنعون ذلكم اعتقادكم الذى اعتقدتم بإلهكم أهلككم فأصبحتم من المعذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول على لسان الملائكة للكفار :وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم والمراد وما كنتم تنتظرون أن يعترف بكفركم سمعكم وهو آذانكم ولا أبصاركم وهى عيونكم ولا جلودكم وهى بقية أعضائكم التى عملت الخطايا وهذا يعنى أنهم يظنون أن الأعضاء ملكهم وحدهم وأنها لا تعرف شىء عنهم ،ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون والمراد ولكن اعتقدتم أن الرب لا يعرف كثيرا من الذى تصنعون وهذا يعنى أنهم اعتقدوا أن الله لا يعلم الخفاء ومن ثم كانوا يعملون فى الخفاء الخطايا اعتقادا منهم بأنه لن يعرف بها ومن ثم لن يعاقبهم عليها ،ذلكم ظنكم والمراد هذا اعتقادكم الخاطىء الذى ظننتم بربكم الذى اعتقدتم فى إلهكم أرادكم أى أهلككم والمراد أدخلكم النار فأصبحتم من الخاسرين وهم المعذبين والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين "المعنى فإن يتحملوا فجهنم مقام لهم وإن يعتذروا فما هم من المقبولين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إن يصبروا أى يتحملوا الألم فالنار مثوى أى مكان لإقامتهم وإن يستعتبوا والمراد وإن يعتذروا عن كفرهم فما هم من المعتبين والمراد فما هم من المقبولين عذرهم وهذا يعنى أن الإعتذار لا ينفعهم مصداق لقوله بسورة الروم"فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ".
"وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين "وخلقنا فيهم شهوات فحسنوا لهم ما أمامهم وما وراءهم وصدق عليهم الحكم فى جماعات قد مضت من قبلهم من الجن والبشر إنهم كانوا معذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قيض للناس قرناء والمراد خلق لهم أصحاب سوء هم شهوات أنفسهم فزينوا لهم ما بين أيديهم والمراد فحسنوا لهم سيئاتهم فى الوقت الحاضر وما خلفهم وحسنوا لهم سيئاتهم فى المستقبل وهو بقية حياتهم فى الدنيا فحق عليهم القول والمراد فصدق فيهم حكم الله فى أمم وهى جماعات قد خلت من قبلهم والمراد قد مضت من قبل وجودهم من الجن والإنس وحكم الله هو أنهم كانوا خاسرين أى معذبين فى الدنيا والآخرة .
سميت كذلك لذكر كلمة فصلت بقوله "كتاب فصلت آياته ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات عدل إلقاء من النافع المفيد قرآن بينت أحكامه كلاما واضحا لقوم يعقلون مخبرا أى مبلغا فكفر معظمهم فهم لا يطيعون،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم تنزيل كتاب فصلت آياته من الرحمن الرحيم والمراد آيات عادلة ايحاء قرآن بينت أحكامه من النافع المفيد وهذا يعنى أن القرآن نزل كل مجموعة آيات عادلة مفرقة عن الأخرى وقد فصلت أى بينت أى أحكمت آياته وهى أحكامه مصداق لقوله بسورة هود"أحكمت آياته"والكتاب هو قرآن عربى أى حديث أى حكم واضح مفهوم مصداق لقوله بسورة الرعد"وكذلك أنزلناه حكما عربيا"وقد نزل لقوم يعلمون بشيرا أى نذيرا والمراد وقد نزل لناس يطيعون مبلغا أى مخبرا فكانت النتيجة أن أعرض أكثرهم فهم لا يسمعون والمراد أن كذب به أغلبهم فهم لا يعقلون أى لا يطيعون أحكامه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"بل أكثرهم لا يعقلون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه وفى أذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فإعمل إننا عاملون "المعنى وقالوا نفوسنا فى حواجز مما تنادوننا له أى فى أسماعنا ثقل أى من بيننا وبينك حاجز فحافظ إننا محافظون ،يبين الله أن الكفار قالوا للرسول(ص)قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه والمراد نفوسنا بها حواجز تمنعها من طاعة الذى تنادوننا لطاعته وفسروا هذا بقولهم وفى آذاننا وقر والمراد وفى أسماعنا مانع يمنعها من سماع كلامكم وفسروا هذا بقولهم ومن بيننا وبينك حجاب والمراد ومن بيننا وبين كلامك حاجز يمنعنا من طاعته فإعمل إننا عاملون والمراد فحافظ على دينك إننا محافظون على ديننا .
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين "المعنى قل إنما أنا إنسان شبهكم يلقى إلى أنما ربكم رب واحد فأطيعوه أى عودوا لدينه والعذاب للكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أنا بشر مثلكم أى إنسان شبهكم وهذا يعنى تساويه معهم فى كل شىء ،يوحى إلى أى يلقى إلى وهذا هو الفرق بينه وبين الناس والوحى يقول :إنما إلهكم إله واحد والمراد إنما خالقكم خالق واحد فاستقيموا إليه والمراد فأسلموا له مصداق لقوله بسورة الحج"فإلهكم إله واحد فله أسلموا"وهذا يعنى أن يطيعوا حكمه وفسر هذا بقوله واستغفروه أى توبوا إلى دينه وويل للمشركين والمراد والعذاب للمكذبين لدين الله مصداق لقوله بسورة المرسلات"ويل يومئذ للمكذبين "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص) ومنه للكفار.
"الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون "المعنى الذين لا يعملون الحق وهم بالقيامة هم مكذبون ،يبين الله أن المشركين هم الذين لا يؤتون الزكاة والمراد الذين لا يصنعون العدل وهم بالآخرة وهى القيامة هم كافرون أى مكذبون بها .
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون"المعنى إن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم ثواب غير مقطوع ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات لهم أجر غير ممنون أى ثواب غير مقطوع وهو ثواب كبير مصداق لقوله بسورة فاطر"وأجر كبير ".
"قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربع أيام سواء للسائلين "المعنى قل هل إنكم لتكذبون بحكم الذى أنشأ الأرض فى يومين وتخلقون له شركاء ذلك إله الكل ووضع فيها جبال من أعلاها وقدس منها وحدد فيها أرزاقها فى أربعة أيام سيان للطالبين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين والمراد هل تكذبون بدين الذى أبدع الأرض فى يومين؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بحكم الله الذى خلق الأرض فى يومين ويقول للناس وتجعلون له أندادا والمراد وتخترعون له شركاء فى ملكه مصداق لقوله بسورة الرعد"وجعلوا لله شركاء"ويبين لهم أن ذلك وهو الخالق هو رب العالمين أى خالق الكل ،ويقول لهم وجعل فيها رواسى من فوقها والمراد وألقى فيها جبال من أعلاها مصداق لقوله بسورة لقمان"وألقى فى الأرض رواسى "وهذا يعنى أن الجبال موجودة فى الطبقة العليا من الأرض فقط وهو بارك فيها أى وقدس بعضها وهذا يعنى أنه جعل فيها بعض الأماكن المقدسة وهى المباركة وهو قدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين والمراد وهو حدد فيها أى خلق فيها أرزاق مخلوقاتها فى أربعة أيام سيان للطالبين وهذا يعنى أن خلق الأقوات وهى الأرزاق تم فى مدة قدرها أربعة أيام وهى تكفى الجميع مهما زاد عددهم بشرط تساويهم فى المقدار وهو الواجب فعله فى الواقع بين الناس.
"ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين "المعنى وأوحى إلى السماء وهى أبخرة فقال لها وللأرض أطيعا حبا أو بغضا قالتا جئنا محبين ،يبين الله للناس على لسان نبيه (ص) أن الله استوى إلى السماء والمراد أن الله قال للسماء وهى دخان أى على شكل بخار متصاعد فقال لها وللأرض :ائتيا طوعا أو كرها والمراد أطيعا حكمى رغبة أو جبرا فكان ردهما :أتينا طائعين والمراد أطعنا راغبين فى طاعتك والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .
"فقضاهن سبع سموات فى يومين وأوحى فى كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم "المعنى فخلقهن سبع سموات فى يومين وألقى فى كل سماء حكمها وجملنا السماء القريبة بنجوم وحماية ذلك صنع الغالب الخبير ،يبين الله للكفار على لسان رسوله (ص)فيقول :فقضاهن أى "فسواهن سبع سموات"كما قال بسورة البقرة والمراد فبناهن سبع سموات فى مدة يومين وهما نفسهما اليومين اللذين خلق فيهما الأرض ،وأوحى فى كل سماء أمرها والمراد ووضع فى كل سماء حكمها وهو قوانينها الحاكمة لها وزينا السماء الدنيا بمصابيح والمراد وجملنا السماء القريبة لكم بكواكب أى نجوم مصداق لقوله بسورة الصافات"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب "وحفظا أى وحماية لها من الشياطين مصداق لقوله الملك "بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين "ويبين أن ذلك وهو القضاء والوحى والتزيين هو تقدير أى فعل العزيز وهو الغالب على أمره العليم أى الخبير بكل شىء .
"فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون "المعنى فإن كذبوا فقل أخبرتكم هلاك شبه هلاك عاد وثمود حين قالت لهم الأنبياء فى حاضرهم ومستقبلهم ألا تطيعوا سوى الرب قالوا لو أراد إلهنا لأرسل لنا ملائكة فإنا بما بعثتم به مكذبون ،يبين الله لنبيه (ص) أن الناس إن أعرضوا أى كفروا بحكم الله فعليه أن يقول لهم أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود والمراد أخبركم بإصابتكم بهلاك شبه هلاك عاد وثمود وهذا يعنى أنه يحذرهم من عذاب يهلكهم ،إذ جاءتهم الرسل والمراد عندما قالت لهم الأنبياء (ص)من بين أيديهم والمراد فى وقتهم الذى كانوا فيه ومن خلفهم والمراد وفى وقتهم الباقى من حياتهم فى المستقبل :ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تطيعوا حكم سوى حكم الله فقالوا للرسل (ص)لو شاء ربنا لأنزل ملائكة والمراد لو أراد إلهنا عبادته وحده لأرسل لنا ملائكة بهذا وليس بشرا فإنا بما أرسلتم به كافرون والمراد فإنا بالذى بعثتم به وهو حكم الله مكذبون والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار .
"فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون"المعنى فأما عاد فبغوا فى البلاد بغير العدل وقالوا من أعظم منا بأسا؟ أو لم يعلموا أن الرب الذى أنشأهم هو أعظم منهم بأسا وكانوا بأحكامنا يكفرون فبعثنا عليهم ريحا مؤذية فى أيام مؤذيات لنعرفهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى ولعقاب القيامة أذل وهم لا يرحمون،يبين الله لنبيه (ص)أن عاد استكبروا فى الأرض بغير الحق والمراد أن عاد عملوا فى البلاد بغير العدل وهو الظلم وقالوا :من أشد منا قوة والمراد من أعظم منا بطشا ؟وهذا يعنى أنهم ظنوا أن لا أحد يقدر على إضرارهم ،ويسأل الله أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة والمراد هل لم يعلموا أن الرب الذى أبدعهم هو أعظم منهم بأسا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن عاد علموا من رسولهم أن الله أقوى منهم ولكنهم تركوا العمل بهذه المعرفة ،ويبين له أنهم كانوا بآياتنا يجحدون والمراد أنهم كانوا بأحكام الله يكفرون فكانت النتيجة أن أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات والمراد أن بعثنا عليهم هواء مؤذيا فى أيام حسومات أى مستمرات فى الأذى مصداق لقوله بسورة الحاقة "سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أياما حسوما "والسبب فى إرسالها أن نذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا والمراد أن نعلمهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى وعذاب الآخرة أخزى والمراد وعقاب القيامة أشد وأبقى والمراد أشد ذلا مصداق لقوله بسورة طه"ولعذاب الآخرة أشد وأبقى"وهم لا ينصرون والمراد "وهم لا ينظرون"كما قال بسورة البقرة والمراد لا يرحمون فى القيامة .
"وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "المعنى وأما ثمود ففضلوا الكفر على الإيمان فأهلكتهم صيحة العقاب المذل بما كانوا يكفرون وأنقذنا الذين صدقوا بحكمنا وكانوا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن ثمود استحبوا العمى على الهدى والمراد فضلوا الكفر وهو حب متاع الدنيا على الإيمان وهو العمل لنيل متاع الآخرة مصداق لقوله بسورة النحل"استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة"فأخذتهم صاعقة العذاب الهون والمراد فدمرتهم صيحة العقاب المذل وهى الطاغية مصداق لقوله بسورة الحاقة"فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية "والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بنفس السورة "بما كانوا يعملون"ويبين له أنه نجى الذين آمنوا وكانوا يتقون والمراد وأنقذ من العذاب الذين صدقوا حكمه وكانوا يطيعون حكمه والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار .
"ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون "المعنى ويوم يساق كارهوا الرب إلى جهنم فهم يقسمون حتى إذا ما وصلوها أقر عليهم سمعهم وعيونهم وأعضاءهم بما كانوا يكسبون،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشر أعداء الله إلى النار والمراد أن يوم يساق عصاة حكم الله إلى جهنم مصداق لقوله بسورة الزمر"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"فهم يوزعون أى يقسمون أفواجا ليدخل كل فوج من باب مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب جزء مقسوم"حتى إذا ما جاءوها أى وصلوا لسور النار حدث التالى شهد عليهم بما كانوا يعملون أى اعترف عليهم بالذى كانوا يكسبون سمعهم و أبصارهم و جلودهم وهذا يعنى أن أعضاء السمع والبصر والإحساس تقر كل منها بما أمره صاحبه أن يعمله فى الدنيا وهذا يعنى وجود مسجلات فيها تسجل عملها حتى تقر به فى الآخرة والخطاب وما بعده للنبى.
"وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون "المعنى وقالوا لأعضاءهم لماذا اعترفتم علينا ؟قالوا أنطقنا الرب الذى أنطق كل مخلوق وهو أنشأكم أسبق مرة وإليه تعودون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا لجلودهم وهى أعضاء أجسامهم التى يغطيها الجلد وهى كل ما يعمل الخطايا :لم شهدتم علينا والمراد لماذا أقررتم بكفرنا ؟فأجابت الأعضاء :أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء والمراد جعلنا نتحدث الذى جعل كل مخلوق يتحدث وهذا يعنى أن الله هو الذى أعطاهم القدرة على الكلام بالحق الذى علموه ،وهو خلقكم أول مرة والمراد وهو أنشأكم أسبق مرة فى الدنيا وإليه ترجعون والمراد وإلى عقاب الله تدخلون.
"وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين "المعنى وما كنتم تتوقعون أن يقر عليكم سمعكم ولا عيونكم ولا أعضائكم ولكن اعتقدتم أن الرب لا يعرف كثيرا مما تصنعون ذلكم اعتقادكم الذى اعتقدتم بإلهكم أهلككم فأصبحتم من المعذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول على لسان الملائكة للكفار :وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم والمراد وما كنتم تنتظرون أن يعترف بكفركم سمعكم وهو آذانكم ولا أبصاركم وهى عيونكم ولا جلودكم وهى بقية أعضائكم التى عملت الخطايا وهذا يعنى أنهم يظنون أن الأعضاء ملكهم وحدهم وأنها لا تعرف شىء عنهم ،ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون والمراد ولكن اعتقدتم أن الرب لا يعرف كثيرا من الذى تصنعون وهذا يعنى أنهم اعتقدوا أن الله لا يعلم الخفاء ومن ثم كانوا يعملون فى الخفاء الخطايا اعتقادا منهم بأنه لن يعرف بها ومن ثم لن يعاقبهم عليها ،ذلكم ظنكم والمراد هذا اعتقادكم الخاطىء الذى ظننتم بربكم الذى اعتقدتم فى إلهكم أرادكم أى أهلككم والمراد أدخلكم النار فأصبحتم من الخاسرين وهم المعذبين والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين "المعنى فإن يتحملوا فجهنم مقام لهم وإن يعتذروا فما هم من المقبولين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إن يصبروا أى يتحملوا الألم فالنار مثوى أى مكان لإقامتهم وإن يستعتبوا والمراد وإن يعتذروا عن كفرهم فما هم من المعتبين والمراد فما هم من المقبولين عذرهم وهذا يعنى أن الإعتذار لا ينفعهم مصداق لقوله بسورة الروم"فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ".
"وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين "وخلقنا فيهم شهوات فحسنوا لهم ما أمامهم وما وراءهم وصدق عليهم الحكم فى جماعات قد مضت من قبلهم من الجن والبشر إنهم كانوا معذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قيض للناس قرناء والمراد خلق لهم أصحاب سوء هم شهوات أنفسهم فزينوا لهم ما بين أيديهم والمراد فحسنوا لهم سيئاتهم فى الوقت الحاضر وما خلفهم وحسنوا لهم سيئاتهم فى المستقبل وهو بقية حياتهم فى الدنيا فحق عليهم القول والمراد فصدق فيهم حكم الله فى أمم وهى جماعات قد خلت من قبلهم والمراد قد مضت من قبل وجودهم من الجن والإنس وحكم الله هو أنهم كانوا خاسرين أى معذبين فى الدنيا والآخرة .