"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون "المعنى وحلفوا بالله قدر طاقتهم لئن أتاهم معجزة ليصدقن بها قل إنما المعجزات لدى الرب والذى يعرفكم إنها إذا أتت لا يصدقون ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار أقسموا جهد أيمانهم والمراد حلفوا قدر طاقتهم فقالوا والله لئن جاءتنا آية لنؤمن بها والمراد والله لئن أتتنا معجزة لنصدقن بها ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند الله والمراد من لدى الرب وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون والمراد والذى يخبركم أنها إذا أتت وهى لن تأتى لا يصدقون بها مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "وهذا يعنى أنهم يفعلون كالكفار السابقين فى عدم إيمانهم بالمعجزات .
"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون "المعنى ونختم على أنفسهم أى قلوبهم كما لم يصدقوا به أسبق مرة أى نتركهم فى كفرهم يسيرون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه يقلب أفئدة الكفار وهى أبصارهم والمراد أنه يطبع الكفر على قلوب وهى نفوس الكفار مصداق لقوله بسورة النحل"أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم "كما لم يؤمنوا به أول مرة والمراد كما لم يصدقوا بالقرآن أسبق مرة دعوا فيها للإيمان به وفسر هذا بأنه يذرهم فى طغيانهم يعمهون والمراد ويترك الكفار فى كفرهم يستمرون والخطاب وماقبله للنبى(ص)
"ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون"المعنى ولو أننا أحضرنا لهم الملائكة وحدثهم الهلكى وأرسلنا لهم كل معجزة أمامهم ما كانوا ليصدقوا إلا أن يريد الله ولكن معظمهم يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو فعل التالى للكفار:
نزل لهم الملائكة أى أرسل لهم الملائكة فى الأرض،وكلمهم الموتى أى حدثهم الهلكى الذين تركوا الدنيا بعد إحياءهم،وحشر لهم كل شىء قبلا والمراد وجمع لهم كل معجزة عيانا فإن رد فعلهم هو أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون بكل المعجزات مصداق لقوله بسورة البقرة"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك" إلا فى حالة واحدة هى أن يشاء أى يريد الله إيمانهم ولكن أكثرهم يجهلون والمراد ولكن معظم الناس يكفرون أى لا يعلمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولكن أكثرهم لا يعلمون"أى لا يتبعون الوحى .
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا عينا لكل رسول كارها كفار البشر والجن يلقى بعضهم إلى بعض باطل الحديث خداعا ولو أراد إلهك ما صنعوه فاتركهم أى ما يزعمون،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل لكل نبى عدوا والمراد حدد لكل رسول(ص)من رسله كارها هو شياطين الإنس والجن والمراد مجرمى البشر والجن وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الفرقان"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين"وهم يقومون بالتالى يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول والمراد يلقى بعضهم إلى بعض باطل الكلام خداعا لبعضهم وهذا يعنى أن كفار الإنس يغوون بعضهم وكفار الجن يضلون بعضهم عن طريق الكلام الباطل الماكر ،ويبين لهم أن الله لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما أشركوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء الله ما أشركوا"ويطلب الله منه أن يذرهم أى يترك طاعة دينهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد أن يدع طاعة ما يزعمون من الأحكام والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى (ص) .
"ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون"المعنى ولتستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة أى ليقبلوه أى ليعملوا الذى هم عاملون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الزخرف تصغى له أفئدة الذين لا يؤمنون بالأخرة والمراد أن الباطل تستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة وفسر هذا بأنهم يرضوه أى يقبلوه دينا يتبعونه وفسر هذا بأنه يقترفوا ما هم مقترفون والمراد يرتكبوا من الذنوب الذى هم مرتكبون له .
"أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين"المعنى هل سوى الله أريد قاضيا وهو الذى أوحى لكم الحكم مبينا والذين أوحينا لهم الوحى سابقا يعرفون أنه موحى من إلهك بالعدل فلا تصبحن من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس:أفغير الله أبتغى حكما أى هل سوى الله أريد قاضيا ؟أى هل سوى الله أتخذ وليا ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"قل أغير الله اتخذ وليا"والغرض من السؤال هو إخبارهم أن النبى(ص)لا يقبل إله أى حاكم له سوى الله لأنه أنزل لهم الكتاب مفصلا والمراد لأنه أوحى لهم الحكم السليم مفهوما لهم ،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب والمراد أن الذين أعطاهم الوحى السابق يعلمون أنه منزل من الله بالحق والمراد يعرفون أنه موحى من عند الله بالعدل وهو حكمه وفى هذا قال بسورة الأنعام "والذين أتيناهم الكتاب يعرفونه"وينهاه الله أن يكون من الممترين أى الجاهلين أى المشركين وهم العصاة لحكمه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين"و"ولا تكونن من المشركين".
"وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم"المعنى وكملت حكمة إلهك حقا أى قسطا لا مغير لأحكامه وهو الخبير العارف،يبين الله لنبيه(ص)أن كلمة ربه وهى حكمة إلهه أى دين ربه قد كمل مصداق لقوله بسورة المائدة"اليوم أكملت لكم دينكم "وهو دين صدق أى عدل أى قسط لا ظلم فيه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته والمراد لا مغير لأحكام الله أى لا مهلك للوحى لأنه محفوظ فى الكعبة للعودة له عند الخلاف مصداق لقوله بسورة الحجر"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء.
"وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"المعنى وإن تتبع معظم من فى البلاد يبعدوك عن دين الله إن يطيعون سوى الهوى أى إن هم إلا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يطع أكثر من فى الأرض والمراد إن يطيع معظم من فى البلاد والمراد الذين كفروا يضلوه عن سبيل الله والمراد يبعدوه عن طاعة دين الله أى يردوهم على أعقابهم وهى أديانهم الضالة مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم"ويبين له أنهم يتبعون الظن أى يطيعون الهوى مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم إنما يتبعون أهواءهم"وهى شهواتهم مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"وهى أحكام الكفر وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"وإن هم إلا يظنون"والمراد إن هم إلا يكفرون بدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين"المعنى إن إلهك هو أعرف من يكفر بدينه وهو أعرف بالمصدقين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه أعلم بمن يضل عن سبيله والمراد أعرف بمن يبعد عن طاعة الإسلام وهم المفسدين مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"وهو أعلم بالمهتدين والمراد وهو أعرف بالشاكرين أى المطيعين لدين الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"أليس الله بأعلم بالشاكرين".
"فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم مؤمنين"المعنى فاطعموا من الذى ردد حكم الله فيه إن كنتم بأحكامه مصدقين،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد أن يطعموا من الأنعام أو الصيد الذى ردد حكم الله عليه وهو الذى قصد به طاعة الله وحده من خلال أكله هذا إن كانوا مؤمنين أى صادقين فى قوله أنهم مصدقون بالوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن كنتم صادقين"والخطاب للمؤمنين.
"وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين "المعنى وما السبب ألا تطعموا من الذى ردد حكم الله عليه وقد بين لكم الذى منعكم منه إلا ما أكرهتم عليه وإن عديدا ليتبعون شهواتهم دون وحى إن إلهك هو أعرف بالمفسدين،يسأل الله المؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد وما يمنعكم أن تطعموا من الذى أطيع حكم الله فيه ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الذبائح التى ردد حكم الله عليها وهى التى قصد من ذبحها طاعة الله بأكلها لعمل الأعمال الحسنة يعنى أنه حلال أكلها،ويبين لهم أنه فصل أى بين لهم ما حرم عليهم والمراد عرفهم ما منعهم من أكله من أصناف الحيوان فى الوحى السابق نزوله إلا ما اضطررتم إليه وهو ما أجبرتم أنفسكم على أكله خوفا من الموت جوعا وهى المخمصة مصداق لقوله بسورة المائدة "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم إن الله غفور رحيم " فالله يغفر هذا الذنب ويبين الله لنبيه (ص)أنه أعلم بالمعتدين أى أعرف بالمفسدين وهم المتبعين للأهواء مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"والقول الخطاب فى أوله للمؤمنين حتى إن كثيرا فهو للنبى(ص).
"وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون"المعنى واتركوا إعلان الكفر وإخفائه إن الذين يعملون الكفر سيعاقبون بما كانوا يذنبون،يطلب الله من المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه والمراد يتركوا إعلان عمل الفاحشة وهى الكفر وعملها فى الكتمان ويبين لهم أن الذين يكسبون الإثم أى يعملون السيئات مصداق لقوله بسورة يونس"والذين كسبوا السيئات"سيجزون بما كانوا يقترفون والمراد سيعاقبون بدخول جهنم بالذى كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة"ومأواهم جهنم بما كانوا يكسبون" والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أولياءهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون"المعنى ولا تطعموا من الذى لم يردد حكم الله عليه وإنه لكفر وإن الكفار ليقولون لأتباعهم ليحاجوكم وإن اتبعتموهم إنكم لكافرون،يطلب الله من المؤمنين ألا يأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه والمراد ألا يطعموا من الذبائح التى لم يردد حكم الله عليها وهى ما أهل به لغير الله مصداق لقوله بسورة البقرة"وما أهل لغير الله"والمراد ما قصد من ذبحها عصيان الله ويبين لهم أنه فسق والمراد أن الأكل من الذبائح التى لم يقصد بها طاعة الله كفر ،ويبين لهم أن الشياطين وهم كبار الكفار يوحون إلى أولياءهم والمراد يقولون لأتباعهم الباطل وهو زخرف القول والسبب حتى يجادلونا أى يحاجونا فى دين الله مصداق لقوله فى نفس السورة"شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول "ويبين لهم أنهم إن يطيعوهم أى يتبعوا باطلهم وهو وحيهم يكونوا مشركين أى كافرين بدين الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين".
"أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون"المعنى هل من كان كافرا فهديناه أى علمناه هديا يحكم به فى الخلق كمن شبهه فى الكفر ليس بتارك لطاعته هكذا حسن للمكذبين الذى كانوا يفعلون ،يسأل الله المؤمنين :أو والمراد هل من كان ميتا أى مكذبا لدين الله فأحييناه أى فهديناه للحق وفسر هذا بأنه جعل له نور يمشى به فى الناس والمراد أنه علمه حكما يحكم به فى تعامله مع الخلق كمن مثله أى شبهه فى الظلمات وهى الضلالات أى الكفر ليس بخارج منها والمراد ليس بتارك لطاعة الضلالات ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن المسلم حى لأنه يتبع الحياة وهى الوحى مصداق لقوله بسورة الأنفال"استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" والكافر ميت وأنهما لا يستويان فى الجزاء وفى هذا قال بسورة فاطر"وما يستوى الأحياء ولا الأموات "ويبين لهم أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى طاعة الكافر للظلمات زين للكافرين وهم المسرفين ما كانوا يعملون أى يفعلون وفى هذا قال بسورة يونس"كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون".
"وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"المعنى وهكذا خلقنا فى كل بلدة أعاظم كفارها ليفسدوا فيها وما يهلكون إلا أنفسهم وما يعلمون،يبين الله للمؤمنين أن كذلك جعل فى كل قرية أكابر مجرميها والمراد خلق فى كل بلدة سادة كفارها وهم المترفين ليمكروا فيها أى ليفسقوا أى ليفسدوا فيها بحكمهم بغير حكم الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها"،ويبين لنا أنهم ما يمكرون إلا بأنفسهم والمراد ما يهلكون أى ما يضلون سوى أنفسهم بمكرهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"وما يضلون إلا أنفسهم "وقوله بسورة الأنعام"إن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون"وهم لا يشعرون أى لا يعلمون والمراد أنهم لا يظنون أنهم يضلون أنفسهم لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا مصداق لقوله بسورة الكهف"الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"والخطاب وما قبله للمؤمنين.
"وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون" المعنى وإذا أتتهم معجزة قالوا لن نصدق بها حتى نعطى شبه الذى أوحى لأنبياء الله ،الله أعرف حيث يضع وحيه ،سيدخل الذين كفروا ذل لدى الله أى عقاب عظيم بالذى كانوا يكفرون ،يبين الله لنا أن الكفار السابقين إذا جاءتهم آية والمراد إذا أتتهم معجزة ليؤمنوا قالوا للرسل(ص)لن نؤمن أى لن نصدق بها حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله والمراد حتى نعطى وحيا شبه الوحى الذى أعطى أنبياء الله(ص)،وهذا يعنى أنهم لما وجدوا الله أعطاهم ما طلبوا من معجزات لم يجدوا حجة تمنعهم من الإيمان إلا أن يطلبوا شىء يعلمون أنه مستحيل وهو أن ينزل عليهم الوحى جميعا ،ويبين الله أنه أعلم حيث يجعل رسالته والمراد أنه أعرف حيث يضع وحيه وهذا معناه أنه حر فى إعطاء الوحى لمن يختاره هو مصداق لقوله بسورة القصص"وربك يخلق ما يشاء ويختار"،ويبين لنا أن الذين أجرموا أى كفروا سيصيبهم صغار عند الله والمراد سيدخلون مكان يجلب لهم الذل وفسره بأنه العذاب الشديد وهو العقاب الأليم مصداق لقوله بسورة التوبة"سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم"والسبب فى عذابهم هو ما كانوا يمكرون أى ما كانوا يعملون أى يقترفون من الذنوب مصداق لقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يقترفون"أى "بما كانوا يكفرون"مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون".
"فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون"المعنى فمن يشاء الله أن يرحمه تؤمن نفسه بدين الله ومن يشاء أن يعذبه يخلق نفسه مكذبا مؤذيا كأنما يطلع فى السماء هكذا يعد الله العذاب للذين لا يصدقون،يبين الله لنا أن من يرد أى يشاء الله أن يهديه أى يرحمه يشرح صدره للإسلام والمراد تؤمن نفسه بدين الله ومن يرد أن يضله أى يفتنه أى يعذبه مصداق لقوله بسورة المائدة"ومن يرد الله فتنته"يجعل صدره ضيقا حرجا والمراد ومن يرد أن يعاقبه تكون نفسه مكذبة مؤذية وشبهه الله بمن يصعد فى السماء والمراد من يطلع إلى السماء فلا يصدق بما يراه فيها ظانا أنه مسحور مصداق لقوله بسورة الحجر"ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون"،ويبين لنا أنه يجعل الرجس وهو غضب الله مصداق لقوله بسورة النحل"ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله"على الذين لا يؤمنون أى لا يعقلون مصداق لقوله بسورة يونس"ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون"وهم الكفار وهذا يعنى أن عذاب الله هو نصيب الكفار والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون"المعنى وهذا دين إلهك عادلا قد بينا الأحكام لقوم يطيعون لهم مقام الخير لدى الله وهو ناصرهم بالذى كانوا يسلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن هذا وهو الوحى هو صراط ربه مستقيما والمراد دين خالقه عادلا ،ويبين له أنه قد فصل الآيات والمراد قد بين أحكام الدين لقوم يذكرون أى يوقنون به أى يطيعونه وفى هذا قال بسورة البقرة"قد بينا الآيات لقوم يوقنون"ويبين له أن الذاكرين لهم دار السلام وهى مقام الخير وهى الجنات مصداق لقوله بسورة البقرة"أن لهم جنات"عند أى لدى الله بعد الموت ويبين له أنه وليهم أى ناصر المؤمنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله ولى المؤمنين" والسبب ما كانوا يعملون أى أحسن الذى كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة التوبة"ليجزيهم الله بأحسن ما كانوا يعملون".
"ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذى أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم "المعنى ويوم يبعثهم كلهم يا فريق الأهواء قد استكثرتم من البشر وقال أنصارهم من البشر إلهنا تلذذ بعضنا ببعض وحضرنا موعدنا الذى حددت لنا قال جهنم مأواكم مقيمين فيها إلا الذين أراد الله إن إلهك قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشرهم أى "يبعثهم الله جميعا "كما قال بسورة المجادلة يقول الله للكفار على لسان الملائكة:يا معشر الجن أى يا فريق الأهواء والأهواء هى الآلهة الخفية للكفار مصداق لقوله بسورة الجاثية"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"ولذا سموا جنا لأن الكفار يعلنون أسماء أخرى أنها آلهتهم ويقول:قد استكثرتم من الإنس والمراد قد أضللتم العديد من البشر فيقول أولياؤهم وهم أنصارهم أى مطيعى الأهواء من الإنس وهم البشر :ربنا استمتع بعضنا ببعض والمراد تلذذ بعضنا بطاعة بعضنا الأخر وبلغنا أجلنا الذى أجلت والمراد وحضرنا موعدنا الذى حددت لنا ،فيقول لهم :النار مثواكم أى جهنم مأواكم وفى هذا قال بسورة يونس"مأواهم النار"خالدين فيها إلا ما شاء الله والمراد مقيمين فى النار إلا من أراد الله إبعادهم عن النار وهم المؤمنين العاملين للصالحات مصداق لقوله بسورة الفرقان"يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا إلا من تاب وأمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات"ويبين له أنه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل عليم أى خبير بكل شىء يحاسب عليه.
"وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون"المعنى وهكذا يعادى بعض الكفار بعضا بسبب الذى كانوا يفعلون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يولى بعض الظالمين بعضا والمراد يخاصم أى يعادى بعض الكفار بعضا مصداق لقوله بسورة ص"إن ذلك لحق تخاصم أهل النار"والسبب ما كانوا يكسبون أى يمكرون مصداق لقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص) وهو حكاية لما يحدث فى الآخرة.
"يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين"المعنى يا جمع الجن والبشر ألم يجئكم مبعوثين منكم يبلغون لكم أحكامى ويخبرونكم حساب يومكم هذا قالوا أقررنا على أنفسنا وخدعتهم المعيشة الأولى وأقروا على ذواتهم أنهم كانوا مكذبين بالله، يبين الله لنبيه(ص)أنه يقول للكفار على لسان الملائكة:يا معشر أى جمع الجن والإنس وهم البشر ألم يأتكم رسل منكم والمراد ألم يجئكم أنبياء من أنفسكم مصداق لقوله بسورة الملك"سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير"يقصون عليكم آياتى أى يبلغون لكم أحكامى أى يتلون لكم وحيى مصداق لقوله بسورة الزمر"يتلون عليكم آيات ربكم"وينذرونكم يومكم هذا أى ويخبرونكم حساب أى لقاء وقتكم هذا مصداق لقوله بسورة الزمر"وينذرونكم لقاء يومكم هذا"فكانت الإجابة :شهدنا على أنفسنا أى أقررنا على ذواتنا والمراد قالوا فى اعترافهم:"بلى قد جاءنا نذير فكذبنا"كما جاء بسورة الملك وقد غرتهم الحياة الدنيا والمراد وقد خدعهم تمتعهم بالمعيشة الأولى فأقروا ظنا منهم أنهم سيعيشون كما كانوا متمتعين وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين والمراد واعترفوا على أنفسهم أنهم كانوا مكذبين بدين الله والمراد اعترفوا بذنبهم مصداق لقوله بسورة الملك"فاعترفوا بذنبهم".
"ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون"المعنى ذلك أن لم يكن إلهك معذب أهل البلاد ببخس وسكانها مصلحون ولكل جزاءات بالذى صنعوا وما إلهك بساهى عن الذى يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرب وهو الإله لم يكن مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون والمراد لم يكن معاقب أهل البلاد وهو ناقص لحقهم وسكانها مصلحون مصداق لقوله بسورة هود"وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"وهذا يعنى أن الله لا يظلم أبدا وأن الغفلة وهى الصلاح لا يعاقب عليها الناس وإنما يثابون،ويبين له أن لكل درجات مما عملوا والمراد لكل فرد جزاء بسبب ما كسب فمن عمل شرا فشر ومن عمل خيرا فخير مصداق لقوله بسورة إبراهيم"ليجزى الله كل نفس بما كسبت"،ويبين له أن ربه وهو إلهه ليس بغافل عما يعملون والمراد ليس بساهى عن الذى يصنع الناس وإنما عليم بكل عمل مصداق لقوله بسورة يونس"ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه" والخطاب وما قبه للنبى(ص).
"وربك الغنى ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين"المعنى وإلهك الواسع صاحب النفع إن يرد يهلككم ويخلق من بعد هلاككم من يريد كما خلقكم من نسل ناس آخرين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه هو الغنى أى واسع الملك وهو ذو الرحمة أى الفضل والمراد صاحب النفع مصداق لقوله بسورة الجمعة"والله ذو الفضل العظيم"ويبين للناس أنه إن يشأ يذهبهم أى إن يرد يهلكهم بسبب توليهم وهو كفرهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء أى ويأتى من بعد هلاكهم بمن يريد من الخلق والمراد أن يستبدل قوم آخرين مصداق لقوله بسورة محمد""وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم"وهذا يعنى أنه يحكم ناس آخرين فى الأرض كما حكمهم ،ويبين لهم أنه أنشأهم من ذرية قوم آخرين والمراد أنه خلقهم من نسل ناس سابقين وهذا يعنى أن وسيلة تعمير الأرض هى النسل الناتج من الزواج أو غيره والقول جزء من آيتين محذوف أولهما وبقيته خطاب للنبى(ص)حتى الرحمة وما بعده خطاب للناس محذوف أوله.
"إن ما توعدون لأت وما أنتم بمعجزين "المعنى إن الذى تخبرون لمتحقق وما أنتم بمنتصرين،يبين الله للكفار أن الذين يوعدون وهو الذى يخبرون من البعث والحساب أت أى صادق أى واقع أى متحقق مصداق لقوله بسورة المرسلات"إنما ما توعدون لواقع "وقوله بسورة الذاريات "إنما توعدون لصادق "وأنهم ليسوا بمعجزين أى ليسوا بمنتصرين على حكم الله مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"وهذا يعنى أنهم لن يقدروا على الهروب من قضاء الله فيهم والخطاب للكفار .
"قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون"المعنى قل يا محمد(ص)يا أهلى اثبتوا على دينكم إنى ثابت على دينى فسوف تعرفون من تصبح له جنة القيامة إنه لا يفوز الكافرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار يا قوم والمراد يا أهلى اعملوا على مكانتكم أى افعلوا ما يمليه لكم دينكم والمراد افعلوا ما شئتم مصداق لقوله بسورة فصلت"اعملوا ما شئتم"إنى عامل والمراد إنى فاعل ما يمليه على دينى وهذه دعوة للثبات على الدين ما دام الكفار مكذبون بالإسلام،ويقول فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار والمراد فسوف تعرفون من تصبح له جنة الآخرة وهم المتقين مصداق لقوله بسورة هود"إن العاقبة للمتقين"إنه لا يفلح الظالمون أى إنه لا يفوز الكافرون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون "وهذا يعنى أنهم يخسرون مصداق لقوله بسورة غافر"وخسر هنالك الكافرون" والخطاب للنبى(ص).
"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون"المعنى وقسموا لله من الذى خلق من الزرع والأنعام بعضا فقالوا هذا لله بقولهم وهذا لآلهتنا فما كان لشفعاؤهم فلا يعطى لأهل الله وما كان لله فهو يعطى لشفعاؤهم قبح الذى يقولون،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا والمراد أنهم زعموا أن الله له من الذى خلق من الزروع والأنعام جزء فقالوا :هذا لله أى هذا الجزء ملك لله بزعمهم وهو قولهم الكاذب وهذا لشركائنا والمراد والباقى لشفعائنا وهم آلهتهم المزعومة ،ويبين لنا أن ما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله والمراد أن الجزء الذى جعلوه ملك الشفعاء لا يعطى لأهل الله الذين شرعوا لهم الجزء وأما ما كان لله والمراد وأما الجزء ملك أهل الله فهو يصل لشركائهم والمراد يعطى لشفعائهم المزعومين وفى الحقيقة يأخذون هم الجميع ،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يشرعون من الأحكام والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا حسن لكثير من الكفار كفر عيالهم سادتهم ليرجعوهم عن الحق أى ليخلطوا عليهم حكمهم ولو أراد الله ما عملوه فاتركهم أى اترك الذى يشرعون،يبين الله لنبيه(ص) أن الشركاء وهم الشفعاء والمراد السادة قد زينوا لكثير من المشركين والمراد قد حسنوا لكثير من الكفار مصداق لقوله بسورة الأنعام"زين للذين كفروا"قتل أولادهم والمراد كفر عيالهم وهذا يعنى أنهم حسنوا لهم أن يربوا عيالهم على الكفر والسبب حتى يردوهم أى يرجعوهم عن الحق وفسر هذا بأنه حتى يلبسوا عليهم دينهم أى حتى يخلطوا عليهم حكم الله والمراد حتى يبعدوهم عن دين الله ،ويبين الله أنه لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما عملوا إضلال المشركين ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يذرهم أى يترك طاعة ضلالهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد يدع طاعة الذى يشرعون من الأحكام الضالة .
"وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون "المعنى وقالوا هذه أنعام وزرع ممنوعة لا يأكلها إلا من نريد بقولهم وأنعام منع ركوبها وأنعام لا يرددون حكم الله عليها عند ذبحها كذبا على الله سيعاقبهم بالذى كانوا يؤلفون،يبين الله لنبيه(ص)أن سادة الكفار قالوا لهم:هذه أنعام وحرث أى زرع حجر أى ممنوع أكلها لا يطعمها إلا من نشاء والمراد لا يأكلها إلا من نريد،وهذا يعنى أنهم خصوا بعض الأنعام والزروع بأنها ممنوعة إلا على من يريدون هم أن يأكلوها ،ويبين له أنهم شرعوا الحكم التالى أنعام حرمت ظهورها والمراد منع ركوبها وهذا يعنى أنها متروكة دون عمل ،ويبين له أنهم شرعوا الحكم التالى أنعام لا يذكرون اسم الله عليها والمراد شرعوا أكل أنعام لا يرددون حكم الله عند ذبحها وكل هذا افتراء عليه والمراد كذب على الله أى نسبة التشريعات الضالة إلى الله ومن أجل هذا سيجزيهم بما كانوا يفترون والمراد سيعاقبهم بالذى كانوا يكذبون أى يصفون أى يقولون ناسبين الباطل له مصداق لقوله بسورة الأنعام"سيجزيهم وصفهم "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وقالوا ما فى بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم" المعنى وقالوا الذى فى أرحام هذه الأنعام مباح لرجالنا وممنوع أكله على نسائنا وإن يكن هالك فهم فيه متقاسمون سيعاقبهم بقولهم إنه قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن السادة قالوا:ما فى بطون أى أرحام هذه الأنعام خالصة لذكورنا أى محللة لرجالنا ومحرم على أزواجنا أى وممنوع على نسائنا وهذا يعنى أن الأجنة التى تولد من إناث بعض الأنعام يبيحون أكلها للرجال فقط ويحرمون أكلها على الزوجات ،ويبين له أن الأجنة إذا نزلت ميتة أى متوفية من بطون الأنعام فهم فيه شركاء أى متقاسمون لأكل الميتة وهذا يعنى أنهم يبيحون أكل الميتة ،ويبين له أنه سيجزيهم وصفهم أى سيعاقبهم على افترائهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"سيجزيهم ما كانوا يفترون"ويبين له أنه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل وأنه عليم أى خبير بكل شىء.
"قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين"المعنى قد هلك الذين أضلوا عيالهم جنونا دون وحى ومنعوا الذى أعطاهم الله كذبا على الله قد خسروا أى ما كانوا مرحومين،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قتلوا أولادهم والمراد أن الذين أضلوا عيالهم عن دين الله سفها بغير علم والمراد ظلما دون وحى من الله وهذا يعنى أنهم أضلوا أى أبعدوا عيالهم عن الحق دون وجود نص فى الوحى يبيح لهم هذا كما قال لهم السادة والقتل ليس هو الذبح لأنهم كانوا يقتلون الإناث وليس الأولاد كلهم ،ويبين له أنهم حرموا ما رزقهم الله والمراد منعوا ما أباح لهم الله من العطايا وهى الزرع والأنعام افتراء أى كذبا على الله وقد ضلوا أى خسروا أى عوقبوا وفسر هذا بأنهم ما كانوا مهتدين أى منتصرين أى مرحومين فى الأخرة مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين".
"وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وأتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"المعنى وهو الذى خلق حدائق منظمات وغير منظمات والنخل والزرع متنوعا طعمه والزيتون والرمان متماثلا وغير متماثل اطعموا من منافعه إذا نضج وأخرجوا زكاته يوم جمعه ولا تكفروا إنه لا يرحم الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنه هو الذى أنشأ أى خلق كل من الجنات المعروشات والمراد الحدائق المسكونات وهى التى ينظمها أى يزرعها الإنسان والجنات غير المعروشات وهى الحدائق غير المسكونات وهى الغابات ،والنخل والزرع والزيتون والرمان التى منها المتشابه أى المتماثل فى صنف المحصول وغير المتشابه وهو غير المتماثل فى صنف المحصول لوجود عدة أصناف فى النوع الواحد وكل هذه المخلوقات مختلف أكله والمراد متنوع طعمه ويطلب الله منا أن نأكل من ثمره إذا أثمر والمراد أن نطعم من ثمار أى منافع النباتات إذا نضجت وهذا يعنى حرمة الأكل من النبات قبل نضجه ويطلب منا أن نؤتى حقه يوم حصاده والمراد أن نعطى زكاة النبات يوم جمع المحصول وينهانا قائلا:ولا تسرفوا أى لا تعصوا حكم الله والسبب أنه لا يحب المسرفين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين"وهذا يعنى أنه لا يرحم من يعصى حكمه .
"ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"المعنى ومن الأنعام ركوبة وأثاثا اعملوا من الذى أوحى لكم الله ولا تطيعوا وساوس الكافر إنه لكم كاره عظيم ،يبين الله لنا أن الأنعام منها الحمولة وهى الركوبة والمراد الأنعام التى يتم ركوبها وهى الإبل مصداق لقوله بسورة غافر"الله الذى جعل لكم الأنعام لتركبوا منها"ومنها الفرش وهو الأثاث الذى يجلس أو يرقد أو ينام عليه الناس،ويطلب الله منا أن نأكل مما رزقنا الله والمراد أن نعمل من الذى أوحى الله لنا وفسر هذا بأن لا نتبع خطوات الشيطان والمراد ألا نطيع وساوس الشهوة وهى الأهواء مصداق لقوله بسورة النساء"فلا تتبعوا الهوى"والسبب أن الشيطان وهو الشهوة عدو مبين أى كاره عظيم للناس والخطاب للمؤمنين.
"ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبؤنى بعلم إن كنتم صادقين "المعنى الأنعام ثمانية أفراد من الخراف فردين ومن الماعز فردين قل هل الرجلين منع أم البنتين أما احتوت عليه بطون البنتين أخبرونى بوحى إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنا أن الأنعام ثمانية أزواج أى أفراد مصداق لقوله بسورة الزمر"وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج" من الضأن وهى الخراف اثنين أى ذكر وأنثى ومن الماعز اثنين أى ذكر وأنثى ،ويطلب من نبيه(ص)أن يسأل الكفار:أالذكرين حرم أم الأنثيين والمراد هل الرجلين منع أم البنتين ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لم يحرم شىء من الأنعام ذكرا أو أنثى ،وأن يقول لهم :أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين والمراد أما احتوت عليه بطون المرأتين ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن لا سبب لتحريم نوع وإباحة نوع لأنهم كانوا جميعا فى البطون ،ويقول نبؤنى بعلم إن كنتم صادقين أى أخبرونى بوحى "إن كنتم مؤمنين"كما قال بسورة آل عمران وهذا يعنى أنه يريد منهم وحى يثبت قولهم إن كانوا مؤمنين بما قالوا والخطاب وما بعده للنبى(ص) وموجه منه للكفار وأول القول محذوف ومعناه ما هى الأنعام ؟
"ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين" المعنى ومن الجمال فردين ومن البقر فردين قل هل الرجلين منع أم المرأتين أما احتوت عليه بطون المرأتين هل كنتم حضور حين فرض الله عليكم هذا ؟فمن أكفر ممن نسب إلى الله باطلا ليعلم الخلق بدون وحى ،إن الله لا يرحم الناس الكافرين،يبين الله لنا أن باقى أفراد الأنعام هم من الإبل وهى الجمال اثنين أى فردين ذكر وأنثى ومن البقر اثنين أى فردين هما الذكر والأنثى ،ويطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل الكفار:أالذكرين حرم أم الأنثيين والمراد هل منع الله الرجلين أم المرأتين؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله لم يحرم ذكر أو أنثى من الأنعام عليهم ،ويقول:أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أى أما احتوت على الذكر والأنثى بطون المرأتين؟والغرض من السؤال أن لا داعى لتحريم أيا منهما لأنهما خرجا من بطن واحدة ومن ثم حكمهما واحد،ويسأل أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا والمراد هل كنتم حاضرين حين وصاكم أى أمركم الله فى الوحى المنزل عليكم كلكم بهذه الأحكام؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكذبهم على الله حيث نسبوا له ما لم يقله،ويبين للنبى(ص)أن ليس هناك أظلم ممن افترى على الله كذبا والمراد أن ليس هناك أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا وهذا يعنى حرمة نسبة التشريعات إلى الله ما لم تكن فى وحيه والسبب فى افتراء الكافر الذى كذب على الله هو أن يضل الناس بغير علم والمراد أن يعلم الخلق بدون وحى الله حتى يتركوا دين الله ويبين له أنه لا يهدى القوم الظالمين أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين "والمراد أنه لا يرحم الكافرين .
"قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم"المعنى قل يا محمد(ص)لا ألقى فى الذى أنزل لى ممنوعا على آكل يأكله سوى أن يكون متوفية أو دما جاريا أو شحم خنزير فإنه أذى أو ذبيحة قصد غير الله بها فمن أجبر غير قاصد أى متعمد فإن إلهك عفو نافع،يطلب الله من رسوله(ص)أن يقول للناس :لا أجد فيما أوحى إلى والمراد لا ألقى فى الوحى الذى أنزل على محرما على طاعم يطعمه والمراد أكلا ممنوعا على آكل يأكله إلا أن يكون ميتة أى حيوان متوفى أو دما مسفوحا أى سائلا أحمرا جاريا من الذبائح أو الأحياء من الحيوان أو لحم أى شحم خنزير فانه رجس أى أذى وهذا يعنى أن هذه الآية نزلت قبل آيات سورة المائدة فى الأطعمة المحرمة كما يعنى أن سبب تحريم الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير هو أذى أى المرض الذى يسببه للناس،وقال أو فسقا أهل لغير الله به والمراد أو ذبيحة قصد بها سوى الله وهذا يعنى تحريم ما ذكر عليه اسم سوى اسم الله ويبين لنا أن من اضطر غير باغ أى عاد والمراد من أجبر على الأكل من المحرمات المذكورة غير قاصد للأكل أى غير متعمد للأكل خوفا من الموت أو خوفا من أذى الكفار والمجرمين له أو لأهله لا إثم عليه والله غفور رحيم أى نافع مفيد له حيث يغفر له الأكل من المحرمات.
"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر من الإبل والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون"المعنى وعلى اليهود منعنا كل صاحب ظفر من الجمال والخراف منعنا عليهم لحومهما إلا ما رفعت ظهورهما أو الأمعاء أو ما تمازج بعظم ذلك عاقبناهم بظلمهم وإنا لعادلون،يبين الله لنبيه(ص)أنه حرم أى منع على الذين هادوا وهم اليهود التالى:
كل ذى ظفر والمراد كل صاحب مخلب وهذا يعنى تحريم أكل صيد الحيوان وأكل الطيور،وحرم أى منع عليهم من الإبل وهى الجمال والغنم وهى الخراف الشحوم وهى اللحوم عدا اللحوم فى الأماكن التالية:
-الظهور فقد أباح الله ما حملت الظهور والمراد الذى على العمود الفقرى للحيوان.
-الحوايا وهى الأمعاء.
-ما اختلط بعظم وهو ما امتزج بالعظام والمراد ما أحاط بالعظام الأخرى غير العمود الفقرى من اللحم والسبب فى تحريم هذه الأكلات على اليهود هو بغيهم أى ظلمهم وهو كفرهم مصداق لقوله بسورة النساء"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم "ولذا جزاهم أى عاقبهم بهذا التحريم والله هو الصادق أى العادل فى حكمه والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين"المعنى فإن كفروا بك فقل إلهكم صاحب فضل كبير ولا يمنع عذابه عن الناس الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إن كذبوه أى كفروا برسالته فعليه أن يقول لهم:ربكم ذو رحمة واسعة أى إلهكم"ذو فضل عظيم"كما قال بسورة آل عمران والمعنى أن الله صاحب نفع كبير لمن يتوب من الناس ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين والمراد ولا يبعد عقابه عن الناس الكافرين وهذا يعنى أن من يستمر كفره لا يمنع الله عنه العذاب.
"سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون"المعنى سيزعم الذين كفروا لو أراد الله ما كفرنا ولا آباؤنا ولا منعنا من شىء هكذا كفر الذين من قبلهم حتى نزل بهم عقابنا قل هلا لديكم من وحى فتظهروه لنا إن تطيعون إلا الهوى أى إن أنتم تظنون،يبين الله لنبيه(ص) أن الذين أشركوا أى كفروا بحكم الله سيقولون له:لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا والمراد لو أراد الله ما عبدنا معه أحدا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء والمراد ولا منعنا من دونه من عمل وفى هذا قال بسورة النحل"لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء"وهذا يعنى أن الله هو الذى أمرهم بالشرك وهو التحريم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها"ويبين له أن كذلك كذب الذين من قبلهم والمراد هكذا فعل الكفار الذين سبقوهم مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك فعل الذين من قبلهم"وهكذا فعل الكفار السابقين حتى ذاقوا بأس الله والمراد حتى وقع عليهم عقاب الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس هل عندكم من علم فتخرجوه لنا والمراد هل لديكم من كتاب فتأتونا به مصداق لقوله بسورة الأحقاف"ائتونى بكتاب من قبل هذا "وهذا يعنى أنه يطلب منهم وحى يجد فيه أن الله أمر بالشرك ،ويبين لهم أنهم يتبعون الظن والمراد يطيعون الهوى الضال مصداق لقوله بسورة القصص"إنما يتبعون أهواءهم"وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"إن هم إلا يظنون"والمراد أنهم يفترون على الله الكذب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين"المعنى قل فللرب البرهان الصادق فلو أراد لأرشدكم كلكم،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :لله الحجة البالغة أى لله الوحى الكامل وهو الدين العادل مصداق لقوله بسورة الزمر"ألا لله الدين الخالص" فلو شاء هداكم أجمعين والمراد فلو أراد أرشدكم كلكم وهذا يعنى أن الله لو أراد لآمن كل من فى الأرض مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا".
"قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون"المعنى قل هاتوا شاهديكم الذين يقرون أن الله منع هذا فإن أقروا فلا تقر معهم أى لا تطع شهوات الذين كفروا بأحكامنا أى الذين لا يصدقون بالقيامة أى هم بإلههم يكفرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا والمراد هاتوا أنصاركم الذين يعترفون أن الله منع هذا،وهذا يعنى أنه يطلب شهود على أن الله منع الإسلام والغرض من الطلب هو إخبار القوم أن لا أحد حضر هذا المنع المزعوم لأنه لم يحدث فى الأصل ،ويبين له أنهم إن شهدوا أى أحضروا الشهود فأقروا بأن الله منع الإسلام فعليه ألا يشهد معهم والمراد فعليه ألا يقر مع الشهود على أن الله منع الإسلام وفسر هذا النهى بألا يتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والمراد ألا يطيع أحكام الذين كفروا مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ولا تطع الكافرين"وفسرهم بأنهم الذين لا يؤمنون بالآخرة والمراد الذين لا يصدقون بالقيامة وفسرهم بأنهم بربهم يعدلون والمراد أنهم بحكم إلههم يكذبون أى يشركون مصداق لقوله بسورة الروم"إذا فريق منهم بربهم يشركون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون "المعنى قل هلموا أقول لكم ما منع إلهكم عليكم ألا تعبدوا مع الله أحدا وبالأبوين برا ولا تذبحوا عيالكم من فقر نحن نهبكم وإياهم ولا تفعلوا الذنوب ما أعلن منها وما أخفى ولا تذبحوا الإنسان الذى منع الله إلا بالعدل ذلكم أمركم به لعلكم تطيعون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :تعالوا أى هلموا والمراد اجتمعوا اتل ما حرم ربكم عليكم والمراد أبلغ لكم الذى منع عليكم إلهكم ألا تشركوا به شيئا أى لا تعبدوا مع الله أحدا مصداق لقوله بسورة النساء "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا"وفسر هذا بألا يقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن والمراد ألا يعملوا الذنوب الذى أعلن منها وهو ما ارتكب فى العلن وما خفى وهو ما ارتكب فى الخفاء بعيدا عن أعين الناس ومن عبادة الله بالوالدين إحسانا أى وبالأبوين برا وهذا يعنى التعامل معهم بالمعروف ومن عبادة الله ألا يقتلوا أولادهم من إملاق والمراد ألا يذبحوا عيالهم خوفا من الفقر والسبب أن الله يرزقهم وأولادهم والمراد يعطيهم العطايا من أكل وخلافه ومن عبادة الله ألا يقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق والمراد ألا يذبحوا الإنسان الذى منع الله قتله إلا بالعدل وهو ارتكابه جريمة قتل أو فساد فى الأرض،ويبين للناس أن كل ما سبق وصاهم الله به والمراد أمرهم الله به والسبب لعلهم يعقلون أى يفهمون فيطيعون أى يتقون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"والخطاب للنبى(ص).
"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون"المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الكيل والوزن بالعدل لا تحمل نفس إلا طاقتها وإذا تحدثتم فاقسطوا ولو كان صاحب قرابة وبميثاق الله اعملوا ذلكم أمركم الله به لعلكم تطيعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم أن من عبادة الله ألا يقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يأخذوا من ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل وهى المعروف مصداق لقوله بسورة النساء"ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف"وهو ما يكفى طعامه ومأواه وكسوته ودوائه ويظل ه
"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون "المعنى ونختم على أنفسهم أى قلوبهم كما لم يصدقوا به أسبق مرة أى نتركهم فى كفرهم يسيرون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه يقلب أفئدة الكفار وهى أبصارهم والمراد أنه يطبع الكفر على قلوب وهى نفوس الكفار مصداق لقوله بسورة النحل"أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم "كما لم يؤمنوا به أول مرة والمراد كما لم يصدقوا بالقرآن أسبق مرة دعوا فيها للإيمان به وفسر هذا بأنه يذرهم فى طغيانهم يعمهون والمراد ويترك الكفار فى كفرهم يستمرون والخطاب وماقبله للنبى(ص)
"ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون"المعنى ولو أننا أحضرنا لهم الملائكة وحدثهم الهلكى وأرسلنا لهم كل معجزة أمامهم ما كانوا ليصدقوا إلا أن يريد الله ولكن معظمهم يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو فعل التالى للكفار:
نزل لهم الملائكة أى أرسل لهم الملائكة فى الأرض،وكلمهم الموتى أى حدثهم الهلكى الذين تركوا الدنيا بعد إحياءهم،وحشر لهم كل شىء قبلا والمراد وجمع لهم كل معجزة عيانا فإن رد فعلهم هو أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون بكل المعجزات مصداق لقوله بسورة البقرة"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك" إلا فى حالة واحدة هى أن يشاء أى يريد الله إيمانهم ولكن أكثرهم يجهلون والمراد ولكن معظم الناس يكفرون أى لا يعلمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولكن أكثرهم لا يعلمون"أى لا يتبعون الوحى .
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا عينا لكل رسول كارها كفار البشر والجن يلقى بعضهم إلى بعض باطل الحديث خداعا ولو أراد إلهك ما صنعوه فاتركهم أى ما يزعمون،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل لكل نبى عدوا والمراد حدد لكل رسول(ص)من رسله كارها هو شياطين الإنس والجن والمراد مجرمى البشر والجن وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الفرقان"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين"وهم يقومون بالتالى يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول والمراد يلقى بعضهم إلى بعض باطل الكلام خداعا لبعضهم وهذا يعنى أن كفار الإنس يغوون بعضهم وكفار الجن يضلون بعضهم عن طريق الكلام الباطل الماكر ،ويبين لهم أن الله لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما أشركوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء الله ما أشركوا"ويطلب الله منه أن يذرهم أى يترك طاعة دينهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد أن يدع طاعة ما يزعمون من الأحكام والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى (ص) .
"ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون"المعنى ولتستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة أى ليقبلوه أى ليعملوا الذى هم عاملون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الزخرف تصغى له أفئدة الذين لا يؤمنون بالأخرة والمراد أن الباطل تستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة وفسر هذا بأنهم يرضوه أى يقبلوه دينا يتبعونه وفسر هذا بأنه يقترفوا ما هم مقترفون والمراد يرتكبوا من الذنوب الذى هم مرتكبون له .
"أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين"المعنى هل سوى الله أريد قاضيا وهو الذى أوحى لكم الحكم مبينا والذين أوحينا لهم الوحى سابقا يعرفون أنه موحى من إلهك بالعدل فلا تصبحن من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس:أفغير الله أبتغى حكما أى هل سوى الله أريد قاضيا ؟أى هل سوى الله أتخذ وليا ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"قل أغير الله اتخذ وليا"والغرض من السؤال هو إخبارهم أن النبى(ص)لا يقبل إله أى حاكم له سوى الله لأنه أنزل لهم الكتاب مفصلا والمراد لأنه أوحى لهم الحكم السليم مفهوما لهم ،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب والمراد أن الذين أعطاهم الوحى السابق يعلمون أنه منزل من الله بالحق والمراد يعرفون أنه موحى من عند الله بالعدل وهو حكمه وفى هذا قال بسورة الأنعام "والذين أتيناهم الكتاب يعرفونه"وينهاه الله أن يكون من الممترين أى الجاهلين أى المشركين وهم العصاة لحكمه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين"و"ولا تكونن من المشركين".
"وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم"المعنى وكملت حكمة إلهك حقا أى قسطا لا مغير لأحكامه وهو الخبير العارف،يبين الله لنبيه(ص)أن كلمة ربه وهى حكمة إلهه أى دين ربه قد كمل مصداق لقوله بسورة المائدة"اليوم أكملت لكم دينكم "وهو دين صدق أى عدل أى قسط لا ظلم فيه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته والمراد لا مغير لأحكام الله أى لا مهلك للوحى لأنه محفوظ فى الكعبة للعودة له عند الخلاف مصداق لقوله بسورة الحجر"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء.
"وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"المعنى وإن تتبع معظم من فى البلاد يبعدوك عن دين الله إن يطيعون سوى الهوى أى إن هم إلا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يطع أكثر من فى الأرض والمراد إن يطيع معظم من فى البلاد والمراد الذين كفروا يضلوه عن سبيل الله والمراد يبعدوه عن طاعة دين الله أى يردوهم على أعقابهم وهى أديانهم الضالة مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم"ويبين له أنهم يتبعون الظن أى يطيعون الهوى مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم إنما يتبعون أهواءهم"وهى شهواتهم مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"وهى أحكام الكفر وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"وإن هم إلا يظنون"والمراد إن هم إلا يكفرون بدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين"المعنى إن إلهك هو أعرف من يكفر بدينه وهو أعرف بالمصدقين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه أعلم بمن يضل عن سبيله والمراد أعرف بمن يبعد عن طاعة الإسلام وهم المفسدين مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"وهو أعلم بالمهتدين والمراد وهو أعرف بالشاكرين أى المطيعين لدين الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"أليس الله بأعلم بالشاكرين".
"فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم مؤمنين"المعنى فاطعموا من الذى ردد حكم الله فيه إن كنتم بأحكامه مصدقين،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد أن يطعموا من الأنعام أو الصيد الذى ردد حكم الله عليه وهو الذى قصد به طاعة الله وحده من خلال أكله هذا إن كانوا مؤمنين أى صادقين فى قوله أنهم مصدقون بالوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن كنتم صادقين"والخطاب للمؤمنين.
"وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين "المعنى وما السبب ألا تطعموا من الذى ردد حكم الله عليه وقد بين لكم الذى منعكم منه إلا ما أكرهتم عليه وإن عديدا ليتبعون شهواتهم دون وحى إن إلهك هو أعرف بالمفسدين،يسأل الله المؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد وما يمنعكم أن تطعموا من الذى أطيع حكم الله فيه ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الذبائح التى ردد حكم الله عليها وهى التى قصد من ذبحها طاعة الله بأكلها لعمل الأعمال الحسنة يعنى أنه حلال أكلها،ويبين لهم أنه فصل أى بين لهم ما حرم عليهم والمراد عرفهم ما منعهم من أكله من أصناف الحيوان فى الوحى السابق نزوله إلا ما اضطررتم إليه وهو ما أجبرتم أنفسكم على أكله خوفا من الموت جوعا وهى المخمصة مصداق لقوله بسورة المائدة "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم إن الله غفور رحيم " فالله يغفر هذا الذنب ويبين الله لنبيه (ص)أنه أعلم بالمعتدين أى أعرف بالمفسدين وهم المتبعين للأهواء مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"والقول الخطاب فى أوله للمؤمنين حتى إن كثيرا فهو للنبى(ص).
"وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون"المعنى واتركوا إعلان الكفر وإخفائه إن الذين يعملون الكفر سيعاقبون بما كانوا يذنبون،يطلب الله من المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه والمراد يتركوا إعلان عمل الفاحشة وهى الكفر وعملها فى الكتمان ويبين لهم أن الذين يكسبون الإثم أى يعملون السيئات مصداق لقوله بسورة يونس"والذين كسبوا السيئات"سيجزون بما كانوا يقترفون والمراد سيعاقبون بدخول جهنم بالذى كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة"ومأواهم جهنم بما كانوا يكسبون" والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أولياءهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون"المعنى ولا تطعموا من الذى لم يردد حكم الله عليه وإنه لكفر وإن الكفار ليقولون لأتباعهم ليحاجوكم وإن اتبعتموهم إنكم لكافرون،يطلب الله من المؤمنين ألا يأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه والمراد ألا يطعموا من الذبائح التى لم يردد حكم الله عليها وهى ما أهل به لغير الله مصداق لقوله بسورة البقرة"وما أهل لغير الله"والمراد ما قصد من ذبحها عصيان الله ويبين لهم أنه فسق والمراد أن الأكل من الذبائح التى لم يقصد بها طاعة الله كفر ،ويبين لهم أن الشياطين وهم كبار الكفار يوحون إلى أولياءهم والمراد يقولون لأتباعهم الباطل وهو زخرف القول والسبب حتى يجادلونا أى يحاجونا فى دين الله مصداق لقوله فى نفس السورة"شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول "ويبين لهم أنهم إن يطيعوهم أى يتبعوا باطلهم وهو وحيهم يكونوا مشركين أى كافرين بدين الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين".
"أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون"المعنى هل من كان كافرا فهديناه أى علمناه هديا يحكم به فى الخلق كمن شبهه فى الكفر ليس بتارك لطاعته هكذا حسن للمكذبين الذى كانوا يفعلون ،يسأل الله المؤمنين :أو والمراد هل من كان ميتا أى مكذبا لدين الله فأحييناه أى فهديناه للحق وفسر هذا بأنه جعل له نور يمشى به فى الناس والمراد أنه علمه حكما يحكم به فى تعامله مع الخلق كمن مثله أى شبهه فى الظلمات وهى الضلالات أى الكفر ليس بخارج منها والمراد ليس بتارك لطاعة الضلالات ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن المسلم حى لأنه يتبع الحياة وهى الوحى مصداق لقوله بسورة الأنفال"استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" والكافر ميت وأنهما لا يستويان فى الجزاء وفى هذا قال بسورة فاطر"وما يستوى الأحياء ولا الأموات "ويبين لهم أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى طاعة الكافر للظلمات زين للكافرين وهم المسرفين ما كانوا يعملون أى يفعلون وفى هذا قال بسورة يونس"كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون".
"وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"المعنى وهكذا خلقنا فى كل بلدة أعاظم كفارها ليفسدوا فيها وما يهلكون إلا أنفسهم وما يعلمون،يبين الله للمؤمنين أن كذلك جعل فى كل قرية أكابر مجرميها والمراد خلق فى كل بلدة سادة كفارها وهم المترفين ليمكروا فيها أى ليفسقوا أى ليفسدوا فيها بحكمهم بغير حكم الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها"،ويبين لنا أنهم ما يمكرون إلا بأنفسهم والمراد ما يهلكون أى ما يضلون سوى أنفسهم بمكرهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"وما يضلون إلا أنفسهم "وقوله بسورة الأنعام"إن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون"وهم لا يشعرون أى لا يعلمون والمراد أنهم لا يظنون أنهم يضلون أنفسهم لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا مصداق لقوله بسورة الكهف"الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"والخطاب وما قبله للمؤمنين.
"وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون" المعنى وإذا أتتهم معجزة قالوا لن نصدق بها حتى نعطى شبه الذى أوحى لأنبياء الله ،الله أعرف حيث يضع وحيه ،سيدخل الذين كفروا ذل لدى الله أى عقاب عظيم بالذى كانوا يكفرون ،يبين الله لنا أن الكفار السابقين إذا جاءتهم آية والمراد إذا أتتهم معجزة ليؤمنوا قالوا للرسل(ص)لن نؤمن أى لن نصدق بها حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله والمراد حتى نعطى وحيا شبه الوحى الذى أعطى أنبياء الله(ص)،وهذا يعنى أنهم لما وجدوا الله أعطاهم ما طلبوا من معجزات لم يجدوا حجة تمنعهم من الإيمان إلا أن يطلبوا شىء يعلمون أنه مستحيل وهو أن ينزل عليهم الوحى جميعا ،ويبين الله أنه أعلم حيث يجعل رسالته والمراد أنه أعرف حيث يضع وحيه وهذا معناه أنه حر فى إعطاء الوحى لمن يختاره هو مصداق لقوله بسورة القصص"وربك يخلق ما يشاء ويختار"،ويبين لنا أن الذين أجرموا أى كفروا سيصيبهم صغار عند الله والمراد سيدخلون مكان يجلب لهم الذل وفسره بأنه العذاب الشديد وهو العقاب الأليم مصداق لقوله بسورة التوبة"سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم"والسبب فى عذابهم هو ما كانوا يمكرون أى ما كانوا يعملون أى يقترفون من الذنوب مصداق لقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يقترفون"أى "بما كانوا يكفرون"مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون".
"فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون"المعنى فمن يشاء الله أن يرحمه تؤمن نفسه بدين الله ومن يشاء أن يعذبه يخلق نفسه مكذبا مؤذيا كأنما يطلع فى السماء هكذا يعد الله العذاب للذين لا يصدقون،يبين الله لنا أن من يرد أى يشاء الله أن يهديه أى يرحمه يشرح صدره للإسلام والمراد تؤمن نفسه بدين الله ومن يرد أن يضله أى يفتنه أى يعذبه مصداق لقوله بسورة المائدة"ومن يرد الله فتنته"يجعل صدره ضيقا حرجا والمراد ومن يرد أن يعاقبه تكون نفسه مكذبة مؤذية وشبهه الله بمن يصعد فى السماء والمراد من يطلع إلى السماء فلا يصدق بما يراه فيها ظانا أنه مسحور مصداق لقوله بسورة الحجر"ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون"،ويبين لنا أنه يجعل الرجس وهو غضب الله مصداق لقوله بسورة النحل"ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله"على الذين لا يؤمنون أى لا يعقلون مصداق لقوله بسورة يونس"ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون"وهم الكفار وهذا يعنى أن عذاب الله هو نصيب الكفار والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون"المعنى وهذا دين إلهك عادلا قد بينا الأحكام لقوم يطيعون لهم مقام الخير لدى الله وهو ناصرهم بالذى كانوا يسلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن هذا وهو الوحى هو صراط ربه مستقيما والمراد دين خالقه عادلا ،ويبين له أنه قد فصل الآيات والمراد قد بين أحكام الدين لقوم يذكرون أى يوقنون به أى يطيعونه وفى هذا قال بسورة البقرة"قد بينا الآيات لقوم يوقنون"ويبين له أن الذاكرين لهم دار السلام وهى مقام الخير وهى الجنات مصداق لقوله بسورة البقرة"أن لهم جنات"عند أى لدى الله بعد الموت ويبين له أنه وليهم أى ناصر المؤمنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله ولى المؤمنين" والسبب ما كانوا يعملون أى أحسن الذى كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة التوبة"ليجزيهم الله بأحسن ما كانوا يعملون".
"ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذى أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم "المعنى ويوم يبعثهم كلهم يا فريق الأهواء قد استكثرتم من البشر وقال أنصارهم من البشر إلهنا تلذذ بعضنا ببعض وحضرنا موعدنا الذى حددت لنا قال جهنم مأواكم مقيمين فيها إلا الذين أراد الله إن إلهك قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشرهم أى "يبعثهم الله جميعا "كما قال بسورة المجادلة يقول الله للكفار على لسان الملائكة:يا معشر الجن أى يا فريق الأهواء والأهواء هى الآلهة الخفية للكفار مصداق لقوله بسورة الجاثية"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"ولذا سموا جنا لأن الكفار يعلنون أسماء أخرى أنها آلهتهم ويقول:قد استكثرتم من الإنس والمراد قد أضللتم العديد من البشر فيقول أولياؤهم وهم أنصارهم أى مطيعى الأهواء من الإنس وهم البشر :ربنا استمتع بعضنا ببعض والمراد تلذذ بعضنا بطاعة بعضنا الأخر وبلغنا أجلنا الذى أجلت والمراد وحضرنا موعدنا الذى حددت لنا ،فيقول لهم :النار مثواكم أى جهنم مأواكم وفى هذا قال بسورة يونس"مأواهم النار"خالدين فيها إلا ما شاء الله والمراد مقيمين فى النار إلا من أراد الله إبعادهم عن النار وهم المؤمنين العاملين للصالحات مصداق لقوله بسورة الفرقان"يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا إلا من تاب وأمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات"ويبين له أنه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل عليم أى خبير بكل شىء يحاسب عليه.
"وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون"المعنى وهكذا يعادى بعض الكفار بعضا بسبب الذى كانوا يفعلون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يولى بعض الظالمين بعضا والمراد يخاصم أى يعادى بعض الكفار بعضا مصداق لقوله بسورة ص"إن ذلك لحق تخاصم أهل النار"والسبب ما كانوا يكسبون أى يمكرون مصداق لقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص) وهو حكاية لما يحدث فى الآخرة.
"يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين"المعنى يا جمع الجن والبشر ألم يجئكم مبعوثين منكم يبلغون لكم أحكامى ويخبرونكم حساب يومكم هذا قالوا أقررنا على أنفسنا وخدعتهم المعيشة الأولى وأقروا على ذواتهم أنهم كانوا مكذبين بالله، يبين الله لنبيه(ص)أنه يقول للكفار على لسان الملائكة:يا معشر أى جمع الجن والإنس وهم البشر ألم يأتكم رسل منكم والمراد ألم يجئكم أنبياء من أنفسكم مصداق لقوله بسورة الملك"سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير"يقصون عليكم آياتى أى يبلغون لكم أحكامى أى يتلون لكم وحيى مصداق لقوله بسورة الزمر"يتلون عليكم آيات ربكم"وينذرونكم يومكم هذا أى ويخبرونكم حساب أى لقاء وقتكم هذا مصداق لقوله بسورة الزمر"وينذرونكم لقاء يومكم هذا"فكانت الإجابة :شهدنا على أنفسنا أى أقررنا على ذواتنا والمراد قالوا فى اعترافهم:"بلى قد جاءنا نذير فكذبنا"كما جاء بسورة الملك وقد غرتهم الحياة الدنيا والمراد وقد خدعهم تمتعهم بالمعيشة الأولى فأقروا ظنا منهم أنهم سيعيشون كما كانوا متمتعين وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين والمراد واعترفوا على أنفسهم أنهم كانوا مكذبين بدين الله والمراد اعترفوا بذنبهم مصداق لقوله بسورة الملك"فاعترفوا بذنبهم".
"ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون"المعنى ذلك أن لم يكن إلهك معذب أهل البلاد ببخس وسكانها مصلحون ولكل جزاءات بالذى صنعوا وما إلهك بساهى عن الذى يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرب وهو الإله لم يكن مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون والمراد لم يكن معاقب أهل البلاد وهو ناقص لحقهم وسكانها مصلحون مصداق لقوله بسورة هود"وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"وهذا يعنى أن الله لا يظلم أبدا وأن الغفلة وهى الصلاح لا يعاقب عليها الناس وإنما يثابون،ويبين له أن لكل درجات مما عملوا والمراد لكل فرد جزاء بسبب ما كسب فمن عمل شرا فشر ومن عمل خيرا فخير مصداق لقوله بسورة إبراهيم"ليجزى الله كل نفس بما كسبت"،ويبين له أن ربه وهو إلهه ليس بغافل عما يعملون والمراد ليس بساهى عن الذى يصنع الناس وإنما عليم بكل عمل مصداق لقوله بسورة يونس"ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه" والخطاب وما قبه للنبى(ص).
"وربك الغنى ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين"المعنى وإلهك الواسع صاحب النفع إن يرد يهلككم ويخلق من بعد هلاككم من يريد كما خلقكم من نسل ناس آخرين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه هو الغنى أى واسع الملك وهو ذو الرحمة أى الفضل والمراد صاحب النفع مصداق لقوله بسورة الجمعة"والله ذو الفضل العظيم"ويبين للناس أنه إن يشأ يذهبهم أى إن يرد يهلكهم بسبب توليهم وهو كفرهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء أى ويأتى من بعد هلاكهم بمن يريد من الخلق والمراد أن يستبدل قوم آخرين مصداق لقوله بسورة محمد""وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم"وهذا يعنى أنه يحكم ناس آخرين فى الأرض كما حكمهم ،ويبين لهم أنه أنشأهم من ذرية قوم آخرين والمراد أنه خلقهم من نسل ناس سابقين وهذا يعنى أن وسيلة تعمير الأرض هى النسل الناتج من الزواج أو غيره والقول جزء من آيتين محذوف أولهما وبقيته خطاب للنبى(ص)حتى الرحمة وما بعده خطاب للناس محذوف أوله.
"إن ما توعدون لأت وما أنتم بمعجزين "المعنى إن الذى تخبرون لمتحقق وما أنتم بمنتصرين،يبين الله للكفار أن الذين يوعدون وهو الذى يخبرون من البعث والحساب أت أى صادق أى واقع أى متحقق مصداق لقوله بسورة المرسلات"إنما ما توعدون لواقع "وقوله بسورة الذاريات "إنما توعدون لصادق "وأنهم ليسوا بمعجزين أى ليسوا بمنتصرين على حكم الله مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"وهذا يعنى أنهم لن يقدروا على الهروب من قضاء الله فيهم والخطاب للكفار .
"قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون"المعنى قل يا محمد(ص)يا أهلى اثبتوا على دينكم إنى ثابت على دينى فسوف تعرفون من تصبح له جنة القيامة إنه لا يفوز الكافرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار يا قوم والمراد يا أهلى اعملوا على مكانتكم أى افعلوا ما يمليه لكم دينكم والمراد افعلوا ما شئتم مصداق لقوله بسورة فصلت"اعملوا ما شئتم"إنى عامل والمراد إنى فاعل ما يمليه على دينى وهذه دعوة للثبات على الدين ما دام الكفار مكذبون بالإسلام،ويقول فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار والمراد فسوف تعرفون من تصبح له جنة الآخرة وهم المتقين مصداق لقوله بسورة هود"إن العاقبة للمتقين"إنه لا يفلح الظالمون أى إنه لا يفوز الكافرون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون "وهذا يعنى أنهم يخسرون مصداق لقوله بسورة غافر"وخسر هنالك الكافرون" والخطاب للنبى(ص).
"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون"المعنى وقسموا لله من الذى خلق من الزرع والأنعام بعضا فقالوا هذا لله بقولهم وهذا لآلهتنا فما كان لشفعاؤهم فلا يعطى لأهل الله وما كان لله فهو يعطى لشفعاؤهم قبح الذى يقولون،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا والمراد أنهم زعموا أن الله له من الذى خلق من الزروع والأنعام جزء فقالوا :هذا لله أى هذا الجزء ملك لله بزعمهم وهو قولهم الكاذب وهذا لشركائنا والمراد والباقى لشفعائنا وهم آلهتهم المزعومة ،ويبين لنا أن ما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله والمراد أن الجزء الذى جعلوه ملك الشفعاء لا يعطى لأهل الله الذين شرعوا لهم الجزء وأما ما كان لله والمراد وأما الجزء ملك أهل الله فهو يصل لشركائهم والمراد يعطى لشفعائهم المزعومين وفى الحقيقة يأخذون هم الجميع ،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يشرعون من الأحكام والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا حسن لكثير من الكفار كفر عيالهم سادتهم ليرجعوهم عن الحق أى ليخلطوا عليهم حكمهم ولو أراد الله ما عملوه فاتركهم أى اترك الذى يشرعون،يبين الله لنبيه(ص) أن الشركاء وهم الشفعاء والمراد السادة قد زينوا لكثير من المشركين والمراد قد حسنوا لكثير من الكفار مصداق لقوله بسورة الأنعام"زين للذين كفروا"قتل أولادهم والمراد كفر عيالهم وهذا يعنى أنهم حسنوا لهم أن يربوا عيالهم على الكفر والسبب حتى يردوهم أى يرجعوهم عن الحق وفسر هذا بأنه حتى يلبسوا عليهم دينهم أى حتى يخلطوا عليهم حكم الله والمراد حتى يبعدوهم عن دين الله ،ويبين الله أنه لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما عملوا إضلال المشركين ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يذرهم أى يترك طاعة ضلالهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد يدع طاعة الذى يشرعون من الأحكام الضالة .
"وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون "المعنى وقالوا هذه أنعام وزرع ممنوعة لا يأكلها إلا من نريد بقولهم وأنعام منع ركوبها وأنعام لا يرددون حكم الله عليها عند ذبحها كذبا على الله سيعاقبهم بالذى كانوا يؤلفون،يبين الله لنبيه(ص)أن سادة الكفار قالوا لهم:هذه أنعام وحرث أى زرع حجر أى ممنوع أكلها لا يطعمها إلا من نشاء والمراد لا يأكلها إلا من نريد،وهذا يعنى أنهم خصوا بعض الأنعام والزروع بأنها ممنوعة إلا على من يريدون هم أن يأكلوها ،ويبين له أنهم شرعوا الحكم التالى أنعام حرمت ظهورها والمراد منع ركوبها وهذا يعنى أنها متروكة دون عمل ،ويبين له أنهم شرعوا الحكم التالى أنعام لا يذكرون اسم الله عليها والمراد شرعوا أكل أنعام لا يرددون حكم الله عند ذبحها وكل هذا افتراء عليه والمراد كذب على الله أى نسبة التشريعات الضالة إلى الله ومن أجل هذا سيجزيهم بما كانوا يفترون والمراد سيعاقبهم بالذى كانوا يكذبون أى يصفون أى يقولون ناسبين الباطل له مصداق لقوله بسورة الأنعام"سيجزيهم وصفهم "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وقالوا ما فى بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم" المعنى وقالوا الذى فى أرحام هذه الأنعام مباح لرجالنا وممنوع أكله على نسائنا وإن يكن هالك فهم فيه متقاسمون سيعاقبهم بقولهم إنه قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن السادة قالوا:ما فى بطون أى أرحام هذه الأنعام خالصة لذكورنا أى محللة لرجالنا ومحرم على أزواجنا أى وممنوع على نسائنا وهذا يعنى أن الأجنة التى تولد من إناث بعض الأنعام يبيحون أكلها للرجال فقط ويحرمون أكلها على الزوجات ،ويبين له أن الأجنة إذا نزلت ميتة أى متوفية من بطون الأنعام فهم فيه شركاء أى متقاسمون لأكل الميتة وهذا يعنى أنهم يبيحون أكل الميتة ،ويبين له أنه سيجزيهم وصفهم أى سيعاقبهم على افترائهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"سيجزيهم ما كانوا يفترون"ويبين له أنه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل وأنه عليم أى خبير بكل شىء.
"قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين"المعنى قد هلك الذين أضلوا عيالهم جنونا دون وحى ومنعوا الذى أعطاهم الله كذبا على الله قد خسروا أى ما كانوا مرحومين،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قتلوا أولادهم والمراد أن الذين أضلوا عيالهم عن دين الله سفها بغير علم والمراد ظلما دون وحى من الله وهذا يعنى أنهم أضلوا أى أبعدوا عيالهم عن الحق دون وجود نص فى الوحى يبيح لهم هذا كما قال لهم السادة والقتل ليس هو الذبح لأنهم كانوا يقتلون الإناث وليس الأولاد كلهم ،ويبين له أنهم حرموا ما رزقهم الله والمراد منعوا ما أباح لهم الله من العطايا وهى الزرع والأنعام افتراء أى كذبا على الله وقد ضلوا أى خسروا أى عوقبوا وفسر هذا بأنهم ما كانوا مهتدين أى منتصرين أى مرحومين فى الأخرة مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين".
"وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وأتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"المعنى وهو الذى خلق حدائق منظمات وغير منظمات والنخل والزرع متنوعا طعمه والزيتون والرمان متماثلا وغير متماثل اطعموا من منافعه إذا نضج وأخرجوا زكاته يوم جمعه ولا تكفروا إنه لا يرحم الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنه هو الذى أنشأ أى خلق كل من الجنات المعروشات والمراد الحدائق المسكونات وهى التى ينظمها أى يزرعها الإنسان والجنات غير المعروشات وهى الحدائق غير المسكونات وهى الغابات ،والنخل والزرع والزيتون والرمان التى منها المتشابه أى المتماثل فى صنف المحصول وغير المتشابه وهو غير المتماثل فى صنف المحصول لوجود عدة أصناف فى النوع الواحد وكل هذه المخلوقات مختلف أكله والمراد متنوع طعمه ويطلب الله منا أن نأكل من ثمره إذا أثمر والمراد أن نطعم من ثمار أى منافع النباتات إذا نضجت وهذا يعنى حرمة الأكل من النبات قبل نضجه ويطلب منا أن نؤتى حقه يوم حصاده والمراد أن نعطى زكاة النبات يوم جمع المحصول وينهانا قائلا:ولا تسرفوا أى لا تعصوا حكم الله والسبب أنه لا يحب المسرفين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين"وهذا يعنى أنه لا يرحم من يعصى حكمه .
"ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"المعنى ومن الأنعام ركوبة وأثاثا اعملوا من الذى أوحى لكم الله ولا تطيعوا وساوس الكافر إنه لكم كاره عظيم ،يبين الله لنا أن الأنعام منها الحمولة وهى الركوبة والمراد الأنعام التى يتم ركوبها وهى الإبل مصداق لقوله بسورة غافر"الله الذى جعل لكم الأنعام لتركبوا منها"ومنها الفرش وهو الأثاث الذى يجلس أو يرقد أو ينام عليه الناس،ويطلب الله منا أن نأكل مما رزقنا الله والمراد أن نعمل من الذى أوحى الله لنا وفسر هذا بأن لا نتبع خطوات الشيطان والمراد ألا نطيع وساوس الشهوة وهى الأهواء مصداق لقوله بسورة النساء"فلا تتبعوا الهوى"والسبب أن الشيطان وهو الشهوة عدو مبين أى كاره عظيم للناس والخطاب للمؤمنين.
"ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبؤنى بعلم إن كنتم صادقين "المعنى الأنعام ثمانية أفراد من الخراف فردين ومن الماعز فردين قل هل الرجلين منع أم البنتين أما احتوت عليه بطون البنتين أخبرونى بوحى إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنا أن الأنعام ثمانية أزواج أى أفراد مصداق لقوله بسورة الزمر"وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج" من الضأن وهى الخراف اثنين أى ذكر وأنثى ومن الماعز اثنين أى ذكر وأنثى ،ويطلب من نبيه(ص)أن يسأل الكفار:أالذكرين حرم أم الأنثيين والمراد هل الرجلين منع أم البنتين ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لم يحرم شىء من الأنعام ذكرا أو أنثى ،وأن يقول لهم :أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين والمراد أما احتوت عليه بطون المرأتين ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن لا سبب لتحريم نوع وإباحة نوع لأنهم كانوا جميعا فى البطون ،ويقول نبؤنى بعلم إن كنتم صادقين أى أخبرونى بوحى "إن كنتم مؤمنين"كما قال بسورة آل عمران وهذا يعنى أنه يريد منهم وحى يثبت قولهم إن كانوا مؤمنين بما قالوا والخطاب وما بعده للنبى(ص) وموجه منه للكفار وأول القول محذوف ومعناه ما هى الأنعام ؟
"ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين" المعنى ومن الجمال فردين ومن البقر فردين قل هل الرجلين منع أم المرأتين أما احتوت عليه بطون المرأتين هل كنتم حضور حين فرض الله عليكم هذا ؟فمن أكفر ممن نسب إلى الله باطلا ليعلم الخلق بدون وحى ،إن الله لا يرحم الناس الكافرين،يبين الله لنا أن باقى أفراد الأنعام هم من الإبل وهى الجمال اثنين أى فردين ذكر وأنثى ومن البقر اثنين أى فردين هما الذكر والأنثى ،ويطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل الكفار:أالذكرين حرم أم الأنثيين والمراد هل منع الله الرجلين أم المرأتين؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله لم يحرم ذكر أو أنثى من الأنعام عليهم ،ويقول:أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أى أما احتوت على الذكر والأنثى بطون المرأتين؟والغرض من السؤال أن لا داعى لتحريم أيا منهما لأنهما خرجا من بطن واحدة ومن ثم حكمهما واحد،ويسأل أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا والمراد هل كنتم حاضرين حين وصاكم أى أمركم الله فى الوحى المنزل عليكم كلكم بهذه الأحكام؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكذبهم على الله حيث نسبوا له ما لم يقله،ويبين للنبى(ص)أن ليس هناك أظلم ممن افترى على الله كذبا والمراد أن ليس هناك أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا وهذا يعنى حرمة نسبة التشريعات إلى الله ما لم تكن فى وحيه والسبب فى افتراء الكافر الذى كذب على الله هو أن يضل الناس بغير علم والمراد أن يعلم الخلق بدون وحى الله حتى يتركوا دين الله ويبين له أنه لا يهدى القوم الظالمين أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين "والمراد أنه لا يرحم الكافرين .
"قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم"المعنى قل يا محمد(ص)لا ألقى فى الذى أنزل لى ممنوعا على آكل يأكله سوى أن يكون متوفية أو دما جاريا أو شحم خنزير فإنه أذى أو ذبيحة قصد غير الله بها فمن أجبر غير قاصد أى متعمد فإن إلهك عفو نافع،يطلب الله من رسوله(ص)أن يقول للناس :لا أجد فيما أوحى إلى والمراد لا ألقى فى الوحى الذى أنزل على محرما على طاعم يطعمه والمراد أكلا ممنوعا على آكل يأكله إلا أن يكون ميتة أى حيوان متوفى أو دما مسفوحا أى سائلا أحمرا جاريا من الذبائح أو الأحياء من الحيوان أو لحم أى شحم خنزير فانه رجس أى أذى وهذا يعنى أن هذه الآية نزلت قبل آيات سورة المائدة فى الأطعمة المحرمة كما يعنى أن سبب تحريم الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير هو أذى أى المرض الذى يسببه للناس،وقال أو فسقا أهل لغير الله به والمراد أو ذبيحة قصد بها سوى الله وهذا يعنى تحريم ما ذكر عليه اسم سوى اسم الله ويبين لنا أن من اضطر غير باغ أى عاد والمراد من أجبر على الأكل من المحرمات المذكورة غير قاصد للأكل أى غير متعمد للأكل خوفا من الموت أو خوفا من أذى الكفار والمجرمين له أو لأهله لا إثم عليه والله غفور رحيم أى نافع مفيد له حيث يغفر له الأكل من المحرمات.
"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر من الإبل والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون"المعنى وعلى اليهود منعنا كل صاحب ظفر من الجمال والخراف منعنا عليهم لحومهما إلا ما رفعت ظهورهما أو الأمعاء أو ما تمازج بعظم ذلك عاقبناهم بظلمهم وإنا لعادلون،يبين الله لنبيه(ص)أنه حرم أى منع على الذين هادوا وهم اليهود التالى:
كل ذى ظفر والمراد كل صاحب مخلب وهذا يعنى تحريم أكل صيد الحيوان وأكل الطيور،وحرم أى منع عليهم من الإبل وهى الجمال والغنم وهى الخراف الشحوم وهى اللحوم عدا اللحوم فى الأماكن التالية:
-الظهور فقد أباح الله ما حملت الظهور والمراد الذى على العمود الفقرى للحيوان.
-الحوايا وهى الأمعاء.
-ما اختلط بعظم وهو ما امتزج بالعظام والمراد ما أحاط بالعظام الأخرى غير العمود الفقرى من اللحم والسبب فى تحريم هذه الأكلات على اليهود هو بغيهم أى ظلمهم وهو كفرهم مصداق لقوله بسورة النساء"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم "ولذا جزاهم أى عاقبهم بهذا التحريم والله هو الصادق أى العادل فى حكمه والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين"المعنى فإن كفروا بك فقل إلهكم صاحب فضل كبير ولا يمنع عذابه عن الناس الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إن كذبوه أى كفروا برسالته فعليه أن يقول لهم:ربكم ذو رحمة واسعة أى إلهكم"ذو فضل عظيم"كما قال بسورة آل عمران والمعنى أن الله صاحب نفع كبير لمن يتوب من الناس ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين والمراد ولا يبعد عقابه عن الناس الكافرين وهذا يعنى أن من يستمر كفره لا يمنع الله عنه العذاب.
"سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون"المعنى سيزعم الذين كفروا لو أراد الله ما كفرنا ولا آباؤنا ولا منعنا من شىء هكذا كفر الذين من قبلهم حتى نزل بهم عقابنا قل هلا لديكم من وحى فتظهروه لنا إن تطيعون إلا الهوى أى إن أنتم تظنون،يبين الله لنبيه(ص) أن الذين أشركوا أى كفروا بحكم الله سيقولون له:لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا والمراد لو أراد الله ما عبدنا معه أحدا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء والمراد ولا منعنا من دونه من عمل وفى هذا قال بسورة النحل"لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء"وهذا يعنى أن الله هو الذى أمرهم بالشرك وهو التحريم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها"ويبين له أن كذلك كذب الذين من قبلهم والمراد هكذا فعل الكفار الذين سبقوهم مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك فعل الذين من قبلهم"وهكذا فعل الكفار السابقين حتى ذاقوا بأس الله والمراد حتى وقع عليهم عقاب الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس هل عندكم من علم فتخرجوه لنا والمراد هل لديكم من كتاب فتأتونا به مصداق لقوله بسورة الأحقاف"ائتونى بكتاب من قبل هذا "وهذا يعنى أنه يطلب منهم وحى يجد فيه أن الله أمر بالشرك ،ويبين لهم أنهم يتبعون الظن والمراد يطيعون الهوى الضال مصداق لقوله بسورة القصص"إنما يتبعون أهواءهم"وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"إن هم إلا يظنون"والمراد أنهم يفترون على الله الكذب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين"المعنى قل فللرب البرهان الصادق فلو أراد لأرشدكم كلكم،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :لله الحجة البالغة أى لله الوحى الكامل وهو الدين العادل مصداق لقوله بسورة الزمر"ألا لله الدين الخالص" فلو شاء هداكم أجمعين والمراد فلو أراد أرشدكم كلكم وهذا يعنى أن الله لو أراد لآمن كل من فى الأرض مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا".
"قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون"المعنى قل هاتوا شاهديكم الذين يقرون أن الله منع هذا فإن أقروا فلا تقر معهم أى لا تطع شهوات الذين كفروا بأحكامنا أى الذين لا يصدقون بالقيامة أى هم بإلههم يكفرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا والمراد هاتوا أنصاركم الذين يعترفون أن الله منع هذا،وهذا يعنى أنه يطلب شهود على أن الله منع الإسلام والغرض من الطلب هو إخبار القوم أن لا أحد حضر هذا المنع المزعوم لأنه لم يحدث فى الأصل ،ويبين له أنهم إن شهدوا أى أحضروا الشهود فأقروا بأن الله منع الإسلام فعليه ألا يشهد معهم والمراد فعليه ألا يقر مع الشهود على أن الله منع الإسلام وفسر هذا النهى بألا يتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والمراد ألا يطيع أحكام الذين كفروا مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ولا تطع الكافرين"وفسرهم بأنهم الذين لا يؤمنون بالآخرة والمراد الذين لا يصدقون بالقيامة وفسرهم بأنهم بربهم يعدلون والمراد أنهم بحكم إلههم يكذبون أى يشركون مصداق لقوله بسورة الروم"إذا فريق منهم بربهم يشركون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون "المعنى قل هلموا أقول لكم ما منع إلهكم عليكم ألا تعبدوا مع الله أحدا وبالأبوين برا ولا تذبحوا عيالكم من فقر نحن نهبكم وإياهم ولا تفعلوا الذنوب ما أعلن منها وما أخفى ولا تذبحوا الإنسان الذى منع الله إلا بالعدل ذلكم أمركم به لعلكم تطيعون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :تعالوا أى هلموا والمراد اجتمعوا اتل ما حرم ربكم عليكم والمراد أبلغ لكم الذى منع عليكم إلهكم ألا تشركوا به شيئا أى لا تعبدوا مع الله أحدا مصداق لقوله بسورة النساء "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا"وفسر هذا بألا يقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن والمراد ألا يعملوا الذنوب الذى أعلن منها وهو ما ارتكب فى العلن وما خفى وهو ما ارتكب فى الخفاء بعيدا عن أعين الناس ومن عبادة الله بالوالدين إحسانا أى وبالأبوين برا وهذا يعنى التعامل معهم بالمعروف ومن عبادة الله ألا يقتلوا أولادهم من إملاق والمراد ألا يذبحوا عيالهم خوفا من الفقر والسبب أن الله يرزقهم وأولادهم والمراد يعطيهم العطايا من أكل وخلافه ومن عبادة الله ألا يقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق والمراد ألا يذبحوا الإنسان الذى منع الله قتله إلا بالعدل وهو ارتكابه جريمة قتل أو فساد فى الأرض،ويبين للناس أن كل ما سبق وصاهم الله به والمراد أمرهم الله به والسبب لعلهم يعقلون أى يفهمون فيطيعون أى يتقون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"والخطاب للنبى(ص).
"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون"المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الكيل والوزن بالعدل لا تحمل نفس إلا طاقتها وإذا تحدثتم فاقسطوا ولو كان صاحب قرابة وبميثاق الله اعملوا ذلكم أمركم الله به لعلكم تطيعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم أن من عبادة الله ألا يقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يأخذوا من ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل وهى المعروف مصداق لقوله بسورة النساء"ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف"وهو ما يكفى طعامه ومأواه وكسوته ودوائه ويظل ه